فصل
1
الله يدعو إرميا
هَذِهِ نُبُوءَةُ إِرْمِيَا
بْنِ حَلْقِيَّا أَحَدِ الْكَهَنَةِ الْمُقِيمِينَ فِي عَنَاثُوثَ بِأَرْضِ
سِبْطِ بَنْيَامِينَ. 2وَقَدْ أَعْلَنَ الرَّبُّ لَهُ هَذِهِ النُّبُوءَةَ
فِي عَهْدِ يُوشِيَّا بْنِ آمُونَ مَلِكِ يَهُوذَا، فِي السَّنَةِ
الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ مِنْ مُلْكِهِ. 3وَذَلِكَ فِي أَثْنَاءِ حِقْبَةِ
حُكْمِ يَهُويَاقِيمَ بْنِ يُوشِيَّا مَلِكِ يَهُوذَا وَحَتَّى نِهَايَةِ
الشَّهْرِ الْخَامِسِ مِنَ السَّنَةِ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ مِنْ وِلاَيَةِ
صِدْقِيَّا بْنِ يُوشِيَّا مَلِكِ يَهُوذَا، الَّذِي فِيهِ تَمَّ سَبْيُ
أَهْلِ أُورُشَلِيمَ.
4فَأَوْحَى الرَّبُّ إِلَيَّ
قَائِلاً: 5«قَبْلَمَا شَكَّلْتُكَ فِي أَحْشَاءِ أُمِّكَ عَرَفْتُكَ،
وَقَبْلَمَا وُلِدْتَ أَفْرَزْتُكَ، وَأَقَمْتُكَ نَبِيّاً لِلأُمَمِ».
6فَقُلْتُ: «آهِ، أَيُّهَا السَّيِّدُ الرَّبُّ إِنِّي لاَ أَعْرِفُ مَاذَا
أَقُولُ، لأَنِّي مَازِلْتُ وَلَداً» 7وَلَكِنَّ الرَّبَّ أَجَابَنِي: «لاَ
تَقُلْ إِنِّي لَسْتُ سِوَى وَلَدٍ، لأَنَّكَ سَتَذْهَبُ إِلَى كُلِّ مَنْ
أَبْعَثُ بِكَ إِلَيْهِ، وَتَنْطِقُ بِكُلِّ مَا آمُرُكَ بِهِ. 8لاَ تَخَفْ
مِنْ حَضْرَتِهِمْ لأَنِّي أَنَا مَعَكَ لأُنْقِذَكَ». 9ثُمَّ مَدَّ
الرَّبُّ يَدَهُ وَلَمَسَ فَمِي وَقَالَ: «هَا أَنَا أَضَعُ كَلِمَاتِي فِي
فَمِكَ. 10انْظُرْ. هَا أَنَا قَدْ وَلَّيْتُكَ عَلَى أُمَمٍ وَشُعُوبٍ
لِتَسْتَأْصِلَ وَتَهْدِمَ وَتُبَدِّدَ وَتَقْلِبَ وَتَبْنِيَ وَتَغْرِسَ».
11وَسَأَلَنِي الرَّبُّ:
«مَاذَا تَرَى يَاإِرْمِيَا ؟» فَأَجَبْتُ: «أَرَى غُصْنَ لَوْزٍ».
12فَقَالَ لِي الرَّبُّ: «قَدْ أَحْسَنْتَ الرُّؤْيَةَ، لأَنِّي سَاهِرٌ
عَلَى كَلِمَتِي لأُتَمِّمَهَا». 13وَعَادَ الرَّبُّ يَسْأَلُنِي مَرَّةً
أُخْرَى: «مَاذَا تَرَى؟»
فَأَجَبْتُ: «أَرَى قِدْراً
تَغْلِي، وَوَجْهُهَا مُتَحَوِّلٌ عَنِ الشِّمَالِ نَحْوَ الْجَنُوبِ».
وعد الرب بعقاب يهوذا
14فَقَالَ لِي الرَّبُّ:
«مِنَ الشِّمَالِ يَكُونُ تَدَفُّقُ الشَّرِّ عَلَى جَمِيعِ سُكَّانِ
الأَرْضِ. 15لأَنِّي هَا أَنَا دَاعٍ جَمِيعَ عَشَائِرِ الْمَمَالِكِ
الشِّمَالِيَّةِ لِيَأْتُوا، فَيَنْصِبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَرْشَهُ
عِنْدَ مَدْخَلِ بَوَّابَاتِ مَدِينَةِ أُورُشَلِيمَ وَعَلَى جَمِيعِ
أَسْوَارِهَا الْمُحِيطَةِ بِهَا وَعَلَى جَمِيعِ مُدُنِ يَهُوذَا.
16وَأُصْدِرُ عَلَيْهِمْ حُكْمَ قَضَائِي مِنْ أَجْلِ كُلِّ شَرِّهِمْ
لأَنَّهُمْ تَرَكُونِي، وَأَحْرَقُوا بَخُوراً لِآلِهَةٍ أُخْرَى
وَعَبَدُوا صَنْعَةَ أَيْدِيهِمْ.
17أَمَّا أَنْتَ
فَتَأَهَّبْ، وَقُمْ وَكَلِّمْهُمْ بِكُلِّ مَا آمُرُكَ بِهِ. لاَ تَخَفْ
مِنْ حَضْرَتِهِمْ لِئَلاَّ أُفْزِعَكَ أَمَامَهُمْ. 18انْظُرْ هَا أَنَا
قَدْ جَعَلْتُكَ الْيَوْمَ قَوِيّاً كَمَدِينَةٍ حَصِينَةٍ، وَكَعَمُودٍ
مِنْ حَدِيدٍ، وَكَأَسْوَارٍ مِنْ نُحَاسٍ، لِتُجَابِهَ كُلَّ أَهْلِ
الأَرْضِ، وَمُلُوكَ يَهُوذَا وَأُمَرَاءَهَا وَكَهَنَتَهَا وَشَعْبَ
الْبِلاَدِ، 19فَيُحَارِبُونَكَ وَلَكِنْ لاَ يَقْهَرُونَكَ، لأَنِّي أَنَا
مَعَكَ لأُنْقِذَكَ يَقُولُ الرَّبُّ».
فصل
2
خيانة بني إسرائيل
وَقَالَ لِي الرَّبُّ:
2«امْضِ وَأَعْلِنْ فِي مَسَامِعِ أَهْلِ أُورُشَلِيمَ هَاتِفاً: هَذَا مَا
يَقُولُهُ الرَّبُّ: قَدْ ذَكَرْتُ لَكِ وَلاَءَ صِبَاكِ، وَمَحَبَّتَكِ
كَعَرُوسٍ لِي، وَكَيْفَ تَبِعْتِنِي فِي الْبَرِّيَّةِ فِي أَرْضٍ لاَ
زَرْعَ فِيهَا. 3كَانَ إِسْرَائِيلُ مُقَدَّساً لِلرَّبِّ وَبَاكُورَةَ
غَلَّتِهِ، وَكُلُّ مَنْ يَعْتَدِي عَلَيْهِ، يَرْتَكِبُ إِثْماً وَيَحُلُّ
بِهِ شَرٌّ.
4اسْمَعُوا كَلِمَةَ
الرَّبِّ يَاذُرِّيَّةَ يَعْقُوبَ، وَيَاجَمِيعَ عَشَائِرِ إِسْرَائِيلَ:
5أَيُّ خَطَأٍ وَجَدَهُ فِيَّ آبَاؤُكُمْ حَتَّى نَبَذُونِي وَضَلُّوا
وَرَاءَ الْبَاطِلِ وَصَارُوا بَاطِلاً؟ 6لَمْ يَسْأَلُوا: أَيْنَ الرَّبُّ
الَّذِي أَخْرَجَنَا مِنْ مِصْرَ وَقَادَنَا فِي الْبَرِّيَّةِ، فِي أَرْضِ
مَتَاهَاتٍ وَحُفَرٍ، فِي أَرْضِ قَفْرٍ جَدْبَاءَ، فِي أَرْضِ ظِلاَلِ
الْمَوْتِ، مَا اجْتَازَهَا أَحَدٌ وَلاَ أَقَامَ فِيهَا بَشَرٌ؟
7وَأَتَيْتُ بِكُمْ إِلَى أَرْضِ خَيْرَاتٍ لِتَسْتَمْتِعُوا بِأَكْلِ
ثِمَارِهَا وَطَيِّبَاتِهَا. وَلَكِنَّكُمْ عِنْدَمَا دَخَلْتُمُوهَا
نَجَّسْتُمْ أَرْضِي وَجَعَلْتُمْ مِيَراثِي رِجْساً. 8إِنَّ الْكَهَنَةَ
لَمْ يَسْأَلُوا: أَيْنَ الرَّبُّ؟ وَأَهْلَ الشَّرِيعَةِ لَمْ
يَعْرِفُونِي، وَحُكَّامَ الشَّعْبِ تَمَرَّدُوا عَلَيَّ، وَالأَنْبِيَاءَ
تَنَبَّأُوا بِتَأْثِيرِ بَعْلٍ وَضَلُّوا وَرَاءَ مَا لاَ جَدْوَى مِنْهُ.
9لِذَلِكَ أُخَاصِمُكُمْ
وَأُخَاصِمُ أَحْفَادَكُمْ يَقُولُ الرَّبُّ. 10فَاعْبُرُوا إِلَى
جَزِيرَةِ قُبْرُصَ وَالسَّوَاحِلِ الْغَرْبِيَّةِ، وَأَرْسِلُوا إِلَى
قِيدَارَ، وَتَفَحَّصُوا جَيِّداً، وَانْظُرُوا: هَلْ جَرَى مِثْلُ هَذَا؟
11هَلِ اسْتَبْدَلَتْ أُمَّةٌ آلِهَتَهَا مَعَ أَنَّهَا لَيْسَتْ حَقّاً
آلِهَةً؟ أَمَّا شَعْبِي فَاسْتَبْدَلَ مَجْدَهُ بِمَا لاَ جَدْوَى مِنْهُ.
12فَاذْهَلِي أَيَّتُهَا السَّمَاوَاتُ، وَارْتَجِفِي وَارْتَعِدِي جِدّاً.
13قَدِ ارْتَكَبَ شَعْبِي شَرَّيْنِ: نَبَذُونِي أَنَا يَنْبُوعَ
الْحَيَاةِ، وَحَفَرُوا لأَنْفُسِهِمْ آبَاراً مُتَصَدِّعَةً لاَ تَضْبُطُ
مَاءً.
عواقب ارتداد بني إسرائيل
14هَلْ إِسْرَائِيلُ عَبْدٌ،
أَمْ وَلِيدُ بَيْتِ الْعُبُودِيَّةِ؟ فَمَا بَالُهُ أَضْحَى نَهْباً؟
15قَدْ زَأَرَتِ الأُسُودُ عَلَيْهِ زَئِيراً مُدَوِّياً، وَجَعَلَتْ
أَرْضَهُ خَرِبَةً. أُحْرِقَتْ مُدُنُهُ فَأَصْبَحَتْ مَهْجُورَةً.
16كَذَلِكَ رِجَالُ مَمْفِيسَ وَتَحْفَنِيسَ حَطَّمُوا تَاجَ رَأْسِكِ.
17أَلَسْتِ أَنْتِ الَّتِي جَلَبْتِ هَذَا الدَّمَارَ عَلَى نَفْسِكِ،
لأَنَّكِ تَنَاسَيْتِ الرَّبَّ إِلَهَكِ حِينَ قَادَكِ فِي الطَّرِيقِ؟
18وَالآنَ مَا بَالُكِ تَتَوَجَّهِينَ صَوْبَ مِصْرَ لِشُرْبِ مِيَاهِ
شِيحُورَ؟ وَمَا بَالُكِ تَقْصِدِينَ إِلَى أَشُورَ لِشُرْبِ مِيَاهِ
الْفُرَاتِ؟ 19إِنَّ
شَرَّكِ يُقَرِّعُكِ، وَارتِدَادُكِ يُؤَنِّبُكِ. فَتَبَيَّنِي وَاعْلَمِي
أَنَّ نَبْذَكِ لِلرَّبِّ إِلَهِكِ شَرٌّ وَمَرَارَةٌ، وَأَنَّكِ
تَجَرَّدْتِ مِنْ مَهَابَتِي.
الوعد بمعاقبة بني إسرائيل
على خيانتهم
20قَدْ حَطَّمْتِ نِيرِي
مِنْ زَمَنٍ بَعِيدٍ، وَقَطَعْتِ قُيُودَكِ وَقُلْتِ: لَنْ أَتَعَبَّدَ
لَكَ، وَصِرْتِ تَضْطَجِعِينَ كَزَانِيَةٍ فَوْقَ كُلِّ أَكَمَةٍ
مُرْتَفِعَةٍ وَتَحْتَ كُلِّ شَجَرَةٍ خَضْرَاءَ (أَيْ عَبَدْتِ
الأَوْثَانَ). 21وَأَنَا غَرَسْتُكِ كَكَرْمَةٍ مُخْتَارَةٍ، وَمِنْ
بُذُورٍ سَلِيمَةٍ كَامِلَةٍ، فَكَيْفَ تَحَوَّلْتِ إِلَى كَرْمَةٍ
فَاسِدَةٍ غَرِيبَةٍ؟ 22وَإِنِ اغْتَسَلْتِ بِالنَّطْرُونِ، وَأَكْثَرْتِ
مِنِ اسْتِعْمَالِ الإِشْنَانِ (الصَّابُونِ)، فَإِنَّ لَطْخَةَ إِثْمِكِ
تَظَلُّ مَاثِلَةً أَمَامِي. 23كَيْفَ تَقُولِينَ: لَمْ أَتَدَنَّسْ وَلَمْ
أَذْهَبْ وَرَاءَ الْبَعْلِ؟ تَأَمَّلِي فِي طَرِيقِكِ فِي وَادِي
هِنُّومَ، وَاعْرِفِي مَا ارْتَكَبْتِ أَيَّتُهَا النَّاقَةُ الْجَامِحَةُ
الْهَائِمَةُ فِي طُرُقِهَا بَحْثاً عَنْ جَمَلٍ. 24أَنْتِ أَتَانُ فَرَا
اعْتَادَتْ حَيَاةَ الْقَفْرِ، تَتَنَسَّمُ فِي شَهْوَتِهَا الْهَوَاءَ
لَعَلَّهَا تَظْفَرُ بِرَائِحَةِ حِمَارٍ وَحْشِيٍّ. وَمَنْ يَرُدُّهَا؟
لاَ يَعْيَا طَالِبُوهَا لأَنَّهُمْ يَجِدُونَهَا حَاضِرَةً فِي مَوْسِمِ
الْتَّزَاوُجِ. 25صُونِي قَدَمَكِ مِنَ الْحَفَاءِ، وَحَلْقَكِ مِنَ
الظَّمَأ، لَكِنَّكِ قُلْتِ: لاَ جَدْوَى مِنَ الأَمْرِ، فَقَدْ أَحْبَبْتُ
آلِهَةً غَرِيبَةً، وَسَأَسْعَى وَرَاءَهَا. 26وَكَمَا يَعْتَرِي الْخِزْيُ
السَّارِقَ حِينَ يُقْبَضُ عَلَيْهِ، كَذَلِكَ اعْتَرَى الْخِزْيُ بَيْتَ
يَعْقُوبَ: هُمْ وَمُلُوكَهُمْ، وَرُؤَسَاءَهُمْ، وَكَهَنَتَهُمْ
وَأَنْبِيَاءَهُمْ. 27إِذْ قَالُوا لِنُصُبِ الْخَشَبِ: أَنْتَ أَبِي،
وَلِلْحَجَرِ الْمَنْحُوتِ صَنَماً: أَنْتَ أَنْجَبْتَنِي. وَوَلَّوْا
أَدْبَارَهُمْ وَلَيْسَ وُجُوهَهُمْ نَحْوِي، وَفِي وَقْتِ بَلِيَّتِهِمِ
اسْتَغَاثُوا بِي قَائِلِينَ: قُمْ وَأَنْقِذْنَا. 28فَأَيْنَ إِذاً
الآلِهَةُ الَّتِي صَنَعْتُمُوهَا لأَنْفُسِكُمْ؟ لِتَقُمْ إِنْ كَانَتْ
قَادِرَةً عَلَى إِنْقَاذِكُمْ فِي وَقْتِ ضِيقِكُمْ، لأَنَّ عَدَدَ
آلِهَتِكُمْ يَاأَبْنَاءَ يَهُوذَا صَارَ كَعَدَدِ مُدُنِكُمْ.
اقتراب موعد العقاب
29لِمَاذَا تُخَاصِمُونَنِي
وَأَنْتُمْ كُلُّكُمْ قَدْ تَمَرَّدْتُمْ عَلَيَّ؟ 30عَبَثاً عَاقَبْتُ
بَنِيكُمْ، فَهُمْ أَبَوْا التَّقْوِيمَ وَافْتَرَسَتْ سُيُوفُكُمْ
أَنْبِيَاءَكُمْ كَأَسَدٍ كَاسِرٍ.
31وَأَنْتَ أَيُّهَا
الْجِيلُ، اسْمَعْ قَضَاءَ الرَّبِّ: أَكُنْتُ صَحْرَاءَ لإِسْرَائِيلَ
أَوْ أَرْضَ ظَلاَمٍ دَامِسٍ؟ إِذاً لِمَاذَا يَقُولُ شَعْبِي: نَحْنُ
طَلِيقُونَ نَسْعَى حَيْثُ شِئْنَا، وَلَنْ نُقْبِلَ إِلَيْكَ بَعْدُ؟
32هَلْ تَنْسَى عَذْرَاءُ زِينَتَهَا؟ أَوْ عَرُوسٌ حُلِيَّ زَفَافِهَا؟
لَكِنَّ شَعْبِي نَسِيَنِي أَيَّاماً لاَ تُحْصَى. 33لَكَمْ بَرَعْتُمْ فِي
تَمْهِيدِ طُرُقِكُمْ طَلَباً لِلشَّهَوَاتِ، فَعَلَّمْتُمْ أَسَالِيبَكُمْ
حَتَّى لِلشِّرِّيرَاتِ. 34فَوُجِدَ فِي أَذْيَالِكُمْ أَيْضاً دَمُ
الْمَسَاكِينِ الأَبْرِيَاءِ الَّذِينَ لَمْ تَقْبِضُوا عَلَيْهِمْ
مُتَلَبِّسِينَ بِجَرِيمَةِ الاقْتِحَامِ. وَمَعَ كُلِّ ذَلِكَ
35تَقُولُونَ: نَحْنُ أَبْرِيَاءُ، فَلِذَلِكَ قَدْ تَحَوَّلَ عَنَّا
غَضَبُ الرَّبِّ. غَيْرَ أَنِّي سَأَدِينُكُمْ لِقَوْلِكُمْ إِنَّنَا لَمْ
نُخْطِيءْ. 36لِمَاذَا تَتَهَافَتُونَ عَلَى تَغْيِيرِ اتِّجَاهِكُمْ؟
سَتُلْحِقُ بِكُمْ مِصْرُ الْخِزْيَ كَمَا أَلْحَقَهُ بِكُمُ
الأَشُورِيُّونَ. 37مِنْ هُنَاكَ تَخْرُجُونَ أَيْضاً وَأَيْدِيكُمْ
تُغَطِّي رُؤُوسَكُمْ خَجَلاً، لأَنَّ الرَّبَّ رَفَضَ الَّذِينَ
وَثِقْتُمْ بِهِمْ، وَلَنْ يُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ نَجَاحٌ.
فصل
3
يهوذا، الزوجة الخائنة
قِيلَ: إِنْ طَلَّقَ رَجُلٌ
زَوْجَتَهُ فَانْصَرَفَتْ مِنْ عِنْدِهِ، وَتَزَوَّجَتْ بِآخَرَ، فَهَلْ
يَرْجِعُ إِلَيْهَا زَوْجُهَا الأَوَّلُ؟ أَلاَ تَتَدَنَّسُ تِلْكَ
الزَّوْجَةُ أَشَدَّ تَدَنُّسٍ؟ أَمَّا أَنْتَ يَاشَعْبَ اللهِ فَقَدْ
زَنَيْتَ مَعَ عُشَّاقٍ كَثِيرِينَ، فَهَلاَّ تَرْجِعُ إِلَيَّ؟ يَقُولُ
الرَّبُّ. 2ارْفَعِي عَيْنَيْكِ إِلَى الْهِضَابِ وَتَأَمَّلِي، أَهُنَاكَ
مَكَانٌ لَمْ تُضَاجِعِي فِيهِ؟ (أَيْ لَمْ تَعْبُدِي فِيهِ الأَوْثَانَ).
قَدْ جَلَسْتِ لَهُمْ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ كَالأَعْرَابِيِّ فِي
الْبَادِيَةِ وَدَنَّسْتِ الأَرْضَ بِزِنَاكِ وَعَهَارَتَكِ. 3لِذَلِكَ
امْتَنَعَ عَنْكِ الْغَيْثُ، وَلَمْ تَهْطِلْ أَمْطَارُ الرَّبِيعِ، وَمَعَ
ذَلِكَ صَارَتْ لَكِ جَبْهَةُ زَانِيَةٍ تَأْبَى أَنْ تَخْجَلَ. 4أَلَمْ
تَدْعِنِي الآنَ قَائِلَةً: يَاأَبِي، أَنْتَ رَفِيقُ صِبَايَ؟ 5أَيَظَلُّ
غَاضِباً دَائِماً؟ أَيَبْقَى سَاخِطاً إِلَى الأَبَدِ؟ انْظُرِي، هَذَا
مَا نَطَقْتِ بِهِ، وَلَكِنَّكِ ارْتَكَبْتِ كُلَّ مَا اسْتَطَعْتِ مِنْ
شَرٍّ».
إسرائيل الخائنة
6وَقَالَ لِيَ الرَّبُّ فِي
أَيَّامِ حُكْمِ الْمَلِكِ يُوشِيَّا: «هَلْ شَاهَدْتَ مَا فَعَلَتِ
الْخَائِنَةُ إِسْرَائِيلُ؟ كَيْفَ صَعِدَتْ إِلَى كُلِّ أَكَمَةٍ
عَالِيَةٍ، وَتَحْتَ كُلِّ شَجَرَةٍ خَضْرَاءَ وَزَنَتْ هُنَاكَ (أَيْ
عَبَدَتِ الأَوْثَانَ)؟ 7وَقُلْتُ بَعْدَ أَنِ ارْتَكَبَتْ كُلَّ هَذِهِ
الْمُوبِقَاتِ، إِنَّهَا سَتَرْجِعُ إِلَيَّ، وَلَكِنَّهَا لَمْ تَرْجِعْ.
وَشَهِدَتْ هَذَا أُخْتُهَا الْغَادِرَةُ يَهُوذَا، 8وَرَأَتْ أَنِّي
أَرْسَلْتُ كِتَابَ طَلاَقٍ إِلَى الْغَادِرَةِ إِسْرَائِيلَ لِعَهْرِهَا
فَلَمْ تَفْزَعْ أُخْتُهَا الْخَائِنَةُ يَهُوذَا بَلْ مَضَتْ هِيَ أَيْضاً
وَزَنَتْ (أَيْ عَبَدَتِ الأَوْثَانَ). 9وَلأَنَّهَا اسْتَهَانَتْ
بِالزِّنَى، فَقَدْ نَجَّسَتِ الأَرْضَ وَارْتَكَبَتِ الْفُجُورَ (أَيْ
عَبَدَتِ الأَوْثَانَ) مَعَ الْحَجَرِ وَمَعَ الشَّجَرِ. 10وَمَعَ هَذَا
كُلِّهِ لَمْ تَرْجِعْ إِلَيَّ أُخْتُهَا الْخَائِنَةُ يَهُوذَا مِنْ كُلِّ
قَلْبِهَا، إِنَّمَا تَظَاهَرَتْ بِذَلِكَ»، يَقُولُ الرَّبُّ. 11وَقَالَ
لِيَ الرَّبُّ: «إِنَّ إِسْرَائِيلَ الْخَائِنَةَ قَدْ بَرَّرَتْ نَفْسَهَا
أَكْثَرَ مِنَ الْخَائِنَةِ يَهُوذَا.
12فَاذْهَبْ وَأَعْلِنْ
هَذِهِ الْكَلِمَاتِ نَحْوَ الشِّمَالِ وَقُلْ: ارْجِعِي أَيَّتُهَا
الْخَائِنَةُ إِسْرَائِيلُ، فَأَكُفَّ غَضَبِي عَنْكُمْ لأَنِّي رَحِيمٌ،
وَلَنْ أَسْخَطَ عَلَيْكُمْ إِلَى الأَبَدِ. 13إِنَّمَا اعْتَرِفِي
بِإِثْمِكِ وَأَقِرِّي أَنَّكِ قَدْ تَمَرَّدْتِ عَلَى الرَّبِّ إِلَهِكِ،
وَأَغْدَقْتِ غَرَامَكِ عَلَى الْغُرَبَاءِ تَحْتَ كُلِّ شَجَرَةٍ
خَضْرَاءَ، وَأَنَّكِ أَبَيْتِ طَاعَةَ صَوْتِي. 14فَارْجِعُوا أَيُّهَا
الأَبْنَاءُ الْغَادِرُونَ، لأَنِّي أَنَا سَيِّدُكُمْ، فَآخُذَكُمْ
وَاحِداً مِنَ الْمَدِينَةِ وَاثْنَيْنِ مِنَ الْعَشِيرَةِ وَآتِيَ بِكُمْ
إِلَى صِهْيَوْنَ، 15وَأُقِيمَ عَلَيْكُمْ رُعَاةً يَحْظَوْنَ بِرِضَى
قَلْبِي، فَيَرْعَوْنَكُمْ بِالْمَعْرِفَةِ وَالْفِطْنَةِ. 16وَحِينَ
تَكْثُرُونَ وَتَمْلأُونَ الأَرْضَ، فَإِنَّكُمْ لَنْ تَسْأَلُوا بَعْدُ
عَنْ تَابُوتِ عَهْدِ الرَّبِّ وَلَنْ يَخْطُرَ بِبَالِكُمْ وَلَنْ
تَذْكُرُوهُ، وَلَنْ تَفْتَقِدُوهُ أَوْ تَسْعَوْا لِصُنْعِهِ ثَانِيَةً.
17وَيَدْعُونَ فِي ذَلِكَ الْحِينِ مَدِينَةَ أُورُشَلِيمَ كُرْسِيَّ
الرَّبِّ، وَتَجْتَمِعُ إِلَيْهَا كُلُّ الأُمَمِ لِلْمُثُولِ فِي حَضْرَةِ
الرَّبِّ، وَلَنْ يَضِلُّوا وَرَاءَ عِنَادِ قُلُوبِهِمِ الشِّرِّيرَةِ.
18وَتَنْضَمُّ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ ذُرِّيَّةُ يَهُوذَا إِلَى ذُرِّيَّةِ
إِسْرَائِيلَ وَيَأْتُونَ مَعاً مِنْ أَرْضِ الشِّمَالِ إِلَى الدِّيَارِ
الَّتِي أَوْرَثْتُهَا لِآبَائِهِمْ. 19وَلَكِنِّي قُلْتُ فِي نَفْسِي:
لَشَدَّ مَا يُسْعِدُنِي أَنْ أُقِيمَكِ بَيْنَ الأَبْنَاءِ وَأُوَرِّثَكِ
أَرْضاً شَهِيَّةً هِيَ أَجْمَلُ مِيرَاثٍ بَيْنَ الأُمَمِ. وَفَكَّرْتُ
أَنَّكِ تَدْعِينَنِي يَاأَبِي، وَلَنْ تَرْتَدِّي عَنِ اتِّبَاعِي.
20حَقّاً يَاذُرِّيَّةَ
يَعْقُوبَ، قَدْ كُنْتُمْ غَيْرَ أُمَنَاءَ لِي، مِثْلَ زَوْجَةٍ غَادِرَةٍ
تَخَلَّتْ عَنْ زَوْجِهَا».
الدعوة إلى التوبة
21تَرَدَّدَ صَوْتٌ فِي
الْمَسَامِعِ مِنْ عَلَى الْهِضَابِ الْمُرْتَفِعَةِ، هُوَ بُكَاءُ
وَابْتِهَالُ أَبْنَاءِ إِسْرَائِيلَ لأَنَّهُمْ حَرَّفُوا طَرِيقَهُمْ،
وَنَسُوا الرَّبَّ إِلَهَهُمْ. 22«فَارْجِعُوا أَيُّهَا الأَبْنَاءُ
الْمُرْتَدُّونَ فَأَشْفِيَ ارْتِدَادَكُمْ». وَيَقُولُونَ: «هَا نَحْنُ
نُقْبِلُ إِلَيْكَ لأَنَّكَ أَنْتَ الرَّبُّ إِلَهُنَا. 23حَقّاً إِنَّ
عِبَادَةَ الأَصْنَامِ عَلَى التِّلاَلِ وَمُمَارَسَةَ الطُّقُوسِ
الْوَثَنِيَّةِ عَلَى الْجِبَالِ لاَ جَدْوَى مِنْهَا. إِنَّمَا بِالرَّبِّ
إِلَهِنَا خَلاَصُ إِسْرَائِيلَ. 24لَقَدِ الْتَهَمَ خِزْيُ الأَوْثَانِ
تَعَبَ آبَائِنَا مُنْذُ صِبَانَا، وَافْتَرَسَ غَنَمَهُمْ وَبَقَرَهُمْ
وَأَبْنَاءَهُمْ وَبَنَاتِهِمْ. 25فَلْنَنْطَرِحْ فِي خِزْيِنَا،
وَلْيَغْمُرْنَا عَارُنَا لأَنَّنَا أَخْطَأْنَا فِي حَقِّ الرَّبِّ
إِلَهِنَا، نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مُنْذُ صِبَانَا حَتَّى هَذَا الْيَوْمِ،
وَلَمْ نُطِعْ صَوْتَ الرَّبِّ إِلَهِنَا».
فصل
4
الحضّ على التوبة
وَيَقُولُ الرَّبُّ: «إِنْ
رَجَعْتَ إِلَيَّ يَاشَعْبَ إِسْرَائِيلَ، وَأَزَلْتَ أَصْنَامَكَ
الْمَقِيتَةَ مِنْ أَمَامِي، وَكَفَفْتَ عَنِ الضَّلاَلِ، 2وَإِنْ حَلَفْتَ
بِالْحَقِّ وَالْعَدْلِ وَالْبِرِّ قَائِلاً: حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ،
عِنْدَئِذٍ تَتَبَارَكُ بِهِ الأُمَمُ، وَتَفْتَخِرُ.
3لأَنَّ هَذَا مَا
يُعْلِنُهُ الرَّبُّ لِرِجَالِ يَهُوذَا وَلأَهْلِ أُورُشَلِيمَ: احْرُثُوا
لَكُمْ حَرْثاً، وَلاَ تَزْرَعُوا بَيْنَ الأَشْوَاكِ. 4اخْتَتِنُوا
لِلرَّبِّ، وَأَزِيلُوا قُلَفَ قُلُوبِكُمْ (أَيْ طَهِّرُوا عُقُولَكُمْ
وَقُلُوبَكُمْ وَلَيْسَ أَجْسَادَكُمْ فَقَطْ) لِئَلاَّ يَتَفَجَّرَ
غَضَبِي كَنَارٍ فَتُحْرِقَ وَلَيْسَ مَنْ يُخْمِدُهَا، مِنْ جَرَّاءِ
أَعْمَالِكُمُ الشِّرِّيرَةِ.
الدينونة مقبلة من الشمال
5أَذِيعُوا فِي يَهُوذَا،
وَأَعْلِنُوا فِي أُورُشَلِيمَ قَائِلِينَ: انْفُخُوا بِالْبُوقِ فِي
الْبِلاَدِ، وَنَادُوا بِصَوْتٍ مُرْتَفِعٍ، وَقُولُوا: احْتَشِدُوا
وَلْنَدْخُلِ الْمُدُنَ الْمُحَصَّنَةَ، 6ارْفَعُوا الرَّايَةَ دَاعِينَ
لِلُّجُوءِ إِلَى صِهْيَوْنَ. لُوذُوا بِمَأْمَنٍ. لاَ تَتَقَاعَسُوا،
لأَنِّي جَالِبٌ عَلَيْكُمْ مِنَ الشِّمَالِ دَمَاراً وَخَرَاباً. 7قَدْ
بَرَزَ أَسَدٌ مِنْ أَجَمَتِهِ، وَزَحَفَ مُدَمِّرُ الشُّعُوبِ. قَدْ
أَقْبَلَ مِنْ خِدْرِهِ لِيُخْرِبَ أَرْضَكُمْ، فَتُصْبِحُ مُدُنُكُمْ
أَطْلاَلاً مَهْجُورَةً مِنَ السُّكَّانِ. 8لِذَلِكَ تَمَنْطَقُوا
بِالْمُسُوحِ، وَنُوحُوا وَوَلْوِلُوا، لأَنَّ غَضَبَ الرَّبِّ
الْمُحْتَدِمَ لَمْ يَرْتَدَّ عَنَّا» 9وَيَقُولُ الرَّبُّ: «فِي ذَلِكَ
الْيَوْمِ يَنْهَارُ قَلْبُ الْمَلِكِ وَقُلُوبُ رِجَالِ دَوْلَتِهِ
خَوْفاً. وَيَعْتَرِي الْكَهَنَةَ الْفَزَعُ، وَيَسْتَوْلِي الذُّهُولُ
عَلَى الأَنْبِيَاءِ».
10عِنْدَئِذٍ قُلْتُ: «آهِ
أَيُّهَا السَّيِّدُ الرَّبُّ، حَقّاً إِنَّكَ خَدَعْتَ هَذَا الشَّعْبَ،
وَأَوْهَمْتَ أَهْلَ أُورُشَلِيمَ قَائِلاً: سَيَكُونُ لَكُمْ سَلاَمٌ،
وَهَا السَّيْفُ قَدْ بَلَغَ حَدَّ النَّفْسِ. 11وَيُقَالُ فِي ذَلِكَ
الْحِينِ لِهَذَا الشَّعْبِ وَلأَهْلِ أُورُشَلِيمَ: سَتَهُبُّ رِيحٌ
لاَفِحَةٌ مِنْ هِضَابِ الصَّحْرَ اءِ نَحْوَ بِنْتِ شَعْبِي، لاَ
تَسْتَهْدِفُ التَّذْرِيَةَ وَلاَ التَّنْقِيَةَ، 12إِنَّمَا هِيَ رِيحٌ
أَشَدُّ عُتُوّاً مِنْهَا، تَهُبُّ بِأَمْرِي، فَأُصْدِرُ أَنَا أَيْضاً
أَحْكَامِي عَلَيْهِمْ».
13انْظُرُوا، هَا هُوَ
مُقْبِلٌ كَسَحَابٍ، وَمَرْكَبَاتُهُ كَزَوْبَعَةٍ، وَجِيَادُهُ أَسْرَعُ
مِنَ النُّسُورِ. وَيْلٌ لَنَا لأَنَّنَا قَدْ هَلَكْنَا.
14يَاأُورُشَلِيمُ، اغْسِلِي مِنَ الشَّرِّ قَلْبَكِ فَتَخْلُصِي. إِلَى
مَتَى تَظَلُّ أَفْكَارُكِ الْبَاطِلَةُ مُتَرَعْرِعَةً فِي وَسَطِكِ؟
15هَا صَوْتٌ يُنَادِي مِنْ أَرْضِ ذُرِّيَّةِ دَانَ، يُعْلِنُ عَنْ
وُقُوعِ كَارِثَةٍ مِنْ جَبَلِ أَفْرَايِمَ. 16خَبِّرُوا الأُمَمَ
وَأَعْلِنُوهُ لأَهْلِ أُورُشَلِيمَ: إِنَّ جَيْشَ الْمُحَاصِرِينَ
مُقْبِلٌ مِنْ أَرْضٍ بَعِيدَةٍ، وَقَدْ أَطْلَقَ هُتَافَاتِ الْحَرْبِ
عَلَى مُدُنِ يَهُوذَا. 17أَحَاطُوا بِهَا كَحُرَّاسِ الْحُقُولِ لأَنَّهَا
تَمَرَّدَتْ عَلَيَّ»، يَقُولُ الرَّبُّ. 18«طُرُقُكِ وَأَعْمَالُكِ
جَرَّتْ عَلَيْكِ هَذَا الْعِقَابَ، هَذَا قِصَاصُكِ وَمَا أَمَرَّهُ مِنْ
قِصَاصٍ، لأَنَّهُ يَخْتَرِقُ ذَاتَ قَلْبِكِ.
19لَشَدَّ مَا أَتَعَذَّبُ!
لَشَدَّ مَا أَتَعَذَّبُ! قَلْبِي يَتَلَوَّى أَلَماً. فُؤَادِي يَئِنُّ
فِي دَاخِلِي فَلاَ أَسْتَطِيعُ الصَّمْتَ، لأَنِّي سَمِعْتُ دَوِيَّ
الْبُوقِ وَصَيْحَاتِ الْقِتَالِ. 20كَارِثَةٌ فِي أَعْقَابِ كَارِثَةٍ،
وَالأَرْضُ قَاطِبَةً قَدِ اسْتَحَالَتْ خَرَاباً، فَتَهَدَّمَتْ فِي
لَحْظَةٍ خِيَامِي، وَبُيُوتِي تَدَمَّرَتْ بَغْتَةً. 21إِلَى مَتَى
أَظَلُّ أَرَى رَايَةَ الْمَعْرَكَةِ، وَأَسْمَعُ دَوِيَّ الْبُوقِ؟
22إِنَّ قَوْمِي حَمْقَى لاَ يَعْرِفُونَنِي. هُمْ أَبْنَاءٌ أَغْبِيَاءُ
مُجَرَّدُونَ مِنَ الْفَهْمِ، حَاذِقُونَ فِي ارْتِكَابِ الشَّرِّ،
وَجُهَلاَءُ فِي صُنْعِ الْخَيْرِ».
مدى انتشار الخراب
23تَأَمَّلْتُ الأَرْضَ
فَإِذَا هِيَ خَرِبَةٌ خَاوِيَةٌ، وَتَطَلَّعْتُ إِلَى السَّمَاءِ فَإِذَا
هِيَ مُظْلِمَةٌ. 24نَظَرْتُ إِلَى الْجِبَالِ وَإِذَا بِهَا تَرْتَجِفُ،
وَإِلَى الآكَامِ وَإِذَا بِهَا تَتَقَلْقَلُ. 25تَلَفَّتُّ حَوْلِي فَلَمْ
أَجِدْ إِنْسَاناً، وَإِذَا كُلُّ الطُّيُورِ قَدْ هَرَبَتْ. 26نَظَرْتُ
وَإِذَا بِالأَرْضِ الْخَصِيبَةِ قَدْ تَحَوَّلَتْ إِلَى بَرِّ يَّةٍ،
وَأَصْبَحَتْ جَمِيعُ مُدُنِهَا أَطْلاَلاً أَمَامَ الرَّبِّ وَأَمَامَ
غَضَبِهِ الْمُحْتَدِمِ.
27وَهَذَا مَا يَقُولُهُ
الرَّبُّ: «سَتَحِيقُ الْوَحْشَةُ بِكُلِّ الأَرْضِ، وَلَكِنِّي لَنْ
أُفْنِيَهَا. 28فَمِنْ أَجْلِ هَذَا تَنُوحُ الأَرْضُ وَتُظْلِمُ
السَّمَاوَاتُ مِنْ فَوْقُ، لأَنِّي قَدْ نَطَقْتُ بِقَضَائِي. وَهَكَذَا
قَرَّرْتُ، لِذَلِكَ لاَ أَنْدَمُ وَلاَ أَرْجِعُ عَنْ عَزْمِي. 29مِنْ
جَلَبَةِ الْفَارِسِ وَرَامِي السِّهَامِ يَهْرُبُ أَهْلُ الْمُدُنِ،
وَيُوْغِلُونَ فِي الْغَابَاتِ وَيَتَسَلَّقُونَ الصُّخُورَ. قَدْ
أَصْبَحَتِ الْمُدُنُ جَمِيعُهَا مَهْجُورَةً لاَ يُقِيمُ فِيهَا
إِنْسَانٌ. 30وَأَنْتِ أَيَّتُهَا الْمَدِينَةُ الْمُوْحِشَةُ، مَاذَا
تَصْنَعِينَ؟ مَهْمَا لَبِسْتِ الثِّيَا بَ الْقِرْمِزِيَّةَ،
وَتَحَلَّيْتِ بِزِينَةٍ مِنْ ذَهَبٍ، مَهْمَا كَحَّلْتِ عَيْنَيْكِ
بِالأُثْمِدِ، فَبَاطِلاً تُجَمِّلِينَ ذَاتَكِ، فَقَدْ نَبَذَكِ
عُشَّاقُكِ وَسَعَوْا لِلْقَضَاءِ عَلَيْكِ. 31لأَنِّي سَمِعْتُ صَرْخَةً
كَصَرْخَةِ امْرَأَةٍ فِي مَخَاضٍ، وَأَنَّةَ عَذَابٍ كَعَذَابِ مَنْ
تُقَاسِي فِي وِلاَدَةِ بِكْرِهَا. إِنَّهَا صَرْخَةُ ابْنَةِ صِهْيَوْنَ
الَّتِي تَزْفِرُ لاَهِثَةً وَتَبْسُطُ يَدَيْهَا قَائِلَةً: «وَيْلٌ لِي!
قَدْ غُشِيَ عَلَيَّ أَمَامَ الْقَتَلَةِ».
فصل
5
تعذّر العثور على بار
اذْرَعُوا شَوَارِعَ
أُورُشَلِيمَ ذَهَاباً وَإِيَاباً، وَانْظُرُوا وَاعْتَبِرُوا. ابْحَثُوا
فِي أَرْجَاءِ سَاحَاتِهَا لَعَلَّكُمْ تَجِدُونَ رَجُلاً وَاحِداً يُجْرِي
الْعَدْلَ وَيَنْشُدُ الْحَقَّ، فَأَصْفَحَ عَنْهَا. 2فَإِنَّهُمْ وَإِنْ
قَالُوا: حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ فَإِنَّمَا يَحْلِفُونَ زُوراً. 3أَيُّهَا
الرَّبُّ، أَلَيْسَتْ عَيْنَاكَ تَطْلُبَانِ الْحَقَّ؟ لَقَدْ
عَاقَبْتَهُمْ وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يَتَوَجَّعُوا. أَهْلَكْتَهُمْ
وَلَكِنَّهُمْ أَبَوْا التَّقْوِيمَ. صَلَّبُوا وُجُوهَهُمْ أَكْثَرَ مِنَ
الصَّخْرِ، وَرَفَضُوا التَّوْبَةَ. 4فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: «إِنَّمَا هُمْ
مَسَاكِينُ حَمْقَى، يَجْهَلُونَ طَرِيقَ الرَّبِّ وَقَضَاءَ إِلَهِهِمْ.
5فَلأَقْصِدَنَّ الْعُظَمَاءَ وَأُكَلِّمَهُمْ لأَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ
طَرِيقَ الرَّبِّ وَقَضَاءَ إِلَهِهِمْ». فَإِذَا هَؤُلاَءِ جَمِيعاً قَدْ
حَطَّمُوا النِّيرَ وَقَطَعُوا الرُّبُطَ. 6لِذَلِكَ يَنْقَضُّ عَلَيْهِمْ
أَسَدٌ مِنَ الْغَابِ وَيَقْتُلُهُمْ، وَيَفْتَرِسُهُمْ ذِئْبٌ مِنَ
الصَّحْرَاءِ، وَيَكْمُنُ النَّمِرُ حَوْلَ مُدُنِهِمْ، فَيُمَزِّقُ
إِرْباً كُلَّ مَنْ يَخْرُجُ مِنْهُمْ، لأَنَّ آثَامَهُمْ كَثِيرَةٌ،
وَارْتِدَادَاتِهِمْ مُتَعَاظِمَةٌ.
7«كَيْفَ أَعْفُو عَنْ
أَعْمَالِكِ؟ تَخَلَّى عَنِّي أَبْنَاؤُكِ وَأَقْسَمُوا بِأَوْثَانٍ.
وَعِنْدَمَا أَشْبَعْتُهُمْ ارْتَكَبُوا الْفِسْقَ، وَهَرْوَلُوا طَوَائِفَ
إِلَى مَوَاخِيرِ الزَّانِيَاتِ. 8صَارُوا كَحُصُنٍ مَعْلُوفَةٍ سَائِبَةٍ
يَصْهَلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى امْرَأَةِ صَاحِبِهِ. 9أَلاَ
أُعَاقِبُهُمْ عَلَى هَذِهِ الأُمُورِ؟» يَقُولُ الرَّبُّ، أَلاَ
أَنْتَقِمُ لِنَفْسِي مِنْ أُمَّةٍ مِثْلَ هَذِهِ؟
الحض على غزو يهوذا
10اذْهَبُوا إِلَى أَتْلاَمِ
كُرُومِهَا وَدَمِّرُوهَا وَلَكِنْ لاَ تُفْنُوهَا. انْزِعُوا أَغْصَانَهَا
لأَنَّهَا لَيْسَتْ لِلرَّبِّ. 11فَذُرِّيَّةُ إِسْرَائِيلَ وَذُرِّيَّةُ
يَهُوذَا قَدْ غَدَرَتَا بِي»، يَقُولُ الرَّبُّ. 12قَدْ جَحَدُوا الرَّبَّ
وَقَالُوا: «لَنْ يُعَاقِبَنَا وَلَنْ يُصِيبَنَا مَكْرُوهٌ، وَلَنْ نَرَى
سَيْفاً وَلَنْ نَتَعَرَّضَ لِجُوعٍ، 13وَالأَنْبِيَاءُ كَالرِّيحِ
وَوَحْيُ الرَّبِّ لَيْسَ مَعَهُمْ. فَلْيَأْتِ عَلَيْهِمْ مَا تَنَبَّأُوا
بِهِ». 14لِذَلِكَ يُعْلِنُ السَّيِّدُ الرَّبُّ الْقَدِيرُ: «لأَنَّكُمْ
قُلْتُمْ هَذَا الْكَلاَمَ، فَهَا أَنَا أَجْعَلُ كَلِمَاتِي فِي فَمِكَ
نَاراً، وَهَذَا الشَّعْبَ حَطَباً، فَتَلْتَهِمُهُمُ النَّارُ. 15هَا
أَنَا أَجْلِبُ عَلَيْكُمْ يَاذُرِّيَّةَ إِسْرَائِيلَ، أُمَّةً قَدِيمَةً
قَوِيَّةً مِنْ أَرْضٍ نَائِيَةٍ، تَجْهَلُونَ لُغَةَ أَهْلِهَا وَلاَ
تَفْهَمُونَ مَا يَقُولُونَ. 16جُعْبَتُهَا كَقَبْرٍ مَفْتُوحٍ، وَكُلُّ
رِجَالِهَا جَبَابِرَةٌ، 17فَيَأْكُلُونَ حَصَادَكُمْ وَطَعَامَكُمْ،
وَيُهْلِكُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَبَنَاتِكُمْ، وَيَلْتَهِمُونَ مَوَاشِيَكُمْ
وَقُطْعَانَكُمْ، وَيَأْكُلُونَ كُرُومَكُمْ وَأَشْجَارَ تِينِكُمْ،
وَيُدَمِّرُونَ بِالسَّيْفِ مُدُنَكُمُ الْحَصِينَةَ الَّتِي عَلَيْهَا
تَتَوَكَّلُونَ.
دواعي العقوبة
18وَلَكِنْ حَتَّى فِي
تِلْكَ الأَيَّامِ لَنْ أُفْنِيَكُمْ»، يَقُولُ الرَّبُّ.
19وَعِنْدَمَا يَسْأَلُونَ:
لِمَاذَا صَنَعَ الرَّبُّ إِلَهُنَا بِنَا هَذِهِ الأُمُورَ كُلَّهَا؟
تَقُولُ لَهُمْ: «كَمَا أَنَّكُمْ تَخَلَّيْتُمْ عَنِّي وَعَبَدْتُمُ
الأَوْثَانَ الْغَرِيبَةَ فِي أَرْضِكُمْ، كَذَلِكَ تُسْتَعْبَدُونَ
لِلْغُرَبَاءِ فِي أَرْضٍ لَيْسَتْ لَكُمْ. 20وَأَذيعُوا أَيْضاً هَذَا فِي
ذُرِّيَّةِ يَعْقُوبَ، وَأَعْلِنُوهُ لِبَنِي يَهُوذَا قَائِلِينَ:
21اسْمَعْ هَذَا أَيُّهَا الشَّعْبُ الأَحْمَقُ الْغَبِيُّ، يَامَنْ لَهُ
عُيُونٌ وَلَكِنَّهُ لاَ يُبْصِرُ، وَلَهُ آذَانٌ وَلَكِنَّهُ لاَ
يَسْمَعُ. 22أَلاَ تَخْشَوْنَنِي؟» يَقُولُ الرَّبُّ، أَلاَ تَرْتَعِدُونَ
فِي حَضْرَتِي؟ قَدْ جَعَلْتُ الرَّمْلَ حَدّاً لِمِيَاهِ الْبَحْرِ،
حَاجِزاً أَبَدِيّاً لاَ يَتَخَطَّاهُ. تَتَلاَطَمُ أَمْوَاجُهُ
وَلَكِنَّهَا تَعْجِزُ عَنْ تَعَدِّيهِ، وَتَهْدِرُ وَلَكِنَّهَا لاَ
تَتَجَاوَزُهُ. 23أَمَّا هَذَا الشَّعْبُ فَذُو قَلْبٍ مُتَمَرِّدٍ عَاصٍ،
ثَارُوا عَلَيَّ وَمَضَوْا، 24وَلَمْ يَتَنَاجَوْا فِي قُلُوبِهِمْ
قَائِلِينَ: لِنَتَّقِ الرَّبَّ إِلَهَنَا الَّذِي يُغْدِقُ الْمَطَرَ فِي
مَوَاعِيدِهِ فِي مَوْسِمَيِ الرَّبِيعِ وَالْخَرِيفِ، وَيَحْفَظُ لَنَا
أَسَابِيعَ الْحَصَادِ حَسَبَ مَوَاقِيتِهَا. 25غَيْرَ أَنَّ آثَامَكُمْ
قَدْ حَوَّلَتْ عَنْكُمْ هَذِهِ الْبَرَكَاتِ، وَخَطَايَاكُمْ حَرَمَتْكُمْ
مِنَ الْخَيْرِ. 26فَفِي وَسَطِ شَعْبِي قَوْمٌ أَشْرَارٌ يَكْمُنُونَ
كَمَا يَكْمِنُ الْقَنَّاصُونَ لِلطُّيُورِ، وَيَنْصِبُونَ الْفَخَّ
ِلاقْتِنَاصِ النَّاسِ. 27بُيُوتُهُمْ تَكْتَظُّ بِالْخَدِيعَةِ كَقَفَصٍ
مَمْلُوءٍ طُيُوراً، لِذَلِكَ عَظُمُوا وَأَثْرَوْا. 28ازْدَادُوا سِمَناً
وَنُعُومَةً، وَارْتَكَبُوا الشَّرَّ مُتَجَاوِزِينَ كُلَّ حَدِّ. لَمْ
يَحْكُمُوا بِعَدْلٍ فِي دَعْوَى الْيَتِيمِ حَتَّى تَنْجَحَ، وَلَمْ
يُدَافِعُوا عَنْ حُقُوقِ الْمَسَاكِينِ. 29أَفَلاَ أُعَاقِبُهُمْ عَلَى
هَذِهِ الأُمُورِ؟» يَقُولُ الرَّبُّ. أَلاَ أَنْتَقِمُ لِنَفْسِي مِنْ
أُمَّةٍ كَهَذِهِ؟
30قَدْ جَرَى فِي الْبِلاَدِ
حَدَثٌ مُذْهِلٌ فَظِيعٌ. 31فَالأَنْبِيَاءُ يَتَنَبَّأُونَ زُوراً،
وَالْكَهَنَةُ يَتَصَرَّفُونَ بِمُقْتَضَى أَحْكَامِهِمْ، وَشَعْبِي
أَحَبَّ مِثْلَ هَذَا. وَلَكِنْ مَاذَا تَصْنَعُونَ فِي نِهَايَةِ
الْمَطَافِ؟»
فصل
6
حث الأمناء على الهرب
«لُوذُوا بِالْنَّجَاةِ
يَاذُرِّيَّةَ بَنْيَامِينَ، وَاهْرُبُوا مِنْ وَسَطِ أُورُشَلِيمَ.
انْفُخُوا بِالْبُوقِ فِي تَقُوعَ، وَأَشْعِلُوا عَلَمَ نَارٍ عَلَى بَيْتِ
هَكَّارِيمَ، لأَنَّ الشَّرَّ قَدْ أَقْبَلَ مِنَ الشِّمَالِ لِيَعِيثَ فِي
الأَرْضِ خَرَاباً. 2هَا أَنَا أُهْلِكُ أُورُشَلِيمَ الْجَمِيلَةَ
الْمُتْرَفَةَ ابْنَةَ صِهْيَوْنَ، 3فَيَحُلُّ بِهَا الرُّعَاةُ مَعَ
قُطْعَانِهِمْ، وَيَضْرِبُونَ حَوْلَهَا خِيَامَهُمْ، وَيَرْعَى كُلٌّ
مِنْهُمْ حَيْثُ نَزَلَ. 4أَعِدُّوا عَلَيْهَا حَرْباً. قُومُوا
نُهَاجِمُهَا عِنْدَ الظَّهِيرَةِ. وَيْلٌ لَنَا فَقَدْ مَالَ النَّهَارُ
وَانْتَشَرَتْ ظِلاَلُ الْمَسَاءِ. 5هُبُّوا لِنَهْجُمَ فِي اللَّيْلِ
وَنَهْدِمَ قُصُورَهَا».
تشجيع المحاصِرين
6لأَنَّ هَذَا مَا
يُعْلِنُهُ الرَّبُّ الْقَدِيرُ: «اقْطَعُوا الشَّجَرَ، وَأَقِيمُوا
مِتْرَسَةً حَوْلَ أُورُشَلِيمَ، إِذْ يَجِبُ أَنْ تُعَاقَبَ هَذِهِ
الْمَدِينَةُ، لأَنَّ دَاخِلَهَا مُفْعَمٌ بِالظُّلْمِ. 7وَكَمَا تُنْبِعُ
الْعَيْنُ مِيَاهَهَا كَذَلِكَ هِيَ تُنْبِعُ شَرَّهَا. يَتَرَدَّدُ فِي
أَرْجَائِهَا الظُّلْمُ وَيَعُمُّهَا السَّلْبُ، وَأَمَامِي دَائِماً
مَرَضٌ وَبَلاَيَا. 8فَاحْذَرِي يَاأُورُشَلِيمُ لِئَلاَّ أَجْفُوَكِ
وَأَجْعَلَكِ مُوْحِشَةً وَأَرْضاً مَهْجُورَةً».
9وَهَذَا مَا يُعْلِنُهُ
الرَّبُّ الْقَدِيرُ: «لِيَجْمَعُوا بِدِقَّةٍ لِقَاطَ بَقِيَّةِ
إِسْرَائِيلَ كَمَا يَجْمَعُونَ لِقَاطَ كَرْمَةٍ. رُدَّ يَدَكَ إِلَى
الأَغْصَانِ ثَانِيَةً كَلاَقِطِ الْعِنَبِ». 10لِمَنْ أَتَحَدَّثُ
وَأُنْذِرُ حَتَّى يَسْمَعُوا؟ انْظُرْ! إِنَّ آذَانَهُمْ صَمَّاءُ فَلاَ
يَسْمَعُونَ، وَكَلِمَةَ الرَّبِّ مَثَارُ خِزْيٍ لَهُمْ فَلاَ يُسَرُّونَ
بِهَا». 11لِذَلِكَ امْتَلَأْتُ مِنْ سَخَطِ الرَّبِّ وَأَعْيَانِي
كَظْمُهُ. أَسْكُبُهُ عَلَى الأَوْلاَدِ فِي الطَّرِيقِ وَعَلَى
الشُّبَّانِ الْمُجْتَمِعِينَ فِي مَجَالِسِهِمْ، فَيُصِيبُ الرَّجُلَ
وَزَوْجَتَهُ وَالشَّيْخَ وَالطَّاعِنَ فِي السِّنِّ. 12وَتَتَحَوَّلُ
بُيُوتُهُمْ وَحقُولُهُمْ لِآخَرِينَ، وَكَذَلِكَ نِسَاؤُهُمْ، لأَنِّي
أَبْسُطُ يَدِي ضِدَّ سُكَّانِ الأَرْضِ»، يَقُولُ الرَّبُّ 13لأَنَّهُمْ
جَمِيعاً، صِغَارَهُمْ وَكِبَارَهُمْ، مُوْلَعُونَ بالرِّبْحِ الْحَرَامِ.
حَتَّى النَّبِيُّ وَالْكَاهِنُ يَرْتَكِبَانِ الزُّورَ فِي
أَعْمَالِهِمَا. 14يُعَالِجُونَ جِرَاحَ شَعْبِي بِاسْتِخْفَافٍ
قَائِلِينَ: سَلاَمٌ، سَلاَمٌ. فِي حِينِ لاَ يُوْجَدُ سَلاَمٌ. 15هَلْ
خَجِلُوا لأَنَّهُمُ اقْتَرَفُوا الرِّجْسَ؟ كَلاَ! لَمْ يَخْزَوْا قَطُّ
وَلَمْ يَعْرِفُوا الْخَجَلَ، لِذَلِكَ سَيَسْقُطُونَ بَيْنَ
السَّاقِطِينَ،
وَحِينَ أُعَاقِبُهُمْ يُطَوَّحُ بِهِمْ».
رفض التوبة
16وَهَذَا مَا يُعْلِنُهُ
الرَّبُّ: «قِفُوا فِي الطُّرُقَاتِ وَانْظُرُوا، وَاسْأَلُوا عَنِ
الْمَسَالِكِ الصَّالِحَةِ الْقَدِيمَةِ وَاطْرُقُوهَا، فَتَجِدُوا رَاحَةً
لِنُفُوسِكُمْ. وَلَكِنَّكُمْ قُلْتُمْ: لَنْ نَسِيرَ فِيهَا. 17فَأَقَمْتُ
عَلَيْكُمْ رُقَبَاءَ قَائِلاً: اسْمَعُوا دَوِيَّ الْبُوقِ. وَلَكِنَّكُمْ
قُلْتُمْ: «لَنْ نَسْمَعَ!» 18لِذَلِكَ اسْمَعُوا أَيُّهَا الأُمَمُ،
وَاعْلَمِي أَيَّتُهَا الْجَمَاعَةُ مَاذَا يَحُلُّ بِهِمْ. 19اسْمَعِي
أَيَّتُهَا الأَرْضُ وَانْظُرِي، لأَنِّي جَالِبٌ شَرّاً عَلَى هَذَا
الشَّعْبِ عِقَاباً لَهُمْ عَلَى أَفْكَارِهِمِ الأَثِيمَةِ، لأَنَّهُمْ
لَمْ يُطِيعُوا كَلِمَاتِي وَتَنَكَّرُوا لِشَرِيعَتِي. 20لأَيِّ غَرَضٍ
يَصْعَدُ إِلَيَّ الْبَخُورُ مِنْ شَبَا، وَقَصَبُ الذَّرِيرَةِ مِنْ
أَرْضٍ نَائِيَةٍ؟ مُحْرَقَاتُكُمْ مَرْفُوضَةٌ، وَتَقْدِمَاتُكُمْ لاَ
تَسُرُّنِي». 21لِذَلِكَ يُعْلِنُ الرَّبُّ: «هَا أَنَا أُقِيمُ لِهَذَا
الشَّعْبِ مَعَاثِرَ يَتَعَثَّرُ بِهَا الآبَاءُ وَالأَبْنَاءُ مَعاً،
وَيَهْلِكُ بِهَا الْجَارُ وَصَدِيقُهُ».
انقضاض الغزاة المباغت
22«انْظُرُوا، هَا شَعْبٌ
زَاحِفٌ مِنَ الشِّمَالِ، وَأُمَّةٌ عَظِيمَةٌ تَهُبُّ مِنْ أَقَاصِي
الأَرْضِ، 23تَسَلَّحَتْ بِالْقَوْسِ وَالرُّمْحِ، وَهِيَ قَاسِيَةٌ لاَ
تَرْحَمُ. جَلَبَتُهَا كَهَدِيرِ الْبَحْرِ وَهِيَ مُقْبِلَةٌ عَلَى
صَهَوَاتِ الْخَيْلِ. قَدِ اصْطَفَّتْ كَإِنْسَانٍ وَاحِدٍ لِمُحَارَبَتِكِ
يَاأُورُشَلِيمُ». 24سَمِعْنَا أَخْبَارَهُمُ الْمُرْعِبَةَ فَدَبَّ
الْوَهَنُ فِي أَيْدِينَا، وَتَوَلاَّنَا كَرْبٌ وَأَلَمٌ كَأَلَمِ
امْرَأَةٍ تُعَانِي مِنَ الْمَخَاضِ. 25لاَ تَخْرُجُوا إِلَى الْحَقْلِ
وَلاَ تَمْشُوا فِي الطَّرِيقِ، فَلِلْعَدُوِّ سَيْفٌ، وَالْهَوْلُ
مُحْدِقٌ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ.
26فَيَاأُورُشَلِيمُ
ارْتَدِي الْمُسُوحَ وَتَمَرَّغِي فِي الرَّمَادِ، وَنُوحِي كَمَنْ يَنُوحُ
عَلَى وَحِيدِهِ، وَانْتَحِبِي نَحِيباً مُرّاً، لأَنَّ الْمُدَمِّرَ
يَنْقَضُّ عَلَيْنَا فَجْأَةً. 27«إِنِّي أَقَمْتُكَ مُمْتَحِناً
لِلْمَعْدِنِ، وَجَعَلْتُ شَعْبِي مَادَةَ خَامٍ لِكَيْ تَعْرِفَ
طُرُقَهُمْ وَتَفْحَصَهَا. 28فَكُلُّهُمْ عُصَاةٌ مُتَمَرِّدُونَ سَاعُونَ
فِي النَّمِيمَةِ. هُمْ نُحَاسٌ وَحَدِيدٌ وَكُلُّهُمْ فَاسِدُونَ.
29لَشَدَّ مَا تُضْرِمُ رِيحُ المِنْفَاخِ الشَّدِيدَةُ النَّارَ
فَتَلْتَهِمُ الرَّصَاصَ وَلَكِنْ كَمَا يَتَعَذَّرُ تَنْقِيَتُهُ مِنَ
الزَّغَلِ كَذَلِكَ يَتَعَذَّرُ فَصْلُ الأَشْرَارِ. 30وَهُمْ يُدْعَوْنَ
حُثَالَةَ الْفِضَّةِ الْمَرْذُولَةِ، لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ رَفَضَهُمْ».
فصل
7
ضلال شعب يهوذا وفجوره
هَذِهِ هِيَ النُّبُوءَةُ
الَّتِي أَوْحَى بِهَا الرَّبُّ لإِرْمِيَا: 2«قِفْ فِي بَابِ هَيْكَلِ
الرَّبِّ وَأَعْلِنْ هُنَاكَ هَذَا الْكَلاَمَ: اسْمَعُوا كَلاَمَ الرَّبِّ
يَاجَمِيعَ رِجَالِ يَهُوذَا الْمُجْتَازِينَ هَذِهِ الأَبْوَابَ
لِيَسْجُدُوا لِلرَّبِّ: 3هَذَ مَا يُعْلِنُهُ الرَّبُّ القَدِيرُ إِلَهُ
إِسْرَائِيلَ: قَوِّمُوا طُرُقَكُمْ وَأَعْمَالَكُمْ فَأُسْكِنَكُمْ فِي
هَذَا الْمَوْضِعِ. 4لاَ تَتَّكِلُوا عَلَى أَقْوَالِ الْكَذِبِ
قَائِلِينَ: هَذَا هَيْكَلُ الرَّبِّ: هَذَا هَيْكَلُ الرَّبِّ 5لَكِنْ
إِنْ قَوَّمْتُمْ حَقّاً طُرُقَكُمْ وَأَعْمَالَكُمْ، وَأَجْرَيْتُمْ
قَضَاءً عَادِلاً فِيمَا بَيْنَكُمْ، 6إِنْ لَمْ تَجُورُوا عَلَى
الْغَرِيبِ وَالْيَتِيمِ وَالأَرْمَلَةِ، وَلَمْ تَسْفِكُوا دَماً بَرِيئاً
فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، وَإِنْ لَمْ تَضِلُّوا وَرَاءَ الأَوْثَانِ
مُسِيئِينَ بِذَلِكَ لأَنْفُسِكُمْ، 7عِنْدَئِذٍ أُسْكِنُكُمْ فِي هَذَا
الْمَوْضِعِ فِي الأَرْضِ الَّتِي وَهَبْتُهَا لِآبَائِكُمْ إِلَى الأَبَدِ.
8هَا أَنْتُمْ قَدِ
اتَّكَلْتُمْ عَلَى أَقْوَالِ الْكَذِبِ، وَلَكِنْ مِنْ غَيْرِ جَدْوَى.
9أَتَسْرِقُونَ وَتَقْتُلُونَ وَتَزْنُونَ وَتَحْلِفُونَ زُوراً
وَتُبَخِّرُونَ لِلْبَعْلِ، وَتَضِلُّونَ وَرَاءَ الأَوْثَانِ الَّتِي لَمْ
تَعْرِفُوهَا، 10ثُمَّ تَمْثُلُونَ فِي حَضْرَتِي فِي هَذَا الْهَيْكَلِ
الَّذِي دُعِيَ بِاسْمِي قَائِلِينَ: «قَدْ نَجَوْنَا»؛ ثُمُّ
تَرْتَكِبُونَ جَمِيعَ هَذِهِ الرَّجَاسَاتِ؟ 11هَلْ أَصْبَحَ هَذَا
الْهَيْكَلُ الَّذِي دُعِيَ بِاسْمِي، مَغَارَةَ لُصُوصٍ فِي أَعْيُنِكُمْ؟
هَا أَنَا قَدْ رَأَيْتُ كُلَّ هَذَا الشَّرِّ، يَقُولُ الرَّبُّ. 12لَكِنِ
امْضُوا إِلَى مَوْضِعِي فِي شِيلُوهَ، حَيْثُ جَعَلْتُ فِيهِ مَقَرّاً
لاِسْمِي أَوَّلاً، وَشَاهِدُوا مَا فَعَلْتُ بِهِ مِنْ جَرَّاءِ شَرِّ
شَعْبِي إِسْرَائِيلَ. 13وَالآنَ لأَنَّكُمُ ارْتَكَبْتُمْ هَذِهِ
الشُّرُورَ، يَقُولُ الرَّبُّ، عَلَى الرَّغْمِ مِنْ تَحْذِيرَاتِي
الْمُبَكِّرَةِ الَّتِي أَبَيْتُمْ الاسْتِمَاعَ لَهَا، وَرَفَضْتُمُ
الاسْتِجَابَةَ لِدَعْوَتِي، 14فَإِنَّ مَا أَنْزَلْتُهُ بِشِيلُوهَ
سَأُنْزِلُهُ بِالْهَيْكَلِ الَّذِي دُعِيَ بِاسْمِي وَالَّذِي عَلَيْهِ
تَتَّكِلُونَ، وَبِالْمَوْضِعِ الَّذِي وَهَبْتُهُ لَكُمْ وَلِآبَائِكُمْ،
15وَأَطْرَحُكُمْ مِنْ أَمَامِي كَمَا طَرَحْتُ جَمِيعَ أَقْرِبَائِكُمْ،
جَمِيعَ ذُرِّيَّةِ أَفْرَايِمَ. 16أَمَّا أَنْتَ فَلاَ تُصَلِّ مِنْ
أَجْلِ هَذَا الشَّعْبِ وَلاَ تَرْفَعْ لأجْلِهِمْ دُعَاءً وَلاَ
ابْتِهَالاً، وَلاَ تَتَشَفَّعْ لَهُمْ لأَنِّي لَنْ أَسْتَجِيبَ لَكَ.
17أَلاَ تَشْهَدُ مَا
يَفْعَلُونَ فِي مُدُنِ يَهُوذَا وَفِي شَوَارِعِ أُورُشَلِيمَ؟
18الأَبْنَاءُ يَلْتَقِطُونَ الْحَطَبَ وَالآبَاءُ يُشْعِلُونَ النَّارَ،
وَالنِّسَاءُ يَعْجِنَّ الدَّقِيقَ لِيَصْنَعْنَ أَقْرَاصاً مِنْهَا
لِعَشْتَارُوثَ إِلَهَةِ السَّمَاءِ، وَيَسْكُبُوا سَكَائِبَ لِآلِهَةِ
الأَوْثَانِ لِيُغِيظُونِي. 19هَلْ أَنَا حَقّاً الَّذِي يُغِيظُونَهُ؟
يَقُولُ الرَّبُّ. أَلاَ يُسِيئُونَ بِذَلِكَ إِلَى ذَوَاتِهِمْ عَامِلِينَ
عَلَى خِزْيِ أَنْفُسِهِمْ؟ 20لِذَلِكَ يُعْلِنُ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَا
غَضَبِي وَسَخَطِي يَنْصَبَّانِ عَلَى هَذَا الْمَوْضِعِ، وَعَلَى
الْبَشَرِ وَالْبَهَائِمِ وَالأَشْجَارِ وَالْحُقُولِ وَأَثْمَارِ
الأَرْضِ، فَيَتَّقِدَانِ وَلاَ يَخْمُدَانِ».
رفض الاستماع إلى تحذيرات
الأنبياء
21وَهَذَا مَا يُعْلِنُهُ
الرَّبُّ الْقَدِيرُ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ: «أَضِيفُوا مُحْرَقَاتِكُمْ
إِلَى ذَبَائِحِكُمْ وَكُلُوا لَحْمَهَا. 22فَإِنِّي لَمْ أُكَلِّمْ
آبَاءَكُمْ وَلَمْ آمُرْهُمْ يَوْمَ أَخْرَجْتُهُمْ مِنْ مِصْرَ بِشَأْنِ
مُحْرَقَةٍ أَوْ ذَبِيحَةٍ 23إِنَّمَا أَوْصَيْتُهُمْ أَنْ يُطِيعُوا
صَوْتِي فَأَكُونُ لَهُمْ إِلَهاً، وَيَكُونُونَ لِي شَعْباً وَأَنْ
يَسْلُكُوا فِي كُلِّ الطَّرِيقِ الَّذِي أَوْصَيْتُهُمْ بِهِ، فَيَنَالُوا
خَيْراً. 24إِلاَّ أَنَّهُمْ لَمْ يُطِيعُوا وَلَمْ يَسْمَعُوا، بَلْ
سَلَكُوا بِمُقْتَضَى مَشُورَاتِ قُلُوبِهِمِ الشِّرِّيرَةِ وَعِنَادِهِمْ،
وَأَدَارُوا لِي ظُهُورَهُمْ بَدَلَ وُجُوهِهِمْ. 25فَمُنْذُ أَنْ خَرَجَ
آبَاؤُكُمْ مِنْ مِصْرَ إِلَى هَذَا الْيَوْمِ، ثَابَرْتُ عَلَى إِرْسَالِ
جَمِيعِ عَبِيدِي الأَنْبِيَاءِ لِيُنْذِرُوهُمْ كُلَّ يَوْمٍ. 26وَمَعَ
ذَلِكَ لَمْ يُطِيعُونِي أَوْ يَسْمَعُونِي، وَلَكِنَّهُمْ قَسَّوْا
قُلُوبَهُمْ، فَكَانُوا فِي تَصَرُّفِهِمْ أَشَرَّ مِنْ آبَائِهِمْ.
27وَلَكِنْ عِنْدَمَا تُكَلِّمُهُمْ بِهَذِهِ الْعِبَارَاتِ فَإِنَّهُمْ
لَنْ يَسْمَعُوا، وَتَدْعُوهُمْ فَلاَ يُجِيبُونَكَ. 28فَتَقُولُ لَهُمْ:
هَذِهِ هِيَ الأُمَّةُ الَّتِي تَعْصَى صَوْتَ الرَّبِّ إِلَهِهَا، وَلاَ
تَقْبَلُ التَّأْدِيبَ. لَقَدْ تَلاَشَى الْحَقُّ وَانْقَطَعَ عَنْ
أَفْوَاهِهِمْ.
29جُزِّي شَعْرَكِ
وَاطْرَحِيهِ يَاأُورُشَلِيمُ، وَانْصُبِي مَرْثَاةً عَلَى
الْمُرْتَفَعَاتِ الْجَرْدَاءِ، لأَنَّ الرَّبَّ رَفَضَ هَذَا الْجِيلَ
الرَّازِحَ تَحْتَ سَخَطِهِ».
الأيام الرهيبة المقبلة
30«لأَنَّ ذُرِّيَّةَ
يَهُوذَا قَدِ ارْتَكَبَتِ الشَّرَّ فِي عَيْنَيَّ، وَأَقَامَتْ
أَوْثَانَهَا الرِّجْسَةَ فِي الْبَيْتِ الَّذِي دُعِيَ بِاسْمِي،
لِتُدَنِّسَهُ. 31وَشَيَّدَ الشَّعْبُ مَعَابِدَ مُرْتَفَعَاتِ تُوفَةَ
الْقَائِمَةَ فِي وَادِي ابْنِ هِنُّومَ، لِيَحْرِقُوا أَبْنَاءَهُمْ
وَبَنَاتِهِمْ بِالنَّارِ، مِمَّا لَمْ آمُرْ بِهِ وَلَمْ يَخْطُرْ لِي
عَلَى بَالٍ.
32لِذَلِكَ هَا أَيَّامٌ
مُقْبِلَةٌ، يَقُولُ الرَّبُّ، يُمْحَى فِيهَا اسْمُ تُوفَةَ، وَيَتَلاَشَى
اسْمُ وَادِي ابْنِ هِنُّومَ، وَيُدْعَى «وَادِي الْقَتْلِ» لأَنَّهُمْ
سَيَدْفِنُونَ الْمَوْتَى فِي تُوفَةَ حَتَّى لاَ يَبْقَى فِيهَا مُتَّسَعٌ
بَعْدُ، 33وَتُصْبِحُ جُثَثُ هَذَا الشَّعْبِ طَعَاماً لِجَوَارِحِ
السَّمَاءِ وَلِوُحُوشِ الأَرْضِ وَلَيْسَ مَنْ يَزْجُرُهَا. 34وَأُلاَشِي
مِنْ مُدُنِ يَهُوذَا وَمِنْ شَوَارِعِ أُورُشَلِيمَ أَهَازِيجَ الطَّرَبِ
وَأَصْدَاءَ الْفَرَحِ، وَأَصْوَاتَ بَهْجَةِ الْعَرِيِسِ وَالْعَرُوسِ،
لأَنَّ الأَرْضَ يَعُمُّهَا الْخَرَابُ».
فصل
8
نبش عظام قادة يهوذا
وَيَقُولُ الرَّبُّ: «فِي
ذَلِكَ الْحِينِ يَنْبُشُونَ مِنَ الْقُبُورِ عِظَامَ مُلُوكِ يَهُوذَا
وَعِظَامَ رُؤَسَائِهِمْ وَكَهَنَتِهِمْ وَأَنْبِيَائِهِمْ، وَعِظَامَ
سُكَّانِ أُورُشَلِيمَ. 2وَيَعْرِضُونَهَا أَمَامَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ
وَكَوَاكِبِ السَّمَاءِ الَّتِي أَحَبُّوهَا وَعَبَدُوهَا وَضَلُّوا
وَرَاءَهَا، وَاسْتَشَارُوهَا وَسَجَدُوا لَهَا، فَلاَ تُجْمَعُ وَلاَ
تُدْفَنُ، بَلْ تَصِيرُ نُفَايَةً فَوْقَ وَجْهِ الأَرْضِ، 3وَجَمِيعُ
الْبَقِيَّةِ الْبَاقِيَةِ مِنْ هَذِهِ الْعَشِيرَةِ الشِّرِّيرَةِ
الْمُشَتَّتَةِ فِي جَمِيعِ الْبِقَاعِ الَّتِي نَفَيْتُهُمْ إِلَيْهَا،
يُؤْثِرُونَ الْمَوْتَ عَلَى الْحَيَاةِ».
الاتكال على الحكمة المضللة
4وَتَقُولُ لَهُمْ: «هَذَا
مَا يُعْلِنُهُ الرَّبُّ: عِنْدَمَا يَسْقُطُ الرِّجَالُ، أَلاَ يَقُومُونَ
ثَانِيَةً؟ وَعِنْدَمَا يَرْتَدُّونَ مُخْطِئِينَ أَلاَ يَرْجِعُونَ؟
5فَمَا بَالُ شَعْبِ أُورُشَلِيمَ قَدِ ارْتَدُّوا ارْتِدَاداً دَائِماً
مُتَشَبِّثِينَ بِالْخَدِيعَةِ وَرَافِضِينَ الرُّجُوعَ؟ 6قَدْ أَصْغَيْتُ
وَسَمِعْتُ، وَإِذَا بِهِمْ يَنْطِقُونَ بِمَا يُنَافِي الْحَقَّ، وَمَا
مِنْ أَحَدٍ يَتُوبُ عَنْ شَرِّهِ قَائِلاً: مَا هَذَا الَّذِي أَرْتَكِبُ؟
بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ مَضَى فِي طَرِيقِهِ كَفَرَسٍ مُنْدَفِعٍ لِخَوْضِ
مَعْرَكَةٍ. 7إِنَّ اللَّقْلَقَ فِي السَّمَاءِ يَعْرِفُ مِيعَادَ
هِجْرَتِهِ، وكَذَلِكَ الْيَمَامَةَ وَالسُّنُونَةَ الْمُغَرِّدَةَ
تَحْفَظَانِ أَوَانَ عَوْدَتِهِمَا مِنْ هِجْرَتِهِمَا. أَمَّا شَعْبِي
فَلاَ يَعْرِفُ قَضَاءَ الرَّبِّ! 8كَيْفَ تَدَّعُونَ أَنَّكُمْ حُكَمَاءُ
وَلَدَيْكُمْ شَرِيعَةَ الرَّبِّ بَيْنَمَا حَوَّلَهَا قَلَمُ الْكَتَبَةِ
المُخَادِعُ إِلَى أُكْذُوبَةٍ؟ 9سَيَلْحَقُ الْخِزْيُ بِالْحُكَمَاءِ
وَيَعْتَرِيهِمِ الْفَزَعُ وَالذُّهُولُ، لأَنَّهُمْ رَفَضُوا كَلِمَةَ
الرَّبِّ. إِذاً أَيَّةُ حِكْمَةٍ فِيهِمْ؟ 10لِذَلِكَ أُعْطِي نِسَاءَهُمْ
لآخَرِينَ وَحُقُولَهُمْ لِلْوَارِثِينَ الْقَاهِرِينَ، لأَنَّهُمْ
جَمِيعاً مِنْ صَغِيرِهِمْ إِلَى كَبِيرِهِمْ مُوْلَعُونَ بِالرِّبْحِ.
حَتَّى النَّبِيُّ وَالْكَاهِنُ يَرْتَكِبَانِ الزُّورَ فِي
أَعْمَالِهِمَا، 11وَيُعَالِجُونَ جِرَاحَ شَعْبِي بِاسْتِخْفَافٍ
قَائِلِينَ: سَلاَمٌ، سَلاَمٌ فِي حِينِ لاَ يُوْجَدُ سَلاَمٌ. 12هَلْ
خَجِلُوا عِنْدَمَا اقْتَرَفُوا الرِّجْسَ؟ كَلاَّ! لَمْ يَخْزَوْا قَطُّ
وَلَمْ يَعْرِفُوا الْخَجَلَ. لِذَلِكَ سَيَسْقُطُونَ بَيْنَ
السَّاقِطِينَ، وَحِينَ أُعَاقِبُهُمْ يُطَوَّحُ بِهِمْ»، يَقُولُ الرَّبُّ.
وعد الله بالعقاب
13«وَسَأُبِيدُهُمْ حَقّاً،
إِذْ لاَ يَكُونُ فِي الْكَرْمَةِ عِنَبٌ وَلاَ فِي التِّينَةِ تِينٌ.
حَتَّى أَوْرَاقُ الأَشْجَارِ تَذْوِي وَتَتَسَاقَطُ، وَمَا أَغْدَقْتُهُ
عَلَيْهِمْ مِنْ نِعَمٍ يُسْلَبُ مِنْهُمْ. 14فَمَا لَنَا قَابِعُونَ
هُنَا؟ اجْتَمِعُوا مَعاً وَلْنَلْجَأْ إِلَى الْمُدُنِ الْحَصِينَةِ
وَنَهْلِكْ هُنَاكَ، لأَنَّ الرَّبَّ إِلَهَنَا قَدْ قَضَى عَلَيْنَا
بِالْهَلاَكِ، وَأَعْطَانَا مَاءً مَسْمُوماً لِنَشْرَبَهُ، لأَنَّنَا
أَخْطَأْنَا فِي حَقِّهِ. 15طَلَبْنَا السَّلاَمَ فَلَمْ يُسْفِرْ عَنْ
خَيْرٍ. نَشَدْنَا وَقْتاً لِلْمُدَاوَاةِ فَابْتُلِينَا بِالأَهْوَالِ.
16قَدْ تَرَدَّدَتْ حَمْحَمَةُ خَيْلِهِمْ مِنْ أَرْضِ دَانَ،
وَارْتَعَدَتِ الأَرْضُ مِنْ صَهِيلِ جِيَادِهِمْ. قَدْ أَقْبَلُوا
وَاكْتَسَحُوا الأَرْضَ وَكُلَّ مَا فِيهَا، وَالْمَدِينَةَ وَأَهْلَهَا.
17انْظُرُوا، هَا أَنَا أُرْسِلُ عَلَيْكُمْ أَفَاعِيَ مُمِيتَةً لاَ
تَنْجَعُ مَعَهَا رُقًى فَتَلْدَغُكُمْ»، يَقُولُ الرَّبُّ.
18قَدْ غَلَبَ عَلَيَّ
الْحُزْنُ وَقَلْبِي فِيَّ سَقِيمٌ. 19هُوَذَا صَرْخَةُ اسْتِغَاثَةِ
أُورُشَلِيمَ تَتَجَاوَبُ مِنْ أَرْضٍ نَائِيَةٍ قَائِلَةً: «أَلَيْسَ
الرَّبُّ فِي صِهْيَوْنَ؟ أَلَيْسَ مَلِكُهَا فِيهَا؟ لِمَاذَا أَثَارُوا
غَيْظِي بِمَنْحُوتَاتِهِمْ وَأَوْثَانِهِمِ الْغَرِيبَةِ الْبَاطِلَةِ؟
20قَدِ انْقَضَى مَوْسِمُ الْحَصَادِ، وَانْتَهَى الصَّيْفُ، وَنَحْنُ لَمْ
نَخْلُصْ». 21لأَنَّ سَحْقَ أُورُشَلِيمَ هُوَ سَحْقِي، لِذَلِكَ أَنُوحُ
وَقَدِ اشْتَدَّ بِيَ الرُّعْبُ. 22أَلاَ يُوْجَدُ بَلَسَانٌ فِي
جِلْعَادَ؟ أَلَيْسَ هُنَاكَ طَبِيبٌ؟ فَلِمَاذَا إِذَنْ لَمْ تُشفَ
جُرُوحُ شَعْبِي.
فصل
9
أحزان النبي
يَالَيْتَ رَأْسِي فَيْضُ
مِيَاهٍ، وَعَيْنَيَّ يَنْبُوعُ دُمُوعٍ، فَأَبْكِي نَهَاراً وَلَيْلاً
قَتْلَى بِنْتِ شَعْبِي 2يَالَيْتَ لِي فِي الصَّحْرَاءِ مَبِيتَ عَابِرِ
سَبِيلٍ، فَأَهْجُرَ شَعْبِي وَأَنْطَلِقَ بَعِيداً عَنْهُمْ، لأَنَّهُمْ
جَمِيعاً زُنَاةٌ وَجَمَاعَةُ خَوَنَةٍ. 3«قَدْ وَتَّرُوا أَلْسِنَتَهُمْ
كَقِسِيٍّ جَاهِزَةٍ لِيُطْلِقُوا الأَكَاذِيبَ الَّتِي تَقَوَّلُوا بِهَا
فِي الأَرْضِ مِنْ دُونِ الْحَقِّ، إِذْ أَنَّهُمُ انْتَهَوْا مِنْ شَرٍّ
إِلَى شَرٍّ،
وَإِيَّايَ لَمْ يَعْرِفُوا»
يَقُولُ الرَّبُّ. 4«لِيَحْتَرِسْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ جَارِهِ، وَلاَ
يَثِقْ بِأَحَدٍ مِنْ أَقْرِبَائِهِ، لأَنَّ كُلَّ قَرِيبٍ مُخَادِعٌ،
وَكُلَّ صَاحِبٍ وَاشٍ. 5كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَخْدَعُ جَارَهُ وَلاَ
يَنْطِقُونَ بِالصِّدْقِ. دَرَّبُوا أَلْسِنَتَهُمْ عَلَى قَوْلِ
الْكَذِبِ، وَأَرْهَقُوا أَنْفُسَهُمْ فِي ارْتِكَابِ الإِثْمِ.
6يَجْمَعُونَ ظُلْماً فَوْقَ ظُلْمٍ، وَخِدَاعاً عَلَى خِدَاعٍ، وَأَبَوْا
أَنْ يَعْرِفُونِي».
7لِذَلِكَ يُعْلِنُ الرَّبُّ
الْقَدِيرُ: «هَا أَنَا أُمَحِّصُهُمْ وَأَمْتَحِنُهُمْ، إِذْ أَيُّ شَيْءٍ
آخَرْ يُمْكِنُ أَنْ أَفْعَلَهُ عِقَاباً لِخَطَايَا أُورُشَلِيمَ؟
8لِسَانُهُمْ كَسَهْمٍ قَاتِلٍ يَتَفَوَّهُ بِالْكَذِبِ. وَبِفَمِهِ
يُخَاطِبُ جَارَهُ بِحَدِيثِ السَّلاَمِ، أَمَّا فِي قَلْبِهِ فَيَنْصِبُ
لَهُ كَمِيناً. 9أَلاَ أُعَاقِبُهُمْ عَلَى هَذِهِ الأُمُورِ؟» يَقُولُ
الرَّبُّ. «أَلاَ أَنْتَقِمُ لِنَفْسِي مِنْ أُمَّةٍ كَهَذِهِ؟»
الانتحاب على خراب أورشليم
10سَأَنْتَحِبُ وَأَنُوحُ
عَلَى الْجِبَالِ وَأَنْدُبُ عَلَى مَرَاعِي الْبَرِّيَّةِ لأَنَّهَا
احْتَرَقَتْ وَأَوْحَشَتْ، فَلاَ يَجْتَازُ بِهَا عَابِرٌ وَلاَ
يَتَرَدَّدُ فِيهَا صَوْتُ الْقُطْعَانِ، وَقَدْ هَجَرَتْهَا طُيُورُ
السَّمَاءِ وَالْوُحُوشُ. 11«سَأَجْعَلُ أُورُشَلِيمَ رُجْمَةَ خَرَابٍ،
وَمَأْوَى لِبَنَاتِ آوَى، وَأُحَوِّلُ مُدُنَ يَهُوذَا إِلَى قَفْرٍ
مَهْجُورٍ». 12مَنْ هُوَ الإِنْسَانُ الْحَكِيمُ حَتَّى يَفْهَمَ هَذَا؟
وَمَنْ خَاطَبَهُ فَمُ الرَّبِّ حَتَّى يُعْلِنَهَا؟ لِمَاذَا خَرِبَتِ
الأَرْضُ، وَأَوْحَشَتْ كَالْبَرِّيَّةِ فَلاَ يَقْطَعُهَا عَابِرٌ؟
13وَيَقُولُ الرَّبُّ: «لأَنَّهُمْ نَبَذُوا شَرِيعَتِي الَّتِي
وَضَعْتُهَا أَمَامَهُمْ، وَلَمْ يُطِيعُوا صَوْتِي أَوْ يَسْلُكُوا
بِمُقْتَضَاهَا، 14بَلْ ضَلُّوا وَرَاءَ عِنَادِ قُلُوبِهِمْ، وَانْسَاقُوا
خَلْفَ آلِهَةِ الْبَعْلِيمِ الَّتِي لَقَّنَهُمْ آبَاؤُهُمْ عِبَادَتَهَا.
15لِذَلِكَ هَا أَنَا أُطْعِمُ هَذَا الشَّعْبَ أَفْسَنْتِيناً،
وَأَسْقِيهِمْ مَاءً مَسْمُوماً، 16وَأُشَتِّتُهُمْ بَيْنَ الأُمَمِ
الَّتِي لَمْ يَعْرِفُوهَا هُمْ وَلاَ آبَاؤُهُمْ، وَأَجْعَلُ سَيْفَ
الدَّمَارِ يَتَعَقَّبُهُمْ حَتَّى أُفْنِيَهُمْ».
17وَهَذَا مَا يُعْلِنُهُ
الرَّبُّ الْقَدِيرُ: «تَأَمَّلُوا وَاسْتَدْعُوا النَّادِبَاتِ
لِيَأْتِينَ، وَأَرْسِلُوا إِلَى الْحَكِيمَاتِ فَيُقْبِلْنَ.
18لِيُسْرِعْنَ حَتَّى يُطْلِقْنَ أَصْوَاتَهُنَّ عَلَيْنَا بِالنَّدْبِ
فَتَذْرِفَ عُيُونُنَا دُمُوعاً، وَتَفِيضَ أَجْفَانُنَا مَاءً. 19هَا
صَوْتُ رِثَاءٍ قَدْ تَجَاوَبَ فِي صِهْيَوْنَ: مَا أَشَدَّ دَمَارَنَا،
وَمَا أَعْظَمَ عَارَنَا، لأَنَّنَا قَدْ فَارَقْنَا أَرْضَنَا،
وَلأَنَّهُمْ قَدْ هَدَمُوا مَسَاكِنَنَا!» 20فَاسْمَعْنَ أَيَّتُهَا
النِّسَاءُ قَضَاءَ الرَّبِّ، وَلْتَفْهَمْ آذَانُكُنَّ كَلِمَةَ فَمِهِ:
لَقِّنَّ بَنَاتِكُنَّ الرِّ ثَاءَ، وَلْتُعَلِّمْ كُلٌّ مِنْهُنَّ
صَاحِبَتَهَا النَّدْبَ، 21فَإِنَّ الْمَوْتَ قَدْ تَسَلَّقَ إِلَى
كُوَانَا وَتَسَلَّلَ إِلَى قُصُورِنَا، فَاسْتَأْصَلَ الأَطْفَالَ مِنَ
الشَّوَارِعِ وَالشُّبَّانَ مِنَ السَّاحَاتِ. 22وَهَذَا مَا يُعْلِنُهُ
الرَّبُّ: «سَتَتَهَاوَى جُثَثُ النَّاسِ مِثْلَ نُفَايَةٍ عَلَى وَجْهِ
الْحَقْلِ، وَتَتَسَاقَطُ كَقَبَضَاتٍ وَرَاءَ الْحَاصِدِ، وَلَيْسَ مَنْ
يَجْمَعُهَا».
الحكمة الحقيقية هي معرفة
الله
23«فَلاَ يَفْتَخِرَنَّ
الْحَكِيمُ بِحِكْمَتِهِ، وَلاَ يَزْهُوَنَّ الْجَبَّارُ بِجَبَرُوتِهِ،
وَلاَ الْغَنِيُّ بِثَرْوَتِهِ. 24بَلْ لِيَفْتَخِرِ الْمُفْتَخِرُ
بِأَنَّهُ يُدْرِكُ وَيَعْرِفُنِي أَنِّي أَنَا الرَّبُّ الَّذِي يُمَارِسُ
الرَّحْمَةَ وَالْعَدْلَ وَالْبِرَّ فِي الأَرْضِ لأَنِّي أُسَرُّ بِهَا».
25«هَا أَيَّامٌ
مُقْبِلَةٌ»، يَقُولُ الرَّبُّ، «أُعَاقِبُ فِيهَا كُلَّ مَخْتُونٍ
وَأَغْلَفَ 26أَهْلَ مِصْرَ وَيَهُوذَا وَأَدُومَ وَبَنِي عَمُّونَ
وَمُوآبَ، وَسَائِرَ الْمُقِيمِينَ فِي الصَّحْرَاءِ مِمَّنْ يَقُصُّونَ
شَعْرَ أَصْدَاغِهِمْ، لأَنَّ جَمِيعَ الشُّعُوبِ غُلْفٌ، أَمَّا كُلُّ
بَيْتِ إِسْرَائِيلَ فَإِنَّهُمْ ذَوُو قُلُوبٍ غَلْفَاءَ».
فصل
10
قضاء الله
أَنْصِتُوا إِلَى الْقَضَاءِ
الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ الرَّبُّ عَلَيْكُمْ يَاذُرِّيَّةَ إِسْرَائِيلَ.
2هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: «لاَ تَتَعَلَّمُوا طَرِيقَ الأُمَمِ، وَلاَ
تَرْتَعِبُوا مِنْ آيَاتِ السَّمَاءِ الَّتِي تَرْتَعِبُ مِنْهَا
الشُّعُوبُ. 3لأَنَّ عَادَاتِ الأُمَمِ بَاطِلَةٌ، إِذْ تُقْطَعُ
الشَّجَرَةُ مِنَ الْغَابَةِ ثُمَّ تُشَذِّبُهَا وَتَنْحَتُهَا يَدَا
صَانِعٍ بِفَأْسٍ. 4ثُمَّ يُزَيِّنُونَهَا بِالْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ
وَتُثَبَّتُ بِالْمَسَامِيرِ وَالْمَطَارِقِ لِئَلاَّ تَتَحَرَّكَ.
5فَتَكُونُ كَفَزَّاعَةٍ فِي حَقْلِ قِثَّاءٍ لاَ تَنْطِقُ، بَلْ تُحْمَلُ
لأَنَّهَا عَاجِزَةٌ عَنِ الْمَشْيِ. فَلاَ تَخَافُوهَا لأَنَّهَا لاَ
تَضُرُّ وَلاَ تَنْفَعُ». 6أَنْتَ لاَ نَظِيرَ لَكَ يَارَبُّ. عَظِيمٌ
أَنْتَ، وَاسْمُكَ عَظِيمٌ فِي الْجَبَرُوتِ. 7مَنْ لاَ يَتَّقِيكَ
يَامَلِكَ الأُمَمِ؟ فَالْخَوْفُ مِنْكَ يَلِيقُ بِكَ، إِذْ لاَ يُوْجَدُ
بَيْنَ حُكَمَاءِ الشُّعُوبِ وَفِي جَمِيعِ مَمَالِكِهِمْ مَنْ هُوَ
نَظِيرُكَ. 8جَمِيعُهُمْ بُلَدَاءُ وَحَمْقَى، يَتَلَقَّفُونَ الْعِلْمَ
مِنْ أَصْنَامٍ خَشَبِيَّةٍ. 9يُحْضِرُونَ لِصُنْعِهَا الْفِضَّةَ
الْمُطَرَّقَةَ مِنْ تَرْشِيشَ، وَالذَّهَبَ مِنْ أُوفَازَ، فَهِيَ عَمَلُ
صَانِعٍ مَاهِرٍ وَصَوْغُ يَدَيْ صَائِغٍ، وَتُكْسَى بِثِيَابٍ زَرْقَاءَ
وَأُرْجُوَانِيَّةٍ. كُلُّهَا صَنْعَةُ صُنَّاعٍ مَهَرَةٍ. 10أَمَّا
الرَّبُّ فَهُوَ الإِلَهُ الْحَقُّ، الإِلَهُ الْحَيُّ وَالْمَلِكُ
السَّرْمَدِيُّ. تَرْتَعِدُ الأَرْضُ أَمَامَ غَضَبِهِ وَلاَ تَتَحَمَّلُ
الأُمَمُ فَرْطَ سُخْطِهِ.
الله الحي والآلهة الأوثان
11«وَهَذَا مَا تَقُولُونَهُ
لَهُمْ: إِنَّ الآلِهَةَ الَّتِي لَمْ تَصْنَعِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ
يَجِبُ أَنْ تُسْتَأْصَلَ مِنَ الأَرْضِ وَمِنْ تَحْتِ السَّمَاءِ».
12فَالرَّبُّ هُوَ الَّذِي صَنَعَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِقُدْرَتِهِ،
وَأَسَّسَ الدُّنْيَا بِحِكْمَتِهِ وَمَدَّ السَّمَاوَاتِ بِفِطْنَتِهِ.
13مَا إِنْ يَنْطِقُ بِصَوْتِهِ حَتَّى تَتَجَمَّعَ غِمَارُ الْمِيَاهِ فِي
السَّمَاوَاتِ، وَتَصْعَدَ السُّحُبُ مِنْ أَقَاصِي الأَرْضِ. يَجْعَلُ
لِلْمَطَرِ بُرُوقاً، وَيُطْلِقُ الرِّيحَ مِنْ خَزَائِنِهِ. 14كُلُّ
امْرِيءٍ خَامِلٌ وَعَدِيمُ الْمَعْرِفَةِ، وَكُلُّ صَائِغٍ أَخْزَاهُ
تِمْثَالُهُ لأَنَّ صَنَمَهُ الْمَسْبُوكَ كَاذِبٌ وَلاَ حَيَاةَ فِيهِ.
15جَمِيعُ الأَصْنَامِ بَاطِلَةٌ، صَنْعَةُ ضَلاَلٍ، وَفِي زَمَنِ
عِقَابِهَا تَبِيدُ. 16أَمَّا (اللهُ )
نَصِيبُ يَعْقُوبَ فَلَيْسَ
مِثْلَ هَذِهِ الأَوْثَانِ، بَلْ هُوَ جَابِلُ كُلِّ الأَشْيَاءِ، وَشَعْبُ
إِسْرَائِيلَ هُوَ شَعْبُ مِيرَاثِهِ، وَاسْمُهُ الرَّبُّ الْقَدِيرُ.
الدمار المقبل
17اجْمَعِي مِنَ الأَرْضِ
حِزَمَكِ أَيَّتُهَا الْمُقِيمَةُ تَحْتَ الْحِصَارِ. 18لأَنَّ هَذَا مَا
يُعْلِنُهُ الرَّبُّ: «هَا أَنَا أَقْذِفُ بِمِقْلاَعٍ سُكَّانَ الأَرْضِ
فِي هَذِهِ الْمَرَّةِ، وَأُعَرِّضُهُمْ لِلضِّيقِ حَتَّى يَعْرِفُوا
مُعَانَاتَهُ». 19وَيْلٌ لِي مِنْ أَجْلِ انْسِحَاقِي، فَجُرْحِي لاَ
شِفَاءَ مِنْهُ، وَلَكِنِّي قُلْتُ: «حَقّاً هَذِهِ بَلِيَّةٌ وَعَلَيَّ
أَنْ أَتَحَمَّلَهَا». 20قَدْ تَهَدَّمَ خِبَائِي وَتَقَطَّعَتْ
أَطْنَابِي، وَهَجَرَنِي أَبْنَائِي وَلَمْ يَعُدْ لَهُمْ وُجُودٌ. لَيْسَ
مَنْ يُقِيمُ خِبَائِي ثَانِيَةً وَيَبْسُطُ سُجُوفِي. 21فَرُعَاةُ شَعْبِي
بُلَدَاءُ لَمْ يَلْتَمِسُوا الرَّبَّ، لِذَلِكَ لَمْ يُفْلِحُوا
وَتَشَتَّتَتْ جَمِيعُ رَعِيَّتِهِمْ. 22اسْمَعُوا، هَا أَخْبَارٌ
تَتَوَاتَرُ عَنْ جَيْشٍ عَظِيمٍ مُقْبِلٍ مِنَ الشِّمَالِ لِيُحَوِّلَ
مُدُنَ يَهُوذَا إِلَى خَرَائِبَ وَمَأْوَى لِبَنَاتِ آوَى.
عجز الإِنسان
23أَدْرَكْتُ يَارَبُّ أَنَّ
الإِنْسَانَ لاَ يَمْلِكُ زِمَامَ طَرِيقِهِ، وَلَيْسَ فِي وُسْعِ
الإِنْسَانِ أَنْ يُوَجِّهَ خُطَى نَفْسِهِ. 24قَوِّمْنِي يَارَبُّ
بِحَقِّكَ لاَ بِغَضَبِكَ، لِئَلاَّ تُلاَشِيَنِي. 25لِيَنْصَبَّ سُخْطُكَ
عَلَى الأُمَمِ الَّتِي لَمْ تَعْرِفْكَ، وَعَلَى الشُّعُوبِ الَّتِي لاَ
تَدْعُو بِاسْمِكَ، لأَنَّهُمْ قَدِ افْتَرَسُوا ذُرِّيَّةَ يَعْقُوبَ
وَالْتَهَمُوهَا وَخَرَّبُوا مَسْكِنَهَا.
فصل
11
نقض العهد
هَذِهِ هِيَ النُّبُوءَةُ
الَّتِي أَوْحَى بِهَا الرَّبُّ لإِرْمِيَا: 2«اسْتَمِعْ كَلاَمَ هَذَا
الْعَهْدِ وَخَاطِبْ رِجَالَ يَهُوذَا وَأَهْلَ أُورُشَلِيمَ، 3وَقُلْ
لَهُمْ: هَذَا مَا يُعْلِنُهُ الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ: مَلْعُونٌ
الَّذِي لاَ يَسْمَعُ كَلِمَاتِ هَذَا الْعَهْدِ، 4الَّذِي أَوْصَيْتُ بِهِ
آبَاءَكُمْ حِينَ أَخْرَجْتُهُمْ مِنْ مِصْرَ مِنْ كُورِ الْحَدِيدِ
قَائِلاً: اسْتَمِعُوا إِلَى صَوْتِي وَاعْمَلُوا بِمُقْتَضَى مَا
أَمَرْتُكُمْ بِهِ، فَتَكُونُوا لِي شَعْباً وَأَنَا أَكُونُ لَكُمْ
إِلَهاً، 5فَأَفِي بِالْقَسَمِ الَّذِي أَقْسَمْتُ بِهِ لِآبَائِكُمْ أَنْ
أَهَبَهُمْ أَرْضاً تَفِيضُ لَبَناً وَعَسَلاً، كَمَا فِي هَذَا
الْيَوْمِ». فَأَجَبْتُ قَائِلاً: «آمِينَ يَارَبُّ». 6ثُمَّ قَالَ لِيَ
الرَّبُّ: «أَذِعْ كُلَّ هَذَا الْكَلاَمِ فِي مُدُنِ يَهُوذَا وَفِي
شَوَارِعِ أُورُشَلِيمَ: اسْمَعُوا كَلِمَاتِ هَذَا الْعَهْدِ وَاعْمَلُوا
بِهَا. 7فَإِنِّي مُنْذُ أَنْ أَخْرَجْتُ آبَاءَكُمْ مِنْ مِصْرَ حَتَّى
هَذَا الْيَوْمِ، أَشْهَدْتُ عَلَيْهِمِ الْمَرَّةَ تِلْوَ الأُخْرَى
قَائِلاً: أَطِيعُوا صَوْتِي. 8لَكِنَّهُمْ لَمْ يُطِيعُوا وَلَمْ
يَسْمَعُوا، إِنَّمَا سَلَكَ كُلُّ وَاحِدٍ بِمُوْجِبِ عِنَادِ قَلْبِهِ
الشِّرِّيرِ. فَأَجْرَيْتُ عَلَيْهِمْ كُلَّ كَلاَمِ هَذَا الْعَهْدِ
الَّذِي أَمَرْتُهُمْ بِهِ وَلَمْ يُنَفِّذُوهُ».
9ثُمَّ خَاطَبَنِي الرَّبُّ:
«قَدْ شَاعَتْ فِتْنَةٌ بَيْنَ رِجَالِ يَهُوذَا وَأَهْلِ أُورُشَلِيمَ.
10فَقَدِ ارْتَدُّوا إِلَى آثَامِ أَسْلاَفِهِمِ الَّذِينَ أَبَوْا
الاسْتِمَاعَ إِلَى كَلِمَاتِي، ضَلُّوا وَرَاءَ الأَصْنَامِ
لِيَعْبُدُوهَا، وَقَدْ نَكَثَ شَعْبُ إِسْرَائِيلَ وَشَعْبُ يَهُوذَا
عَهْدِي الَّذِي أَبْرَمْتُهُ مَعَ آبَائِهِمْ.
عواقب الخيانة
11لِذَلِكَ هَا أَنَا
أُنْزِلُ بِهِمْ شَرّاً لَنْ يُفْلِتُوا مِنْهُ، فَيَسْتَغِيثُونَ بِي
فََلاَ أَسْتَجِيبُ لَهُمْ. 12فَيَلْجَأُ سُكَّانُ مُدُنِ يَهُوذَا
وَأَهْلُ أُورُشَلِيمَ إِلَى الأَصْنَامِ الَّتِي أَحْرَقُوا لَهَا
الْبَخُورَ لِيَسْتَغِيثُوا بِهَا، وَلَكِنَّهَا لَنْ تُغِيثَهُمْ فِي
سَاعَةِ الْمِحْنَةِ. 13صَارَ عَدَدُ آلِهَتِكَ يَايَهُوذَا كَعَدَدِ
مُدُنِكَ، وَأَضْحَتْ مَذَابِحُكَ الَّتِي نَصَبْتَهَا لِلْخِزْيِ
وَلإِصْعَادِ الْبَخُورِ لِبَعْلَ بِعَدَدِ شَوَارِعِ أُورُشَلِيمَ.
14فَلاَ تَبْتَهِلَنَّ مِنْ أَجْلِ هَذَا الشَّعْبِ، وَلاَ تَرْفَعَنَّ
لأَجْلِهِمْ دُعَاءً وَلاَ صَلاَةً، فَإِنِّي لَنْ أَسْمَعَ لَهُمْ وَقْتَ
اسْتِغَاثَتِهِمْ بِي مِنْ مِحْنَتِهِمْ.
15أَيُّ حَقٍّ لِحَبِيبَتِي
فِي بَيْتِي بَعْدَ أَنِ ارْتَكَبَتِ الْمُوبِقَاتِ الْكَثِيرَةَ؟
أَيُمْكِنُ لِلَحْمِ الذَّبَائِحِ الْمُقَدَّسِ أَنْ يَصْرِفَ عَنْكِ
عِقَابَكِ؟ عِنْدَمَا تَنْغَمِسِينَ فِي شَرِّكِ آنَئِذٍ تَبْتَهِجِينَ».
16قَدْ دَعَاكِ الرَّبُّ مَرَّةً زَيْتُونَةً خَضْرَاءَ ذَاتَ ثَمَرٍ
بَهِيجِ الْمَنْظَرِ. أَمَّا الآنَ فَبِزَمْجَرةٍ عَاصِفَةٍ رَهِيبَةٍ
يُضْرِمُ فِيهَا نَاراً تَلْتَهِمُ أَغْصَانَهَا. 17إِنَّ الرَّبَّ
الْقَدِيرَ الَّذِي غَرَسَكِ قَدْ قَضَى بِالشَّرِّ عَلَيْكِ عِقَاباً
لِمَا ارْتَكَبَهُ شَعْبُ إِسْرَائِيلَ وَشَعْبُ يَهُوذَا مِنْ إِثْمٍ،
فَأَثَارُوا غَيْظِي بِإِحْرَاقِ الْبَخُورِ لِلْبَعْلِ.
حتمية الدينونة
18وَقَدْ أَطْلَعَنِي
الرَّبُّ عَلَى ذَلِكَ فَعَرَفْتُ؛ ثُمَّ أَرَيْتَنِي أَعْمَالَهُمُ
الْمُنْكَرَةَ. 19وَلَكِنِّي كُنْتُ كَحَمَلٍ أَلِيفٍ يُسَاقُ إِلَى
الذَّبْحِ، لَمْ أُدْرِكْ أَنَّهُمْ يَتَآمَرُونَ عَلَيَّ قَائِلِينَ:
«لِنُتْلِفِ الشَّجَرَةَ وَثِمَارَهَا، وَلْنَسْتَأْصِلْهُ مِنْ أَرْضِ
الأَحْيَاءِ فَيَنْدَثِرَ اسْمُهُ إِلَى الأَبَدِ. 20وَلَكِنْ أَيُّهَا
الرَّبُّ الْقَدِيرُ، الْقَاضِي بِالإِنْصَافِ، الْفَاحِصُ الْقُلُوبِ
وَالنَّوَايَا، دَعْنِي أَشْهَدُ انْتِقَامَكَ مِنْهُمْ لأَنِّي إِلَيْكَ
رَفَعْتُ دَعْوَايَ. 21«لِذَلِكَ، هَكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ عَنْ رِجَالِ
عَنَاثُوثَ الَّذِينَ يَلْتَمِسُونَ نَفْسَكَ قَائِلِينَ: لاَ تَتَنَبَّأْ
بِاسْمِ الرَّبِّ لِئَلاَّ تَمُوتَ بِأَيْدِينَا. 22لِهَذَا يُعْلِنُ
الرَّبُّ الْقَدِيرُ: هَا أَنَا أُعَاقِبُهُمْ فَيَمُوتُ شَبَابُهُمْ
بِحَدِّ السَّيْفِ، وَيَهْلِكُ أَبْنَاؤُهُمْ وَبَنَاتُهُمْ جُوْعاً.
23وَلاَ تُفْلِتُ مِنْهُمْ بَقِيَّةٌ، لأَنِّي فِي سَنَةِ عِقَابِهِمْ
أَجْلِبُ شَرّاً عَلَى رِجَالِ عَنَاثُوثَ».
فصل
12
شكوى إرميا
أَنْتَ دَائِماً عَادِلٌ
حِينَ أَعْرِضُ عَلَيْكَ دَعْوَايَ، وَلَكِنْ دَعْنِي أُحَدِّثُكَ بِشَأْنِ
أَحْكَامِكَ: لِمَاذَا تُفْلِحُ طَرِيقُ الأَشْرَارِ؟ وَلِمَاذَا
يَتَمَتَّعُ الْغَادِرُونَ بِالْعَيْشِ الرَّغِيدِ؟ 2أَنْتَ غَرَسْتَهُمْ
فَتَأَصَّلُوا وَنَمَوْا وَأَثْمَرُوا. اسْمُكَ يَتَرَدَّدُ عَلَى
أَفْوَاهِهِمْ، وَلَكِنَّهُ بَعِيدٌ عَنْ قُلُوبِهِمْ. 3أَنْتَ قَدْ
عَرَفْتَنِي وَرَأَيْتَنِي وَامْتَحَنْتَ قَلْبِي مِنْ نَحْوِكَ.
افْرِزْهُمْ كَغَنَمٍ لِلذَّبْحِ وَاعْزِلْهُمْ لِيَوْمِ النَّحْرِ. 4إِلَى
مَتَى تَظَلُّ الأَرْضُ نَائِحَةً وَعُشْبُ كُلِّ حَقْلٍ ذَاوِياً؟
هَلَكَتِ الْبَهَائِمُ وَالطُّيُورُ مِنْ شَرِّ السَّاكِنِينَ فِيهَا
الْقَائِلِينَ: «إِنَّهُ لَنْ يَرَى خَاتِمَةَ مَصِيرِنَا».
جواب الله
5«إِنْ كُنْتَ قَدْ
بَارَيْتَ الْمُشَاةَ فَأَعْيَوْكَ، فَكَيْفَ إِذاً تُبَارِي الْخَيْلَ؟
وَإِنْ كُنْتَ تَتَعَثَّرُ فِي أَرْضٍ مُطْمَئِنَّةٍ، فَكَيْفَ تَفْعَلُ
فِي أَجَمَاتِ نَهْرِ الأُرْدُنِّ؟ 6حَتَّى إِخْوَتُكَ وَأَفْرَادُ
أُسْرَتِكَ قَدْ تَنَكَّرُوا لَكَ، وَدَعَوْا عَلَيْكَ وَرَاءَكَ بِمِلْءِ
أَفْوَاهِهِمْ. لاَ تَأْتَمِنْهُمْ، وَإِنْ خَاطَبُوكَ بِأَلْفَاظٍ
مَعْسُولَةٍ.
7قَدْ نَبَذْتُ هَيْكَلِي
وَهَجَرْتُ مِيرَاثِي، وَسَلَّمْتُ حَبِيبَةَ نَفْسِي إِلَى أَيْدِي
أَعْدَائِهَا. 8قَدْ زَمْجَرَ عَلَيَّ شَعْبِي كَأَسَدٍ فِي غَابَةٍ.
رَفَعَ عَلَيَّ صَوْتَهُ، لِهَذَا مَقَتُّهُ. 9هَلْ صَارَ شَعْبِي لِي
كَطَيْرٍ جَارِحٍ مُنْقَضٍّ؟ وَهَلْ تَأَلَّبَتْ عَلَيْهِ الْجَوَارِحُ
مِنْ كُلِّ جِهَةٍ؟ هَلُمَّ احْشُدْ جَمِيعَ وُحُوشِ الْبَرِّ، وَادْعُهَا
لِلأَكْلِ. 10قَدْ أَتْلَفَ رُعَاةٌ كَثِيرُونَ كَرْمِي، وَدَاسُوا
نَصِيبِي الشَّهِيَّ وَجَعَلُوهُ بَرِّيَّةً جَرْدَاءَ. 11جَعَلُوهُ
خَرَاباً، وَفِي خَرَابِهِ يَنُوحُ عَلَيَّ. أَصْبَحَتِ الأَرْضُ كُلُّهَا
قَفْراً، لأَنَّهُ لاَ يُوْجَدُ إِنْسَانٌ وَاحِدٌ يَحْفِلُ بِهَا. 12قَدْ
أَقْبَلَ الْمُدَمِّرُونَ وَانْتَشَرُوا عَلَى جَمِيعِ الْمُرْتَفَعَاتِ
فِي الْبَرِّيَّةِ، لأَنَّ سَيْفَ الرَّبِّ يَلْتَهِمُ مِنْ أَقْصَى
الأَرْضِ إِلَى أَقْصَاهَا، فَلاَ يَنْعَمُ أَحَدٌ مِنَ الْبَشَرِ
بِالسَّلاَمِ. 13زَرَعَ شَعْبِي حِنْطَةً وَحَصَدَ شَوْكاً. أَعْيَوْا
أَنْفُسَهُمْ وَلَكِنْ مِنْ غَيْرِ جَدْوَى، لِذَلِكَ يَعْتَرِيهِمِ
الْخِزْيُ مِنْ قِلَّةِ غَلاَّتِ مَحْصُولِهِمْ لِفَرْطِ احْتِدَامِ غَضَبِ
الرَّبِّ».
دينونة الأمم الشديدة
14وَهَذَا مَا يُعْلِنُهُ
الرَّبُّ عَنْ جَمِيعِ جِيرَانِي الأَشْرَارِ الَّذِينَ يَمَسُّونَ
الْمِيرَاثَ الَّذِي وَرَّثْتُهُ لِشَعْبِي إِسْرَائِيلَ: «هَا أَنَا
أَقْتَلِعُهُمْ مِنْ أَرْضِهِمْ كَمَا أَقْتَلِعُ أَيْضاً شَعْبَ يَهُوذَا
مِنْ وَسَطِهِمْ. 15وَلَكِنْ بَعْدَ أَنْ أَسْتَأْصِلَهُمْ، أَتَرََّأفُ
عَلَيْهِمْ، وَأُعِيدُهُمْ كُلَّ وَاحِدٍ إِلَى مِيرَاثِهِ وَإِلَى
أَرْضِهِ. 16فَإِنْ تَلَقَّنَتِ الأُمَمُ طُرُقَ شَعْبِي بِاسْمِي،
قَائِلِينَ: «حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ»، كَمَا عَلَّمُوا شَعْبِي أَنْ
يَحْلِفُوا بِالْبَعْلِ، فَإِنَّهُمْ يَنْمُونَ وَسَطَ شَعْبِي. 17وَلَكِنْ
إِنْ رَفَضَتْ أَيَّةُ أُمَّةٍ الاسْتِمَاعَ، فَإِنِّي أَسْتَأْصِلُهَا
وَأَقْتَلِعُهَا وَأُدَمِّرُهَا»، يَقُولُ الرَّبُّ.
فصل
13
مثل المنطقة
ثُمَّ قَالَ الرَّبُّ لِي:
«امْضِ وَاشْتَرِ لِنَفْسِكَ مِنْطَقَةً مِنْ كَتَّانٍ وَلُفَّهَا حَوْلَ
حَقْوَيْكَ، وَلاَ تَضَعْهَا فِي الْمَاءِ». 2فَاشْتَرَيْتُ مِنْطَقَةً
كَأَمْرِ الرَّبِّ وَلَفَفْتُهَا حَوْلَ حَقْوَيَّ، 3ثُمَّ كَلَّمَنِي
الرَّبُّ ثَانِيَةً 4«خُذِ الْمِنْطَقَةَ الَّتِي اشْتَرَيْتَهَا،
الْمَلْفُوفَةَ حَوْلَ حَقْوَيْكَ، وَاذْهَبْ إِلَى نَهْرِ الْفُرَاتِ،
وَاطْمِرْهَا فِي شَقِّ صَخْرٍ». 5فَانْطَلَقْتُ وَطَمَرْتُهَا عِنْدَ
الْفُرَاتِ كَأَمْرِ الرَّبِّ. 6وَبَعْدَ عِدَّةِ أَيَّامٍ قَالَ لِيَ
الرَّبُّ: «اذْهَبْ إِلَى الْفُرَاتِ وَخُذِ الْمِنْطَقَةَ الَّتِي
أَمَرْتُكَ أَنْ تَطْمِرَهَا هُنَاكَ». 7فَقَصَدْتُ إِلَى الْفُرَاتِ
وَحَفَرْتُ الْمَوْضِعَ وَأَخَذْتُ الْمِنْطَقَةَ مِنْ حَيْثُ طَمَرْتُهَا،
وَإِذَا بِهَا قَدْ تَلِفَتْ وَلَمْ تَعُدْ تَصْلُحُ لِشَيْءٍ. 8فَأَوْحَى
إِلَيَّ الرَّبُّ بِكَلِمَتِهِ. 9«هَكَذَا سَأُحَطِّمُ كِبْرِيَاءَ
يَهُوذَا وَكِبْرِيَاءَ أُورُشَلِيمَ الْعَظِيمَةِ. 10إِنَّ هَذَا
الشَّعْبَ الشِّرِّيرَ الَّذِي أَبَى أَنْ يَسْتَمِعَ إِلَى كَلِمَتِي،
وَانْسَاقَ بِعِنَادٍ خَلْفَ أَهْوَاءِ قَلْبِهِ، وَضَلَّ وَرَاءَ
الأَصْنَامِ لِيَسْجُدَ لَهَا وَيَعْبُدَهَا، سَيُصْبِحُ مِثْلَ هَذِهِ
الْمِنْطَقَةِ. 11وَكَمَا أَنَّ الْمِنْطَقَةَ تَلْتَفُّ حَوْلَ حَقْوَيِ
الإِنْسَانِ، هَكَذَا جَعَلْتُ كُلَّ ذُرِّيَّةِ يَهُوذَا تَلْتَفُّ
حَوْلِي، لِيَكُونُوا لِي شَعْباً وَمَثَارَ شُهْرَةٍ وَفَخْرٍ وَمَجْدٍ.
وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا».
مثل الزق
12لِذَلِكَ قُلْ لَهُمْ:
«هَذَا مَا يُعْلِنُهُ الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ: كُلُّ زِقٍّ
يَمْتَلِيءُ خَمْراً، فَيُجِيبُونَكَ: أَلَسْنَا نَعْرِفُ أَنَّ كُلَّ
زِقٍّ يَمْتَلِيءُ خَمْراً؟» 13فَتَقُولُ لَهُمْ، «هَذَا مَا يُعْلِنُهُ
الرَّبُّ: هَا أَنَا أَمْلَأُ بِالسُّكْرِ جَمِيعَ سُكَّانِ هَذِهِ
الأَرْضِ وَالْمُلُوكَ مِنْ ذُرِّيَّةِ دَاوُدَ الْجَالِسِينَ عَلَى
عَرْشِهِ، وَالْكَهَنَةَ، وَالأَنْبِيَاءَ وَكُلَّ أَهْلِ أُورُشَلِيمَ.
14وَأُهَشِّمُهُمُ الْوَاحِدَ فَوْقَ الآخَرِ، الآبَاءَ وَالأَبْنَاءَ
مَعاً، يَقُولُ الرَّبُّ. لاَ أُشْفِقُ وَلاَ أَتَرََّأفُ وَلاَ أَرْحَمُ،
بَلْ أُهْلِكُهُمْ».
التهديد بالسبي
15فَاسْمَعُوا وَاصْغَوْا
وَلاَ تَسْتَكْبِرُوا، لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ تَكَلَّمَ. 16مَجِّدُوا
الرَّبَّ إِلَهَكُمْ قَبْلَ أَنْ يَجْعَلَ الظَّلاَمَ يُخَيِّمُ
عَلَيْكُمْ، وَقَبْلَ أَنْ تَتَعَثَّرَ أَقْدَامُكُمْ عَلَى الْجِبَالِ
الْمُعْتِمَةِ. أَنْتُمْ تَرْتَقِبُونَ النُّورَ وَلَكِنَّهُ يُحَوِّلُهُ
إِلَى ظَلاَمِ الْمَوْتِ وَيَجْعَلُهُ لَيْلاً دَامِساً. 17وَإِنْ لَمْ
تُنْصِتُوا فَإِنَّ نَفْسِي تَبْكِي فِي الْخَفَاءِ مِنْ أَجْلِ
كِبْرِيَائِكُمْ، وَتَذْرِفُ عَيْنَايَ الدُّمُوعَ الْمَرِيرَةَ، فَتَسِيلُ
الْعَبَراتُ لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ سَبَى شَعْبَهُ. 18قُلْ لِلْمَلِكِ
وَلِلْمَلِكَةِ: «تَوَاضَعَا، وَتَنَازَلاَ عَنْ مَوْضِعِكُمَا لأَنَّ
تَاجَ مَجْدِكُمَا قَدْ سَقَطَ عَنْ رَأْسَيْكُمَا». 19قَدْ أُغْلِقَتْ
مُدُنُ النَّقَبِ وَلَيْسَ مَنْ يَفْتَحُهَا. سُبِيَ أَهْلُ يَهُوذَا
بِجُمْلَتِهِمْ. سُبُوا جَمِيعاً وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ.
20ارْفَعُوا عُيُونَكُمْ وَشَاهِدُوا الْمُقْبِلِينَ مِنَ الشِّمَالِ.
أَيْنَ الْقَطِيعُ الَّذِي عُهِدَ بِهِ إِلَيْكِ يَاأُورُشَلِيمُ؟ أَيْنَ
قَطِيعُ افْتِخَارِكِ؟ 21مَاذَا تَقُولِينَ حِينَ يُقِيمُ الرَّبُّ
عَلَيْكِ رُؤَسَاءَ أُولَئِكَ الَّذِينَ عَلَّمْتِهِمْ أَنْ يَكُونُوا لَكِ
أَحْلاَفاً؟ أَفَلاَ تَنْتَابُكِ الأَوْجَاعُ كَامْرَأَةٍ مَاخِضٍ؟
22وَإِنْ تَسَاءَلْتِ فِي
نَفْسِكِ: «لِمَاذَا ابْتُلِيتُ بِهَذِهِ الأُمُورِ؟» إِنَّهَا عَاقِبَةُ
كَثْرَةِ آثَامِكِ. قَدْ هُتِكَتْ أَذْيَالُكِ، وَاغْتُصِبَ جَسَدُكِ.
23هَلْ يُمْكِنُ لِلإِثْيُوبِيِّ أَنْ يُغَيِّرَ جِلْدَهُ، أَوْ لِلنَّمِرِ
رُقَطَهُ؟ كَذَلِكَ أَنْتُمْ لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَصْنَعُوا خَيْراً
بَعْدَ أَنْ أَلِفْتُمُ ارْتِكَابَ الشَّرِّ. 24«سَأُبَدِّدُكُمْ
كَالْعُصَافَةِ الَّتِي تُذَرِّيهَا رِيحُ الْبَرِّيَّةِ. 25هَذِهِ
قُرْعَتُكِ، النَّصِيبُ الَّذِي كِلْتُهُ لَكِ»، يَقُولُ الرَّبُّ،
«لأَنَّكِ نَسِيتِنِي وَاتَّكَلْتِ عَلَى الْكَذِبِ. 26فَأَنَا أَيْضاً
أَرْفَعُ أَذْيَالَكِ عَلَى وَجْهِكِ لِيَنْكَشِفَ عَارُكِ. 27قَدْ
شَهِدْتُ عَلَى التِّلاَلِ فِي الْحُقُولِ فِسْقَكِ وَحَمْحَمَةَ فُجُورِكِ
وَعَهْرَ زِنَاكِ. وَيْلٌ لَكِ يَاأُورُشَلِيمُ. إِلَى مَتَى تَظَلِّينَ
غَيْرَ طَاهِرَةٍ؟»
فصل
14
القحط والجوع والسيف
هَذِهِ كَلِمَةُ الرَّبِّ
الَّتِي أَوْحَى بِهَا إِلَى إرْمِيَا بِشَأْنِ الْقَحْطِ: 2«أَرْضُ
يَهُوذَا تَنُوحُ وَأَبْوَابُهَا وَاهِيَةٌ. أَهْلُهَا يَنْدُبُونَ
مَطْرُوحِينَ إِلَى الأَرْضِ، وَعَوِيلُ أُورُشَلِيمَ قَدْ صَعِدَ إِلَى
الْعُلَى. 3أَرْسَلَ أَشْرَافُهُمْ خُدَّامَهُمْ لِيَحْمِلُوا إِلَيْهِمِ
الْمَاءَ، فَأَقْبَلُوا إِلَى الْجِبَابِ وَإِذَا بِهَا فَارِغَةٌ مِنَ
الْمَاءِ، فَرَجَعُوا بِجِرَارٍ خَاوِيَةٍ وَقَدِ اعْتَرَاهُمُ الْخِزْيُ
وَالْخَجَلُ وَغَطَّوْا رُؤُوسَهُمْ. 4خَزِيَ الْفَلاَحُونَ وَغَطَّوْا
رُؤُوسَهُمْ لأَنَّ الأَرْضَ قَدْ تَشَقَّقَتْ لاِنْقِطَاعِ الْمَطَرِ
عَنْهَا. 5حَتَّى الإِيَّلُ فِي الصَّحْرَاءِ قَدْ هَجَرَتْ وَلِيدَهَا
لِتَعَذُّرِ وُجُودِ الْكََلَإِ. 6وَقَفَتِ الْفِرَاءُ عَلَى الرَّوَابِي
وَتَنَسَّمَتِ الرِّيحَ كَبَنَاتِ آوَى فَكَلَّتْ عُيُونُهَا لِعَدَمِ
وُجُودِ الْعُشْبِ».
7وَإِنْ تَكُنْ آثَامُنَا
تَشْهَدُ عَلَيْنَا يَارَبُّ، فَلأَجْلِ اسْمِكَ خَلِّصْنَا، لأَنَّ
مَعَاصِينَا كَثُرَتْ وَقَدْ أَخْطَأْنَا إِلَيْكَ. 8يَارَجَاءَ
إِسْرَائِيلَ وَمُخَلِّصَهُ فِي وَقْتِ الضِّيقِ، لِمَاذَا تَكُونُ
كَغَرِيبٍ فِي الأَرْضِ، وَكَعَابِرِ سَبِيلٍ يَمِيلُ لِيَبِيتَ ثُمَّ
يَمْضِي؟ 9لِمَاذَا تَكُونُ كَالرَّجُلِ الْمُتَحَيِّرِ وكَجَبَّارٍ
يَعْجِزُ عَنِ الْخَلاَصِ؟ وَأَنْتَ يَارَبُّ قَائِمٌ فِي وَسْطِنَا،
وَبِاسْمِكَ دُعِينَا، فَلاَ تَتْرُكْنَا.
10وَهَذَا مَا يُعْلِنُهُ
الرَّبُّ لِهَذَا الشَّعْبِ: «لَشَدَّ مَا أَحَبُّوا التَّجَوُّلَ وَلَمْ
يَمْتَنِعُوا عَنِ الشَّرِّ، لِذَلِكَ لاَ يَقْبَلُهُمُ اللهُ . وَالآنَ
يَذْكُرُ إِثْمَهُمْ وَيُعَاقِبُ خَطَايَاهُمْ». 11وَقَالَ لِيَ الرَّبُّ:
«لاَ تُصَلِّ لِخَيْرِ الشَّعْبِ. 12وَإِنْ صَامُوا فَلَنْ أَسْتَجِيبَ
إِلَى صُرَاخِهِمْ، وَإِنْ قَرَّبُوا مُحْرَقَاتٍ وَتَقْدِمَاتِ دَقِيقٍ
فَلَنْ أَتَقَبَّلَهَا، وَلَكِنِّي أُفْنِيهِمْ بِالسَّيْفِ وَالْمَجَاعَةِ
وَالْوَبَاءِ».
الأنبياء الكذبة المنادون
بالسلام
13ثُمَّ قُلْتُ: «آهِ
أَيُّهَا السَّيِّدُ الرَّبُّ، هَا الأَنْبِيَاءُ الْكَذَبَةُ يَقُولُونَ
لَهُمْ: لَنْ تَتَعَرَّضُوا لِلسَّيْفِ وَلاَ لِلْجُوعِ، بَلْ أُنْعِمُ
عَلَيْكُمْ بِسَلاَمٍ مُحَقَّقٍ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ». 14وَقَالَ لِيَ
الرَّبُّ: «إِنَّ الأَنْبِيَاءَ يَتَنَبَّأُونَ زُوراً بِاسْمِي وَأَنَا
لَمْ أُرْسِلْهُمْ وَلَمْ آمُرْهُمْ، وَلَمْ أُكَلِّمْهُمْ، إِنَّمَا هُمْ
يَتَنَبَّأُونَ لَكُمْ بِرُؤْيَا كَاذِبَةٍ وَعِرَافَةٍ بَاطِلَةٍ
مُسْتَوْحَاةٍ مِنْ ضَلاَلِ قُلُوبِهِمْ.
15لِذَلِكَ هَكَذَا يَقُولُ
الرَّبُّ عَنْ هَؤُلاَءِ الأَنْبِيَاءِ الْمُتَنَبِّئِينَ بِاسْمِي: مَعَ
أَنِّي لَمْ أُرْسِلْهُمْ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ: لَنْ تُبْتَلَى هَذِهِ
الأَرْضُ بِسَيْفٍ وَلاَ مَجَاعَةٍ، لِهَذَا فَإِنَّ هَوُلاَءِ
الأَنْبِيَاءَ يَفْنَوْنَ بِالسَّيْفِ وَالْمَجَاعَةِ. 16وَيَغْدُو
الشَّعْبُ الَّذِي يَتَنَبَّأُونَ لَهُ، مَطْرُوحاً صَرِيعاً فِي شَوَارِعِ
أُورُشَلِيمَ فَرِيسَةَ الْجُوعِ وَالسَّيْفِ، وَلَيْسَ مَنْ يَدْفِنُهُمْ
هُمْ وَنِسَاءَهُمْ وَأَبْنَاءَهُمْ وَبَنَاتِهِمْ، وَأَصُبُّ شَرَّهُمْ
عَلَيْهِمْ». 17وَقُلْ لَهُمْ هَذَا الْكَلاَمَ: «لِتَذْرِفْ عَيْنَايَ
دُمُوعاً لَيْلاً وَنَهَاراً، وَلاَ تَكُفَّا أَبَداً لأَنَّ أُورُشَلِيمَ
سُحِقَتْ سَحْقاً عَظِيماً بِضَرْبَةٍ أَلِيمَةٍ جِدّاً. 18إِنْ خَرَجْتُ
إِلَى الْحُقُولِ أَشْهَدُ قَتْلَى السَّيْفِ، وَإِنْ دَخَلْتُ
الْمَدِينَةَ أَرَى ضَحَايَا الْمَجَاعَةِ. وَهَا النَّبِيُّ وَالْكَاهِنُ
كِلاَهُمَا يَذْهَبَانِ إِلَى أَرْضٍ لاَ يَعْرِفَانِهَا». 19هَلْ
تَنَكَّرْتَ لِيَهُوذَا كُلَّ التَّنَكُّرِ؟ وَهَلْ كَرِهَتْ نَفْسُكَ
صِهْيَوْنَ؟ مَا بَالُكَ قَدِ ابْتَلَيْتَنَا بِضَرْبَةٍ لاَ شِفَاءَ
مِنْهَا؟ وقَدْ طَلَبْنَا السَّلاَمَ فَلَمْ نَحْظَ بِالْخَيْرِ. رَجَوْنَا
وَقْتَ الشِّفَاءِ وَإِذَا بِنَا نَلْقَى الرُّعْبَ. 20نَحْنُ نُقِرُّ
بِشَرِّنَا يَارَبُّ وَبِآثَامِ آبَائِنَا، لأَنَّنَا قَدْ أَخْطَأْنَا
إِلَيْكَ. 21لاَ تَرْفُضْنَا مِنْ أَجْلِ اسْمِكَ وَلاَ تَهِنْ عَرْشَكَ
الْمَجِيدَ. اذْكُرْ عَهْدَكَ مَعَنَا وَلاَ تَنْقُضْهُ. 22هَلْ بَيْنَ
أَصْنَامِ الأُمَمِ الْبَاطِلَةِ مَنْ يَمْطُرُ؟ أَوْ هَلْ تَسْكُبُ
السَّمَوَاتُ بِنَفْسِهَا وَابِلَ الْغَيْثِ؟ أَلَسْتَ أَنْتَ الرَّبَّ
إِلَهَنَا؟ إِنَّنَا إِيَّاكَ نَرْجُو لأَنَّكَ أَنْتَ صَنَعْتَ هَذِهِ
جَمِيعَهَا.
فصل
15
حتمية الدينونة
ثُمَّ قَالَ لِيَ الرَّبُّ:
«وحَتَّى لَوْ مَثَلَ مُوسَى وَصَمُوئِيلُ أَمَامِي، مِنْ أَجْلِ الشَّعْبِ
فَإِنَّ قَلْبِي لَنْ يَلْتَفِتَ إِلَى هَذَا الشَّعْبِ. اطْرَحْهُمْ مِنْ
مَحْضَرِي فَيَخْرُجُوا. 2وَعِنْدَمَا يَسْأَلُونَكَ: إِلَى أَيْنَ
نَذْهَبُ؟ أَجِبْهُمْ: هَذَا مَا يُعْلِنُهُ الرَّبُّ: مَنْ هُوَ
لِلْوَبَأِ فَبِالْوَبَأِ يَمُوتُ، وَمَنْ هُوَ لِلسَّيْفِ فَبِالسَّيْفِ
يُقْتَلُ، وَمَنْ هُوَ لِلْمَجَاعَةِ فَبِالْمَجَاعَةِ يَفْنَى، وَمَنْ
هُوَ لِلسَّبْيِ فَإِلَى السَّبْيِ يَذْهَبُ. 3وَأَعْهَدُ بِهِمْ إِلَى
أَرْبَعَةِ أَصْنَافٍ مِنَ الْخَرَابِ يَقُولُ الرَّبُّ: السَّيْفِ
لِلذَّبْحِ، وَالْكِلاَبِ لِلتَّمْزِيقِ، وَطُيُورِ السَّمَاءِ وَوُحُوشِ
الأَرْضِ لِلاِفْتِرَاسِ وَالإِهْلاَكِ. 4وَأَجْعَلُهُمْ مَثَارَ رُعْبِ
أُمَمِ الأَرْضِ نَتِيجَةً لِمَا ارْتَكَبَهُ مَنَسَّى بْنُ حَزَقِيَّا فِي
أُورُشَلِيمُ. 5فَمَنْ يَعْطِفُ عَلَيْكِ يَاأُورُشَلِيمُ، وَمَنْ يَرْثِي
لَكِ؟ مَنْ يَتَوَقَّفُ لِيَسْأَلَ عَنْ سَلاَمَتِكِ؟ 6قَدْ رَفَضْتِنِي»
يَقُولُ الرَّبُّ، «وَوَاظَبْتِ عَلَى الارْتِدَادِ، لِذَلِكَ مَدَدْتُ
يَدِي ضِدَّكِ وَدَمَّرْتُكِ، إِذْ سَئِمْتُ مِنْ كَثْرَةِ الصَّفْحِ
عَنْكِ. 7وَأُذَرِّيهِمْ بِالْمِذْرَاةِ فِي أَبْوَابِ مُدُنِ الأَرْضِ؛
وَأُثْكِلُ وَأُهْلِكُ شَعْبِي لأَنَّهُمْ لَمْ يَرْجِعُوا عَنْ طُرُقِهِمِ
الأَثِيمَةِ. 8وَأَجْعَلُ عَدَدَ أَرَامِلِهِمْ أَكْثَرَ مِنْ عَدَدِ
رَمْلِ الْبَحْرِ، وَأَجْلِبُ فِي رَابِعَةِ النَّهَارِ مُهْلِكاً عَلَى
أُمَّهَاتِ الشُّبَّانِ، وَأُوْقِعُ عَلَيْهِمِ الرُّعْبَ وَالْهَوْلَ
بَغْتَةً. 9ذَبُلَتْ وَالِدَةُ السَّبْعَةِ الأَبْنَاءِ. أَسْلَمَتْ
رُوحَهَا وَغَرَبَتْ شَمْسُ حَيَاتِهَا وَالنَّهَارُ لَمْ يَغِبْ بَعْدُ.
لَحِقَ بِهَا الْخِزْيُ وَالْعَارُ. أَمَّا بَقِيَّتُهُمْ فَأَدْفَعُهُمْ
إِلَى حَدِّ السَّيْفِ أَمَامَ أَعْدَائِهِمْ»، يَقُولُ الرَّبُّ.
10وَيْلٌ لِي يَاأُمِّي
لأَنَّكِ أَنْجَبْتِنِي لأَكُونَ إِنْسَانَ خِصَامٍ وَرَجُلَ نِزَاعٍ
لِكُلِّ الأَرْضِ. لَمْ أَقْرِضْ وَلَمْ أَقْتَرِضْ. وَمَعَ ذَلِكَ كُلُّ
وَاحِدٍ يَلْعَنُنِي. 11دَعْهُمْ يَشْتِمُوا يَارَبُّ. أَلَمْ أَتَضَرَّعْ
إِلَيْكَ مِنْ أَجْلِ خَيْرِهِمْ؟ إِنِّي أَبْتَهِلُ إِلَيْكَ الآنَ مِنْ
أَجْلِ أَعْدَائِي فِي وَقْتِ الضِّيقِ وَالْمِحْنَةِ.
12«أَيُمْكِنُ لِلْمَرْءِ
أَنْ يَكْسِرَ حَدِيداً وَنُحَاساً مِنَ الشِّمَالِ؟ 13سَأَجْعَلُ
ثَرْوَتَكَ وَكُنُوزَكَ نَهْباً بِلاَ ثَمَنٍ بِسَبَبِ كُلِّ خَطَايَاكَ
فِي جَمِيعِ أَرْضِكَ. 14وَأُصَيِّرُكَ عَبْداً لأَعْدَائِكَ فِي أَرْضٍ
لاَ تَعْرِفُهَا، لأَنَّ نَاراً قَدِ
اضْطَرَمَتْ فِي
احْتِدَامِ غَضَبِي، سَوْفَ تُحْرِقُكُمْ».
إرميا يتحسر على نفسه
15يَارَبُّ، أَنْتَ
عَرَفْتَ. اذْكُرْنِي وَارْعَنِي وَانْتَقِمْ لِي مِنْ مُضْطَهِدِيَّ. لاَ
تَتَمَهَّلْ طَوِيلاً فِي الانْتِقَامِ لِي، فَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي مِنْ
أَجْلِكَ احْتَمَلْتُ التَّعْيِيرَ. 16حَالَمَا بَلَغَتْنِي كَلِمَاتُكَ
أَكَلْتُهَا فَأَصْبَحَتْ لِي بَهْجَةً وَمَسَرَّةً لِقَلْبِي، لأَنِّي
دُعِيتُ بِاسْمِكَ أَيُّهَا الرَّبُّ الإِلَهُ الْقَدِيرُ. 17لَمْ أَجْلِسْ
فِي مَجَالِسِ الْعَابِثِينَ، وَلَمْ أَشْتَرِكْ فِي
لَهْوِهِمْ.
اعْتَزَلْتُ وَحْدِي لأَنَّ يَدَكَ كَانَتْ عَلَيَّ، وَقَدْ مَلَأْتَنِي
سَخْطاً. 18لِمَاذَا لاَ يَنْقَطِعُ أَلَمِي، وَجُرْحِي لاَ يُشْفَى،
وَيَأْبَى الالْتِئَامَ؟ أَتَكُونُ لِي كَجَدْوَلٍ كَاذِبٍ أَوْ مِيَاهٍ
سَرِيعَةِ النُّضُوبِ؟
19لِذَلِكَ، هَكَذَا قَالَ
الرَّبُّ: «إِنْ رَجَعْتَ أَسْتَرِدَّكَ فَتَمْثُلَ أَمَامِي. إِنْ
نَطَقْتَ بِالْقَوْلِ السَّدِيدِ وَنَبَذْتَ الْكَلاَمَ الْغَثَّ،
أَجْعَلْكَ الْمُتَحَدِّثَ بِفَمِي، فَيُقْبِلُونَ إِلَيْكَ
مُسْتَرْشِدِينَ، وَأَنْتَ لاَ تَلْجَأُ إِلَيْهِمْ طَالِباً نَصِيحَةً.
20وَأَجْعَلُكَ سُوراً نُحَاسِيّاً مَنِيعاً لِهَذَا الشَّعْبِ،
فَيُحَارِبُونَكَ وَلَكِنَّهُمْ يُخْفِقُونَ، لأَنِّي أَنَا مَعَكَ
لأُنْقِذَكَ وَأُخَلِّصَكَ. 21أُنْقِذُكَ مِنْ قَبْضَةِ الأَشْرَارِ،
وَأَفْدِيكَ مِنْ أَكُفِّ الْعُتَاةِ».
فصل
16
يوم الكارثة
وَأَوْحَى الرَّبُّ إِلَيَّ
بِهَذَا الْكَلاَمِ: 2«لاَ تَتَزَوَّجْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَلاَ
تُنْجِبْ فِيهِ أَبْنَاءً وَلاَ بَنَاتٍ». 3لأَنَّ هَذَا مَا يَقُولُهُ
الرَّبُّ عَنِ الأَبْنَاءِ وَالْبَنَاتِ الْمَوْلُودِينَ فِي هَذَا
الْمَوْضِعِ، وَعَنِ الأُمَّهَاتِ وَالآبَاءِ الَّذِينَ أَنْجَبُوهُمْ فِي
هَذِهِ الْبِلاَدِ: 4«سَيَمُوتُونَ بِالأَمْرَاضِ، فَلاَ يُنْدَبُونَ،
وَلاَ يُدْفَنُونَ بَلْ يُصْبِحُونَ نُفَايَةً مَطْرُوحَةً عَلَى وَجْهِ
الأَرْضِ، وَيَفْنَوْنَ بِالسَّيْفِ وَالْجُوعِ، وَتَكُونُ جُثَثُهُمْ
طَعَاماً لِجَوَارِحِ السَّمَاءِ وَلِوُحُوشِ الأَرْضِ. 5لاَ تَدْخُلْ
إِلَى بَيْتٍ فِيهِ مَأْتَمٌ، وَلاَ تَذْهَبْ لِتَنْدُبَ أَحَداً أَوْ
لِلتَّعْزِيَةِ، لأَنِّي قَدْ نَزَعْتُ سَلاَمِي وَإِحْسَانِي وَمَرَاحِمِي
مِنْ هَذَا الشَّعْبِ، 6فَيَمُوتُ الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ فِي هَذِهِ
الأَرْضِ فَلاَ يُدْفَنُونَ وَلاَ يُنْدَبُونَ أَوْ يَخْدِشُ أَحَدٌ
نَفْسَهُ أَوْ يَحْلِقُ شَعْرَهُ حِدَاداً عَلَيْهِمْ. 7وَلاَ يُقَدِّمْ
أَحَدٌ طَعَاماً فِي مَأْتَمٍ عَزَاءً لَهُمْ عَنِ الْمَيْتِ، وَلاَ
يَسْقُونَهُمْ كَأْسَ الْمُوَاسَاةِ عَنْ فَقْدِ أَبٍ أَوْ أُمٍّ. 8وَلاَ
تَذْهَبْ إِلَى بَيْتٍ فِيهِ مَأْدُبَةٌ لِتَجْلِسَ مَعَهُمْ وَتَأْكُلَ
وَتَشْرَبَ، 9لأَنِّي أَقْطَعُ مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ، أَمَامَ
أَعْيُنِكُمْ وَفِي أَيَّامِكُمْ، صَوْتَ أَهَازِيجِ الْبَهْجَةِ
وَالطَّرَبِ، وَأَغَانِيَ الاحْتِفَالِ بِالْعَرُوسِ وَالْعَرِيسِ.
10وَعِنْدَمَا تُبَلِّغُ هَذَا الشَّعْبَ هَذَا الْكَلاَمَ،
وَيَسْأَلُونَكَ: لِمَاذَا قَضَى الرَّبُّ عَلَيْنَا بِكُلِّ هَذَا
الشَّرِّ الْعَظِيمِ؟ مَا هِيَ آثَامُنَا؟ وَأَيَّةُ خَطِيئَةٍ
ارْتَكَبْنَاهَا فِي حَقِّ الرَّبِّ إِلَهِنَا؟ 11عِنْدَئِذٍ تُجِيبُهُمْ:
يَقُولُ الرَّبُّ: لأَنَّ أَبَاءَكُمْ نَبَذُونِي وَضَلُّوا وَرَاءَ
الأَوْثَانِ وَعَبَدُوهَا وَسَجَدُوا لَهَا، وَتَرَكُونِي وَلَمْ
يُطَبِّقُوا شَرِيعَتِي. 12وَلأَنَّكُمْ أَنْتُمْ أَيْضاً قَدْ أَسَأْتُمْ
أَكْثَرَ مِنْ آبَائِكُمْ، وَغَوَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ وَرَاءَ
قَلْبِهِ الشِّرِّيرِ الْعَنِيدِ وَرَفَضَ طَاعَتِي. 13لِذَلِكَ هَا أَنَا
أَقْذِفُكُمْ خَارِجَ هَذِهِ الأَرْضِ إِلَى أَرْضٍ لَمْ تَعْرِفُوهَا
أَنْتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ، فَتَعْبُدُونَ هُنَاكَ أَصْنَاماً بَاطِلَةً
نَهَاراً وَلَيْلاً، لأَنِّي لَنْ أُبْدِيَ لَهُمْ رَحْمَتِي».
الوعد بإعادة المسبيين
14لِهَذَا يَقُولُ الرَّبُّ:
«هَا أَيَّامٌ مُقْبِلَةٌ لاَ يُقَالُ فِيهَا بَعْدُ: حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ
الَّذِي أَخْرَجَ شَعْبَ إِسْرَائِيلَ مِنْ مِصْرَ، 15إِنَّمَا يُقَالُ:
حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ الَّذِي أَخْرَجَ شَعْبَ إِسْرَائِيلَ مِنْ بِلاَدِ
الشِّمَالِ وَمِنْ سَائِرِ الأَرَاضِي الَّتِي سَبَاهُمْ إِلَيْهَا.
لأَنِّي سَأُرْجِعُهُمْ ثَانِيَةً إِلَى أَرْضِهِمِ الَّتِي وَهَبْتُهَا
لِآبَائِهِمْ.
16هَا أَنَا أُرْسِلُ
صَيَّادِينَ كَثِيرِينَ، لِيَصْطَادُوهُمْ، ثُمَّ أَبْعَثُ بِقَنَّاصِينَ
كَثِيرِينَ لِيَقْتَنِصُوهُمْ مِنْ كُلِّ جَبَلٍ وَمِنْ كُلِّ رَابِيَةٍ
وَمِنْ شُقُوقِ الصُّخُورِ. 17لأَنَّ عَيْنَيَّ تُرَاقِبَانِ طُرُقَهُمُ
الَّتِي لَمْ تَحْتَجِبْ عَنِّي وَإِثْمَهُمُ الَّذِي لَمْ يَسْتَتِرْ عَنْ
عَيْنَيَّ. 18فَأُعَاقِبُهُمْ عِقَاباً مُضَاعَفاً عَلَى إِثْمِهِمْ،
لأَنَّهُمْ دَنَّسُوا أَرْضِي بِجُثَثِ أَصْنَامِهِمْ، وَمَلَأُوا
مِيرَاثِي بِنَجَاسَاتِهِمْ». 19يَارَبُّ أَنْتَ عِزِّي وَحِصْنِي
وَمَلاَذِي فِي يَوْمِ الضِّيقِ، إِلَيْكَ تُقْبِلُ الأُمَمُ مِنْ أَقَاصِي
الأَرْضِ قَائِلَةً: «لَمْ يَرِثْ آبَاؤُنَا سِوَى الْبَاطِلِ
وَالأَكَاذِيبِ وَمَا لاَ جَدْوَى مِنْهُ. 20هَلْ فِي وُسْعِ الْمَرْءِ
أَنْ يَصْنَعَ لِنَفْسِهِ إِلَهاً؟ إِنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ آلِهَةً.
21فَلِذَلِكَ
هَا أَنَا أُعَرِّفُهُمْ
هَذِهِ الْمَرَّةَ قُوَّتِي وَجَبَرُوتِي، فَيُدْرِكُونَ أَنَّ اسْمِي
يَهْوَهُ (أَيِ الرَّبُّ)».
فصل
17
الخيانة هي خطيئة يهوذا
»قَدْ
دُوِّنَتْ خَطِيئَةُ يَهُوذَا بِقَلَمٍ مِنْ حَدِيدٍ، وَنُقِشَتْ بِرَأْسٍ
مِنَ الْمَاسِ عَلَى أَلْوَاحِ قُلُوبِهِمْ وَعَلَى قُرُونِ الْمَذَابِحِ،
2بَيْنَمَا أَبْنَاؤُهُمْ يَذْكُرُونَ مَذَابِحَهُمْ وَأَنْصَابَ
عَشْتَارُوثَ إِلَى جُوَارِ كُلِّ شَجَرَةٍ خَضْرَاءَ وَعَلَى الآكَامِ
الْمُرْتَفِعَةِ، 3وَعَلَى الْجِبَالِ الْمُنْتَشِرَةِ فِي الْبَرِّيَّةِ
الشَّاسِعَةِ. لِذَلِكَ أَجْعَلُ ثَرْوَتَكَ وَكُنُوزَكَ نَهْباً، ثَمَناً
لِخَطِيئَتِكَ الَّتِي ارْتَكَبْتَ فِي جَمِيعِ تُخُومِكَ، 4وَتَفْقِدُ
بِنَفْسِكَ مِيرَاثَكَ الَّذِي وَهَبْتُهُ لَكَ، وَأَجْعَلُكَ
مُسْتَعْبَداً لأَعْدَائِكَ فِي أَرْضٍ لاَ تَعْرِفُهَا لأَنَّكَ
أَضْرَمْتَ نَاراً فِي غَضَبِي لاَ يَخْمَدُ لَهَا أُوَارٌ».
5وَهَذَا مَا يَقُولُهُ
الرَّبُّ: «لِيَكُنْ مَلْعُوناً كُلُّ مَنْ يَتَوَكَّلُ عَلَى بَشَرٍ،
وَيَتَّخِذُ مِنَ النَّاسِ ذِرَاعَ قُوَّةٍ لَهُ، وَيُحَوِّلُ قَلْبَهُ
عَنِ الرَّبِّ. 6فَيَكُونُ كَالأَثَلِ فِي الْبَادِيَةِ، لاَ يَرَى
الْفَلاَحَ عِنْدَمَا يُقْبِلُ. يُقِيمُ فِي حَرِّ الصَّحْرَاءِ
الشَّدِيدِ، فِي الأَرْضِ الْمَهْجُورَةِ مِنَ النَّاسِ لِمُلُوحَتِهَا.
7وَلَكِنْ مُبَارَكٌ الرَّجُلُ الَّذِي يَتَّكِلُ عَلَى الرَّبِّ،
وَيَتَّخِذُهُ مُعْتَمَداً لَهُ، 8فَيَكُونُ كَشَجَرَةٍ مَغْرُوسَةٍ عِنْدَ
الْمِيَا هِ، تَمُدُّ جُذُورَهَا إِلَى الْجَدْوَلِ، وَلاَ تَخْشَى
اشْتِدَادَ الْحَرِّ الْمُقْبِلِ، إِذْ تَظَلُّ أَوْرَاقُهَا خَضْرَاءَ،
وَلاَ يُفْزِعُهَا الْقَحْطُ لأَنَّهَا لاَ تَكُفُّ عَنِ الإِثْمَارِ.
الرب هو رجاء بني إسرائيل
9الْقَلْبُ أَخْدَعُ مِنْ
كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ نَجِيسٌ، فَمَنْ يَقْدِرُ أَنْ يَفْهَمَهُ؟ 10أَنَا
الرَّبُّ أَفْحَصُ الْقُلُوبَ وَأَمْتَحِنُ الأَفْكَارَ، لأُجَازِيَ كُلَّ
وَاحِدٍ حَسَبَ طُرُقِهِ، وَبِمُقْتَضَى أَفْعَالِهِ». 11مُكْتَنِزُ
الْغِنَى مِنْ غَيْرِ حَقٍّ كَحَجَلَةٍ تَحْتَضِنُ وَتَفْقِسُ مَا لَمْ
تَبِضْ، لأَنَّهُ سَرْعَانَ مَا يَفْقِدُهُ فِي مُنْتَصَفِ حَيَاتِهِ،
وَيَضْحَى آخِرَ أَيَّامِهِ أَحْمَقَ.
12الْعَرْشُ الْمَجِيدُ
الْمُرْتَفِعُ مُنْذُ الْبَدْءِ هُوَ مَقَرُّ مَقْدِسِنَا. 13أَيُّهَا
الرَّبُّ رَجَاءَ إِسْرَائِيلَ: إِنَّ جَمِيعَ الَّذِينَ يَتَخَلُّونَ
عَنْكَ يَلْحَقُ بِهِمِ الْخِزْيُ، وَالَّذِينَ يَنْصَرِفُونَ عَنْكَ
(يَزُولُونَ) كَمَنْ كُتِبَتْ أَسْمَاؤُهُمْ عَلَى التُّرَابِ لأَنَّهُمْ
نَبَذُوا الرَّبَّ يَنْبُوعَ الْمِيَاهِ الْحَيَّةِ. 14أَبْرِئْنِي
يَارَبُّ فَأَبْرَأَ. خَلِّصْنِي فَأَخْلُصَ، فَإِنَّكَ أَنْتَ تَسْبِحَتِي.
تواضع إرميا
15هَا هُمْ يَقُولُونَ لِي:
«أَيْنَ قَضَاءُ الرَّبِّ؟ لِيَأْتِ». 16أَمَّا أَنَا فَلَمْ أَتَهَرَّبْ
مِنْ أَنْ أَكُونَ رَاعِياً لَدَيْكَ، وَأَنْتَ تَعْرِفُ أَنِّي لَمْ
أَتَمَنَّ مَجِيءَ يَوْمِ الْمِحْنَةِ، وَتَعْلَمُ مَا نَطَقَتْ بِهِ
شَفَتَايَ، لأَنَّ كُلَّ مَا صَدَرَ عَنْهُمَا كَانَ فِي مَحْضَرِكَ. 17لاَ
تَكُنْ مَثَارَ رُعْبٍ لِي، فَأَنْتَ مَلاَذِي فِي يَوْمِ الشَّرِّ.
18لِيَلْحَقِ الْخِزْيُ بِمُضْطَهِدِيَّ، وَلَكِنِ احْفَظْنِي مِنَ
الْعَارِ. لِيَرْتَعِبُوا هُمْ، أَمَّا أَنَا فَلاَ تَدَعْنِي أَرْتَعِبُ.
اجْعَلْ يَوْمَ الشَّرِّ يَحُلُّ بِهِمْ، وَاسْحَقْهُمْ سَحْقاً مُضَاعَفاً.
التشديد على المحافظة على
السبت
19وَهَذَا مَا قَالَهُ
الرَّبُّ لِي: «امْضِ وَقِفْ عِنْدَ بَوَّابَةِ أَبْنَاءِ الشَّعْبِ
الَّتِي يَدْخُلُ مِنْهَا مُلُوكُ يَهُوذَا وَيَخْرُجُونَ، وَكَذَلِكَ
عِنْدَ سَائِرِ بَوَّابَاتِ أُورُشَلِيمَ، 20وَقُلْ لَهُمْ: اسْمَعُوا
كَلِمَةَ الرَّبِّ يَامُلُوكَ يَهُوذَا وَشَعْبَهَا، وَيَاجَمِيعَ أَهْلِ
أُورُشَلِيمَ الْمُجْتَازِينَ فِي هَذِهِ الْبَوَّابَاتِ. 21هَذَا مَا
يَقُولُهُ الرَّبُّ: احْتَرِسُوا لأَنْفُسِكُمْ وَلاَ تَحْمِلُوا
أَحْمَالاً فِي يَوْمِ السَّبْتِ وَلاَ تُدْخِلُوهَا فِي بَوَّابَاتِ
أُورُشَلِيمَ، 22وَلاَ تَنْقُلُوا حِمْلاً إِلَى خَارِجِ بُيُوتِكُمْ فِي
يَوْمِ السَّبْتِ وَلاَ تَقُومُوا بِأَيِّ عَمَلٍ. إِنَّمَا قَدِّسُوا
يَوْمَ السَّبْتِ كَمَا أَوْصَيْتُ آبَاءَكُمْ. 23مَعَ ذَلِكَ لَمْ
يُطِيعُوا وَلَمْ يُصْغُوا، بَلْ قَسَّوْا قُلُوبَهُمْ لِئَلاَّ يَسْمَعُوا
وَلِئَلاَّ يَقْبَلُوا التَّأْدِيبَ 24وَلَكِنْ إِنِ اسْتَمَعْتُمْ
أَنْتُمْ، يَقُولُ الرَّبُّ، وَلَمْ تُدْخِلُوا أَحْمَالاً فِي بَوَّابَاتِ
أُورُشَلِيمَ فِي يَوْمِ السَّبْتِ، بَلْ قَدَّسْتُمُوهُ وَلَمْ تَقُومُوا
بِأَيِّ عَمَلٍ فِيهِ، 25عِنْدَئِذٍ يَدْخُلُ مِنْ بَوَّابَاتِ هَذِهِ
الْمَدِينَةِ مُلُوكٌ وَرُؤَسَاءُ مِمَّنْ يَجْلِسُونَ عَلَى عَرْشِ
دَاوُدَ، رَاكِبِينَ فِي عَرَبَاتٍ وَعَلَى صَهَوَاتِ الْجِيَادِ مَعَ
رُؤَسَائِهِمْ، يُوَاكِبُهُمْ سُكَّانُ يَهُوذَا وَأَهْلُ أُورُشَلِيمَ،
وَتُعْمَرُ هَذِهِ الْمَدِينَةُ إِلَى الأَبَدِ بِالسُّكَّانِ.
26وَيُقْبِلُ النَّاسُ مِنْ مُدُنِ يَهُوذَا وَمِنْ حَوْلِ أُورُشَلِيمَ،
وَمِنْ أَرْضِ بَنْيَامِينَ وَمِنَ السَّهْلِ وَالْجَبَلِ، وَمِنَ
النَّقَبِ، حَامِلِينَ مُحْرَقَاتٍ وَذَبَائِحَ وَتَقْدِمَاتٍ وَبَخُوراً
مُعَطَّراً، وَقَرَابِينَ شُكْرٍ إِلَى هَيْكَلِ الرَّبِّ. 27وَلَكِنْ إِنْ
لَمْ تَسْتَمِعُوا لِي لِتُقَدِّسُوا يَوْمَ السَّبْتِ، وَثَابَرْتُمْ
عَلَى حَمْلِ أَثْقَالٍ فِيهِ لِتُدْخِلُوهَا مِنْ بَوَّابَاتِ
أُورُشَلِيمَ، فَإِنِّي أُضْرِمُ بَوَّابَاتِهَا بِالنَّارِ فَتَلْتَهِمُ
قُصُورَ أُورُشَلِيمَ، ولاَ تَنْطَفِيءُ».
فصل
18
مثل الفخاري وإناء الخزف
هَذَا مَا أَوْحَى الرَّبُّ
بِهِ إِلَى إِرْمِيَا قَائِلاً: 2«قُمْ وَامْضِ إِلَى بَيْتِ
الْفَخَّارِيِّ، وَهُنَاكَ أُسْمِعُكَ كَلاَمِي». 3فَانْطَلَقْتُ إِلَى
بَيْتِ الْفَخَّارِيِّ، فَإِذَا بِهِ يَعْمَلُ عَلَى دُولاَبِهِ. 4غَيْرَ
أَنَّ الإِنَاءَ الَّذِي كَانَ يَصْنَعُهُ فَسَدَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَعَادَ
يُشَكِّلُهُ إِنَاءً آخَرَ كَمَا طَابَ لِلْفَخَّارِيِّ أَنْ يَصُوغَهُ.
5عِنْدَئِذٍ قَالَ لِيَ الرَّبُّ: 6«يَاذُرِّيَّةَ إِسْرَائِيلَ: أَلاَ
أَسْتَطِيعُ أَنْ أَصْنَعَ بِكُمْ كَمَا صَنَعَ الْفَخَّارِيُّ؟ إِنَّكُمْ
فِي يَدِي كَالطِّينِ فِي يَدِ الْفَخَّارِيِّ. 7تَارَةً أَقْضِي عَلَى
أُمَّةٍ وَعَلَى مَمْلَكَةٍ بِالاسْتِئْصَالِ وَالْهَدْمِ وَالدَّمَارِ،
8فَتَرْتَدُّ تِلْكَ الأُمَّةُ الَّتِي قَضَيْتُ عَلَيْهَا بِالْعِقَابِ
عَنْ شَرِّهَا، فَأَكُفُّ عَنِ الشَّرِّ الَّذِي نَوَيْتُ مُعَاقَبَتَهَا
بِهِ. 9وَتَارَةً أَقْضِي بِمُكَافَأَةِ أُمَّةٍ أَوْ مَمْلَكَةٍ بِبِنَاءِ
قُوَّتِهَا وَإِنْمَائِهَا. 10ثُمَّ لاَ تَلْبَثُ أَنْ تَرْتَكِبَ الشَّرَّ
أَمَامِي وَلاَ تَسْمَعُ لِصَوْتِي، فَأَكُفُّ عَنِ الْخَيْرِ الَّذِي
نَوَيْتُ أَنْ أُنْعِمَ بِهِ عَلَيْهَا.
وعيد الرب
11لِذَلِكَ قُلْ لِرِجَالِ
يَهُوذَا وَأَهْلِ أُورُشَلِيمَ، هَذَا مَا يُعْلِنُهُ الرَّبُّ: هَا أَنَا
أُدَبِّرُ لَكُمْ شَرّاً، وأُعِدُّ لَكُمْ مُؤَامَرَةً، فَلْيَرْجِعْ كُلُّ
وَاحِدٍ مِنْكُمْ عَنْ طَرِيقِهِ الشِّرِّيرِ وَقَوِّمُوا سُبُلَكُمْ
وَأَعْمَالَكُمْ. 12وَلَكِنَّهُمْ يُجِيبُونَ: لاَ جَدْوَى مِنْ هَذَا،
بَلْ نَسْعَى وَرَاءَ أَهْوَاءِ أَفْكَارِنَا، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا
يَفْعَلُ مَا يَرُوقُ لِعِنَادِ قَلْبِهِ الأَثِيمِ». 13لِذَلِكَ هَكَذَا
يَقُولُ الرَّبُّ: «اسْأَلُوا بَيْنَ الشُّعُوبِ مَنْ سَمِعَ بِمِثْلِ
هَذَا؟ قَدِ ارْتَكَبَتِ الْعَذْرَاءُ إِسْرَائِيلُ أَمْراً شَدِيدَ
الْهَوْلِ. 14هَلْ يَخْتَفِي ثَلْجُ لُبْنَانَ عَنْ مُنْحَدَرَاتِ
جِبَالِهِ الصَّخْرِيَّةِ؟ وَهَلْ تَتَوَقَّفُ مِيَاهُهُ الْبَارِدَةُ
الْمُنْحَدِرَةُ مِنْ يَنَابِيعَ بَعِيدَةٍ عَنِ التَّدَفُّقِ؟ 15لَكِنَّ
شَعْبِي قَدْ نَسِيَنِي وَأَحْرَقَ بَخُوراً لأَوْثَانٍ بَاطِلَةٍ،
جَعَلَتْهُ يَتَعَثَّرَ فِي طُرُقِهِ، فِي السُّبُلِ الْقَدِيمَةِ،
فَسَلَكَ فِي مَمَرَّاتٍ وَطُرُقٍ غَيْرِ مُعَبَّدَةٍ. 16فَتُصْبِحُ
أَرْضُهُ خَرَاباً، مَثَارَ صَفِيرِ دَهْشَةٍ، وَكُلُّ مَنْ يَعْبُرُ بِهَا
يَعْتَرِيهِ رُعْبٌ وَيَهُزُّ رَأْسَهُ. 17فَأُشَتِّتُهُمْ أَمَامَ
أَعْدَائِهِمْ كَرِيحٍ شَرْقِيَّةٍ، وَلاَ أَلْتَفِتُ إِلَيْهِمْ بَلْ
أُدِيرُ لَهُمُ القَفَا فِي يَوْمِ مِحْنَتِهِمْ».
التآمر على حياة إرميا
18ثُمَّ قَالُوا:
«تَعَالَوْا نَتَآمَرُ عَلَى إرْمِيَا، لأَنَّ الشَّرِيعَةَ لاَ تَبِيدُ
عَنِ الْكَاهِنِ، وَلاَ الْمَشُورَةَ عَنِ الْحَكِيمِ، وَلاَ الوَحْيَ عَنِ
النَّبِيِّ. تَعَالَوْا نَلْذَعُهُ بِوَخْزَاتِ اللِّسَانِ وَنَصُمُّ
آذَانَنَا عَنْ كَلاَمِهِ». 19أَصْغِ لِي يَارَبُّ، وَاسْتَمِعْ إِلَى
اتِّهَامَاتِ خُصُومِي. 20هَلْ يُجَازَى عَنْ خَيْرٍ بِشَرٍّ؟ قَدْ
نَقَرُوا حُفْرَةً لِنَفْسِي. اذْكُرْ كَيْفَ وَقَفْتُ أَمَامَكَ أُثْنِي
عَلَيْهِمْ خَيْراً لأَصْرِفَ غَضَبَكَ عَنْهُمْ. 21لِذَلِكَ أَسْلِمْ
بَنِيهِمْ لأَنْيَابِ الْجُوعِ، وَاعْهَدْ بِهِمْ إِلَى قَبْضَةِ السَّيْفِ
فَتُصْبِحَ نِسَاؤُهُمْ ثَكَالَى وَأَرَامِلَ، وَلْيَمُتْ رِجَالُهُمْ،
وَلْيَلْقَ شُبَّانُهُمْ حَتْفَهُمْ فِي الْمَعَارِكِ بِحَدِّ السَّيْفِ.
22لِيَتَرَدَّدْ صُرَاخٌ فِي بُيُوتِهِمْ عِنْدَمَا تُرْسِلُ عَلَيْهِمْ
جَيْشَ الْغُزَاةِ بَغْتَةً، لأَنَّهُمْ حَفَرُوا هُوَّةً
لِيَقْتَنِصُونِي، وَنَصَبُوا فِخَاخاً لِرِجْلَيَّ. 23أَمَّا أَنْتَ
يَارَبُّ فَقَدْ عَرَفْتَ جَمِيعَ مَا تَآمَرُوا بِهِ عَلَيَّ، فَلاَ
تَصْفَحْ عَنْ إِثْمِهِمْ، وَلاَ تَمْحُ خَطِيئَتَهُمْ مِنْ أَمَامِكَ،
بَلْ لِيَعْثُرُوا مُنْطَرِحِينَ فِي حَضْرَتِكَ، وَعَاقِبْهُمْ فِي
أَوَانِ غَضَبِكَ.
فصل
19
مثل الجرّة المحطمة
وَقَالَ لِيَ الرَّبُّ:
«امْضِ وَاشْتَرِ جَرَّةَ خَزَفٍ، وَاصْطَحِبْ مَعَكَ بَعْضَ شُيُوخِ
الشَّعْبِ وَشُيُوخِ الْكَهَنَةِ، 2وَانْطَلِقْ إِلَى وَادِي ابْنِ
هِنُّومَ الْقَائِمِ عِنْدَ مَدْخَلِ بَابِ الْفَخَّارِ، وَنَادِ هُنَاكَ
بِالْكَلِمَاتِ الَّتِي أُمْلِيهَا عَلَيْكَ، 3وَقُلْ: اسْمَعُوا
يَامُلُوكَ يَهُوذَا، وَيَاأَهْلَ أُورُشَلِيمَ كَلِمَةَ الرَّبِّ. هَذَا
مَا يُعْلِنُهُ الرَّبُّ الْقَدِيرُ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ: انْظُرُوا، هَا
أَنَا أَجْلِبُ عَلَى هَذَا الْمَوْضِعِ شَرّاً تَطِنُّ لَهُ أُذُنَا كُلِّ
مَنْ يَسْمَعُ بِهِ، 4لأَنَّهُمْ تَرَكُونِي، وَتَنَكَّرُوا لِهَذَا
الْمَوْضِعِ وَدَنَّسُوهُ بِإِحْرَاقِ بَخُورٍ لِآلِهَةِ أَوْثَانٍ لَمْ
يَعْرِفُوهَا لاَ هُمْ وَلاَ آبَاؤُهُمْ وَلاَ مُلُوكُ يَهُوذَا أَيْضاً،
وَلأَنَّهُمْ مَلَأُوا هَذَا الْمَوْضِعَ مِنْ دَمِ الأَبْرِيَاءِ.
5وَبَنَوْا مُرْتَفَعَاتٍ لِعِبَادَةِ الْبَعْلِ لِيُحْرِقُوا بَنِيهِمْ
بِالنَّارِ كَقَرَابِينِ مُحْرَقَاتٍ لِلْبَعْلِ مِمَّا لَمْ أُوْصِ بِهِ
وَلَمْ أَتَحَدَّثْ عَنْهُ وَلَمْ يَخْطُرْ بِبَالِي. 6لِذَلِكَ، هَا
أَيَّامٌ مُقْبِلَةٌ، يَقُولُ الرَّبُّ، لاَ يُدْعَى فِيهَا هَذَا
الْمَكَانُ تُوفَةَ مِنْ بَعْدُ أَوْ وَادِي ابْنِ هِنُّومَ، بَلْ وَادِي
الْقَتْلِ. 7وَأُبْطِلُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مَشُورَاتِ أَهْلِ يَهُوذَا
وَأُورُشَلِيمَ، فَيَتَسَاقَطُونَ بِحَدِّ السَّيْفِ أَمَامَ أَعْدَائِهِمْ
وَبِأَيْدِي طَالِبِي نُفُوسِهِمْ، وَأَجْعَلُ جُثَثَهُمْ طَعَاماً
لِجَوَارِحِ السَّمَاءِ وَوُحُوشِ الأَرْضِ. 8وَأُدَمِّرُ هَذِهِ
الْمَدِينَةَ وَأَجْعَلُهَا مَثَارَ صَفِيرٍ. كُلُّ مَنْ يَمُرُّ بِهَا
تَعْتَرِيهِ الدَّهْشَةُ وَيَصْفِرُ لِمَا حَلَّ بِهَا مِنْ نَكَبَاتٍ.
9وَأُطْعِمُهُمْ لُحُومَ أَبْنَائِهِمْ وَبَنَاتِهِمْ، وَيَأْكُلُ كُلُّ
وَاحِدٍ لَحْمَ جَارِهِ فِي أَثْنَاءِ الْحِصَارِ وَالضِّيقَةِ الَّتِي
يُضَايِقُهُمْ بِهَا أَعْدَاؤُهُمْ وَطَالِبُو نُفُوسِهِمْ. 10ثُمَّ
حَطِّمِ الْجَرَّةَ عَلَى مَرْأَى الرِّجَالِ الذَّاهِبِينَ مَعَكَ،
11وَقُلْ لَهُمْ: هَذَا مَا يُعْلِنُهُ الرَّبُّ الْقَدِيرُ: سَأُحَطِّمُ
هَذَا الشَّعْبَ وَأُدَمِّرُ هَذِهِ الْمَدِينَةَ كَمَا يُحَطِّمُ
الْمَرْءُ إِنَاءَ الْخَزَّافِ، بِحَيْثُ لاَ يُمْكِنُ إِصْلاَحُهُ،
وَيُدْفَنُ الرِّجَالُ فِي تُوفَةَ إِذْ لَنْ يَتَوَافَرَ مَوْضِعٌ آخَرُ
لِلدَّفْنِ. 12هَذَا مَا سَأُجْرِيهِ عَلَى هَذَا الْمَكَانِ وَعَلَى
سُكَّانِهِ، يَقُولُ الرَّبُّ، سَأَجْعَلُ هَذِهِ الْمَدِينَةَ مِثْلَ
تُوفَةَ، 13وَأُحِيلُ بُيُوتَ أُورُشَلِيمَ وَبُيُوتَ مُلُوكِ يَهُوذَا
إِلَى مَوْضِعِ نَجَاسَةٍ، وَكَذَلِكَ كُلَّ الْبُيُوتِ الَّتِي أَحْرَقُوا
عَلَى سُطُوحِهَا بَخُوراً لِكَوَاكِبِ السَّمَاءِ، وَسَكَبُوا سَكَائِبَ
خَمْرٍ لِآلِهَةٍ أُخْرَى».
في ساحة الهيكل
14وَجَاءَ إِرْمِيَا مِنْ
تُوفَةَ، الَّتِي كَانَ الرَّبُّ قَدْ أَرْسَلَهُ إِلَيْهَا لِيَتَنَبَّأَ،
وَوَقَفَ فِي سَاحَةِ هَيْكَلِ الرَّبِّ، وَخَاطَبَ جَمِيعَ الشَّعْبِ:
15هَذَا مَا يَقُولُهُ الرَّبُّ الْقَدِيرُ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ: «هَا
أَنَا جَالِبٌ عَلَى هَذِهِ الْمَدِينَةِ وَعَلَى جَمِيعِ قُرَاهَا كُلَّ
الشَّرِّ الَّذِي قَضَيْتُ بِهِ عَلَيْهَا، لأَنَّهُمْ قَسَّوْا
قُلُوبَهُمْ فَلَمْ يَسْمَعُوا كَلاَمِي».
فصل
20
فشحور يضطهد إرميا
وَسَمِعَ الْكَاهِنُ
فَشْحُورُ بْنُ إِمِّيرَ الَّذِي كَانَ النَّاظِرَ الأَوَّلَ عَلَى بَيْتِ
الرَّبِّ إِرْمِيَا يَتَنَبَّأُ بِهَذِهِ الأُمُورِ، 2فَضَرَبَ فَشْحُورُ
إِرْمِيَا النَّبِيَّ وَزَجَّهُ فِي الْمِقْطَرَةِ الَّتِي بِبَابِ
بَنْيَامِينَ الأَعْلَى الَّذِي عِنْدَ هَيْكَلِ الرَّبِّ. 3وَفِي
الْيَوْمِ الثَّانِي عِنْدَمَا أَخْرَجَ فَشْحُورُ إِرْمِيَا مِنَ
الْمِقْطَرَةِ، قَالَ لَهُ إِرْمِيَا: إِنَّ الرَّبَّ لَمْ يَدْعُ اسْمَكَ
فَشْحُورَ، بَلْ مَجُورَ مِسَّا بِيبَ (أَيْ: رُعْباً مِنْ كُلِّ
نَاحِيَةٍ). 4هَذَا مَا يَقُولُهُ الرَّبُّ: هَا أَنَا أَجْعَلُكَ أَنْتَ
وَجَمِيعَ أَحِبَّائِكَ عُرْضَةً لِلرُّعْبِ فَيَتَسَاقَطُونَ بِحَدِّ
سُيُوفِ أَعْدَائِهِمْ عَلَى مَرْأَى مِنْكَ، وَأُسْلِمُ كُلَّ أَهْلِ
يَهُوذَا لِيَدِ مَلِكِ بَابِلَ فَيُجْلِيهِمْ إِلَى بَابِلَ
وَيَذْبَحُهُمْ بِالسَّيْفِ. 5وَأَدْفَعُ كُلَّ ثَرْوَةِ هَذِهِ
الْمَدِينَةِ، وَكُلَّ نِتَاجِهَا وَنَفَائِسِهَا، وَكُلَّ كُنُوزِ مُلُوكِ
يَهُوذَا إِلَى يَدِ أَعْدَائِهَا، فَيَغْنَمُونَهَا وَيَسْتَوْلُونَ
عَلَيْهَا وَيَنْقُلُونَهَا مَعَهُمْ إِلَى بَابِلَ. 6أَمَّا أَنْتَ
يَافَشْحُورُ وَجَمِيعُ الْمُقِيمِينَ مَعَكَ فِي بَيْتِكَ فَتَذْهَبُونَ
إِلَى الأَسْرِ فِي بَابِلَ حَيْثُ تَمُوتُ وَتُدْفَنُ هُنَاكَ أَنْتَ
وَسَائِرُ أَحِبَّائِكَ الَّذِينَ تَنَبَّأْتَ لَهُمْ بِالأَكَاذِيبِ».
شكوى إرميا
7يَارَبُّ قَدْ
أَقْنَعْتَنِي فَاقْتَنَعْتُ، أَنْتَ أَقْوَى مِنِّي فَغَلَبْتَ،
فَأَصْبَحْتُ مَثَارَ سُخْرِيَةٍ طَوَالَ النَّهَارِ. كُلُّ وَاحِدٍ
يَسْتَهْزِيءُ بِي. 8لأَنِّي كُلَّمَا تَكَلَّمْتُ أَصْرُخُ مُنَدِّداً،
وَأُنَادِي: «ظُلْمٌ وَاغْتِصَابٌ» فَجَلَبَتْ عَلَيَّ كَلِمَةُ الرَّبِّ
الاحْتِقَارَ وَالْعَارَ طَوَالَ النَّهَارِ. 9إِنْ قُلْتُ: «سَأَكُفُّ
عَنْ ذِكْرِهِ وَلاَ أَتَكَلَّمُ بِاسْمِهِ بَعْدُ» صَارَ كَلاَمُهُ فِي
قَلْبِي كَنَارٍ مُحْرِقَةٍ مَحْصُورَةٍ فِي عِظَامِي، فَأَعْيَانِي
كِتْمَانُهُ وَعَجَزْتُ عَنْ كَبْتِهِ.
10لأَنِّي سَمِعْتُ
نَفَثَاتِ تَهْدِيدٍ مِنْ كَثِيرِينَ، وَأَحَاطَ بِي رُعْبٌ مِنْ كُلِّ
جَانِبٍ. يَقُولُونَ: «اشْتَكُوا عَلَيْهِ فَنَشْتَكِيَ عَلَيْهِ»، حَتَّى
جَمِيعُ أَصْدِقَائِي الْحَمِيمِينَ يَرْقُبُونَ كَبْوَتِي قَائِلِينَ:
«لَعَلَّهُ يَتَعَثَّرُ فَنَتَغَلَّبَ عَلَيْهِ وَنَنْتَقِمَ مِنْهُ».
11لَكِنَّ الرَّبَّ مَعِي كَمُحَارِبٍ جَبَّارٍ، لِهَذَا يَعْثُرُ كُلُّ
مُضْطَهِدِيَّ وَلاَ يَظْفَرُونَ بِي. يَلْحَقُ بِهِمْ عَارٌ عَظِيمٌ
لأَنَّهُمْ لاَ يُفْلِحُونَ، وَيَظَلُّ خِزْيُهُمْ مَذْكُوراً إِلَى
الأَبَدِ. 12أَيُّهَا الرَّبُّ الْقَدِيرُ مُخْتَبِرُ الصِّدِّيقِ
وَالْمُطَّلِعُ عَلَى سَرَائِرِ النُّفُوسِ، دَعْنِي أَشْهَدُ انْتِقَامَكَ
مِنْهُمْ لأَنِّي إِلَيْكَ فَوَّضْتُ قَضِيَّتِي. 13اشْدُوا لِلرَّبِّ
وَسَبِّحُوهُ، لأَنَّهُ أَنْقَذَ نَفْسَ الْمِسْكِينِ مِنْ قَبْضَةِ
فَاعِلِي الإِثْمِ. 14لِيَكُنْ مَلْعُوناً ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي
وُلِدْتُ فِيهِ، وَلْيَخْلُ الْيَوْمُ الَّذِي أَنْجَبَتْنِي فِيهِ أُمِّي
مِنْ كُلِّ بَرَكَةٍ. 15لِيَكُنْ مَلْعُوناً ذَلِكَ الرَّجُلُ الَّذِي
بَشَّرَ أَبِي قَائِلاً: قَدْ وُلِدَ لَكَ ابْنٌ فَجَعَلَ قَلْبَهُ يَفِيضُ
بِالْفَرَحِ. 16لِيُصْبِحْ ذَلِكَ الرَّجُلُ كَالْمُدُنِ الَّتِي قَلَبَهَا
الرَّبُّ مِنَ غَيْرِ رِفْقٍ، وَليَسْمَعْ صُرَاخَ الْمَعَارِكِ فِي
الصَّبَاحِ، وَضَجِيجَ جَلَبَتِهَا عِنْدَ الظَّهِيرَةِ. 17لِيَكُنْ ذَلِكَ
الرَّجُلُ مَلْعَوناً لأَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْنِي مِنَ الرَّحِمِ، فَتَضْحَى
أُمِّي قَبْراً لِي، وَتَظَلُّ حُبْلَى بِي إِلَى الأَبَدِ. 18لِمَاذَا
خَرَجْتُ مِنَ الرَّحِمِ لأُقَاسِيَ التَّعَبَ وَالأَوْجَاعَ، وَأُفْنِيَ
أَيَّامِي بِالْخِزْيِ؟
فصل
21
طلب صدقيا الملك
الْكَلاَمُ الَّذِي أَوْحَى
بِهِ الرَّبُّ إِلَى إِرْمِيَا النَّبِيِّ، عِنْدَمَا أَرْسَلَ إِلَيْهِ
الْمَلِكُ صِدْقِيَّا فَشْحُورَ بْنَ مَلْكِيَّا وَصَفَنْيَا بْنَ
مَعْسِيَّا الْكَاهِنَ، قَائِلاً: 2«اسْأَلِ الرَّبَّ عَنَّا، لأَنَّ
نَبُوخَذْنَاصَّرَ مَلِكَ بَابِلَ قَدْ أَعْلَنَ عَلَيْنَا حَرْباً،
لَعَلَّ الرَّبَّ يُجْرِي لَنَا مُعْجِزَةً كَسَابِقِ مُعْجِزَاتِهِ،
وَيَصْرِفُهُ عَنَّا».
جواب الرب
3فَقَالَ لَهُمَا إِرْمِيَا:
«هَذَا مَا تَقُولاَنِ لِصِدْقِيَّا: 4هَذَا مَا يُعْلِنُهُ الرَّبُّ
إِلَهُ إِسْرَائِيلَ: هَا أَنَا أَرُدُّ أَسْلِحَتَكُمُ الَّتِي
بِأَيْدِيكُمُ الَّتِي تُحَارِبُونَ بِهَا مَلِكَ بَابِلَ
وَالْكِلْدَانِيِّينَ الَّذِينَ يُحَاصِرُونَكُمْ مِنْ خَارِجِ السُّورِ،
وَأَجْمَعُهُمْ فِي وَسَطِ هَذِهِ الْمَدِينَةِ. 5وَأُحَارِبُكُمْ
بِنَفْسِي بِيَدٍ مَمْدُودَةٍ وَذِرَاعٍ شَدِيدَةٍ، بِغَضَبٍ وَحَنَقٍ
وَسُخْطٍ عَظِيمٍ. 6وَأُبِيدُ أَهْلَ هَذِهِ الْمَدِينَةِ رِجَالاً
وَبَهَائِمَ، فَيَمُوتُونَ بِوَبَأ رَهِيبٍ،7وَأُسْلِمُ صِدْقِيَّا مَلِكَ
يَهُوذَا وَخُدَّامَهُ وَمَنْ بَقِيَ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْمَدِينَةِ،
النَّاجِينَ مِنَ الْوَبَأ وَالسَّيْفِ وَالْجُوعِ، إِلَى يَدِ
نَبُوخَذْنَاصَّرَ مَلِكِ بَابِلَ، وَإِلَى أَيْدِي أَعْدَائِهِمْ
وَطَالِبِي نُفُوسِهِمْ، فَيَقْتُلُهُمْ بِحَدِّ السَّيْفِ، وَلاَ يَرْثِي
لَهُمْ وَلاَ يَشْفُقُ أَوْ يَرْحَمُ.
كلام الرب للشعب
8وَتَقُولُ لِهَذَا
الشَّعْبِ: هَذَا مَا يُعْلِنُهُ الرَّبُّ: هَا أَنَا أَعْرِضُ أَمَامَكُمْ
طَرِيقَ الْحَيَاةِ وَطَرِيقَ الْمَوْتِ. 9فَمَنْ يَمْكُثُ فِي هَذِهِ
الْمَدِينَةِ يَمُوتُ بِالسَّيْفِ وَالْجُوعِ وَالْوَبَاءِ، وَمَنْ
يَلْجَأُ إِلَى الْكِلْدَانِيِّينَ الَّذِينَ يُحَاصِرُونَكُمْ
وَيَسْتَسْلِمُ لَهُمْ يَحْيَا وَيَغْنَمُ نَفْسَهُ. 10فَإِنِّي قَدْ
قَضَيْتُ عَلَى هَذِهِ الْمَدِينَةِ بِالشَّرِّ لاَ بِالْخَيْرِ يَقُولُ
الرَّبُّ، لِهَذَا يَسْتَوْلِي عَلَيْهَا مَلِكُ بَابِلَ فَيُحْرِقُهَا
بِالنَّارِ».
إدانة بيت الملك
11«وَتَقُولُ لِبَيْتِ
مَلِكِ يَهُوذَا: اسْمَعُوا قَضَاءَ الرَّبِّ: 12يَاذُرِّيَّةَ دَاوُدَ،
هَذَا مَا يُعْلِنُهُ الرَّبُّ: أَجْرُوا الْعَدْلَ فِي الصَّبَاحِ،
وَأَنْقِذُوا الْمُغْتَصَبَ مِنْ يَدِ الْمُغْتَصِبِ لِئَلاَّ يَنْصَبَّ
غَضَبِي كَنَارٍ، فَيُحْرِقَ وَلَيْسَ مَنْ يُخْمِدُهُ لِفَرْطِ مَا
ارْتَكَبْتُمْ مِنْ أَعْمَالٍ شَرِّيرَةٍ. 13يَاأُورُشَلِيمُ يَاسَاكِنَةَ
الْوَادِي، يَاصَخْرَةَ السَّهْلِ، هَا أَنَا أَقِفُ ضِدَّكِ يَقُولُ
الرَّبُّ، وَأَنْتُمْ يَامَنْ تَقُولُونَ: «مَنْ يُهَاجِمُنَا؟ وَمَنْ
يَقْتَحِمُ مَنَازِلَنَا؟» 14هَا أَنَا أُعَاقِبُكُمْ بِحَسَبِ ثِمَارِ
أَعْمَالِكُمْ، وَأُوْقِدُ نَاراً فِي غَابَةِ مَدِينَتِكُمْ فَتَلْتَهِمُ
كُلَّ مَا حَوْلَهَا».
فصل
22
دينونة الملك الشرير
هَذَا مَا يُعْلِنُهُ
الرَّبُّ: «انْحَدِرْ إِلَى قَصْرِ مَلِكِ يَهُوذَا وَأَعْلِنْ هُنَاكَ
هَذَا الْقَضَاءَ: 2اسْمَعْ كَلِمَةَ الرَّبِّ يَامَلِكَ يَهُوذَا
الْمُتَرَبِّعَ عَلَى عَرْشِ دَاوُدَ، أَنْتَ وَخُدَّامُكَ وَشَعْبُكَ
الْمُجْتَازِينَ مِنْ هَذِهِ الْبَوَّابَاتِ: 3أَجْرُوا الْعَدْلَ
وَأَنْقِذُوا الْمُغْتَصَبَ مِنْ يَدِ الْمُغْتَصِبِ، وَلاَ تَجُورُوا
عَلَى الْغَرِيبِ وَالْيَتِيمِ وَالأَرْمَلَةِ، وَلاَ تَتَعَسَّفُوا
عَلَيْهِمْ، وَلاَ تَسْفِكُوا دَماً بَرِيئاً فِي هَذَا الْمَوْضِعِ.
4لأَنَّكُمْ إِنْ أَطَعْتُمْ هَذَا الْكَلاَمَ فَإِنَّ مُلُوكاً
يَتَرَبَّعُونَ عَلَى عَرْشِ دَاوُدَ، رَاكِبيِنَ مَرْكَبَاتٍ وَخُيُولاً
يَجْتَازُونَ هُمْ وَخُدَّامُهُمْ وَشَعْبُهُمْ بَوَّابَاتِ هَذَا
الْقَصْرِ. 5وَلَكِنْ إِنْ عَصَيْتُمْ هَذِهِ الْوَصَايَا، فَقَدْ
أَقْسَمْتُ بِنَفْسِي يَقُولُ الرَّبُّ، أَنْ يَتَحَوَّلَ هَذَا الْقَصْرُ
إِلَى أَطْلاَلٍ». 6لأَنَّهُ هَذَا مَا يَقُولُهُ الرَّبُّ عَنْ قَصْرِ
مَلِكِ يَهُوذَا: «أَنْتَ عَزِيزٌ عَلَيَّ كَجِلْعَادَ وَكَرَأْسِ
لُبْنَانَ، وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنِّي سَأَجْعَلُكَ قَفْراً وَمُدُناً
مَهْجُورَةً. 7سَأُجَنِّدُ عَلَيْكَ مُهْلِكِينَ مُدَجَّجِينَ
بِسِلاَحِهِمْ فَيَقْطَعُونَ نُخْبَةَ أَرْزِكَ وَيَطْرَحُونَهَا إِلَى
النَّارِ. 8وَتَعْبُرُ فِي هَذِهِ الْمَدِينَةِ أُمَمٌ كَثِيرَةٌ،
فَيَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ لِرَفِيقِهِ: لِمَاذَا صَنَعَ الرَّبُّ هَكَذَا
بِهَذِهِ الْمَدِينَةِ الْعَظِيمَةِ؟ 9فَيُجِيبُونَ: لأَنَّهُمْ نَبَذُوا
عَهْدَ الرَّبِّ إِلَهِهِمْ وَسَجَدُوا لِلأَوْثَانِ وَعَبَدُوهَا».
نبوءة عن مصير أورشليم
10لاَ تَنُوحُوا عَلَى
الْمَيْتِ وَلاَ تَنْدُبُوهُ، إِنَّمَا ابْكُوا عَلَى الْمَنْفِيِّ الَّذِي
لَنْ يَرْجِعَ وَلَنْ يَرَى أَرْضَ مَوْطِنِهِ 11لأَنَّهُ هَذَا مَا
يُعْلِنُهُ الرَّبُّ عَنْ شَلُّومَ بْنِ يُوشِيَّا مَلِكِ يَهُوذَا،
الَّذِي تَوَلَّى الْعَرْشَ عِوَضَ أَبِيهِ، وَالَّذِي خَرَجَ مَنْفِيّاً
مِنْ هَذَا الْمَكَانِ: «إِنَّهُ لَنْ يَرْجِعَ إِلَى هُنَا بَعْدُ. 12بَلْ
يَمُوتُ فِي مَنْفَاهُ الَّذِي سَبَوْهُ إِلَيْهِ وَلَنْ يَرْجِعَ لِيَرَى
هَذِهِ الأَرْضَ ثَانِيَةً».
مصير الظالم
13«وَيْلٌ لِمَنْ يَبْنِي
بَيْتَهُ عَلَى الظُّلْمِ وَمَخَادِعَهُ الْعَالِيَةَ عَلَى الْجَوْرِ،
الَّذِي يَسْتَخْدِمُ جَارَهُ مَجَّاناً وَلاَ يُوْفِيهِ أُجْرَةَ
عَمَلِهِ، 14الَّذِي يَقُولُ: «سَأَبْنِي لِنَفْسِي بَيْتاً رَحْباً
وَغُرَفاً عَالِيةً فَسِيحَةً. وَأَفْتَحُ لَهُ كُوًى وَأُغَشِّيهِ
بِأَلْوَاحِ الأَرْزِ وَأَدْهُنُهُ بِأَلْوَانٍ حَمْرَاءَ. 15أَتَظُنُّ
أَنَّكَ صِرْتَ مَلِكاً لأَنَّكَ بَنَيْتَ بَيْتَكَ مِنَ الأَرْزِ؟ أَمَا
أَكَلَ أَبُوكَ وَشَرِبَ وَأَجْرَى عَدْلاً وَحَقّاً، فَتَمَتَّعَ
بِالْخَيْرَاتِ؟ 16قَدْ قَضَى بِالْعَدْلِ لِلْبَائِسِ وَالْمِسْكِينِ
فَأَحْرَزَ خَيْراً. أَلَيْسَتْ هَذِهِ هِيَ مَعْرِفَتِي؟» يَقُولُ
الرَّبُّ 17«أَمَّا أَنْتَ فَعَيْنَاكَ وَقَلْبُكَ مُتَهَافِتَةٌ عَلَى
الرِّبْحِ الْحَرَامِ، وَعَلَى سَفْكِ الدَّمِ الْبَرِيءِ، وَعَلَى
الظُّلْمِ وَالاِبْتِزَازِ».
نبوءة عن يهوياقيم
18لِذَلِكَ هَذَا مَا
يَقُولُهُ الرَّبُّ عَنْ يَهُويَاقِيمَ بْنِ يُوشِيَّا، مَلِكِ يَهُوذَا:
«لَنْ يَنْدُبَكَ أَحَدٌ قَائِلاً: آهِ يَاأَخِي أَوْ آهِ يَاأُخْتِي، أَوْ
يَنْدُبُونَ عَلَيْهِ قَائِلِينَ: آوَّاهُ يَاسَيِّدِي، أَوْ آهِ عَلَى
جَلاَلِهِ. 19بَلْ يُدْفَنُ دَفْنَ حِمَارٍ، مَجْرُوراً وَمَطْرُوحاً
خَارِجَ بَوَّابَاتِ أُورُشَلِيمَ».
الويل لأورشليم
20«اصْعَدِي يَاأُورُشَلِيمُ
إِلَى لُبْنَانَ وَاصْرُخِي. أَطْلِقِي صَوْتَكِ فِي بَاشَانَ وَأَعْوِلِي
مِنْ عَبَارِيمَ لأَنَّ جَمِيعَ مُحِبِّيكِ قَدْ سُحِقُوا. 21حَذَّرْتُكِ
فِي أَثْنَاءِ عِزِّكِ فَقُلْتِ: لَنْ أَصْغِيَ. أَنْتِ مُتَمَرِّدَةٌ
مُنْذُ صِبَاكِ لاَ تَسْمَعِينَ لِصَوْتِي. 22سَتَعْصِفُ الرِّيحُ بِكُلِّ
رُعَاتِكِ، وَيَذْهَبُ مُحِبُّوكِ إِلَى السَّبْيِ. عِنْدَئِذٍ يَعْتَرِيكِ
الْخِزْيُ وَالْعَارُ لِشَرِّكِ. 23يَاسَاكِنَةَ لُبْنَانَ الْمُعَشِّشَةَ
فِي الأَرْزِ، لَشَدَّ مَا تَئِنِّينَ عِنْدَمَا تُفَاجِئُكِ الأَوْجَاعُ،
فَتَكُونِينَ كَامْرَأَةٍ تُقَاسِي مِنَ الْمَخَاضِ».
عقاب كنياهو بن يهوياقيم
24«حَيٌّ أَنَا» يَقُولُ
الرَّبُّ، «لَوْ كَانَ كُنْيَاهُو بْنُ يَهُويَاقِيمَ مَلِكُ يَهُوذَا
خَاتِماً فِي يَدِي الْيُمْنَى لَنَزَعْتُهُ مِنْهَا. 25وَأَسْلَمْتُهُ
لِطَالِبِي نَفْسِهِ، إِلَى أَيْدِي مَنْ يَفْزَعُ مِنْهُمْ، وَإِلَى
قَبْضَةِ نَبُوخَذْنَاصَّرَ مَلِكِ بَابِلَ، وَإِلَى أَيْدِي
الْكَلْدَانِيِّينَ. 26سَأُطَوِّحُ بِهِ وَبِأُمِّهِ الَّتِي حَمَلَتْهُ
إِلَى أَرْضٍ أُخْرَى، لَمْ يُوْلَدَا فِيهَا، وَهُنَاكَ يَمُوتَانِ.
27وَلَنْ يَعُودَا قَطُّ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي يَتُوقَانِ إِلَى
الرُّجُوعِ إِلَيْهَا». 28هَذَا الرَّجُلُ كُنْيَاهُو وَعَاءٌ مَنْبُوذٌ
مُحَطَّمٌ، وَإِنَاءٌ لاَ يَحْفِلُ بِهِ أَحَدٌ. لِمَاذَا طُوِّحَ بِهِ
وَبِأَبْنَائِهِ إِلَى أَرْضٍ لاَ يَعْرِفُونَهَا؟ 29يَاأَرْضُ! يَاأَرْضُ!
يَاأَرْضُ! اسْمَعِي كَلِمَةَ الرَّبِّ: 30«سَجِّلُوا أَنَّ هَذَا
الإِنْسَانَ عَقِيمٌ، رَجُلٌ لَنْ يُفْلِحَ فِي حَيَاتِهِ، وَلَنْ يَنْجَحَ
أَحَدٌ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ فِي الْجُلُوسِ عَلَى عَرْشِ دَاوُدَ وَتَوَلِّي
مُلْكِ يَهُوذَا».
فصل
23
البقية الناجية
يَقُولُ الرَّبُّ: «وَيْلٌ
لِلرُّعَاةِ الَّذِينَ يُبِيدُونَ وَيُبَدِّدُونَ غَنَمَ رَعِيَّتِي (أَيْ
شَعْبِي)». 2لِذَلِكَ هَذَا مَا يَقُولُهُ الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ
عَنِ الرُّعَاةِ الَّذِينَ يَرْعَوْنَ شَعْبِي: «لَقَدْ بَدَّدْتُمْ
غَنَمِي (أَيْ شَعْبِي) وَطَرَدْتُمُوهَا، وَلَمْ تَتَعَهَّدُوهَا. فَهَا
أَنَا أُعَاقِبُكُمْ عَلَى شَرِّ أَعْمَالِكُمْ. 3وَأَجْمَعُ شَتَاتَ
غَنَمِي مِنْ جَمِيعِ الأَرَاضِي الَّتِي أَجْلَيْتُهَا إِلَيْهَا،
وَأَرُدُّهَا إِلَى مَرَاعِيهَا فَتَنْمُو وَتَتَكَاثَرُ، 4وَأُقِيمُ
عَلَيْهَا رُعَاةً يَتَعَهَّدُونَهَا فَلاَ يَعْتَرِيهَا خَوْفٌ مِنْ
بَعْدُ وَلاَ تَرْتَعِدُ وَلاَ تَضِلُّ.
5هَا أَيَّامٌ مُقْبِلَةٌ
أُقِيمُ فِيهَا لِدَاوُدَ ذُرِّيَّةَ بِرٍّ، مَلِكاً يَسُودُ بِحِكْمَةٍ،
وَيُجْرِي فِي الأَرْضِ عَدْلاً وَحَقّاً. 6فِي عَهْدِهِ يَتِمُّ خَلاَصُ
شَعْبِ يَهُوذَا، وَيَسْكُنُ شَعْبُ إِسْرَائِيلَ آمِناً. أَمَّا الاِسْمُ
الَّذِي سَيُدْعَى بِهِ فَهُوَ: الرَّبُّ بِرُّنَا. 7لِذَلِكَ هَا أَيَّامٌ
مُقْبِلَةٌ لاَ يُرَدِّدُ فِيهَا النَّاسُ مِنْ بَعْدُ: حَيٌّ هُوَ
الرَّبُّ الَّذِي أَخْرَجَ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ دِيَارِ مِصْرَ. 8بَلْ
يَقُولُونَ: حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ الَّذِي أَخْرَجَ ذُرِّيَّةَ شَعْبِ
إِسْرَائِيلَ، وَأَتَى بِهِمْ مِنْ أَرْضِ الشِّمَالِ وَمِنْ كَافَّةِ
الدِّيَارِ الَّتِي أَجْلاَهُمْ إِلَيْهَا، فَيَسْكُنُونَ فِي أَرْضِهِمْ».
مصير الأنبياء الكذبة
9ثُمَّ تَكَلَّمَ إِرْمِيَا
عَنِ الأَنْبِيَاءِ الكَذَبَةِ فَقَالَ: «إِنَّ قَلْبِي مُنْكَسِرٌ فِي
دَاخِلِي، وَجَمِيعَ عِظَامِي تَرْتَجِفُ، فَأَنَا بِتَأْثِيرِ الرَّبِّ
وَبِفِعْلِ كَلاَمِهِ الْمُقَدَّسِ كَرَجُلٍ سَكْرَانٍ غَلَبَتْ عَلَيْهِ
الْخَمْرُ 10لأَنَّ الأَرْضَ قَدِ اكْتَظَّتْ بِالْفَاسِقِينَ، وَنَاحَتْ
مِنْ عَاقِبَةِ لَعْنَةِ اللهِ، فَجَفَّتْ مَرَاعِي الْحُقُولِ لأَنَّ
مَسَاعِيَهُمْ بَاتَتْ شِرِّيرَةً، وَجَبَرُوتَهُمْ مُسَخَّرٌ
لِلْبَاطِلِ». 11وَيَقُولُ الرَّبُّ: «النَّبِيُّ وَالْكَاهِنُ كَافِرَانِ،
وَفِي بَيْتِي وَجَدْتُ شَرَّهُمَا. 12لِذَلِكَ يُضْحِي طَرِيقُهُمَا
مَزَالِقَ لَهُمَا، تُفْضِي بِهِمَا إِلَى الظُّلُمَاتِ الَّتِي
يُطْرَدُونَ إِلَيْهَا، وَيَهْوِيانَ فِيهَا لأَنِّي أَجْلِبُ عَلَيْهِمَا
شَرّاً فِي سَنَةِ عِقَابِهِمَا». 13فِي أَوْسَاطِ أَنْبِيَا ءِ
السَّامِرَةِ شَهِدْتُ أُمُوراً كَرِيهَةً، إِذْ تَنَبَّأُوا بِاسْمِ
الْبَعْلِ، وَأَضَلُّوا شَعْبِي إِسْرَائِيلَ. 14وَفِي أَوْسَاطِ
أَنْبِيَاءِ أُورُشَلِيمَ رَأَيْتُ أُمُوراً مَهُولَةً: يَرْتَكِبُونَ
الْفِسْقَ، وَيَسْلُكُونَ فِي الأَكَاذِيبِ، يُشَدِّدُونَ أَيْدِي فَاعِلِي
الإِثْمِ لِئَلاَّ يَتُوبَ أَحَدٌ عَنْ شَرِّهِ. صَارُوا جَمِيعاً
كَسُكَّانِ سَدُومَ وَأَصْبَحَ أَهْلُهَا كَأَهْلِ عَمُورَةَ. 15لِذَلِكَ
هَذَا مَا يَقُولُهُ الرَّبُّ الْقَدِيرُ عَنِ الأَنْبِيَاءِ: «هَا أَنَا
أُطْعِمُهُمْ أَفْسَنْتِيناً وَأَسْقِيهِمْ مَاءً مَسْمُوماً، لأَنَّهُ
مِنْ أَنْبِيَاءِ أُورُشَلِيمَ شَاعَ الْكُفْرُ فِي كُلِّ أَرْجَاءِ
الأَرْضِ».
النبوءات الكاذبة
16«لاَ تَسْمَعُوا
لأَقْوَالِ الأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ يَتَنَبَّأُونَ لَكُمْ
وَيَخْدَعُونَكُمْ بِالأَوْهَامِ، لأَنَّهُمْ يَنْطِقُونَ بِرُؤَى
مُخَيَّلاَتِهِمْ، وَلاَ يَتَكَلَّمُونَ بِمَا أَوْحَى بِهِ فَمِي.
17قَائِلِينَ بِإِصْرَارٍ لِمَنْ يَحْتَقِرُونَنِي: قَدْ أَعْلَنَ الرَّبُّ
أَنَّ السَّلاَمَ يَسُودُكُمْ وَيُرَدِّدُونَ لِكُلِّ مَنْ يَجْرِي وَرَاءَ
أَهْوَاءِ قَلْبِهِ: لَنْ يُصِيبَكُمْ ضَرُّ. 18مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ
بَيْنَهُمْ مَنْ مَثَلَ فِي مَجْلِسِ الرَّبِّ وَرَأَى وَأَنْصَتَ
لِكَلِمَتِهِ، وَلاَ مَنْ أَصْغَى لِقَوْلِهِ وَأَطَاعَهُ.
19هَا عَاصِفَةُ سُخْطِ
الرَّبِّ قَدِ انْطَلَقَتْ، وَزَوْبَعَةٌ هَوْجَاءُ قَدْ ثَارَتْ
لِتَجْتَاحَ رُؤُوسَ الأَشْرَارِ. 20فَغَضَبُ الرَّبِّ لَنْ يَرْتَدَّ
حَتَّى يُنْجِزَ مَقَاصِدَ قَلْبِهِ الَّتِي سَتُدْرِكُونَهَا بِوُضُوحٍ
فِي آخِرِ الأَيَّامِ. 21إِنِّي لَمْ أُرْسِلْ هَؤُلاَءِ الأَنْبِيَاءَ،
وَمَعَ ذَلِكَ انْطَلَقُوا رَاكِضِينَ، وَلَمْ أُوْحِ لَهُمْ وَمَعَ ذَلِكَ
يَتَنَبَّأُونَ. 22لَوْ مَثَلُوا حَقّاً فِي مَجْلِسِي لَبَلَّغُوا
كَلاَمِي لِشَعْبِي، وَلَكَانُوا رَدُّوهُمْ عَنْ مَسَاوِئِهِمْ وَعَنْ
شَرِّ أَعْمَالِهِمْ.
الرؤى الكاذبة
23أَلَعَلِّي أَرَى فَقَطْ
مَا يَجْرِي عَنْ قُربٍ، وَلَسْتُ إِلَهاً يَرْقُبُ مَا يَجْرِي عَنْ
بُعْدٍ؟ 24أَيُمْكِنُ لأَحَدٍ أَنْ يَتَوَارَى فِي أَمَاكِنَ خَفِيَّةٍ
فَلاَ أَرَاهُ؟ أَمَا أَمْلأُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ؟ 25قَدْ سَمِعْتُ
مَا نَطَقَ بِهِ الْمُتَنَبِّئُونَ بِاسْمِي زُوراً قَائِلِينَ: قَدْ
حَلِمْتُ، قَدْ حَلِمْتُ. 26إِلَى مَتَى يَظَلُّ هَذَا الْخِدَاعُ
مَكْنُوناً فِي قُلُوبِ الْمُتَنَبِّئِينَ زُوراً؟ إِنَّهُمْ حَقّاً
أَنْبِيَاءُ خِدَاعٍ، يَتَنَبَّأُونَ بَأَوْهَامِ قُلُوبِهِمْ.
27فَيُنَسُّونَ شَعْبِي اسْمِي بِمَا يَقُصُّهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ
عَلَى صَاحِبِهِ مِنْ أَحْلاَمِهِ، كَمَا نَسِيَ آبَاؤُهُمُ اسْمِي لأَجْلِ
وَثَنِ الْبَعْلِ. 28فَلْيَقُصَّ النَّبِيُّ الْحَالِمُ حُلْمَهُ. وَلَكِنْ
مَنْ لَدَيْهِ كَلِمَتِي فَلْيُعْلِنْهَا بِالْحَقِّ، إِذْ مَاذَا يَجْمَعُ
بَيْنَ التِّبْنِ وَالْحِنْطَةِ؟ 29أَلَيْسَتْ كَلِمَتِي كَالنَّارِ،
وَكَالْمِطْرَقَةِ الَّتِي تُحَطِّمُ الصُّخُورَ؟ 30لِذَلِكَ هَا أَنَا
أُقَاوِمُ هَؤُلاَءِ الأَنْبِيَاءَ الَّذِينَ يَنْتَحِلُ كُلٌّ مِنْهُمْ
كَلاَمَ الآخَرِ، 31وَأُقَاوِمُ الأَنْبِيَاءَ الَّذِينَ يُسَخِّرُونَ
أَلْسِنَتَهُمْ قَائِلِينَ: الرَّبُّ يَقُولُ هَذَا. 32هَا أَنَا أُقَاوِمُ
الْمُتَنَبِّئِينَ بِأَحْلاَمٍ كَاذِبَةٍ وَيَقُصُّونَهَا مُضِلِّينَ
شَعْبِي بِأَكَاذِيبِهِمْ وَاسْتِخْفَافِهِمْ، مَعَ أَنِّي لَمْ
أُرْسِلْهُمْ وَلَمْ أُكَلِّفْهُمْ بِشَيْءٍ. وَلاَ جَدْوَى مِنْهُمْ
لِهَذَا الشَّعْبِ.
الوحي الكاذب وأنبياؤه
33إِذَا سَأَلَكَ أَحَدٌ
مِنْ هَذَا الشَّعْبِ أَوْ نَبِيٌّ أَوْ كَاهِنٌ: مَا هُوَ وَحْيُ قَضَاءِ
الرَّبِّ؟ فَأَجِبْهُمْ: أَنْتُمْ وَحْيُ قَضَائِهِ. وَسَأَطْرَحُكُمْ،
يَقُولُ الرَّبُّ. 34أَمَّا النَّبِيُّ أَوِ الْكَاهِنُ أَوْ أَيُّ وَاحِدٍ
مِنَ الشَّعْبِ يَدَّعِي قَائِلاً: هَذَا وَحْيُ الرَّبِّ، فَإِنِّي
سَأُعَاقِبُهُ مَعَ أَهْلِ بَيْتِهِ. 35لِذَلِكَ هَكَذَا يُوَاظِبُ كُلُّ
وَاحِدٍ عَلَى الْقَوْلِ لِصَاحِبِهِ، وَكُلُّ جَارٍ لِجَارِهِ: مَا هُوَ
جَوَابُ الرَّبِّ؟ أَوْ بِمَاذَا تَكَلَّمَ الرَّبُّ؟ 36أَمَّا ادِّعَاءُ
وَحْيِ الرَّبِّ فَلاَ تَذْكُرُوهُ مِنْ بَعْدُ، فَإِنَّ كَلِمَةَ
الْمَرْءِ تَغْدُو وَحْيَ قَضَائِهِ، إِذْ قَدْ حَرَّفْتُمْ كَلاَمَ
الإِلَهِ الْحَيِّ، الرَّبِّ الْقَدِيرِ، إِلَهِنَا. 37لِذَلِكَ هَذَا مَا
تَسْأَلُ بِهِ النَّبِيَّ: بِمَاذَا أَجَابَ الرَّبُّ، وَبِمَاذَا
تَكَلَّمَ؟» 38فَإِنِ ادَّعَيْتُمْ وَحْيَ قَضَاءِ الرَّبِّ، فَهَذَا مَا
يُعْلِنُهُ الرَّبُّ: لأَنَّكُمُ ادَّعَيْتُمْ وَحْيَ قَضَائِهِ بَعْدَ
أَنْ حَظَرْتُهُ عَلَيْكُمْ قَائِلاً: لاَ تَقُولُوا هَذَا وَحْيُ
قَضَائِهِ» 39لِذَلِكَ هَا أَنَا أَنْسَاكُمْ تَمَاماً، وَأَطْرُدُكُمْ
مِنْ مَحْضَرِي أَنْتُمْ وَالْمَدِينَةَ الَّتِي وَهَبْتُهَا لَكُمْ
وَلِآبَائِكُمْ. 40وَأُلْحِقُ بِكُمْ عَاراً أَبَدِيّاً وَخِزْياً لاَ
يُنْسَى».
فصل
24
سلتا التين
وَبَعْدَمَا سَبَى
نَبُوخَذْنَاصَّرُ مَلِكُ بَابِلَ، يَكُنْيَا بْنَ يَهُويَاقِيمَ مَلِكَ
يَهُوذَا مَعَ سَائِرِ رُؤَسَاءِ يَهُوذَا، وَالنَّجَّارِينَ
وَالْحَدَّادِينَ، مِنْ أُورُشَلِيمَ، وَأَتَى بِهِمْ إِلَى بَابِلَ،
أَرَانِي الرَّبُّ فِي رُؤْيَا سَلَّتَيْ تِينٍ مَوْضُوعَتَيْنِ أَمَامَ
هَيْكَلِ الرَّبِّ. 2وَكَانَ فِي إِحْدَى السَّلَّتَيْنِ تِينٌ جَيِّدٌ
كَالتِّينِ الْبَاكُورِيِّ، وَفِي الأُخْرَى تِينٌ رَدِيءٌ تَعَافُ
النَّفْسُ أَكْلَهُ مِنْ فَرْطِ رَدَاءَتِهِ. 3فَقَالَ لِيَ الرَّبُّ:
«مَاذَا تَرَى يَاإِرْمِيَا؟» فَأَجَبْتُ: «تِيناً: الْجَيِّدُ مِنْهُ
يَمْتَازُ بِجَوْدَتِهِ، وَالرَّدِيءُ مِنْهُ تَعَافُهُ النَّفْسُ لِفَرْطِ
رَدَاءَتِهِ».
4فَقَالَ الرَّبُّ لِي:
5هَذَا مَا يُعْلِنُهُ الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ: سَأَعْتَنِي
بِالْمَسْبِيِّينَ مِنْ يَهُوذَا الَّذِينَ أَجْلَيْتُهُمْ لِخَيْرِهِمْ
عَنْ هَذَا الْمَوْضِعِ إِلَى أَرْضِ الْكَلْدَانِيِّينَ، كَمِثْلِ هَذَا
التِّينِ الْجَيِّدِ. 6وَسَأَرْعَاهُمْ بِعَيْنَيَّ لِخَيْرِهِمْ،
وَأَرُدُّهُمْ إِلَى هَذِهِ الأَرْضِ، وَأَبْنِيهِمْ وَلاَ أَهْدِمُهُمْ،
وَأَغْرِسُهُمْ وَلاَ أَسْتَأْصِلُهُمْ. 7وَأَهَبُهُمْ قَلْباً
لِيَعْرِفُوا أَنِّي أَنَا الرَّبُّ، فَيَكُونُوا لِي شَعْباً وَأَكُونَ
لَهُمْ إِلَهاً، لأَنَّهُمْ يَرْجِعُونَ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ قُلُوبِهِمْ.
8أَمَّا صِدْقِيَّا مَلِكُ
يَهُوذَا وَعُظَمَاؤُهُ وَسَائِرُ أَهْلِ أُورُشَلِيمَ الَّذِينَ مَكَثُوا
فِي هَذِهِ الأَرْضِ وَالَّذِينَ نَزَحُوا إِلَى دِيَارِ مِصْرَ، فَإِنِّي
أَجْعَلُهُمْ مِثْلَ هَذَا التِّينِ الرَّدِيءِ الَّذِي تَعَافُ النَّفْسُ
أَكْلَهُ لِفَرْطِ رَدَاءَتِهِ. 9وَأُوْقِعُهُمْ فِي الضِّيقِ وَالشَّرِّ
فِي جَمِيعِ مَمَالِكِ الأَرْضِ، وَأَجْعَلُهُمْ عَاراً وَعِبْرَةً
وَأُحْدُوثَةً وَلَعْنَةً فِي جَمِيعِ الأَمَاكِنِ الَّتِي أُجْلِيهِمْ
إِلَيْهَا. 10وَأُعَرِّضُهُمْ لِلسَّيْفِ وَالْجُوعِ وَالْوَبَاءِ حَتَّى
يَفْنَوْا فِي الأَرْضِ الَّتِي وَهَبْتُهَا لَهُمْ وَلِآبَائِهِمْ».
فصل
25
سبي يهوذا ومصير بابل
النُّبُوءَةُ الَّتِي
أَوْحَى بِهَا الرَّبُّ إِلَى إِرْمِيَا عَنْ جَمِيعِ شَعْبِ يَهُوذَا، فِي
السَّنَةِ الرَّابِعَةِ مِنْ حُكْمِ يَهُويَاقِيمَ بْنِ يُوشِيَّا مَلِكِ
يَهُوذَا، الْمُوَافِقَةِ لِلسَّنَةِ الأُولَى مِنْ مُلْكِ
نَبُوخَذْنَاصَّرَ مَلِكِ بَابِلَ، 2وَالَّتِي خَاطَبَ بِهَا إِرْمِيَا
النَّبِيُّ كُلَّ شَعْبِ يَهُوذَا وَجَمِيعَ سُكَّانِ أُورُشَلِيمَ
قَائِلاً: 3«عَلَى مَدَى ثَلاَثٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً، أَيْ مُنْدُ
السَّنَةِ الثَّالِثَةَ عَشَرَةَ مِنْ حُكْمِ يُوشِيَّا بْنِ آمُونَ مَلِكِ
يَهُوذَا، وَحَتَّى هَذَا الْيَوْمِ، وَالرَّبُّ يُوْحِي إِلَيَّ
بِكَلِمَتِهِ، فَخَاطَبْتُكُمْ بِهَا تَكْرَاراً مُنْذُ الْبَدْءِ
وَلَكِنَّكُمْ لَمْ تَسْمَعُوا. 4وَمَعَ أَنَّ الرَّبَّ قَدْ وَاظَبَ عَلَى
إِرْسَالِ عَبِيدِهِ الأَنْبِيَاءِ إِلَيْكُمْ، فَإِنَّكُمْ لَمْ تُصْغُوا
وَلَمْ تَسْتَمِعُوا لإِنْذَارَاتِهِ. 5وَقَدْ قَالُوا لَكُمْ: تُوبُوا
الآنَ. لِيَرْجِعْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ عَنْ طُرُقِهِ الشِّرِّيرَةِ
وَمُمَارَسَاتِهِ الأَثِيمَةِ فَتُقِيمُوا فِي الأَرْضِ الَّتِي وَهَبَهَا
لَكُمُ الرَّبُّ عَلَى مَدَى الدُّهُورِ، 6وَلاَ تَضِلُّوا وَرَاءَ آلِهَةٍ
أُخْرَى لِتَعْبُدُوهَا وَتَسْجُدُوا لَهَا، وَلاَ تُثِيرُوا غَيْظِي بِمَا
تَصْنَعُهُ أَيْدِيكُمْ مِنْ أَوْثَانٍ. عِنْدَئِذٍ لاَ أُنْزِلُ بِكُمْ
أَذًى. 7غَيْرَ أَنَّكُمْ لَمْ تَسْمَعُوا لِي، بَلْ أَثَرْتُمْ غَيْظِي
بِمَا جَنَتْهُ أَيْدِيكُمْ، فَاسْتَجْلَبْتُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمُ
الشَّرَّ».
8لِذَلِكَ هَكَذَا يَقُولُ
الرَّبُّ الْقَدِيرُ: «لأَنَّكُمْ عَصَيْتُمْ كَلاَمِي، 9فَهَا أَنَا
أُجَنِّدُ جَمِيعَ قَبَائِلِ الشِّمَالِ بِقِيَادَةِ نَبُوخَذْنَاصَّرَ
عَبْدِي، وَآتِي بِهَا إِلَى هَذِهِ الأَرْضِ فَيَجْتَاحُونَهَا
وَيُهْلِكُونَ جَمِيعَ سُكَّانِهَا مَعَ سَائِرِ الأُمَمِ الْمُحِيطَةِ
بِهَا، وَأَجْعَلُهُمْ مَثَارَ دَهْشَةٍ وَصَفِيرٍ، وَخَرَائِبَ
أَبَدِيَّةً. 10وَأُبِيدُ مِنْ بَيْنِهِمْ أَهَازِيجَ الْفَرَحِ
وَالطَّرَبِ وَصَوْتَ غِنَاءِ الْعَرِيسِ وَالْعَرُوسِ، وَضَجِيجَ الرَّحَى
وَنُورَ السِّرَاجِ. 11فَتُصْبِحُ هَذِهِ الأَرْضُ بِأَسْرِهَا قَفْراً
خَرَاباً، وَتُسْتَعْبَدُ جَمِيعُ هَذِهِ الأُمَمِ لِمَلِكِ بَابِلَ
طَوَالَ سَبْعِينَ سَنَةً.
12وَفِي خِتَامِ
السَّبْعِينَ سَنَةً أُعَاقِبُ مَلِكَ بَابِلَ وَأُمَّتَهُ، وَأَرْضَ
الْكَلْدَانِيِّينَ عَلَى إِثْمِهِمْ، وَأُحَوِّلُهَا إِلَى خَرَابٍ
أَبَدِيٍّ»، يَقُولُ الرَّبُّ. 13«وَأُنَفِّذُ فِي تِلْكَ الأَرْضِ كُلَّ
الْقَضَاءِ الَّذِي نَطَقْتُ بِهِ عَلَيْهَا، كُلَّ مَا دُوِّنَ فِي هَذَا
الْكِتَابِ وَتَنَبَّأَ بِهِ إِرْمِيَا عَلَى جَمِيعِ الأُمَمِ. 14إِذْ
أَنَّ أُمَماً كَثِيرَةً وَمُلُوكاً عُظَمَاءَ يَسْتَعْبِدُونَهُمْ
أَيْضاً، وَهَكَذَا أُجَازِيهِمْ بِمُقْتَضَى أَفْعَالِهِمْ وَمَا جَنَتْهُ
أَيْدِيهِمْ مِنْ أَعْمَالٍ أَثِيمَةٍ».
كأس غضب الله
15وَهَذَا مَا أَعْلَنَهُ
لِيَ الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ: «خُذْ كَأْسَ خَمْرِ غَضَبِي مِنْ
يَدِي، وَاسْقِ مِنْهَا جَمِيعَ الأُمَمِ الَّتِي أُرْسِلُكَ إِلَيْهَا،
16فَتَشْرَبَ وَتَتَرَنَّحَ، وَتُجَنَّ بِفِعْلِ السَّيْفِ الَّذِي
أُرْسِلُهُ بَيْنَهَا». 17فَتَنَاوَلْتُ الْكَأْسَ مِنْ يَدِ الرَّبِّ
وَسَقَيْتُ مِنْهَا جَمِيعَ الأُمَمِ الَّتِي بَعَثَنِي إِلَيْهَا
الرَّبُّ: 18أُورُشَلِيمَ وَمُدُنَ يَهُوذَا وَمُلُوكَهَا وَعُظَمَاءَهَا،
لأَجْعَلَهَا قَفْراً خَرَاباً وَمَثَارَ صَفِيرٍ وَلَعْنَةٍ إِلَى هَذَا
الْيَوْمِ. 19وَسَقَيْتُ مِنْهَا كَذَلِكَ فِرْعَوْنَ مَلِكَ مِصْرَ
وَخُدَّامَهُ وَعُظَمَاءَهُ وَكُلَّ شَعْبِهِ، 20وَكُلَّ الْغُرَبَاءِ
الْمُقِيمِينَ فِي وَسَطِهِمْ، وَجَمِيعَ مُلُوكِ أَرْضِ عُوصَ، وَسَائِرَ
مُلُوكِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ: مُلُوكَ أَشْقَلُونَ، وَغَزَّةَ،
وَعَقْرُونَ وَبَقِيَّةَ أَشْدُودَ، 21وَآدُومَ، وَمُوآبَ، وَبَنِي
عَمُّونَ، 22وَكُلَّ مُلُوكِ صُورَ وَصَيْدُونَ وَمُلُوكَ الْجَزَائِرِ
عَبْرَ الْبَحْرِ، 23وَدَدَانَ وَتَيْمَاءَ وَبُوزَ، وَكُلَّ ذَوِي
الشَّعْرِ الْمَقْصُوصِ الزَّوَايَا، 24وَكُلَّ مُلُوكِ الْعَرَبِ،
وَسَائِرَ مُلُوكِ الْقَبَائِلِ الْمُنْضَمَّةِ إِلَيْهِمْ الْمُقِيمِينَ
فِي الصَّحْرَاءِ، 25وَكُلَّ مُلُوكِ زِمْرِي، وَعِيلاَمَ، وَجَمِيعَ
مُلُوكِ مَادِي. 26وَكُلَّ مُلُوكِ الشِّمَالِ، الْقَرِيبِينَ
وَالْبَعِيدِينَ، الْوَاحِدَ تِلْوَ الآخَرِ، وَكُلَّ الْمَمَالِكِ
الْمُنْتَشِرَةِ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ. ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَشْرَبُ
مِنْهَا مَلِكُ بَابِلَ. 27ثُمَّ قُلْ لَهُمْ، هَذَا مَا يُعْلِنُهُ
الرَّبُّ الْقَدِيرُ إِلَهُ إِسْرَ ائِيلَ: اشْرَبُوا وَاثْمَلُوا
وَتَقَيَّأُوا وَاسْقُطُوا صَرْعَى، وَلاَ تَقُومُوا مِنْ جَرَّاءِ
السَّيْفِ الَّذِي أُرْسِلُهُ فِي وَسَطِكُمْ. 28وَإِنْ أَبَوْا أَنْ
يَتَنَاوَلُوا الْكَأْسَ مِنْ يَدِكَ لِيَشْرَبُوا مِنْهَا، فَقُلْ لَهُمْ:
هَذَا مَا يُعْلِنُهُ الرَّبُّ الْقَدِيرُ: لاَبُدَّ لَكُمْ مِنْ
شُرْبِهَا، 29لأَنِّي شَرَعْتُ أُعَاقِبُ الْمَدِينَةَ الَّتِي دُعِيَ
اسْمِي عَلَيْهَا، فَهَلْ تُفْلِتُونَ أَنْتُمْ مِنَ الْعِقَابِ؟ فَهَا
أَنَا قَدْ سَلَّطْتُ السَّيْفَ عَلَى جَمِيعِ سُكَّانِ الأَرْضِ، يَقُولُ
الرَّبُّ الْقَدِيرُ.
انتقام السرب
30أَمَّا أَنْتَ فَتَنَبَّأْ
عَلَيْهِمْ بِكُلِّ هَذَا الْقَضَاءِ، وَقُلْ لَهُمْ: «الرَّبُّ يَزْأَرُ
مِنَ الْعَلاَءِ، وَمِنَ مَسْكَنِ قُدْسِهِ يُدَوِّي صَوْتُهُ. يَزْأَرُ
زَئِيراً عَلَى مَسْكِنِهِ، وَيَجْهَرُ هَاتِفاً عَلَى جَمِيعِ سُكَّانِ
الأَرْضِ كَمَا يَجْهَرُ الدَّائِسُونَ عَلَى الْعِنَبِ». 31قَدْ بَلَغِتِ
الْجَلَبَةُ جَمِيعَ أَقَاصِي الأَرْضِ، لأَنَّ لِلرَّبِّ دَعْوَى عَلَى
الأُمَمِ، فَيَدْخُلُ فِي مُحَاكَمَةٍ مَعَ الْبَشَرِ، وَيُلْقِي
بِالأَشْرَارِ إِلَى السَّيْفِ. 32هَا الشَّرُّ يَنْدَفِعُ مِنْ أُمَّةٍ
إِلَى أُمَّةٍ، وَهَا زَوْبَعَةٌ رَهِيبَةٌ تَثُورُ مِنْ أَقْصَى أَطْرَافِ
الأَرْضِ. 33وَيَنْتَشِرُ قَتْلَى غَضَبِ الرَّبِّ فِي ذَلِكَ الْيَومِ
مِنْ أَقْصَى الأَرْضِ إِلَى أَقْصَاهَا. لاَ يَنُوحُ عَلَيْهِمْ أَحَدٌ،
وَلاَ يُجْمَعُونَ وَلاَ يُدْفَنُونَ، بَلْ يَصِيرُونَ نُفَايَةً فَوْقَ
سَطْحِ الأَرْضِ.
34أَعْوِلُوا أَيُّهَا
الرُّعَاةُ وَابْكُوا، تَمَرَّغُوا فِي الرَّمَادِ يَاقَادَةَ الشَّعْبِ،
لأَنَّ أَوَانَ ذَبْحِكُمْ قَدْ حَانَ، فَأُشَتِّتُكُمْ فَتَسْقُطُونَ
(وَتَتَنَاثَرُونَ) كَإِنَاءٍ فَاخِرٍ. 35لَنْ يَبْقَى لِلرُّعَاةِ
مَلْجَأٌ يَلُوذُونَ بِهِ، وَلاَ مَهْرَبٌ لِقَادَةِ الشَّعْبِ.
36اسْمَعُوا صَوْتَ الرُّعَاةِ وَوَلْوَلَةَ قَادَةِ الشَّعْبِ، لأَنَّ
الرَّبَّ يُتْلِفُ مَرَاعِيَهُمْ. 37عَمَّ الْخَرَابُ الْمَوَاقِعَ الَّتِي
يَسُودُهَا السَّلاَمُ مِنْ فَرْطِ غَضَبِ اللهِ الْعَنِيفِ. 38قَدْ هَجَرَ
كَالشِّبْلِ عَرِينَهُ، لأَنَّ الأَرْضَ قَدْ صَارَتْ خَرَاباً مِنْ سَيْفِ
الْعَاتِي، مِنْ شِدَّةِ احْتِدَامِ غَضَبِهِ.
|