القدّيس نعمةالله كسّاب الحرديني
كــما شهد مـعاصـروه

إعداد الأب حنّا اسكندر

الاساس

الفصل الثاني: جهود الحياة

   

القدّيس الحرديني
كــما شهد مـعاصـروه
إعداد الأب حنّا اسكندر

 
  مقدمة
 
  الفصل الأوّل: أوّل المشوار
  الفصل الثاني: جهود الحياة
  الفصل الثالث: طريق المجد
 
  خاتمة
 
  الشهود
  الأصول
 
  ملحق: صلوات
 
  المراجع
 
 
تجلي يسوع
 

أولا: وصف الحرديني

أ- تعريف

"كان معتدل القامة"[320] "بطول 175سم"[321] "صحيح البنية جميل الصورة"[322] "أسمر اللون، قصير اللحية، أسود الشعر، جميل التكوين"[323] "حنطي"[324] "أبيض قليلا ووجهه ضعيف"[325] "ولكثرة إماتاته وتقشفاته صار ضعيفا جدّا، ومنظر وجهه مصفرّا، كمن قام من مرض"[326] "وصوته منخفض"[327] "دائما منحني الرأس مطرقا ببصره إلى الأرض خشوعا واتضاعا"[328] "ومحبّا فطنا قنوعا عادلا سليم العقل، قويّ الإرادة عفيفا"[329] "ورزينا في مشيته وحركاته"[330] "وحديثه مطرقا متأمّلا"[331] "وكان في الدير مهابا معتبرا أكثر الإعتبار والإحترام"[332] "ولمّا يكون الحرديني في الدير يسود السكون والسكوت كأنّ ليس في الدير أحدا"[333] إذ "يجذب القلوب بوداعة. وكلّ من كان ينظر إليه، كان يتخشّع ويقول: هذا هو قدّيس حيّ"[334]

 

ب- أحداث وروايات

1- يوميّات الحرديني

"يقوم على قرع جرس الصلاة في نصف الليل، يخالف باقي الرهبان، بإذن رؤسائه، إذ يبقى في الكنيسة، وهم يعودون بعد صلاة نصف الليل إلى غرفهم. يبقى فيها للصلاة والتأمّل، والإستعداد للذبيحة الإلهيّة. فيأتي الصباح، وتشرق الشمس وهو ساجد متأمّل إلى قرب الظهر. عرف رؤساؤه خطّته هذه الخارقة العادة فاحترموه قائلين: إنّ طريقته سامية، فما لنا إلاّ أن نحترمه، ويكن قدوة لطالبي الكمال. ولذلك لم يكن يخرج مع الرهبان إلى تناول أكله عند الساعة العاشرة، إذ لم يكن بعد أنجز صلواته وتلا قدّاسه"[335] "ويقضي وقته بين صلوات وتلاوة فرض واستعداد"[336] "يقدّس الساعة الحادية عشرة، ويقيم على قدّاسه نحو ساعة"[337] "ثمّ صلاة الشكران وتلاوة الورديّة"[338] "كاملة بصحبة آخرين، خاصة في السنين الأخيرة من حياته، بعبادة وحرارة عظيمة، بصوت جهير مقترن بالغرام والدالة البنويّة نحو مريم البتول الأمّ الإلهيّة!"[339] وعندما "ينتهي من قدّاسه ومن باقي عباداته وصلواته العقليّة واللفظيّة استعدادا وشكرانا"[340] "يخرج"[341] "عند الظهر ويأتي إلى المائدة ويقدّم له الطعام. فلا يسأل إذا كان يوافق ذوقه أو لا. بل كان يسأل إذا كان هذا من طعام الجمهور؟"[342] "فما كان يريد ولا يقبل أن يخصّص بشيء من المأكول. وكان الأخ الكرارجي يقدّم له شيئا بسيطا مثل لبن أو بيض، لأنّ طبخ الجمهور يكون قد برد"[343] "بما أنّه مريض، أو متقدّم في وظائف الرهبنة، فكان يرفض ويقول: بلاها"[344] "فما كان ليأخذ منه، ولا بوجه من الوجوه، رغما عن مزيد إلحاح الأخ الكراجي والأب الرئيس أيضا"[345]

"وأمّا يوم السبت المكرّس لتكريم العذراء، بنوع خاص، فقد كان، ما عدا الصيام به، ينقطع عن الزفر أيضا، آكلا ما يأكله معمولا بزيت، وكان يصوم كلّ بارامونات[346] أعيادها، وكذلك الشهر المريميّ كلّه، وأحيانا ينقطع فيه عن الزفر أيضا إكراما لهذه السيّدة المحبوبة منه كوالدة له"[347] "وكان يقول: إنّه لا يقصد بعدم أكله إلى الظهر، الصوم بالخصوص – ما عدا أيّام السبوت والبرامونات- بل عدم الفضوة من إتمام رياضاته الروحيّة يجعله يتأخّر إلى ذلك الزمان لينجزها"[348] "وهذه العيشة حافظ عليها في أوّل حياته وفي الوظائف العالية التي تقلّب فيها، يوم كان مدبّرا كان يعيش مثل يوم كان راهبا بسيطا. وما كان يسهر مع أحد أبدا، إمّا في الكنيسة، وإمّا في حجرته"[349] "فيكون قضى مدّة قسوسته التي هي 23 سنة، صائما حتّى أيّام الأحاد والأعياد"[350]

2- كان الجميع يجلّونه

"ومرّة شاهدته في قريتنا جران، يحضر جنّازا مع رئيس الدير. وبعد الجنّاز دعي حسب العادة إلى الغداء في بيت ابراهيم طنّوس الخواجه. فمنعوا النساء من تقديم الطعام على المائدة، ومن الظهور أمام الأب نعمةالله المذكور لئلاّ يستاء. وهكذا كان الجميع يجلّونه، وإلى هذا الحدّ يحترمون فضيلته، ويراعون خاطره، ويسهرون كلّ السهر على رضاه. هذه كانت منْزلته عند الناس، فرأيت النساء يأتين بالطعام إلى قرب الباب، وهناك يسلّّمونه إلى الرجال ليقدّموه"[351]

 

ثانيا: خدمة الحرديني الكهنوتيّة

أ- تعريف

"وكان يذهب برفقة الرئيس لحضور الجنّازات، وتعزية أهل الميّت"[352] "وكان حالما يطلب منه أحد أن يصلّي له على ماء، لا يتأخّر يوما"[353] "والجميع يسرعون لطلب صلاته وليبارك لهم الماء دون أن يلتفت إلى أحد ودون أن يميّز الرجل من المرأة لأنّه كان يغطّي وجهه بإسكيمه ويحوّل وجهه عنهم"[354] "لا يخاطب أحدا"[355] "وما كان يزور أحد ولا يعرِّج على بيت بل يذهب توّا إلى الكنيسة وبعد الجنّاز يرجع توّا إلى الدير"[356] "والجميع كانوا يدعونه القدّيس ويطلبون بركته وصلاته"[357]

      

ب- أحداث وروايات

1- عمّدوهم (متّى 28/19)

"أنا القس نعمةالله حرديني قد عمّدت مريم ابنة يوحنا نون من رامات سنة 1838. أنا القس نعمةالله حرديني قد عمّدت يوسف بن طنوس الياس من جران سنة 1839 وذلك بدير كفيفان"[358]

2- قدّاس أحد

"اضطر يوما من أيّام الأحاد أن يقدّس والنساء حاضرات قدّاسه، فقدّس ولم يستعمل التبخير نحو الشعب، يبخّر المذبح ولم يبخّر الشعب"[359] "وفي قدّاسه لمّا يبخّر ما كان يرفع نظره أبدا"[360]

 

3- كأنّه وحده يصلّي

"كان يحضر الجنّاز مختليا بذاته، كأنّه وحده يصلّي. وكان يبان للأعين أنّه مع الله دائما، وهو بين ضوضاء الناس"[361] "وذهب بنعوة إلى قرية زان"[362] "ووصل مؤخّرا"[363] "وإذ لم يكن للكنيسة سوى باب واحد يدخل منه النساء والرجال وإنّ النساء يركعن عند الباب لم يدخل الكنيسة"[364] "فبقي خارجا يصلّي منفردا"[365] "جنّز خارجا وقفل راجعا إلى الدير"[366]  

 

4- إكراما لخاطرك

"بمناسبة وفاة سركيس أبي ضاهر من قرية زان، دعي الحرديني إلى الجنّاز مع سائر رهبان دير كفيفان. والقس سابا أبن أخ المتوفّي، طلب من الأب الحرديني أن يرافقه، فقال: أنا من زمن طويل لا أذهب إلى المحافل، إنّما إكراما لخاطرك أذهب معك هذه المرّة (إنّما رضي بذلك لما عليه القس سابا من الفضل والتقوى) ولمّا وصلوا إلى زان، حيث تجمّع الناس أخذ بخاطر أهل الميّت وقلنسوته تغطّي وجهه حتّى أنفه. ثمّ خرج ذاهبا إلى شجرة منفردة، جلس في ظلّها، حتّى قرع جرس الجنّاز. وعندئذ نهض وتوجّه إلى الكنيسة حيث صلّى بكلّ خشوع، وكانت كلّ نواظر الحاضرين متجهة إليه إتجاها إلى أمر غريب، لأنّه كان ممتازا بتقواه، وهيئته الخشوعيّة. وبعد الفراغ من الجنّاز، قفل راجعا إلى الدير توّا. وقد كنت ألححت عليه كلّ الإلحاح لكي يأخذ شيئا من الطعام، فأبى"[367]

5- يلهجون بفضيلته

"رأيته مرّة واحدة في بيتنا، في اسمر جبيل، لأنّه حضر هناك مع شيعة [مجموعة] رهبان حفلة جنّاز ودعاه المرحوم والدي مع باقي الرهبان، لمناولة طعام الغداء عندنا. ولمّا جلسوا على المائدة، وجاءت والدتي تضع الطعام عليها، في الحال خفض الأب الحرديني رأسه، وغطّى عينيه بقلنسوته. عندئذ أمر والدي أن تخرج والدتي، وأن لا يخدم على المائدة إلاّ الرجال"[368] "فتناول الغداء ولم يخاطب أحدا ولا التفت إلى أحد"[369] "فسمعت عندئذ من الحاضرين، يلهجون[370] بفضيلته، ويهمسون بعضهم لبعض، أنّ الفضيلة قد تجسّمت فيه"[371]

 

6- حضر جنّازا في قرية جران

"حضر مرّة جنّازا في قرية جران، فوقف في باب الخورس مع الخوارنة وقفة واحدة من أوّل الجنّاز إلى آخره، لم ينظر نظرة واحدة إلى ما في الكنيسة. وما انتهى الجنّاز حتّى أسرع في الرجوع دون أن يكلّم أحدا"[372]

7- يصلّي لهم على الماء

"وقد تردّدت على دير كفيفان، وكان لي من العمر 16 سنة فصاعدا عندما ابتدأت في الدروس. وفي كلّ هذه المدّة كنت أتعجّب من اعتبار العموم لقداسة هذا الرجل، لأنّ كثيرين من الجوار كانوا"[373] "يأتون إليه في مصائبهم ونكباتهم، وكانوا يأخذون منه ماء مباركا لمواشيهم وقزوزهم ومزروعاتهم، ولشفاء أمراضهم"[374] "وبقوّة دعائه تبعد عن المواسم كلّ الدبّابات والآفات المضرّة"[375]  "ويشفى مرضى يقصدونه"[376] "فكان يطلب من الله بدالة بنويّة وينال ما يطلبه"[377]

8- رسول سلام

"كلّفه البطرك بولس مسعد بفضّ خلاف في تنّورين، فنزل في دار الشيخ فارس طربيه، واضطر بوقته أن يغسل المسح الذي كان يلبسه. فعلم صاحب الدار وقدّره [عظّمه] قدره، فترجّاه رجل الله بكتمان السرّ"[378]

ثالثا: عمل الحرديني

أ- تعريف

"كان يقدّم أعماله لله في الصباح عموما وفي بدء كلّ عمل خصوصا"[379] "ووقته كان مقسوما بين صلاة وعمل. وأمّا عمله فقد كان الشغل مع الرهبان في الحقل، لاسيّما عرم الكتب، الحرفة التي تعلّمها في دير قزحيّا وبقي ملازما العرم حتّى لمّا صار مدبّرا"[380] و"كان مدخوله من صنعة العرم وحسنة القداديس، فقدّاسه كان على دفتر الرئيس. ومدخول العرم كان حالا يصل إلى يد الرئيس"[381] "وحتّى حينما يكون بوظيفة المدبّريّة؛ وأحيانا يشتري، بإذن الرؤساء، بدلات أو صورا للكنائس؛ وبالتالي ما كان يدع من الزمان فرصة تمرّ دون عمل ما روحيّ أو زمنيّ"[382] "وما جلس حياته بطّالا"[383] "وما يعرف البطالة قط، ولم يكن يمزح، ولا يتجاسر أحد أن يمزح أمامه، إحتراما له"[384]

ب- أحداث وروايات

1- الرئيس يتدبّر

"وكان في حياته كلّها، إذا كان يعطي ذاته مهلة في الصلوات كان يقضها في عمل التجليد وعرم الكتب، حتّى في أيّام مدبّريته. وكان يؤدّي دائما مدخول صنعته لرئيس الدير المقيم هو فيه. فقال له رفاقه المدبّرون، وغيرهم من الرهبان: إنّ رئيس الدير لا يعمل بالدراهم من دخلك عملا يفيد الدير، فاحتفظ بها حتّى تصير كمّية وافرة، واعمل بها نقبة كرم زيتون. فراقه الأمر أوّلا، إنّما ثاني يوم، قال في ذاته: هذا العمل يخالف الأصول. أدفع الدراهم للرئيس وهو يتدبّر. وهكذا صار"[385]

2- الأمر يخصّ الرئيس

"بينما كان في دير كفيفان، جاءه الأخ مخايل تنوري والأخ الياس مشمشاني[386] وقالا له: إنّ توت الدير قد خرب من كثرة الإهمال، والرئيس لا يفطن لهذه الأمور. أعطنا كم قرش حتّى نستأجر فعلة، ونصلحه، من أجرة التجليد. فأجاب فورا: إستدعوا فعلة"[387] "وتولّى الأب عبد الأحد بجّاني الإهتمام بتشغيل الفعلة. وفي الليل جاء الأب الحرديني وقال للآباء الذين طلبوا منه ذلك بإلحاح وكانوا أقنعوه بأنّ خراب الرزق صار شاملا، والأمر يستدعي الإهتمام. فقال لهم: رجعت عن وعدي لكم، إذ ضميري لا يرتاح. فأنا حسب عادتي كلّ سبت أقدّم للرئيس مدخول السبّة [الأسبوع]، وهو يتصرّف حسب سلطته، فاطلبوا أنتم منه"[388] "الأمر يخصّ الرئيس"[389] "وكان الرئيس وقتئذ الأب يوحنّا القرطباوي"[390]

 

3- الرئيس أخبر بما يلزم للدير

"فيوما ما جاءه[391] الأخ خادم الكنيسة، وشكا من أنّ الرئيس لا يعطيه ما يلزم لشراء بعض أواني لازمة للكنيسة، ففورا أعطاه ثلاث بشالك، أي نحو 15 غرشا في تلك الأيّام، ليشتري بها اللازم. ثمّ عاد فانتبه. فاستدعى الأخ حالا واسترجع منه المبلغ قائلا: أنا أعطي الرئيس، وهو أخبر بما يلزم للدير"[392]

- من أراد أن يكون الأوّل فليخدم الجميع (مر 9\35)

"كثيرا ما كان الحرديني والأب لورنسيوس الشبابي، الرئيس العام، بعد رقاد الرهبان ينهضان قبل صلاة نصف الليل، ويذهبان إلى المطبخ، ليغسلا الصحون، والطناجر، وسائر أدوات المطبخ"[393] "ثمّ يقرع الحرديني والأب لورنسيوس الشبابي، الرئيس العام، الجرس تنبيها للرهبان، للاشتراك معهم بصلاة نصف الليل"[394]

 

 

رابعا: فقر الحرديني

أ- تعريف

حفظ الفقر كاملا سالما بجوهره إلى آخر نسمة من حياته"[395] "فكان شديد المحافظة بنوع مفرط"[396]   ومن لوازم الحياة كالقوت والكسوة والفراش"[397] "وباقي الأشياء المستعملة منه، فكان يرغب أن يكون له الشيء الأدنى وما كان يبقي عنده إلاّ الشيء الضروري. وأي دير دخله، كان يطلع رئيسه على ما يقتنيه للإستعمال"[398] "ولم يمسك عنده شيئا، ولا سمع عنه أنّه خصّ نفسه بشيء، ولا تعاطى أمرا بدون إذن رؤسائه"[399] و"كان يملك مسبحته، وكتاب صلاته"[400]

"وكان محافظا على فضيلة التجرّد"[401] "فتعرّى تماما عن العالم وعن كلّ معاطاة خارجيّة عن الرهبنة"[402] "وعمّا يعيقه عن إتقانه رياضاته الروحيّة، متدرّجا بمراقي الكمال الإنجيلي"[403] "إلاّ ما كان يأمره به رئيسه"[404] "فلو استطاع أن ينْزع الميول الطبيعيّة من جهة الوطن والأهل والأقارب بالتمام لما تأخّر"[405] "وإذا أتى عنده أحد إخوته ليزوره فكان يقابله كأحد الغرباء، عند وصوله إلى الدير وعند خروجه منه"[406] "مُعْرِضا عن كلّ ما في الدنيا كأنّ لا أهل له ولا أقرباء"[407]

"وما أشدّ ما كان حرصه على الزمان، فكان يصرفه دائما إمّا بالعمل أو بالقراءة أو بالتأمّل أو بالصلاة"[408] "لم يكن يدع فرصة تذهب سدى دون عمل روحي أو زمني تستفيد منه الرهبانيّة"[409] "فلا يضيّع دقيقة من الزمان، بل عندما كان يفرغ من صلواته وقدّاسه كان يشتغل في عرم الكتب"[410]

 

ب- أحداث وروايات

1- أنتِ مُتِّ عن العالم

"أخبرني المرحوم جدّي لأبي طنّوس ناصيف ضاهر أنّه التقى بالأب نعمةالله الحرديني صدفة في دير حراش للراهبات حيث شقيقته كانت مترهّبة. فلمّا رأته تذكّرت موت والديها، وأخذت تبكي. فقال لها: لماذا تبكين؟! فقالت: أبكي والدينا اللذين توفّيا الواحد عقب الآخر من أسبوعين. فقال: أمّك وأبوك ماتا من أسبوعين، وأنت مُتِّ عن العالم منذ عشرين عاما. ما لك ولأهل الدنيا. فمن وضع يده على المحراث، لا يلتفت إلى الوراء"[411]

2- دع الموتى تدفن موتاها

"ما عاد زار الحرديني بلده ولا أهله من يوم خرج من حردين، ودخل الرهبانيّة. وكان إذا اضطر، بأمر الطاعة أن يذهب إلى جهة تكون طريقه إليها على حردين قريته لا يمرّ إلاّ بالليل، حتّى لا يراه أحد، كما فعل مرّة إذ كان ذاهبا من كفيفان إلى الديمان"[412] "ولمّا قرب من بيوت القرية، تأخّر في وادي كفرشين إلى غياب الشمس، وذلك حتّى يمرّ في مسقط رأسه ليلا ولا يراه أحد، أو يلزم لداع ما أن يرى أهله وأنسباءه. فدرى به بعض الرعاة دون أن يشعر بهم، فأخبروا شقيقه الخوري أنطونيوس كسّاب، فلاقاه أخوه إلى خراج القرية من جهة ثانية. فقال له: عجبا ألا تسأل عنّا؟! ولا تحوّل علينا مرّة؟! فأجاب: دع الموتى تدفن موتاها، وأنت إذهب بشّر بملكوت الله"[413]

3- ملتزم أن أنبّهك

"سألته أن يعرم لي كرّاسا صغير الحجم فأجاب:لا لإنّ هذا صغير ويكلّف تجليده كثيرا. فقلت له: أنا أدفع لك كلفته وأجرتك فقال: لا لأنّ ذلك يلحق ذمّتي، وملتزم أن أنبّهك لتزيد عليه بعض صفحات فيها صلوات (لأنّ الكتاب كان يخصّ كنيسة القرية) ولم يعرم لي الكرّاس إلاّ بعد أن زدت عليه شيئا"[414]

 

خامسا: نوم الحرديني

أ- تعريف

"داوم السكنى في أديرة رهبنته بدون ملل حتّى إنّه في مدّة ترهّبه لم يرقد خارج ديره"[415] فكان "ينام على بلاس من شعر"[416] "فوق مصطبة من حجر"[417] أو "على الحضيض"[418] "دون فراش متّكيا على يده"[419] "وفي النهار لا ينَمْ ولا دقيقة، بل كان يصرف نهاره بين صلاة وعمل... يقضي أكثر ليله بالصلاة... وقبل النوم يركع ويصلّي"[420]

 

ب- أحداث وروايات

1- متحاشيا أن يراه أحد

"كان يرقد على البلاس الذي كان يفرش عادة تحت الفراش، فيرفع الفرشة عنه، ويتكئ عليها متحاشيا أن يراه أحد. وهكذا كان يعمل أثناء زياراته الأديار في أيّام مدبّريته. وإنّي عرفت بذلك مرارا على حين غفلة منه"[421]

2- لم ينم إلاّ في المحلّ الثاني

"ومن رقّة أخلاقه أو بالحري رقّة فضائله، ما كان يريد أن يسبّب لأحد أقلّ كدر أو انزعاج. فمن ذلك أنّه عندما حضر يوما إلى دير كفيفان، لم يجد قلاّية فارغة يسكنها، فأراد الرئيس والأب المعلّم أن يقيموا أحد الإخوة الدارسين من قلاّيته لينام هو فيها. أمّا هو فلم يرضَ على الإطلاق، بل أخذ يترجّى الأب المعلّم نعمةالله الكفري أن يسمح له بأن ينام عنده في قلاّيته، فرضي بذلك وأراد أن يعطيه المحلّ الأوّل في القلاّية بقرب الشبّاك لأنّه كان وقتئذ مدبّرا، فأبى. ولم ينم إلاّ في المحلّ الثاني وراء الباب، فإلى هذا الحدّ كانت قد وصلت محبّته وتواضعه"[422]

 

3- ناما على الحضيض

"زار الحرديني دير مار ساسين بسكنتا برفقة الأب لورنسيوس الشبابي، الرئيس العام، فهيّأ الراهبات الفرشات قبل وصولهم، ولمّا رقدوا تلك الليلة وساروا في اليوم التالي، بعد إنجاز الزيارة، ذهب الراهبات لرفع الفرشات، وإعادتها إلى مكانها، فوجدن الفرشتين كما كانتا وضعتا. وثبت لهنّ أنّ الأبوين لم يمسّ أحد منهما فرشته، بل ناما على الحضيض، كما كان شأنهما دائما"[423]

سادسا: لباس الحرديني

أ- تعريف

كانت كسوته إسكيما وعباءة تحتها قميص وسترة من الخام، وردائين لا غير"[424] "وكان يحبّ الخشن من الثياب"[425] "البالية النظيفة"[426] "يلبسها كيفما كانت في الصيف والشتاء على السواء"[427] "حقيرة"[428] و"فقريّة"[429] "ومرقّعة"[430] "وفي الصيف مهما اشتدّ الحر، يبقى في الثوب الكامل أي بالعباءة والمشلح، والقلنسوة تغطّي وجهه"[431] "فما كان يرى من وجهه إلا لحيته"[432] "حتّى في أيّامه في الدير مع الرهبان"[433] "لا يرفعها إلاّ وقت القدّاس. وكان عندما يخرج من الدير، ينْزلها بزيادة على عينيه"[434] "وكان يلبس سروالا واحدا، والحذاء المعروف بالمداس، من دون كلسات، وكان يرقد بعباءته شتاء وصيفا طبقا للقانون"[435]"وكان يلبس المسح"[436]

ب- أحداث وروايات

1- لم يضع تحته طرّاحة

 "قلّما كان يركب مركوبا إلاّ في السفرات البعيدة"[437] "فكان في أسفاره يركب المكاري على البغل المعد له، وهو يمشي إلى أن يصل إلى القرى. وكان لمّا يركب على بغل، وهو مدبّر، لم يضع تحته طرّاحة، ولا سجّادة، بل كان يركب على الجلال"[438]

2- إعمل واجباتك

"لم يكن يركع على طرّاحة، لكنّه كان يحافظ على مقامه"[439] إذ "كان يركع على الحضيض، وطرّاحة المدبّريّة بالقرب منه"[440] واتفق مرّة أنّه دخل الكنيسة مع الرئيس العام وباقي المدبّرين. وكان الخادم قد أعدّ الطراريح لكل من الرئيس والمدبّرين، ما عدا الأب الحرديني، علما أنّه لا يريد إستعمال الطرّاحة. فطلبه الأب، وسأله: أين الطرّاحة؟ فقال ليس من عادتك الركوع على طرّاحة. فقال له: إعمل واجباتك، وأنا أعمل ما يبدو لي"[441] "وأبقاها في محلّها، حتّى لا يشعر أحد بركوعه على الحضيض، ويقابل بينه وبين غيره من الراكعين على الطرّاحات، ويفضّله عليهم"[442]

 

سابعا: أكل الحرديني

أ- تعريف

 "كان محبّا للصوم كثيرا"[443] "وقضى أيّام حياته كلّها صائما"[444] "كلّ يوم حتّى الظهر"[445] "صياما طبيعيّا حتّى عن الماء، حسب عادتنا الشرقيّة"[446] "وإذا جاء وقت الطعام"[447] "ينْزل إلى المائدة، حيث يكون الأخ الكرارجي أبقى له صحن طبخ الجمهور"[448] "باردا"[449] و"قليلا"[450] "مرّة في النهار لا غير"[451] "وإذا قُدِّم له شيء خصوصيّ بسبب أمراض معدته، أو بسبب وظيفته"[452] "ولو طفيفا، فما كان ليرضى أبدا أن يتناول منه ولو قليلا"[453] "لأنّه كان يكره، كلّ الكراهيّة، أن يقدّم للمدبّرين أمثاله وللرؤساء ما لا يقدّم لبقيّة الأخوة، شأنه في سائر أعماله"[454] "ولا يأكل من الفواكه إلاّ قليلا وليس من جميعها"[455] "وكان يحبّ القوت السهل الوجود"[456] "والغليظ من الطعام"[457] "ومن الفضلات التي تبقى عن مائدة"[458] "الرهبان"[459]

"كان يأكل بتأنٍّ وهدوء. لا ينظر يمينا ولا شمالا. ومهما حدث في قربه لا يلتفت. ولا يشرب مسكّرات أبدا، ولا يذوق طعاما، ولا فاكهة أو يشرب ماء، أو مبرّدات خارجا عن وقت الأكل، ولم يكن يأكل خارج الدير، ويهرب من دعوة الناس إلى الأكل"[460]

 

ب- أحداث وروايات

1- خذ هذا للكرارجي

"إنّ الحرديني لم يقبل شيئا من المأكول أو المشروب في غرفته، خلافا للعادة التي كانت جارية عند الكثرين وقال: أذكر أنّ أحد إخوة الحرديني أتى عنده يوما ما لدير كفيفان ومعه له شيئا للأكل. فلم يسمح أن يدخل قلاّيته على الإطلاق بل دعى أحد الإخوة الدارسين وقال له: خذ هذا للكرارجي"[461]

2- إن وجد الكرارجي أطلب منه

"وكان من عادته أن يأخذ في آخر حياته قليلا من الخمر قبل الأكل لمساعدة معدته الباردة الضعيفة. فقال له الأب الرئيس: يا أبي أنت لا تجد في كلّ ساعة الأخ الكرارجي كي يعطيك القليل من الخمر الذي تأخذه لأنّك لا تأكل عادة بعد أن يأكل الجمهور، فمر إذا شئت أن نضع لك قنّينة خمر في قلاّيتك لتأخذ منها عازتك [حاجتك] فقال: بل إن وجد الكرارجي أطلب منه، وإن لم يوجد فلا آخذ وهذا أفضل لي"[462]

              

ثامنا: عفّة الحرديني

أ- تعريف

"إمتاز بطهارته، وامتاز بقمع حواسه كلّها لهذا الغرض المقدّس"[463] "فحياته كلّها كانت مجاهدة وعذاب لم يعرف مهلة، دائما في حرب مع المجرّب، ومع جسده"[464] "فكان شديد حرصه على هذه الفضيلة السامية السريعة العطب، وكان يفرّ من سبب وإن صغيرا وبعيدا"[465] "فما نظر إلى وجه امرأة. وإذا صادف إحدى النساء، كان يهرب في الحال"[466] و"إذا اضطر لمقابلتهنّ، أو المرور من جنبهنّ، كان يغطّي عينيه بإسكيمه"[467] أو "ينزل عن مركوبه ويمشي"[468] و"يتنحّى عن الطريق"[469] أو "يحني رأسه إلى الأرض"[470] أو "يهرب"[471] و"لم ينظر إلى الأحداث من عوام ورهبان"[472] "أو أمرد"[473] "ليس بوجهه شعر"[474] أو "جميل الطلعة"[475] أو "إلى وجه رجل"[476] أيّا كان ولا يرفع عينيه إلى من يخاطبه بل كان يجاوبه مطرقا محتشما"[477] ولم يمشِِ إلاّ مطرقا"[478] "وبكلّ احتشام"[479] "مغطِّيا بالإسكيم وجهه "[480] و"عينيه"[481] و"تحت عينيه"[482] "حتّى أنفه"[483]

"وطول حياته يتجنّب محادثة النساء بالإطلاق"[484] "وصار معروفا عند كلّ نساء الجوار أنّه واجب عليهنّ أن لا يتعرّضن لنظر الحرديني، لأنّه يهرب منهنّ"[485] و"يفرّ"[486] "ولا يريد أن يراهنّ أصلا"[487] "وإذا مرّ الحرديني بقرب نساء[488] يتوارين من أمامه"[489] "وما كان يسمح لهنّ أن يحضرن قدّاسه، إلاّ إذا دعت الضرورة أيّام الآحاد والأعياد"[490] "وكنت أغسل للدير. ولكن ما كنت أراه إلاّ من بعيد"[491]

"وما كان يسمح لامرأة بأن تُقبِّل يده كلّ مدّة كهنوته، بل ولا لرجل أيضا إلاّ كرها، ولاسيّما الأحداث"[492] فصار "له في بلادنا شهرة عظيمة بالطهارة والقداسة، لم يكن في زمانه من يضاهيه قداسة من الرهبان أو من غيرهم. واسم الحرديني كان يرادف إسم قدّيس"[493] وقد زاد على ذلك أنّه كان على مثال القدّيسين يستعمل الوسائط القاهرة للجسد كالصوم والسهر وقهر الذات"[494] "ومارس ضروبا كثيرة من الإماتات"[495] "حتّى صار مثل ملاك"[496] "في الطهارة"[497] "مجرّد عن الجسم"[498]

 

ب- أحداث وروايات

1- يمزّق جسده بالحجارة

"كان ذا ميول قويّة وشهوات هائلة لم يكن يتماهل حينا في محاربتها وقمعها. وقد كتب في مضمار الجهاد حياته كلّها. فلهذا كان حاجبا نظره عن كلّ ما من شأنه أن يهيّج فيه حركة ما لحميّة. وقد شبّهوه بأرتيموس عندما كان في بيت لحم معتزلا يمزّق جسده بالحجارة"[499]

2- تحايدوا الحرديني

"كنت أجيء إلى أرض الدير وجواره، لأشتغل مع بعض رفيقاتي في زراعة الدخّان، إذ لم يكن في ذلك الحين إخوة مبتدئون. فعندما كنت أذهب لأستقي ماء، مع رفقائي، كنّا أحيانا، نلتقي بالأب الحرديني، ففي الحال كان يغيّر طريقه، ويهرب منّا. وكان غالبا عندما يسمع صوتنا من بعيد، يهرب. ونحن أيضا قد فهمنا ذلك. وكنّا إذا رأيناه من بعيد قرب البئر، لم نعد نتجاسر، ونذهب لإستقاء الماء، بل كنّا ننتظر حتّى يذهب من هناك. ولم يكن يسمح لنا أن نحضر قدّاسه. بل كانوا يقدّسون للنساء في كابلا[500] عند باب الدير. وكان مكاري الدير، مخول الياس الذي تزوّجته بعد حين، يقول لنا: يا معشر البنات والنساء، تحايدوا الحرديني"[501]

3- وسواس أم قداسة؟!

س [محامي الإيمان] ماذا كان يعتقد الناس به في حياته؟ وهل كانوا ينسبون هربه من النساء إلى الوسواس أم إلى القداسة؟

ج  كانوا يعتقدون به شدّة الحرص على الطهارة، ويقولون هذا قدّيس، سيصعد إلى السماء بثيابه. وكانت رائحة القداسة تنتشر منه في كلّ نواحي بلادنا"[502]

 

4- الحرديني لا يقابل النساء

"قالت امرأة عمّي: كنت أضع في بيتنا مدخنا لبذر القز، وكان رهبان دير كفيفان يضعون بذرهم عندي في المدخن. فجاء بإحدى السنين الأب نعمةالله الحرديني، ليكشف على البذر، وكانت نساء الجيرة قد أتين ليكشفن على بذرهنّ. فلمّا سمع أصواتهنّ من بعيد، رمى بالقرب منهنّ حجرا تنبيها لهنّ. فلمّا انتبهن ورأين الحرديني مقبلا توارين حالا، إذ كنّ يعرفن أنّ الحرديني لا يقابل النساء. ودخلت أنا إلى داخل البيت، ووقفت وراء ستار المدخن[503]. فوصل الحرديني، وقابل زوجي[504] الذي كان ناطور الدير. فقلت له من وراء الستار: يا بونا طلع بذر الدير فتعالوا خذوه. فقال: ضعوه في عباءتي. فوضع زوجي البذر في عباءة الحرديني، ومضى"[505]

5- قوموا بنا إلى الدير

"كنّا يوما مع الحرديني خلف حائط البيدر، كان يلقي علينا شيئا من اللاهوت الأدبيّ، هبّ واقفا وقال: قوموا بنا إلى الدير! ولم يكن انتهى عن شرح ما بدأ به! فعجبنا من سرعة قيامه للدير بغتة! فقال أحد الأخوة الذي كان يعرف طباعه وخوفه من منظر النساء، ربّما يوجد بالقرب منّا نساء مارّات!؟ فنظرنا بعد أن قمنا ومشينا قليلا، وإذا بنساء جالسات بالجهة الأخرى من البيدر، خلف الحائط، فقلت أنّ ذلك أعجوبة! لأنّه لا يمكن لإنسان جالس حيث كنّا أن ينظر إنسانا آخر حيث كان النساء"[506]

 

تاسعا: طاعة الحرديني

أ- تعريف

"لقد بلغ الأب نعمةالله في طاعته لرؤسائه حدّا لم يبلغه غيره من الرهبان فكان يعتبر أنّ صوت الطاعة هو صوت الله ولشدّة حرصه عليها كان يخاف كثيرا أن يخلَّ فيها بشيء وإن زهيدا"[507] "ومتى سئل: كم يكلِّف تجليد هذا الكتاب؟ كان يجيب: إسألوا الرئيس"[508] "فكان محافظا غاية المحافظة على القانون"[509] "وقد تجسّم فيه"[510] "حتّى أنّه كلّما وجد راهب قانوني، يقول عنه الرهبان: هذا يشبه الحرديني. وكانت طاعته عمياء، فما كانت إرادته له بل للرئيس. وما كان يصنع شيئا إلاّ بإذن الرئيس"[511] "وكلّ حياته مختصرة بكلمة واحدة: الصلاة، ثمّ الشغل حسب إرادة رؤسائه"[512] "فقد كان يعتبرها جدّا ويجهد ذاته على تتميمها هائبا من تجاوزها، خاضعا لرؤسائه أيّا كانوا"[513] "فكان طائعا متواضعا متجرّدا عن الأرض وما فيها"[514] وكان يطيع أصغر الرهبان، إذا استوجب ذلك القانون، كما يطيع الرئيس العام"[515]

"وكان دقيقا بحفظ الطقوس الكنسيّة، والرتب البيعيّة، وأمّا احترامه لبابا رومة فقد كان في أسمى درجاته"[516]

ب- أحداث وروايات

1- نقلوا الحطب يوم الأحد

"كان والدي المرحوم الخوري جرجس، قبل أن يسام كاهنا، يسمع القدّاس في دير مار مارون- عنّايا. فجاء مرّة نهار أحد في أيّام الشتاء مع رفيقين حملا معهما حملة حطب لراهب صديق لهما في الدير إسمه الأب نعمةالله[517] التولاوي. وكانت ولا تزال هديّة الحطب في الشتاء معتبرة في نواحينا، لأنّنا على علو 1200م عن سطح البحر، والبرد يشتدّ كثيرا، والثلوج تتراكم بكثرة. فلمّا وصلوا إلى الدير، دخلوا الكنيسة، وسمعوا قدّاس المدبّر نعمة الله الحرديني، الذي كان وقتئذ نازلا بالدير. وبعد القدّاس ذهبوا إلى قلاّية الأب التولاوي، فأشعل لهم من هديّتهم، الحطب اليابس، في كانون النار. فالتفّوا حوله يصطلون. وبعد حين، جاء الأب الحرديني، وحيث كان متعوّدا على دير كفيفان في الساحل، شعر في هذا الدير بالبرد القارس. وإذ مرّ أمام قلاّية التولاوي، ورأى فيها النار، دخل ووقف مادّا فوق النار يديه. ثمّ سأل: من أين لك هذا الحطب اليابس يا أخي؟ فأجاب: قد أحضره لي هذان الأخوان اليوم. فحالما سمع ذلك، انسحب مرتدّا على قفاه إلى خارج الغرفة. وأدرك من كان حاضرا أنّ انسحابه لاستيائه من كونهم نقلوا الحطب يوم الأحد"[518]

2- على الراهب أن يبغض إرادته

"يروى عنه هذه الكلمة: إنّ ما يبغَض يصعب الرجوع إليه. والراهب يتوجّب عليه أن يبغض إرادته الذاتيّة حتّى لا يرجع إليها فيما بعد"[519]      

 

عاشرا: تواضع الحرديني

أ- تعريف

"كان في كلّ أطوار حياته وديعا متواضعا"[520] "كالحمل، لا يصيح ولا يماحك ولا يسمع أحد له صوتا. تهواه النفوس لفرط تواضعه، ولعظمة وداعته كان مالكا القلوب"[521] "يمقت الكرامة، وينفرّ ممّن يمدحه، ولذلك كان يأبى قبول الوظائف، ولم يكن يقبل بعضها إلاّ بإلزام الطاعة بعد أن يطلب الإعفاء منه جهده"[522] "ولأجل الطاعة فقط، كان يقبل وظيفة المدبّريّة لأجل غيرته على حفظ الرسوم والفرائض وذلك بأمر من الكرسي الرسولي، أو بأمر المجمع المقدّس من غير انتخاب بالقرعة"[523] و"كان يستمرّ على تواضعه، حال حصوله على الوظيفة. وكان يلبث بوداعته ويستعملها بزيادة نحو من يراه متحرِّكا للغضب والخلق، مستخدما الكلام الهادئ الليِّن لتسكين ذلك"[524] "وكان يحبّ أن يظلّ حياته كلّها مرؤوسا وضيع القدر خامل الذكر لينصرف بكلّيّته إلى أمر خلاص نفسه"[525]

ب- أحداث وروايات

1- فليكن موتي أسبق!

"ولمّا كان أحد يخاطبه بشأن الرئاسة العامّة، وأنّه سيُنتخب إليها فكان يجيب أحيانا: فليكن موتي أسبق!"[526] وإذ "أصرّ قائلا له: ستكون مسموعا في الرهبانيّة كما وكأنّك ستقودها في طريق الإصلاح الديري الصحيح، أجاب: لن أصبح أبدا أبّا عامّا"[527] "وحين يقدَّم له البرهان بأنّ الله يريد ذلك للخير العام فكان يقول: إنّ الله ومريم العذراء لا يريدان له ذلك. ولمّا سُئِل مرّة من أين يعرف هذا؟ أجاب: إنّ مريم قالت لي. وكان يقول أحيانا: إنّي أسأل الله ألاّ أموت وأنا حاصل على وظيفة"[528] "وصار مأثور عنه هذا القول"[529]  

2- إغفر لي لأجل المسيح

"كانوا يشتغلون يوما في عين الزوق تحت دير طاميش، وإذا بالجرس يدقّ علامة لرئيس دير طاميش، الأب يوسف[530] بليبل، كي يحضر للدير، لأنّه كان مع الفعلة. طلع ودخل على الدير، مرّ أمام الكنيسة، حتّى يصل إلى غرفة الرئاسة؛ فبمروره أمام الكنيسة، حيث يوجد فسحة، رأى الحرديني قد أخرج بدلات الكنيسة كلّها، وعرضها للشمس، وقصده أن تلفحها الشمس، لأنّ الدير رطب، وإذا كانت بدلة من البدلات مفتقّة، كان يصلحها. ولمّا أراد العبور في تلك الفسحة، بالكاد قدر أن يمرّ، وقال: لم أنتبه تماما إلى من كان يفعل ذلك. فقلت للشخص الذي كان يفعل هذه: الكنيسة لها وكيل يهتمّ فيها: أنت كثرة غلبتك لأي سبب؟ وواصلت السير إلى غرفتي. وبعد قضاء شغلي، رجعت، ما وجدت شيئا في تلك الفسحة، دليل أنّه أقامها من تلك الفسحة.

"وبعد صلاة الستّار وقرع جرس النوم، وكنت على استعداد للنوم، قرع باب غرفتي. فجاوبت: المجد لله. وكرّر ذلك 3 مرّات. وعند ثالث مرّة المجد لله، رأيت الحرديني داخلا غرفتي. وقبل أن أقف احتراما له، لأنّه كان مدبّرا في الرهبانيّة، وفوق ما له من الاعتبار والاحترام، ركع أمام التخت وقال لي: إغفر لي لأجل المسيح، لأنّ سبّبت لك تجربة حتّى زعلت. وما عدت أنا أعرف ماذا أعمل، نهضت عن التخت وجثوت أمامه على الأرض، طالبا منه الغفران، معترفا بأنّي أنا المذنب. فكان يجيبني: كلا بل أنا المذنب، لأنّ الكنيسة لها وكيل كما قلت. وبقينا مدّة نتجادل: أنا أستغفر منه، وهو يستغفر منّي؛ أنا أعدّ نفسي مذنبا، وهو يعدّ نفسه مذنبا. وفي آخر الأمر لمّا رأيته مصرّا على طلب الغفران، غير مقتنع ببراءته، وملازم الركوع، أشفقت عليه، وأجبته: الله يغفرلك. فنهض، وبقيت أنا راكعا أطلب منه الغفران؛ فكان يجاوبني: أنت لست مخطئا. فقلت له: لا أنهض حتّى تغفر لي. فأجابني: إن كنت مخطئا، الله يغفر لك. وتأثّر الرئيس كثيرا بهذا الحادث لأنّ الحرديني لم يكن فقط مدبّرا في الرهبانيّة، إنّما كان يعدّ كقدّيس"[531]

حادي عشر: صمت الحرديني

أ- تعريف

"كان يلازم الصمت، كثير المحادثة مع الله بالصلاة، قليل الكلام مع الناس"[532] "لا يحبّ معاشرتهم ولا محادثتهم. وإذا لزم الأمر فكان يحادث الرجال أو الشبّان بأمور دينيّة، وبالأخص في مبادئ التعليم المسيحي"[533] و"لم يكن يسمع منه إلاّ كلام الوداعة واللطف والمحبّة"[534] "ومن رأى هدوءه وصمته، وسمع تنهّداته، عرف في الحال أنّ قلبه في السماء؛ ولهذا كان متفرّدا في إتقان الحياة الباطنيّة"[535]

ب- أحداث وروايات

1- مثل الملاك المتجسّم

"لمّا زار الحرديني دير مار ساسين بسكنتا ، برفقة الأب العام لورنسيوس الشبابي، وكان مدبّرا للرهبانيّة معه، نزل مع الرئيس العام، إلى بيت الكلام، ولكنّه ما رفع نظره قط، ولا فاه بكلمة، فكان بذلك مثل الملاك المتجسّم"[536]

 

2- لماذا لا تجاوبني يا راهب؟!

"صادفت مرّة في دير كفيفان قرب مدخله راهبا متقدّما في السنّ مغطّى الوجه بقلنسوته، فخاطبته: أنا آتية إلى عمّي الرئيس الأب بطرس[537] بجدرفل، فاطلبه لي، وكان لا يجيب بكلمة. فألححت عليه قائلة: ما بك؟! لماذا لا تجاوبني يا راهب؟! فذهب ودعا لي عمّي. فأخبرت عمّي بما صار، فقال لي: يا ابنتي هذا هو الأب الحرديني. هو متجنّب الناس، فلا عدتِ تعنّفيه مرّة أخرى. لا يكلّم امرأة حتّى إنّه لمّا تأتي والدته وشقيقاته بالكاد كان يخاطبهنّ بكلمة ويعتزل"[538]

ثاني عشر: حرية الحرديني وجرأته

أ- تعريف

"كان ممارسا في كلّ أعماله البساطة المسيحيّة الرهبانيّة، فلم تسمع من فيه كلمة تذمّر أو تمنّي"[539] "ولم يكن قلبه متعلّقا إلاّ بالله"[540] "فكان يحبّ الجميع بلا استثناء محبّة مجرّدة عن كلّ ميل بشريّ ويجتهد في معرفة الواجبات التي تعرضها عليه وظيفته ويحرص على رسوم القانون. وكان يسير بمقدّمة الجميع على سنن الرهبانيّة في كلّ دقائقها ليكون لمرؤوسيه قدوة صالحة"[541] "فطنا عادلا شجاعا قنوعا في جميع أعماله وحالاته رئيسا كان أو مرؤوسا"[542] "لا يهمّه إلاّ مجد الله والقيام بمساعدة الغير، ولا يحابي أحدا ولا يهاب غير الحقّ"[543] "لا يخاف في أمور الحقّ أحدا"[544] "فما كان يهمّه، لا رضى الكبار، ولا غضبهم، في سبيل إتمام واجباته الرهبانيّة"[545]

"كان قويّ الإرادة، ثابت الجنان، لا يستهويه مديح ولا يغيّره ذمّ، عنده الكرامة وعدمها سواء. أحبّ شيء إليه أن يهان ويفترى عليه، يسرّ في حال الإمتحان"[546] و"ما كان يهتمّ إلاّ بإرضاء الله في إتمام واجباته. ولم يكن يتزلّف للرؤساء طمعا بوظيفة"[547] "فأقنعوه بالمدبّريّة أنّ في ذلك رضى [رغبة] الرؤساء"[548]

ب- أحداث وروايات

1- أرجو من غبطته أن يطلبني بواسطة الرئيس

"وصل البطريرك بولس مسعد، في زيارته الرعويّة إلى جران"[549] "ونزل ضيفا كريما في بيت الخواجا ابراهيم [طنّوس]"[550] "فذهب رئيس دير كفيفان ليقدّم واجباته للبطريرك. فقال غبطته: أين الحرديني؟ فأجاب الرئيس: هو في الدير"[551] "ومن هناك كتب إلى الأب الحرديني يستدعيه من دير كفيفان إلى جران للمداولة في بعض الشؤون. فلمّا وصله مرسوم غبطته، تلاه باحترام وأجاب: أرجو من غبطته أن يطلبني بواسطة الرئيس. هكذا يقضي علي واجب القانون والطاعة. وعندئذ أمتثل أمره بكلّ احترام. فأعجب السيد البطريرك بهذا الجواب، وطلبه بواسطة رئيسه، فحضر"[552] "ولمّا حضر عاتبه صاحب الغبطة قائلا: ما بالك لم تأتي تسلّم على البطرك؟! فأجاب: لم يأمرني رئيسي"[553] "وكان الرئيس العام والمدبّرون قد قبلوا باقتراح غبطته عليهم بأن يعطوه دير كفيفان ليحوّله إلى مدرسة طائفيّة"[554] "وكانت الرياسة العامة مع المدبّرين ميّالين إلى تلبية رغبة غبطته، إن لم يكن عن إقتناع، فعن مجاملة"[555] "وطلب الأب الحرديني لكي يأخذ رأيه في هذه القضيّة قائلا: ما رأيك في تحويل دير كفيفان إلى مدرسة طائفيّة؟ أجاب بكلّ احترام: إنّي لا أوافق على هذا الأمر، فالطائفة عندها مدارس كثيرة، مثل مدرسة مار يوحنّا مارون، ومار عبدا، وعين ورقة، وعرمون والروميّة وغيرها. ونحن عندنا في هذه النواحي هذا الدير. فهل هو شي كتير علينا؟"[556] "وإذا كان لزوم لمدرسة فنحن الرهبان ندرّس فيه"[557] "وقال له البطريرك: إنّ الرئيس العام والمدبّرين قد ارتضوا بهذه المقايضة، فلماذا أنت ترفض ذلك؟! أجاب: لأنّي لا أرى ذلك موافقا للرهبنة"[558] "فرفض ولم يخشَ لوما عند صوت ضميره"[559] "فعدل غبطته عن عزمه هذا، ولم يقل شيئا"[560] ومع ذلك "كان البطرك يمدح الحرديني، المشهور بالتقوى، بكلامه مع زوّاره، لحفظه قوانين الرهبنة المقدّسة بكلّ تدقيق"[561]

2- كثرة الشدّ ترخي

 "ولمّا كان موعد عقد المجمع الرهباني بدير طاميش، وكان وقتئذ مدبّرا، وكان المطران يوسف جعجع زائرا رسوليّا على الرهبانيّات، فأعطى سيادته، بنفس المجمع، بعض أوامر صارمة، وفرائض قاسية، عارضه الأب الحرديني ببعضها. منها منعه التدخين، وبعض أمور طفيفة. فأجابه سيادته: إنّك تغطّي نظرك بقلنسوتك، وتجادلني؟! فقال الأب: يا سيّدنا، إنّ التضييق بما هو جائز، لا يجوز. ونحن يجب أن نخفّف، لا أن نثقّل على الراهب ضميره، لأنّ الضغط يعقبه الإنفجار: كثرة الشدّ ترخي"[562]

 

ثالث عشر: ثقافة الحرديني

أ- تعريف

"كان ذكيّا متقنا العلوم البسيطة الرهبانيّة المألوفة في ذلك العصر، وكان يدرّس إخوته الرهبان"[563] "وكان يحدّث بعلم اللاهوت ولاسيّما بمبادئ التعاليم المسيحيّة اللازمة معرفتها لكلّ مسيحي"[564] "فما كان يخاطب أحدا إلاّ بأمور روحيّة"[565] "ولا يقال إنّه كان موسوسا، لأنّه كان بتعاليمه وآرائه اللاهوتيّة يتبّع آراء القدّيس ليكوري، مع أنّ تأليف القدّيس ليكوري لم يكن بعد انطبع باللغة العربيّة"[566] "وكان مغرما دائما"[567] "بمطالعة كتاب أمجاد مريم"[568] "يطالعه مرّات كلّ يوم، نهارا وليلا، ومقتاتا به كطعام لذيذ!"[569] "وفي آخر حياته، ترك كلّ شيء وتمسّك بهذا الكتاب، ولم يكن يملّ من مطالعته أبدا"[570] "ومات والكتاب تحت مخدّته"[571] "ولا يوجد في قلايته سوى صليب وصورة العذراء، وكتاب اللاهوت الأدبي وسير القدّيسين"[572] "وبعض كتب"[573] "وكان له ميل خصوصي بإكرام القدّيسين. وما كان يمرّ له حديث إلاّ ويمزجه بأمثالهم الروحيّة وتعاليم الكنيسة المقدّسة"[574]

ومن الكتب التي طالعها في مكتبات الأديار: "كتاب الإستعداد للموت للقدّيس الفونس ليغوري، وكتاب إعترافات القدّيس أغوسطينوس"[575] و"كتاب الكمال المسيحيّ"[576] و"الإقتداء بالمسيح"[577] و"كتاب بستان الرهبان"[578] و"حياة مار أنطونيوس الكبير"[579] و"المصباح الرهبانيّ. والفتاوى الروحيّة والكتب المقدّسة"[580] و"سلّم الفضائل، ليوحنّا السلّمي. ونسكيّات القدّيس باسيليوس. وميامر مار افرام. ومقالات مار اسحق السريانيّ النينويّ في السيرة الرهبانيّة. وميامر الشيخ الروحانيّ في الحياة الرهبانيّة، ليوحناّ الدالياتي. وإحتقار أباطيل العالم، للمعلّم ديدوكس ستاله من رهبان مار فرنسيس. وميزان الزمان وقسطاس أبديّة الإنسان، للأب يوحنّا أوسابيوس نيرمبرك اليسوعيّ"[581] بالإضافة إلى السنكسار وقانون المبتدئ، وقوانين ورسوم 1732...

 

ب- أحداث وروايات

1- الحرديني الأستاذ

"أقام مدّة في مار مخايل"[582] "بحرصاف"[583] و"أتذكّر أنّ الذي كان يعلّمنا في تلك السنة، هو الأب نعمةالله"[584] وكان "يجتهد على أنّ الجميع يعبدون الله ويحبّونه ويسلكون الفضيلة والسيرة الصالحة"[585] "وكلّما سنحت له الفرصة كان يجمع السذّج والأولاد ويشربهم روح الفضيلة، ويلقنهم قواعد الدين المسيحي، ويهديهم طريق الخلاص"[586] "فكان بالغا درجة من الكمال سامية"[587]

2- وركع مصلوب اليدين

"حدث يوما ما جدال في اللاهوت الأدبي، بينه وبين أناس آخرين، وفي آخر الأمر أتوا بالكتاب، فوجدوا نصّا صريحا يُصوّب قول القدّيس نعمةالله. فخرج للحال من بينهم لئلاّ يسمع مديح البعض له. ولم يكتفِِ بهذا بل إنّه انفرد في ناحية وركع مصلوب اليدين متجها نحو الشمس، كأنّه يستغفر الله عن فكر كبرياء. وقد شاهدته عيانا بهذه الحال، فمجّدت الله"[588]

 

رابع عشر: اعتراف الحرديني

أ- تعريف

"كان شجاعا في بغضه للخطيئة وفي مكافحته ضدّ العالم والجسد والشيطان"[589] "لم يكن يكتفي بالإبتعاد عن الخطيئة وأسبابها، بل كان محترقا بحبّ الله والفضيلة"[590] "ولم يحكم عليه بموجب الحكم البشريّ، بارتكاب خطيئة عرضيّة بقصد وانتباه"[591] و"لو سمع كلمة أو رأى حركة تضاد الآداب الرهبانيّة، فكان ينفر للحال، ويظهر الكدر وعدم الرضى عن مثل ذلك ولو كان القائل أيّا كان. كان يسعى للكمال، ولا يقدر أن يتحمّل أقلّ شيء يمسّه"[592]

"إشتهر بحكمته ونقاوة قلبه وضميره، ولاسيّما بقطعه كلّ سبب للخطيئة. كان يبغض المخالفة ولو كلمة بطّالة، ولذلك كان يتقدّم إلى الإعتراف كلّ يوم خشية أن يقف أمام مذبح الله وليست المحبّة كاملة فيه"[593]  "ولم يكن يقدّس إلاّ بعد أن يعترف"[594]  "فاعترافه كان يوميّا"[595] و"كشف أفكاره لرؤسائه"[596] "إلى نهاية حياته، إلاّ بعض أيّام قلائل لعدم الإمكان ونهي معلّمي الإعتراف، الذين كانوا يرشدونه وينهونه عن تكرار الإعترافات"[597] "فكان على جانب عظيم من دقّة الضمير"[598] "حتّى ضرب به المثل. وقال مرشده: لا مادّة عنده للحلّة"[599] "ويشهد مرشدوه بأنّهم لم يكونوا يجدون، اعتياديا، مادّة كافية للحلّ. أمّا هو فكان يحتسب ذلك من أنواع الإستعداد الأفضل للقدّاس الإلهيّ. وكان يتضايق كثيرا إذا فاته يوم من دون اعتراف، وكان يستعدّ لهذا الإعتراف استعدادا عظيما بالإختلاء والصلوات"[600]

"ولمّا كانت تنتدبه السلطة إلى إرشاد الخطأة كان يُفرج كربتهم بما يلقي في قلوبهم من بذار الرجاء الصالح"[601] و"كان لا يرفض مشورة إنسان ولا يحبس أحشاءه عن نصح إنسان ابتغاء لمجد الله وخلاص من ينصحه وكلّ ذلك كان فيه طبع بلا تكلّف ولا تصنّع"[602] و"لم يكن يسمع إعترافات النساء. وإذا طلب منه ذلك، كان يفتّش حالا على كاهن يسمع إعتراف الطالب"[603]

 

ب- أحداث وروايات

1- الإعتراف هو أحسن استعداد للذبيحة

"كان يعترف كلّ يوم، مثل القدّيس اغناطيوس لويولا إستعدادا للقدّاس"[604] "فقلت له: كلّ يوم تعترف؟!"[605] "لا لزوم لهذا الإعتراف اليومي. فأجاب: أحسن استعداد للقدّاس هذا الإعتراف"[606] "وأكبر منبّه للضمير"[607]

2- يلحّ عليه

"كان، مرشداه الأبوان فرنسيس وبرنردس تنّورين، يتكلّمان ظاهرا أنّ اعترافاته جميعها التي قد كان يداومها يوميّا كانت خالية حتّى من الخطأ العرضيّ بانتباه تام. وعندما كان بعض معرّفيه يقول له: لا حاجة إلى الإعتراف للسبب المذكور كان يلحّ عليه بالرجا ليسمع له إعترافه لإعتقاده أنّه مع الإعتراف يتقدّم إلى الذبيحة أكثر أهليّة ونقاوة"[608] وإذا رفض مرشده من سماع اعترافه، كان يقف أمامه متذلّلا باكيا ليسمح ويسمع اعترافه"[609] و"الأب برنابا عباداتي، كان يوما مرشده"[610]

 

3- يغيّر قميصه كلّ يوم

"لمّا ظنّ البعض أنّ الاعتراف اليومي شيئا من الوسواس قال: لا وأنا لا أعتقد أنّ ذلك ضروري، غير أنّه مفيد للغاية وهو أفضل عمل يؤهّلنا للإحتفال بالقدّاس الإلهيّ. وضرب لذلك مثلا ينقله عنه الكثيرون وهو لو أمكن لكلّ أحد أن يغيّر قميصه كلّ يوم وإن لم تكن متّسخة بزيادة فإنّه يشعر براحة وطيب رائحة"[611]

 

خامس عشر: آلام الحرديني

أ- تعريف

"كان يحتمل صابرا البلايا والأتعاب سواء كانت جسديّة أم روحيّة كالأمراض والأوجاع والحرّ والبرد، لاسيّما الذي كان يقاسيه باستمراره في الكنيسة نهارا وليلا ساعات كلّ يوم في زمان الشتاء وهو صائم، فضلا عن برودة المعدة وانسقامها"[612] "وغالبا يقذف حالا ما يتناوله"[613] "وما كان يطلب طبيبا، ولا أكلا خصوصيّا، بل كان تاركا أمره لباريه"[614] "وفي الشتاء، لم يكن يدنو من النار[615] أبدا، مهما اشتدّ البرد، حتّى تورّمت يداه من شدّة البرد"[616] "وحصل له أخيرا ورم في رجليه، وما كان يستعمل إلاّ الكسوة الإعتياديّة"[617] "وكان مبالغا في قهر جسده"[618] و"إكثار أعمال الإماتة"[619] "وجلد ذاته جلدا قاسيا"[620]

"ثمّ الصبر على المقاومات والأحزان والمصائب العامّة والخاصّة، فلم يكن يظهر عليه حزن ولا غمّ بسببها بل كان على حالة واحدة ومسلِّما للمشيئة الإلهيّة في كلّها دون اضطراب أو همّ، ولم يكن له اهتمام سوى الإجتهاد بالثبات على رياضاته الروحيّة وتحسينها وزيادتها"[621] "وما كان أشدّ أحزانه وآلامه وأطول صلواته في الكنيسة أمام القربان الأقدس عندما كان يسمع باضطهاد الكنيسة وأتباعها"[622]

 

ب- أحداث وروايات

1- كيف يقدر أن يطيق لبس الشعر على جسمه

 "وطالما سمعت زوجي الذي كان مكاريا في الدير ملازما له منذ صغره، حتّى مماته، يقول: يا للعجب كيف يقدر الأب الحرديني أن يصل إلى هذه الدرجة من التقشف، بأن يطيق لبس الشعر على جسمه، بصورة دائمة"[623] "وقهر جسده بلبس المسح، وزنّار الحديد"[624] "تحت المسح حتّى الموت"[625] "وبقي المسح على جسمه حتّى في القبر. وأنا بذاتي لمّا فتح القبر شاهدت المسح على جسمه"[626]

 

2- يجلد ذاته بقساوة

"أذكر أنّ معلّمي جبرين ألحّ على الأب الحرديني كثيرا بأن يخرج معه إلى جوار الدير، لكي يتنَزّه قليلا، لأنّه كان في خلوته منقطعا عن كلّ تنَزّه، وكلّ سلوى بشريّة. غير أنّه لشدّة إلحاح جبرين المذكور، تساهل معه ورافقه إلى الخارج. فما كادا يصلان إلى مسافة 100 متر من باب الدير، حتّى وجدا امرأة عجوزا، تغسل الثياب. فما رآها الأب الحرديني حتّى ارتجف وأسرع في العودة إلى ديره، ورمى ذاته في غرفته، وطال مكوثه فيها. وكنت أنا في حوش الدير، ذي الطابق الواحد، فرغبت أن أراه، ماذا يعمل في غرفته في تلك المدّة، والولد من طبعه كثير الفضول. فتقدّمت ونظرت من شقّ الشبّاك، فإذا بالأب الحرديني معرّى، يجلد ذاته بقساوة، وعليه زنار من حديد. وهكذا كان شائعا عند جمهور الدير، أنّه من عادته أن يجلد ذاته. وقال معلّمي جبرين: أنا سبّبت له هذه الجلدة بإخراجي له إلى الخارج، حيث وقع نظره على امرأة"[627]

 

3- أتظنّوني الحرديني حتّى تكلّفوني مثل هذه الأمور

"لم يكن في حياته الرهبانيّة راهبا فاضلا فقط، بل كان ممتازا عن الجميع بفضائله، وسيرته القانونيّة مثل القمر بين النجوم. وما كان يجاريه أحد في حفظ القانون، ولا في الفضائل الرهبانيّة. وكان إذا أمر أحد الرهبان بما يخالف ذوقه، أو يصعب على طبعه، أو يتسبب[628] بمشقّة يقول من فوره: أتظنّوني الحرديني حتّى تكلّفوني مثل هذه الأمور. ولا تزال هذه نغمة الرهبان حتّى اليوم"[629]

 

4- يتهكّمون على الأتقياء

"كان معروفا بالفضيلة والحكمة، ضيّقا على ذاته، متساهلا على غيره، ذا معرفة مكينة في أمور اللاهوت الأدبيّ وحوادث الضمير. غير أنّه لا يخلو الأمر من بعض انتقادات غير جوهريّة من قبل الفاترين الذين كانوا قليلي الرغبة في الصلوات والأمور الروحيّة. فكانوا أحيانا يتهكّمون على الأتقياء من الرهبان قائلين من كان يقتدي به: قد حردن"[630] وكان "بعض الثقلاء، المستخفّين بطريقته، يُسمِعونه قوارص الكلام"[631]

 

سادس عشر: فرح الحرديني

أ- تعريف

"كان لطيفا بأخلاقه بشوشا"[632] "ومتى دخل المعبد، أشرقت على محيّاه سمات المسرّة والغبطة... وكانت نار المحبّة تلهب صدره، إلى حد يضطر إلى إطفائها بالماء البارد، وكانت عيناه مشدّدتان إلى بيت القربان يناجيه مناجاة الخليل خليله، ويضطرم نارا في حبّه"[633] و"تخاله على المذبح مختطفا بالروح، عقله وقلبه في الحمل الذبيح بين يديه، تلوح على جبينه علامات الفرح"[634] و"يقدّس فرحانا، مبتهجا"[635] "وكلّ من يحضر قدّاسه، كان يرى السرور طافحا على وجهه"[636] "ولكنّه لا يضحك إلاّ مبتسما"[637]

ب- أحداث وروايات

1- يشعر الناس بأنّه ملتذّ جدّا

"كان عمري يومئذ 11 سنة، ومع ذلك لحظت أنّه كان يتأنّى جدّا في لفظه. يقول القدّاس كلمة فكلمة، بحيث يفهم الحضور كلّ كلامه. وكان لمّا يلفظ الكلمة، يشعر الناس بأنّه ملتذّ جدّا بما يقول، كمن يأكل طعاما ما سماويّا. وكانت على وجهه علامات الفرح بصورة دائمة. وقد صار عمري الآن نحو 90 سنة، وما زلت أذكر مدى حياتي كلّها، تلك المدّة التي أنعم المولى عليّ أن أصرفها في خدمة قدّاسه. وإنّي أعتبرها أسعد مدّة في حياتي. وأزيد على ذلك أنّي كنت أسمع القدّاس كلّ يوم، ورأيت كهنة ورهبانا عديدين، وأمّا مثل قدّاس الحرديني فما رأيت. ولاحظت أيضا أنّه عند الكلام الجوهري، كانت هيئته تتغيّر، وصوته يزيد رقّة ولطفا، ودموعه كانت تجري على خدّيه، ووجهه كان يطفح بشرا، وذلك بصورة دائمة. هذا ما أذكره، وذكره يطيّب عيشي حتّى الممات"[638]

2- سرق الكنيسة وما شعر به[639]

"سمعت الأب يواصاف[640] الجاجي يوبّخ أحد الإخوة لقلّة احتشامه بالكنيسة، إذ كان يلتفت كثيرا إلى اليمين والشمال، بقوله له: إحتشم في بيت الله، إنّ الأب الحرديني، كان يصرف ساعات طوالا أمام القربان راكعا لا يتحرّك، ولا ينظر إلى من حوله، ولا ينتبه إلى شيء، كأنّه تمثال من حجر، حتّى دخل السارق مرّة إلى الكنيسة، حيث كان يصلّي، فسرقها وما شعر به. وأنت، مع قصر مدّة إقامتك في الكنيسة، لا تهدأ دقيقة"[641]

3- شاهدت راهبا راكعا في الكنيسة

"لمّا كنت في الثامنة أو التاسعة من عمري، جئت مرّات عديدة إلى دير كفيفان، فشاهدت راهبا راكعا في الكنيسة، ووجهه مغطّى يصلّي بخشوع، فسألت من هو هذا الراهب؟ فقالوا هو الأب نعمةالله الحرديني. غير مرّة جئت إلى الدير المذكور، فشاهدته أيضا راكعا في الكنيسة بالهيئة نفسها، فعرفته. وهكذا كنّا نراه كلّ مرّة جئنا إلى الدير"[642] "راكعا وراء العضادة، حتّى لا يراه الناس"[643]

4- انذهل وسأل

"لمّا ذهب الأب سابا زان إلى ميفوق ليدخل الرهبنة قضى فيه يوما تردّد في أثنائه مرّات إلى الكنيسة. وكان كلّ مرّة يشاهد راهبا راكعا فيها مصلوبا- فانذهل وسأل ما بال هذا الراهب يقضي نهاره في الكنيسة راكعا مصلوبا فقيل له: هذا هو الأب نعمةالله الحرديني، وهذه عادته"[644] "وكان يومئذ أحد مدبّري الرهبنة، مرافقا للرئيس العام في زيارته لدير ميفوق"[645]

 

سابع عشر: صلاة الحرديني

أ- تعريف

"كان ينهض نصف الليل يصلّي صلاة الليل مع الرهبان، فيعود الرهبان إلى الرقاد، وهو كان يبقى في الكنيسة حتّى الظهر، أكثر الأحيان"[646] "مصلّيا دائما نهارا وليلا"[647] "وما كان يفارق صلاة الخورس لا نهارا ولا ليلا إلاّ لسبب ثقيل"[648] و"لم يكن يرغب في أن يصلّي الفرض وحده، بل كان يرغب أن يصلّي مع الجمهور على القرّاية. وكان يدعو، وخصوصا في آخرته، من يشاركه بتلاوة الفرض. ولمّا كان يضطر إلى أن يصلّي الفرض وحده، لم يكن يتلوه إلاّ راكعا في الكنيسة"[649] "حارّا نشيطا"[650] "وحرارته تفوق الوصف"[651] "ويبان كأنّ نفسه قد ارتفعت فوق كلّ ما في الأرض، إذ يبقى ساعات، ولا همّ له، بأكل أو راحة أو شغل، أو بمحادثة بشيء زمني... وصار المعروف عند الجميع، وكلّ همّه في إتقان صلواته"[652] "الحارّة، وتأمّلاته المتواصلة والغير المنقطعة"[653] "التي كان يتلوها بحرارة ونشاط عظيمين بلا فتور ولا ملل"[654] "وبالتالي، قد كان متّحدا مع الله اتحادا دائما. ولذلك كان يحبّ الإعتزال عن الناس، منفردا لمخاطبته"[655] "وكان له همّ كبير في مساعدة الأنفس المطهريّة"[656] "ويرتّل على كلّ حبّة من الورديّة المزمور إرحمني يا الله"[657]

 

ب- أحداث وروايات

1- الحرديني والقربان

"واشتهر بحبّه للقربان الأقدس فإنّه كان يتناول غالبا في حياته العالميّة، وكلّ يوم في حياته الرهبانيّة"[658] "وكان حارّا جدّا في زياراته العديدة في الليل والنهار للقربان الأقدس"[659] "وبحرارة، لا تُقَدَّر"[660] "فكان يقضي معظم أوقاته"[661] "يصلّي. وأنا رأيته مرارا راكعا في الكنيسة"[662] "مصلوبا وراء العامود"[663] "والعضاضة"[664] "على البلاط"[665] "ساعات طوالا، ويداه مرتفعتان بشكل صليب، وعيناه شاخصتان ببيت القربان، لا يتحرّك كأنّه من صخر"[666] "وتمثال"[667] "غائب عن الحواس"[668] و"منخطف بالروح"[669] "عن الأرض"[670]

 

2- محبّة العذراء

 "كان يفتّش كلّ يوم عن راهب أو مبتدئ أو علماني ليشاركه بتلاوة الورديّة الكاملة بصوت جهوري واضح"[671] "وكنت أساعده في تلاوة المسبحة الورديّة وكان يتلوها بكلّ خشوع"[672] "فيكون مع رفيقه كجوقين يترنّمان بتسبحة العذراء"[673] "وكان في خارج الكنيسة لا يترك المسبحة من يده"[674] "فكان تاركا الدنيا وما فيها ومتعلّقا بالعذراء"[675] إذ "كان مغرما بالعذراء كعاشق"[676] واسمها المبارك أبدا على شفتيه يستغيث بها"[677] "نهارا وليلا، رافعا نظره إلى أيقونتها المقدّسة بتنهّدات وزفرات قلبيّة مخشّعة. وكان كلّما دخل قلاّيته أو خرج منها يتلو أمام أيقونتها السلام الملائكيّ، ساجدا لها ومستمدّا معونتها. وقد كان منعطفا بنوع خاص إلى تكريم الحبل بها البريء من دنس. وذلك كان يكرّر كثيرا هذه الصلاة وهي:"فليكن مباركا الحبل بمريم البريء من الدنس"[678] "حتّى قبل أن تثبت الكنيسة هذه العقيدة سنة 1854 وقد كافأته البتول على إكرامه هذا السرّ بأن منحته أن يموت في الأسبوع المخصّص لذكره"[679]

"وكان فرحا بمدائحها ويتكلّم عنها بلا انقطاع، وتفرّد بتعبّده لمريم العذراء"[680] "وكان كثير المحبّة لها وحريصا على نشر عبادتها"[681] "والإشتراك بأخويّاتها"[682] "مجتهدا على نموّها بإعطائه أوراق الإشتراك التي كان يأخذها من الآباء اليسوعيّين. وكان معتنيا بتأسيسها بموجب الإذن، في أديرة رهبانيّتنا، وقد أسّسها فعلا في دير مار قبريانوس كفيفان قبل وفاته بزمان قليل، وأشرك البعض فيها، وكان مشتركا في ثوب سيّدة الكرمل"[683]  "وكان يسعى دائما أن يشرك العوام من الجوار فيها، وبأخويّة الحبل بلا دنس. وكان يأتيهم بالصور والتواب [الأثواب]، ويوزّعها عليهم مجّانا بإذن الرؤساء"[684]

"وتوجد صورة الأم الحزينة على مذبح في كفيفان، كانوا يسمّونها سيّدة الحرديني"[685] كان يركع أمامها كلّما دخل أو خرج، ويحيّيها بالسلام. ومتى دهمته تجربة يصرخ: يا مريم ساعديني[686]

4- موسيقار روحاني يتغنّى بمدائح مريم[687]

"كان يشيد بأقوال أعاظم القدّيسين، كالقدّيس أفرام: "أنت بريئة من العيب، خالية من الدنس، من أي خطيئة على الإطلاق. نورك أبهى من الشمس لأنّه مشرق إلى الأبد". "ولتصرخ عظامي من القبر: إنّ مريم هي والدة الإله. وإن خامرني شكّ في ذلك، فلتلتهم النيران عظامي".

والقدّيس أغوسطينوس: "السلام عليك يا مسكن السماء والأرض الكلي الاحترام والإتقان. السلام عليك يا أمّ الذي لا يسعه العالم كلّه". "إن الله لم يصنع بيتا لذاته أشرف من والدته مريم".

والقدّيس برنردوس: "أنت أيتها العذراء ما وجدت قطّ في الظلام بل دائما في النور".

والقدّيس يوحنّا الدمشقي: "إنّ الله قد حفظ نفس مريم البتول وجسدها أيضا بحسب ما كان يليق بها أن تقتبل في حشاها الإله المتجسّد، لأنّه قدّوس ويستريح بالقدّيسين".

والقدّيس توما اللاهوتي: "إنّ شرف الولادة الإلهيّة هو على نوع لا حدّ له. وفي هذا شيء جزيل الاعتبار، وهو أنّ الابن ملزم بوالدته، وذلك بعد اختيار الله لها أمّا له".

والقدّيس إيرونيموس: "لو تحوّلت أعضاؤنا جميعها إلى ألسنة، لما أمكننا أن نفي مريم حقّها من المديح. فإنّي مهما قلت فيك أبقى مقصِّرا".

والقدّيس بونا ونتورا: "إنّ الله لا يقدر أن يصنع أمّا أعظم وأشرف من أمّ الله، لأنّه يمتنع أن توجد أمّ يكون ابنها أعظم من ابن الله"[688].

 

5- عبادة قلب يسوع

"وكان يتلو كلّ يوم طلبة قلب يسوع التي كان أخذها من أحد الآباء اليسوعيّين، ولم تكن معروفة عند العموم"[689] "فتفرّد بنوع أكمل بتعبّده لقلب يسوع الأقدس"[690] "بمنتهى الحرارة والمحبّة. إشترك بشركة هذا القلب الإلهي وسعى جهده بنشرها"[691] "وحرّض الجميع على الاشتراك فيها ناشرا غيّاها في الأديار بين إخوته الرهبان، وفي الخارج بين العلمانيّين"[692] "فأصاب نجاحا. وتعبّده هذا كان يحمله على إكرام سرّ القربان الأقدس حيث كان قلب الربّ لا يزال يحفق حبّا للبشر"[693]

 

6- ماء مبارك

"إنّ البعض، ممّن أخذوا منه ماء مباركا، بقي عندهم منه شيء إلى بعد موته، وبعد مدّة وجدوا هذا الماء جامدا بصورة نشا أو طحين مبتل، وكانوا يعطون غيرهم منه قليلا ويضعونه في الماء، ويرشّون منه على المواسم والأرزاق، وكانوا يفوزون دائما بما يطلبونه بشفاعته"[694]

7- كاد يختنق

"كان أبو نعمة يأكل ذات مرّة، فدخل برباصة في زلاعيمه وكاد يختنق. فأشار بيده إلى قنّينة تحوي ماء مباركا من الأب الحرديني، وحالما أسقي منها قليلا خرجت البرباصة من فمه. فكان مدى حياته يحضر سنويّا إلى هذا الدير، حاملا على ظهره كميّة من الحنطة الجيّدة، لاستعمالها لخبز برشان الدير، إقرار لفضل الأب الحرديني عليه حتّى أنّ أولاده مرّة زاروا الدير وذكروا القصّة"[695]  

 

ثامن عشر: محبّة الحرديني

أ- تعريف

1- محبّة الله

"كان حبّه لله  حارّا عظيما وتعلّق قلبه به شديدا أوّلا بمثابرته على الصلوات اللفظيّة والعقليّة بحيث لم يكن قلبه ليأنس إلاّ إلى مناجاته والهذيذ به والتأمّل في صفاته الإلهيّة ليل نهار محييا الليالي في الكنيسة أمام حبيبه القربان المقدّس جاثيا على ركبتيه ورافعا يديه نحو العلى. ثمّ بموته كلّيّا عن العالم وجحوده اللحم والدمّ وأعراضه عن كلّ ما في الحياة الدنيا كأنّ لا أهل ولا نسيب، ليحيا له تعالى وحده"[696] "ومنذ دخل الرهبانيّة، إلى أن توفّي ما كان يملّ ولا يضجر من الصلاة، ولاسيّما من الركوع أمام القربان المقدّس في الكنيسة"[697] "وكان يكرّر الزيارة مرّات كلّ يوم"[698] "غائبا عن الحس في محبّة الله"[699]

"وتبدو عظمة محبّته لله من احتراسه واجتهاده بحفظ وصاياه، ومن حسن عبادته العظيمة الممارسة منه بحرارة ونشاط، وتفكيره المتواصل بالله وتصوّره بإزاء عينيه، واشتغال عقله بالهذيذ به، حتّى كان يبان كمن سهى عن ذاته وحسّه، رافعا عينيه إلى السماء بعواطف وزفرات قلبيّة. وكانت هذه المحبّة تنمو وتشتعل إلى نهاية حياته، مع الخوف الكلّي من فقدها أو فتورها"[700]

2- محبّة القريب

"ما غضب في حياته، بل كان كثير التنهّدات، كثير الدموع، بليغ الغيرة على خلاص القريب. وإذا عرف أنّ إنسانا بحاجة روحيّة ووكلّ هو القيام بخدمته كان يبذل وسعه في سبيله. وما كان يتأخّر عن الموت لو ألجئ إليه في ذلك السبيل الشريف"[701]  "فكان يحبّ القريب حبّا بالله فقط، غير مفرِّق بين إخوانه الرهبان وبين أهله وبين الغرباء"[702] "وأمّا أهله، فما كان يحبّهم محبّة بشريّة على الإطلاق"[703] "ومحبّته للقريب، كانت تتجلّى في صلواته الدائمة لأجله. وفي المثل الصالح الذي كان يعطيه للواحد"[704] "ويحترس احتراسا كلّيا من أن يشكّك أحدا بشيء ما: لا بقول، ولا بعمل، ويعطي الفقراء صدقة حسب ما يسمح له ولو ممّا يوضع أمامه للأكل، وذلك محبّة وشفقة، راثيا لحالهم، كما كان يستعمل هذه الرحمة مع الخطأة والأنفس المطهريّة بإسعافه إيّاهم بالصلاة لأجلهم"[705]

3- محبّة الرهبان

"فكان كلّما ازداد نفورا من العالم وابتعادا عن أصحابه وذويه، ازداد حبّا نحو إخوانه الرهبان"[706]  "فكان يحبّهم جميعا بالتساوي من غير تمييز بين بلدة وبلدة وقريب وغريب، فقط كان يودّ، بزيادة، المتّصفين بأعظم فضيلة وأكثر عبادة وحرارة لاسيّما البسيطين منهم، لكن لا محبّة خصوصيّة ذات دالّة، لأنّه كان مجرّدا من تلك بالإطلاق، بل محبّة موضوعها القريب لأجل الله"[707] "كان قاسيا على ذاته في الأمور الطفيفة، ولكنّه كان شفوقا على إخوانه"[708] "وما كان يحمّله لذاته من الثقل كان يخفّفه عن الغير"[709]

 

ب- أحداث وروايات

1- لا تسمح للسانك أن ينمّ أو يفتري

"ولم يكن يتحمّل أن يسمع راهبا يتكلّم بحقّ أخيه، حتّى ولو كانت شكواه واقعيّة. فكان يقول: أذا كان لك ضدّ أخيك ما يقال، أعرضه على رئيسك، ولا تسمح للسانك أن ينمّ أو يفتري[710]"[711] وبتعبير آخر: "إذا كان لديك ما تقوله لأخيك، إذهب وعاتبه بروح المسيح، ولا تترك العنان للسانك للثلب والإفتراء"[712]

                  

2- ونحن الإخوة تحتقروننا

"وسمعت أنّه يوما تجهّز للسفر، وكان قد ضمّ في خرجه[713] ملزمة العرم. وقبل أن يخرج من الدير التقى بأخ طلب منه أن يعرم له كتابا، فأجابه: قد ضببت حوائجي. فأخذ الأخ يرفع صوته ويقول: أنتم لا تعتبرون سوى الكبار، ونحن الإخوة تحتقروننا. ففي الحال أنزل الآلة وعرم له الكتاب"[714]

 

3- هل تمّم واجباته الروحيّة؟

"وكان متى عرف بمصائب أهله وأنسبائه، لا يبدي علامات الحزن والأسف، بل كان يصلّي لأجلهم. جاء يوما رسول من قرية حردين، ينعي إليه موت شقيقه. فسأله إذا كان اعترف عند موته"[715] "هل الكاهن كان موجودا عند أخي وقت وفاته؟ وهل مات متزوّدا الأسرار؟"[716] "فأجابه بالإيجاب. وعند ذلك قال له: إذهب بسلام، الله يرحمه، وأنا لا أذهب معك"[717] و"لا أحضر حفلة الدفن، رحمه الله"[718] "فما كان يهمّه إذا عرف بموت قريب أو وجيه، أو نسيب إلاّ ويسأل: هل تمّم واجباته الروحيّة؟"[719]

 

تاسع عشر: رجاء الحرديني

أ- تعريف

"إشتهر برجائه بالله والتوكّل عليه لأنّه كان صبورا كبيرا زاهدا في كلّ شيء، متقشّفا عظيما. لا قيمة عنده لشيء ممّا في العالم، إذا قدّم له شيء ضروي قَبِله بالشكر لله وإذا نقصه شيء لم يكن يسأل"[720] "كان رجاؤه بالله كبيرا وطيدا"[721]  "ووثيقا أكيدا، واتكاله عليه قويّا فريدا، فكان معتصما بقوّته الإلهيّة. وبشجاعة كلّيّة منتصرا بها على الأعداء الثلاثة: العالم والجسد والشيطان، ولا يخشى شيئا إلاّ ما يكون به إغاظة الله"[722] "ولا يحفل بمحل المواسم أو بإقبالها مهما كانت المصائب محزنة، ولا الأفراح تبطره، حتّى أنّه كان موجودا في هذه الدنيا، كأنّه قد صار في الآخرة"[723] "ولم تكن تنزل به التجربة ويبقى معها خارج الكنيسة، بل كان دواء كل ّمحنة وتذليل كلّ صعوبة حيث ذهابه إلى القربان الأقدس وقيامه أمامه بضع ساعات. كان يشتهي أن يقضي الحياة في الكنيسة"[724]

ب- أحداث وروايات

1- لا تؤثّر فيه حوادث العالم الخارجيّة

"ورافقه والدي وعمّي الخوري فرنسيس باسيل، حتّى خارج القرية [اسمر جبيل]. ورجعا يقولان: إنّه ملاك، لا يتحدّث إلاّ بالله، كأنّه غير موجود على الأرض، ولا تؤثّر فيه حوادث العالم الخارجيّة. وكان دائما مخطوفا بالروح"[725]

2- صداقة مسيحيّة

"جناب الأجل الخواجه ابراهيم المحترم

بعد البركة من الله عليكم، والأشواق الوافرة إلى مشاهدتكم في كلّ خير مستدام. ثم نعرض من حضرتكم بأن تحضروا وتشرّفوا ديركم لكون بادي لنا غرض معكم وهو خير والبركة من الله عليكم تكراراً. صباح الأربعاء. الداعي لحضرتكم الأب نعمة الله حرديني لبناني"[726]

 

عشرون:إيمان الحرديني

أ- تعريف

"كان إيمانه بالله أبدا حيّا متينا"[727] "راسخا، متوكّلا على الله"[728] "بل كان إيمانه أرسخ من الجبال"[729] "فما فرّق بين رئيسه والمسيح،  وإشتهر بإحترام الله وقدّيسيه"[730]

"وكان إيمانه بالله وبما أوحاه تعالى لكنيسته، حيّا وطيدا، وتمسّكه بالإعتقاد الكاثوليكي وثيقا شديدا، مخضعا عقله لجميع ما حدّدته هذه الكنيسة الرومانيّة، مع أنّه كان – ما عدا بلاغته في اللاهوت الأدبيّ- مطالعا ومستنيرا بمبادئ اللاهوت النظريّ، فكان يكره البحث والمحادثة بتدقيق في قضايا الإيمان. بل كان مقتنعا بها غاية الإقتناع، مستعدّا للموت لأجلها. ويشهد لحسن إيمانه الوطيد حسن سيرته وسلوكه بموجبه بكلّ تدقيق في أقواله وأفعاله ومخافته لله تعالى  بكلّ أعماله وسائر حركاته"[731] كان بليغا بالتحريض على التمسّك بعروة الإيمان الكاثوليكي، والعصمة بعرى وصايا الله والكنيسة، وكان يبغض الكتب المحرّمة بالخصوص"[732]

ب- أحداث وروايات

1-أنقل البقر من الحارة

"كان يصلّي الأب الحرديني في الكنيسة حسب عادته. فترك صلاته حينا، ودعا الأخ يوسف[733] عبدللي رئيس الحقلة وقال له بإلحاح: إذهب في الحال وانقل البقر من الحارة"[734] "فضحك منه الأخ ولم يعبأ بقوله"[735] "لأنّه لم يدرِ ما السبب؟! فناداه تكرارا أسرع بنقلها حالا"[736] "وإلاّ وقع ما لم تحمد عقباه"[737] "فنقلها ولم يدرِ لماذا ينقلها؟! غير أنّه في تلك الساعة هبّت عاصفة شديدة فهبطت الحارة فعلم الأخ يوسف عبدللي عندئذ أنّ الأب الحرديني كان عارفا بالروح ما سيكون من أمر هذه  العاصفة"[738] "وأمّا الحرديني ركع مصلّيا فاتحا يديه بشكل صليب شكرا لله على وقاية بقر الدير"[739] "فشمل العجب إذذاك الجمهور وحمدوا الله"[740]

2- النمل يحمل الحبوب من وكره!

"مرّ الأب الحرديني قرب البيدر وكان الأخ مارون[741] الميفوقي يوقد نارا حواليه. فسأله الأب المذكور: لماذا يا أخ مارون تعمل هكذا؟ فأجاب: لكي نبعد النمل، لأنّه كثير ويزقّ القمح. فقال: اتبعني إلى الدير. فتبعه. فصلّى على الماء، وقال له: رُشّ من هذا الماء على القمح، وعلى محلّ النمل. ففعل الأخ مارون. وثاني يوم ذهب، راقب حركة النمل، فرآه يأتي حاملا الحبوب من وكره إلى الكومة على البيدر، وينقّي الزؤان منها ويحمله إلى وكره. فانذهل الراهب، وذهب فأخبر الأب الحرديني، فترجّاه أن يبقي الأمر مكتوما. أمّا هو فأذاعه بعد موته"[742]

3- هل العنْزة منضامة؟

"ويوما حضر عنده أجير ماعز الدير طالبا منه بركته على الماء من دون أن يذكر له الغاية المقصودة منه فأجاب: هل العنْزة منضامة؟ وهكذا كان أنّ عنْزة من الماعز كانت مريضة بخطر الموت، ولمّا رشّها بالماء المبارك من الأب الفاضل، حالا قامت ترعى مع رفاقها. وما أكثر الآيات التي كان يعرفها غيبا ويوضحها لأربابها سرّا تحت الحفظ لئلا يظهروا"[743]

4- ماء عجيب

"وأتى أخي مرّة، وأخذ منه ماء مباركا، ورشّه على بقرة لنا مريضة، فشفيت"[744] "وكان يقصده القاصي والداني، لطلب صلواته وللتبرّك منه، وأخذ الماء المبارك، لشفاء الأمراض، ومنع الضرر عن المواشي والمواسم"[745] "عند أدنى نكبة تحلّ بهم أو بمواشيهم"[746] "ولمّا كانت تحلّ بديره المصائب من موت مواشي، ومحل مواسم، لم يكن يهتمّ، بل كان يصلّي على الماء، ويقول: رشّوا منه. مسلّما لإرادته تعالى"[747]

5- قف يا مبارك

"إنّ والدي كان يدعى سليمان راشد، وإذ كان عمره نحو 9 سنوات، كان يتردّد إلى دير كفيفان، أيّام رئاسة القس بطرس الحايك[748] بجدرفل، يتعلّم القراءة البسيطة عند الأب نعمةالله الحرديني. وكان يخدم له القدّاس. فأخبرني أبي، رحمه الله، أنّه بينما كان أبي يوما ما مع جملة أولاد يتعلّمون القراءة قرب حائط قديم، وكان الأب الحرديني جالسا أمامهم، وقلنسوته تغطّي جبهته حتّى عينيه. تداعى الحائط إلى السقوط، وكاد يسحق كلّ الأولاد، ففي الحال رفع الأب عينيه، فرأى الحائط هاويا، فمدّ يده قائلا: قف أيّها الحائط! قف يا مبارك. فوقف، وأشار إلى التلاميذ، فابتعدوا قليلا، وعند ذلك سقط الحائط، ولم يؤذِ أحدا"[749]

واحد وعشرون: قدّاس الحرديني

أ- تعريف

"صرف حياته الكهنوتيّة مدّة 23 سنة وهو أشبه بالملاك منه بالإنسان"[750] "كان يتلو الذبيحة المقدّسة بعد أن يكون استعدّ لها استعدادا بالغا بالتأمّلات والقراءات الروحيّة وزيارة القربان الأقدس والإعتراف يوميّا"[751] "من نصف الليل"[752] "وكلّ الصباح"[753] "فكان يسمع كلّ القدّاسات حتّى لو كانت في يوم واحد 10 أو أكثر[754] متوالية"[755] "وهو راكع منتصب (لعدم وجود البنوك في تلك الأيّام)  رافعا يديه نحو العليّ"[756] معلّقا أبصاره بالكاهن المقدِّس، غير ملتفت يمنة ولا يسرة"[757]  

 "وباحتفاله القدّاس كان نموذج التقوى والعبادة بحرارته ومحبّة الله"[758] "وكان يلتهب بحرارة محبّة متّقدة كالنار"[759] "وكان يستمر فيه فوق ثلاث أرباع الساعة"[760] و"ساعة يلفظ كلمة فكلمة تلوح على وجهه سمات التقوى والخشوع، وكان يحبّ أن يبقى البخّور متصاعدا من المبخرة كلّ مدّة القدّاس"[761] "ولا يقدّس إلاّ بالسريانيّة ويلزم الخادم أن يخدم له بالسريانيّة كذلك"[762] و"كان يستدعيني حتّى أخدمه في القدّاس"[763] "وما سمع عنه أنّه ترك القدّاس يوما قط في حياته الكهنوتيّة"[764]

"وكان في أيّام الشغل، يقدِّس قرب الظهر. وكانوا في الجوار، لمّا يسمعون الجرس يقرع متأخّرا يقولون: هذا قدّاس الحرديني. وكانوا عارفين بسبب تأخيره، وهو قصد الصلاة والإستعداد"[765] "وكان أبي يخدم له القدّاس، يبخّر الشعب من دون أن ينظر إلى أحد، حتّى ولا إلى شمّاسه، لمّا يعيد إليه المبخرة"[766]

"وكان يتلو قدّاسه بكلّ تأنٍّ وهدوء وخشوع، دون أن يرفع صوته، وعلامة الإيمان والرجا والمحبّة، كانت ظاهرة على وجهه. ومنظره هذا كان يحرّك في قلوبنا جميعا عواطف الإيمان والعبادة. فقدّاس الحرديني كان يجعلنا نتصوّر أنّنا في الفردوس"[767]  فكان "ملتهبا بكلّيته ومظهرا إمارات الفرح والسرور مع الخشوع!"[768] "وكان يخال أنّه يشاهد الإله المحجوب تحت ظواهر الخبز والخمر، لمّا كان يبدو منه من الدقّة في لفظه وحركاته، ومن الخشوع في صوته، ومن الرقّة في عواطفه. والجميع يذكرون أنّ دموع التأثّر كانت تجري من عينيه عند تلاوة كلام التقديس"[769] "فكنّا نخاله ملاكا سماويّا"[770] "فإيمانه إيمان قدّيسين، يظهر خاصّة في قدّاسه"[771]"فقدّاسه كان ملائكيّا"[772]

 

أ- أحداث وروايات

1- قدّاس مديوغوريه[773]

"وقد سرّ بي إذ  كنت أحسن خدمة القدّاس بصوتي الرخيم الكنائسي. فدعاني لأخدم له القدّاس، فبقيت في دير ميفوق 15 يوما. وكنت كلّ يوم أخدم له القدّاس. وكان يدعوني قبل القدّاس لأصلّي معه المسبحة الورديّة كاملة 15 بيتا، مع أسرار الفرح والحزن والمجد، ويداه مرتفعتان كلّ مدّة الصلاة. وكان يتلو المسبحة بتأنٍّ وورع وعبادة، حتّى تأثّرت أنا جدّا من مثله. وقصدت من ذلك الوقت أن أتلو الورديّة كلّ يوم من أيّام حياتي. وبعد نهاية المسبحة يقدّس ويتلو كلّ صلوات القدّاس كلمة فكلمة. وكنت على عادة الشمامسة، أقول من الصلوات جملة من الأوّل وجملة من الآخر فنبّهني بهدوء ورقّة أن أقول الصلاة كلّها كلمة فكلمة. وأنا قد تأصّل في مخيّلتي ذلك. ومنذ ارتقيت بنعمة الله إلى درجة الكهنوت صرت أقدّس بتأنّ متذكّرا مثل رجل الله الحرديني. وقد مضى عليّ سبعون سنة ومثل الحرديني لم يزل في ذهني، وقد مضى عليّ في الكهنوت 60 سنة"[774]

2- ينبغي أن تأتوا باكرا لسماع القدّاس

"فيوما ما نهار أحد، جئت متأخّرا مع رفاقي رعاة المواشي، لأجل سماع القدّاس، فوجدنا الأب الحرديني راكعا في الكنيسة. وكانت انتهت القداديس، فقال لنا إركعوا وصلّوا، فصلّينا. ثمّ قرأ علينا فصلا من الإنجيل قائلا لنا: ينبغي من الآن وصاعدا أن تأتوا باكرا لسماع القدّاس"[775]

 

3- إفتح الباب الذي للخارج!

 "ذات يوم بينما كنت أخدم له القدّاس نهار أحد، توقّف قليلا قبل الإنجيل، ثمّ قال لي: إفتح الباب الذي للخارج! "[776] "وقل للنساء الجالسات تجاهه أن يدخلن"[777] "فمضيت وفتحت الباب، وإذا بنساء ينتظرن ليدخلن وليسمعن القدّاس، ولم يعطين إشارة ولا حركة بوجودهنّ منتظرات! لأنّ سمعي كان جيّدا، ولم أحسّ بحركة منهنّ! ولمّا انتهى القدّاس، قال لي: قل لهنّ أن يخرجن وأغلق الباب، ففعلت، لأنّ تجنّبه النساء كان غريبا، وما كان يريد أن يجتمع بهنّ حتّى ولا في الكنيسة إلاّ لداعي المحبّة الروحيّة عند مسيس الحاجة"[778]

4- ليدخل الآتون لسماع القدّاس

"بعد أن كان الأب الحرديني بدأ بقدّاسه يوم الأحد، أوعز إلى خادمه أن يطفي الشمع وينتظر، ففعل. وبعد حين قال له:"[779] "رح إفتح باب الكنيسة الخارجي"[780] "ليدخل الآتون لسماع القدّاس، ففعل. وإذا بجماعة دخلوا وكانوا آتين من بعيد لسماع القدّاس، والأب الحرديني في كلّ ذلك لم يلتفت أبدا إلى جهة ما"[781]

5- فكّي عنّو يا مباركة!

"كنت أخدم له القدّاس كلّ يوم مدّة إقامتي [شهرين] في دير القطّارة. وأذكر أنّه لم يكن يتلو القدّاس باكرا، بل كان يتأخّر عن كلّ الرهبان. وأنا تذمّرت أوّلا لأنّي كنت أجوع، ولا أتمكّن من انتظار قدّاسه صائما. فعرف ذلك، فذهب إلى الكرارجي، وقال له: أعطِ كلّ يوم ترويقة لهذا التلميذ باكرا. فكنت كلّ يوم أنتظره، ريثما يفرغ من صلاته الطويلة. وأخدم له القدّاس. وحدث لي ذات يوم، أنّي بقيت في فراشي، لا أتمكّن من النهوض بسبب دور برداء قوي، فلمّا استبطأني"[782] "سأل عنّي في الدير لأخدم له القدّاس فأُجيب: إنّ شمّاسك طنّوس ساخن بالبرديّة. وكنت مريضا وقتئذ، وكان الدور قويّا عليّ. فأتى إليّ ووقف في الباب ورآني مريضا في الفراش، ودور البرديّة راكبا عليّ فقال: أقعد يا ابني! "[783] "قم اخدم لي القدّاس. فأجبته: لا أقدر، لأنّ الدور مشتدّ عليّ. فقال: بلى قم، وخاطب المرض قائلا للحمّى"[784]: "فكّي عنّو يا مباركة! حاجتك! –ويريد بها البرديّة- فقال: أخدم لي القدّاس فنهضت من الفراش معافىً تماماً. وللحال ذهب عنّي الدور ولا أشعر بوجع البتّة، وذهبت فخدمت له القدّاس"[785] "بكلّ لذّة، وبهجة وسرور ونشاط، ولم تعاودني بعد ذلك الحمّى"[786]

 

ثانٍ وعشرون: مَثَلُ الحرديني

أ- تعريف

"كان مشهورا عنه في أيّام حياته أنّه أفضل من سائر الرهبان، وكان الناس كلّهم يقولون: الحرديني، الحرديني"[787] و"إنّه قدّيس، ومع كلّ ما في هذا الدير من الرهبان الأفاضل، ما جاءنا أحد مثله في القداسة"[788] "فالرهبان عموما، والرئيس خصوصا، كانوا يعتبرونه مثالا لكلّ الفضائل الرهبانيّة، ويجلّونه إجلالهم لقدّيس"[789] "والجميع كانوا يقولون أنّ سيرة هذا الراهب كانت ملائكيّة"[790] "وكنت أعتبره رجلا قدّيسا"[791] "وأعجوبة عصره"[792] "فكان يضرب به المثل في الرهبانيّة جمعاء. وفي لبنان كلّه فهو كمنارة عالية على جبل، وأفاضل الرهبان يعترفون بتفوّقه"[793] "وكان كثيرون يتباركون منه، ويعتبرونه قدّيسا وهو حيّ"[794]         

"وما كان يتوقّف في أعماله الصالحة على العمل الحسن، بل كان يعمل دائما ما هو أفضل"[795] "فكان دائما نموذج الكمال والفضل في كلامه وحركاته وسائر أعماله"[796] "وأذكر أنّ معلّمنا الكفري كان في كلّ يوم يورد لنا مثلا عن طاعته وعن فقره وعن تمسّكه بالقوانين الدقيقة"[797] "وعمّي الاب بطرس بجدرفل أيّام رئاسته على دير كفيفان كان يخبر أمامي عن قداسته ويحضّ الناس على طلب بركته وأخذ الماء المصلّى منه للمواسم"[798] "فكان نموذجا صالحا، يضرب به المثل بحسن السيرة وحرارة العبادة عند الرهبان والعامّة"[799] "والجميع يقولون عن الذي يتميّز بفضائله الرهبانيّة أنّه "تحردن" أي أنّه تبع طريق الأب نعمةالله الحرديني واحتذى فضائله"[800]

ب- أحداث وروايات

1- ختم غليونه بيديه حتّى احترقتا

"وكان صموتا متأمّلا، فمثله هذا كان يجعل الهدوء والسكينة وحفظ الصمت سائدا في ديره، وتهيّبه الجمهور، إلى حد أنّه لم يجسر راهب أن يرفع صوته أمامه، أو يمزح، أو يضحك مقهقها، أو يشرب سيكارة. حتّى أنّه في أحد الأيّام، كان أحد الرهبان يشرب غليونه في الممشى، فعندما رأى الحرديني مقبلا من بعيد، ختم غليونه بيديه حتّى احترقتا"[801]

2- فيوبّخني والدي

"ولمّا ارتسمت كاهنا كنت بعض الأحيان أقدّس بعجلة، فيوبّخني والدي ويقول لي: إنّ الأب الحرديني كان يمكث ساعة في قدّاسه"[802]

3- خذوا الحرديني مثالا لكم

"أتذكر عندما كنت مبتدئا في دير الناعمة سنة 1888، فالأب المعلّم إبراهيم زعرور والرئيس الأب أنطون الناعمة، الذي أصبح مدبّرا في الرهبانيّة، وهو يعدّ بين الرهبان متميّزا بفضائله، كانوا يقولون لنا: خذوا الآباء نعمةالله الحرديني وعمانوئيل الجميّل مثالا لكم"[803]

4- من مبادئ الحرديني

"إنّ الراهب في ديره، ملك في قصره، دولته رهبانيّته، جنوده إخوته، مجده فضيلته، تاجه محبّة الله ورهبانيّته، صولجانه عفّته وطهارته، سلاحه فقره وطاعته وصلاته، برفيره تواضعه ووداعته"[804]

5- الشاطر من يخلّص نفسه

"كانت الرهبانيّة في اضطرابات ومنازعات نوعا عن باقي تاريخها. وكان الأب المذكور يتحاشى كلّ تدخّل"[805] "وكان عندما يسمع إنتقادات على الرهبنة ببعض أمور"[806] "وعند كلّ حديث يغمّه"[807] "فلم يكن يجيب إلاّ بهذه الكلمة: الشاطر من يخلّص نفسه"[808] "فذهب مثله مثلا عند العموم"[809]

 

[320] محضر الحرديني، فلومينا أرملة سابا فريفر، ص65.

[321] الطوباوي نعمةالله، ص27، حاشية رقم14.

[322] عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص3.

[323] محضر الحرديني، طنّوس الصوص، ص56.

[324] محضر الحرديني، الخوري يوسف عدوان، ص76.

[325] تقرير الأبّاتي مبارك سلامة المتيني، شهادته، ص3.

[326] محضر الحرديني، طنّوس الصوص، ص56، والأخ روكس الكفيفاني، ص72، ويوسف رشوان صادق، ص66؛ والخوري يوسف عدوان، ص76، وعريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص3، وسيرة الحرديني، بقلم الكفري، نقلا عن قدّيس كفيفان، ص121.

[327] دفتر شبلي، طنّوس الصوص، ص12.

[328] محضر الحرديني، طنّوس الصوص، ص56.

[329] مسودة عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص2.

[330] مسودة عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص6.

[331] مسودة عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص7.

[332] دفتر شبلي، طنّوس الصوص، ص12.

[333] دفتر شبلي، الخوري مخايل وهبه، ص29.

[334] محضر الحرديني، نعجة أرملة ديب نهرا، ص71.

[335] محضر الحرديني، القس سمعان إهمج، ص90.

[336] محضر الحرديني، القس بطرس بجدرفل، ص88.

[337] محضر الحرديني، الأب مخايل خليفة، ص84.

[338] محضر الحرديني، القس بطرس بجدرفل، ص88.

[339] سيرة الحرديني، بقلم الكفري، نقلا عن قدّيس كفيفان، ص115.

[340] سيرة الحرديني، بقلم الكفري، نقلا عن قدّيس كفيفان، ص115.

[341] محضر الحرديني، الأب مخايل خليفة، ص84.

[342] محضر الحرديني، القس سمعان إهمج، ص90؛ والأب يوسف إهمج، ص83؛ وتقرير المتيني، شهادته، ص3.

[343] تقرير المتيني، شهادته، ص3؛ ومحضر الحرديني، الأب يوسف إهمج، ص83.

[344] محضر الحرديني، القس سمعان إهمج، ص90.

[345] تقرير المتيني، شهادته، ص3.

[346] كلمة يونانيّة وتعني الأيّام السابقة للعيد.

[347] سيرة الحرديني، بقلم الكفري، نقلا عن قدّيس كفيفان، ص118.

[348] سيرة الحرديني، بقلم الكفري، نقلا عن قدّيس كفيفان، ص121.

[349] محضر الحرديني، الأخ روكس الكفيفاني، ص72.

[350] سيرة الحرديني، بقلم الكفري، نقلا عن قدّيس كفيفان، ص115-116.

[351] محضر الحرديني، ضومط ضومط، ص59.

[352] محضر الحرديني، الأخ روكس الكفيفاني، ص73.

[353] محضر الحرديني، الأخ روكس الكفيفاني، ص73.

[354] دفتر شبلي، جرجس باسيل، ص28.

[355] دفتر شبلي، أكثر أهالي عبدللي، ص29.

[356] دفتر شبلي، جرجس باسيل، ص28.

[357] دفتر شبلي، أكثر أهالي عبدللي، ص29.

[358] سجل عماد، نقلا قدّيس كفيفان، ص12، حاشية رقم 18.

[359] محضر الحرديني، أورسلا راهبة لبنانيّة، ص80.

[360] محضر الحرديني، القس سمعان إهمج، ص90.

[361] محضر الحرديني، الخوري برديوط راشد، ص60.

[362] دفتر شبلي، الخوري مخايل وهبه، ص29.

[363] محضر الحرديني، الخوري مخايل وهبه، ص69.

[364] دفتر شبلي، الخوري مخايل وهبه، ص29.

[365] محضر الحرديني، الخوري مخايل وهبه، ص69.

[366] دفتر شبلي، الخوري مخايل وهبه، ص29.

[367] محضر الحرديني، يوسف صادق، ص66.

[368] محضر الحرديني، نعجة أرملة ديب نهرا، ص70-71.

[369] دفتر شبلي، نعجة أرملة ديب نهرا، ص27.

[370] من لهجة أي يتكلّمون دائما.

[371] محضر الحرديني، نعجة أرملة ديب نهرا، ص70-71.

[372] محضر الحرديني، الأب مرقس معادي، ص78-79.

[373] تقرير المتيني، الخوري أنطونيوس يوسف، ص40.

[374] محضر الحرديني، الأب مخايل خليفة، ص86؛ ومحضر الحرديني، طنّوس أنطون، ص91.

[375] تقرير المتيني، الخوري أنطونيوس يوسف، ص40.

[376] تقرير المتيني، الخوري عبدالله عواد، ص8.

[377] سيرة الحرديني، بقلم الكفري، نقلا عن قدّيس كفيفان، ص116.

[378] ترجمة الحرديني، ص17 - 18.

[379] مسودة عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص5.

[380] محضر الحرديني، الأخ روكس الكفيفاني، ص72-73.

[381] محضر الحرديني، القس سمعان إهمج، ص90.

[382] سيرة الحرديني، بقلم الكفري، نقلا عن قدّيس كفيفان، ص121-122.

[383] مسودة عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص5.

[384] محضر الحرديني، الأخ روكس الكفيفاني، ص73.

[385] محضر الحرديني، الأب مخايل خليفة، ص85.

[386] وهما اللذين صارا بعدئذ الأب مخايل التنوري الشهير، والأب الياس المشمشاني الشهير أيضا، وقد عاشرتهما مدّة، فخبرت فضيلتهما عن قرب"؛ محضر الحرديني، الأب يوسف حصروني، ص100.

[387] محضر الحرديني، الأب يوسف حصروني، ص100.

[388] محضر الحرديني، الأب اغناطيوس المشمشاني، ص95.

[389] محضر الحرديني، الأب يوسف حصروني، ص100.

[390] محضر الحرديني، الأب اغناطيوس المشمشاني، ص95؛ لم يرد اسم رئيس لدير كفيفان من قرطبا سوى أرميا القرطباوي! ورئاسته بين 1853و 1856(رهبان ضيعتنا، ص244).

[391] "مع أنّ الحرديني كان أحد مدبّري الرهبانيّة، في كفيفان، ويقدّم مدخول التجليد لرئيس الدير" (محضر الحرديني، الأب يوسف حصروني، ص99).

[392] محضر الحرديني، الأب يوسف حصروني، ص99.

[393] محضر الحرديني، أوجينيا راهبة لبنانية، ص41، وانظر أيضا الآثار المطويّة، ج1، ص272.

[394] محضر الحرديني، أوجينيا راهبة لبنانية، ص41.

[395] عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص3.

[396] تقرير المتيني، الأب جرمانوس الكفوني، ص52.

[397] عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص3.

[398] سيرة الحرديني، بقلم الكفري، نقلا عن قدّيس كفيفان، ص121.

[399] مسودة عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص8.

[400] محضر الحرديني، القس سمعان إهمج، ص90.

[401] محضر الحرديني، الأب يوسف إهمج، ص83.

[402] عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص3.

[403] سيرة الحرديني، بقلم الكفري، نقلا عن قدّيس كفيفان، ص124.

[404] عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص3.

[405] محضر الحرديني، الأب يوسف إهمج، ص83.

[406] تقرير المتيني، الخوري يوسف سعد، ص41.

[407] سيرة الحرديني، بقلم الكفري، نقلا عن قدّيس كفيفان، ص124.

[408] مسودة عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص8.

[409] عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص3.

[410] تقرير المتيني، الأب جرمانوس الكفوني، ص52.

[411] محضر الحرديني، الخوري لويس داغر، ص82.

[412] محضر الحرديني، الخوري مخايل وهبه، ص69.

[413] محضر الحرديني، الخوري لويس داغر، ص82.

[414] تقرير المتيني، الخوري جرجس البيطار، ص6.

[415] سيرة الحرديني، بقلم الكفري، نقلا عن قدّيس كفيفان، ص124.

[416] محضر الحرديني، الخوري برديوط راشد، ص60.

[417] محضر الحرديني، الأخ روكس الكفيفاني، ص72.

[418] محضر الحرديني، يوسف صادق، ص66.

[419] سيرة الحرديني، بقلم الكفري، نقلا عن قدّيس كفيفان، ص121.

[420] محضر الحرديني، الأخ روكس الكفيفاني، ص72.

[421] محضر الحرديني، الأب يوسف إهمج، ص83.

[422] تقرير المتيني، شهادته، ص3.

[423] محضر الحرديني، أوجينيا راهبة لبنانية، ص40.

[424] مسودة عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص6.

[425] مسودة عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص5.

[426] مسودة عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص6.

[427] محضر الحرديني، القس سمعان إهمج، ص90.

[428] محضر الحرديني، الأب مخايل خليفة، ص85.

[429] محضر الحرديني، القس سمعان إهمج، ص90.

[430] محضر الحرديني، طنّوس أنطون، ص91.

[431] محضر الحرديني، الأخ روكس الكفيفاني، ص72.

[432] محضر الحرديني، يوسف عواد، ص32.

[433] محضر الحرديني، الأخ روكس الكفيفاني، ص72.

[434] محضر الحرديني، الخوري يوسف عدوان، ص76؛ وعواد عواد، ص45؛ وضومط ضومط، ص59.

[435] محضر الحرديني، الأخ روكس الكفيفاني، ص72؛ و محضر الحرديني، طنّوس الصوص، ص56.

[436] محضر الحرديني، الأخ روكس الكفيفاني، ص72.

[437] تقرير المتيني، الأب جرمانوس الكفوني، ص52.

[438] محضر الحرديني، الخوري مخايل وهبه، ص69.

[439] محضر الحرديني، الأب مخايل خليفة، ص85.

[440] محضر الحرديني، الأب اغناطيوس المشمشاني، ص95.

[441] محضر الحرديني، الأب مخايل خليفة، ص85.

[442] محضر الحرديني، الأب اغناطيوس المشمشاني، ص95.

[443] مسودة عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص6.

[444] محضر الحرديني، أوجينيا راهبة لبنانية، ص40.

[445] محضر الحرديني، الأب يوسف حصروني، ص99؛ والقس سمعان إهمج،  ص90.

[446] تقرير المتيني، الأب روفايل البزعوني، ص50.

[447] محضر الحرديني، أوجينيا راهبة لبنانية، ص40.

[448] محضر الحرديني، الأب يوسف حصروني، ص100.

[449] تقرير المتيني، الأب روفايل البزعوني، ص50.

[450] محضر الحرديني، الخوري برديوط راشد، ص60؛ ويوسف صادق، ص66.

[451] محضر الحرديني، طنّوس أنطون، ص91.

[452] محضر الحرديني، الأب مخايل خليفة، ص84.

[453] تقرير المتيني، الأب روفايل البزعوني، ص50.

[454] محضر الحرديني، أوجينيا راهبة لبنانية، ص40.

[455] سيرة الحرديني، بقلم الكفري، نقلا عن قدّيس كفيفان، ص121.

[456] مسودة عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص6.

[457] مسودة عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص5.

[458] دفتر شبلي، الخوري بولس عدوان، ص26. والمائدة هنا تعني أكل الرهبان على الغداء.

[459] محضر الحرديني، الخوري يوسف عدوان، ص75.

[460] محضر الحرديني، الأخ روكس الكفيفاني، ص72.

[461] تقرير المتيني، شهادته، ص2.

[462] تقرير المتيني، شهادته، ص2.

[463] مسودة عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص7.

[464] محضر الحرديني، القس سمعان إهمج، ص90.

[465] عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص3.

[466] محضر الحرديني، ضرغام ضرغام، ص58.

[467] محضر الحرديني، أسعد بليبل، ص47.

[468] سيرة الحرديني، بقلم الكفري، نقلا عن قدّيس كفيفان، ص120.

[469] محضر الحرديني، الخوري برديوط راشد، ص60.

[470] محضر الحرديني، حاتم عيد، ص44.

[471] محضر الحرديني، طنّوس أنطون، ص91.

[472] محضر الحرديني، القس سمعان إهمج حبيس ، ص90.

[473] محضر الحرديني، الأخ روكس الكفيفاني، ص74.

[474] دفتر شبلي، طنّوس الصوص، ص12.

[475] محضر الحرديني، الأخ روكس الكفيفاني، ص74.

[476] محضر الحرديني، الخوري مخايل وهبه، ص70.

[477] عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص3.

[478] مسودة عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص7.

[479] تقرير المتيني، الأب جرمانوس الكفوني، ص52.

[480] محضر الحرديني، طنّوس أنطون، ص91.

[481] دفتر شبلي، ضرغام من عبرين، ص27.

[482] دفتر شبلي، ضوميط من جران، ص27.

[483] دفتر شبلي، شرفا مخول المكاري، ص28.

[484] مسودة عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص 8.

[485] محضر الحرديني، القس سمعان إهمج، ص90.

[486] تقرير المتيني،  القس مخايل تنورين، ص43.

[487] دفتر شبلي، طنّوس الصوص، ص12.

[488] "كانت شرفا المكاري تتردّد إلى الدير بداعي الشغل فيه مع بعض النساء" (دفتر شبلي، شرفا مخول المكاري، ص28)

[489] دفتر شبلي، شرفا مخول المكاري، ص28.

[490] تقرير المتيني، الخوري أنطونيوس يوسف، ص40؛ وسيرة الحرديني، بقلم الكفري، نقلا عن قدّيس كفيفان، ص120.

[491] محضر الحرديني، مريم بو أنطون، ص103.

[492] سيرة الحرديني، بقلم الكفري، نقلا عن قدّيس كفيفان، ص121.

[493] محضر الحرديني، ضرغام ضرغام، ص58.

[494] عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص3.

[495] مسودة عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص 8.

[496] محضر الحرديني، ضرغام ضرغام، ص58.

[497] محضر الحرديني، الخوري برديوط راشد، ص60.

[498] عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص3.

[499] محضر الحرديني، الأب مخايل خليفة، ص87.

[500]  كلمة لاتينيّة تعني كنيسة صغيرة.

[501] محضر الحرديني، شرفا أرملة نخّول الياس، ص53.

[502] محضر الحرديني، شرفا أرملة نخّول الياس، ص54.

[503]  مكان كانوا يدخّنوا فيه شرانق القزّ لتموت، ولتبقى الشرنقة سليمة، ولا تثقبها الفراشة، لاستعمال خيط الحرير دون أن يقطع.

[504] رجحناها كذا

[505] محضر الحرديني، دابلة زوجة حنّا فارس، ص68.

[506] تقرير المتيني، الأب روفايل البزعوني، ص51.

[507] عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص3.

[508] محضر الحرديني، الأخ روكس الكفيفاني، ص74.

[509] محضر الحرديني، القس سمعان إهمج، ص90؛ والأب يوسف إهمج، ص83.

[510] محضر الحرديني، الأب مخايل خليفة، ص86.

[511] محضر الحرديني، الأخ روكس الكفيفاني، ص74.

[512] محضر الحرديني، القس سمعان إهمج، ص90.

[513] سيرة الحرديني، بقلم الكفري، نقلا عن قدّيس كفيفان، ص120.

[514] عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص3.

[515] محضر الحرديني، الأخ روكس الكفيفاني، ص74.

[516] مسودة عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص6.

[517] من تولا البترون، نذر في دير قزحيّا في 8\9\1835، سيم كاهنا في 20\8\1838، وتوفي في دير كفيفان في 31\3\1881؛ رهبان ضيعتنا، ص75.

[518] محضر الحرديني، الخوري مخايل أبي رميا، ص96.

[519] مسودة عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص7.

[520] عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص3.

[521] مسودة عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص8.

[522] سيرة الحرديني، بقلم الكفري، نقلا عن قدّيس كفيفان، ص122.

[523] سيرة الحرديني، بقلم الكفري، نقلا عن قدّيس كفيفان، ص120.

[524] سيرة الحرديني، بقلم الكفري، نقلا عن قدّيس كفيفان، ص122.

[525] عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص3.

[526] سيرة الحرديني، بقلم الكفري، نقلا عن قدّيس كفيفان، ص122.

[527] الأب لويس بليبل، نقلا عن مار نعمةالله، ص186.

[528] سيرة الحرديني، بقلم الكفري، نقلا عن قدّيس كفيفان، ص122.

[529] عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص3.

[530] ترأس على دير طاميش بين 1856 و1859، (رهبان ضيعتنا، ص221).

[531] الأب لويس بليبل، نقلا عن مار نعمةالله، ص185-186.

[532] محضر الحرديني، طنّوس الصوص، ص55.

[533] تقرير المتيني، الخوري أنطونيوس يوسف، ص40.

[534] محضر الحرديني، الأخ روكس الكفيفاني، ص74.

[535] ترجمة الحرديني، ص22.

[536] محضر الحرديني، أوجينيا راهبة لبنانية، ص40.

[537] ترأس على دير كفيفان بين 1865 و1868، (رهبان ضيعتنا، ص244)، يذكر كرم في الأصل سنة 1863-1868، لكنّه يذكر رئاسة الأب بطرس أيضا على دير قزحيّا، سنة 1862-1865(رهبان ضيعتنا، ص218)، فهذا يعني أنّ هناك خظأ مطبعي، كما يتوضّح أيضا عند الأب بيار سعادة، دير الذهب كفيفان في لائحة رؤساء كفيفان بالاستناد إلى دفاتر الحسابات) وذكر كلمة رئيس هنا لا تعود إلى وقت لقائها بالحرديني، بل إلى ما عرف به عمّها لاحقا.

[538] محضر الحرديني، فلومينا أرملة سابا فريفر، ص64-65.

[539] محضر الحرديني، الأخ روكس الكفيفاني، ص74.

[540] محضر الحرديني، الأخ روكس الكفيفاني، ص73.

[541] عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص3.

[542] عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص3.

[543] مسودة عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص6.

[544] سيرة الحرديني، بقلم الكفري، نقلا عن قدّيس كفيفان، ص116.

[545] محضر الحرديني، الأخ روكس الكفيفاني، ص73.

[546] مسودة عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص7.

[547] محضر الحرديني، الأخ روكس الكفيفاني، ص74.

[548] محضر الحرديني، الأب مخايل خليفة، ص85.

[549] محضر الحرديني، الأب مخايل خليفة، ص85.

[550] محضر الحرديني، الأب مرقس معادي، ص78.

[551] محضر الحرديني، الأب مخايل خليفة، ص85.

[552] محضر الحرديني، الأب مرقس معادي، ص78.

[553] محضر الحرديني، الأب مخايل خليفة، ص85؛ والقس بطرس بجدرفل، ص88.

[554] محضر الحرديني، الأب مرقس معادي، ص78.

[555] محضر الحرديني، الأخ روكس الكفيفاني، ص73.

[556] محضر الحرديني، الأب مرقس معادي، ص78.

[557] محضر الحرديني، الأب مخايل خليفة، ص85.

[558] محضر الحرديني، الأخ روكس الكفيفاني، ص73.

[559] محضر الحرديني، الأخ روكس الكفيفاني، ص73.

[560] محضر الحرديني، الأب مرقس معادي، ص78.

[561] بطرس الحكيّم، نقلا عن الطوباوي نعمةالله، ص88.

[562] محضر الحرديني، أوجينيا راهبة لبنانية، ص40.

[563] محضر الحرديني، الأخ روكس الكفيفاني، ص74.

[564] تقرير المتيني، الخوري أنطونيوس يوسف، ص40.

[565] تقرير المتيني، الخوري يوسف سعد، ص41.

[566] تقرير المتيني، الخوري يوسف سعد، ص42.

[567] محضر الحرديني، الأب مرقس معادي، ص78.

[568] محضر الحرديني، الخوري برديوط راشد، ص60.

[569] سيرة الحرديني، بقلم الكفري، نقلا عن قدّيس كفيفان، ص118.

[570] محضر الحرديني، الأب مخايل خليفة، ص84.

[571] محضر الحرديني، الخوري برديوط راشد، ص60.

[572] محضر الحرديني، الأخ روكس الكفيفاني، ص72.

[573] محضر الحرديني، الأخ روكس الكفيفاني، ص74.

[574] مسودة عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص3.

[575] الأب أنطونيوس نعمة، دعوى قداسة شربل 1955، ص214-215.

[576] الأب أنطونيوس شبلي، دعوى قداسة شربل 1955، ص231.

[577] حبيس عنّايا، ص 33.

[578] الأب يوسف إبراهيم الحصروني، محضر فحص قداسة شربل1926، ص110.

[579] الأبّاتي يوحنّا العنداري، دعوى قداسة شربل 1955، ص35.

[580] الأب حنانيّا الجاجي، محضر فحص قداسة شربل1926، ص44.

[581] وكلّ تفاصيل هذه المكتبه تقرأها في مقالة في مجلّة أوراق رهبانيّة، السنة26، العدد77، السنة2004، الأبّاتي الياس خليفة، مصادر الروحانيّة في الرهبانيّة اللبنانيّة المارونيّة، ص5-12.

[582] محضر الحرديني، أسعد بليبل، ص47.

[583] محضر الحرديني، عواد عواد، ص45.

[584] محضر الحرديني، حاتم عيد، ص44؛ في أصل النص الأب نعمةالله الدوّار الذي لم يرد اسمه في رهبان ضيعتنا، لكنّ اسمه ورد مرّة واحدة في مجمع ديري في دير طاميش، في 5\10\1838، لانتخاب وكلاء الأديار للمجمع العام لانتخاب السلطة العامّة؛ (أرشيف المعونات، ط- 590).

[585] سيرة الحرديني، بقلم الكفري، نقلا عن قدّيس كفيفان، ص119.

[586] ترجمة الحرديني، ص21.

[587] محضر الحرديني، الأب الياس إهمج، ص98.

[588] تقرير المتيني، الخوري أنطونيوس يوسف، ص40-41.

[589] عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص3.

[590] تقرير المتيني، الأب روفايل البزعوني، ص50.

[591] سيرة الحرديني، بقلم الكفري، نقلا عن قدّيس كفيفان، ص124.

[592] تقرير المتيني، شهادته، ص3.

[593] مسودة عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص5.

[594] محضر الحرديني، الأب مرقس معادي، ص78.

[595] محضر الحرديني، الأب مرقس معادي، ص78؛ و تقرير المتيني، الخوري أنطونيوس يوسف دريا ، ص41.

[596] سيرة الحرديني، بقلم الكفري، نقلا عن قدّيس كفيفان، ص120.

[597] سيرة الحرديني، بقلم الكفري، نقلا عن قدّيس كفيفان، ص115.

[598] تقرير المتيني، الخوري جرجس البيطار، ص6.

[599] محضر الحرديني، الأب مخايل خليفة ، ص84.

[600] سيرة الحرديني، بقلم الكفري، نقلا عن قدّيس كفيفان، ص115.

[601] مسودة عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص4.

[602] مسودة عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص5- 6.

[603] محضر الحرديني، الأب مخايل خليفة، ص86.

[604] محضر الحرديني، الأب يوسف حصروني، ص100.

[605] محضر الحرديني، الأب يوسف إهمج، ص83.

[606] محضر الحرديني، الأب يوسف حصروني، ص100.

[607] محضر الحرديني، الأب يوسف إهمج، ص83.

[608] تقرير المتيني، القس مخايل تنورين، ص44.

[609] ترجمة الحرديني، ص21.

[610] محضر الحرديني، أوجينيا راهبة لبنانية، ص40.

[611] تقرير المتيني، شهادته، ص3.

[612] سيرة الحرديني، بقلم الكفري، نقلا عن قدّيس كفيفان، ص122.

[613] سيرة الحرديني، بقلم الكفري، نقلا عن قدّيس كفيفان، ص121.

[614] محضر الحرديني، الأخ روكس الكفيفاني، ص73.

[615] كلام فيه بعض المغالات، ربّما الشاهد يتكلّم عن وجوده في كفيفان، لكن في عنّايا دخل غرفة الأب نعمةالله التولاوي ليستدفئ. (راجع الخوري مخايل أبي رميا، محضر الحرديني، ص96)

[616] محضر الحرديني، الأخ روكس الكفيفاني، ص72.

[617] سيرة الحرديني، بقلم الكفري، نقلا عن قدّيس كفيفان، ص123.

[618] محضر الحرديني، الخوري برديوط راشد، ص60.

[619] محضر الحرديني، الأخ روكس الكفيفاني، ص74.

[620] محضر الحرديني، يوسف صادق، ص66.

[621] سيرة الحرديني، بقلم الكفري، نقلا عن قدّيس كفيفان، ص123.

[622] مسودة عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص3.

[623] محضر الحرديني، شرفا أرملة نخّول الياس، ص53.

[624] محضر الحرديني، القس سمعان إهمج، ص90؛ والأخ روكس الكفيفاني، ص74؛ ويوسف صادق، ص66.

[625] محضر الحرديني، الأخ روكس الكفيفاني، ص72.

[626] محضر الحرديني، الأخ روكس الكفيفاني، ص72؛ وأوجينيا راهبة لبنانية، ص41.

[627] محضر الحرديني، طنّوس الصوص، ص56.

[628] رجحنا قراءتها

[629] محضر الحرديني، الأخ روكس الكفيفاني، ص72.

[630] محضر الحرديني، الأب مخايل خليفة، ص87.

[631] ترجمة الحرديني، ص18.

[632] تقرير المتيني، الخوري يوسف سعد، ص42.

[633] ترجمة الحرديني، ص19.

[634] ترجمة الحرديني، ص21.

[635] محضر الحرديني، الأب مرقس معادي، ص78.

[636] محضر الحرديني، الأخ روكس الكفيفاني، ص73.

[637] تقرير المتيني، شهادته، ص3.

[638] محضر الحرديني، طنّوس الصوص، ص55.

[639] لقد وضعت هذه الروايات الثلاث في باب الفرح، للدلالة على غرامه بسر القربان، ولا يوجد مغروم حزين.

[640] الراهب العظيم الشأن في رهبانيّتنا الذي تولّى فيها عدّة مناصب. وكان مشهورا بفضله وعلمه وتقاه. (محضر الحرديني، الأب حنانيّا الجاجي، ص93). عيّن وانتخب مدبّرا عامّا في 1878-1891 و1895-1901 (رهبان ضيعتنا، ص209)

[641] محضر الحرديني، الأب حنانيّا الجاجي، ص93.

[642] محضر الحرديني، ضرغام ضرغام، ص57-58.

[643] محضر الحرديني، الخوري برديوط راشد، ص60.

[644] دفتر شبلي، الخوري مخايل وهبه، ص28-29.

[645] محضر الحرديني، الخوري مخايل وهبه، ص69.

[646] محضر الحرديني، الأب يوسف إهمج، ص83؛ وطنّوس الصوص، ص55.

[647] سيرة الحرديني، بقلم الكفري، نقلا عن قدّيس كفيفان، ص123؛ و محضر الحرديني، الأخ روكس الكفيفاني، ص73.

[648] سيرة الحرديني، بقلم الكفري، نقلا عن قدّيس كفيفان، ص123.

[649] محضر الحرديني، الأب يوسف إهمج، ص83.

[650] تقرير المتيني، الخوري يوسف سعد، ص42.

[651] تقرير المتيني، الأب روفايل البزعوني، ص50.

[652] محضر الحرديني، الأخ روكس الكفيفاني، ص73.

[653] تقرير المتيني، الأب روفايل البزعوني، ص51.

[654] سيرة الحرديني، بقلم الكفري، نقلا عن قدّيس كفيفان، ص123.

[655] سيرة الحرديني، بقلم الكفري، نقلا عن قدّيس كفيفان، ص123.

[656] مسودة عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص3.

[657] تقرير المتيني، الخوري جرجس البيطار، ص6.

[658] مسودة عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص4.

[659] مسودة عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص3.

[660] تقرير المتيني، الأب روفايل البزعوني، ص50.

[661] دفتر شبلي، البرديوط نعمةالله راشد، ص28.

[662] محضر الحرديني، طنّوس الصوص، ص55؛ ودفتر شبلي، ضوميط من جران، ص27.

[663] دفتر شبلي، ضرغام من عبرين، ص27.

[664] دفتر شبلي، فلومينا فريفر، ص27.

[665] محضر الحرديني، الخوري يوسف عدوان، ص75.

[666] محضر الحرديني، طنّوس الصوص، ص55.

[667] محضر الحرديني، الأب يوسف إهمج، ص83.

[668] محضر الحرديني، الأخ روكس الكفيفاني، ص73.

[669] محضر الحرديني، الأب مخايل خليفة، ص84.

[670] محضر الحرديني، الخوري راشد، ص60.

[671] محضر الحرديني، الأب مخايل خليفة، ص84.

[672] دفتر شبلي، الخوري بولس عدوان، ص26.

[673] محضر الحرديني، الأب مرقس معادي، ص78؛ والأب يوسف حصروني، ص99-100؛ وتقرير المتيني، الأب روفائيل البزعوني، ص5.

[674] محضر الحرديني، الخوري برديوط راشد، ص60.

[675] محضر الحرديني، شرفا أرملة نخّول الياس، ص53.

[676] سيرة الحرديني، بقلم الكفري، نقلا عن قدّيس كفيفان، ص117.

[677] عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص3.

[678] سيرة الحرديني، بقلم الكفري، نقلا عن قدّيس كفيفان، ص117-118.

[679] عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص3.

[680] عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص3.

[681] مسودة عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص3.

[682] عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص3.

[683] سيرة الحرديني، بقلم الكفري، نقلا عن قدّيس كفيفان، ص118.

[684] محضر الحرديني، الأب مخايل خليفة، ص84.

[685] محضر الحرديني، الأب مرقس معادي، ص78.

[686] أنظر ترجمة الحرديني، ص22.

[687] أنظر ترجمة الحرديني، ص23.

[688] ترجمة الحرديني، ص22-23.

[689] تقرير المتيني، الخوري أنطونيوس يوسف، ص41.

[690] عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص3.

[691] عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص3.

[692] ترجمة الحرديني، ص21.

[693] عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص3.

[694] تقرير المتيني، الخوري أنطونيوس يوسف، ص40.

[695] محضر الحرديني، القس بطرس بجدرفل، ص88.

[696] عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص2.

[697] محضر الحرديني، الأخ روكس الكفيفاني، ص73.

[698] سيرة الحرديني، بقلم الكفري، نقلا عن قدّيس كفيفان، ص117.

[699] محضر الحرديني، الأخ روكس الكفيفاني، ص73.

[700] سيرة الحرديني، بقلم الكفري، نقلا عن قدّيس كفيفان، ص117.

[701] مسودة عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص5.

[702] محضر الحرديني، الأخ روكس الكفيفاني، ص73.

[703] محضر الحرديني، الأخ روكس الكفيفاني، ص73.

[704] محضر الحرديني، الأخ روكس الكفيفاني، ص73.

[705] سيرة الحرديني، بقلم الكفري، نقلا عن قدّيس كفيفان، ص119.

[706] عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص2.

[707] سيرة الحرديني، بقلم الكفري، نقلا عن قدّيس كفيفان، ص119.

[708] محضر الحرديني، أوجينيا راهبة لبنانية، ص40؛ عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص3.

[709] سيرة الحرديني، بقلم الكفري، نقلا عن قدّيس كفيفان، ص119.

[710] رجحنا قراءة هاتين الكلمتين كذا، والمعنى قريب.

[711] محضر الحرديني، الأب مخايل خليفة، ص86.

[712]  نقلا عن الطوباوي نعمةالله، صلاة المساء والصباح ونصف النهار والقدّاس والزيّاح، الكسليك، لبنان، 1998، ص101.

[713] نوع من حقائب كانت توضع على ظهر الحمار ويوضع فيها الأغراض على الجهتين للتوازن.

[714] محضر الحرديني، الأب مخايل خليفة، ص86.

[715] محضر الحرديني، الأخ روكس الكفيفاني، ص73.

[716] محضر الحرديني، الخوري مخايل وهبه، ص69.

[717] محضر الحرديني، الأخ روكس الكفيفاني، ص73.

[718] محضر الحرديني، الخوري مخايل وهبه، ص69.

[719] محضر الحرديني، الأخ روكس الكفيفاني، ص73.

[720] مسودة عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص4.

[721] عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص2.

[722] سيرة الحرديني، بقلم الكفري، نقلا عن قدّيس كفيفان، ص116.

[723] محضر الحرديني، الأخ روكس الكفيفاني، ص73.

[724] مسودة عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص4.

[725] محضر الحرديني، نعجة أرملة ديب نهرا، ص71.

[726] دفتر شبلي، ص16-17.

[727] عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص2.

[728] مسودة عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص2.

[729] مسودة عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص4.

[730] مسودة عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص6.

[731] سيرة الحرديني، بقلم الكفري، نقلا عن قدّيس كفيفان، ص116.

[732] مسودة عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص3.

[733] أبرز نذوره مع شربل في عنّايا في 1\11\1853 (رزنامة عنّايا، ص8)، وتوفّي أخا عاملا، في دير كفيفان سنة 1896، (رهبان ضيعتنا، ص126)

[734] محضر الحرديني، الأخ روكس الكفيفاني، ص73.

[735] ترجمة الحرديني، ص25.

[736] محضر الحرديني، الأخ روكس الكفيفاني، ص73.

[737] ترجمة الحرديني، ص25-26.

[738] محضر الحرديني، الأخ روكس الكفيفاني، ص73؛ والأب يوسف إهمج، ص83؛ والأب مخايل خليفة، ص85؛ وطنّوس أنطون، ص91؛ والأب حنانيّا الجاجي، ص93؛ وتقرير المتيني، القس مخايل تنورين، ص43؛ والخوري عبدالله عواد، ص8؛ وسيرة الحرديني، بقلم الكفري، نقلا عن قدّيس كفيفان، ص117.

[739] محضر الحرديني، الأب اغناطيوس المشمشاني، ص95.

[740] ترجمة الحرديني، ص26.

[741] توفّي في عنّايا، في 27\2\1879، (رهبان ضيعتنا، ص187).

[742] محضر الحرديني، القس سمعان إهمج، ص90.

[743] تقرير المتيني، القس مخايل تنورين، ص43.

[744] محضر الحرديني، ضومط ضومط، ص59.

[745] محضر الحرديني، الخوري برديوط راشد، ص60.

[746] محضر الحرديني، يوسف صادق، ص66؛ ومحضر الحرديني، فلومينا أرملة سابا فريفر، ص65.

[747] محضر الحرديني، الأخ روكس الكفيفاني، ص73.

[748] ترأس على دير كفيفان أول مرة بين 1865 و1868! (رهبان ضيعتنا، ص244) بعد وفاة الحرديني! وحسب شهادة الخوري قد ولد سنة 1874(محضر الحرديني، الخوري برديوط راشد، ص59)، هذا يعني، على الأرجح، أنّ الحادثة تمّت في أواخر حياة الحرديني!

[749] محضر الحرديني، الخوري برديوط راشد، ص60؛ و دفتر شبلي، البرديوط نعمةالله راشد، ص28.

[750] عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص2.

[751] عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص2.

[752] محضر الحرديني، الأخ روكس الكفيفاني، ص72.

[753] تقرير المتيني، الخوري أنطونيوس يوسف، ص41.

[754] كانت يومها العادة أن يقدّس الكهنة كلّ بمفرده الواحد بعد الآخر، إذا لم يكن في المدرسة سوى مذبح واحد؛ أو كلّ واحد على مذبح بمفرده، إذا وجد في الكنيسة عدّة مذابح، وأحيانا في الوقت نفسه. (الأب الحبيس يوحنّا الخوند).

[755] تقرير المتيني، الأب روفايل البزعوني، ص50.

[756] تقرير المتيني، الخوري جرجس البيطار، ص6.

[757] مسودة عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص4.

[758] تقرير المتيني، الخوري أنطونيوس يوسف، ص41.

[759] سيرة الحرديني، بقلم الكفري، نقلا عن قدّيس كفيفان، ص117.

[760] محضر الحرديني، الأخ روكس الكفيفاني، ص73.

[761] دفتر شبلي، طنّوس الصوص، ص11.

[762] الخوري مخايل رميا، محضر الحرديني، ص97.

[763] دفتر شبلي، الخوري بولس عدوان، ص26.

[764] مسودة عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص4.

[765] محضر الحرديني، ضومط ضومط، ص58؛ وتقرير المتيني، الخوري يوسف سعد، ص42.

[766]  محضر الحرديني، الخوري برديوط راشد، ص60.

[767] محضر الحرديني، الخوري برديوط راشد، ص60.

[768] سيرة الحرديني، بقلم الكفري، نقلا عن قدّيس كفيفان، ص115.

[769] محضر الحرديني، الأخ روكس الكفيفاني، ص73.

[770] تقرير المتيني، الأب روفايل البزعوني، ص50.

[771] محضر الحرديني، الأخ روكس الكفيفاني، ص73.

[772] محضر الحرديني، الأب مرقس معادي، ص78.

[773]  أي شبيه بالاحتفال بالقداس في مديوغوريه كما طلبت العذراء مريم، أي صلاة الورديّة قبل القداس، ويبقى القدّاس ساعة، والشكر بعده وزيّاح القربان وغيره من صلوات الشكر ساعة.

[774] محضر الحرديني، الخوري يوسف عدوان، ص75.

[775] محضر الحرديني، ضومط ضومط، ص58.

[776] تقرير المتيني، الأب روفايل البزعوني، ص50؛ والقس مخايل تنورين، ص43.

[777] تقرير المتيني، القس مخايل تنورين، ص43.

[778] تقرير المتيني،  الأب روفايل البزعوني، ص50؛ و تقرير المتيني، القس مخايل تنورين، ص43.

[779] محضر الحرديني، الأخ روكس الكفيفاني، ص74.

[780] محضر الحرديني، الأب مخايل خليفة، ص85.

[781] محضر الحرديني، الأخ روكس الكفيفاني، ص74.

[782] محضر الحرديني، طنّوس الصوص، ص55.

[783] دفتر شبلي، طنّوس الصوص، ص11.

[784] محضر الحرديني، طنّوس الصوص، ص55.

[785] دفتر شبلي، طنّوس الصوص، ص11.

[786] محضر الحرديني، طنّوس الصوص، ص55.

[787] محضر الحرديني، ضومط ضومط، ص59.

[788] محضر الحرديني، دابلة زوجة حنّا فارس، ص68.

[789] محضر الحرديني، الخوري برديوط راشد، ص61.

[790] تقرير المتيني، الخوري أنطونيوس يوسف، ص40.

[791] تقرير المتيني، الخوري يوسف سعد، ص42.

[792] تقرير المتيني، الأب روفايل البزعوني، ص50.

[793] محضر الحرديني، الأب مخايل خليفة، ص87.

[794] تقرير المتيني، الأب روفايل البزعوني، ص50-51؛ وأنظر محضر الحرديني، الخوري برديوط راشد، ص60.

[795] تقرير المتيني، الأب روفايل البزعوني، ص50.

[796] تقرير المتيني، الخوري عبدالله عواد، ص8.

[797] محضر الحرديني، الأب مرقس معادي، ص78.

[798] دفتر شبلي، فلومينا فريفر، ص27.

[799] سيرة الحرديني، بقلم الكفري، نقلا عن قدّيس كفيفان، ص123-124.

[800] الأب لويس بليبل، نقلا عن مار نعمةالله، ص182.

[801] محضر الحرديني، الأخ روكس الكفيفاني، ص73.

[802] محضر الحرديني، الخوري مخايل أبي رميا، ص97.

[803] الأب لويس بليبل، نقلا عن مار نعمةالله، ص182-183.

[804] الطوباوي نعمةالله، ص105.

[805] محضر الحرديني، الأب يوسف حصروني، ص100.

[806] محضر الحرديني، الأب مخايل خليفة، ص86.

[807] مسودة عريضة التنوري لتطويب الحرديني، ص7.

[808] محضر الحرديني، الأب مخايل خليفة، ص86.

[809] محضر الحرديني، الأب يوسف حصروني، ص100.

 

 

pure software code