فصل
1
مقدمة وأهداف الأمثال
هَذِهِ هِيَ أَمْثَالُ
سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ مَلِكِ إِسْرَائِيلَ، 2لِتَعْلِيمِ الْحِكْمَةِ
وَالْفَهْمِ، وَإِدْرَاكِ مَعَانِي الٌْأَقْوَالِ الْمَأْثُورَةِ.
3وَلِلْحَثِّ عَلَى تَقَبُّلِ التَّأْدِيبِ الْفَطِنِ، وَالْبِرِّ
وَالْعَدْلِ وَالاسْتِقَامَةِ. 4فَيُحْرِزُ الْبُسَطَاءُ فِطْنَةً،
وَالأَحْدَاثُ عِلْماً وَبَصِيرَةً. 5يَسْتَمِعُ إِلَيْهَا الْحَكِيمُ
فَيَزْدَادُ حِكْمَةً، وَيَكْتَسِبُ الْفَهِيمُ مَهَارَةً، 6فِي فَهْمِ
الْمَثَلِ وَالْمَعْنَى الْبَلِيغِ وَأَقْوَالِ الْحُكَمَاءِ
الْمَأْثُورَةِ وَأَحَاجِيهِمْ. 7فَإِنَّ مَخَافَةَ الرَّبِّ هِيَ رَأْسُ
الْمَعْرِفَةِ، أَمَّا الْحَمْقَى فَيَسْتَهِينُونَ بِالْحِكْمَةِ
وَالتَّأْدِيبِ.
8اسْتَمِعْ يَاابْنِي إِلَى
تَوْجِيهِ أَبِيكَ وَلاَ تَتَنَكَّرْ لِتَعْلِيمِ أُمِّكَ. 9فَإِنَّهُمَا
إِكْلِيلُ نِعْمَةٍ يُتَوِّجُ رَأْسَكَ، وَقَلاَئِدُ تُطَوِّقُ عُنُقَكَ.
التحذير من العنف
10يَاابْنِي إِنِ
اسْتَغْوَاكَ الْخُطَاةُ فَلاَ تَقْبَلْ. 11إِنْ قَالُوا: «تَعَالَ مَعَنَا
لِنَتَرَبَّصَ بِالنَّاسِ حَتَّى نَسْفُكَ دِمَاءً أَوْ نَكْمُنَ
لِلْبَرِيءِ وَنَقْتُلَهُ لِغَيْرِ عِلَّةٍ. 12أَوْ قَالُوا لَكَ: تَعَالَ
لِنَبْتَلِعَهُمْ أَحْيَاءً كَمَا تَبْتَلِعُهُمُ الْهَاوِيَةُ
وَأَصِحَّاءَ كَالْهَابِطِينَ فِي حُفْرَةِ الْمَوْتِ 13فَنَغْنَمَ كُلَّ
نَفِيسٍ وَنَمْلأَ بُيُوتَنَا بِالأَسْلاَبِ. 14ارْبِطْ مَصِيرَكَ
بِمَصِيرِنَا، وَلْنَتَقَاسَمْ أَسْلاَبَنَا بِالتَّسَاوِي». 15إِنْ
قَالُوا لَكَ هَكَذَا فَلاَ تَسْلُكْ يَاابْنِي فِي طَرِيقِهِمْ، وَاكْفُفْ
قَدَمَكَ عَنْ سَبِيلِهِمْ. 16لأَنَّ أَرْجُلَهُمْ تَسْعَى حَثِيثاً إِلَى
الشَّرِّ، وَتُسْرِعُ إِلَى سَفْكِ الدِّمَاءِ. 17فَإِنَّهُ عَبَثاً
تُنْصَبُ الشَّبَكَةُ عَلَى مَرْأَى الطَّيْرِ. 18إِنَّمَا هُمْ
يَتَرَبَّصُونَ لِسَفْكِ دَمِ أَنْفُسِهِمْ، وَيَكْمُنُونَ لإِهْدَارِ
حَيَاتِهِمْ. 19هَذَا هُوَ مَصِيرُ كُلِّ مَنْ يَثْرَى ظُلْماً، فَإِنَّ
الثَّرَاءَ الْحَرَامَ يَذْهَبُ بِحَيَاةِ قَانِيهِ.
التحذير من رفض الحكمة
20تُنَادِي الْحِكْمَةُ فِي
الْخَارِجِ؛ وَفِي الأَسْوَاقِ تَرْفَعُ صَوْتَهَا. 21عِنْدَ مُفْتَرَقَاتِ
الطُّرُقِ الْمُزْدَحِمَةِ تَهْتِفُ، وَفِي مَدَاخِلِ بَوَّابَاتِ
الْمَدِينَةِ تُرَدِّدُ أَقْوَالَهَا: 22«إِلَى مَتَى أَيُّهَا الْجُهَّالُ
تَظَلُّونَ مُوْلَعِينَ بِالسَّذَاجَةِ، وَالسَّاخِرُونَ تُسَرُّونَ
بِالسُّخْرِيَةِ، وَالْحَمْقَى بِكَرَاهِيَةِ
الْمَعْرِفَةِ؟
23إِنْ رَجَعْتُمْ عِنْدَ تَوْبِيخِي وَتُبْتُمْ، أَسْكُبْ عَلَيْكُمْ
رُوحِي وَأُعَلِّمْكُمْ كَلِمَاتِي.
24وَلَكِنْ لأَنَّكُمْ
أَبَيْتُمْ دَعْوَتِي، وَرَفَضْتُمْ يَدِي الْمَمْدُودَةَ إِلَيْكُمْ،
25وَتَجَاهَلْتُمْ كُلَّ نَصَائِحِي وَلَمْ تَقْبَلُوا تَوْبِيخِي،
26فَأَنَا أَيْضاً أَسْخَرُ عِنْدَ مُصَابِكُمْ، وَأَشْمَتُ عِنْدَ حُلُولِ
بَلِيَّتِكُمْ. 27عِنْدَمَا تَجْتَاحُكُمُ الْبَلِيَّةُ كَالْعَاصِفَةِ،
وَتَحُلُّ بِكُمُ الْكَارِثَةُ كَالزَّوْبَعَةِ، عِنْدَمَا يَعْتَرِيكُمْ
ضِيقٌ وَشِدَّةٌ، 28حِينَئِذٍ يَسْتَغِيثُونَ بِي فَلاَ أَسْتَجِيبُ،
وَيَلْتَمِسُونَنِي فَلاَ يَجِدُونَنِي. 29لأَنَّهُمْ كَرِهُوا
الْمَعْرِفَةَ وَلَمْ يُؤْثِرُوا مَخَافَةَ الرَّبِّ، 30وَتَنَكَّرُوا
لِكُلِّ مَشُورَتِي، وَاسْتَخَفُّوا بِتَوْبِيخِي. 31لِذَلِكَ يَأْكُلُونَ
ثِمَارَ أَعْمَالِهِمِ الْمُرَّةَ، وَيَشْبَعُونَ مِنْ عَوَاقِبِ
مُؤَامَرَاتِهِمْ 32لأَنَّ ضَلالَ الحَمْقَى يَقْتُلُهُمْ، وَتَرَ فَ
الجُهَّالِ يُهْلِكُهُمْ. 33أَمَّا الْمُسْتَمِعُ لِي فَيَسْكُنُ آمِناً
مُطْمَئِنّاً لاَ يُصِيبُهُ خَوْفٌ مِنَ الشَّرِّ».
فصل
2
ثواب الحكمة
يَاابْنِي إِنْ قَبِلْتَ
كَلاَمِي، وَادَّخَرْتَ وَصَايَايَ فِي قَلْبِكَ، 2وَأَرْهَفْتَ أُذُنَكَ
إِلَى الْحِكْمَةِ، وَأَمَلْتَ قَلْبَكَ نَحْوَ الْفَهْمِ، 3وَإِنْ
نَشَدْتَ الْفِطْنَةَ، وَهَتَفْتَ دَاعِياً الْفَهْمَ. 4إِنِ الْتَمَسْتَهُ
كَمَا تُلْتَمَسُ الْفِضَّةُ، وَبَحَثْتَ عَنْهُ كَمَا يُبْحَثُ عَنِ
الْكُنُوزِ الدَّفِينَةِ، 5عِنْدَئِذٍ تُدْرِكُ مَخَافَةَ الرَّبِّ
وَتَعْثُرُ عَلَى مَعْرِفَةِ اللهِ، 6لأَنَّ الرَّبَّ يَهَبُ الْحِكْمَةَ،
وَمِنْ فَمِهِ تَتَدَفَّقُ الْمَعْرِفَةُ وَالْفَهْمُ. 7يَذْخَرُ
لِلْمُسْتَقِيمِينَ فِطْنَةً، وَهُوَ تُرْسٌ لِلسَّالِكِينَ بِالْكَمَالِ.
8يَرْعَى سُبُلَ الْعَدْلِ، وَيُحَافِظُ عَلَى طَرِيقِ أَتْقِيَائِهِ.
9حِينَئِذٍ تُدْرِكُ الْعَدْلَ وَالْحَقَّ وَالاسْتِقَامَةَ، وَكُلَّ
سَبِيلٍ صَالِحٍ.
فوائد الحكمة
10إِنِ اسْتَقَرَّتِ
الْحِكْمَةُ فِي قَلْبِكَ وَاسْتَلَذَّتْ نَفْسُكَ الْمَعْرِفَةَ،
11يَرْعَاكَ التَّعَقُّلُ، وَيَحْرُسُكَ الْفَهْمُ. 12إِنْقَاذاً لَكَ مِنْ
طَرِيقِ الشَّرِّ وَمِنَ النَّاطِقِينَ بِالأَكَاذِيبِ. 13مِنَ الَّذِينَ
يَبْتَعِدُونَ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ وَيَسْلُكُونَ فِي طُرُقِ
الظُّلْمَةِ، 14الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِارْتِكَابِ الْمَسَاوِيءِ،
وَيَبْتَهِجُونَ بِنِفَاقِ الشَّرِّ، 15مِنْ ذَوِي الْمَسَالِكِ
الْمُلْتَوِيَةِ وَالسُّبُلِ الْمُعْوَجَّةِ. 16وَإِنْقَاذاً لَكَ مِنَ
الْمَرْأَةِ الْغَرِيبَةِ الْمُخَاتِلَةِ الَّتِي تَتَمَلَّقُكَ
بِكَلاَمِهَا، 17الَّتِي نَبَذَتْ شَرِيكَ صِبَاهَا وَتَنَاسَتْ عَهْدَ
إِلَهِهَا. 18لأَنَّ بَيْتَهَا يَغُوصُ عَمِيقاً إِلَى الْمَوْتِ،
وَسُبُلَهَا تُفْضِي إِلَى عَالَمِ الأَرْوَاحِ. 19كُلُّ مَنْ يَدْخُلُ
إِلَيْهَا لاَ يَرْجِعُ وَلاَ يَبْلُغُ سُبُلَ الْحَيَاةِ.
20لِهَذَا سِرْ فِي طَرِيقِ
الأَخْيَارِ، وَاحْفَظْ سَبِيلَ الأَبْرَارِ، 21لأَنَّ الْمُسْتَقِيمِينَ
يَسْكُنُونَ الأَرْضَ، وَالْكَامِلِينَ يَمْكُثُونَ دَائِماً فِيهَا.
22أَمَّا الأَشْرَارُ فَيَنْقَرِضُونَ مِنَ الأَرْضِ، وَالْغَادِرُونَ
يُسْتَأْصَلُونَ مِنْهَا.
فصل
3
بركات الحكمة
يَاابْنِي لاَ تَنْسَ
تَعَالِيمِي، وَلْيُرَاعِ قَلْبُكَ وَصَايَايَ. 2لأَنَّهَا تَمُدُّ فِي
أَيَّامِ عُمْرِكَ، وَتَزِيدُكَ سِنِي حَيَاةٍ وَسَلاَماً. 3لاَ تَدَعِ
الرَّحْمَةَ وَالأَمَانَةَ يَتَخَلَّيَانِ عَنْكَ، بَلْ تَقَلَّدْهُمَا فِي
عُنُقِكَ، وَاكْتُبْهُمَا عَلَى صَفْحَةِ قَلْبِكَ، 4فَتَحْظَى بِالرِّضَى
وَحُسْنِ السِّيرَةِ فِي عُيُونِ اللهِ وَالنَّاسِ.
5اتَّكِلْ عَلَى الرَّبِّ
مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَعَلَى فِطْنَتِكَ لاَ تَعْتَمِدْ. 6اعْرِفِ
الرَّبَّ فِي كُلِّ طُرُقِكَ وَهُوَ يُقَوِّمُ سُبُلَكَ.
7لاَ تَكُنْ حَكِيماً فِي
عَيْنَيْ نَفْسِكَ بَلِ اتَّقِ الرَّبَّ وَحِدْ عَنِ الشَّرِّ،
8فَيَتَمَتَّعَ جَسَدُكَ بِالصِّحَّةِ، وَعِظَامُكَ بِالارْتِوَاءِ.
9أَكْرِمِ الرَّبَّ مِنْ مَالِكَ، وَمِنْ أَوَائِلِ غَلاَتِ مَحَاصِيلِكَ.
10فَتَمْتَلِيءَ أَهْرَاؤُكَ وَفْرَةً، وَتَفِيضَ مَعَاصِرُكَ خَمْراً.
11يَاابْنِي لاَ تَحْتَقِرْ
تَأْدِيبَ الرَّبِّ وَلاَ تَكْرَهْ تَوْبِيخَهُ، 12لأَنَّ الرَّبَّ
يُؤَدِّبُ مَنْ يُحِبُّهُ، وَيُسَرُّ بِهِ كَمَا يُسَرُّ أَبٌ بِابْنِهِ.
13طُوبَى لِلإِنْسَانِ
الَّذِي عَثَرَ عَلَى الْحِكْمَةِ وَلِلرَّجُلِ الَّذِي أَحْرَزَ فَهْماً،
14لأَنَّ مَكَاسِبَهَا أَفْضَلُ مِنْ مَكَاسِبِ الْفِضَّةِ، وَأَرْبَاحَهَا
خَيْرٌ مِنْ أَرْبَاحِ الذَّهَبِ الْخَالِصِ. 15هِيَ أَثْمَنُ مِنَ
الْجَوَاهِرِ، وَكُلُّ نَفَائِسِكَ لاَ تُعَادِلُهَا. 16فِي يَمِينِهَا
حَيَاةٌ مَدِيدَةٌ وَفِي يَسَارِهَا غِنًى وَجَاهٌ. 17طُرُقُهَا طُرُقُ
نِعَمٍ، وَدُرُوبُهَا دُرُوبُ سَلاَمٍ. 18هِيَ شَجَرَةُ حَيَاةٍ لِمَنْ
يَتَشَبَّثُ بِهَا، وَطُوبَى لِمَنْ يَتَمَسَّكُ بِهَا. 19بِالْحِكْمَةِ
أَسَّسَ الرَّبُّ الأَرْضَ، وَبِالْفِطْنَةِ ثَبَّتَ السَّمَاوَاتِ فِي
مَوَاضِعِهَا. 20بِعِلْمِهِ تَفَجَّرَتِ اللُّجَجُ، وَقَطَرَ السَّحَابُ
نَدًى.
الحكيم يرث شرفاً
21فَلاَ تَبْرَحْ يَاابْنِي
هَذِهِ مِنْ أَمَامِ عَيْنَيْكَ وَاعْمَلْ بِالرَّأْيِ الصَّائِبِ
وَالتَّدْبِيرِ. 22فَيَكُونَ هَذَانِ حَيَاةً لِنَفْسِكَ وَقَلاَدَةً
تُجَمِّلُ عُنُقَكَ. 23فَتَسْلُكُ آنَئِذٍ فِي طَرِيقِكَ آمِناً وَلاَ
تَتَعَثَّرُ قَدَمُكَ. 24إِذَا اضْطَجَعْتَ لاَ يَعْتَرِيكَ خَوْفٌ، بَلْ
تَرْقُدُ مُتَمَتِّعاً بِالنَّوْمِ اللَّذِيذِ. 25لاَ تَفْزَعْ مِنْ
بَلِيَّةٍ مُبَاغِتَةٍ، وَلاَ مِمَّا يَجْرِي عَلَى الأَشْرَارِ مِنْ
خَرَابٍ إِذَا حَلَّ بِهِمْ. 26لأَنَّ الرَّبَّ يَكُونُ مُعْتَمَدَكَ،
وَيَصُونُ رِجْلَكَ مِنَ الشَّرَكِ.
27لاَ تَحْجُبِ الإِحْسَانَ
عَنْ أَهْلِهِ كُلَّمَا كَانَ فِي وُسْعِكَ أَنْ تَقُومَ بِهِ. 28لاَ
تَقُلْ لِجَارِكَ: «اذْهَبِ الآنَ، ثُمَّ عُدْ ثَانِيَةً. غَداً أُعْطِيكَ
مَا تَطْلُبُ»، طَالَمَا لَدَيْكَ مَا يَطْلُبُ. 29لاَ تَتَآمَرْ
بِالشَّرِّ عَلَى جَارِكَ الْمُقِيمِ مُطْمَئِنّاً إِلَى جُوَارِكَ. 30لاَ
تُخَاصِمْ أَحَداً مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ طَالَمَا لَمْ يُؤْذِكَ.
31لاَ تَغَرْ مِنَ
الظَّالِمِ وَلاَ تَخْتَرْ طُرُقَهُ. 32لأَنَّ الْمُلْتَوِيَ رِجْسٌ لَدَى
الرَّبِّ، أَمَّا الْمُسْتَقِيمُونَ فَهُمْ أَهْلُ ثِقَتِهِ. 33لَعْنَةُ
الرَّبِّ تَنْصَبُّ عَلَى بَيْتِ الشِّرِّيرِ، لَكِنَّهُ يُبَارِكُ
مَسْكَنَ الصِّدِّيقِ. 34يَسخَرُ مِنَ الْمُسْتَكْبِرِينَ السَّاخِرِينَ،
وَيُغْدِقُ رِضَاهُ عَلَى الْمُتَوَاضِعِينَ 35يَرِثُ الْحُكَمَاءُ
كَرَامَةً، أَمَّا الْحَمْقَى فَيَرْتَدُونَ الْعَارَ.
فصل
4
الحكمة متفوقة
اسْتَمِعُوا أَيُّهَا
الْبَنُونَ إِلَى إِرْشَادِ الأَبِ، وَأَصْغُوا لِتَكْتَسِبُوا
الْفِطْنَةَ، 2فَإِنِّي أُقَدِّمُ لَكُمْ تَعْلِيماً صَالِحاً، فَلاَ
تُهْمِلُوا شَرِيعَتِي. 3عِنْدَمَا كُنْتُ ابْناً لأَبِي، غَضّاً وَحِيداً
لأُمِّي، 4قَالَ لِي: «ادَّخِرْ فِي قَلْبِكَ كَلاَمِي، وَاحْفَظْ
وَصَايَايَ فَتَحْيَا. 5لاَ تَنْسَ وَلاَ تُعْرِضْ عَنْ أَقْوَالِ فَمِي،
بَلْ تَلَقَّنِ الْحِكْمَةَ وَاقْتَنِ الْفِطْنَةَ. 6لاَ تَنْبِذْهَا
فَتَحْفَظَكَ. أَحْبِبْهَا فَتَصُونَكَ. 7بِدَايَةُ الْحِكْمَةِ أَنْ
تَكْسَبَ حِكْمَةً، وَاقْتَنِ الْفِطْنَةَ وَلَوْ بَذَلْتَ كُلَّ مَا
تَمْلِكُ. 8مَجِّدْهَا فَتُمَجِّدَكَ، اعْتَنِقْهَا فَتُكْرِمَكَ.
9تُتَوِّجُ رَأْسَكَ بِإِكْلِيلِ جَمَالٍ، وَتُنْعِمُ عَلَيْكَ بِتَاجِ
بَهَاءٍ».
المقارنة بين الحكيم والشرير
10اسْتَمِعْ يَاابْنِي
وَتَقَبَّلْ أَقْوَالِي، لِتَطُولَ سِنُو حَيَاتِكَ. 11قَدْ أَرْشَدْتُكَ
إِلَى طَرِيقِ الْحِكْمَةِ، وَهَدَيْتُكَ فِي مَنَاهِجِ الاسْتِقَامَةِ.
12عِنْدَمَا تَمْشِي لاَ تَضِيقُ خَطَوَاتُكَ، وَحِينَ تَرْكُضُ لاَ
تَتَعَثَّرُ. 13تَمَسَّكْ بِالإِرْشَادِ وَلاَ تَطْرَحْهُ. صُنْهُ لأَنَّهُ
حَيَاتُكَ. 14لاَ تَدْخُلْ فِي سَبِيلِ الأَشْرَارِ وَلاَ تَنْهَجْ
نَهْجَهُمْ. 15ابْتَعِدْ عَنْهُ وَلاَ تَعْبُرْ بِهِ. حِدْ عَنْهُ وَلاَ
تَجْتَزْ فِيهِ. 16فَإِنَّهُمْ لاَ يَرْكَنُونَ إِلَى النَّوْمِ مَا لَمْ
يُسِيئُوا، وَيُفَارِقُهُمُ النُّعَاسُ مَا لَمْ يُعْثِرُوا أَحَداً.
17لأَنَّهُمْ يَأْكُلُونَ خُبْزَ الشَّرِّ وَيَشْرَبُونَ خَمْرَ الظُّلْمِ.
18أَمَّا سَبِيلُ الأَبْرَارِ فَكَنُورٍ مُتَلأْلِيءٍ يَتَزَايَدُ
إِشْرَاقُهُ إِلَى أَنْ يَكْتَمِلَ النَّهَارُ، 19وَطَرِيقُ الأَشْرَارِ
كَالظُّلْمَةِ الدَّاجِيَةِ لاَ يُدْرِكُونَ مَا يَعْثُرُونَ بِهِ.
تعليمات صالحة للابن
20يَاابْنِي أَصْغِ إِلَى
كَلِمَاتِ حِكْمَتِي، وَأَرْهِفْ أُذُنَكَ إِلَى أَقْوَالِي. 21لِتَظَلَّ
مَاثِلَةً أَمَامَ عَيْنَيْكَ وَاحْتَفِظْ بِهَا فِي دَاخِلِ قَلْبِكَ،
22لأَنَّهَا حَيَاةٌ لِمَنْ يَعْثُرُ عَلَيْهَا، وَعَافِيَةٌ لِكُلِّ
جَسَدِهِ. 23فَوْقَ كُلِّ حِرْصٍ احْفَظْ قَلْبَكَ لأَنَّ مِنْهُ
تَنْبَثِقُ الْحَيَاةُ. 24انْزِعْ مِنْ فَمِكَ كُلَّ قَوْلٍ مُلْتَوٍ،
وَأَبْعِدْ عَنْ شَفَتَيْكَ خَبِيثَ الْكَلاَمِ. 25حَدِّقْ بِاسْتِقَامَةٍ
أَمَامَكَ، وَوَجِّهْ أَنْظَارَكَ إِلَى قُدَّامِكَ. 26تَبَيَّنْ مَوْقِعَ
قَدَمِكَ، فَتَضْحَى جَمِيعُ طُرُقِكَ ثَابِتَةً. 27لاَ تَحِدْ يَمِيناً
أَوْ شَمَالاً، وَأَبْعِدْ رِجْلَكَ عَنْ مَسَالِكِ الشَّرِّ.
فصل
5
تحذير من الزنى
يَاابْنِي أَصْغِ إِلَى
حِكْمَتِي، وَأَرْهِفْ أُذُنَكَ إِلَى قَوْلِ فِطْنَتِي. 2لِكَيْ تَدَّخِرَ
الْفِطْنَةَ، وَتَرْعَى شَفَتَاكَ الْعِلْمَ. 3لأَنَّ شَفَتَيِ الْمَرْأَةِ
الْعَاهِرَةِ تَقْطُرَانِ شَهْداً، وَحَدِيثَهَا أَكْثَرُ نُعُومَةً مِنَ
الزَّيْتِ، 4لَكِنَّ عَاقِبَتَهَا مُرَّةٌ كَالْعَلْقَمِ، حَادَّةٌ
كَسَيْفٍ ذِي حَدَّيْنِ. 5تَنْحَدِرُ قَدَمَاهَا إِلَى الْمَوْتِ،
وَخَطْوَاتُهَا تَتَشَبَّثُ بِالْهَاوِيَةِ. 6لاَ تَتَأَمَّلُ طَرِيقَ
الْحَيَاةِ؛ تَتَرَنَّحُ خَطْوَاتُهَا وَهِيَ لاَ تُدْرِكُ ذَلِكَ.
7وَالآنَ أَصْغُوا إِلَيَّ
أَيُّهَا الْبَنُونَ، وَلاَ تَهْجُرُوا كَلِمَاتِ فَمِي. 8أَبْعِدْ
طَرِيقَكَ عَنْهَا، وَلاَ تَقْتَرِبْ مِنْ بَابِ بَيْتِهَا، 9لِئَلاَّ
تُعْطِيَ كَرَامَتَكَ لِلآخَرِينَ، وَسِنِي عُمْرَكَ لِمَنْ لاَ يَرْحَمُ،
10فَيَسْتَهْلِكَ الْغُرَبَاءُ ثَرْوَتَكَ حَتَّى الشِّبَعِ، وَتَضْحَى
غَلَّةُ أَتْعَابِكَ فِي بَيْتِ الأَجْنَبِيِّ. 11فَتَنُوحَ فِي أَوَاخِرِ
حَيَاتِكَ، عِنْدَ فَنَاءِ لَحْمِكَ وَجَسَدِكَ، لإِصَابَتِكَ بِأَمْرَاضٍ
مُعْدِيَةٍ، 12وَتَقُولَ: «كَيْفَ مَقَتُّ التَّأْدِيبَ، وَاسْتَخَفَّ
قَلْبِي بِالتَّوْبِيخِ، 13فَلَمْ أُصْغِ إِلَى تَوْجِيهِ مُرْشِدِيَّ،
وَلاَ اسْتَمَعْتُ إِلَى مُعَلِّمِيَّ. 14حَتَّى كِدْتُ أَتْلَفُ فِي
وَسَطِ الْجُمْهُورِ وَالْجَمَاعَةِ».
مسرات الزواج ومسئولياته
15اشْرَبْ مَاءً مِنْ
جُبِّكَ، وَمِيَاهاً جَارِيَةً مِنْ بِئْرِكَ. 16أَيَنْبَغِي عَلَى
يَنَابِيعِكَ أَنْ تَفِيضَ إِلَى الْخَارِجِ كَأَنْهَارِ مِيَاهٍ فِي
الشَّوَارِعِ؟ 17لِيَكُنْ أَوْلاَدُكَ لَكَ وَحْدَكَ، لاَ نَصِيبَ
لِلْغُرَبَاءِ مَعَكَ فِيهِمْ. 18لِيَكُنْ يَنْبُوعُ عِفَّتِكَ مُبَارَكاً،
وَاغْتَبِطْ بِامْرَأَةِ شَبَابِكَ، 19فَتَكُونَ كَالظَّبْيَةِ
الْمَحْبُوبَةِ وَالْوَعْلَةِ الْبَهِيَّةِ، فَتَرْتَوِيَ مِنْ فَيْضِ
فِتْنَتِهَا، وَتَظَلَّ دَائِماً أَسِيرَ حُبِّهَا. 20لِمَاذَا تُوْلَعُ
يَاابْنِي بِالْمَرْأَةِ الْعَاهِرَةِ أَوْ تَحْتَضِنُ الْغَرِيبَةَ؟
21فَإِنَّ تَصَرُّفَاتِ الإِنْسَانِ مَكْشُوفَةٌ أَمَامَ عَيْنَيِ
الرَّبِّ، وَهُوَ يُبْصِرُ جَمِيعَ طُرُقِهِ. 22آثَامُ الْمُنَافِقِ
تَتَصَيَّدُهُ، وَيَعْلَقُ بِحِبَالِ خَطِيئَتِهِ. 23يَمُوتُ افْتِقَاراً
إِلَى التَّأْدِيبِ، وَبِحُمْقِهِ يَتَشَرَّدُ.
فصل
6
تحذير من الكسل والدَّين
يَاابْنِي إِنْ ضَمِنْتَ
أَحَداً، وَإِنْ أَخَذْتَ عَلَى نَفْسِكَ عَهْداً لِلْغَرِيبِ؛ 2إِنْ
وَقَعْتَ فِي فَخِّ أَقْوَالِ فَمِكَ، وَعَلِقْتَ بِكَلاَمِ شَفَتَيْكَ،
3فَافْعَلْ هَذَا يَاابْنِي وَنَجِّ نَفْسَكَ، لأَنَّكَ أَصْبَحْتَ تَحْتَ
رَحْمَةِ صَاحِبِكَ: اذْهَبْ تَذَلَّلْ إِلَيْهِ 4وَأَلِحَّ عَلَيْهِ. لاَ
يَغْلِبْ عَلَيْكَ النَّوْمُ، وَلاَ عَلَى أَجْفَانِكَ النُّعَاسُ، 5نَجِّ
نَفْسَكَ كَالظَّبْيِ مِنْ يَدِ الصَّيَّادِ أَوْ كَالْعُصْفُورِ مِنْ
قَبْضَةِ الْقَنَّاصِ.
مثل النملة
6اذْهَبْ إِلَى النَّمْلَةِ
أَيُّهَا الْكَسُولُ، تَمَعَّنْ فِي طُرُقِهَا وَكُنْ حَكِيماً، 7فَمَعَ
أَنَّهَا مِنْ غَيْرِ قَائِدٍ أَوْ مُدَبِّرٍ أَوْ حَاكِمٍ، 8إِلاَّ
أَنَّهَا تَخْزِنُ طَعَامَهَا فِي الصَّيْفِ، وَتَجْمَعُ مَؤُونَتَهَا فِي
مَوْسِمِ الْحَصَادِ. 9فَإِلَى مَتَى تَظَلُّ رَاقِداً أَيُّهَا
الْكَسُولُ؟ مَتَى تَهُبُّ مِنْ نَوْمِكَ؟ 10فَإِنَّ بَعْضَ النَّوْمِ،
ثُمَّ بَعْضَ الرُّقَادِ، وَطَيَّ الْيَدَيْنِ لِلْهُجُوعِ، 11تَجْعَلُ
الْفَقْرَ يُقْبِلُ عَلَيْكَ كَقَاطِعِ طَرِيقٍ، وَالْفَاقَةُ كَغَازٍ
مُسَلَّحٍ.
تحذير من النمام الأثيم
12الرَّجُلُ الْمُغْتَابُ،
الرَّجُلُ الأَثِيمُ هُوَ مَنْ يَسْعَى بِنَمِيمَةِ الْفَمِ الْكَاذِبَةِ،
13وَيَغْمِزُ بِعَيْنَيْهِ، وَيُشِيرُ بِرِجْلَيْهِ، وَيَكْشِفُ عَنْ
نَوَايَاهُ بِحَرَكَاتِ أَصَابِعِهِ. 14يَخْتَرِعُ الشَّرَّ بِقَلْبٍ
مُخَادِعٍ، وَيُثِيرُ الْخُصُومَاتِ دَائِماً. 15لِذَلِكَ تَغْشَاهُ
الْبَلايَا فَجْأَةً، وَفِي لَحْظَةٍ يَتَحَطَّمُ وَيَسْتَعْصِي شِفَاؤُهُ.
تحذير من خطايا سبع
16سِتَّةُ أُمُورٍ
يَمْقُتُهَا الرَّبُّ، وَسَبْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ لَدَيْهِ: 17عَيْنَانِ
مُتَعَجْرِفَتَانِ، وَلِسَانٌ كَاذِبٌ، وَيَدَانِ تَسْفِكَانِ دَماً
بَرِيئاً. 18وَقَلْبٌ يَتَآمَرُ بِالشَّرِّ، وَقَدَمَانِ تُسْرِعَانِ
بِصَاحِبِهِمَا لارْتِكَابِ الإِثْمِ،
19وَشَاهِدُ زُورٍ
يَنْفُثُ كَذِباً، وَرَجُلٌ يَزْرَعُ خُصُومَاتٍ بَيْنَ الإِخْوَةِ.
تحذير من الزنى
20يَاابْنِي احْفَظْ
وَصَايَا أَبِيكَ وَلاَ تَتَجَاهَلْ شَرِيعَةَ أُمِّكَ. 21اعْقِدْهَا
دَائِماً عَلَى قَلْبِكَ، وَتَقَلَّدْ بِهَا فِي عُنُقِكَ، 22فَتَهْدِيَكَ
كُلَّمَا مَشَيْتَ، وَتَرْعَاكَ كُلَّمَا نِمْتَ، وَتُنَاجِيَكَ عِنْدَمَا
تَسْتَيْقِظُ. 23فَالْوَصِيَّةُ مِصْبَاحٌ وَالشَّرِيعَةُ نُورٌ،
وَالتَّوْبِيخُ فِي سَبِيلِ التَّأْدِيبِ هُوَ طَرِيقُ حَيَاةٍ، 24لِكَيْ
تَقِيَكَ مِنَ الْمَرْأَةِ الشِّرِّيرَةِ وَمِنْ لِسَانِ الْعَاهِرَةِ
الْمَعْسُولِ. 25لاَ تَشْتَهِ جَمَالَهَا فِي قَلْبِكَ وَلا تَأْسِرْ
لُبَّكَ بِأَهْدَابِهَا. 26لأَنَّهُ بِسَبَبِ الْمَرْأَةِ الْعَاهِرَةِ
يَفْتَقِرُ الإِنْسَانُ إِلَى رَغِيفِ خُبْزٍ، وَالزَّانِيَةُ
الْمُتَزَوِّجَةُ تَقْتَنِصُ بِأَشْرَاكِهَا النَّفْسَ الْكَرِيمَةَ.
27أَيُمْكِنُ لِلْمَرْءِ أَنْ يَضَعَ نَاراً فِي حِضْنِهِ وَلاَ تَحْتَرِقَ
ثِيَابُهُ؟ 28أَوْ أَنْ يَمْشِيَ عَلَى جَمْرٍ وَلاَ تَكْتَوِيَ قَدَمَاهُ؟
29هَذَا مَا يُصِيبُ كُلَّ مَنْ يَزْنِي بِامْرَأَةِ غَيْرِهِ؛ حَتْماً
يَحُلُّ بِهِ الْعِقَابُ. 30وَمَعَ أَنَّ النَّاسَ قَدْ لاَ تَحْتَقِرُ
لِصّاً إِذَا سَرَقَ لِيُشْبِعَ بَطْنَهُ وَهُوَ جَائِعٌ، 31لَكِنْ إِذَا
قُبِضَ عَلَيْهِ مُتَلَبِّساً بِالْجَرِيمَةِ يُعَوِّضُ سَبْعَةَ
أَضْعَافٍ، حَتَّى وَلَوْ كَلَّفَهُ ذَلِكَ كُلَّ مَا يَقْتَنِيهِ.
32أَمَّا الزَّانِي فَيَفْتَقِرُ إِلَى الإِدْرَاكِ السَّلِيمِ، وَكُلُّ
مَنْ يَرْتَكِبُ الزِّنَى يُدَمِّرُ نَفْسَهُ، 33إِذْ يَتَعَرَّضُ
لِلضَّرْبِ وَالْهَوَانِ، وَعَارُهُ لاَ يُمْحَى أَبَداً. 34لأَنَّ
الْغَيْرَةَ تُفَجِّرُ غَضَبَ الرَّجُلِ فَلاَ يَرْحَمُ عِنْدَمَا يُقْدِمُ
عَلَى الانْتِقَامِ. 35لاَ يَقْبَلُ الْفِدْيَةَ، وَيَأْبَى الاسْتِرْضَاءَ
مَهْمَا أَكْثَرْتَ الرِّشْوَةَ.
فصل
7
تحذير من إغواء الزانية
يَاابْنِي احْفَظْ
أَقْوَالِي وَاذْخَرْ وَصَايَايَ مَعَكَ. 2أَطِعْ وَصَايَايَ فَتَحْيَا،
وَصُنْ شَرِيعَتِي كَحَدَقَةِ عَيْنِكَ. 3اعْصِبْهَا عَلَى أَصَابِعِكَ،
وَاكْتُبْهَا عَلَى صَفَحَاتِ قَلْبِكَ. 4قُلْ لِلْحِكْمَةِ: أَنْتِ
أُخْتِي، وَلِلْفِطْنَةِ: أَنْتِ قَرِيبَتِي. 5فَهُمَا تَحْفَظَانِكَ مِنَ
الْمَرْأَةِ الْعَاهِرَةِ، وَالزَّوْجَةِ الْفَاسِقَةِ الَّتِي تَتَمَلَّقُ
بِكَلاَمِهَا.
الابن الغبي والزانية
6فَإِنِّي أَشْرَفْتُ مِنْ
كُوَّةِ بَيْتِي، وَأَطْلَلْتُ مِنْ خِلاَلِ نَافِذَتِي، 7فَشَاهَدْتُ
بَيْنَ الْبَنِينَ الْحَمْقَى شَابّاً مُجَرَّداً مِنَ الْفَهْمِ،
8يَجْتَازُ الطَّرِيقَ صَوْبَ الْمُنْعَطَفِ، بِاتِّجَاهِ الشَّارِعِ
الْمُفْضِي إِلَى بَيْتِهَا. 9عِنْدَ الْغَسَقِ فِي الْمَسَاءِ تَحْتَ
جُنْحِ اللَّيْلِ وَالظُّلْمَةِ. 10فَإِذَا بِامْرَأَةٍ تَسْتَقْبِلُهُ فِي
زِيِّ زَانِيَةٍ وَقَلْبٍ مُخَادِعٍ. 11صَخَّابَةٌ وَجَامِحَةٌ لاَ
تَسْتَقِرُّ قَدَمَاهَا فِي بَيْتِهَا. 12تَرَ اهَا تَارَةً فِي
الْخَارِجِ، وَطَوْراً فِي سَاحَاتِ الأَسْوَاقِ، تَكْمُنُ عِنْدَ كُلِّ
مُنْعَطَفٍ. 13فَأَمْسَكَتْهُ وَقَبَّلَتْهُ وَقَالَتْ لَهُ بِوَجْهٍ
وَقِحٍ: 14«كَانَ عَلَيَّ أَنْ أُقَدِّمَ ذَبَائِحَ سَلاَمٍ، فَأَوْفَيْتُ
الْيَوْمَ نُذُورِي. 15وَقَدْ خَرَجْتُ لاِسْتِقْبَالِكَ، بَعْدَ أَنْ
بَحَثْتُ بِشَوْقٍ عَنْكَ حَتَّى وَجَدْتُكَ. 16قَدْ فَرَشْتُ سَرِيرِي
بِأَغْطِيَةٍ كَتَّانِيَّةٍ مُوَشَّاةٍ مِنْ مِصْرَ، 17وَعَطَّرْتُ
فِرَاشِي بِطِيبِ الْمُرِّ وَالْقِرْفَةِ. 18فَتَعَالَ لِنَرْتَوِيَ مِنَ
الْحُبِّ حَتَّى الصَّبَاحِ، وَنَتَلَذَّذَ بِمُتَعِ الْغَرَامِ. 19فَإِنَّ
زَوْجِي لَيْسَ فِي الْبَيْتِ، قَدْ مَضَى فِي رِحْلَةٍ بَعِيدَةٍ.
20وَأَخَذَ مَعَهُ صُرَّةً مُكْتَنِزَةً بِالْمَالِ، وَلَنْ يَعُودَ إِلاَّ
عِنْدَ اكْتِمَالِ الْبَدْرِ». 21فَأَغْوَتْهُ بِكَثْرَةِ أَفَانِينِ
كَلاَمِهَا، وَرَنَّحَتْهُ بِتَمَلُّقِ شَفَتَيْهَا. 22فَمَضَى عَلَى
التَّوِّ فِي إِثْرِهَا، كَثَوْرٍ مَسُوقٍ إِلَى الذَّبْحِ، أَوْ أَيِّلٍ
وَقَعَ فِي فَخٍّ. 23إِلَى أَنْ يَنْفُذَ سَهْمٌ فِي كَبِدِهِ، وَيَكُونَ
كَعُصْفُورٍ مُنْدَفِعٍ إِلَى شَرَكٍ، لاَ يَدْرِي أَنَّهُ قَدْ نُصِبَ
لِلْقَضَاءِ عَلَيْهِ.
24وَالآنَ أَصْغُوا إِلَيَّ
أَيُّهَا الأَبْنَاءُ، وَأَرْهِفُوا آذَانَكُمْ إِلَى أَقْوَالِ فَمِي:
25لاَ تَجْنَحْ قُلُوبُكُمْ نَحْوَ طُرُقِهَا، وَلاَ تُحَوِّمْ فِي
دُرُوبِهَا. 26فَمَا أَكْثَرَ الَّذِينَ طَرَحَتْهُمْ مُثْخَنِينَ
بِالْجِرَاحِ، وَجَمِيعُ صَرْعَاهَا أَقْوِيَاءُ. 27إِنَّ بَيْتَهَا هُوَ
طَرِيقُ الْهَاوِيَةِ الْمُؤَدِّي إِلَى مَخَادِعِ الْمَوْتِ.
فصل
8
نداء الحكمة
أَلاَ تُنَادِي الْحِكْمَةُ؟
أَلاَ يَرْتَفِعُ صَوْتُ الْفِطْنَةِ هَاتِفاً؟ 2إِنَّهَا تَقِفُ عَلَى
الْمُرْتَفَعَاتِ، فِي مُحَاذَاةِ الطَّرِيقِ، وَعِنْدَ مُلْتَقَى
الشَّوَارِعِ. 3إِلَى جُوَارِ أَبْوَابِ الْمَدِينَةِ وَفِي مَدْخَلِ
الثَّغْرِ، تَنْتَصِبُ مُجَاهِرَةً قَائِلَةً: 4إِيَّاكُمْ أَدْعُو
أَيُّهَا النَّاسُ وَأَرْفَعُ صَوْتِي بِالنِّدَاءِ إِلَى كُلِّ بَنِي
الْبَشَرِ. 5أَيُّهَا الْحَمْقَى، تَعَلَّمُوا الْفِطْنَةَ، وَأَيُّهَا
الأَغْبِيَاءُ اكْتَسِبُوا فَهْماً. 6أَنْصِتُوا لأَنَّنِي سَأَنْطِقُ
بِأَقْوَالٍ أَثِيرَةٍ، وَأَفْتَحُ شَفَتَيَّ بِكَلاَمٍ قَوِيمٍ. 7لأَنَّ
فَمِي يَتَكَلَّمُ بِالصِّدْقِ، وَشَفَتَيَّ تَمْقُتَانِ الإِثْمَ. 8كُلُّ
أَقْوَالِ فَمِي عَادِلَةٌ خَالِيَةٌ مِنْ كُلِّ الْتِوَاءٍ وَاعْوِجَاجٍ.
9قَوِيمَةٌ لَدَى الْفَهِيمِ، وَمُسْتَقِيمَةٌ لِلَّذِينَ أَدْرَكُوا
الْمَعْرِفَةَ. 10اخْتَرْ إِرْشَادِي عِوَضَ الْفِضَّةِ، وَالْمَعْرِفَةَ
بَدَلَ الذَّهَبِ الْخَالِصِ. 11لأَنَّ الْحِكْمَةَ أَفْضَلُ مِنَ
اللَّآلِيءِ، وَكُلُّ مُشْتَهَيَاتِكَ لاَ تُعَادِلُهَا.
قوة الحكمة
12أَنَا الْحِكْمَةُ
أَسْكُنُ التَّعَقُّلَ، وَأَمْلِكُ الْمَعْرِفَةَ وَالتَّدْبِيرَ.
13مَخَافَةُ الرَّبِّ كَرَاهَةُ الشَّرِّ. أَنَا قَدْ أَبْغَضْتُ
الْكِبْرِيَاءَ وَالْغَطْرَسَةَ وَطَرِيقَ السُّوءِ وَفَمَ الْمَكْرِ.
14لِي الْمَشُورَةُ وَالرَّأْيُ الصَّائِبُ، لِي الْفِطْنَةُ وَالْقُوَّةُ.
15بِمَعُونَتِي يَحْكُمُ الْمُلُوكُ، وَيَشْتَرِعُ الْحُكَّامُ مَا هُوَ
عَدْلٌ. 16بِمَعُونَتِي يَسُودُ الرُّؤَسَاءُ وَالْعُظَمَاءُ وَكُلُّ
قُضَاةِ الأَرْضِ. 17أُحِبُّ مَنْ يُحِبُّونَنِي، وَمَنْ يَجِدُّ فِي
الْبَحْثِ عَنِّي يَعْثُرُ علَيَّ. 18لَدَيَّ الثَّرَاءُ وَالْمَجْدُ
وَالْغِنَى الدَّائِمُ وَالصَّلاحُ. 19ثَمَرِي أَفْضَلُ مِنَ الذَّهَبِ
الْخَالِصِ، وَغَلَّتِي خَيْرٌ مِنَ الْفِضَّةِ الْمُنْتَقَاةِ. 20أَمْشِي
فِي طَرِيقِ الْبِرِّ، وَفِي سُبُلِ الْعَدْلِ أَسِيرُ. 21لِكَيْ أَوَرِّثَ
مُحِبِّيَّ غِنًى، وَأَمْلأَ خَزَائِنَهُمْ كُنُوزاً.
أبدية الحكمة
22اقْتَنَانِي الرَّبُّ
مُنْذُ بَدْءِ خَلْقِهِ، مِنْ قَبْلِ الشُّرُوعِ فِي أَعْمَالِهِ
الْقَدِيمَةِ. 23مُنْذُ الأَزَلِ أَنَا هُوَ، مُنْذُ الْبَدْءِ قَبْلَ أَنْ
تُوْجَدَ الأَرْضُ. 24وُلِدْتُ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَتَكَوَّنَ اللُّجَجُ
وَالْيَنَابِيعُ الْغَزِيرَةُ الْمِيَاهِ. 25وُلِدْتُ مِنْ قَبْلِ أَنْ
تَقَرَّرَتِ الْجِبَالُ وَالتِّلاَلُ. 26إِذْ لَمْ يَكُنْ قَدْ خَلَقَ
الأَرْضَ بَعْدُ، وَلاَ الْبَرَارِيَ وَلاَ بِدَايَةَ أَتْرِبَةِ
الْمَسْكُونَةِ. 27وَعِنْدَمَا ثَبَّتَ الرَّبُّ السَّمَاءَ، وَحِينَ
رَسَمَ دَائِرَةَ الأُفُقِ حَوْلَ وَجْهِ الْغَمْرِ، كُنْتُ هُنَاكَ.
28عِنْدَمَا ثَبَّتَ السُّحُبَ فِي الْعَلاَءِ، وَرَسَّخَ يَنَابِيعَ
اللُّجَجِ. 29عِنْدَمَا قَرَّرَ لِلْبَحْرِ تُخُوماً لاَ تَتَجَاوَزُهَا
مِيَاهُهُ مُتَعَدِّيَةً عَلَى أَمْرِ الرَّبِّ، وَحِينَ رَسَمَ أُسُسَ
الأَرْضِ، 30كُنْتُ عِنْدَهُ صَانِعاً مُبْدِعاً، وَكُنْتُ كُلَّ يَوْمٍ
لَذَّتَهُ، أَفِيضُ بَهْجَةً دَائِماً أَمَامَهُ. 31مُغْتَبِطَةً
بِعَالَمِهِ الْمَسْكُونِ، وَمَسَرَّاتِي مَعَ بَنِي آدَمَ.
دعوة الحكمة
32وَالآنَ أَصْغُوا إِلَيَّ
أَيُّهَا الأَبْنَاءُ، إِذْ طُوبَى لِمَنْ يُمَارِسُونَ طُرُقِي.
33اسْتَمِعُوا إِلَى إِرْشَادِي، وَكُونُوا حُكَمَاءَ وَلاَ
تَتَجَاهَلُوهُ. 34طُوبَى لِلإِنْسَانِ الَّذِي يَسْتَمِعُ إلَيَّ،
الْحَرِيصِ عَلَى السَّهَرِ عِنْدَ أَبْوَابِي، حَارِساً قَوَائِمَ
مَصَارِيعِي، 35لأَنَّ مَنْ يَجِدُنِي يَجِدُ حَيَاةً، وَيَحُوزُ عَلَى
مَرْضَاةِ الرَّبِّ. 36وَمَنْ يَضِلُّ عَنِّي يُؤْذِي نَفْسَهُ، وَمَنْ
يُبْغِضُنِي يُحِبُّ الْمَوْتَ.
فصل
9
مقارنة بين الحكمة والحماقة
الْحِكْمَةُ شَيَّدَتْ
بَيْتَهَا، وَنَحَتَتْ أَعْمِدَتَهَا السَّبْعَةَ 2ذَبَحَتْ ذَبَائِحَهَا،
وَمَزَجَتْ خَمْرَهَا، وَأَعَدَّتْ مَأْدُبَتَهَا. 3أَرْسَلَتْ
جَوَارِيَهَا لِيُنَادِينَ مِنْ أَعْلَى مَشَارِفِ الْمَدِينَةِ
قَائِلاَتٍ: 4«كُلُّ مَنْ هُوَ سَاذِجٌ
فَلْيَمِلْ إِلَى
هُنَا». وَتَدْعُو كُلَّ غَبِيٍّ قَائِلَةً: 5«تَعَالَوْا كُلُوا مِنْ
خُبْزِي وَاشْرَبُوا مِنَ الْخَمْرِ الَّتِي مَزَجْتُ. 6انْبِذُوا
الْجَهَالَةَ فَتَحْيَوْا، وَاسْلُكُوا سَبِيلَ الْفَهْمِ».
عبثية تقويم الساخر
7مَنْ يَسْعَ لِتَقْوِيمِ
السَّاخِرِ يَلْحَقْهُ الْهَوَانُ، وَمَنْ يُوَبِّخِ الشِّرِّيرَ يُعْدِهِ
عَيْبُهُ. 8لاَ تُقَرِّعِ السَّاخِرَ لِئَلاَّ يُبْغِضَكَ، وَوَبِّخِ
الْحَكِيمَ فَيُحِبَّكَ. 9اسْدِ الإِرْشَادَ إِلَى الْحَكِيمِ فَيَضْحَى
أَوْفَرَ حِكْمَةً، عَلِّمِ الصِّدِّيقَ فَيَزْدَادَ مَعْرِفَةً. 10أَوَّلُ
الْحِكْمَةِ تَقْوَى الرَّبِّ، وَمَعْرِفَةُ الْقُدُّوسِ عَيْنُ
الْفِطْنَةِ. 11إِذْ بِي تَكْثُرُ أَيَّامُكَ، وَتَطُولُ سِنُو حَيَاتِكَ.
12إِنْ كُنْتَ حَكِيماً فَلِنَفْسِكَ، وَإِنْ كُنْتَ سَاخِراً فَأَنْتَ
الْجَانِي عَلَى ذَاتِكَ.
المرأة الجاهلة
13الْمَرْأَةُ الْجَاهِلَةُ
صَخَّابَةٌ حَمْقَاءُ، مُجَرَّدَةٌ مِنْ كُلِّ مَعْرِفَةٍ. 14تَجْلِسُ
عِنْدَ بَابِ بَيْتِهَا، عَلَى مَقْعَدٍ فِي أَعْلَى مَشَارِفِ
الْمَدِينَةِ، 15تُنَادِي الْعَابِرِينَ بِهَا، السَّالِكِينَ فِي
طُرُقِهِمْ بِاسْتِقَامَةٍ قَائِلَةً: 16«كُلُّ مَنْ هُوَ جَاهِلٌ
فَلْيَمِلْ إِلَى هُنَا». وَتَقُولُ لِكُلِّ غَبِيٍّ: 17«الْمِيَاهُ
الْمَسْرُوقَةُ عَذْبَةٌ، وَالْخُبْزُ الْمَأْكُولُ خُفْيَةً شَهِيٌّ».
18وَلَكِنَّهُ لاَ يَدْرِي أَنَّ أَشْبَاحَ الْمَوْتَى هُنَاكَ، وأَنَّ
ضُيُوفَهَا مَطْرُوحُونَ فِي أَعْمَاقِ الْهَاوِيَةِ.
فصل
10
الغنى في الحكمة
هَذِهِ أَمْثَالُ
سُلَيْمَانَ: الابْنُ الْحَكِيمُ مَسَرَّةٌ لأَبِيهِ، وَالابْنُ الْجَاهِلُ
حَسْرَةٌ لأُمِّهِ. 2كُنُوزُ الْمَالِ الْحَرَامِ لاَ تُجْدِي، وَلَكِنَّ
الْحَقَّ يُنَجِّي مِنَ الْمَوْتِ. 3لاَ يُجِيعُ الرَّبُّ نَفْسَ
الصِّدِّيقِ، أَمَّا هَوَى الأَشْرَارِ فَيَنْبِذُهُ. 4الْعَامِلُ بِيَدٍ
مُسْتَرْخِيَةٍ يَفْتَقِرُ، أَمَّا الْيَدُ الْكَادِحَةُ فَتُغْنِي. 5مَنْ
يَجْمَعُ فِي الصَّيْفِ مَؤُونَتَهُ هُوَ ابْنٌ عَاقِلٌ، أَمَّا مَنْ
يَنَامُ فِي مَوْسِمِ الْحَصَادِ فَهُوَ ابْنٌ مُخْزٍ. 6تُتَوِّجُ
الْبَرَكَاتُ رَأْسَ الصِّدِّيقِ، أَمَّا فَمُ الأَشْرَارِ فَيَطْغَى
عَلَيْهِ الظُّلْمُ. 7ذِكْرُ الصِّدِّيقِ بَرَكَةٌ، وَاسْمُ الأَشْرَارِ
يَعْتَرِيهِ الْبِلَى. 8الْحَكِيمُ الْقَلْبِ يَتَقَبَّلُ الْوَصَايَا،
وَالْمُتَبَجِّحُ الشَّفَتَيْنِ مَصِيرُهُ الْخَرَابُ. 9مَنْ يَسْلُكُ
بِاسْتِقَامَةٍ يَسِيرُ مُطْمَئِنّاً، وَذُو الطُّرُقِ الْمُنْحَرِفَةِ
يُفْتَضَحُ. 10مَنْ يَغْمِزُ بِعَيْنِهِ مَكْراً يُوَلِّدُ غَمّاً.
وَالْمُوَبِّخُ بِجُرْأَةٍ يَصْنَعُ سَلاَماً.
11فَمُ الصِّدِّيقِ يَنْبُعُ
بِكَلاَمِ الْحَيَاةِ، أَمَّا فَمُ الشِّرِّيرِ فَيَطْغَى عَلَيْهِ
الظُّلْمُ. 12الْبَغْضَاءُ تُثِيرُ الْخُصُومَاتِ، وَالْمَحَبَّةُ تَسْتُرُ
جَمِيعَ الذُّنُوبِ. 13فِي شَفَتَيِ الْعَاقِلِ تَكْمُنُ حِكْمَةٌ أَمَّا
الْعَصَا فَمِنْ نَصِيبِ ظَهْرِ الأَحْمَقِ. 14الْحُكَمَاءُ يَذْخَرُونَ
الْمَعْرِفَةَ، أَمَّا فَمُ الْغَبِيِّ فَيَجْلِبُ الدَّمَارَ. 15ثَرْوَةُ
الْغَنِيِّ قَلْعَتُهُ الْحَصِينَةُ، وَفِي فَقْرِ الْمَسَاكِينِ
هَلاَكُهُمْ. 16عَمَلُ الصِّدِّيقِ يُفْضِي إِلَى الْحَيَاةِ، وَرِبْحُ
الشِّرِّيرِ يُؤَدِّي إِلَى الْخَطِيئَةِ. 17مَنْ يَعْمَلُ بِمُقْتَضَى
التَّعْلِيمِ يَسِيرُ فِي دَرْبِ الْحَيَاةِ، وَمَنْ يَرْفُضُ التَّأْدِيبَ
يَضِلُّ. 18مَنْ يُضْمِرُ الْبَغْضَاءَ تَنْطِقُ شَفَتَاهُ بِالْكَذِبِ،
وَمَنْ جَاهَرَ بِالْمَذَمَّةِ فَهُوَ أَحْمَقُ. 19فِي كَثْرَةِ الْكَلاَمِ
زَلاَّتُ لِسَانٍ، وَمَنْ يَضْبِطُ شَفَتَيْهِ فَهُوَ عَاقِلٌ. 20كَلاَمُ
الصِّدِّيقِ كَالْفِضَّةِ الْمُصَفَّاةِ، وَقَلْبُ الشِّرِّيرِ يَخْلُو
مِنْ كُلِّ قِيمَةٍ. 21كَلاَمُ الصِّدِّيقِ يُفِيدُ كَثِيرِينَ، أَمَّا
الْحَمْقَى فَيَمُوتُونَ مِنْ سُوءِ الْفَهْمِ. 22فِي بَرَكَةِ الرَّبِّ
غِنًى لاَ تُضِيفُ إِلَيْهَا الْمَشَقَّةُ تَعَباً.
تقوى الرب تطيل العمر
23ارْتِكَابُ الْفَاحِشَةِ
عِنْدَ الْجَاهِلِ كَاللَّعِبِ، أَمَّا حُسْنُ التَّصَرُّفِ فَمَسَرَّةٌ
لِلْحَكِيمِ. 24مَا يَخْشَى مِنْهُ الشِّرِّيرُ يُقْبِلُ إِلَيْهِ،
وَشَهْوَةُ الصِّدِّيقيِنَ تُمْنَحُ لَهُمْ. 25يَتَلاَشَى الشِّرِّيرُ
كَمَا تَتَلاَشَى الزَّوْبَعَةُ، أَمَّا الصِّدِّيقُ فَيَخْلُدُ إِلَى
الأَبَدِ. 26الْكَسُولُ لِمَنْ أَرْسَلَهُ كَالْخَلِّ لِلأَسْنَانِ أَوْ
كَالدُّخَانِ لِلْعَيْنَيْنِ. 27تَقْوَى الرَّبِّ تُطِيلُ أَيَّامَ
الْحَيَاةِ، أَمَّا سِنُو الشِّرِّيرِ فَتُقْصَرُ. 28الْبَهْجَةُ هِيَ
أَمَلُ الصِّدِّيقِ، وَرَجَاءُ الأَشْرَارِ مَآلُهُ الفَنَاءُ. 29طَرِيقُ
الرَّبِّ هُوَ مَلاَذٌ لِلْمُسْتَقِيمِينَ، وَدَمَارٌ لِفَاعِلِي الإِثْمِ.
30لاَ يُزَحْزَحُ الصِّدِّيقُ أَبَداً، أَمَّا الأَشْرَارُ فَلاَ
يَسْكُنُونَ الأَرْضَ. 31مِنْ فَمِ الصِّدِّيقِ تَفِيضُ الْحِكْمَةُ،
وَاللِّسَانُ الْمُخَاتِلُ يُقْطَعُ. 32شَفَتَا الصِّدِّيقِ تُدْرِكَانِ
مَا هُوَ حَقٌّ، فَتَنْطِقَانِ بِهِ، وَفَمُ الشِّرِّيرِ لاَ يَتَكَلَّمُ
إِلاَّ بِالْبَاطِلِ.
فصل
11
الصالح والطالح
الْمِيزَانُ الْمَغْشُوشُ
رِجْسٌ لَدَى الرَّبِّ، وَالْمِكْيَالُ الْوَافِي يَحُوزُ رِضَاهُ.
2حِينَمَا تُقْبِلُ الْكِبْرِيَاءُ يُقْبِلُ مَعَهَا الْهَوَانُ، أَمَّا
الْحِكْمَةُ فَتَأْتِي مَعَ الْمُتَوَاضِعِينَ. 3كَمَالُ الْمُسْتَقِيمِينَ
يَهْدِيهِمْ، وَاعْوِجَاجُ الْغَادِرِينَ يُدَمِّرُهُمْ. 4لاَ يُجْدِي
الْغِنَى فِي يَوْمِ قَضَاءِ الرَّبِّ، أَمَّا الْبِرُّ فَيُنَجِّي مِنَ
الْمَوْتِ. 5بِرُّ الْكَامِلِ يُقَوِّمُ طَرِيقَهُ، أَمَّا الشِّرِّيرُ
فَيَسْقُطُ فِي حُفْرَةِ شَرِّهِ. 6بِرُّ الْمُسْتَقِيمِ يُنَجِّيهِ،
وَالْغَادِرُونَ يُؤْخَذُونَ بِفُجُورِهِمْ. 7إِذَا مَاتَ الشِّرِّيرُ
يَفْنَى رَجَاؤُهُ، وَأَمَلُ الأَثَمَةِ يَبِيدُ. 8الصِّدِّيقُ يَنْجُو
مِنَ الضِّيقِ، وَفِي مَكَانِهِ يَحِلُّ الشِّرِّيرُ. 9يُدَمِّرُ
الْمُنَافِقُ صَاحِبَهُ بِأَقْوَالِهِ، وَيَنْجُو الصِّدِّيقُ
بِالْمَعْرِفَةِ. 10تَتَهَلَّلُ الْمَدِينَةُ لِفَلاَحِ الأَبْرَارِ،
وَيَشِيعُ هُتَافُ الْبَهْجَةِ لَدَى مَوْتِ الأَشْرَارِ. 11بِبَرَكَةِ
الْمُسْتَقِيمِينَ تَتَعَظَّمُ الْمَدِينَةُ، وَتُهْدَمُ بِسَبَبِ
أَقْوَالِ الأَشْرَارِ.
الأمين والواشي
12مَنْ يَحْتَقِرُ جَارَهُ
يَفْتَقِرُ إِلَى الإِدْرَاكِ السَّلِيمِ، وَذُو الْفِطْنَةِ يَعْتَصِمُ
بِالصَّمْتِ. 13الْوَاشِي يُفْشِي السِّرَّ، وَالأَمِينُ النَّفْسِ
يَكْتُمُهُ. 14يَسْقُطُ الشَّعْبُ حَيْثُ تَنْعَدِمُ الْهِدَايَةُ،
وَبِكَثْرَةِ الْمُشِيرِينَ يَتَحَقَّقُ الْخَلاصُ. 15مَنْ يَضْمَنُ
الْغَرِيبَ يَتَعَرَّضُ لأَشَدِّ الأَذَى، وَمَنْ يَمْقُتُ الضَّامِنِينَ
بِصَفْقِ الأَيْدِي يَطْمَئِنُّ. 16الْمَرْأَةُ الرَّقِيقَةُ الْقَلْبِ
تَحْظَى بِالْكَرَامَةِ، وَالْعُنَفَاءُ لاَ يَحْصُلُونَ إِلاَّ عَلَى
الْغِنَى. 17الرَّحِيمُ يُحْسِنُ إِلَى نَفْسِهِ، وَالْقَاسِي يُؤْذِي
ذَاتَهُ. 18الشِّرِّيرُ يَكْسَبُ أُجْرَةَ غِشٍّ زَائِلَةً، أَمَّا زَارِعُ
الْبِرِّ فَلَهُ ثَوَابٌ أَكِيدٌ دَائِمٌ. 19الْمُتَشَبِّثُ بِالْبِرِّ
يَحْيَا، وَمَنْ يَتْبَعُ الشَّرَّ يَمُوتُ. 20ذَوُو الْقُلُوبِ
الْمُعْوَجَّةِ رِجْسٌ لَدَى الرَّبِّ، وَبِذَوِي السِّيرَةِ
الْمُسْتَقِيمَةِ مَرْضَاتُهُ. 21الشِّرِّيرُ لاَ يُفْلِتُ حَتْماً مِنَ
الْعِقَابِ، أَمَّا ذُرِّيَّةُ الصِّدِّيقِينَ فَتَنْجُو. 22الْمَرْأَةُ
الْجَمِيلَةُ الْمُجَرَّدَةُ مِنَ الْحِكْمَةِ كَخِزَامَةٍ مِنْ ذَهَبٍ فِي
أَنْفِ خِنْزِيرَةٍ. 23بُغْيَةُ الصِّدِّيقِينَ الْخَيْرُ فَقَطْ، أَمَّا
تَوَقُّعَاتُ الشِّرِّيرِ فَهِيَ فِي الْغَضَبِ.
الرجل السخي
24قَدْ يَسْخُو الْمَرْءُ
بِمَا عِنْدَهُ فَيَزْدَادُ غِنًى وَيَبْخَلُ آخَرُ بِمَا عَلَيْهِ أَنْ
يَسْخُوَ بِهِ فَيَفْتَقِرُ. 25النَّفْسُ السَّخِيَّةُ تَزْدَادُ ثَرَاءً،
وَالْمُرْوِي يُرْوَى أَيْضاً. 26يَلْعَنُ الشَّعْبُ مُحْتَكِرَ
الْحِنْطَةِ، وَتَحُلُّ الْبَرَكَةُ عَلَى رَأْسِ مَنْ يَبِيعُهَا. 27مَنْ
يَسْعَى فِي الْخَيْرِ، يَلْتَمِسُ الرِّضَى، وَمَنْ يَنْشُدُ الشَّرَّ
يُقْبِلُ إِلَيْهِ. 28مَنْ يَتَّكِلُ عَلَى غِنَاهُ يَسْقُطُ، أَمَّا
الصِّدِّيقُونَ فَيَزْهُونَ كَأَوْرَاقِ الشَّجَرِ الْخَضْرَاءِ. 29مَنْ
يُكَدِّرُ حَيَاةَ أَهْلِ بَيْتِهِ يَرِثُ الرِّيحَ، وَيُصْبِحُ الأَحْمَقُ
خَادِماً لِلْحَكِيمِ. 30ثَمَرُ الصِّدِّيقِ شَجَرَةُ حَيَاةٍ، وَرَابِحُ
النُّفُوسِ حَكِيمٌ. 31إِنْ كَانَ الصِّدِّيقُ يُجَازَى عَلَى الأَرْضِ،
فَكَمْ بِالْحَرِيِّ يَكُونُ جَزَاءُ الشِّرِّيرِ وَالْخَاطِيءِ.
فصل
12
تأديبات المعرفة
مَنْ يُحِبُّ التَّأْدِيبَ
يُحِبُّ الْمَعْرِفَةَ، وَمَنْ يَمْقُتُ التَّأْنِيبَ غَبِيٌّ. 2الصَّالِحُ
يَحْظَى بِرِضَى الرَّبِّ، وَرَجُلُ الْمَكَائِدِ يَسْتَجْلِبُ قَضَاءَهُ.
3لاَ يَثْبُتُ الإِنْسَانُ بِالشَّرِّ، أَمَّا أَصْلُ الصِّدِّيقِ فَلاَ
يَتَزَعْزَعُ. 4الْمَرْأَةُ الْفَاضِلَةُ تَاجٌ لِزَوْجِهَا، أَمَّا
جَالِبَةُ الْخِزْيِ فَكَنَخْرٍ فِي عِظَامِهِ. 5مَقَاصِدُ الصِّدِّيقِ
شَرِيفَةٌ، وَتَدَابِيرُ الشِّرِّيرِ غَادِرَةٌ. 6كَلاَمُ الأَشْرَارِ
يَتَرَبَّصُ لِسَفْكِ الدَّمِ،
وَأَقْوَالُ
الْمُسْتَقِيمِينَ تَسْعَى لِلإِنْقَاذِ. 7مَصِيرُ الأَشْرَارِ
الانْهِيَارُ وَالتَّلاَشِي، أَمَّا صَرْحُ الصِّدِّيقِينَ فَيَثْبُتُ
رَاسِخاً. 8يُحْمَدُ الْمَرْءُ لِتَعَقُّلِهِ، وَيُزْدَرَى ذُو الْقَلْبِ
الْمُلْتَوِي. 9الْحَقِيرُ الْكَادِحُ خَيْرٌ مِنَ الْمُتَعَاظِمِ
الْمُفْتَقِرِ لِلُقْمَةِ الْخُبْزِ.
المحافظة على الحياة والأرض
10الصِّدِّيقُ يُرَاعِي
نَفْسَ بَهِيمَتِهِ، أَمَّا الشِّرِّيرُ فَأَرَقُّ مَرَاحِمِهِ تَتَّسِمُ
بِالْقَسْوَةِ. 11مَنْ يُفْلِحْ أَرْضَهُ، تَكْثُرْ غَلَّةُ خُبْزِهِ،
وَمَنْ يُلاَحِقُ الأَوْهَامَ فَهُوَ أَحْمَقُ. 12يَشْتَهِي الشِّرِّيرُ
مَنَاهِبَ الإِثْمِ، أَمَّا الصِّدِّيقُ فَيَزْدَهِرُ. 13يَقَعُ
الشِّرِّيرُ فِي فَخِّ أَكَاذِيبِ لِسَانِهِ، أَمَّا الصِّدِّيقُ
فَيُفْلِتُ مِنَ الضِّيقِ. 14مِنْ ثَمَرِ صِدْقِ أَقْوَالِهِ يَشْبَعُ
الإِنْسَانُ خَيْراً، كَمَا تُرَدُّ لَهُ ثِمَارُ أَعْمَالِ يَدَيْهِ.
الحكيم والأحمق
15يَبْدُو سَبِيلُ
الأَحْمَقِ صَالِحاً فِي عَيْنَيْهِ، أَمَّا الْحَكِيمُ فَيَسْتَمِعُ إِلَى
الْمَشُورَةِ. 16يُبْدِي الأَحْمَقُ غَيْظَهُ فِي لَحْظَةٍ، أَمَّا
الْعَاقِلُ فَيَتَجَاهَلُ الإِهَانَةَ. 17مَنْ يَنْطِقْ بِالصِّدْقِ
يَشْهَدْ بِالْحَقِّ، أَمَّا شَاهِدُ الزُّورِ فَيَتَكَلَّمُ بِالْكَذِبِ.
18رُبَّ مِهْذَارٍ تَنْفُذُ كَلِمَاتُهُ كَطَعَنَاتِ السَّيْفِ، وَفِي
أَقْوَالِ فَمِ الْحُكَمَاءِ شِفَاءٌ. 19أَقْوَالُ الشِّفَاهِ الصَّادِقَةِ
تَدُومُ إِلَى الأَبَدِ، أَمَّا أَكَاذِيبُ لِسَانِ الزُّورِ فَتَنْفَضِحُ
فِي لَحْظَةٍ. 20يَكْمُنُ الْغِشُّ فِي قُلُوبِ مُدَبِّرِي الشَّرِّ،
أَمَّا الْفَرَحُ فَيَمْلأُ صُدُورَ السَّاعِينَ إِلَى السَّلاَمِ. 21لاَ
يُصِيبُ الصِّدِّيقَ سُوءٌ، أَمَّا الأَشْرَارُ فَيَحِيقُ بِهِمُ الأَذَى.
22الشِّفَاهُ الْكَاذِبَةُ رِجْسٌ لَدَى الرَّبِّ، وَمَسَرَّتُهُ
بِالْعَامِلِينَ بِالصِّدْقِ.
23الْعَاقِلُ يَحْتَفِظُ
بِعِلْمِهِ، وَقُلُوبُ الْجُهَّالِ تَفْضَحُ مَا فِيهَا مِنْ سَفَاهَةٍ.
24ذُو الْيَدِ الْمُجْتَهِدَةِ يَسُودُ، وَالْكَسُولُ ذُو الْيَدِ
الْمُرْتَخِيَةِ يَخْدُمُ تَحْتَ الْجِزْيَةِ. 25الْقَلْبُ الْقَلِقُ
الْجَزِعُ يُوْهِنُ الإِنْسَانَ، وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ تُفَرِّحُهُ.
26الصِّدِّيقُ يَهْدِي صَاحِبَهُ، أَمَّا طَرِيقُ الأَشْرَارِ فَتُضِلُّهُ.
27الْمُتَقَاعِسُ لاَ يَحْظَى بِصَيْدٍ، وَأَثْمَنُ مَا لَدَى الإِنْسَانِ
هُوَ اجْتِهَادُهُ. 28سَبِيلُ الْبِرِّ يُفْضِي إِلَى الْحَيَاةِ، وَفِي
طَرِيقِهِ خُلُودٌ.
فصل
13
مصدر الثراء العظيم
الابْنُ الْحَكِيمُ يَقْبَلُ
تَأْدِيبَ أَبِيهِ، أَمَّا الْمُسْتَهْزِيءُ فَلاَ يَسْتَمِعُ
لِلانْتِهَارِ. 2مِنْ ثَمَرِ أَقْوَالِ فَمِهِ يَأْكُلُ الإِنْسَانُ
خَيْراً، وَشَهْوَةُ الْغَادِرِينَ ارْتِكَابُ الظُّلْمِ. 3مَنْ ضَبَطَ
لِسَانَهُ صَانَ حَيَاتَهُ، وَمَنْ فَغَرَ شَدْقَيْهِ مُتَهَوِّراً
بِكَلاَمِهِ، فَمَصِيرُهُ الدَّمَارُ. 4نَفْسُ الْكَسُولِ تَشْتَهِي
كَثِيراً وَلاَ تَحْصُلُ عَلَى شَيْءٍ، أَمَّا نَفْسُ الْمُجْتَهِدِ
فَتَغْنَى. 5يَمْقُتُ الصِّدِّيقُ الْكَذِبَ، أَمَّا الشِّرِّيرُ
فَبِكَثْرَةِ كَذِبِهِ يُخْزِي وَيُخْجِلُ. 6الْبِرُّ يَحْفَظُ صَاحِبَ
السِّيرَةِ الْكَامِلَةِ، وَيُطَوِّحُ الشَّرُّ بِالْخَاطِيءِ. 7رُبَّ
فَقِيرٍ مُعْدَمٍ يَتَظَاهَرُ بِالْغِنَى، وَكَثِيرِ الْغِنَى يَتَظَاهَرُ
بِالْفَقْرِ. 8يَفْتَدِي الْمَرْءُ نَفْسَهُ بِغِنَاهُ، أَمَّا الْفَقِيرُ
فَلاَ يُبَالِي بِالتَّهْدِيدِ. 9نُورُ الأَبْرَارِ يَتَلأْلأُ
بِالْبَهْجَةِ، وَسِرَاجُ الأَشْرَارِ يَنْطَفِيءُ وَيُظْلِمُ. 10تُوَلِّدُ
الْكِبْرِيَاءُ الْخُصُومَةَ، أَمَّا الْمُشَاوِرُونَ فَذَوُو حِكْمَةٍ.
11مَالُ الظُّلْمِ يَتَبَدَّدُ سَرِيعاً، وَالْمَالُ الْمُدَّخَرُ مِنْ
تَعَبِ الْيَدِ يَزْدَادُ.
مصدر الرجاء
12الأَمَلُ الْمُمَاطَلُ
يُسْقِمُ الْقَلْبَ، وَالرَّغْبَةُ الْمُتَحَقِّقَةُ شَجَرَةُ حَيَاةٍ.
13مَنِ ازْدَرَى بِكَلِمَةِ اللهِ يَجْلِبُ عَلَى نَفْسِهِ الْخَرَابَ،
وَمَنْ خَشِيَ وَصِيَّةَ اللهِ يَلْقَى الثَّوَابَ. 14شَرِيعَةُ الْحَكِيمِ
تُنْعِشُ كَيَنْبُوعِ حَيَاةٍ، وَمَنْ يَقْبَلُهَا يَتَفَادَى أَشْرَاكَ
الْمَوْتِ. 15حُسْنُ التَّعَقُّلِ يُحْرِزُ الرِّضَى، أَمَّا سَبِيلُ
الْغَادِرِينَ فَلاَ يَدُومُ. 16كُلُّ عَاقِلٍ يَعْمَلُ بِالْمَعْرِفَةِ
أَمَّا الأَحْمَقُ فَيَعْرِضُ حُمْقَهُ. 17الرَّسُولُ الشِّرِّيرُ يُوْقِعُ
النَّاسَ فِي الأَزْمَاتِ، أَمَّا السَّفِيرُ الأَمِينُ فَيُصْلِحُ بَيْنَ
الْمُتَخَاصِمِينَ. 18مَنْ يَرْفُضُ التَّأْدِيبَ يَحُلُّ بِهِ الْفَقْرُ
وَالذُّلُّ، وَمَنْ يَتَجَاوَبُ مَعَ التَّوْبِيخِ يُكْرَمُ. 19الرَّغْبَةُ
الصَّالِحَةُ الَّتِي تَتَحَقَّقُ تَلُذُّ النَّفْسَ، وَتَجَنُّبُ الشَّرِّ
رِجْسٌ لَدَى الْحَمْقَى.
20مَنْ يُعَاشِرِ
الْحُكَمَاءَ يُصْبِحْ حَكِيماً، وَرَفِيقُ الْحَمْقَى يَنَالُهُ الأَذَى.
21تُلاَحِقُ الْبَلِيَّةُ الْخُطَاةَ، وَيُثَابُ الصِّدِّيقُونَ خَيْراً.
22ثَرْوَةُ الصَّالِحِ تَدُومُ حَتَّى يَرِثَهَا الأَحْفَادُ، أَمَّا
مِيرَاثُ الْخَاطِيءِ فَمُدَّخَرٌ لِلصِّدِّيقِ. 23قَدْ يُنْتِجُ حَقْلُ
الْفَقِيرِ الْمَحْرُوثُ وَفْرَةً مِنَ الْغِلاَلِ، إِنَّمَا يُتْلِفُهَا
سُوءُ التَّبَصُّرِ. 24مَنْ كَفَّ عَنْ تَأْدِيبِ ابْنِهِ يَمْقُتُهُ،
وَمَنْ يُحِبُّ ابْنَهُ يَسْعَى إِلَى تَأْدِيبِهِ. 25يَأْكُلُ الصِّدِّيقُ
حَتَّى الشِّبَعِ، أَمَّا بَطْنُ الشِّرِّيرِ فَتَظَلُّ خَاوِيَةً.
فصل
14
الصالح والطالح
حِكْمَةُ الْمَرْأَةِ
تَبْنِي بَيْتَهَا، وَحَمَاقَتُهَا تَهْدِمُهُ بِيَدَيْهَا. 2السَّالِكُ
بِاسْتِقَامَتِهِ يَتَّقِي الرَّبَّ، وَذُو الطُّرُقِ الْمُعْوَجَّةِ
يَسْتَخِفُّ بِهِ. 3فِي أَقْوَالِ فَمِ الْجَاهِلِ سَفَاهَةٌ تُخْزِي
كِبْرِيَاءَهُ، أَمَّا شِفَاهُ الْحُكَمَاءِ فَتَصُونُهُمْ. 4الْحَظِيرَةُ
الْخَاوِيَةُ مِنَ الْبَقَرِ مَعْلَفُهَا فَارِ غٌ، وَوَفْرَةُ الْغِلاَلِ
بِقُوَّةِ الثَّوْرِ. 5الشَّاهِدُ الأَمِينُ لاَ يَكْذِبُ، وَالشَّاهِدُ
الزُّورُ يَنْفُثُ كَذِباً. 6عَبَثاً يَلْتَمِسُ الأَحْمَقُ حِكْمَةً،
أَمَّا الْعِلْمُ فَمُتَيَسِّرٌ لِلْفَطِنِ. 7انْصَرِفْ مِنْ حَضْرَةِ
الْجَاهِلِ إِذْ لاَ عِلْمَ فِي أَقْوَالِهِ. 8حِكْمَةُ الْعَاقِلِ فِي
تَبَيُّنِ حُسْنِ مَسْلَكِهِ، وَغَبَاوَةُ الْجُهَّالِ فِي ارْتِكَابِ
خِدَعِهِمْ. 9كُلُّ جَاهِلٍ يَسْتَهْزِيءُ بِالإِثْمِ، أَمَّا بَيْنَ
الْمُسْتَقِيمِينَ فَيَشِيعُ رِضَى اللهِ. 10الْقَلْبُ وَحْدَهُ يَعْرِفُ
عُمْقَ مَرَارَةِ نَفْسِهِ،
وَلاَ يُقَاسِمُهُ فَرَحَهُ
غَرِيبٌ.
الأشرار والأبرار
11بَيْتُ الأَشْرَارِ
يَنْهَارُ، وَخِبَاءُ الْمُسْتَقِيمِينَ يَزْدَهِرُ. 12رُبَّ طَرِيقٍ
تَبْدُو لِلإِنْسَانِ قَوِيمَةً، وَلَكِنَّ عَاقِبَتَهَا هُوَّةُ
الْمَوْتِ. 13فِي الضَّحِكِ أَيْضاً تَطْغَى الْكَآبَةُ عَلَى الْقَلْبِ،
وَعَاقِبَةُ الْفَرَحِ الْغَمُّ. 14ذُو الْقَلْبِ الْمُرْتَدِّ يُجَازَى
بِمُقْتَضَى طُرُقِهِ، وَالصَّالِحُ يُثَابُ. 15الْغَبِيُّ يُصَدِّقُ كُلَّ
كَلِمَةٍ تُقَالُ لَهُ، وَالْعَاقِلُ يَتَنَبَّهُ إِلَى مَوْقِعِ
خَطَوَاتِهِ. 16الْحَكِيمُ يَخْشَى الشَّرَّ وَيَتَفَادَاهُ، وَالْجَاهِلُ
يَتَصَلَّفُ وَيَدَّعِي الثِّقَةَ بِالنَّفْسِ. 17ذُو الطَّبْعِ الْحَادِّ
يَتَصَرَّفُ بِحُمْقٍ، وَذُو الْمَكَائِدِ مَمْقُوتٌ. 18يَرِثُ
الأَغْبِيَاءُ الْحَمَاقَةَ، وَيُتَوَّجُ الْعُقَلاَءُ بِالْعِلْمِ.
19يَنْحَنِي الأَشْرَارُ فِي مَحْضَرِ الأَخْيَارِ، وَالأَثَمَةُ لَدَى
الصِّدِّيقِ.
الفقير والغني
20الْفَقِيرُ مَكْرُوهٌ
حَتَّى عِنْدَ جَارِهِ، أَمَّا مُحِبُّو الْغَنِيِّ فَكَثِيرُونَ. 21مَنْ
يَحْتَقِرُ صَاحِبَهُ يَأْثَمُ، وَطُوبَى لِمَنْ يَرْحَمُ الْبَائِسِينَ.
22أَلاَ يَضِلُّ مُخْتَرِعُو
الشَّرِّ؟ أَمَّا الْعَامِلُونَ خَيْراً فَيُلاَقُونَ رَحْمَةً وَصِدْقاً.
23فِي كُلِّ جَهْدٍ مَبْذُولٍ رِبْحٌ، أَمَّا مُجَرَّدُ الْكَلاَمِ
فَيُؤَدِّي إِلَى الْفَقْرِ. 24تَاجُ الْحُكَمَاءِ غِنَى حِكْمَتِهِمْ،
وَالْحَمَاقَةُ إِكْلِيلُ الْجُهَّالِ. 25شَاهِدُ الْحَقِّ يُنَجِّي
النُّفُوسَ، وَالنَّاطِقُ بِالزُّورِ يَنْفُثُ كَذِباً. 26فِي تَقْوَى
الرَّبِّ ثِقَةٌ شَدِيدَةٌ؛ فِيهَا يَجِدُ أَبْنَاؤُهُ مَلاَذاً. 27تَقْوَى
الرَّبِّ يَنْبُوعُ حَيَاةٍ لِتَفَادِي أَشْرَاكِ الْمَوْتِ. 28فِي
كَثْرَةِ الشَّعْبِ فَخْرٌ لِلْمَلِكِ، وَفِي فُقْدَانِ الرَّعِيَّةِ
دَمَارٌ لِمَقَامِ الأَمِيرِ. 29الْبَطِيءُ الْغَضَبِ ذُو فَهْمٍ كَثِيرٍ،
أَمَّا السَّرِيعُ إِلَى السَّخْطِ فَيُبْدِي حَمَاقَةً. 30الْقَلْبُ
الْمُطْمَئِنُّ يَهَبُ أَعْضَاءَ الْجَسَدِ حَيَاةً،
وَالْحَسَدُ يَنْخُرُ
فِي الْعِظَامِ. 31مَنْ يَجُورُ عَلَى الْفَقِيرِ يُهِينُ صَانِعَهُ،
وَمَنْ يَرْحَمُ الْبَائِسَ يُكْرِمُ خَالِقَهُ، 32يُعَاقَبُ الشِّرِّيرُ
بِمُقْتَضَى سُوءِ تَصَرُّفَاتِهِ، أَمَّا الصِّدِّيقُ فَلَهُ مُعْتَصَمٌ
عِنْدَ مَوْتِهِ. 33فِي قَلْبِ الْفَطِنِ تَسْتَقِرُّ الْحِكْمَةُ،
وَيَخْلُو مِنْهَا قَلْبُ الْجُهَّالِ. 34الْبِرُّ يَسْمُو بِالأُمَّةِ،
وَالْخَطِيئَةُ عَارٌ لِكُلِّ شَعْبٍ. 35الْعَبْدُ الْعَاقِلُ يَحْظَى
بِرِضَى الْمَلِكِ، وَالْعَبْدُ الْمُخْزِي يَسْتَجْلِبُ سَخَطَهُ.
فصل
15
لسان الحكيم
الْجَوَابُ اللَّيِّنُ
يُبَدِّدُ الْغَضَبَ، وَالْكَلِمَةُ الْقَارِصَةُ تُهَيِّجُ السَّخَطَ.
2لِسَانُ الْحَكِيمِ يُتْقِنُ الْمَعْرِفَةَ، وَأَقْوَالُ الْجُهَّالِ
تَفِيضُ حَمَاقَةً. 3عَيْنَا الرَّبِّ فِي كُلِّ مَكَانٍ تُرَاقِبَانِ
الأَشْرَارَ وَالأَخْيَارَ. 4اللِّسَانُ السَّلِيمُ يُنْعِشُ كَشَجَرَةِ
حَيَاةٍ، وَاعْوِجَاجُهُ يُؤَدِّي إِلَى انْكِسَارِ الرُّوحِ. 5الْجَاهِلُ
يَسْتَخِفُّ بِتَأْدِيبِ أَبِيهِ، أَمَّا الْعَاقِلُ فَيَقْبَلُ
التَّأْدِيبَ. 6فِي بَيْتِ الصِّدِّيقِ كَنْزٌ نَفِيسٌ، وَفِي دَخْلِ
الأَشْرَارِ
بَلِيَّةٌ. 7أَقْوَالُ شِفَاهِ الْحُكَمَاءِ تَنْشُرُ الْمَعْرِفَةَ،
أَمَّا قُلُوبُ الْجُهَّالِ فَتَنْبُعُ حَمَاقَةً.
8قُرْبَانُ الْمُنَافِقِينَ
مَكْرَهَةُ الرَّبِّ، وَمَسَرَّتُهُ صَلاةُ الْمُسْتَقِيمِينَ. 9سُلُوكُ
الشِّرِّيرِ رِجْسٌ لَدَى الرَّبِّ، وَمَحَبَّتُهُ لِمَنْ يَتْبَعُ
الْبِرَّ. 10الْمُنْحَرِفُ عَنْ طَرِيقِ الرَّبِّ يُجَازَى بِالتَّأْدِيبِ
الْقَاسِي، وَمَنْ يَمْقُتُ التَّقْوِيمَ يَمُوتُ. 11أَعْمَاقُ
الْهَاوِيَةِ وَالْهَلاكِ مَكْشُوفَةٌ أَمَامَ الرَّبِّ، فَكَمْ
بِالْحَرِيِّ قُلُوبُ أَبْنَاءِ الْبَشَرِ. 12الْمُسْتَهْزِيءُ يَكْرَهُ
التَّوْبِيخَ، وَلاَ يَلْجَأُ إِلَى الْحُكَمَاءِ.
ثواب القلب الفرح
13الْقَلْبُ الْفَرِحُ
يَجْعَلُ الْوَجْهَ طَلِقاً، وَبِكَآبَةِ الْقَلْبِ تَنْسَحِقُ الرُّوحُ.
14قَلْبُ الْحَكِيمِ يَلْتَمِسُ الْمَعْرِفَةَ،
وَفَمُ الْجَاهِلِ
يَرْعَى حَمَاقَةً. 15جَمِيعُ أَيَّامِ الْبَائِسِ شَقِيَّةٌ، أَمَّا
طَيِّبُ الْقَلْبِ فَالتَّوْفِيقُ الدَّائِمُ حَلِيفُهُ. 16قَلِيلٌ مِنَ
الْمَالِ مَعْ تَقْوَى الرَّبِّ خَيْرٌ مِنْ كَنْزٍ عَظِيمٍ يُخَالِطُهُ
هَمٌّ. 17أَكْلَةٌ مِنَ الْبُقُولِ فِي جَوٍّ مُشَبَّعٍ بِالْمَحَبَّةِ
خَيْرٌ مِنْ أَكْلِ وَجْبَةٍ مِنْ لَحْمِ عِجْلٍ مَعْلُوفٍ فِي جَوٍّ مِنَ
الْبَغْضَاءِ. 18الرَّجُلُ الْغَضُوبُ يُثِيرُ الْخُصُومَةَ، وَالطَّويِلُ
الأَنَاةِ يُسَكِّنُ النِّزَاعَ. 19طَرِيقُ الْكَسُولِ مَمْلُوءٌ
بِالْمَتَاعِبِ، أَمَّا سَبِيلُ الْمُسْتَقِيمِينَ فَمُمَهَّدٌ. 20الابْنُ
الْحَكِيمُ يَسُرُّ أَبَاهُ وَالْجَاهِلُ يَحْتَقِرُ أُمَّهُ.
تعليمات في الحكمة
21الْحَمَاقَةُ مَصْدَرُ
فَرَحٍ لِلْغَبِيِّ، أَمَّا الْفَهِيمُ فَيَسْلُكُ بِاسْتِقَامَةٍ.
22تُخْفِقُ الْمَقَاصِدُ مِنْ غَيْرِ مَشُورَةٍ، وَتُفْلِحُ بِكَثْرَةِ
الْمُشِيرِينَ. 23الْجَوَابُ الْمُلائِمُ يُفَرِّحُ الإِنْسَانَ، وَمَا
أَحْسَنَ الْكَلِمَةَ فِي حِينِهَا. 24طَرِيقُ الإِنْسَانِ الْحَكِيمِ
تَرْتَقِي بِهِ صُعُوداً نَحْوَ الْحَيَاةِ، لِكَيْ يَتَفَادَى
الْهَاوِيَةَ مِنْ تَحْتُ. 25يَسْتَأْصِلُ الرَّبُّ بَيْتَ
الْمُتَغَطْرِسِينَ، وَيُوَطِّدُ تُخْمَ الأَرْمَلَةِ. 26نَوَايَا
الأَشْرَارِ رِجْسٌ لَدَى الرَّبِّ، وَفِي أَقْوَالِ الأَطْهَارِ
مَسَرَّتُهُ. 27الْحَرِيصُ عَلَى الْكَسْبِ يَجْلِبُ الْمَتَاعِبَ
لِبَيْتِهِ، وَمَنْ يَكْرَهُ الرِّشْوَةَ يَحْيَا. 28قَلْبُ الصِّدِّيقِ
يَتَمَعَّنُ فِي الْجَوَابِ، أَمَّا أَفْوَاهُ الأَشْرَارِ فَتَتَدَفَّقُ
بِالْخَبَائِثِ. 29الرَّبُّ بَعِيدٌ عَنِ الأَشْرَارِ، إِنَّمَا يَسْمَعُ
صَلاَةَ الأَبْرَارِ. 30الْبَهْجَةُ الْمُتَأَلِّقَةُ فِي الْعَيْنَيْنِ
تُفْرِحُ قَلْبَ الصِّدِّيقِ، وَالْخَبَرُ الطَّيِّبُ يُنْعِشُ النَّفْسَ.
31ذُو الأُذُنِ الْمُسْتَمِعَةِ إِلَى التَّوْبِيخِ الْمُحْيِي يَمْكُثُ
بَيْنَ الْحُكَمَاءِ. 32مَنْ يَتَجَاهَلُ التَّأْدِيبَ يَحْتَقِرُ
نَفْسَهُ، وَمَنْ يَسْتَجِيبُ لَهُ يَقْتَنِي فَهْماً. 33تَقْوَى الرَّبِّ
تَأْدِيبُ حِكْمَةٍ، وَقَبْلَ الْحُظْوَةِ بِالْكَرَامَةِ يَكُونُ
التَّوَاضُعُ.
فصل
16
الرب يزن طرق الإِنسان
يَسْعَى الإِنْسَانُ
بِالتَّفْكِيرِ وَالتَّدْبِيرِ، إِنَّمَا الرَّبُّ يُعْطِي الْجَوَابَ
الْفَاصِلَ. 2جَمِيعُ تَصَرُّفَاتِ الإِنْسَانِ تَبْدُو نَقِيَّةً فِي
عَيْنَيْ نَفْسِهِ، وَلَكِنَّ الرَّبَّ مُطَّلِعٌ عَلَى حَوَافِزِ
الأَرْوَاحِ. 3اطْرَحْ عَلَى الرَّبِّ أَعْمَالَكَ فَتَثْبُتَ مَقَاصِدُكَ.
4لِكُلِّ شَيْءٍ صَنَعَهُ الرَّبُّ غَرَضٌ فِي ذَاتِهِ، حَتَّى الشِّرِّيرِ
لِيَوْمِ الضِّيقِ. 5كُلُّ مُتَكَبِّرِ الْقَلْبِ رِجْسٌ عِنْدَ الرَّبِّ،
وَلَنْ يُفْلِتَ حَتْماً مِنَ الْعِقَابِ. 6بِالرَّحْمَةِ وَالْحَقِّ
يُسْتَرُ الإِثْمُ، وَبِتَقْوَى الرَّبِّ يَتَفَادَى الإِنْسَانُ
الْوُقُوعَ فِي الشَّرِّ. 7إِذَا رَضِيَ الرَّبُّ عَنْ تَصَرُّفَاتِ
الإِنْسَانِ، جَعَلَ أَعْدَاءَهُ أَيْضاً يُسَالِمُونَهُ. 8الْمَالُ
الْقَلِيلُ مَعَ الْعَدْلِ خَيْرٌ مِنْ دَخْلٍ وَفِيرٍ حَرَامٍ. 9عَقْلُ
الإِنْسَانِ يَسْعَى فِي تَخْطِيطِ طَرِيقِهِ، وَالرَّبُّ يُوَجِّهُ
خَطَوَاتِهِ. 10تَنْطِقُ شَفَتَا الْمَلِكِ
بِالْوَحْيِ،
وَفَمُهُ لاَ يَخُونُ فِي الْقَضَاءِ.
11لِلرَّبِّ مِيزَانُ
الْعَدْلِ وَقِسْطَاسُهُ، وَجَمِيعُ مَعَايِيرِ كِيسِ التَّاجِرِ مِنْ
صُنْعِهِ.
الحكمة ينبوع الحياة
12مِنَ الرِّجْسِ أَنْ
يَرْتَكِبَ الْمَلِكُ الشَّرَّ، لأَنَّ الْعَرْشَ يَقُومُ عَلَى الْبِرِّ.
13الشِّفَاهُ النَّاطِقَةُ بِالْعَدْلِ مَسَرَّةُ الْمُلُوكِ، وَهُمْ
يُحِبُّونَ الْمُتَكَلِّمَ بِالْحَقِّ. 14غَضَبُ الْمَلِكِ رَسُولُ
الْمَوْتِ، وَعَلَى الْحَكِيمِ اسْتِرْضَاؤُهُ. 15فِي بَشَاشَةِ وَجْهِ
الْمَلِكِ حَيَاةٌ، وَرِضَاهُ كَسَحَابِ
الْمَطَرِ
الْمُتَأَخِّرِ. 16اقْتِنَاءُ الْحِكْمَةِ أَفْضَلُ مِنَ الذَّهَبِ،
وَإِحْرَازُ الْفِطْنَةِ خَيْرٌ مِنَ الْفِضَّةِ. 17مَنْهَجُ
الْمُسْتَقِيمِينَ تَفَادِيهِمْ سَبِيلَ الشَّرِّ، وَمَنْ يَصُونُ
مَسْلَكَهُ يَصُونُ نَفْسَهُ.
18قَبْلَ الانْكِسَارِ
الْكِبْرِيَاءُ، وَقَبْلَ السُّقُوطِ غَطْرَسَةُ الرُّوحِ. 19اتِّضَاعُ
الرُّوحِ مَعَ الْوُدَعَاءِ خَيْرٌ مِنِ اقْتِسَامِ الْغَنِيمَةِ مَعَ
الْمُتَكَبِّرِينَ. 20مَنْ يَتَعَقَّلُ بِكَلِمَةِ اللهِ يُحَالِفُهُ
التَّوْفِيقُ، وَطُوبَى لِمَنْ يَتَّكِلُ عَلَى الرَّبِّ. 21الْحَكِيمُ
الْقَلْبِ يُدْعَى فَهِيماً، وَعُذُوبَةُ الْمَنْطِقِ تَزِيدُ مِنْ قُوَّةِ
الإِقْنَاعِ. 22الْفِطْنَةُ يَنْبُوعُ حَيَاةٍ لِصَاحِبِهَا، وَعِقَابُ
الْجَاهِلِ فِي حَمَاقَتِهِ. 23عَقْلُ الْحَكِيمِ يُرْشِدُ فَمَهُ،
وَيَزِيدُ مَنْطِقَهُ قُوَّةَ إِقْنَاعٍ. 24عُذُوبَةُ الْكَلاَمِ شَهْدُ
عَسَلٍ، حُلْوٌ لِلنَّفْسِ وَعَافِيَةٌ لِلْجَسَدِ.
طرق الإنسان الشريرة
25رُبَّ طَرِيقٍ تَبْدُو
لِلإِنْسَانِ قَوِيمَةً وَلَكِنَّ عَاقِبَتَهَا تُفْضِي إِلَى دُرُوبِ
الْمَوْتِ. 26شَهِيَّةُ الْعَامِلِ حَافِزُ عَمَلِهِ، لأَنَّ فَمَهُ
الْجَائِعَ يَحُثُّهُ عَلَيْهِ. 27الرَّجُلُ اللَّئِيمُ يَنْبُشُ الشَّرَّ،
وَعَلَى شَفَتَيْهِ تَتَوَهَّجُ نَارٌ مُتَّقِدَةٌ. 28الْمُنَافِقُ يُثِيرُ
الْخُصُومَاتِ، وَالنَّمَّامُ يُفَرِّقُ الأَصْدِقَاءَ. 29الرَّجُلُ
الْجَائِرُ يَسْتَغْوِي قَرِيبَهُ، وَيَجْعَلُهُ يَتَنَكَّبُ عَنْ سَوَاءِ
السَّبِيلِ. 30مَنْ يَغْمِزُ بِعَيْنَيْهِ هُوَ مُتَآمِرٌ بِالْمَكَائِدِ،
وَمَنْ يَعُضُّ عَلَى شَفَتَيْهِ فَقَدْ أَتَمَّ خُطَّةَ الشَّرِّ.
31الشَّيْبَةُ إِكْلِيلُ بَهَاءٍ، وَلاَ سِيَّمَا فِي طَرِيقِ الْبِرِّ.
32الْبَطِيءُ الْغَضَبِ خَيْرٌ مِنَ الْمُحَارِبِ الْعَاتِي، وَالضَّابِطُ
أَهْوَاءَ رُوحِهِ خَيْرٌ مِنْ قَاهِرِ الْمُدُنِ. 33تُلْقَى الْقُرْعَةُ
فِي الْحِضْنِ، وَلَكِنَّ الْقَرَارَ مَرْهُونٌ كُلُّهُ لأَمْرِ الرَّبِّ.
فصل
17
الأقوال العذبة والمسيئة
لُقْمَةُ خُبْزٍ جَافَّةٌ
مَصْحُوبَةٌ بِالسَّلاَمِ خَيْرٌ مِنْ بَيْتٍ مَلِيءٍ بِذَبَائِحَ
وَيَسُودُهُ الْخِصَامُ. 2الْعَبْدُ الْعَاقِلُ يَسُودُ عَلَى الابْنِ
الْفَاجِرِ، وَيُشَارِكُ الإِخْوَةَ فِي الْمِيرَاثِ. 3كَمَا تُنَقِّي
الْبُوْتَقَةُ الفِضَّةَ، وَالْكُورُ الذَّهَبَ، فَإِنَّ الرَّبَّ
يَمْتَحِنُ الْقُلُوبَ أَيْضاً. 4فَاعِلُ الإِثْمِ يُصْغِي لِكَلاَمِ
الشَّرِّ، وَالْكَاذِبُ يَتَجَاوَبُ مَعَ أَقْوَالِ السُّوءِ.
5الْمُسْتَهْزِيءُ بِالْفَقِيرِ يَحْتَقِرُ صَانِعَهُ، وَالشَّامِتُ
بِالْبَلِيَّةِ لاَ يُفْلِتُ مِنَ الْعِقَابِ. 6تَاجُ الشُّيُوخِ
الأَحْفَادُ، وَفَخْرُ الأَبْنَاءِ آبَاؤُهُمْ. 7لاَ يَصِحُّ لِلْجَاهِلِ
أَنْ يَنْطِقَ بِمَأْثُورِ الْقَوْلِ، وَأَشَرُّ مِنْهُ الْكَذِبُ عَلَى
الرَّجُلِ النَّبِيلِ. 8الرِّشْوَةُ تَعْوِيذَةٌ فِي عَيْنَيْ مُهْدِيهَا،
وَحَيْثُمَا تَوَجَّهَ يُفْلِحُ. 9مَنْ يَصْفَحُ عَنِ الذَّنْبِ يَلْتَمِسُ
الْمَحَبَّةَ، وَالوَاشِي يُفَرِّقُ بَيْنَ الأَصْدِقَاءِ الْحَمِيمِينَ.
10يُؤَثِّرُ التَّأْنِيبُ
فِي الْحَكِيمِ أَكْثَرَ مِنْ تَأْثِيرِ مِئَةِ جَلْدَةٍ فِي الْجَاهِلِ.
11الشِّرِّ يرُ يَسْعَى فَقَطْ لِلتَّمَرُّدِ، فَيَنْقَضُّ عَلَيْهِ
رَسُولٌ قَاسٍ. 12مُصَادَفَةُ دُبَّةٍ ثَاكِلٍ خَيْرٌ مِنْ مُصَادَفَةِ
جَاهِلٍ مُتَوَرِّطٍ فِي حَمَاقَتِهِ.
ثمن الحكمة
13مَنْ يُجَازِي خَيْراً
بِشَرٍّ، لَنْ يَبْرَحَ الشَّرُّ مِنْ بَيْتِهِ. 14بِدَايَةُ الْخِصَامِ
كَتَفَجُّرِ الْمِيَاهِ، فَاتْرُكِ الْخِصَامَ قَبْلَ انْفِجَارِهِ.
15مُبْرِيءُ الْمُذْنِبِ وَمُذَنِّبُ الْبَرِيءِ كِلاهُمَا رِجْسٌ عِنْدَ
الرَّبِّ. 16مَا جَدْوَى أَنْ يَكُونَ لَدَى الْجَاهِلِ مَالٌ لاقْتِنَاءِ
الْحِكْمَةِ، وَهُوَ لاَ يَمْلِكُ الْفَهْمَ لِتَعَلُّمِهَا. 17الصِّدِّيقُ
يُحِبُّ فِي كُلِّ حِينٍ، وَالأَخُ يُولَدُ لِيَكُونَ عَوْناً فِي
الضِّيقِ. 18الأَحْمَقُ مَنْ يَكْفَلُ سِوَاهُ بِصَفْقِ الْكَفِّ،
وَيَضْمَنُ جَارَهُ ضَمَاناً كَامِلاً 19مَنْ يُحِبَّ الإِثْمَ يُحِبَّ
الْمُشَاجَرَةَ، وَمَنْ يُكْثِرْ مِنَ الْمُبَاهَاةِ يَجْلِبْ عَلَى
نَفْسِهِ الدَّمَارَ. 20ذُو الْقَلْبِ الْمُعَوَّجِ لاَ يُفْلِحُ،
وَصَاحِبُ اللِّسَانِ الْمُنَافِقِ يَقَعُ فِي الْبَلِيَّةِ. 21مَنْ
أَنْجَبَ جَاهِلاً صَارَ غَمّاً لَهُ، وَأَبُو الأَحْمَقِ لاَ يَعْرِفُ
الْفَرَحَ. 22الْقَلْبُ الْمَسْرُورُ دَوَاءٌ شَافٍ، وَالرُّوحُ
الْمُنْسَحِقَةُ تُبْلِي الْعِظَامَ. 23الشِّرِّيرُ يَأْخُذُ الرِّشْوَةَ
مِنَ الْحِضْنِ لِيُحَرِّفَ سَيْرَ الْقَضَاءِ. 24الْحِكْمَةُ هِيَ غَايَةُ
العَاقِلِ أَمَّا عَيْنَا الْجَاهِلِ فَزَائِغَتَانِ إِلَى أَقَاصِي
الأَرْضِ. 25الابْنُ الْجَاهِلُ مَبْعَثُ تَعَاسَةٍ لأَبِيهِ، وَمَرَارَةُ
قَلْبٍ لأُمِّهِ. 26أَيْضاً لاَ يَلِيقُ تَغْرِيمُ الْبَرِيءِ، وَلاَ
جَلْدُ الشُّرَفَاءِ تَقْوِيماً لَهُمْ. 27ذُو الْمَعْرِفَةِ يَتَرَوَّى
فِي كَلِمَاتِهِ، وَالْعَاقِلُ ذُو رَبَاطَةِ جَأْشٍ. 28حَتَّى الْجَاهِلُ،
إِنْ صَمَتَ، يُحْسَبُ حَكِيماً، وَإِنْ أَطْبَقَ شَفَتَيْهِ يُحْسَبُ
عَاقِلاً.
فصل
18
كلمات الحكيم والأحمق
الْمُعْتَزِلُ (عَنِ اللهِ
وَالنَّاسِ) يَنْشُدُ شَهْوَتَهُ وَيَتَنَكَّرُ لِكُلِّ مَشُورَةٍ
صَائِبَةٍ. 2لاَ يَعْبَأُ الْجَاهِلُ بِالْفِطْنَةِ، بَلْ هَمُّهُ
الإِعْرَابُ عَمَّا فِي نَفْسِهِ. 3إِذَا أَقْبَلَ الشِّرِّيرُ أَقْبَلَ
مَعَهُ الاحْتِقَارُ، وَالْعَارُ يُلاَزِمُ الْهَوَانَ. 4كَلِمَاتُ
الإِنْسَانِ مِيَاهٌ عَمِيقَةٌ يَتَعَذَّرُ سَبْرُ غَوْرِهَا، وَيَنْبُوعُ
الْحِكْمَةِ نَهْرٌ مُتَدَفِّقٌ. 5مِنَ السُّوءِ مُحَابَاةُ الشِّرِّيرِ،
أَوْ حِرْمَانُ الْبَرِيءِ مِنَ الْقَضَاءِ الْحَقِّ. 6أَقْوَالُ
الْجَاهِلِ تُوْقِعُهُ فِي الْمَتَاعِبِ، وَكَلِمَاتُهُ تُسَبِّبُ لَهُ
الضَّرْبَ. 7كَلِمَاتُ الْجَاهِلِ مَهْلَكَةٌ لَهُ، وَأَقْوَالُهُ فَخٌّ
لِنَفْسِهِ. 8هَمَسَاتُ النَّمَّامِ كَلُقَمٍ سَائِغَةٍ تَنْزَلِقُ إِلَى
بَوَاطِنِ الْجَوْفِ. 9الْمُتَقَاعِسُ عَنْ عَمَلِهِ هُوَ أَخُو الهَادِمِ.
10اسْمُ الرَّبِّ بُرْجٌ
مَنِيعٌ يُهْرَعُ إِلَيْهِ الصِّدِّيقُ وَيَنْجُو مِنَ الْخَطَرِ.
11ثَرْوَةُ الْغَنِيِّ مَدِينَتُهُ الْحَصِينَةُ، وَهِيَ فِي وَهْمِهِ
سُورٌ شَامِخٌ. 12قَبْلَ الانْكِسَارِ تَشَامُخُ الْقَلْبِ، وَقَبْلَ
الْكَرَامَةِ التَّواضُعُ. 13مَنْ أَجَابَ عَنْ أَمْرٍ مَازَالَ
يَجْهَلُهُ، فَذَاكَ حَمَاقَةٌ مِنْهُ وَعَارٌ لَهُ. 14رُوحُ الإِنْسَانِ
الْقَوِيَّةُ تَحْتَمِلُ مَرَضَهُ، أَمَّا الرُّوحُ الْمُنْسَحِقَةُ فَمَنْ
يَتَحَمَّلُهَا؟ 15عَقْلُ الْفَهِيمِ يَقْتَنِي مَعْرِفَةً، وَأُذُنُ
الْحُكَمَاءِ تَنْشُدُ عِلْماً. 16هَدِيَّةُ الإِنْسَانِ تُمَهِّدُ لَهُ
السَّبِيلَ، وَتَجْعَلُهُ يَمْثُلُ أَمَامَ الْعُظَمَاءِ.
في الفصل بين الخصومات
17مَنْ يَعْرِضُ قَضِيَّتَهُ
أَوَّلاً يَبْدُو مُحِقّاً إِلَى أَنْ يَأْتِيَ آخَرُ وَيَسْتَجْوِبَهُ.
18تَفْصِلُ الْقُرْعَةُ فِي الْخُصُومَاتِ وَتَحْسِمُ الأَمْرَ بَيْنَ
الْمُتَنَازِعِينَ الأَقْوِيَاءِ. 19إِرْضَاءُ الأَخِ الْمُتَأَذِّي
أَصْعَبُ مِنْ قَهْرِ مَدِينَةٍ حَصِينَةٍ، وَالْمُخَاصَمَاتُ كَعَارِضَةِ
قَلْعَةٍ.
20مِنْ ثَمَرِ أَقْوَالِ
الإِنْسَانِ تَشْبَعُ ذَاتُهُ، وَمِنْ غَلَّةِ كَلِمَاتِهِ يَلْقَى
جَزَاءَهُ 21فِي اللِّسَانِ حَيَاةٌ أَوْ مَوْتٌ، وَالْمُوْلَعُونَ
بِاسْتِخْدَامِهِ يَتَحَمَّلُونَ الْعَوَاقِبَ. 22مَنْ عَثَرَ عَلَى
زَوْجَةٍ صَالِحَةٍ نَالَ خَيْراً وَحَظِيَ بِمَرْضَاةِ اللهِ.
23يَتَوَسَّلُ الْفَقِيرُ بِتَضَرُّعَاتٍ، أَمَّا الْغَنِيُّ فَيُجَاوِبُ
بِخُشُونَةٍ. 24مَنْ يُكْثِرِ الأَصْحَابَ يُخْرِبْ نَفْسَهُ، وَرُبَّ
صَدِيقٍ أَلْزَقُ مِنَ الأَخِ.
فصل
19
مقارنة بين الغنى والفقر
الْفَقِيرُ السَّالِكُ
بِكَمَالِهِ خَيْرٌ مِنَ الْجَاهِلِ الْمُخَاتِلِ. 2لاَ يَجْدُرُ
بِالْمَرْءِ أَنْ يَخْلُوَ مِنَ الْمَعْرِفَةِ، وَمَنْ يَتَعَجَّلِ
الأُمُورَ يُخْطِيءِ الْغَرَضَ. 3عِنْدَمَا تُسِيءُ حَمَاقَةُ الإِنْسَانِ
إِلَى حَيَاتِهِ، يَسْخَطُ قَلْبُهُ عَلَى اللهِ. 4الْغَنِيُّ يَجْتَذِبُ
كَثْرَةً مِنَ الأَصْدِقَاءِ، أَمَّا الْفَقِيرُ فَيَهْجُرُهُ خَلِيلُهُ.
5شَاهِدُ الزُّورِ لاَ يَنْجُو مِنَ الْعِقَابِ، وَنَافِثُ الْكَذِبِ لاَ
يُفْلِتُ مِنَ الْقِصَاصِ. 6كَثِيرُونَ يَتَمَلَّقُونَ صَاحِبَ النُّفُوذِ،
وَالْكُلُّ صَاحِبٌ لِلَّذِي يُغْدِقُ الْعَطَايَا. 7جَمِيعُ إخْوَةِ
الْفَقِيرِ يَمْقُتُونَهُ، فَمَا أَحْرَى أَنْ يَتَهَرَّبَ مِنْهُ
أَصْدِقَاؤُهُ؛ يُلاَحِقُهُمْ بِتَوَسُّلاَتِهِ وَلاَ يَجِدُ لَهُمْ
أَثَراً. 8مَنِ اقْتَنَى حِكْمَةً أَحَبَّ نَفْسَهُ، وَمَنِ ادَّخَرَ
الْفَهْمَ يَلْقَى خَيْراً. 9شَاهِدُ الزُّورِ لاَ يُفْلِتُ مِنَ
الْعِقَابِ، وَنَافِثُ الأَكَاذِيبِ يَهْلِكُ. 10لاَ يَلِيقُ التَّنَعُّمُ
بِالْجَاهِلِ، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ أَنْ يَتَسَلَّطَ عَلَى الرُّؤَسَاءِ؟
11تَعَقُّلُ الإِنْسَانِ
يَكْبَحُ غَضَبَهُ، وَبَهَاؤُهُ فِي الْعَفْوِ عَنِ الْخَطَأِ. 12حَنَقُ
الْمَلِكِ كَزَمْجَرَةِ الأَسَدِ، وَرِضَاهُ كَالطَّلِّ عَلَى الْعُشْبِ.
13الابْنُ الْجَاهِلُ مَدْعَاةُ خَرَابٍ لأَبِيهِ، وَمُخَاصَمَاتُ
الزَّوْجَةِ كَنَقْرِ قَطَرَاتِ الْمَطَرِ الْمُتَتَابِعَةِ، 14الْبَيْتُ
وَالثَّرْوَةُ مِيَراثٌ مِنَ الآبَاءِ، أَمَّا الزَّوْجَةُ الْعَاقِلَةُ
فَهِيَ مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ. 15الْكَسَلُ يُغْرِقُ فِي سَبَاتٍ عَمِيقٍ،
وَالنَّفْسُ الْمُتَقَاعِسَةُ تُقَاسِي مِنَ الْجُوعِ. 16مَنْ يُطِيعُ
الْوَصِيَّةَ يَصُونُ نَفْسَهُ، وَالْمُتَهَاوِنُ فِي تَصَرُّفَاتِهِ
يَلْقَى الْمَوْتَ. 17مَنْ يَرْحَمُ الْفَقِيرَ يُقْرِضُ الرَّبَّ،
وَيُكَافِئُهُ الرَّبُّ عَلَى حُسْنِ صَنِيعِهِ.
نصيحة وتعليمات
18أَدِّبِ ابْنَكَ مَادَامَ
فِي ذَلِكَ رَجَاءٌ، وَلاَ تَحْمِلْ نَفْسَكَ عَلَى قَتْلِهِ. 19الْجَامِحُ
الْغَضَبِ يَدْفَعُ ثَمَنَ جُمُوحِهِ، وَإِنْ كَبَحْتَهُ أَوِ
اعْتَرَضْتَهُ فَإِنَّكَ تَزِيدُهُ سُوءاً 20اسْتَمِعْ إِلَى الْمَشُورَةِ،
وَاقْبَلِ التَّأْدِيبَ، فَتَكْتَسِبَ حِكْمَةً بَقِيَّةَ حَيَاتِكَ.
21كَثِيرَةٌ هِيَ نَوَايَا قَلْبِ الإِنْسَانِ، إِنَّمَا مَشُورَةُ
الرَّبِّ هِيَ الَّتِي تَسُودُ. 22حُسْنُ الْجَمِيلِ زِينَةُ النَّاسِ،
وَالْفَقِيرُ خَيْرٌ مِنَ الْغَنِيِّ الْكَاذِبِ.
23تَقْوَى الرَّبِّ تُفْضِي
إِلَى الْحَيَاةِ، وَصَاحِبُهَا يَبِيتُ مُطْمَئِنّاً وَلاَ يَنَالُهُ
شَرٌّ. 24الْكَسُولُ يَدْفِنُ يَدَهُ فِي صَحْنِهِ وَلاَ يَرُدُّهَا حَتَّى
إِلَى فَمِهِ. 25اضْرِبِ الْمُسْتَهْزِيءَ فَيَتَعَقَّلَ الأَحْمَقُ،
وَوَبِّخِ العَاقِلَ فَيَكْتَسِبَ فَهْماً. 26مَنْ يُخَرِّبُ حَيَاةَ
أَبِيهِ، وَيُشَرِّدُ أُمَّهُ هُوَ ابْنٌ يَجْلِبُ الْخِزْيَ وَالْعَارَ.
27كُفَّ يَاابْنِي عَنِ الإِصْغَاءِ إِلَى التَّعْلِيمِ الَّذِي يُضِلُّكَ
عَنْ كَلِمَاتِ الْمَعْرِفَةِ. 28الشَّاهِدُ الْمُنَافِقُ يَسْخَرُ مِنَ
الْقَضَاءِ، وَفَمُ الأَشْرَارِ يَبْتَلِعُ الإِثْمَ. 29الْعِقَابُ مُعَدٌّ
لِلسَّاخِرِينَ، وَجَلْدُ السِّيَاطِ مُهَيٌَّأ لِظُهُورِ الْجُهَّالِ.
فصل
20
أمانة الصديق
الْخَمْرُ مُسْتَهْزِئَةٌ،
وَالْمُسْكِرُ صَخَّابٌ، وَمَنْ يُدْمِنْ عَلَيْهَا فَلَيْسَ بِحَكِيمٍ.
2سَخَطُ الْمَلِكِ مِثْلُ زَمْجَرَةِ الأَسَدِ، وَمَنْ يُثِيرُ غَيْظَهُ
يُسِيءُ إِلَى نَفْسِهِ. 3مِنْ دَوَاعِي شَرَفِ الْمَرْءِ أَنْ يَتَفَادَى
الْخُصُومَةَ، وَالأَحْمَقُ يَخُوضُ مُعْتَرَكَ النِّزَاعِ. 4لاَ يَحْرُثُ
الْكَسُولُ فِي الْمَوْسِمِ خَشْيَةَ الْبَرْدِ، وَفِي أَوَانِ الْحَصَادِ
يَطْلُبُ غَلَّةً فَلاَ يَجِدُ. 5نَوَايَا قَلْبِ الْمَرْءِ كَمَاءٍ
عَمِيقٍ وَالْعَاقِلُ مَنْ يَسْتَخْرِجُهَا. 6كَثِيرُونَ يَدَّعُونَ
الصَّلاَحَ، أَمَّا الأَمِينُ فَمَنْ يَعْثُرُ عَلَيْهِ؟ 7الصِّدِّيقُ
يَسْلُكُ بِكَمَالِهِ، فَطُوبَى لأَبْنَائِهِ مِنْ بَعْدِهِ. 8الْمَلِكُ
الْمُتَرَبِّعُ عَلَى عَرْشِ الْقَضَاءِ يُغَرْبِلُ بِعَيْنِهِ
الْبَصِيرَةِ الْخَيْرَ مِنْ كُلِّ شَرٍّ. 9مَنْ يَدَّعِي قَائِلاً: إِنِّي
نَقَّيْتُ قَلْبِي، وَتَطَهَّرْتُ مِنْ خَطِيئَتِي؟
10الْغِشُّ مَا بَيْنَ
أَوْزَانِ وَمَعَايِيرِ وَمَكَايِيلِ الشِّرَاءِ، وَأَوْزَانِ وَمَعَايِيرِ
وَمَكَايِيلِ الْبَيْعِ رِجْسٌ لَدَى الرَّبِّ. 11حَتَّى الصَّبِيُّ
يَكْشِفُ بِتَصَرُّفِهِ هَلْ عَمَلُهُ نَقِيٌّ وَقَوِيمٌ أَمْ لاَ. 12اللهُ
هُوَ صَانِعُ الأُذُنِ الْمُطِيعَةِ وَالْعَيْنِ الْبَصِيرَةِ. 13لاَ
تُوْلَعْ بِالنَّوْمِ لِئَلاَّ تَفْتَقِرَ، اسْتَيْقِظْ وَاعْمَلْ
فَتَشْبَعَ خُبْزاً. 14يَقُولُ الْمُشْتَرِي: هَذِهِ بِضَاعَةٌ رَدِيئَةٌ!
هَذِهِ بِضَاعَةٌ رَدِيئَةٌ! وَإِذَا مَضَى بِهَا فِي حَالِ سَبِيلِهِ
يَشْرَعُ فِي الافْتِخَارِ.
الحصافة في التصرف
15مَعَ أَنَّ الذَّهَبَ
مَوْجُودٌ وَاللَّآلِيءَ كَثِيرَةٌ، فَإِنَّ الشِّفَاهَ النَّاطِقَةَ
بِالْمَعْرِفَةِ جَوْهَرَةٌ نَادِرَةٌ. 16خُذْ ثَوْبَ الْمَرْءِ الَّذِي
ضَمِنَ غَرِيباً، وَارْتَهِنْهُ مِنْهُ، لأَنَّهُ كَفَلَ أَجْنَبِيّاً.
17الْخُبْزُ الْمُكْتَسَبُ حَرَاماً سَائِغٌ فِي حَلْقِ الإِنْسانِ،
إِنَّمَا لاَ يَلْبَثُ أَنْ يَمْتَلِيءَ فَمُهُ حَصىً! 18بِالْمَشُورَةِ
تَتَرَسَّخُ الْمَقَاصِدُ، وَبِحُسْنِ الدِّرَايَةِ خُضْ حَرْباً.
19الْوَاشِي يُفْشِي الأَسْرَارَ، فَلاَ تُخَالِطْ مَنْ يُكْثِرُ
الثَّرْثَرَةَ. 20مَنْ يَشْتِمُ أَبَاهُ أَوْ أُمَّهُ يُطْفِيءُ الرَّبُّ
سِرَاجَ حَيَاتِهِ فِي الظُّلْمَةِ الْحَالِكَةِ.
سيادة الرب وأحكامه
21رُبَّ مُلْكٍ يُوْرَثُ
عَلَى عَجَلٍ فِي بِدَايَتِهِ، يَفْتَقِرُ إِلَى الْبَرَكَةِ فِي
نِهَايَتِهِ. 22لاَ تَقُلْ: لأُجَازِيَنَّ مَنْ أَسَاءَ إِليَّ شَرّاً.
انْتَظِرْ، فَالرَّبُّ يُعِينُكَ. 23التَّلاَعُبُ بِالْمَعَايِيرِ رِجْسٌ
عِنْدَ الرَّبِّ، وَمِيزَانُ الْغِشِّ أَمْرٌ رَدِيءٌ. 24خَطْوَاتُ
الإِنْسَانِ يُوَجِّهُهَا الرَّبُّ، فَكَيْفَ يُمْكِنُ لِلْمَرْءِ أَنْ
يَفْهَمَ طَرِيقَهُ؟ 25شَرَكٌ لِلإِنْسَانِ أَنْ يَتَسَرَّعَ فِي النَّذْرِ
لِلرَّبِّ ثُمَّ يَنْدَمُ عَلَى مَا نَذَرَ. 26الْمَلِكُ الْحَكِيمُ
يُغَرْبِلُ الأَشْرَارَ، ثُمَّ يَسْحَقُهُمْ بِالنَّوَارِجِ، 27نَفْسُ
الإِنْسَانِ سِرَاجُ الرَّبِّ الَّذِي يَبْحَثُ فِي كُلِّ أَغْوَارِ
ذَاتِهِ. 28الرَّحْمَةُ وَالْحَقُّ يَحْفَظَانِ الْمَلِكَ، وَبِالرَّحْمَةِ
يُدْعَمُ عَرْشُهُ. 29فَخْرُ الشُّبَّانِ فِي قُوَّتِهِمْ، أَمَّا بَهَاءُ
الشُّيُوخِ فَفِي مَشِييِهِمْ. 30جُرُوحُ الضَّرْبَاتِ تُنَقِّي مِنَ
الشُّرُورِ، وَالْجَلْدَاتُ تُطَهِّرُ أَغْوَارَ النَّفْسِ.
فصل
21
كنوز الشرير
قَلْبُ الْمَلِكِ فِي يَدِ
الرَّبِّ كَجَدَاوِلِ مِيَاهٍ يُمِيلُهُ حَيْثُمَا شَاءَ. 2جَمِيعُ
تَصَرُّفَاتِ الإِنْسَانِ تَبْدُو نَقِيَّةً فِي عَيْنَيْ نَفْسِهِ،
وَلَكِنَّ الرَّبَّ مُطَّلِعٌ عَلَى حَوَافِزِ الْقُلُوبِ. 3إِجْرَاءُ
الْعَدْلِ وَالْحَقِّ أَكْثَرُ قُبُولاً عِنْدَ الرَّبِّ مِنَ
الذَّبِيحَةِ. 4تَشَامُخُ الْعَيْنَيْنِ مِنْ غَطْرَسَةِ الْقَلْبِ،
وَسِرَاجُ الأَشْرَارِ خَطِيئَةٌ. 5خُطَطُ الْمُجْتَهِدِ تُفْضِي حَتْماً
إِلَى الْخِصْبِ، وَالْعَجُولُ مَصِيرُهُ الْعَوَزُ. 6ادِّخَارُ الْكُنُوزِ
بِلِسَانٍ مُنَافِقٍ، دُخَانٌ مَتَلاَشٍ وَفَخٌّ مُمِيتٌ. 7جَوْرُ
الأَشْرَارِ يَجْرُفُهُمْ لِرَفْضِهِمْ إِجْرَاءَ الْعَدْلِ. 8طَرِيقُ
الْمُذْنِبِ مُعَوَّجَةٌ، أَمَّا تَصَرُّفُ الزَّكِيِّ فَقَوِيمٌ.
9الإِقَامَةُ فِي رُكْنِ سَطْحٍ خَيْرٌ مِنْ مُشَاطَرَةِ بَيْتٍ مَعَ
زَوْجَةٍ نَكِدَةٍ. 10نَفْسُ الْمُنَافِقِ تَشْتَهِي الشَّرَّ، وَقَرِيبُهُ
لاَ يَحْظَى بِرِضَاهُ. 11إِذَا عُوقِبَ الْمُسْتَهْزِيءُ صَارَ الْجَاهِلُ
حَكِيماً، وَإِنْ أُرْشِدَ الْحَكِيمُ اكْتَسَبَ مَعْرِفَةً.
12يَتَأَمَّلَ الصِّدِّيقُ
فِي بَيْتِ الشِّرِّيرِ، (فَيَرَاهُ) يُلْقَى بِهِ إِلَى الْبَلاَيَا.
كنوز الحكيم
13مَنْ أَصَمَّ أُذُنَهُ
عَنْ صُرَاخِ الْمِسْكِينِ، يَصْرُخُ هُوَ أَيْضاً وَلاَ مِنْ مُجِيبٍ.
14الْهَدِيَّةُ فِي الْخَفَاءِ تُخْمِدُ الْغَضَبَ، وَالرِّشْوَةُ فِي
الْحِضْنِ تُسَكِّنُ السَّخَطَ. 15الْحُكْمُ بِالْعَدْلِ فَرَحٌ
لِلصِّدِّيقِ، وَرُعْبٌ لِفَاعِلِي الإِثْمِ. 16الرَّجُلُ الشَّارِدُ عَنْ
طَرِيقِ الْمَعْرِفَةِ يَسْكُنُ بَيْنَ جَمَاعَةِ الْمَوْتَى. 17عَاشِقُ
اللَّذَّةِ فَقِيرٌ، وَالْمُوْلَعُ بِالْخَمْرِ وَالطِّيبِ لاَ يَغْتَنِي.
18الشِّرِّيرُ فِدَاءٌ عَنِ الصِّدِّيقِ، وَالْغَادِرُ عَنِ
الْمُسْتَقِيمِينَ. 19الإِقَامَةُ فِي أَرْضٍ مُقْفِرَةٍ خَيْرٌ مِنَ
السُّكْنَى مَعَ امْرَأَةٍ مُشَاكِسَةٍ شَرِسَةٍ. 20فِي بَيْتِ الْحَكِيمِ
كُنُوزٌ وَزَيْتٌ مُدَّخَرَةٌ، أَمَّا الإِنْسَانُ الْجَاهِلُ فَيُتْلِفُ
مَا لَدَيْهِ. 21مَنِ اتَّبَعَ الْعَدْلَ وَالرَّحْمَةَ يَلْقَى الْحَيَاةَ
وَالْحَقَّ وَالْمَجْدَ. 22الْحَكِيمُ يَتَسَلَّقُ سُورَ مَدِينَةِ
الْجَبَابِرَةِ وَيُدَمِّرُ مَعْقِلَ اعْتِمَادِهِمْ 23مَنْ يَصُونُ فَمَهُ
وَلِسَانَهُ عَنِ اللَّغْوِ يَحْفَظُ نَفْسَهُ مِنَ الْمَتَاعِبِ.
24الْمُتَشَامِخُ الْمُنْتَفِخُ يُدْعَى الْمُسْتَهْزِيءَ لأَنَّهُ
يَتَصَرَّفُ بِغُرُورِ الْكِبْرِيَاءِ. 25أَوْهَامُ الْكَسُولِ تَقْتُلُهُ
لأَنَّ يَدَيْهِ تَأْبَيَانِ الْعَمَلَ. 26يَظَلُّ طَوَالَ النَّهَارِ
مُتَشَهِّياً مُتَمَنِّياً، أَمَّا الصِّدِّيقُ فَيَسْخُو وَلاَ يَضِنُّ
27ذَبِيحَةُ الشِّرِّيرِ رِجْسٌ عِنْدَ الرَّبِّ، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ إِنْ
قَرَّبَهَا بِنِيَّةٍ أَثِيمَةٍ؟ 28شَاهِدُ الزُّورِ يَهْلِكُ، أَمَّا
أَقْوَالُ الرَّجُلِ الْحَرِيصِ عَلَى الاسْتِمَاعِ فَتَدُومُ. 29الرَّجُلُ
الشِّرِّيرُ يُغْلِظُ وَجْهَهُ، أَمَّا الْمُسْتَقِيمُ فَيَعْمَلُ عَلَى
تَقْوِيمِ طُرُقِهِ. 30لَيْسَ مِنْ حِكْمَةٍ، وَلاَ مِنْ مَشُورَةٍ، وَلاَ
مِنْ فِطْنَةٍ بِقَادِرَ ةٍ عَلَى مُقَاوَمَةِ اللهِ. 31مَعَ أَنَّ
الْفَرَسَ مُعَدٌّ لِيَوْمِ الْقِتَالِ، فَإِنَّ النَّصْرَ هُوَ مِنْ
عِنْدِ اللهِ.
فصل
22
قيمة الصيت
الصِّيتُ مُفَضَّلٌ عَلَى
الْغِنَى الطَّائِلِ، وَنِعْمَةُ الْمَعْرُوفِ خَيْرٌ مِنَ الذَّهَبِ
وَالْفِضَّةِ. 2الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ مُتَمَاثِلانِ إِذْ إِنَّ الرَّبَّ
هُوَ صَانِعُهُمَا. 3يَرَى العَاقِلُ الشَّرَّ فَيَتَوَارَى، أَمَّا
الْجَاهِلُ فَيُقْبِلُ إِلَيْهِ وَيُعَاقَبُ. 4ثَوَابُ التَّوَاضُعِ
وَتَقْوَى الرَّبِّ هُوَ الْغِنَى وَالْكَرَامَةُ وَالْحَيَاةُ. 5فِي
طَرِيقِ الْمُلْتَوِي شَوْكٌ وَأَشْرَاكٌ، وَمَنْ يَصُونُ نَفْسَهُ
يَتَفَادَاهَا. 6دَرِّبِ الْوَلَدَ بِمُقْتَضَى مَوَاهِبِهِ وَطَبِيعَتِهِ،
فَمَتَى شَاخَ لاَ يَمِيلُ عَنْهَا. 7الْغَنِيُّ يَسُودُ عَلَى الْفَقِيرِ،
وَالْمُقْتَرِضُ مُسْتَعْبَدٌ لِلْمُقْرِضِ. 8مَنْ زَرَعَ جَوْراً يَحْصُدُ
بَلِيَّةً، وَيَفْقِدُ مَا لَهُ مِنْ سُلْطَانٍ. 9الْجَوَّادُ يَتَمَتَّعُ
بِالْبَرَكَةِ لأَنَّهُ يَقْتَسِمُ خُبْزَهُ مَعَ الْفَقِيرِ.
10اطْرُدِ الْمُسْتَهْزِيءَ،
فَيَخْرُجَ الْخِصَامُ، وَيَتَوَقَّفَ الشِّجَارُ وَالإِسَاءَةُ. 11مَنْ
يُحِبُّ طَهَارَ ةَ الْقَلْبِ، وَيَتَحَلَّى بِعُذُوبَةِ الْحَدِيثِ،
يَضْحَى الْمَلِكُ صَدِيقاً لَهُ. 12عَيْنَا الرَّبِّ تَرْعَيَانِ
الْمَعْرِفَةَ، وَهُوَ يُخَرِّبُ كَلاَمَ الْغَادِرِينَ. 13قَالَ
الْكَسُولُ: فِي الْخَارِجِ أَسَدٌ يَفْتَرِسُنِي إِنْ خَرَجْتُ إِلَى
الشَّوَارِعِ. 14فَمُ الْعَاهِرَةِ حُفْرَةٌ عَمِيقَةٌ فَمَنْ سَخَطَ
الرَّبُّ عَلَيْهِ يَهْوِي فِيهَا. 15الْحَمَاقَةُ مُتَأَصِّلَةٌ فِي
قَلْبِ الْوَلَدِ، وَعَصَا التَّأْدِيبِ تَطْرُدُهَا مِنْهُ. 16مَنْ
يَجُورُ عَلَى الْفَقِيرِ لِيَثْرَى ظُلْماً، وَمَنْ يُهْدِي الْغَنِيَّ
(عَلَى حِسَابِ الْفَقِيرِ) يَؤُولُ بِهِ الأَمْرُ إِلَى الفَاقَةِ.
كلام الحكماء
17أَرْهِفْ أُذُنَكَ
وَاسْتَمِعْ لِكَلاَمِ الْحُكَمَاءِ، وَلْيَعْزِمْ قَلْبُكَ عَلَى
إِدْرَاكِ مَعْرِفَتِي، 18فَتَطِيبَ إِنْ حَفِظْتَهَا فِي قَرَارَةِ
نَفْسِكَ، وَأَثْبَتَّهَا دَائِماً عَلَى شَفَتَيْكَ. 19إِيَّاهَا قَدْ
لَقَّنْتُكَ أَنْتَ الْيَوْمَ لِيَكُونَ اتِّكَالُكَ عَلَى الرَّبِّ.
20أَلَمْ أَكْتُبْ لَكَ ثَلاَثِينَ قَوْلاً مِنْ مَأْثُورِ الْمَشُورَةِ
وَالْحِكَمِ؟ 21لأُعَلِّمَكَ قَوْلَ الْحَقِّ الْيَقِينِ لِتَرُدَّ جَوَابَ
صِدْقٍ لِلَّذِينَ أَرْسَلُوكَ.
22لاَ تَسْلُبِ الْفَقِيرَ
لأَنَّهُ فَقِيرٌ، وَلاَ تَسْحَقِ الْبَائِسَ الْمَاثِلَ عِنْدَ الْبَابِ،
23لأَنَّ الرَّبَّ يُدَافِعُ عَنْ دَعْوَاهُمْ، وَيُهْلِكُ نَاهِبِيهِمْ.
24لاَ تُصَادِقْ رَجُلاً غَضُوباً، وَلاَ تُرَافِقْ رَجُلاً سَاخِطاً،
25لِئَلاَّ تَأْلَفَ تَصَرُّفَاتِهِ، وَتُوْقِعَ نَفْسَكَ فِي الشَّرَكِ.
26لاَ تَكُنْ مِنَ الَّذِينَ يَضْمَنُونَ غَيْرَهُمْ بِصَفْقِ الْكَفِّ،
وَلاَ مِنْ كَافِلِي الدُّيُونِ، 27إِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَكَ مَا يَفِي
الدَّيْنَ، فَلِمَاذَا يُصَادِرُونَ فِرَاشَكَ الَّذِي تَنَامُ عَلَيْهِ؟
28لاَ تَنْقُلْ مَعَالِمَ التُّخْمِ
الْقَدِيمِ الَّذِي
أَقَامَهُ آبَاؤُكَ. 29أَرَأَيْتَ الإِنْسَانَ الْمُجِدَّ فِي عَمَلِهِ؟
إِنَّهُ يَمْثُلُ أَمَامَ الْمُلُوكِ لاَ أَمَامَ الرَّعَاعِ!
فصل
23
نقيصة النهم
إِذَا جَلَسْتَ تَأْكُلُ
مَعَ حَاكِمٍ، فَتَأَمَّلْ أَشَدَّ التَّأَمُّلِ فِيمَا هُوَ أَمَامَكَ.
2ضَعْ سِكِّيناً فِي حَلْقِكَ إِنْ كُنْتَ شَرِهاً! 3لاَ تَشْتَهِ
أَطَايِبَهُ لأَنَّهَا أَطْعِمَةٌ خَادِعَةٌ. 4لاَ تَشْقَ طَلَباً
للثَّرَاءِ. اكْبَحْ جِمَاحَ نَفْسِكَ بِفَضْلِ فِطْنَتِكَ. 5مَا تَكَادُ
تَتَأَلَّقُ عَيْنَاكَ حُبُوراً بِهِ حَتَّى يَتَبَدَّدَ، إِذْ فَجْأَةً
يَصْنَعُ لِنَفْسِهِ أَجْنِحَةً وَيَطِيرُ كَالنَّسْرِ مُحَلِّقاً نَحْوَ
السَّمَاءِ.
6لاَ تَأْكُلْ مِنْ خُبْزِ
رَجُلٍ بَخِيلٍ، وَلاَ تَشْتَهِ أَطَايِبَهُ، 7لأَنَّهُ يُفَكِّرُ دَائِماً
فِي الثَّمَنِ. يَقُولُ لَكَ: كُلْ وَاشْرَبْ، إِلاَّ أَنَّ قَلْبَهُ
يَكُنُّ لَكَ غَيْرَ ذَلِكَ، 8فَتَتَقَيَّأَ اللُّقَمَ الَّتِي أَكَلْتَهَا
وَتَذْهَبَ كَلِمَاتُ إِطْرَائِكَ سُدًى! 9لاَ تَتَكَلَّمْ فِي مَسَامِعِ
الْجَاهِلِ لأَنَّهُ يَزْدَرِي بِحِكْمَةِ أَقْوَالِكَ. 10لاَ تَنْقُلْ
مَعَالِمَ تُخْمٍ قَدِيمٍ، وَلاَ تَدْخُلْ حُقُولَ الأَيْتَامِ، 11لأَنَّ
وَلِيَّهُمْ قَادِرٌ، وَهُوَ يُدَافِعُ عَنْ دَعْوَاهُمْ ضِدَّكَ.
12وَجِّهْ قَلْبَكَ إِلَى
التَّأْدِيبِ، وَأَرْهِفْ أُذُنَيْكَ لِكَلِمَاتِ الْمَعْرِفَةِ. 13لاَ
تَمْتَنِعْ عَنْ تَأْدِيبِ الْوَلَدِ. إِنْ عَاقَبْتَهُ بِالْعَصَا لاَ
يَمُوتُ. 14اضْرِبْهُ بِالْعَصَا، فَتُنْقِذَ نَفْسَهُ مِنَ الْهَاوِيَةِ.
كلمات حكمة لابن
15يَاابْنِي إِنْ كَانَ
قَلْبُكَ حَكِيماً، يَبْتَهِجُ قَلْبِي أَيْضاً، 16تَفْرَحُ نَفْسِي
عِنْدَمَا تَنْطِقُ شَفَتَاكَ بِالْحَقِّ. 17لاَ يَغَرْ قَلْبُكَ مِنَ
الْخُطَاةِ، بَلْ وَاظِبْ عَلَى تَقْوَى الرَّبِّ الْيَوْمَ كُلَّهُ،
18فَهُنَاكَ حَقّاً ثَوَابٌ، وَرَجَاؤُكَ لَنْ يَخِيبَ. 19اسْتَمِعْ
يَاابْنِي وَكُنْ حَكِيماً، وَوَجِّهْ قَلْبَكَ نَحْوَ سَبِيلِ الْحَقِّ.
20لاَ تَكُنْ وَاحِداً مِنْ مُدْمِنِي الْخَمْرِ، الشَّرِهِينَ
لاِلْتِهَامِ اللَّحْمِ، 21لأَنَّ السِّكِّيرَ وَالشَّرِهَ يَفْتَقِرَانِ،
وَكَثْرَةُ النَّوْمِ تَكْسُو الْمَرْءَ بِالْخِرَقِ.
22اسْتَمِعْ لأَبِيكَ
الَّذِي أَنْجَبَكَ، وَلاَ تَحْتَقِرْ أُمَّكَ إِذَا شَاخَتْ. 23اقْتَنِ
الْحَقَّ وَلاَ تَبِعْهُ، وَكَذَا الْحِكْمَةَ وَالتَّأْدِيبَ
وَالْفِطْنَةَ. 24أَبُو الصِّدِّيقِ يَغْتَبِطُ أَشَدَّ الاغْتِبَاطِ،
وَمَنْ أَنْجَبَ حَكِيماً يُسَرُّ بِهِ. 25لِيَفْرَحْ أَبُوكَ وَأُمُّكَ
وَلْتَبْتَهِجْ مَنْ أَنْجَبَتْكَ. 26يَا ابْنِي هَبْنِي قَلْبَكَ،
وَلْتُرَاعِ عَيْنَاكَ سُبُلِي. 27فَإِنَّ الْعَاهِرَةَ حُفْرَةٌ
عَمِيقَةٌ، وَالزَّوْجَةَ الْمَاجِنَةَ بِئْرٌ ضَيِّقَةٌ، 28تَكْمُنُ
مُتَرَ بِّصَةً كَلِصٍّ، وَتَزِيدُ مِنَ الْغَادِرِينَ بَيْنَ النَّاسِ.
29لِمَنِ الْمُعَانَاةُ؟
لِمَنِ الْوَيْلُ وَالشَّقَاءُ وَالْمُخَاصَمَاتُ وَالشَّكْوَى؟ لِمَنِ
الْجِرَ احُ بِلاَ سَبَبٍ؟ وِلِمَنِ احْمِرَارُ الْعَيْنَيْنِ؟ 30إِنَّهَا
لِلْمُدْمِنِينَ الْخَمْرَ، السَّاعِينَ وَرَاءَ الْمُسْكِرِ الْمَمْزُوجِ.
31لاَ تَنْظُرْ إِلَى الْخَمْرِ إِذَا الْتَهَبَتْ بِالاحْمِرَارِ،
وَتَأَلَّقَتْ فِي الْكَأْسِ، وَسَالَتْ سَائِغَةً، 32فَإِنَّهَا فِي
آخِرِهَا تَلْسَعُ كَالْحَيَّةِ وَتَلْدَغُ كَالأُفْعُوَانِ. 33فَتُشَاهِدُ
عَيْنَاكَ أُمُوراً غَرِيبَةً، وَقَلْبُكَ يُحَدِّثُكَ بِأَشْيَاءَ
مُلْتَوِيَةٍ، 34فَتَكُونُ مُتَرَنِّحاً كَمَنْ يَضْطَجِعُ فِي وَسَطِ
عُبَابِ الْبَحْرِ، أَوْ كَرَاقِدٍ عَلَى قِمَّةِ سَارِيَةٍ! 35فَتَقُولُ:
«ضَرَ بُونِي وَلَكِنْ لَمْ أَتَوَجَّعْ. لَكَمُونِي فَلَمْ أَشْعُرْ،
فَمَتَى أَسْتَيْقِظُ؟ سَأَذْهَبُ أَلْتَمِسُ شُرْبَهَا مَرَّةً أُخْرَى».
فصل
24
أقوال الحكيم
لاَ تَحْسِدْ أَهْلَ
الشَّرِّ، وَلاَ تَشْتَهِ مُعَاشَرَتَهُمْ، 2لأَنَّ قُلُوبَهُمْ تَتَآمَرُ
عَلَى ارْتِكَابِ الظُّلْمِ، وَأَلْسِنَتَهُمْ تَنْطِقُ بِالإِسَاءَةِ.
3بِالْحِكْمَةِ يُبْنَى
الْبَيْتُ، وَبِالْفَهْمِ يَرْسَخُ. 4بِالْمَعْرِفَةِ تَكْتَظُّ
الْحُجْرَاتُ بِكُلِّ نَفِيسٍ، وَكُنُوزٍ نَادِرَةٍ. 5الرَّجُلُ الْحَكِيمُ
يَتَمَتَّعُ بِالْعِزَّةِ، وَذُو الْمَعْرِفَةِ يَزْدَادُ قُوَّةً،
6لأَنَّكَ بِحُسْنِ التَّدْبِيرِ تَخُوضُ حَرْبَكَ، وَبِكَثْرَةِ
الْمُشِيرِينَ يَكُونُ الْخَلاصُ. 7الْحِكْمَةُ أَسْمَى مِنْ أَنْ
يُدْرِكَهَا الْجَاهِلُ، وَفِي سَاحَةِ الْمَدِينَةِ لاَ يَفْتَحُ فَاهُ!
8الْمُتَفَكِّرُ فِي ارْتِكَابِ الشَّرِّ يُدْعَى مُتَآمِراً. 9نَوَايَا
الْجَاهِلِ خَطِيئَةٌ، وَالْمُسْتَهْزِيءُ رِجْسٌ عِنْدَ النَّاسِ. 10إِنْ
عَيِيتَ فِي يَوْمِ الضِّيقِ تَكُونُ وَاهِنَ الْقُوَى. 11أَنْقِذِ
الْمَسُوقِينَ إِلَى الْمَوْتِ وَرُدَّ الْمُتَعَثِّرِينَ الذَّاهِبِينَ
إِلَى الذَّبْحِ. 12إِنْ قُلْتَ: إِنَّنَا لَمْ نَعْرِفْ هَذَا، أَفَلا
يَفْهَمُ هَذَا وَازِنُ الْقُلُوبِ؟ أَلاَ يُدْرِكُهُ رَاعِي النُّفُوسِ،
فَيُجَازِيَ الإِنْسَانَ بِمُقْتَضَى عَمَلِهِ؟
إرشادات لابن
13يَاابْنِي، كُلْ عَسَلاً
لأَنَّهُ طَيِّبٌ، وَكَذَلِكَ الشَّهْدَ لأَنَّهُ حُلْوٌ لِمَذَاقِكَ.
14لِذَلِكَ الْتَمِسِ الْحِكْمَةَ لِنَفْسِكَ، فَإِذَا وَجَدْتَهَا تَحْظَى
بِالثَّوَابِ وَلاَ يَخِيبُ رَجَاؤُكَ. 15لاَ تَكْمُنْ كَمَا يَكْمُنُ
الشِّرِّيرُ لِمَسْكَنِ الصِّدِّيقِ وَلاَ تُدَمِّرْ مَنْزِلَهُ، 16لأَنَّ
الصِّدِّيقَ يَسْقُطُ سَبْعَ مَرَّاتٍ، وَمَعَ ذَلِكَ يَنْهَضُ، أَمَّا
الأَشْرَارُ فَيَتَعَثَّرُونَ بِالشَّرِّ. 17لاَ تَشْمَتْ لِسُقُوطِ
عَدُوِّكَ، وَلاَ يَبْتَهِجْ قَلْبُكَ إِذَا عَثَرَ، 18لِئَلاَّ يَشْهَدَ
الرَّبُّ، فَيَسُوءَ الأَمْرُ فِي عَيْنَيْهِ وَيَصْرِفَ غَضَبَهُ عَنْهُ.
19لاَ يَتَآكَلْ قَلْبُكَ غَيْظاً مِنْ فَاعِلِي الإِثْمِ، وَلاَ تَحْسِدِ
الأَشْرَارَ، 20إِذْ لاَ ثَوَابَ لِلشِّرِّيرِ، وَسِرَاجُهُ يَنْطَفِيءُ.
21يَاابْنِي اتَّقِ الرَّبَّ وَالْمَلِكَ، وَلاَ تُعَاشِرِ
الْمُتَقَلِّبِينَ، 22لأَنَّ هَذَيْنِ الإِثْنَيْنِ يُنْزِلانِ
الْبَلِيَّةَ بَغْتَةً عَلَيْهِمْ. وَمَنْ يَدْرِي أَيَّةَ كَوَارِثَ
تَصْدُرُ عَنْهُمَا؟
أقوال مأثورة
23وَهَذِهِ أَيْضاً
أَقْوَالُ الْحُكَمَاءِ: التَّحَيُّزُ فِي الْحُكْمِ مُشِينٌ، 24وَمَنْ
يَقُولُ لِلشِّرِّيرِ: أَنْتَ بَرِيءٌ، تَلْعَنُهُ الشُّعُوبُ وَتَمْقُتُهُ
الأُمَمُ. 25أَمَّا الَّذِينَ يُوَبِّخُونَهُ فَلَهُمُ الْغِبْطَةُ
وَتَحُلُّ عَلَيْهِمْ بَرَكَةُ الْخَيْرِ. 26مَنْ يُجِيبُ بِقَوْلٍ صَائِبٍ
يَحْظَى بِالْكَرَامَةِ. 27أَنْجِزْ عَمَلَكَ فِي الْخَارِجِ وَهَيِّيءْ
حَقْلَكَ لِنَفْسِكَ، ثُمَّ ابْنِ بَيْتَكَ. 28لاَ تَشْهَدْ ضِدَّ
قَرِيبِكَ مِنْ غَيْرِ دَاعٍ، فَلِمَاذَا تَنْطِقُ شَفَتَاكَ زُوراً؟ 29لاَ
تَقُلْ: سَأُعَامِلُهُ بِمِثْلِ مَا عَامَلَنِي، وَأُجَازِيهِ عَلَى مَا
ارْتَكَبَهُ فِي حَقِّي.
30اجْتَزْتُ فِي حَقْلِ
الْكَسُولِ وَبِكَرْمِ الرَّجُلِ الْفَاقِدِ الْبَصِيرَةِ، 31وَإِذَا
بِالشَّوْكِ قَدْ كَسَاهُ، وَالْعَوْسَجِ قَدْ غَطَّى كُلَّ أَرْضِهِ،
وَجِدَارِ حِجَارَتِهِ قَدِ انْهَارَ، 32فَاعْتَبَرَ قَلْبِي بِمَا
شَاهَدْتُ، وَتَلَقَّنْتُ دَرْساً مِمَّا رَأَيْتُ. 33أَدْرَكْتُ أَنَّ
قَلِيلاً مِنَ النُّعَاسِ بَعْدَ قَلِيلٍ مِنَ النَّوْمِ، وَطَيَّ
الْيَدَيْنِ لِلْهُجُوعِ، 34تَجْعَلُ الْفَقْرَ يُقْبِلُ عَلَيْكَ
كَقَاطِعِ طَرِيقٍ وَالْفَاقَةَ كَغَازٍ مُسَلَّحٍ!
فصل
25
نصيحة لندماء الملك
هَذِهِ أَيْضاً أَمْثَالُ
سُلَيْمَانَ الَّتِي نَسَخَهَا رِجَالُ حَزَقِيَّا مَلِكِ يَهُوذَا:
2مِنْ مَظَاهِرِ مَجْدِ
اللهِ كِتْمَانُ أَسْرَارِهِ، أَمَّا مَظَاهِرُ مَجْدِ الْمَلِكِ
فَالْكَشْفُ عَنْ بَوَاطِنِ الأُمُورِ. 3كَمَا أَنَّ السَّمَاوَاتِ
لِلْعُلُوِّ، وَالأَرْضَ لِلْعُمْقِ، فَإِنَّ قَلْبَ الْمَلِكِ لاَ
يُسْبَرُ غَوْرُهُ. 4نَقِّ الْفِضَّةَ مِنْ شَوَائِبِهَا، فَيَخْلُصَ
لِلصَّائِغِ مَا يَصْنَعُ مِنْهُ إِنَاءً. 5أَبْعِدِ الشِّرِّيرَ مِنْ
حَضْرَةِ الْمَلِكِ، يَتَثَبَّتُ عَرْشُهُ بِالْعَدْلِ. 6لاَ تَتَبَاهَ
أَمَامَ الْمَلِكِ، وَلاَ تَقِفْ فِي مَوْضِعِ الْعُظَمَاءِ، 7لأَنَّهُ
خَيْرٌ أَنْ يُقَالَ لَكَ: ارْتَفِعْ إِلَى هُنَا مِنْ أَنْ يُحَطَّ
مَقَامُكَ فِي حَضْرَةِ الرَّئِيسِ، الَّذِي شَاهَدَتْهُ عَيْنَاكَ. 8لاَ
تَتَسَرَّعْ بِالذَّهَابِ إِلَى سَاحَةِ الْقَضَاءِ، إِذْ مَاذَا تَفْعَلُ
فِي النِّهَايَةِ إِنْ أَخْزَاكَ قَرِيبُكَ؟ 9قُمْ بِمُنَاقَشَةِ دَعْوَاكَ
مَعَ قَرِيبِكَ، وَلاَ تُفْشِ سِرَّ غَيْرِكَ، 10لِئَلاَّ يُعَيِّرَكَ
السَّامِعُ، وَلاَ تُمْحَى فَضِيحَتُكَ. 11كَلِمَةٌ تُقَالُ فِي أَوَانِهَا
مِثْلُ تُفَّاحٍ مِنْ ذَهَبٍ فِي مَصُوغٍ مِنْ فِضَّةٍ. 12الْمُوَبِّخُ
الْحَكِيمُ لأُذُنٍ صَاغِيَةٍ مِثْلُ قُرْطٍ مِنْ ذَهَبٍ وَحَلِيٍّ مِنْ
إِبْرِيزٍ. 13الرَّسُولُ الأَمِينُ لِمُرْسِلِيهِ مِثْلُ بُرُودَةِ
الثَّلْجِ فِي يَوْمِ الْحَصَادِ، لأَنَّهُ يُنْعِشُ نُفُوسَ سَادَتِهِ.
14الْمُتَفَاخِرُ بِإِغْدَاقِ هَدَايَا كَاذِبَةٍ هُوَ كَالسَّحَابِ
وَالرِّيحِ بِلاَ مَطَرٍ.
القريب والعدو
15بِالصَّبْرِ يَتِمُّ
إِقْنَاعُ الْحَاكِمِ، وَاللِّسَانُ اللَّيِّنُ يَكْسِرُ الْعِظَامَ.
16إِنْ عَثَرْتَ عَلَى عَسَلٍ فَكُلْ مِنْهُ مَا يَكْفِيكَ، لِئَلاَّ
تَتَّخِمَ فَتَتَقَيَّأَهُ، 17أَقْلِلْ مِنْ زِيَارَةِ قَرِيبِكَ لِئَلاَّ
يَسْأَمَ مِنْكَ وَيَمْقُتَكَ. 18شَاهِدُ الزُّورِ ضِدَّ قَرِيبِهِ هُوَ
مِثْلُ مِطْرَقَةٍ وَسَيْفٍ وَسَهْمٍ مَسْنُونٍ. 19الاعْتِمَادُ عَلَى
الْغَادِرِ فِي وَقْتِ الضِّيقِ مِثْلُ سِنٍّ مَهْتُومَةٍ أَوْ رِجْلٍ
مُخَلَّعَةٍ. 20مَنْ يَشْدُو بِالأَغَانِي لِقَلْبٍ كَئِيبٍ يَكُونُ
كَنَزْعِ الثَّوْبِ فِي يَوْمٍ قَارِسِ الْبُرُودَةِ، أَوْ كَخَلٍّ عَلَى
نَطْرُونٍ. 21إِنْ جَاعَ عَدُوُّكَ فَأَطْعِمْهُ، وَإِنْ عَطِشَ فَاسْقِهِ،
22فَإِنْ فَعَلْتَ هَذَا تَجْمَعْ جَمْراً عَلَى رَأْسِهِ، وَالرَّبُّ
يُكَافِئُكَ.
23رِيحُ الشِّمَالِ تَجْلِبُ
الْمَطَرَ، وَاللِّسَانُ النَّمَّامُ يَسْتَأْثِرُ بِالنَّظَرَاتِ
الْغَاضِبَةِ. 24الإِقَامَةُ فِي رُكْنِ سَطْحٍ خَيْرٌ مِنْ مُشَاطَرَةِ
بَيْتٍ مَعَ زَوْجَةٍ نَكِدَةٍ. 25الْخَبَرُ الطَّيِّبُ مِنْ أَرْضٍ
بَعِيدَةٍ مِثْلُ مَاءٍ بَارِدٍ لِلنَّفْسِ الظَّامِئَةِ.
مواقف أخلاقية
26الصِّدِّيقُ
الْمُتَخَاذِلُ أَمَامَ الشِّرِّيرِ هُوَ عَيْنٌ عَكِرَةٌ وَيَنْبُوعٌ
فَاسِدٌ. 27كَمَا أَنَّ الإِكْثَارَ مِنِ الْتِهَامِ الْعَسَلِ مُضِرٌّ،
كَذَلِكَ الْتِمَاسَ الْمَجْدِ الذَّاتِيِّ مَدْعَاةٌ لِلْهَوَانِ.
28الرَّجُلُ الْمُفْتَقِرُ لِضَبْطِ النَّفْسِ مِثْلُ مَدِينَةٍ
مُنْهَدِمَةٍ لاَ سُورَ لَهَا.
فصل
26
الأحمق والجاهل
الْكَرَامَةُ لاَ تَلِيقُ
بِالْجَاهِلِ، فَهِيَ كَالثَّلْجِ فِي الصَّيْفِ، وَكَالْمَطَرِ فِي
مَوْسِمِ الْحَصَادِ. 2اللَّعْنَةُ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ لاَ تَسْتَقِرُّ،
فَهِيَ كَالْعُصْفُورِ الْحَائِمِ وَالْيَمَامَةِ الْمُهَوِّمَةِ.
3السَّوْطُ لِلْفَرَسِ، وَاللِّجَامُ لِلْحِمَارِ، وَالْعَصَا لِظُهُورِ
الْجُهَّالِ. 4لاَ تُجِبِ الْجَاهِلَ بِمِثْلِ حُمْقِهِ لِئَلاَّ تُصْبِحَ
مِثْلَهُ. 5رُدَّ عَلَى الْجَاهِلِ حَسَبَ جَهْلِهِ لِئَلاَّ يَضْحَى
حَكِيماً فِي عَيْنَيْ نَفْسِهِ. 6مَنْ يَبْعَثُ بِرِسَالَةٍ عَلَى فَمِ
جَاهِلٍ يَكُونُ كَمَنْ يَبْتُرُ الرِّجْلَيْنِ أَوْ يَجْرَعُ الظُّلْمَ.
7الْمَثَلُ فِي فَمِ الْجُهَّالِ كَسَاقَيِ الأَعْرَجِ
الْمُتَهَدِّلَتَيْنِ. 8مَثَلُ مَنْ يُكْرِمُ الْجَاهِلَ كَمَثَلِ مَنْ
يَضْرِبُ حَجَراً فِي مِقْلاَعٍ (وَيَقْذِفُهُ بَعِيداً). 9الْمَثَلُ فِي
فَمِ الْجُهَّالِ كَشَوْكٍ فِي يَدِ سَكْرَانٍ. 10مَنْ يَسْتَأْجِرُ
الْجَاهِلَ أَوْ أَيَّ عَابِرِ طَرِيقٍ، يَكُونُ كَرَامِي سِهَامٍ، يُصِيبُ
عَلَى غَيْرِ هُدًى. 11كَمَا يَعُودُ الْكَلْبُ إِلَى قَيْئِهِ، هَكَذَا
يَعُودُ الْجَاهِلُ لِيَرْتَكِبَ حَمَاقَتَهُ. 12أَشَاهَدْتَ رَجُلاً
مُعْتَزّاً بِحِكْمَتِهِ؟ إِنَّ لِلْجَاهِلِ رَجَاءً فِي الإِصْلاحِ
أَكْثَرَ مِنْهُ.
الكسول واللسان الكاذب
13يَقُولُ الْكَسُولُ: فِي
الطَّرِيقِ أَسَدٌ، وَفِي الشَّوَارِعِ لَيْثٌ. 14كَمَا يَدُورُ الْبَابُ
عَلَى مَفَاصِلِهِ، يَتَقَلَّبُ الْكَسُولُ فِي فِرَاشِهِ. 15يَدْفِنُ
الْكَسُولُ يَدَهُ فِي صَحْفَتِهِ وَيَشُقُّ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهَا
إِلَى فَمِهِ. 16الْكَسُولُ أَكْثَرُ حِكْمَةً فِي عَيْنَيْ نَفْسِهِ مِنْ
سَبْعَةٍ يُجِيبُونَ بِفِطْنَةٍ. 17مَنْ يَتَدَخَّلُ فِي خُصُومَةٍ لاَ
تَعْنِيهِ يَكُونُ كَمَنْ يَقْبِضُ عَلَى أُذُنَيْ كَلْبٍ عَابِرٍ.
18كَمَجْنُونٍ يَقْذِفُ شَرَراً وَسِهَاماً وَمَوْتاً، 19مَنْ يَخْدَعُ
قَرِيبَهُ، ثُمَّ يَقُولُ: كُنْتُ أَمْزَحُ فَقَطْ! 20كَمَا تَخْمُدُ
النَّارُ لافْتِقَارِهَا إِلَى الْحَطَبِ، هَكَذَا تَكُفُّ الْخُصُومَةُ
حِينَمَا يَغِيبُ النَّمَّامُ. 21كَمَا أَنَّ الْفَحْمَ يَزِيدُ مِنِ
اتِّقَادِ الْجَمْرِ، وَالْحَطَبَ مِنِ اشْتِعَالِ النَّارِ، هَكَذَا
صَاحِبُ الْخُصُومَةِ يُضْرِمُ النِّزَاعَ. 22هَمَسَاتُ النَّمَّامِ
كَلُقَمٍ سَائِغَةٍ تَنْزَلِقُ إِلَى بَوَاطِنِ الْجَوْفِ!
الرجل الماكر
23الشَّفَتَانِ
الْمُتَوَهِّجَتَانِ وَالْقَلْبُ الشِّرِّيرُ مِثْلُ فِضَّةِ زَغَلٍ
تُغَطِّي خَزَفَةً. 24الرَّجُلُ الْمَاكِرُ يُطْلِي نَوَايَاهُ بِمَعْسُولِ
الشِّفَاهِ، وَلَكِنَّهُ يُرَاعِي الْحِقْدَ فِي قَلْبِهِ، 25إِنْ
تَمَلَّقَكَ بِعُذُوبَةِ حَدِيثِهِ، فَلاَ تَأْتَمِنْهُ، لأَنَّ قَلْبَهُ
مُفْعَمٌ بِسَبْعَةِ صُنُوفٍ مِنَ الرَّجَاسَاتِ. 26إِنْ وَارَى حِقْدَهُ
بِمَكْرٍ، فَإِنَّ نِفَاقَهُ يُفْتَضَحُ بَيْنَ الْجَمَاعَةِ. 27مَنْ
يَحْفِرُ حُفْرَةً لإِيذَاءِ غَيْرِهِ يَقَعُ فِيهَا، وَمَنْ
دَحْرَجَ حَجَراً
يَرْتَدُّ عَلَيْهِ. 28اللِّسَانُ الْكَاذِبُ يَمْقُتُ ضَحَايَاهُ،
وَالْفَمُ الْمَلِقُ يُسَبِّبُ خَرَاباً.
فصل
27
الحكمة صالحة دائماً
لاَ تَتَبَاهَ بِالْغَدِ
لأَنَّكَ لاَ تَدْرِي مَاذَا يَلِدُ الْيَوْمُ. 2لِيُثْنِ عَلَيْكَ سِوَاكَ
لاَ فَمُكَ؛ لِيَمْدَحْكَ الْغَرِيبُ لاَ شَفَتَاكَ. 3الْحَجَرُ ثَقِيلٌ،
وَحُمُولَةُ الرَّمْلِ مُرْهِقَةٌ، وَلَكِنَّ غَضَبَ الْجَاهِلِ أَثْقَلُ
مِنْهُمَا. 4الْغَضَبُ فَظٌّ، وَالسَّخَطُ قَهَّارٌ، وَلَكِنْ مَنْ
يَصْمُدُ أَمَامَ الْغَيْرَةِ؟ 5التَّوْبِيخُ الظَّاهِرُ خَيْرٌ مِنَ
الْحُبِّ الْمُضْمَرِ. 6أَمِينَةٌ هِيَ جُرُوحُ الْمُحِبِّ، وَخَادِعَةٌ
هِيَ قُبْلاَتُ الْعَدُوِّ 7النَّفْسُ الشَّبْعَانَةُ تَطَأُ الشَّهْدَ،
أَمَّا النَّفْسُ الْجَائِعَةُ فَتَجِدُ كُلَّ مُرٍّ حُلْواً. 8الشَّارِدُ
عَنْ مَوْطِنِهِ، كَالْعُصْفُورِ الشَّارِدِ عَنْ عُشِّهِ. 9الطِّيبُ
وَالْبَخُورُ يُفْرِحَانِ الْقَلْبَ، وَمَسَرَّةُ الصِّدِّيقِ نَاجِمَةٌ
عَنِ الْمَشُورَةِ الْمُخْلِصَةِ. 10لاَ تَتَخَلَّ عَنْ صَدِيقِكَ وَعَنْ
صَدِيقِ أَبِيكَ، وَلاَ تَذْهَبْ إِلَى بَيْتِ قَرِيبِكَ فِي يَوْمِ
بُؤْسِكَ، وَجَارٌ قَرِيبٌ خَيْرٌ مِنْ أَخٍ بَعِيدٍ.
الرجل البصير
11كُنْ حَكِيماً يَاابْنِي،
وَفَرِّحْ قَلْبِي، فَأَرُدَّ عَلَى مُعَيِّرِيَّ وَأُفْحِمَهُمْ. 12ذُو
الْبَصِيرَةِ يَرَى الشَّرَّ فَيَتَوَارَى، أَمَّا الْحَمْقَى
فَيَتَقَدَّمُونَ وَيُقَاسُونَ مِنْهُ. 13خُذْ ثَوْبَ مَنْ كَفَلَ
الْغَرِيبَ، وَرَهْناً مِمَّنْ ضَمِنَ الأَجْنَبِيَّ. 14مَنْ يُبَارِكُ
جَارَهُ فِي الصَّبَاحِ الْمُبَكِّرِ بِصَوْتٍ مُرْتَفِعٍ، تُحْسَبُ
بَرَكَتُهُ لَعْنَةً. 15قَطَرَ اتُ الْمَطَرِ الْمُتَتَابِعَةُ فِي يَوْمٍ
مُمْطِرٍ، وَالْمَرْأَةُ الْمُشَاكِسَةُ سِيَّانِ، 16مَنْ يَكْبَحُ
جُمُوحَهَا كَمَنْ يَكْبَحُ الرِّيحَ، أَوْ كَمَنْ يَقْبِضُ عَلَى زَيْتٍ
بِيَمِينِهِ.
جشع الإِنسان
17كَمَا يَصْقُلُ الْحَدِيدُ
الْحَدِيدَ، هَكَذَا يَصْقُلُ الإِنْسَانُ صَاحِبَهُ. 18مَنْ يَرْعَى
تِينَةً يَأْكُلُ مِنْ ثَمَرِهَا، وَمَنْ يُرَاعِي سَيِّدَهُ يَحْظَى
بِالإِكْرَامِ. 19كَمَا يَعْكِسُ الْمَاءُ صُورَةَ الْوَجْهِ، كَذَلِكَ
يَعْكِسُ قَلْبُ الإِنْسَانِ جَوْهَرَهُ. 20كَمَا أَنَّ الْهَاوِيَةَ
وَالْهَلاَكَ لاَ يَشْبَعَانِ، هَكَذَا لاَ تَشْبَعُ عَيْنَا الإِنْسَانِ.
21الْبَوْتَقَةُ لِتَنْقِيَةِ الْفِضَّةِ، وَالأَتُونُ لِتَمْحِيصِ
الذَّهَبِ، وَالإِنْسَانُ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِمَوْقِفِهِ مِمَّا يُكَالُ
لَهُ مِنْ مَدِيحٍ. 22لَوْ دَقَقْتَ الأَحْمَقَ بِمِدَقٍّ فِي هَاوُنٍ مَعَ
السَّمِيذِ، فَلَنْ تَبْرَحَ عَنْهُ حَمَاقَتُهُ. 23اجْتَهِدْ فِي
مَعْرِفَةِ أَحْوَالِ غَنَمِكَ، وَاحْرِصْ كُلَّ الْحِرْصِ عَلَى
قُطْعَانِكَ. 24لأَنَّ الْغِنَى لاَ يَدُومُ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ
يَخْلُدُ التَّاجُ مَدَى الدُّهُورِ. 25عِنْدَمَا يَضْمَحِلُّ الْعُشْبُ،
وَيَنْمُو الْحَشِيشُ الْجَدِيدُ وَيُجْمَعُ كَلَأُ الْجِبَالِ، 26فَإِنَّ
الحُمْلانَ تُوَفِّرُ لَكَ كِسَاءَكَ، وَتَكُونُ الْجِدَاءُ ثَمَناً
لِحَقْلِكَ. 27وَيَكُونُ لَكَ مِنْ لَبَنِ الْمَاعِزِ قُوتٌ يَكْفِيكَ،
وَطَعَامٌ لأَهْلِ بَيْتِكَ وَغِذَاءٌ لِجَوَارِيكَ.
فصل
28
البار والشرير
يَهْرُبُ الشِّرِّيرُ مَعَ
أَنَّ لاَ مُطَارِدَ لَهُ، أَمَّا الصِّدِّيقُونَ فَشَجَاعَتُهُمْ
كَشَجَاعَةِ الشِّبْلِ. 2عِنْدَمَا يَتَمَرَّدُ أَهْلُ أَرْضٍ يَكْثُرُ
رُؤَسَاؤُهُمْ وَتَعُمُّ الْفَوْضَى، وَلَكِنَّهَا تَدُومُ إِنْ حَكَمَهَا
ذُو فَهْمٍ وَمَعْرِفَةٍ. 3الْفَقِيرُ الْجَائِرُ عَلَى الْمُعْوَزِ،
كَمَطَرٍ جَارِفٍ لاَ يُبْقِي عَلَى طَعَامٍ. 4مَنْ يُهْمِلِ الشَّرِيعَةَ
يَحْمَدِ الشِّرِّيرَ، وَالَّذِي يُحَافِظُ عَلَيْهَا يُخَاصِمُهُ. 5لاَ
يَفْهَمُ الأَشْرَارُ الْعَدْلَ، أَمَّا مُلْتَمِسُو الرَّبِّ
فَيُدْرِكُونَهُ تَمَاماً. 6الرَّجُلُ الْفَقِيرُ السَّالِكُ بِكَمَالِهِ،
خَيْرٌ مِنَ الْغَنِيِّ المُنْحَرِفِ فِي طُرُقِهِ. 7مَنْ يُحَافِظُ عَلَى
الشَّرِيعَةِ هُوَ ابْنٌ حَكِيمٌ، أَمَّا عَشِيرُ الْجَشِعِينَ فَيُخْجِلُ
أَبَاهُ. 8الْمُكْثِرُ مَالَهُ بِالرِّبَا وَالاسْتِغْلالِ، إِنَّمَا
يَجْمَعُهُ لِمَنْ هُوَ رَحِيمٌ بِالْفُقَرَاءِ. 9مَنْ يَصْرِفُ أُذُنَهُ
عَنِ الاسْتِمَاعِ إِلَى الشَّرِيعَةِ، تَصِيرُ حَتَّى صَلاَتُهُ رَجَاسَةً.
الصالح الصديق
10مَنْ يُضِلُّ
الْمُسْتَقِيمِينَ لِيَسْلُكُوا فِي سَبِيلِ الشَّرِّ، يَسْقُطُ فِي
حُفْرَتِهِ، أَمَّا الْكَامِلُونَ فَيَنَالُونَ مِيرَاثَ خَيْرٍ.
11الْغَنِيُّ حَكِيمٌ فِي عَيْنَيْ نَفْسِهِ، لَكِنَّ الْفَقِيرَ
الْبَصِيرَ يَكْتَشِفُ حَقِيقَتَهُ. 12عِنْدَمَا يَظْفَرُ الصِّدِّيقُ
يَشِيعُ الْفَخْرُ الْعَظِيمُ، لَكِنْ حِينَ يَتَسَلَّطُ الأَشْرَارُ
يَتَوَارَى النَّاسُ. 13مَنْ يَكْتُمُ آثَامَهُ لاَ يُفْلِحُ، وَمَنْ
يَعْتَرِفُ بِهَا وَيُقْلِعُ عَنْهَا يَحْظَى بِالرَّحْمَةِ. 14طُوبَى
لِلإِنْسَانِ الَّذِي يَتَّقِي الرَّبَّ دَائِماً، أَمَّا مَنْ يُقَسِّي
قَلْبَهُ فَيَسْقُطُ فِي الْبَلِيَّةِ. 15الْحَاكِمُ الْعَاتِي
الْمُتَسَلِّطُ عَلَى الضُّعَفَاءِ، مِثْلُ أَسَدٍ زَائِرٍ أَوْ دُبٍّ
ثَائِرٍ. 16الْحَاكِمُ الْمُفْتَقِرُ إِلَى الْفِطْنَةِ، هُوَ مُتَسَلِّطٌ
جَائِرٌ. وَمَنْ يَمْقُتُ الرِّبْحَ الْحَرَامَ يَتَمَتَّعُ بِعُمْرٍ
مَدِيدٍ.
الأمين والشرير
17مَنْ هُوَ مُثَقَّلٌ
بِارْتِكَابِ سَفْكِ دَمٍ، يَظَلُّ طَرِيداً حَتَّى وَفَاتِهِ، وَلاَ
يُعِينُهُ أَحَدٌ. 18مَنْ يَسْلُكُ بِالْكَمَالِ يَنْجُو، أَمَّا
الْمُنْحَرِفُ إِلَى سَبِيلَيْنِ فَيَسْقُطُ فِي أَحَدِهِمَا. 19مَنْ
يَفْلَحُ أَرْضَهُ يَكْثُرُ طَعَامُهُ، أَمَّا مَنْ يَتْبَعُ أَوْهَاماً
بَاطِلَةً فَيَشْتَدُّ فَقْرُهُ. 20الرَّجُلُ الأَمِينُ يَحْظَى
بِبَرَكَاتٍ غَزِيرَةٍ، وَالْمُتَعَجِّلُ إِلَى الثَّرَاءِ لاَ يَكُونُ
بَرِيئاً. 21الْمُحَابَاةُ نَقِيصَةٌ، وَمِنْ أَجْلِ كِسْرَةِ خُبْزٍ
يَرْتَكِبُ الإِنْسَانُ الإِسَاءَةَ. 22ذُو الْعَيْنِ الشِّرِّيرَةِ
يَسْعَى مُسْرِعاً وَرَاءَ الْغِنَى، وَلاَ يُدْرِكُ أَنَّ الْفَقْرَ
مُطْبِقٌ عَلَيْهِ. 23مَنْ يُوَبِّخُ إِنْسَاناً يَحْظَى مِنْ بَعْدُ
بِرِضَاهُ أَكْثَرَ مِمَّنْ يَتَمَلَّقُ بِلِسَانِهِ. 24مَنْ يَسْلُبُ
أَبَاهُ وَأُمَّهُ قَائِلاً: لَيْسَ فِي هَذَا إِثْمٌ، هُوَ شَرِيكُ
الْهَادِمِ.
25الإِنْسَانُ الْجَشِعُ
يُثِيرُ النِّزَاعَ، وَالْمُتَوَكِّلُ عَلَى الرَّبِّ يُغْنَى.
26الْمُتَّكِلُ عَلَى رَأْيِهِ أَحْمَقُ، أَمَّا السَّالِكُ فِي
الْحِكْمَةِ فَيَنْجُو. 27مَنْ يُحْسِنُ إِلَى الْفَقِيرِ لاَ تُدْرِكُهُ
فَاقَةٌ وَمَنْ يَحْجِبُ عَيْنَيْهِ عَنْهُ تَنْصَبُّ عَلَيْهِ لَعَنَاتٌ
كَثِيرَةٌ. 28عِنْدَمَا يَتَسَلَّطُ الأَشْرَارُ يَتَوَارَى النَّاسُ،
وَعِنْدَمَا يَبِيدُونَ يَكْثُرُ الأَبْرَارُ.
فصل
29
حكم البار
مَنْ كَثُرَ تَوْبِيخُهُ
وَظَلَّ مُعْتَصِماً بِعِنَادِهِ، يَتَحَطَّمُ فَجْأَةً وَلاَ شِفَاءَ
لَهُ. 2إِذَا سَادَ الأَبْرَارُ فَرِحَ الشَّعْبُ، وَإِذَا تَسَلَّطَ
الأَشْرَارُ أَنَّ النَّاسُ. 3مُحِبُّ الْحِكْمَةِ يُفَرِّحُ أَبَاهُ،
وَعَشِيرُ الزَّوَانِي يُتْلِفُ مَالَهُ. 4بِالْعَدْلِ يُشِيعُ الْمَلِكُ
الاسْتِقْرَارَ فِي أَرْضِهِ، وَالْمُوْلَعُ بِالرِّشْوَةِ يُدَمِّرُهَا.
5الْمَرْءُ الَّذِي يَتَمَلَّقُ صَاحِبَهُ يَنْشُرُ شَبَكَةً لِرِجْلَيْهِ.
6الشِّرِّيرُ مُقْتَنَصٌ فِي شَرَكِ إِثْمِهِ، أَمَّا الصِّدِّيقُ
فَيَشْدُو وَيَبْتَهِجُ. 7الصِّدِّيقُ يُدْرِكُ حَقَّ الْفَقِيرِ، أَمَّا
الشِّرِّيرُ فَلاَ يَعْبَأُ بِمَعْرِفَتِهِ. 8الْمُسْتَهْزِئُونَ
يَفْتِنُونَ الْمَدِينَةَ، أَمَّا الْحُكَمَاءُ فَيَصْرِفُونَ الْغَضَبَ.
9إِنْ خَاصَمَ الْحَكِيمُ سَفِيهاً، لَنْ يَجِدَ رَاحَةً، سَوَاءٌ غَضِبَ
السَّفِيهُ أَوْ ضَحِكَ. 10الْمُتَعَطِّشُونَ إِلَى الدِّمَاءِ يَكْرَهُونَ
الْكَامِلَ، وَالأَشْرَارُ يَلْتَمِسُونَ هَلاَكَ الْمُسْتَقِيمِ.
11الْجَاهِلُ يُفَجِّرُ غَضَبَهُ، أَمَّا الْحَكِيمُ فَيَكْبَحُهُ
بِهُدُوءٍ.
الحاكم القاضي بالعدل
12إِنْ أَصْغَى الْحَاكِمُ
إِلَى الأَكَاذِيبِ، يَكُونُ جَمِيعُ رِجَالِ حَاشِيَتِهِ أَشْرَاراً
لأَنَّهُمْ يَتَمَلَّقُونَهُ. 13فِي هَذَا يَتَشَابَهُ الْفَقِيرُ
وَالظَّالِمُ. إِنَّ الرَّبَّ يُعْطِي نُوراً لِعَيْنَيْ كُلٍّ مِنْهُمَا.
14عَرْشُ الْمَلِكِ الْقَاضِي بِالْحَقِّ لِلْفُقَرَاءِ يَثْبُتُ إِلَى
الأَبَدِ.
تأديب الابن
15الْعَصَا وَالتَّأْنِيبُ
يُثْمِرَانِ حِكْمَةً، لَكِنَّ الصَّبِيَّ الْمُهْمَلَ يُخْجِلُ أُمَّهُ.
16إِذَا سَادَ الأَشْرَارُ كَثُرَتِ الآثَامُ، أَمَّا الأَبْرَارُ
فَيَشْهَدُونَ سُقُوطَهُمْ. 17قَوِّمِ ابْنَكَ فَيُرِيحَكَ، وَيُشِيعَ
الْمَسَرَّةَ فِي نَفْسِكَ. 18حَيْثُ لاَ رُؤْيَا يَجْمَحُ الشَّعْبُ،
وَطُوبَى لِمَنْ يَحْفَظُ الشَّرِيعَةَ. 19لاَ تُؤَدِّبِ الْعَبْدَ
بِمُجَرَّدِ الْكَلامِ، لأَنَّهُ وَإِنْ فَهِمَ لاَ يَسْتَجِيبُ.
20أَرَأَيْتَ إِنْسَاناً مُتَهَوِّراً فِي كَلاَمِهِ؟ إِنَّ لِلْجَاهِلِ
رَجَاءً فِي الإِصْلاَحِ أَكْثَرَ مِنْهُ. 21مَنْ دَلَّلَ عَبْدَهُ فِي
حَدَاثَتِهِ، يَتَمَرَّدُ فِي النِّهَايَةِ عَلَيْهِ. 22الإِنْسَانُ
الْغَضُوبُ يُثِيرُ النِّزَاعَ، وَالرَّجُلُ السَّخُوطُ كَثِيرُ
الْمَعَاصِي. 23كِبْرِيَاءُ الإِنْسَانِ تَحُطُّ مِنْ قَدْرِهِ،
وَالْمُتَوَاضِعُ الرُّوحِ يُحْرِزُ كَرَامَةً. 24شَرِيكُ اللِّصِّ
يَمْقُتُ نَفْسَهُ، يَسْمَعُ اللَّعْنَةَ وَيَكْتُمُ الْجَرِيمَةَ.
25الْخَشْيَةُ مِنَ النَّاسِ فَخٌّ مَنْصُوبٌ، أَمَّا الْمُتَّكِلُ عَلَى
الرَّبِّ فَآمِنٌ. 26كَثِيرُونَ يَلْتَمِسُونَ رِضَى الْمُتَسَلِّطِ،
إِنَّمَا مِنَ الرَّبِّ يَصْدُرُ قَضَاءُ كُلِّ إِنْسَانٍ. 27الرَّجُلُ
الظَّالِمُ مَكْرَهَةٌ لِلصِّدِّيقِ، وَذُو السَّبِيلِ الْمُسْتَقِيمِ
رِجْسٌ عِنْدَ الشِّرِّيرِ.
فصل
30
أقوال أجور
هَذِهِ أَقْوَالُ أَجُورَ
ابْنِ مُتَّقِيَةَ مِنْ قَوْمِ مَسَّا، إِلَى إِيثِيئِيلَ وَأُكَّالَ:
2إِنَّنِي أَكْثَرُ النَّاسِ
بَلاَدَةً، وَلَيْسَ لِي فَهْمُ إِنْسَانٍ. 3لَمْ أَتَلَقَّنِ الْحِكْمَةَ،
وَلاَ أَمْلِكُ مَعْرِفَةَ الْقُدُّوسِ. 4مَنِ ارْتَقَى إِلَى السَّمَاءِ
ثُمَّ هَبَطَ مِنْهَا؟ وَمَنْ جَمَعَ الرِّيحَ فِي حَفْنَتَيْهِ؟ مَنْ
صَرَّ الْمِيَاهَ فِي ثَوْبٍ؟ مَنْ أَرْسَى جَمِيعَ أَطْرَافِ الأَرْضِ؟
مَا اسْمُهُ وَمَا اسْمُ ابْنِهِ؟ أَخْبِرْنِي إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ.
5كُلُّ كَلِمَةٍ مِنْ كَلِمَاتِ اللهِ صَادِقَةٌ، وَهُوَ تُرْسٌ
لِلاَّئِذِينَ بِهِ. 6لاَ تُضِفْ عَلَى كَلاَمِهِ لِئَلاَّ يُوَبِّخَكَ
فَتُصْبِحَ كَاذِباً.
7أَمْرَيْنِ أَطْلُبُ
مِنْكَ، فَلاَ تَحْرِمْنِي مِنْهُمَا قَبْلَ أَنْ أَمُوتَ: 8أَبْعِدْ
عَنِّي الْبَاطِلَ وَكَلاَمَ الزُّورِ، وَلاَ تَجْعَلِ الْفَقْرَ أَوِ
الْغِنَى مِنْ نَصِيبِي. لَكِنْ أَعْطِنِي كَفَافِي مِنَ الطَّعَامِ،
9لِئَلاَّ أَشْبَعَ فَأَجْحَدَكَ
قَائِلاً: مَنْ هُوَ
الرَّبُّ؟ أَوْ أَفْتَقِرَ فَأَسْرِقَ وَأُلَطِّخَ اسْمَ إِلَهِي
بِالْعَارِ.
10لاَ تَشْكُ عَبْداً إِلَى
سَيِّدِهِ، لِئَلاَّ يَلْعَنَكَ وَتَكُونَ قَدْ أَثِمْتَ فِي حَقِّهِ.
11رُبَّ جِيلٍ يَشْتِمُ أَبَاهُ وَلاَ يُبَارِكُ أُمَّهُ. 12رُبَّ جِيلٍ
نَقِيٍّ فِي عَيْنَيْ نَفْسِهِ، وَهُوَ لَمْ يَتَطَهَّرْ بَعْدُ مِنْ
رَجَاسَتِهِ. 13رُبَّ جِيلٍ: لَشَدَّ مَا هُوَ مُتَشَامِخُ الْعُيُونِ
وَمُتَعَالِي النَّظَرَاتِ. 14رُبَّ جِيلٍ أَسْنَانُهُ مُرْهَفَةٌ
كَالسُّيُوفِ، وَأَنْيَابُهُ حَادَّةٌ كَالسَّكَاكِينِ، لِيَفْتَرِسَ
الْمَسَاكِينَ فِي الأَرْضِ وَالْبَائِسِينَ مِنْ بَيْنِ أَبْنَاءِ
الْبَشَرِ.
ابنتا العلقة
15لِلْعَلَقَةِ بِنْتَانِ
هَاتِفَتَانِ: هَاتِ، هَاتِ. ثَلاَثَةُ أَشْيَاءَ لاَ تَشْبَعُ قَطُّ،
وَالرَّابِعَةُ لاَ تَقُولُ كَفَى: 16الْهَاوِيَةُ، وَالرَّحِمُ
الْعَقِيمُ، وَأَرْضٌ لاَ تَرْتَوِي مِنَ الْمَاءِ، وَالنَّارُ الَّتِي لاَ
تَقُولُ أَبَداً كَفَى.
17الْعَيْنُ السَّاخِرَةُ
بِالأَبِ، وَالَّتِي تَحْتَقِرُ طَاعَةَ أُمِّهَا، تَقْتَلِعُهَا غِرْبَانُ
الْوَادِي، وَتَلْتَهِمُهَا فِرَاخُ النُّسُورِ.
أشياء لا تستوعب
18ثَلاَثَةُ أَشْيَاءَ
أَعْجَبُ مِنْ أَنْ أَسْتَوْعِبَهَا، وَأَرْبَعَةٌ لاَ أَعْرِفُهَا:
19سَبِيلُ النَّسْرِ فِي السَّمَاءِ، وَدَرْبُ الْحَيَّةِ عَلَى الصَّخْرِ،
وَطَرِيقُ السَّفِينَةِ فِي غَمَارِ الْبَحْرِ، وَطَرِيقُ رَجُلٍ مَعَ
عَذْرَاءَ. 20هَذَا هُوَ أُسْلُوبُ الْمَرْأَةِ الْعَاهِرَ ةِ: إِنَّهَا
تَأْثَمُ وَتَسْتَخِفُّ وَتَقُولُ: لَمْ أَرْتَكِبْ شَرّاً!
أربعة أعباء
21تَحْتَ عِبْءِ ثَلاَثَةٍ
تَقْشَعِرُّ الأَرْضُ، وَتَحْتَ أَرْبَعَةٍ تَنُوءُ. 22تَحْتَ عَبْدٍ إِذَا
صَارَ مَلِكاً، وَأَحْمَقَ إِذَا شَبِعَ، 23وَامْرَأَةٍ كَرِيهَةٍ إِذَا
تَزَوَّجَتْ، وَأَمَةٍ إِذَا وَرِثَتْ مَوْلاَتَهَا.
أربعة حيوانات حكيمة
24أَرْبَعَةٌ هِيَ
الصُّغْرَى فِي الأَرْضِ، وَلَكِنَّهَا فَائِقَةُ الْحِكْمَةِ: 25النَّمْلُ
طَائِفَةٌ ضَعِيفَةٌ، لَكِنَّهُ يَخْزِنُ فِي الصَّيْفِ قُوتَهُ.
26الْوِبَارُ طَائِفَةٌ لاَ قُدْرَةَ لَهَا، لَكِنَّهَا تَنْقُرُ فِي
الصَّخْرِ بُيُوتَهَا. 27وَالْجَرَادُ لاَ مَلِكَ لَهُ، لَكِنَّهُ
يَتَقَدَّمُ فِي أَسْرَابٍ مُنَظَّمَةٍ. 28وَالْعَنْكَبُوتُ الَّتِي
يُمْكِنُ الْتِقَاطُهَا بِالْيَدِ، وَلَكِنَّهَا فِي قُصُورِ الْمُلُوكِ.
في الجلال والوقار
29ثَلاَثَةٌ جَلِيلَةٌ فِي
خَطْوِهَا، وَأَرْبَعَةٌ وَقُورٌ فِي تَحَرُّكِهَا: 30اللَّيْثُ جَبَّارُ
الْوُحُوشِ، الَّذِي لاَ يَتَرَاجَعُ أَمَامَ أَحَدٍ، 31وَالطَّاوُوسُ
الْمُخْتَالُ، وَالتَّيْسُ، وَالْمَلِكُ فِي طَلِيعَةِ جَيْشِهِ.
32إِنِ انْتَابَكَ الْحُمْقُ
فَاغْتَرَرْتَ بِنَفْسِكَ، أَوْ شَرَعْتَ فِي تَدْبِيرِ الْمَكَائِدِ،
فَأَطْبِقْ يَدَكَ عَلَى فَمِكَ. 33فَكَمَا أَنَّ مَخْضَ الْحَلِيبِ
يُخْرِجُ زُبْدَةً، وَالضَّغْطَ عَلَى الأَنْفِ يَجْعَلُهُ يَنْزِفُ دَماً،
فَإِنَّ إِثَارَةَ الْغَضَبِ تُوَلِّدُ الْخِصَامَ.
فصل
31
حماقة الشهوة والإدمان على
المسكرات
هَذِهِ أَقْوَالُ لَمُوئِيلَ
مَلِكِ مَسَّا الَّتِي تَلَقَّنَهَا مِنْ أُمِّهِ: 2مَاذَا يَاابْنِي
يَاابْنَ أَحْشَائِي، يَاابْنَ نُذُورِي؟ 3لاَ تُنْفِقْ قُوَّتَكَ عَلَى
النِّسَاءِ، وَلاَ تَسْتَسْلِمْ لِمَنْ يُهْلِكْنَ الْمُلُوكَ. 4لَيْسَ
لِلْمُلُوكِ يَالَمُوئِيلُ، لَيْسَ لِلْمُلُوكِ أَنْ يُدْمِنُوا الْخَمْرَ،
وَلاَ لِلْعُظَمَاءِ أَنْ يَجْرَعُوا الْمُسْكِرَ. 5لِئَلاَّ يَسْكَرُوا
فَيَنْسَوْا الشَّرِيعَةَ، وَيَجُورُوا عَلَى حُقُوقِ الْبَائِسِينَ.
6أَعْطُوا الْمُسْكِرَ لِلْهَالِكِ، وَالْخَمْرَ لِذَوِي النُّفُوسِ
التَّعِسَةِ، 7فَيَثْمَلُوا وَيَنْسَوْا فَقْرَهُمْ، وَلاَ يَذْكُرُوا
بُؤْسَهُمْ بَعْدُ.
8افْتَحْ فَمَكَ مُدَافِعاً
عَنِ الأَخْرَسِ، وَفِي دَعْوَى كُلِّ مَنْبُوذٍ. 9افْتَحْ فَمَكَ قَاضِياً
بِالْعَدْلِ، وَدَافِعْ عَنْ حُقُوقِ الْفُقَرَاءِ وَالْمُحْتَاجِينَ.
المرأة الفاضلة
10مَنْ يَعْثُرُ عَلَى
الْمَرْأَةِ الْفَاضِلَةِ؟ إِنَّ قِيمَتَهَا تَفُوقُ اللَّآلِيءَ. 11بِهَا
يَثِقُ قَلْبُ زَوْجِهَا فَلاَ يَحْتَاجُ إِلَى مَا هُوَ نَفِيسٌ.
12تُسْبِغُ عَلَيْهِ الْخَيْرَ دُونَ الشَّرِّ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِهَا.
13تَلْتَمِسُ صُوفاً وَكَتَّاناً وَتَشْتَغِلُ بِيَدَيْنِ رَاضِيَتَيْنِ،
14فَتَكُونُ كَسُفُنِ التَّاجِرِ الَّتِي تَجْلِبُ طَعَامَهَا مِنْ بِلاَدٍ
نَائِيَةٍ. 15تَنْهَضُ وَاللَّيْلُ مَا بَرِحَ مُخَيِّماً، لِتُعِدَّ
طَعَاماً لأَهْلِ بَيْتِهَا، وَتُدَبِّرَ أَعْمَالَ جَوَارِيهَا
16تَتَفَحَّصُ حَقْلاً وَتَشْتَرِيهِ، وَمِنْ مَكْسَبِ يَدَيْهَا تَغْرِسُ
كَرْماً 17تُنَطِّقُ حَقَوَيْهَا بِالْقُوَّةِ وَتُشَدِّدُ ذِرَاعَيْهَا.
18وَتُدْرِكُ أَنَّ تِجَارَتَهَا رَابِحَةٌ، وَلاَ يَنْطَفِيءُ سِرَاجُهَا
فِي اللَّيْلِ. 19تَقْبِضُ بِيَدَيْهَا عَلَى الْمِغْزَلِ وَتُمْسِكُ
كَفَّاهَا بِالْفَلَكَةِ. 20تَبْسُطُ كَفَّيْهَا لِلْفَقِيرِ وَتَمُدُّ
يَدَيْهَا لإِغَاثَةِ الْبَائِسِ. 21لاَ تَخْشَى عَلَى أَهْلِ بَيْتِهَا
مِنَ الثَّلْجِ، لأَنَّ جَمِيعَهُمْ يَرْتَدُونَ الْحُلَلَ
الْقِرْمِزِيَّةَ. 22تَصْنَعُ لِنَفْسِهَا أَغْطِيَةً مُوَشَّاةً،
وَثِيَابُهَا مُحَاكَةٌ مِنْ كَتَّانٍ وَأُرْجُوَانٍ. 23زَوْجُهَا
مَعْرُوفٌ فِي مَجَالِسِ بَوَّابَاتِ الْمَدِينَةِ، حَيْثُ يَجْلِسُ بَيْنَ
وُجَهَاءِ الْبِلاَدِ. 24تَصْنَعُ أَقْمِصَةً كَتَّانِيَّةً وَتَبِيعُهَا،
وَتُزَوِّدُ التَّاجِرَ الْكَنْعَانِيَّ بِمَنَاطِقَ. 25كِسَاؤُهَا
الْعِزَّةُ وَالشَّرَفُ، وَتَبْتَهِجُ بِالأَيَّامِ الْمُقْبِلَةِ.
26يَنْطِقُ فَمُهَا بِالْحِكْمَةِ، وَفِي لِسَانِهَا سُنَّةُ الْمَعْرُوفِ.
27تَرْعَى بِعِنَايَةٍ شُؤُونَ أَهْلِ بَيْتِهَا، وَلاَ تَأْكُلُ خُبْزَ
الْكَسَلِ. 28يَقُومُ أَبْنَاؤُهَا وَيَغْبِطُونَهَا، وَيُطْرِيهَا
زَوْجُهَا أَيْضاً قَائِلاً: 29«نِسَاءٌ كَثِيرَاتٌ قُمْنَ بِأَعْمَالٍ
جَلِيلَةٍ، وَلَكِنَّكِ تَفَوَّقْتِ عَلَيْهِنَّ جَمِيعاً». 30الْحُسْنُ
غِشٌّ وَالْجَمَالُ بَاطِلٌ، أَمَّا الْمَرْأَةُ الْمُتَّقِيَّةُ الرَّبَّ
فَهِيَ الَّتِي تُمْدَحُ. 31أَعْطُوهَا مِنْ ثَمَرِ يَدَيْهَا، وَلْتَكُنْ
أَعْمَالُهَا مَصْدَرَ الثَّنَاءِ عَلَيْهَا.
|