استشهاد
الطفل الحارث بن كعب، رئيس قبائل نجران،
وأحد الأطفال من
بين الذين استشهدوا في هذه المذابح الحارث بن كعب رئيس قبائل نجران
بعد محاولات عديدة لكي
ينكر إيمانه بالمسيح، واستشهد معه أعداد غفيرة
أخرى. ومن بين الذين
استشهدوا أيضًا في نجران طفل في الثالثة من عمره مع أمه بعد حوار
مثير بين الطفل والملك اليهودي نفسه حتى اندهش اليهود الحاضرون
وقالوا: "تأملوا هذا الأصل الرديء (يقصدون الطفل)، كيف يتكلم منذ
طفولته، تبصروا كيف استطاع ذلك الساحر المضل (يقصدون المسيح) أن يُضل
حتى الأطفال".
بعد احتراق الكنيسة
أحضر الملك الأعيان والأشراف الذين وقفوا أمامه مكبلين فسألهم: "لماذا
تمرّدتم ولم تسلّموا المدينة واتكلّتم على ذلك الساحر المضل ابن
الفجور (المسيح له المجد)، وعلى هذا الشيخ الحارث ابن كعب الذي صار
لكم رئيسًا؟" ثم قام الملك فنزع ثياب الحارث وأوقفه عريانًا أمام
شعبه، وطلب منه أن يكفر بالسيد المسيح وإلا أماته أشر ميتة. ولما رفض
الحارث وكل الشعب المجتمعين، ورأى الملك أنه لا سبيل لكفرهم بالمسيح
أمر أن يُساقوا إلى الوادي حيث تُقطع رؤوسهم وتلقى أشلاؤهم، وجثا
الشيخ على ركبتيه، وقد أمسك به رفاقه يسندون يديه كموسى في قمة الجبل،
فضربه القاتل وجز رأسه، وهكذا استشهدوا جميعًا.
ويقال أن "ذا نواس" ركز في اضطهاده للمسيحيين على "بني
الحارث بن كعب" بنجران.
لانه لافة،
ما اعلنه الشهيد الحارث بن
كعب بوصيته لعشيرته قائلا:
"أيها المسيحيون والوثنيون واليهود
اسمعوا: إذا كفر أحد بالمسيح وعاش مع هذا اليهودي (ذا نواس)، سواء
أكانت زوجتي أم من أبنائي وبناتي أم من جنسي وعشيرتي، فإنه ليس من
جنسي ولا من عشيرتي وليس لي أية شركة معه، وليكن كل ما أملكه
للكنيسة التي ستُبنى بعدنا في هذه المدنية. وغذا عاشت زوجتي أو أحد
أبنائي وبناتي بأية وسيلة كانت، ولم يكفروا بالمسيح، فليكن كل ما
أملكه لهم ولنخصص للكنيسة ثلاث قرى من ملكي تختارها الكنيسة نفسها".
أما عن تعداد هذا
الاضطهاد يذكر الطبري المؤرخ نقلًا عن ابن اسحق، أن ذا نواس قتل من
أهل حمير وقبائل اليمن المسيحيين ما يقرب من عشرين ألفًا
من الشهداء من الإكليروس والعلمانيون والشبان والشابات والرجال والنساء
والأطفال.