فصل
1
المجاعة والرحلة إلى أرض موآب
وَعَمَّتْ مَجَاعَةٌ فِي الْبِلاَدِ فِي أَيَّامِ حُكْمِ الْقُضَاةِ،
فَتَغَرَّبَ رَجُلٌ مِنْ بَيْتِ لَحْمِ يَهُوذَا فِي أَرْضِ مُوآبَ مَعَ
امْرَأَتِهِ وَابْنَيْهِ. 2وَكَانَ اسْمُ الرَّجُلِ أَلِيمَالِكَ وَاسْمُ
امْرَأَتِهِ نُعْمِي، وَاسْمَا وَلَدَيْهِ مَحْلُونَ وَكِلْيُونَ، وَهُمْ
أَفْرَاتِيُّونَ مِنْ بَيْتِ لَحْمِ يَهُوذَا، فَارْتَحَلُوا إِلَى بِلاَدِ
مُوآبَ وَأَقَامُوا فِيهَا. 3وَمَاتَ أَلِيمَالِكُ زَوْجُ نُعْمِي تَارِكاً
زَوْجَتَهُ وَوَلَدَيْهِ 4اللَّذَيْنِ تَزَوَّجَا مِنِ امْرَأَتَيْنِ
مُوآبِيَّتَيْنِ، اسْمُ إِحْدَاهُمَا عُرْفَةُ وَالأُخْرَى رَاعُوثُ.
وَأَقَامَا هُنَاكَ نَحْوَ عَشْرِ سَنَوَاتٍ. 5ثُمَّ مَاتَ مَحْلُونُ
وَكِلْيُونُ، وَهَكَذَا فَقَدَتِ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا وَابْنَيْهَا
وَأَصْبَحَتْ وَحِيدَةً.
نعمي وكنتاها
6وَسَمِعَتْ
نُعْمِي وَهِيَ مَازَالَتْ فِي أَرْضِ مُوآبَ أَنَّ الرَّبَّ قَدْ بَارَكَ
شَعْبَهُ وَأَخْصَبَ أَرْضَهُمْ، 7فَقَامَتْ هِيَ وَكَنَّتَاهَا
وَانْطَلَقَتْ مِنْ مُوآبَ نَحْوَ بِلاَدِهَا، وَرَافَقَتْهَا كَنَّتَاهَا
فِي طَرِيقِ الْعَوْدَةِ إِلَى أَرْضِ يَهُوذَا. 8فَقَالَتْ نُعْمِي
لِكَنَّتَيْهَا: «هَيَّا لِتَرْجِعْ كُلٌّ مِنْكُمَا إِلَى بَيْتِ
أُمِّهَا، وَلْيُبَارِكْكُمَا الرَّبُّ كَمَا أَحْسَنْتُمَا إِلَيَّ
وَإِلَى زَوْجَيْكُمَا الْمُتَوَفَّيَيْنِ. 9وَلْيُنْعِمِ الرَّبُّ عَلَى
كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا بِزِيجَةٍ أُخْرَى سَعِيدَةٍ، وَقَبَّلَتْهُمَا
وَانْخَرَطْنَ جَمِيعاً فِي الْبُكَاءِ بِصَوْتٍ مُرْتَفِعٍ.
10وَلَكِنَّهُمَا قَالَتَا لَهَا: «لا، سَنَمْضِي مَعَكِ إِلَى شَعْبِكِ».
11فَأَجَابَتْ نُعْمِي: «ارْجِعَا يَابِنْتَيَّ. لِمَاذَا تَأْتِيَانِ
مَعِي؟ هَلْ أَنَا قَادِرَةٌ بَعْدُ عَلَى إِنْجَابِ بَنِينَ حَتَّى
يَكْبُرُوا فَيَكُونُوا لَكُمَا أَزْوَاجاً؟ 12عُودَا يَابِنْتَيَّ،
وَاذْهَبَا، فَأَنَا قَدْ شِخْتُ، وَلَمْ أَعُدْ صَالِحَةً لأَكُونَ
زَوْجَةَ رَجُلٍ. وَحَتَّى لَوْ أَمَّلْتُ أَنْ أَتَزَوَّجَ اللَّيْلَةَ
وَأُنْجِبَ بَنِينَ أَيْضاً، 13فَهَلْ تَنْتَظِرَانِ حَتَّى يَكْبُرُوا؟
وَهَلْ تَمْتَنِعَانِ عَنِ الزَّوَاجِ مِنْ أَجْلِهِمْ؟ لاَ يَابِنْتَيَّ،
فَإِنَّنِي حَزِينَةٌ جِدّاً مِنْ أَجْلِكُمَا لأَنَّ يَدَ الرَّبِّ قَدْ
عَاقَبَتْنِي فَأَصَابَكُمَا الضَّرَرُ أَيْضاً». 14ثُمَّ أَجْهَشْنَ
ثَانِيَةً فِي الْبُكَاءِ بِصَوْتٍ مُرْتَفِعٍ. وَقَبَّلَتْ عُرْفَةُ
حَمَاتَهَا وَفَارَقَتْهَا، وَأَمَّا رَاعُوثُ فَالْتَصَقَتْ بِهَا.
راعوث تقرر البقاء مع حماتها
15فَقَالَتْ
نُعْمِي لَهَا: «هَا سِلْفَتُكِ قَدْ رَجَعَتْ إِلَى قَوْمِهَا
وَآلِهَتِهَا، فَافْعَلِي أَنْتِ مِثْلَهَا». 16فَأَجَابَتْهَا رَاعُوثُ:
«لاَ تُلِحِّي عَلَيَّ كَيْ أَتْرُكَكِ وَأُفَارِقَكِ، لأَنَّهُ حَيْثُمَا
ذَهَبْتِ أَذْهَبُ، وَحَيْثُمَا مَكَثْتِ أَمْكُثُ. شَعْبُكِ شَعْبِي،
وَإِلَهُكِ إِلَهِي. 17حَيْثُمَا مُتِّ أَمُوتُ وَأُدْفَنُ.
وَلْيُعَاقِبْنِي الرَّبُّ أَشَدَّ عِقَابٍ إِنْ تَخَلَّيْتُ عَنْكِ،
وَلَنْ يُفَرِّقَنِي عَنْكِ سِوَى الْمَوْتِ». 18فَلَمَّا رَأَتْ أَنَّهَا
مُصِرَّةٌ عَلَى الذَّهَابِ مَعَهَا، كَفَّتْ عَنْ مُحَاوَلَةِ
إِقْنَاعِهَا بِالرُّجُوعِ. 19وَتَابَعَتَا سَيْرَهُمَا حَتَّى دَخَلَتَا
بَيْتَ لَحْمٍ، وَمَا إِنْ بَلَغَتَا الْمَدِينَةَ حَتَّى أَثَارَ
رُجُوعُهُمَا أَهْلَهَا وَتَسَاءَلُوا: «أَهَذِهِ هِيَ نُعْمِي؟»
20فَقَالَتْ لَهُمْ: «لاَ تَدْعُونِي نُعْمِي بَلْ مُرَّةَ، لأَنَّ اللهَ
الْقَدِيرَ قَدْ مَرَّرَ حَيَاتِي. 21لَقَدْ خَرَجْتُ مُمْتَلِئَةً
وَأَرْجَعَنِي الرَّبُّ فَارِغَةَ الْيَدَيْنِ. فَلِمَاذَا تَدْعُونَنِي
نُعْمِيَ وَالرَّبُّ قَدْ أَذَلَّنِي وَالْقَدِيرُ قَدْ فَجَعَنِي؟»
22وَهَكَذَا رَجَعَتْ نُعْمِي وَكَنَّتُهَا رَاعُوثُ الْمُوآبِيَّةُ مِنْ
بِلاَدِ مُوآبَ، فَكَانَ وُصُولُهُمَا إِلَى بَيْتِ لَحْمٍ فِي مُسْتَهَلِّ
مَوْسِمِ حَصَادِ الشَّعِيرِ.
فصل
2
راعوث تلتقط السنابل في الحقل
وَكَانَ لِنُعْمِي قَرِيبٌ وَاسِعُ الثَّرَاءِ وَالنُّفُوذِ، مِنْ
عَشِيرَةِ أَلِيمَالِكَ زَوْجِهَا، اسْمُهُ بُوعَزُ. 2فَقَالَتْ رَاعُوثُ
الْمُوآبِيَّةُ لِنُعْمِي: «دَعِينِي أَذْهَب إِلَى الْحَقْلِ وَأَلْتَقِطِ
السَّنَابِلَ الْمُتَخَلِّفَةَ عَنْ أَيِّ وَاحِدٍ أَحْظَى بِرِضَاهُ».
فَأَجَابَتْهَا: «اذْهَبِي يَابِنْتِي» 3فَمَضَتْ إِلَى حَقْلٍ وَشَرَعَتْ
تَلْتَقِطُ السَّنَابِلَ وَرَاءَ الْحَصَّادِينَ.
بوعز يأمر حاصديه بالإِحسان إلى راعوث
4وَاتَّفَقَ
أَنَّ قِطْعَةَ الْحَقْلِ الَّتِي رَاحَتْ رَاعُوثُ تَلْتَقِطُ مِنْهَا
السَّنَابِلَ، كَانَتْ مِلْكاً لِبُوعَزَ مِنْ عَشِيرَةِ أَلِيمَالِكَ.
5وَجَاءَ بُوعَزُ مِنْ بَيْتِ لَحْمٍ وَقَالَ لِلْحَصَّادِينَ: «الرَّبُّ
مَعَكُمْ». فَأَجَابُوهُ «يُبَارِكُكَ الرَّبُّ». 6فَسَأَلَ بُوعَزُ
غُلاَمَهُ الْمُشْرِفَ عَلَى الْحَصَّادِينَ: «مَنْ هَذِهِ الْفَتَاةُ؟»
فَأَجَابَهُ: «هِيَ فَتَاةٌ مُوآبِيَّةٌ، رَجَعَتْ مَعْ نُعْمِي مِنْ
بِلاَدِ مُوآبَ. 7وَطَلَبَتْ قَائِلَةً: دَعُونِي أَلْتَقِطْ وَأَجْمَعِ
السَّنَابِلَ الْمُتَسَاقِطَةَ بَيْنَ الْحُزَمِ وَرَاءَ الْحَصَّادِينَ،
وَقَدْ ظَلَّتْ تَلْتَقِطُ مِنَ الصَّبَاحِ إِلَى الآنَ، لَمْ تَسْتَرِحْ
فِي الظِّلِّ إِلاَّ قَلِيلاً».
حديث بوعز مع راعوث
8فَقَالَ
بُوعَزُ لِرَاعُوثَ: «اسْتَمِعِي يَاابْنَتِي، امْكُثِي هُنَا
لِتَلْتَقِطِي السَّنَابِلَ وَلاَ تَذْهَبِي إِلَى حَقْلٍ آخَرَ،
وَلاَزِمِي فَتَيَاتِي الْعَامِلاَتِ فِيهِ. 9رَاقِبِي الْحَقْلَ الَّذِي
يَحْصُدُهُ الْحَصَّادُونَ وَاذْهَبِي وَرَاءَهُمْ، فَقَدْ أَوْصَيْتُ
الْغِلْمَانَ أَلاَّ يَمَسُّوكِ بِسُوءٍ. وَإِذَا شَعَرْتِ بِالْعَطَشِ
فَاذْهَبِي وَاشْرَبِي مِنَ الآنِيَةِ الَّتِي مَلأُوهَا». 10فَانْحَنَتْ
بِرَأْسِهَا إِلَى الأَرْضِ وَقَالَتْ لَهُ: «كَيْفَ لَقِيتُ حُظْوَةً
لَدَيْكَ فَاهْتَمَمْتَ بِي أَنَا الْغَرِيبَةِ؟» 11فَأَجَابَهَا بُوعَزُ:
«لَقَدْ بَلَغَنِي مَا أَحْسَنْتِ بِهِ إِلَى حَمَاتِكِ بَعْدَ مَوْتِ
زَوْجِكِ، حَتَّى إِنَّكِ تَخَلَّيْتِ عَنْ أَبِيكِ وَأُمِّكِ وَأَرْضِ
مَوْلِدِكِ، وَجِئْتِ إِلَى شَعْبٍ لَمْ تَعْرِفِيهِ مِنْ قَبْلُ.
12لِيُكَافِئْكِ الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ، الَّذِي جِئْتِ لَتَحْتَمِي
تَحْتَ جَنَاحَيْهِ، وَفْقاً لإِحْسَانِكِ. وَلْيَكُنْ أَجْرُكِ كَامِلاً
مِنْ عِنْدِهِ». 13فَقَالَتْ: «لَيْتَنِي أَظَلُّ مُتَمَتِّعَةً بِرِضَى
سَيِّدِي، فَقَدْ عَزَّيْتَنِي وَطَيَّبْتَ قَلْبَ جَارِيَتِكَ، مَعْ
أَنَّنِي لاَ أُسَاوِي وَاحِدَةً مِنْ جَوَارِيكَ». 14وَعِنْدَمَا حَلَّ
مَوْعِدُ الأَكْلِ، قَالَ لَهَا بُوعَزُ: «تَقَدَّمِي وَكُلِي بَعْضَ
الْخُبْزِ، وَاغْمِسِي لُقْمَتَكِ فِي الْخَمْرِ». فَجَلَسَتْ بِجَانِبِ
الْحَصَّادِينَ، فَنَاوَلَهَا فَرِيكاً فَأَكَلَتْ وَشَبِعَتْ وَفَاضَ
عَنْهَا. 15ثُمَّ قَامَتْ لِتَلْتَقِطَ سَنَابِلَ. فَأَمَرَ بُوعَزُ
غِلْمَانَهُ قَائِلاً: «اتْرُكُوهَا تَلْتَقِطُ سَنَابِلَ بَيْنَ حُزَمِ
الشَّعِيرِ أَيْضاً وَلاَ تَمَسُّوهَا بِأَذًى، 16بَلِ انْتَزِعُوا بَعْضَ
السَّنَابِلِ مِنَ الْحُزَمِ وَاتْرُكُوهَا لَهَا لِتَلْتَقِطَهَا، وَلاَ
تُضَايِقُوهَا».
بوعز هو قريب نعمي
17وَظَلَّتْ
رَاعُوثُ تَلْتَقِطُ إِلَى الْمَسَاءِ. ثُمَّ خَبَطَتِ السَّنَابِلَ
الَّتِي الْتَقَطَتْهَا فَوَجَدَتْ أَنَّهَا نَحْوَ إِيْفَةِ شَعِيرٍ (أَيْ
نَحْوَ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ لِتْرَ شَعِيرٍ)، 18فَحَمَلَتْهَا
وَقَدُمَتْ بِهَا إِلَى الْمَدِينَةِ. فَرَأَتْ حَمَاتُهَا مَا
الْتَقَطَتْهُ، ثُمَّ أَخْرَجَتْ مَا فَاضَ عَنْهَا مِنْ طَعَامٍ بَعْدَ
شَبْعِهَا وَأَعْطَتْهُ لِحَمَاتِهَا 19الَّتِي سَأَلَتْهَا: «أَيْنَ
الْتَقَطْتِ الْيَوْمَ، وَفِي أَيِّ حَقْلٍ عَمِلْتِ؟ لِيُبَارِكِ الرَّبُّ
مَنْ كَانَ عَطُوفاً عَلَيْكِ». فَأَخْبَرَتْ رَاعُوثُ حَمَاتَهَا عَمَّنِ
اشْتَغَلَتْ فِي حَقْلِهِ وَقَالَتْ: «اسْمُ الرَّجُلِ الَّذِي عَمِلْتُ
فِي حَقْلِهِ الْيَوْمَ هُوَ بُوعَزُ». 20فَقَالَتْ نُعْمِي لِكَنَّتِهَا:
«لِيَكُنِ الرَّبُّ مُبَارَكاً لأَنَّهُ لَمْ يَتَخَلَّ عَنِ الإِحْسَانِ
إِلَى الأَحْيَاءِ وَالأَمْوَاتِ». ثُمَّ اسْتَطْرَدَتْ: «إِنَّ الرَّجُلَ
قَرِيبٌ لَنَا، وَهُوَ مِنْ أَوْلِيَائِنَا». 21فَقَالَتْ رَاعُوثُ
الْمُوآبِيَّةُ: «لَقَدْ طَلَبَ مِنِّي أَنْ أُلاَزِمَ عُمَّالَهُ حَتَّى
يَسْتَوْفُوا حَصَادَهُ». 22فَقَالَتْ نُعْمِي لِرَاعُوثَ كَنَّتِهَا:
«خَيْرٌ لَكِ أَنْ تُلاَزِمِي فَتَيَاتِهِ لِئَلاَّ يَقَعَ بِكِ أَذًى لَوْ
عَمِلْتِ فِي حَقْلِ آخَرَ». 23فَلاَزَمَتْ رَاعُوثُ فَتَيَاتِ بُوعَزَ
اللاَّقِطَاتِ السَّنَابِلَ، حَتَّى تَمَّ حَصَادُ الشَّعِيرِ
وَالْحِنْطَةِ أَيْضاً وَأَقَامَتْ مَعْ حَمَاتِهَا.
فصل
3
نعمي تسعى في زواج راعوث
وَذَاتَ يَوْمٍ قَالَتْ نُعْمِي لِكَنَّتِهَا رَاعُوثَ: «هَلْ أُحَاوِلُ
أَنْ
أَجِدَ لَكِ زَوْجاً يَرْعَاكِ فَتَنْعَمِي بِالْخَيْرِ؟
2أَلَيْسَ بُوعَزُ الَّذِي عَمِلْتِ مَعْ فَتَيَاتِهِ قَرِيباً لَنَا؟ هَا
هُوَ يُذَرِّي بَيْدَرَ الشَّعِيرِ اللَّيْلَةَ، 3فَاغْتَسِلِي
وَتَطَيَّبِي وَارْتَدِي أَجْمَلَ ثِيَابِكِ وَاذْهَبِي إِلَى الْبَيْدَرِ،
وَلاَ تَدَعِي الرَّجُلَ يَكْتَشِفُ وُجُودَكِ حَتَّى يَفْرَغَ مِنَ
الأَكْلِ وَالشُّرْبِ. 4وَعِنْدَمَا يَضْطَجِعُ عَايِنِي مَوْضِعَ
اضْطِجَاعِهِ، ثُمَّ ادْخُلِي إِلَيْهِ وَارْفَعِي الْغِطَاءَ عِنْدَ
قَدَمَيْهِ وَارْقُدِي هُنَاكَ، وَهُوَ يُطْلِعُكِ عَمَّا تَفْعَلِينَ».
5فَأَجَابَتْهَا: «سَأَفْعَلُ كُلَّ مَا تَقُولِينَ».
راعوث تقوم بزيارة بوعز
6وَتَوَجَّهَتْ
رَاعُوثُ إِلَى الْبَيْدَرِ وَنَفَّذَتْ مَا أَشَارَتْ بِهِ عَلَيْهَا
حَمَاتُهَا. 7فَبَعْدَ أَنْ أَكَلَ بُوعَزُ وَشَرِبَ وَطَابَتْ نَفْسُهُ
وَمَضَى لِيَرْقُدَ عِنْدَ الطَّرَفِ الْقَصِيِّ مِنْ كُومَةِ الشَّعِيرِ،
تَسَلَّلَتْ رَاعُوثُ وَرَفَعَتِ الْغِطَاءَ عِنْدَ قَدَمَيْهِ وَنَامَتْ.
8وَعِنْدَ مُنْتَصَفِ اللَّيْلِ تَقَلَّبَ الرَّجُلُ فِي نَوْمِهِ
مُضْطَرِباً، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَالْتَفَتَ حَوْلَهُ وَإِذَا بِهِ يَجِدُ
امْرَأَةً رَاقِدَةً عِنْدَ قَدَمَيْهِ، 9فَتَسَاءَلَ: «مَنْ أَنْتِ؟»
فَأَجَابَتْ: «أَنَا رَاعُوثُ أَمَتُكَ، فَابْسُطْ هُدْبَ ثَوْبِكَ عَلَى
أَمَتِكَ لأَنَّكَ قَرِيبٌ وَوَلِيٌّ». 10فَقَالَ: «لِيُبَارِكْكِ الرَّبُّ
يَابِنْتِي لأَنَّ مَا أَظْهَرْتِهِ مِنْ إِحْسَانٍ الآنَ هُوَ أَعْظَمُ
مِمَّا أَظْهَرْتِهِ سَابِقاً، فَأَنْتِ لَمْ تَتَهَافَتِي عَلَى
الشُّبَّانِ، فُقَرَاءَ كَانُوا أَوْ أَغْنِيَاءَ. 11وَالآنَ لاَ تَخَافِي
يَاابْنَتِي، سَأَفْعَلُ كُلَّ مَا تَطْلُبِينَ، فَأَهْلُ مَدِينَتِي
كُلُّهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّكِ امْرَأَةٌ فَاضِلَةٌ. 12صَحِيحٌ أَنَّنِي
قَرِيبٌ وَلِيٌّ، وَلَكِنْ هُنَاكَ مَنْ هُوَ وَلِيٌّ أَقْرَبُ مِنِّي.
13نَامِي اللَّيْلَةَ، وَفِي الصَّبَاحِ إِنْ قَامَ ذَلِكَ الْقَرِيبُ
الأَوْلَى بِحَقِّ الْوَلِيِّ وَتَزَوَّجَكِ، فَحَسَناً يَفْعَلُ. وَإِنْ
أَبَى قَضَاءَ وَاجِبِ الْوَلِيِّ، فَأُقْسِمُ بِالرَّبِّ الْحَيِّ أَنْ
أَتَزَوَّجَكِ، فَارْقُدِي الآنَ إِلَى الصَّبَاحِ».
بوعز يزود راعوث بالشعير
14فَنَامَتْ
عِنْدَ قَدَمَيْهِ حَتَّى الصَّبَاحِ، ثُمَّ نَهَضَتْ مُبَكِّرَةً جِدّاً
فِي وَقْتٍ لاَ يَتَمَكَّنُ الْمَرْءُ فِيهِ مِنْ تَمْيِيزِ صَاحِبِهِ،
وَقَالَ لَهَا: «لاَ تُخْبِرِي أَحَداً أَنَّكِ جِئْتِ إِلَى الْبَيْدَرِ».
15ثُمَّ قَالَ لَهَا أَيْضاً: «هَاتِي الرِّدَاءَ الَّذِي عَلَيْكِ
وَامْسِكِيهِ» فَفَعَلَتْ، فَكَالَ لَهَا سِتَّةَ أَكْيَالٍ مِنَ
الشَّعِيرِ (نَحْوَ سِتَّةٍ وَثَلاَثِينَ لِتْراً) وَحَمَّلَهَا إِيَّاهَا،
ثُمَّ دَخَلَتْ إِلَى الْمَدِينَةِ. 16فَأَقْبَلَتْ عَلَى حَمَاتِهَا،
فَسَأَلَتْهَا: «مَاذَا حَدَثَ يَاابْنَتِي؟» فَقَصَّتْ عَلَيْهَا كُلَّ
مَا صَنَعَهُ الرَّجُلُ لَهَا. 17وَقَالَتْ: «وَقَدْ أَعْطَانِي سِتَّةَ
أَكْيَالٍ مِنَ الشَّعِيرِ قَائِلاً: «لاَ تَرْجِعِي فَارِغَةَ الْيَدَيْنِ
إِلَى حَمَاتِكِ». 18فَقَالَتْ لَهَا نُعْمِي: «انْتَظِرِي يَابِنْتِي
رَيْثَمَا نَتَبَيَّنَ نَتِيجَةَ الأَمْرِ، لأَنَّ الرَّجُلَ لَنْ يَقِرَّ
لَهُ قَرَارٌ حَتَّى يُنْهِيَ الأَمْرَ كُلَّهُ الْيَوْمَ».
فصل
4
المساومة على شراء أملاك نعمي
فَانْطَلَقَ بُوعَزُ إِلَى سَاحَةِ بَوَّابَةِ الْمَدِينَةِ وَجَلَسَ
هُنَاكَ. فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ مَرَّ الْقَرِيبُ الْوَلِيُّ الَّذِي
تَحَدَّثَ عَنْهُ بُوعَزُ، فَقَالَ لَهُ: «تَعَالَ هُنَا يَاصَدِيقِي
وَاجْلِسْ». فَمَالَ إِلَيْهِ وَجَلَسَ. 2وَاسْتَدْعَى بُوعَزُ عَشَرَةَ
رِجَالٍ مِنْ شُيُوخِ المَدِينَةِ وَقَالَ لَهُمْ: «اجْلِسُوا مَعْنَا
هُنَا». فَجَلَسُوا. 3ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى الْوَلِيِّ الأَقْرَبِ
وَقَالَ: «إِنَّ نُعْمِي الَّتِي رَجَعَتْ مِنْ بِلاَدِ مُوآبَ مُزْمِعَةٌ
عَلَى بَيْعِ قِطْعَةِ الْحَقْلِ الَّتِي لِقَرِيبِنَا أَلِيمَالِكَ.
4فَرَأَيْتُ أَنْ أُطْلِعَكَ عَلَى الأَمْرِ قَائِلاً: اشْتَرِ الْحَقْلَ
أَمَامَ الْجَالِسِينَ، وَبِحُضُورِ شُيُوخِ قَوْمِي. فَإِنْ رَغِبْتَ
فَفُكَّهُ وَإِنْ لَمْ تَرْغَبْ فَقُلْ لِي، فَأَنَا أَوْلَى بِالشِّرَاءِ
مِنْ بَعْدِكَ». فَأَجَابَهُ الرَّجُلُ: «إِنِّي أَشْتَرِيهِ». 5فَقَالَ
بُوعَزُ: «يَوْمَ تَشْتَرِي الْحَقْلَ مِنْ نُعْمِي، فَوَاجِبُكَ يَقْتَضِي
أَنْ تَتَزَوَّجَ رَاعُوثَ الْمُوآبِيَّةَ لِتُحْيِيَ اسْمَ الْمَيْتِ
عَلَى مِيرَاثِهِ». 6فَأَجَابَهُ الْوَلِيُّ الأَقْرَبُ: «لاَ يُمْكِنُنِي
أَنْ أَشْتَرِيَ الْحَقْلَ لِئَلاَّ أُفْسِدَ مِيرَاثِي، فَاشْتَرِ أَنْتَ
الْحَقْلَ عِوَضاً عَنِّي لأَنَّنِي لاَ أَسْتَطِيعُ فِكَاكَهُ».
بوعز يشتري الأملاك ويتزوج راعوث
7وَكَانَتِ
الْعَادَةُ سَابِقاً فِي إِسْرَائِيلَ بِشَأْنِ الْفِكَاكِ
وَالْمُبَادَلَةِ لأَجْلِ إِثْبَاتِ حَقِّ الأَمْرِ، أَنْ يَخْلَعَ
الرَّجُلُ نَعْلَهُ وَيُعْطِيَهُ لِلشَّارِي، لإِضْفَاءِ صِفَةِ
الشَّرْعِيَّةِ عَلَى عَقْدِ الْبَيْعِ أَوِ الْمُبَادَلَةِ.
8وَاسْتَطْرَدَ الْوَلِيُّ الأَقْرَبُ قَائِلاً لِبُوعَزَ: «اشْتَرِ
لِنَفْسِكَ»
وَخَلَعَ نَعْلَهُ.
9فَقَالَ
بُوعَزُ لِلشُّيُوخِ وَلِلْجَمْعِ الْمَاثِلِ حَوْلَهُ: «أَنْتُمْ شُهُودٌ
الْيَوْمَ أَنِّي اشْتَرَيْتُ كُلَّ مَا لأَلِيمَالِكَ وَمَا لاِبْنَيْهِ
كِلْيُونَ وَمَحْلُونَ مِنْ يَدِ نُعْمِي. 10وَكَذَلِكَ رَاعُوثُ
الْمُوآبِيَّةُ امْرَأَةُ مَحْلُونَ قَدِ اشْتَرَيْتُهَا لِي زَوْجَةً،
لأُحْيِيَ اسْمَ الْمَيْتِ عَلَى مِيرَاثِهِ، فَلاَ يَنْقَرِضَ اسْمُهُ
مِنْ بَيْنِ إِخْوَتِهِ وَمِنْ سِجِلِّ الْمَدِينَةِ. وَأَنْتُمْ شُهُودٌ
عَلَى ذَلِكَ الْيَوْمَ». 11فَقَالَ الْجَمْعُ الْمَاثِلُ عِنْدَ
بَوَّابَةِ الْمَدِينَةِ وَالشُّيُوخُ أَيْضاً: «نَحْنُ شُهُودٌ.
فَلْيَجْعَلِ الرَّبُّ الْمَرْأَةَ الدَّاخِلَةَ إِلَى بَيْتِكَ نَظِيرَ
رَاحِيلَ وَلَيْئَةَ اللَّتَيْنِ بَنَتَا بَيْتَ يَعْقُوبَ. فَلْيَتَّسِعْ
نُفُوذُكَ فِي أَفْرَاتَةَ، وَلْيَذِعِ اسْمُكَ فِي بَيْتِ لَحْمٍ.
12وَلْيَكُنْ نَسْلُكَ الَّذِي يُعْطِيكَ إِيَّاهُ الرَّبُّ مِنْ هَذِهِ
الْمَرْأَةِ كَنَسْلِ فَارَصَ الَّذِي أَنْجَبَتْهُ ثَامَارُ لِيَهُوذَا».
13فَتَزَوَّجَ
بُوعَزُ مِنْ رَاعُوثَ وَعَاشَرَهَا فَحَمَلَتْ مِنْهُ وَأَنْجَبَتِ
ابْناً. 14فَقَالَتِ النِّسَاءُ لِنُعْمِي: «لِيَكُنِ الرَّبُّ مُبَارَكاً
الَّذِي لَمْ يَحْرِمْكِ الْيَوْمَ وَلِيّاً، وَلْيَذِعِ اسْمُهُ فِي
إِسْرَائِيلَ، 15لأَنَّ كَنَّتَكِ الَّتِي أَحَبَّتْكِ هِيَ أَكْثَرُ
خَيْراً لَكِ مِنْ سَبْعَةِ أَبْنَاءٍ، وَقَدْ وَلَدَتْهُ لِيَكُونَ
سَبَباً فِي إِحْيَاءِ نَفْسِكِ وَرِعَايَتِكِ فِي شَيْخُوخَتِكِ».
16فَأَخَذَتْ نُعْمِي الْوَلَدَ فِي حِضْنِهَا، وَقَامَتْ عَلَى
تَرْبِيَتِهِ. 17وَقَالَتْ جَارَاتُهَا: «قَدْ وُلِدَ ابْنٌ لِنُعْمِي».
وَدَعَوْنَهُ عُوبِيدَ، وَهُوَ أَبُو يَسَّى أَبِي الْمَلِكِ دَاوُدَ.
مولد عوبيد جد داود
18وَهَذِهِ
هِيَ مَوَالِيدُ فَارَصَ: أَنْجَبَ فَارَصُ حَصْرُونَ. 19وَأَنْجَبَ
حَصْرُونُ رَامَ، وَأَنْجَبَ رَامُ عَمِّينَادَابَ. 20وَأَنْجَبَ
عَمِّينَادَابُ نَحْشُونَ، وَأَنْجَبَ نَحْشُونُ سَلْمُونَ. 21وَأَنْجَبَ
سَلْمُونُ بُوعَزَ، وَأَنْجَبَ بُوعَزُ عُوبِيدَ. 22وَأَنْجَبَ عُوبِيدُ
يَسَّى، وَأَنْجَبَ يَسَّى دَاُودَ.
|