القصف الأمريكي
بعد الحرب كان مايقارب 98% من الأراضي اللبنانية
تحت سيطرة وحماية قوات متعددة الجنسية وميليشيات
لبنانية مختلفة وكانت
الحكومة اللبنانية مهيمنة فقط على
بيروت وضواحيها. في عام 1983 كان هناك 30,000
جندي إسرائيلي في الجنوب اللبناني وكان شرق وشمال
لبنان تحت سيطرة 40,000 جندي
سوري و 10,000 مقاتل
فلسطيني، بالإضافة إلى هذه الأرقام كان هناك
10,000 جندي تابعين لقوات
الأمم المتحدة من
الولايات المتحدة
وإيطاليا
وبريطانيا
وفرنسا.
تدريجيا أصبحت القوات المتعددة الجنسية مستهدفة
بشكل يومي وفي 19
سبتمبر 1983 وفي خطوة مثيرة للجدل قامت البارجات
الأمريكية بقصف معاقل القوات
الدرزية في
سوق الغرب علما ان
المارينز المرابطين حول
بيروت والبالغ عددهم 1,600 لم يتعرضوا لاستهداف
مباشر لحين تلك اللحظة ولكن الأمر تغير بعد ذلك القصف
الذي قام به بارجتان أمريكيتان وأصبح المارينز بعد ذلك
مستهدفين في عمليات إطلاق نار بالقناصات من قبل أطراف
مجهولة، وبحلول شهر نوفمبر 1983 تم قتل 6 من المارينز.
تفجير السفارة الأمريكية في بيروت
في 18
ابريل 1983 اقتربت
سيارة مفخخة من سفارة
الولايات المتحدة في
بيروت وحدث انفجار هائل أدى إلى
تدمير كامل للقسم المركزي للبناية
.
وتسبب الانفجار في سقوط 60 قتيلا
بينهم 17 أمريكيا و 100 جريح، تبنت
منظمة الجهاد الإسلامي مسؤوليتها
عن الحادث
ويلقي الكثيرين بالمسؤولية الرئيسية
في تنظيم الانفجار إلى
عماد فايز مغنية وتم لاحقا توجيه
التهمة إلى مغنية بضلوعه في التخطيط
لتفجير سيارة مفخخة في حاجز عسكري
مشترك للمارينز والقوات الفرنسية في 23
أكتوبر 1983 والذي أدى إلى مصرع 58
جنديا
فرنسيا و 241 من
المارينز
وتم اتهامه أيضا بتخطيطه
لاختطاف طائرة تي دبليو أي الرحلة 847
في 14
يوليو 1985 والتي كانت متوجهة من
روما إلى
بوسطن. |
|
كانت السيارة المفخخة التي دمرت السفارة مجهزة
بحوالي 180 كغم من المتفجرات وكانت السيارة حسب تقارير
وكالة المخابرات الأمريكية قد تمت سرقتها قبل عام
واحد من السفارة الأمريكية وكانت تحمل شارة السفارة
واستطاع سائقها لهذا السبب من الدخول بسهولة إلى مرآب
السفارة. كان من بين القتلى الأمريكيين 8 موظفين
لوكالة المخابرات الأمريكية وكان تفجير السفارة حسب
تصريحات الجهة المنفذة ردة فعل على
مذبحة صبرا وشاتيلا. بعد حادثة تفجير السفارة تم
نقل البعثة الدبلوماسية الأمريكية إلي بيروت الشرقية
ولكن الموقع الجديد تعرض إلى استهداف بسيارة مفخخة
أخرى في
20 سبتمبر
1984 وقتلت في هذه المرة أمريكيان و 20 لبنانيا.
اتفاق 17 أيار
مع اقتراب نهاية
كانون الأول/ديسمبر
1982 دخل
لبنان في محادثات مع
إسرائيل وبوساطة
الولايات المتحدة لغرض التوصل إلى نوع من التطبيع
في العلاقات وإيجاد آلية لانسحاب
الجيش الإسرائيلي من لبنان مع ضمانات بعدم تعرض
الحدود الشمالية لإسرائيل لهجمات من قبل
منظمة التحرير الفلسطينية وبعد مفاوضات ومحادثات
إتسمت بالصعوبة واستغرقت 6 أشهر توصل الطرفان إلى ما
سمي باتفاق 17 أيار أو "اتفاق جلاء القوات
الإسرائيلية" حيث وافق الطرفان بإنهاء حالة
الحرب التي كانت قائمة بين الدولتين منذ قيام دولة
إسرائيل في عام 1948 بالرغم من إصرار إسرائيل على
توقيع اتفاقية سلام رسمية إلا أن لبنان اكتفى باتفاقية
"عدم الحرب" حيث كانت القيادة اللبنانية
متخوفة من عزلة مع بقية
العالم العربي إن وقعت على اتفاقية سلام مشابهة
للعزلة التي حدثت
لمصر عقب
اتفاقية كامب ديفيد.
نصت الاتفاقية على انسحاب
الجيش الإسرائيلي في غضون 8 - 12 أسابيع بشرط ان
تقوم
سوريا ومنظمة التحرير بالانسحاب أيضا. بالرغم من
عدم تشكيل علاقات
دبلوماسية على مستوى السفارات بين لبنان
وإسرائيل إلا أن الطرفان وافقا على وجود هيئات
دبلوماسية للدولتين على أراضي الآخر. من النقاط
المثيرة للجدل في ذلك الاتفاق كان تشكيل حزام أمني
إسرائيلي في جنوب لبنان يتواجد فيه اقل من 4,341
جندي من كلا الجيشين اللبناني والإسرائيلي مع
تعاون مستمر بين الجيشين على هيئة دوريات مشتركة. من
النقاط الحساسة في ذلك الاتفاق كان وضع الرائد
سعد حداد
وجيش لبنان الجنوبي فبالرغم من أن الاتفاقية لم
تذكر الرائد حداد بالاسم إلا أنها نصت على قبول حماية
الحزام الأمني من قبل "قوات محلية". وقع عن
لبنان السفير أنطوان فتال بينما وقع ديفيد كمحي رئيس
الوفد الإسرائيلي كما وقع أيضا المندوب الأميركي موريس
درايبر على هذه الوثيقة. وافق
البرلمان اللبناني على هذه الوثيقة بالأكثرية
المسيحية حيث عارضه نائبان فقط من الطائفة المسيحية مع
غياب كامل للشيعة والسنة وفي إسرائيل وقعت
الكنيست على الاتفاق. بقيت هذه الاتفاقية مجرد حبر
على الورق حيث لم ينسحب الجيش الإسرائيلي من الأراضي
اللبنانية واعتبر الرئيس السوري
حافظ الأسد بقاء إسرائيل في الجنوب اللبناني
منافيا لمبادئ سيادة لبنان وخطرا على أمن
سوريا.
السرقات
قامت قوات الاحتلال الإسرائيلية بعمليات سرقة منظمة
ومثبته من خلال لجان التحقيق التابعة للأمم المتحدة،
مما تم سرقته: مجموعة ضخمة من من الرسوم الزيتية
الفنية والتراث الثقافي من قصر الأونيسكو، اللوحات
الفنية من الجامعة اللبنانية، جميع المعدات والأجهزة
من كلية العلوم في الجامعة اللبنانية، أرشيف جريدة
النهار، ومكتبة مركز الأبحاث في منظمة التحرير
الفلسطينية.
حرب الجبل
في أغسطس 1983 انسحبت إسرائيل من جبل الشوف
مزيلة الفاصل ما بين الدروز والمسيحيين لتندلع
معارك عنيفة ودامية بين الحزب التقدمي
الاشتراكي، مدعوماً من بعض القوى الفلسطينية،
من جهة والقوات اللبنانية والجيش اللبناني من
جهة أخرى. ارتفعت بسرعة وتيرة المعارك على
مختلف الجبهات لترتفع معها أعداد القتلى بسرعة
هائلة إذ كان يسقط مئات المقاتلين من الطرفين
كل بضعة أيام. اعتبرت حرب الجبل إحدى أعنف
فصول الحرب اللبنانية. انتهت المعارك بهزيمة
مدوية للقوات اللبنانية وانسحاب المقاتلين
المسحيين إلى بلدة دير القمر ومن ثم إلى بيروت
الشرقية. ارتكبت مجازر متبادلة من الطرفين
وسقط المئات من الأبرياء.
من نتائج حرب الجبل أنها فتحت الطريق
للمقاومة نحو الجنوب وأصبح السوريون قادرين
على تسليح المقاومة كما أنها أدت إلى بداية
سقوط اتفاق 17 أيار. لم تدم سيطرة الحزب
الاشتراكي على مدينة سوق الغرب التي عاد وسيطر
عليه الجيش اللبناني وبقيت سوق الغرب منطقة
صراع حتى دخول الجيش السوري إليها وانتهاء
الحرب الأهلية اللبنانية.
رد الفعل الشعبي ومونديال 1982
تزامن حصار بيروت مع انطلاق
كأس العالم لكرة القدم 1982 في
إسبانيا. والذي شهد دخول دولتين عربيتيين هما
منتخب الكويت لكرة القدم
والجزائر. وبدأ حصار وقصف الميليشيات وإسرائيل
لبيروت يوم
13 يونيو
1982 وهو نفس اليوم الذي لُعبت به أول مبارة في
المونديال بين
الأرجنتين
وبلجيكا. يعتقد الكثير بأن اختيار توقيت الاجتياح
بالتزامن مع مونديال 1982 كان ضمن ترتيبات الاجتياح.
انشغل العالم العربي وقتها بالإحداث المتسارعة في
المونديال،
فالجزائر فازت على
منتخب ألمانيا لكرة القدم 2-1 في 16
يونيو، وعلى تشيلي في 24 يونيو.
وفهد الأحمد الصباح رئيس
الإتحاد الكويتي لكرة القدم آنذاك، قام بتعطيل
مبارة
الكويت
ومنتخب فرنسا لكرة القدم في
21 يونيو محتجا على هدف رابع سجلته فرنسا في شباك
الكويت بعد أن نزل إلى أرض الملعب لمدة سبع دقائق،
واضطر الحكم الروسي ميروسلاف ستوبار لإلغاء الهدف. قام
الاتحاد الدولي لكرة القدم بتغريم الأمير فهد مبلغ
8000
جنيه إسترليني بسبب تدخله. وايقاف الحكم وعدم
إسناد باقي مبارياته له.
يذكر
جورج حاوي الصدمة برد الفعل العربي الشعبي فيقول:
"عدما يزداد القصف يزداد التحدي، ويخيل الآن أن
العالم سيهتز إن بيروت تحترق، إن قذيفة قد دخلت ملجأ
في برج البراجنة فقتلت 75 أو أكثر بريئاً، الآن العالم
سيهتز، شوارع
الجزائر ستنزل بها المظاهرات، فإذا بنا نفاجأ
أن المظاهرة كانت تعمل لفريق الجزائر الذي انتصر على
ألمانيا في
كرة القدم."
العودة السورية
الى لبنان
1983
عقب
الاجتياح الإسرئيلي، سحب السوريون قواتهم إلى
البقاع في صيف 1982 مع خروج القوات الفلسطينية.
وفي 6 شباط 1983 حصلت انتفاضة 6
شباط/فبراير التي قادها رئيس
حركة امل نبيه
بري ورئيس
الحزب التقدمي الاشتراكي
وليد جنبلاط عام 1984 ضد
اتفاق
17 أيار. وعادت الفوضى إلى لبنان بالمعارك الجانبية بين الحلفاء
والأعداء مثل معارك أمل ضد الفلسطينيين وحزب
الله ومعارك أمل والاشتراكيين ضد
المرابطون ومعارك امل مع الاشتراكيين مما جعل عودة
القوات السورية مطلوبة فدخلت القوات السوري كقوى ردع
عام
1983 لإعادة الهدوء إلى المناطق الغربية من بيروت
والجبل.
ملاحظة:
تهجر الفلسطنيون كشعب منذ 1948، واستقبلوا
بالترحاب في الاردن ولبنان وغيره.
لكن منذ 1968 ظهر للعلن العمل العسكري الفلسطيني
المناضل للعودة الى فلسطين. لكن النضال ثمنه مال، فبدل
ان تكون الحركات الفلسطينية امينة لهدف العودة، راحت
هذه المجموعات العسكرية الفلسطينية الارتهان سياسيا
وعقائيديا للدول العربية التي تمولها ماديا، فوقع
الانشقاق في صفوفها وبدل ان تتوجه ببندقيتها الى
الداخل الفلسطيني لتحرير ارضها، توجهت ببندقيتها الى
صدر الشعوب التي احتضنتها من الاردن الى لبنان وغيرها
من البلدان. بسبب الرغبة للارتهان لمشروع الدولة
العربية التي تمولها.
فالفلسطيني الذي اضاع البوصلة بنفسه، بوصلة قضيته.
فمن ياب التعجب القول ان الفلسطيني مظلوم من العالم
العربي!
بل الحري القول ان الفلسطيني باع قضيته لسوق النخاسة
العربية بخلافاتها.
واليوم في 2019، مازال الفلسطيني والعربي والمسلم يعيش
الغوغائية والاحدية والسعي لالغاء الاخر اين كان. فلو
خوف الواحد من الاخر لكانت شريعة الالغاء مشتعلة.