الفلاسِفةِ الأبيقوريِّينَ والرِواقيِّينَ
يُجادِلونَهُ، فقالَ بَعضُهُم: «ماذا يريدُ هذا
الثَّرثارُ أنْ يقولَ؟«
وقالَ
آخرونَ: «هوَ يُبَشِّرُ بآلهةٍ غريبةٍ«،
لأنَّ بولُسَ كانَ يُبَشِّرُ بيَسوعَ والقيامَةِ.
19فأخذوا بولُسَ إلى مَجلِسِ المدينةِ في
الأرِيوباغوسَ وقالوا لَه: «نُريدُ أنْ نَعرِفَ هذا
المذهَبَ الجديدَ الذي تُبَشِّرُ بِه، 20لأنَّ
تَعاليمَهُ غريبَةِ على مَسامِعِنا، ونَحنُ نَرغَبُ في
معرِفَةِ مَعناها«.
21وكانَ الأثينيّونَ جميعًا والمُقيمونَ بَينَهُم مِنَ
الأجانِبِ يَصرِفونَ أوقاتَ فَراغِهِم كُلَّها في أنْ
يَقولوا أو يَسمَعوا شيئًا جديدًا.
22فوقَفَ بولُسُ في وسَطِ المَجلسِ وقالَ: «يا أهلَ
أثينا! أراكُم أكثرَ الناسِ تَديُّنًا في كُلِّ وجهٍ.
23لأنِّي وأنا أطوفُ في مَدينَتِكُم وأنظُرُ إلى
معابِدِكُم وجَدتُ مَذبَحًا مكتوبًا عليهِ: إلى الإلهِ
المَجهولِ. فهذا الذي تَعبُدونَهُ ولا تَعرِفونَهُ هوَ
الذي أُبشِّرُكُم بِه. 24إنَّهُ الله خالِقُ الكونِ
وكُلِّ ما فيهِ، فهوَ رَبُّ السَّماءِ والأرضِ لا
يَسكُنُ في معابِدَ بَنَتْها أيدي البَشَرِ، 25ولا
تَخدُمُه أيدٍ بَشَريَّةِ، كما لو كانَ يَحتاجُ إلى
شيءٍ، لأنَّهُ هوَ الذي يُعطي البشَرَ كُلَّهُمُ
الحياةَ ونَسمةَ الحياةِ وكُلَ شيءٍ. 26خلَقَ البشَرَ
كُلَّهُم مِنْ أصلٍ واحدٍ، وأسكنَهُم على وجهِ الأرضِ
كُلِّها، ووَقَّتَ لهُمُ الأزمِنَةَ وحَدَّدَ
لِسكناهُمُ الأماكِنَ، 27حتى يَطلُبوهُ لعَلَّهُم
يَتَلمَّسونَهُ فيَجِدوهُ، وهوَ غيرُ بَعيدٍ عَنْ
كُلِّ واحدٍ مِنا. 28فنحنُ فيهِ نَحيا ونتَحَرَّكُ
ونوجَدُ، كما قالَ أحدُهُم. ونحنُ أيضًا أبناؤُهُ، كما
قالَ شاعِرٌ آخَرُ مِنْ شُعَرائِكُم. 29وما دُمنا
أبناءَ الله، فيَجبُ علَينا أن لا نَحسُبَ
الأُلوهيَّةَ شَكلاً صنَعَهُ الإنسانُ بِفَنِّهِ
ومَهارتِهِ مِنْ ذهَبٍ أو فِضَّةٍ أو حجَرٍ. 30وإذا
كانَ الله غضَ نَظرَهُ عَنْ أزمِنةِ الجهلِ، فهوَ
الآنَ يَدعو النـاسَ كُلَّهُم في كُلِّ مكانٍ إلى
التَّوبَةِ، 31لأنَّهُ وَقَّتَ يومًا يدينُ فيهِ
العالَمَ كُلَّهُ بالعَدلِ على يَدِ رَجُلٍ اَختارَهُ،
وبَرهَنَ لجميعِ النـاسِ عَنِ اَختيارِهِ بأنْ أقامَهُ
مِنْ بَينِ الأمواتِ!
«
32فلمَّا سَمِعوهُ يَذكُرُ قيامَةَ الأمواتِ اَستهزأَ
بِه بَعضُهُم، وقالَ لَه آخرونَ: «سنَسمَعُ كلامَكَ في
هذا الشَّأنِ مرَّةً أخرى«.
33فخرَجَ
بولُسُ مِنْ بَينِهِم، 34لكنَ بَعضَهُم اَنضمُّوا
إلَيهِ وآمنوا، ومِنهُم دِيونيسيوسُ الأريوباغيُّ،
أحَدُ أعضاءِ مَجلسِ المدينةِ، واَمرأَةِ اَسمُها
داماريسُ وسِواهُما.