الإنجيل اليوميّ   -      يا ربّ، إِلى مَن نَذهَب وكَلامُ الحَياةِ الأَبَدِيَّةِ عِندَك ؟ (يوحنا 6: 68) التقويم الماروني
  الرئيسية  

1 الى 15، من شهرنيسان 2023
 

الإنجيل اليومي   -     التقويم الماروني  

 

شرح \ تقيم

1- سبت إحياء إلعازر
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 11-1:12.57-55:11
  «فعَبِقَ البَيتُ بِالطِّيب»
      
أوريجينُس (نحو 185 - 253)، كاهن ولاهوتيّ
2- أحد الشعانين
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 22-12:12
  «هُوشَعْنا! تباركَ الآتي باسم الربّ! تباركَ ملكُ إسرائيل!» (يو 12: 13)
      
للقدّيس أندراوس الكريتيّ (660 - 740)، راهب وأسقف
3- الاثنين من أسبوع الآلام
                                          حازقيال النبيّ , اشعيا النبيّ
  «لِماذا لم تُؤمِنوا بِه؟»
      
للقدّيس كيرِلُّس (313 - 350)، بطريرك أورشليم وملفان الكنيسة
4- الثلاثاء من أسبوع الآلام
                                          إنجيل القدّيس لوقا 30-22:13
   
5- الأربعاء من أسبوع الآلام      
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 54-47:11
  «فَتَنَبَّأَ أَنَّ يسوعَ سيَموتُ عَنِ الأُمَّة، ولَيسَ عنِ الأُمَّةِ فَحَسبُ، بَل لِيَجمَعَ في الوَحدَةِ شَمْلَ أَبناءِ اللهِ أَيضاً»
      
للقدّيس بروسبير الأكيتاني (؟ - حوالي 460)، لاهوتي علماني
6- خميس الأسرار
                                          إنجيل القدّيس لوقا 23-1:22
  «ولكِنْ، هَا هِيَ يَدُ الَّذي يُسْلِمُنِي مَعِي عَلى المَائِدَة»
      
للقدّيسة تيريزيا الكالكوتيّة (1910 - 1997)، مؤسِّسة الأخوات مرسلات المحبّة
7- يوم الجمعة العظيمة
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 37-31:19
  «وأَنا إِذا رُفِعتُ مِنَ الأَرض جَذَبتُ إِلَيَّ النَّاسَ أَجمَعين» (يو 12: 32)
      
عظة منسوبة للقدّيس أفرام السريانيّ (نحو 306 - 373)، شمّاس في سوريا
8- سبت النور
                                          إنجيل القدّيس متّى 66-62:27
  «عِندَكُم حَرَس، فاذهبوا واحفَظوه كما تَرَون»
      
الخورأسقف الأنطوني ميشال حايك
9- أحد القيامة الكبير    (9 نيسان)
                                          إنجيل القدّيس مرقس 8-1:16
  «هذا هو اليوم الذي صنعَه الربّ، فلنَبتهج ونفرح فيه» (مز 118[117]: 24)
      
بروكلس القسطنطينيّ (حوالى 390 - 446)، أسقف
10- الاثنين من أسبوع الحواريّين
                                          إنجيل القدّيس مرقس 14-9:16
  «فَوبَّخَهُم بِعَدَمِ إِيمانِهِم وقَساوَةِ قُلوبِهم»
      
للقدّيس يوحنّا الصليب (1542 - 1591)، راهب كرمليّ وملفان الكنيسة
11- الثلاثاء من أسبوع الحواريّين
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 14-1:21
   
12- الأربعاء من أسبوع الحواريّين   
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 25-15:21
  «يا سِمْعانُ بنَ يونا، أَتُحِبُّني أَكثَرَ مِمَّا يُحِبُّني هؤلاء؟ »
      
للقدّيس يوحنّا بولس الثاني (1920 - 2005)، بابا روما
13- الخميس من أسبوع الحواريّين
                                          إنجيل القدّيس مرقس 18-15:16
  «اِذهَبوا في العالَمِ كُلِّه، وأَعلِنوا البِشارَةَ إِلى الخَلْقِ أَجمَعين» (مر 16: 15)
      
للقدّيس خوسيه ماريا إسكريفا دي بالاغير (1902 - 1975)، كاهن ومؤسّس
14- يوم الجمعة من أسبوع الحواريّين
                                          إنجيل القدّيس لوقا 45-36:24
  «ما بالُكم مُضطَرِبين، ولِمَ ثارَتِ الشُّكوكُ في قُلوبِكم؟»
      
للقدّيس أوغسطينُس (354 - 430)، أسقف هيبّونا (إفريقيا) وملفان الكنيسة
15- السبت من أسبوع الحواريّين
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 25-19:20
  «السَّلامُ علَيكم! كما أَرسَلَني الآب أُرسِلُكم أَنا أَيضاً»
      
البابا فرنسيس
 
 
15    السبت من أسبوع الحواريّين     -     إنجيل القدّيس يوحنّا 25-19:20    
 
    إنجيل القدّيس يوحنّا 25-19:20 
 

في مَسَاءِ ذلِكَ اليَوم، يَوْمِ الأَحَد، كَانَ التَّلامِيذُ مُجْتَمِعِين، والأَبْوَابُ مُغْلَقَةٌ خَوفًا مِنَ اليَهُود، فَجَاءَ يَسُوعُ ووَقَفَ في الوَسَطِ وقَالَ لَهُم: «أَلسَّلامُ لَكُم!».

قَالَ هذَا وأَرَاهُم يَدَيْهِ وجَنْبَهُ. فَفَرِحَ التَّلامِيذُ حِينَ رَأَوا الرَّبّ.

فَقَالَ لَهُم ثَانِيَةً: «أَلسَّلامُ لَكُم! كَمَا أَرْسَلَنِي الآب، أُرْسِلُكُم أَنَا أَيْضًا».

قَالَ هذَا ونَفَخَ فِيهِم وقَالَ لَهُم: «خُذُوا الرُّوحَ القُدُس.

مَنْ غَفَرْتُم خَطَايَاهُم غُفِرَتْ لَهُم، ومَنْ أَمْسَكْتُم خَطَايَاهُم أُمْسِكَتْ عَلَيْهِم».

أَمَّا تُومَا، أَحَدُ الٱثْنَي عَشَر، المُلَقَّبُ بِٱلتَّوْأَم، فَلَمْ يَكُنْ مَعَهُم حِينَ جَاءَ يَسُوع.

فَقَالَ لَهُ التَّلامِيذُ الآخَرُون: «لَقَدْ رَأَيْنَا الرَّبّ!». فَقَالَ لَهُم: «مَا لَمْ أَرَ أَثَرَ المَسامِيرِ في يَدَيْه، وأَضَعْ إِصْبَعِي في مَوْضِعِ المَسَامِير، وأَضَعْ يَدِي في جَنْبِهِ، لَنْ أُؤْمِن!».


 

«السَّلامُ علَيكم! كما أَرسَلَني الآب أُرسِلُكم أَنا أَيضاً»
البابا فرنسيس،
الإرشاد الرّسولي "فرح الإنجيل (Evangelii Gaudium)"، الأعداد 259 - 261

 

مُبَشِّرون "لديهم الرُّوح" يعني مبشّرون ينفتحون بلا خوف على عمل الرُّوح القدس. في يوم العنصرة، يجعل الرُّوحُ الرُسُلَ يخرجون من أنفسهم ويحوّلهم إلى مبشّرين بعظائم الله، الّتي صار كلّ واحد يفهمها بلغته الخاصّة. بالإضافة إلى ذلك، ينفخ الرُّوح القدس القوّة لإعلان البشارة الجديدة بجرأة، بصوت عالٍ، في كلّ زمان وفي كلّ مكان، وحتّى في عكس التيّار. فلنستدعِهِ اليوم، معتمدين على الصّلاة التي بدونها كلّ عمل معرّض لخطر أن يكون باطلاً، والبشارة، في النهاية، لنقص الرُّوح. إنّ الرّب يسوع يريد مبشّرين يعلنون البُشرى السّارّة ليس فقط بكلامهم، بل خاصّةً بحياتهم المتجلّية بحضور الله...

عندما نقول إنّ لشيء ما "روحًا"، هذا يعني عادةً أسبابًا داخليّة تدفع وتحرّك وتشجّع وتعطي معنًى للعمل الشخصيّ والجَماعيّ. التبشير "مع الرُّوح" مختلف تمامًا عن مجموعة أعمال نعيشها كواجب ثقيل يقع على عاتقنا أو علينا أن نتحمّله كأمر يعاكس رغباتنا الخاصّة. كم أودّ أن أجد الكلمات لتشجيع زمنَ تبشيرٍ أكثر تقوى وفرحًا وسخاءً وجرأةً، مليئًا بحبّ عميق وبحياة مُعدِيَة! لكنّي أعلم أنّ أيّ تحفيز لن يكون كافيًا إذا كانت نار الرُّوح غير مشتعلة في القلوب. في النهاية، إنّ التبشير مع الرُّوح هو تبشير مع الرُّوح القدس، لأنّه روح الكنيسة المبشِّرة... أستدعي الرُّوح القدس مرّةً أخرى، طالبًا منه أن يأتي ليُجدّد ويحرّك ويدفع الكنيسة إلى الخروج بجرأة من ذاتها، لتبشّر جميع الشعوب.

 
 
14    يوم الجمعة من أسبوع الحواريّين     -     إنجيل القدّيس لوقا 45-36:24    
 
    إنجيل القدّيس لوقا 45-36:24 
 

فِيمَا الرُسُلُ يَتَكَلَّمُونَ بِهذَا، وَقَفَ يَسُوعُ في وَسَطِهِم، وقَالَ لَهُم: «أَلسَّلامُ لَكُم!».

فٱرْتَاعُوا، وٱسْتَوْلى عَلَيْهِمِ الخَوْف، وكَانُوا يَظُنُّونَ أَنَّهُم يُشَاهِدُونَ رُوحًا.

فقَالَ لَهُم يَسُوع: «مَا بَالُكُم مُضْطَرِبِين؟ وَلِمَاذَا تُخَالِجُ هذِهِ الأَفْكَارُ قُلُوبَكُم؟

أُنْظُرُوا إِلى يَدَيَّ وَرِجْلَيَّ، فَإِنِّي أَنَا هُوَ. جُسُّونِي، وٱنْظُرُوا، فإِنَّ الرُّوحَ لا لَحْمَ لَهُ وَلا عِظَامَ كَمَا تَرَوْنَ لِي!».

قالَ هذَا وَأَرَاهُم يَدَيْهِ وَرِجْلَيْه.

وَإِذْ كَانُوا بَعْدُ غَيْرَ مُصَدِّقِينَ مِنَ الفَرَح، وَمُتَعَجِّبِين، قَالَ لَهُم: «هَلْ عِنْدَكُم هُنَا طَعَام؟».

فَقَدَّمُوا لَهُ قِطْعَةً مِنْ سَمَكٍ مَشْوِيّ، وَمِنْ شَهْدِ عَسَل.

فَأَخَذَهَا وَأَكَلَهَا بِمَرْأًى مِنْهُم،

وقَالَ لَهُم: «هذَا هُوَ كَلامِي الَّذي كَلَّمْتُكُم بِهِ، وَأَنا بَعْدُ مَعَكُم. كانَ يَنْبَغِي أَنْ يَتِمَّ كُلُّ مَا كُتِبَ عَنِّي في تَوْرَاةِ مُوسَى، وَالأَنْبِيَاءِ وَالمَزَامِير».

حِينَئِذٍ فَتَحَ أَذْهَانَهُم لِيَفْهَمُوا الكُتُب.


 

«ما بالُكم مُضطَرِبين، ولِمَ ثارَتِ الشُّكوكُ في قُلوبِكم؟»
القدّيس أوغسطينُس (354 - 430)، أسقف هيبّونا (إفريقيا الشماليّة) وملفان الكنيسة،
العظة 238

 

يُظهر لنا هذا المقطع من الإنجيل من هو الرّب يسوع المسيح حقًّا ومن هي الكنيسة حقًّا...، لكي نفهم جيّدًا أيّ عروس اختارها هذا العريس الإلهيّ ومن هو العريس لهذه العروس القدّيسة... في هذه الصفحة، نستطيع أن نقرأ قرانهما...

لقد تعلّمتَ أنّ الرّب يسوع المسيح هو الكلمة، كلمة الله، المتّحد بنفس إنسانيّة وجسد إنسانيّ... هنا، اعتقد التلاميذ أنّهم يرون روحًا؛ لم يؤمنوا أنّ الربّ كان لديه جسد حقيقيّ. ولكن إذ كان الربّ يعرف خطر تلك الأفكار، سارع في نَزْعِها من قلبهم...: " لِمَ ثارَتِ الشُّكوكُ في قُلوبِكم؟ أُنظُروا إِلى يَدَيَّ وقَدَميَّ. أَنا هو بِنَفْسي. اِلمِسوني وانظُروا، فإِنَّ الرُّوحَ ليسَ له لَحمٌ ولا عَظْمٌ كما تَرَونَ لي ". وأنت، واجه هذه الأفكار المجنونة ذاتها بحزم بواسطة قاعدة الإيمان الّتي نلتَها... فالرّب يسوع المسيح هو حقًّا الكلمة، الابن الوحيد المساوي للآب، المتّحد بِنَفْسٍ بشريّة حقّة وبجسدٍ حقيقيّ بريء من كلّ خطيئة. هذا الجسد هو الّذي مات، هذا الجسد هو الّذي قام، هذا الجسد هو الّذي عُلّق على الصليب، هذا الجسد هو الّذي وضع في القبر، هذا الجسد هو الجالس في السماوات. أراد ربّنا أن يقنع تلاميذه بأنّ ما كانوا يرونه، كان حقًّا عَظمًا ولحمًا... لماذا أراد أن يقنعني بهذه الحقيقة؟ لأنّه كان يَعلَم لأيّ درجة خَيْرٌ لي أن أصدّقها وكم كنتُ قد خَسِرتُ لو لم أؤمن بها. فآمنوا إذًا، أنتم أيضًا: إنّه هو العريس!

لنسمع الآن ما الّذي قيل فيما يخصّ العروس...: " كُتِبَ أَنَّ المَسيحَ يَتأَلَّمُ ويقومُ مِن بَينِ الأَمواتِ في اليَومِ الثَّالِث، وتُعلَنُ بِاسمِه التَّوبَةُ وغُفرانُ الخَطايا لِجَميعِ الأُمَم، اِبتِداءً مِن أُورَشَليم". ها هي العروس...: انتشرت الكنيسة في جميع أنحاء الأرض، أخذت جميع الشعوب في رَحمٍها... لقد رأى الرُّسل الرّب يسوع المسيح وآمنوا بالكنيسة، الّتي لم يروها. أمّا نحن، فإنّنا نرى الكنيسة؛ فلنؤمن إذًا بالرّب يسوع المسيح، الّذي لا نراه، وإذ نتعلّق هكذا بما نراه، نصل إلى ذاك الّذي لا نراه بعد.

 
 
13    الخميس من أسبوع الحواريّين     -     إنجيل القدّيس مرقس 18-15:16    
 
    إنجيل القدّيس مرقس 18-15:16 
 

قالَ الربُّ يَسوعُ لِتَلاميذِه: «إِذْهَبُوا إِلى العَالَمِ كُلِّهِ، وَٱكْرِزُوا بِٱلإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّها.

فَمَنْ آمَنَ وَٱعْتَمَدَ يَخْلُص، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ فَسَوْفَ يُدَان.

وهذِهِ الآيَاتُ تَتْبَعُ الْمُؤْمِنين: بِٱسْمِي يُخْرِجُونَ الشَّيَاطِين، ويَتَكَلَّمُونَ بِلُغَاتٍ جَدِيدَة،

ويُمْسِكُونَ الْحَيَّات، وَإِنْ شَرِبُوا سُمًّا مُمِيتًا فَلا يُؤْذِيهِم، ويَضَعُونَ أَيْدِيَهُم عَلى المَرْضَى فَيَتَعَافَوْن».


 

«اِذهَبوا في العالَمِ كُلِّه، وأَعلِنوا البِشارَةَ إِلى الخَلْقِ أَجمَعين» (مر 16: 15)
القدّيس خوسيه ماريا إسكريفا دي بالاغير (1902 - 1975)، كاهن ومؤسّس،
عظة عن: أصدقاء الله

 

"هاءَنَذا مُرسِلٌ صَيَّادينَ كَثيرين، يَقولُ الرَّبّ، فيَصْطادونَهم" (إر 16: 16). هكذا حدّد لنا الربّ مهمّتنا العظيمة: الصيد. نقول أو نكتب أحيانًا إنّ العالم يشبه البحر. هذا التشبيه صحيح. ففي الحياة البشريّة كما في البحر، هنالك فترات من الهدوء ومن العاصفة، ومن السكينة ومن الرياح الهوجاء. غالبًا ما يجد الناس أنفسهم في بحر قاتم بين أمواج ضخمة؛ فيتابعون التقدّم وسط العواصف كبحّارة حزينين، حتّى لو بدت السعادة على وجوههم: تحاول ضحكاتهم أن تخفي إحباطهم وخيبة أملهم، حياتهم الخالية من المحبّة والفهم. فيلتهم بعضهم بعضًا كما تفعل الأسماك.

إن مهمّة أبناء الله هي القيام بما يجب كي يدخل جميع الناس في الشباك الإلهيّة بملء إرادتهم ويحبّوا بعضهم بعضًا. إنْ كنّا مسيحيّين، علينا أن نتحوّل إلى أولئك الصيّادين الذين يصفهم النبي إرميا بواسطة استعارة استعملها الرّب يسوع المسيح مرّات عدّة عندما قال لبطرس وإندراوس: "اِتْبَعاني أَجعَلْكما صَيَّادَيْ بَشر" (مت 4: 19)

سنرافق الرّب يسوع المسيح في هذا الصيد الإلهي حيث "ازْدَحَمَ الجَمعُ علَيهِ لِسَماعِ كَلِمَةِ الله، وهُوَ قائمٌ على شاطِئِ بُحَيْرَةِ جِنَّاسَرِت" (لو 5: 1) كما فعل اليوم! ألا تستطيعون رؤيته؟

 
 
12    الأربعاء من أسبوع الحواريّين     -     إنجيل القدّيس يوحنّا 25-15:21    
 
    إنجيل القدّيس يوحنّا 25-15:21 
 

بَعْدَ الغَدَاء، قَالَ يَسُوعُ لِسِمْعَانَ بُطْرُس: «يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا، أَتُحِبُّنِي أَكْثَرَ مِمَّا يُحِبُّنِي هؤُلاء؟». قَالَ لَهُ: «نَعَم، يَا رَبّ، أَنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي أُحِبُّكَ». قَالَ لَهُ يَسُوع: «إِرْعَ حُمْلانِي».

قَالَ لَهُ مَرَّةً ثَانِيَةً: «يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا، أَتُحِبُّنِي؟». قَالَ لَهُ: «نَعَمْ يَا رَبّ، أَنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي أُحِبُّكَ». قَالَ لَهُ يَسُوع: «إِرْعَ نِعَاجِي!».

قَالَ لَهُ مَرَّةً ثَالِثَة: «يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا، أَتُحِبُّنِي؟». فَحَزِنَ بُطْرُس، لأَنَّ يَسُوعَ قَالَ لَهُ ثَلاثَ مَرَّات: أَتُحِبُّنِي؟ فَقَالَ لَهُ: «يَا رَبّ، أَنْتَ تَعْلَمُ كُلَّ شَيء، وَأَنْتَ تَعْرِفُ أَنِّي أُحِبُّكَ». قَالَ لَهُ يَسُوع: «إِرْعَ خِرَافِي!

أَلحَقَّ ٱلحَقَّ أَقُولُ لَكَ: حِينَ كُنْتَ شَابًّا، كُنْتَ تَشُدُّ حِزَامَكَ بِيَدَيْكَ وتَسِيرُ إِلى حَيْثُ تُرِيد. ولكِنْ حِينَ تَشِيخ، سَتَبْسُطُ يَدَيْكَ وآخَرُ يَشُدُّ لَكَ حِزامَكَ، ويَذْهَبُ بِكَ إِلى حَيْثُ لا تُرِيد».

قَالَ يَسُوعُ ذلِكَ مُشيرًا إِلى المِيتَةِ الَّتِي سَيُمَجِّدُ بِهَا بُطْرُسُ الله. ثُمَّ قَالَ لَهُ: «إِتْبَعْنِي!».

وَٱلتَفَتَ بُطْرُس، فَرَأَى التِّلْمِيذَ الَّذي كَانَ يَسُوعُ يُحِبُّهُ يَتْبَعُهُمَا، وهُوَ الَّذي مَالَ عَلى صَدْرِ يَسُوعَ وَقْتَ العَشَاءِ وقَالَ لَهُ: يَا رَبّ، مَنْ هُوَ الَّذي يُسْلِمُكَ.

فَلَمَّا رَآهُ بُطْرُسُ قَالَ لِيَسُوع: «يَا رَبّ، وهذَا، مَا يَكُونُ لَهُ؟».

قَالَ لَهُ يَسُوع: «إِنْ شِئْتُ أَنْ يَبْقَى حَتَّى أَجِيء، فَمَاذَا لَكَ؟ أَنْتَ، ٱتْبَعْنِي!».

وشَاعَتْ بَيْنَ الإِخْوَةِ هذِهِ الكَلِمَة، وهِيَ أَنَّ ذلِكَ التِّلْمِيذَ لا يَمُوت. لكِنَّ يَسُوعَ لَمْ يَقُلْ إِنَّهُ لا يَمُوت، بَلْ: إِنْ شِئْتُ أَنْ يَبْقَى حَتَّى أَجِيء، فَمَاذَا لَكَ.

هذَا التِّلْمِيذُ هُوَ الشَّاهِدُ عَلى هذِهِ الأُمُور، وهُوَ الَّذي دَوَّنَهَا، ونَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ شَهَادَتَهُ حَقّ.

وصَنَعَ يَسُوعُ أُمُورًا أُخْرَى كَثِيْرَة، لَوْ كُتِبَتْ وَاحِدًا فَوَاحِدًا، لَمَا أَظُنُّ أَنَّ العَالَمَ نَفْسَهُ يَسَعُهَا أَسْفَارًا مَكْتُوبَة.


 

«يا سِمْعانُ بنَ يونا، أَتُحِبُّني أَكثَرَ مِمَّا يُحِبُّني هؤلاء؟ »
القدّيس يوحنّا بولس الثاني (1920 - 2005)، بابا روما،
عظة في باريس في 30 أيار 1980

 

"أتحبّ؟... أتحبّني؟...". هذا السؤال الثلاثي "أتحبّني؟" رافق بطرس طوال الطريق الذي سلكه، حتّى موته. وبات جوابه على هذا السؤال بالتحديد المرجع الذي حدّد على أساسه أفعاله ونشاطاته. لمّا استُدعي للمثول أمام المجمع. لمّا ألقي في السجن في أورشليم، حيث كان يفترض أن يبقى، لكنّه خرج رغم ذلك. وفي إنطاكية أيضًا... ومنها إلى الأبعد... إلى روما. وحين ناضل في روما حتّى آخر أيّام حياته، عرف قوّة الكلمات التي ذكرت أنّ أحدهم قاده إلى حيث لا يريد. كما عرف أيضًا أنّه بفضل قوّة هذه الكلمات، كانت الكنيسة تواظب "على تَعليمِ الرُّسُل والمُشاركة وكَسْرِ الخُبزِ والصَّلَوات... وكانَ الرَّبُّ كُلَّ يَومٍ يَضُمُّ إِلى الجَماعَةِ أُولئِكَ الَّذينَ يَنالونَ الخَلاص" (أع 2: 42 + 47).

حمل بطرس سؤال "أتحبّني؟" أينما ذهب، إذ لم يعد باستطاعته التخلّي عنه. حمله عبر العصور والأجيال، وزرعه وسط شعوب جديدة وأمم جديدة... سأله بكلّ لغات الأرض ولوّنه بكلّ أعراقها. بقي سؤال بطرس له وحده، ولكنّه لم يبقَ وحيدًا. أتى الكثيرون من بعده ليطرحوا هذا السؤال على أنفسهم. لقد فهم رجال ونساء كثر، بالأمس واليوم، أنّ الوجود لا يجد معناه، وماهيّته وصيرورته إلاّ بمقدار ما يستطيع الإجابة عن الإشكاليّة الكبرى "أتحبّ؟ أتحبّني؟". هؤلاء جميعهم أعطوا الجواب، بطريقة كاملة وتامّة – جواب بطولي – أو بطريقة عاديّة ومألوفة. بفضل هذا السؤال فقط، تستحقّ الحياة أن تُعاش.

 
 
11    الثلاثاء من أسبوع الحواريّين     -     إنجيل القدّيس يوحنّا 14-1:21    
 
    إنجيل القدّيس يوحنّا 14-1:21 
 

بَعْدَ ذلِك، ظَهَرَ يَسُوعُ لِتَلامِيذِهِ مَرَّةً أُخْرَى عَلى بُحَيْرَةِ طَبَرَيَّة، وهكَذَا ظَهَر:

كَانَ سِمْعَانُ بُطْرُس، وتُومَا المُلَقَّبُ بِٱلتَّوْأَم، ونَتَنَائِيلُ الَّذي مِنْ قَانَا الجَلِيل، وٱبْنَا زَبَدَى، وتِلْمِيذَانِ آخَرَانِ مِنْ تَلامِيذِ يَسُوع، مُجْتَمِعِينَ مَعًا.

قَالَ لَهُم سِمْعَانُ بُطْرُس: «أَنَا ذَاهِبٌ أَصْطَادُ سَمَكًا». قَالُوا لَهُ: «ونَحْنُ أَيْضًا نَأْتِي مَعَكَ». فَخَرَجُوا وَرَكِبُوا السَّفِينَة، فَمَا أَصَابُوا في تِلْكَ اللَّيْلَةِ شَيْئًا.

ولَمَّا طَلَعَ الفَجْر، وَقَفَ يَسُوعُ عَلى الشَّاطِئ، ولكِنَّ التَّلامِيذَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ يَسُوع.

فَقَالَ لَهُم يَسُوع: «يَا فِتْيَان، أَمَا عِنْدَكُم قَلِيلٌ مِنَ السَّمَك؟». أَجَابُوه: «لا!».

فَقَالَ لَهُم: «أَلْقُوا الشَّبَكةَ إِلى يَمِينِ السَّفِينَةِ تَجِدُوا». وأَلقَوْهَا، فَمَا قَدِرُوا عَلى ٱجْتِذَابِهَا مِنْ كَثْرَةِ السَّمَك.

فَقَالَ ذلِكَ التِّلْمِيذُ الَّذي كَانَ يَسُوعُ يُحِبُّهُ لِبُطْرُس: «إِنَّهُ الرَّبّ». فَلَمَّا سَمِعَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ أَنَّهُ الرَّبّ، إِتَّزَرَ بِثَوْبِهِ، لأَنَّهُ كَانَ عُرْيَانًا، وأَلْقَى بِنَفْسِهِ في البُحَيْرَة.

أَمَّا التَّلامِيذُ الآخَرُونَ فَجَاؤُوا بِٱلسَّفِينَة، وهُمْ يَسْحَبُونَ الشَّبَكَةَ المَمْلُوءَةَ سَمَكًا، ومَا كَانُوا بَعِيدِينَ عَنِ البَرِّ إِلاَّ نَحْوَ مِئَتَي ذِرَاع.

ولَمَّا نَزَلُوا إِلى البَرّ، رَأَوا جَمْرًا، وسَمَكًا عَلى الجَمْر، وخُبْزًا.

قَالَ لَهُم يَسُوع: «هَاتُوا مِنَ السَّمَكِ الَّذي أَصَبْتُمُوهُ الآن».

فَصَعِدَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ إِلى السَّفِينَة، وجَذَبَ الشَّبَكَةَ إِلى البَرّ، وهِيَ مَمْلُوءَةٌ سَمَكًا كَبِيرًا، مِئَةً وثَلاثًا وخَمْسِين. ومَعَ هذِهِ الكَثْرَةِ لَمْ تَتَمَزَّقِ الشَّبَكَة.

قَالَ لَهُم يَسُوع: «هَلُمُّوا تَغَدَّوا». ولَمْ يَجْرُؤْ أَحَدٌ مِنَ التَّلامِيذِ أَنْ يَسْأَلَهُ: «مَنْ أَنْت؟»، لأَنَّهُم عَلِمُوا أَنَّهُ الرَّبّ.

وتَقَدَّمَ يَسُوعُ وأَخَذَ الخُبْزَ ونَاوَلَهُم. ثُمَّ فَعَلَ كَذلِكَ بِٱلسَّمَك.

هذِهِ مَرَّةٌ ثَالِثَةٌ ظَهَرَ فيهَا يَسُوعُ لِلتَّلامِيذِ بَعْدَ أَنْ قَامَ مِنْ بَيْنِ الأَمْوَات.

 
 
10    الاثنين من أسبوع الحواريّين     -     إنجيل القدّيس مرقس 14-9:16    
أعجوبة أيقونة المسيح في بيروت - (2 نيسان)
    إنجيل القدّيس مرقس 14-9:16 
 

فَجْرَ الأَحَد، قَامَ يَسُوعُ فَتَرَاءَى أَوَّلاً لِمَرْيَمَ المَجْدَلِيَّة ، تِلْكَ الَّتي أَخْرَجَ مِنْهَا سَبْعَةَ شَيَاطِين.

وهذِهِ ٱنْطَلَقَتْ وَبَشَّرَتْ أُولئِكَ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ، وكَانُوا يَنُوحُونَ وَيَبْكُون.

وَهؤُلاءِ لَمَّا سَمِعُوا أَنَّهُ حَيّ، وَأَنَّهَا أَبْصَرَتْهُ، لَمْ يُؤْمِنُوا.

وبَعْدَ ذلِكَ تَرَاءَى بِشَكْلٍ آخَر، لٱثْنَينِ مِنْهُم كَانَا ذَاهِبَينِ إِلى القَرْيَة.

وهذَانِ رَجَعَا وبَشَّرَا البَاقِين، ولا بِشَهَادَةِ هذَيْنِ آمَنُوا.

وأَخِيرًا تَرَاءَى لِلأَحَدَ عَشَر، وَهُم يَتَنَاوَلُونَ الطَّعَام، فَبَكَّتَهُم عَلى عَدَمِ إِيْمَانِهم، وقَسَاوَةِ قُلُوبِهِم، لأَنَّهُم لَمْ يُؤْمِنُوا بِشَهَادَةِ الَّذينَ أَبْصَرُوهُ بَعْدَ أَنْ قَام.


 

«فَوبَّخَهُم بِعَدَمِ إِيمانِهِم وقَساوَةِ قُلوبِهم»
القدّيس يوحنّا الصليب (1542 - 1591)، راهب كرمليّ وملفان الكنيسة،
الصعود إلى جبل الكرمل

 

حيث تكثر العلامات والشهادات، يقلّ استحقاق الإيمان... لذلك لا يجترح الله الأعمال العجيبة إلاّ متى كانت ضروريّة جدًّا لحثّ الناس على الإيمان. لذلك، ولئلاّ يُحرم تلاميذه من استحقاق الإيمان فيما لو اختبروا بأنفسهم حدث قيامته قبل ظهوره لهم، رتّب الربّ يسوع الأمور لكي يؤمنوا من دون أن يروه بنفسه.

فقد أظهر لمريم المجدليّة أوّلاً القبر الفارغ، ثمّ أعلمها من خلال الملائكة، لأنّ "الإِيمان إِذًا مِنَ السَّماع"، كما قال القدّيس بولس (راجع رو10: 17). فأراد أن تؤمن بالسَّماع قبل أن ترى؛ وعندما رأته، كان بشكل بستاني، وذلك لكي ينجز تعليمها بالإيمان.

أمّا بالنسبة إلى التلاميذ، فإنّه أرسل إليهم أوّلاً النسوة القدّيسات لتقلن لهم إنّه قام من بين الأموات. وجعل قلْبَيّ تلميذيّ عمّاوس متّقدًا بالإيمان قبل أن يكشف عن ذاته لهما (راجع لو 24: 32). ثمّ وبّخ كلّ تلاميذه لعدم إيمانهم. أمّا بالنسبة إلى توما الذي أراد أن يلمس جروحاته، فقال له: "أَلِأَنَّكَ رَأَيتَني آمَنتَ؟ طوبى لِلَّذينَ يؤمِنونَ ولَم يَرَوا" (يو20: 29)

 
 
9    أحد القيامة الكبير     -     إنجيل القدّيس مرقس 8-1:16    
 
    إنجيل القدّيس مرقس 8-1:16 
 

لَمَّا ٱنْقَضَى السَّبْت، ٱشْتَرَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّة، ومَرْيَمُ أُمُّ يَعْقُوب، وسَالُومَة، طُيُوبًا لِيَأْتِينَ وَيُطَيِّبْنَ جَسَدَ يَسُوع.

وفي يَوْمِ الأَحَدِ بَاكِرًا جِدًّا، أَتَيْنَ إِلى القَبْرِ مَعَ طُلُوعِ الشَّمْس.

وكُنَّ يَقُلْنَ فِيمَا بَيْنَهُنَّ: «مَنْ يُدَحْرِجُ لَنَا الحَجَرَ عَنْ بَابِ القَبْر؟».

وتَفَرَّسْنَ فشَاهَدْنَ الحَجَرَ قَدْ دُحْرِج، وكَانَ كَبِيرًا جِدًّا.

ودَخَلْنَ القَبْر، فَرَأَيْنَ شَابًّا جَالِسًا عَنِ اليَمِين، مُتَوَشِّحًا حُلَّةً بَيْضَاء، فَٱنْذَهَلْنَ.

فَقَالَ لَهُنَّ: «لا تَنْذَهِلْنَ! أَنْتُنَّ تَطْلُبْنَ يَسُوعَ النَّاصِرِيَّ المَصْلُوب. إِنَّهُ قَام، وَهُوَ لَيْسَ هُنَا. وهَا هُوَ المَكَانُ الَّذي وَضَعُوهُ فِيه.

أَلا ٱذْهَبْنَ وَقُلْنَ لِتَلامِيذِهِ وَلِبُطْرُس: إِنَّهُ يَسْبِقُكُم إِلى الجَلِيل. وهُنَاكَ تَرَوْنَهُ، كَمَا قَالَ لَكُم».

فَخَرَجْنَ مِنَ القَبْرِ وَهَرَبْنَ مِنْ شِدَّةِ الرِّعْدَةِ والذُّهُول. وَمِنْ خَوْفِهِنَّ لَمْ يَقُلْنَ لأَحَدٍ شَيْئًا...


 

«هذا هو اليوم الذي صنعَه الربّ، فلنَبتهج ونفرح فيه» (مز 118[117]: 24)
بروكلس القسطنطينيّ (حوالى 390 - 446)، أسقف،
العظة 14

 

يا له من فصح جميل! ويا له من حشد رائع! كم يحمل هذا اليوم من الأسرار القديمة والجديدة! في أسبوع العيد هذا، أو بالحريّ في أسبوع البهجة هذا، يفرح الناس في أصقاع الأرض كلّها، وحتّى القوّات السماويّة تنضمّ إلينا لنحتفل بفرح بقيامة الربّ. وتفرح الملائكة ورؤساء الملائكة الذين ينتظرون عودة ملك السماوات، ربّنا يسوع المسيح، منتصرًا من الأرض؛ وتفرح أجواق القدّيسين الذين ينتظرون ذلك الذي "من الفجر وُلِد" (مز110[109]: 3)، إنّه الرّب يسوع المسيح. كما تفرح الأرض لأنّ دم الربّ قد غسلها؛ ويفرح البحر لأنّ قدَمَيّ المسيح قد وطأتاه. فليفرح كلّ إنسان وُلِد مجدّدًا من الماء والرُّوح القدس؛ حتّى آدم، وهو الإنسان الأوّل، فعليه أن يفرح لأنّه خُلِّص من اللعنة القديمة...

لم تؤسّس لنا قيامة الرّب يسوع المسيح يوم العيد هذا فحسب، بل أعطتنا الخلاص بدل الآلام، والحياة الأبديّة بدل الموت، والشفاء بدل الجراحات، والقيامة بدل الانحطاط. في الماضي، كان الفصح يتمّ في أرض مصر بحسب طقوس الشريعة؛ لم يكن ذبح الخروف سوى علامة. أمّا اليوم، فنحن نحتفل به بحسب الإنجيل، فصحًا روحيًّا يتجلّى في يوم القيامة. في ذلك الفصح، كانوا يضحّون بحمل من القطيع؛ أمّا في فصحنا، فها هو الرّب يسوع المسيح نفسه يقدّم ذاته كحمل الله. في ذلك الفصح، كانوا يأخذون حملاً من الإسطبل؛ أمّا في فصحنا، فإنّ الرّاعي هو الذي يبذل نفسه في سبيل خرافه (راجع يو 10: 11)... في ذلك الفصح، اجتاز العبرانيّون البحر الأحمر منشدين ترنيمة مجد لمخلّصهم: "أنشد للربّ فإنّه تعظّم تعظيمًا" (خر 15: 1). أمّا في فصحنا، فإنّ الذين استحقّوا نعمة العماد هم مَن ينشدون ترنيمة المجد: "قدّوس واحد، إله واحد، الرّب يسوع المسيح الذي تمجّد من الله الآب، آمين". صاح النبيّ: "الربّ مَلَكَ والجلال لَبِسَ" (مز 93[92]: 1). لقد اجتاز العبرانيّون البحر الأحمر وأكلوا المنّ في البريّة. أمّا اليوم، حين نخرج من ماء العماد، فإنّنا نأكل الخبز الحيّ الذي نزل من السماء (راجع يو 6: 51).

 
 
8    سبت النور     -     إنجيل القدّيس متّى 66-62:27    
المجمع المسكونيّ السابع في نيقية 787 - (8 نيسان)
    إنجيل القدّيس متّى 66-62:27 
 

في الغَد - أَيْ بَعْدَ التَّهْيِئَةِ لِلسَّبْت - ٱجْتَمَعَ الأَحْبَارُ والفَرِّيسِيُّونَ لَدَى بِيلاطُس،

وقَالُوا لَهُ: «يَا سَيِّد، لَقَدْ تَذَكَّرْنَا أَنَّ ذلِكَ المُضَلِّلَ قَال، وهُوَ حَيّ: إِنِّي بَعْدَ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ أَقُوم.

فَمُرْ أَنْ يُضْبَطَ القَبْرُ إِلى اليَوْمِ الثَّالِث، لِئَلاَّ يَأْتِيَ تَلامِيذُهُ ويَسْرِقُوه، ويَقُولُوا لِلشَّعْب: إِنَّهُ قَامَ مِنْ بَينِ الأَمْوَات، فَتَكُونَ الضَّلالَةُ الأَخِيرَةُ أَكْثَرَ شَرًّا مِنَ الأُولى!».

فقَالَ لَهُم بِيلاطُس: «عِنْدَكُم حُرَّاس، إِذْهَبُوا وٱضْبُطُوا القَبْرَ كَمَا تَعْرِفُون».

فَذَهَبُوا وضَبَطُوا القَبْر، فَخَتَمُوا الحَجَرَ وأَقَامُوا الحُرَّاس.


 

«عِندَكُم حَرَس، فاذهبوا واحفَظوه كما تَرَون»
الخورأسقف الأنطوني ميشال حايك،
قاموس الروحانيّات

 

إن كانت بيزنطيا، مدينة النصر المسيحي، قد بنَت أمبراطوريّة تحت راية الضابط الكلّ، المُتبَوّئ العرش مُمجَّدًا في ذرى صدور الكنائس، وإن التزمَت الجماعة المسيحيّة اللاتينيّة خطى الرّب يسوع المسيح، من خلال عمله في قلب العالم، بأن تبني مدينة زمنيّة في خدمة مدينة الله، فالكنائس الآراميّة لم تَبنِ قطّ لا أمبراطوريّة ولا مملكة، على الرغم من النجاحات العابرة التي حقّقتها الأعاجيب لصالح الجمهور الناكر الجميل غالبًا، الآتي من الصحراء العربيّة.

فإذا كانت بيزنطيا تقف، وقفة القيامة، ملتحفة بالنور والبهاء الأمبراطوري، وإذا كانت "اللاتينيّة" تركع أمام "مسيح الجمعة العظيمة" الذي تتبعه في درب صليبه، فالكنيسة الآراميّة تؤثر بالأحرى حركة المطانيّة المميّزة: تلتوي كالجنين في صلاتها التفجعيّة، وتنحني على قبر المعلّم، وتغوص معه في يمبوس الجحيم، في فجر السبت العظيم.

لم يطلع بعد بالنسبة إليها، نور القيامة لكنّ العتمة هي الآن عتمة الفجر: تقع كفصح الصحراء الرمزي "بين المساءين" (راجع خر 12: 6). تستطيع بيزنطيا، في النهاية، أن تنسحب من التاريخ وأن تلاقي ضابط الكلّ في مجد أورشليم السماويّة، بعد أن عاشت متجاوزة الصليب، ليترجيّة اليوم الثامن، حيث يكون عناء الأسبوع قد تجلّى. على العكس من ذلك، تجازف "اللاتينيّة" بأن تذيب الالتزام المسيحي في إنجازات تاريخيّة، وبأن تنحلّ هي في زمانيّة دنيويّة. أمّا الكنيسة الآراميّة، فهي مدعوّة إلى اليقظة الغسقيّة، مع رجاء مجد موعود وذكرى جراحات لم تلتئم بعد.  

 
 
7    يوم الجمعة العظيمة     -     إنجيل القدّيس يوحنّا 37-31:19    
مار يوحنّا السالسيّ المعترف - (7 نيسان)
    إنجيل القدّيس يوحنّا 37-31:19 
 

إِذْ كَانَ يَوْمُ التَّهْيِئَة، سَأَلَ اليَهُودُ بِيلاطُسَ أَنْ تُكْسَرَ سِيقَانُ المَصْلُوبِينَ وتُنْزَلَ أَجْسَادُهُم، لِئَلاَّ تَبْقَى عَلى الصَّليبِ يَوْمَ السَّبْت، لأَنَّ يَوْمَ ذلِكَ السَّبْتِ كَانَ عَظِيمًا.

فَأَتَى الجُنُودُ وكَسَرُوا سَاقَي الأَوَّلِ والآخَرِ المَصْلُوبَينِ مَعَ يَسُوع.

أَمَّا يَسُوع، فَلَمَّا جَاؤُوا إِلَيْهِ ورَأَوا أَنَّهُ قَدْ مَات، لَمْ يَكْسِرُوا سَاقَيْه.

لكِنَّ وَاحِدًا مِنَ الجُنُودِ طَعَنَ جَنْبَهُ بِحَرْبَة. فَخَرَجَ في الحَالِ دَمٌ ومَاء.

والَّذي رَأَى شَهِدَ، وشَهَادَتُهُ حَقّ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَقُولُ الحَقَّ لِكَي تُؤْمِنُوا أَنْتُم أَيْضًا.

وحَدَثَ هذَا لِتَتِمَّ آيَةُ الكِتَاب: «لَنْ يُكْسَرَ لَهُ عَظْم».

وجَاءَ في آيَةٍ أُخْرَى: «سَيَنْظُرُونَ إِلى الَّذي طَعَنُوه».


 

«وأَنا إِذا رُفِعتُ مِنَ الأَرض جَذَبتُ إِلَيَّ النَّاسَ أَجمَعين» (يو 12: 32)
عظة منسوبة للقدّيس أفرام السريانيّ (نحو 306 - 373)، شمّاس في سوريا وملفان الكنيسة،
عظة

 

يتقدّم الصليب اليوم فتتهلّل الخليقة؛ فالصليب هو طريق الـضائعيـن، ورجاء المسيحيّين، وبشارة الرسل، وأمان الكون، وأساس الكنيسة، وينبوع العَطشى... لقد اقتيد الربّ يسوع بعذوبة كبيرة إلى الآلام: اقتيد إلى حكم بيلاطس؛ عند الساعة السادسة، كانوا يهزؤون به؛ وحتّى الساعة التاسعة تحمّل آلام المسامير، وبعدها أنهى موتُه آلامَه. عند الساعة الثانية عشرة، أُنزل عن الصليب: فكأنّه أسدٌ نائم...

خلال الحكم، صمتت الحكمة، والكلمة لم تتفوّه بشيء. استهزأ به أعداؤه وصلبوه... أولئك الّذين، في الأمس، أعطاهم جسده طعامًا، نظروا إليه يموت من بعيد. فبطرس، هامة الرسل، هرب أوّلاً. وأندراوس هرب أيضًا، ويوحنّا الّذي ارتاح على صدره، لم يمنع جنديًّا من أن يطعن جنبه برمحه. هرب الاثنا عشر؛ لم يقولوا كلمة واحدة من أجله، هُم الّذين من أجلهم أعطى حياته. لم يكن لعازر هنا، هو الّذي أعاده إلى الحياة. لم يبكِ الأعمى ذاك الّذي فتح عيونه للنّور، والأعرج الّذي بفضله استطاع أن يمشي، لم يُسرِع إلى جانبه.

وحده لصٌّ كان مصلوبًا قربه، اعترف به وسمّاه مَلِكَه. أيّها الّلصّ، يا زهرة شجرة الصليب المبكرة، أوّل ثمرة من خشبة الجلجلة...! مَلَك الربّ: فرحت الخليقة. انتصر الصليب، وجميع الأمم والقبائل واللغات والشعوب (راجع رؤ 7: 9) جاءوا ليسجدوا له... أعاد الصليب النور للكون بأسره، أبعد الظلمات وجَمَع الأمم في كنيسة واحدة وإيمان واحد ومعموديّة واحدة في المحبّة. انتصب في وسط العالم، مثبّتًا على الجلجلة.

 
 
6    خميس الأسرار     -     إنجيل القدّيس لوقا 23-1:22    
 
    إنجيل القدّيس لوقا 23-1:22 
 

كانَ عِيدُ الفَطِيرِ الَّذي هوَ عِيدُ الفِصْحِ يَقْتَرِب.

وكانَ الأَحْبَارُ وَالكَتَبَةُ يَبْحَثُونَ كَيْفَ يَقْضُونَ عَلَى يَسُوع، لأَنَّهُم كانُوا يَخَافُونَ مِنَ الشَّعْب.

ودَخَلَ الشَّيْطَانُ في يَهُوذَا المُلَقَّبِ بِالإِسْخَرْيُوطِيّ، وَهُوَ مِنْ عِدَادِ الٱثْنَي عَشَر،

فَمَضَى وَفَاوَضَ الأَحْبَارَ وقَادَةَ حَرَسِ الهَيْكَلِ كَيْفَ يُسْلِمُ إِلَيْهِم يَسُوع.

فَفَرِحُوا، وٱتَّفَقُوا أَنْ يُعْطُوهُ فِضَّة.

فقَبِلَ، ثُمَّ رَاحَ يَتَلَمَّسُ فُرْصَةً مُؤَاتِيَة، لِيُسْلِمَهُ إِلَيْهِم بَعِيدًا عَنِ الجَمْع.

وحَلَّ يَوْمُ الفَطِير، الَّذي يَجِبُ أَنْ يُذبَحَ حَمَلُ الفِصْحِ فِيه،

فَأَرْسَلَ يَسُوعُ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا قَائِلاً: «إِذْهَبَا فَأَعِدَّا لَنَا عَشَاءَ الفِصْحِ لِنَأْكُلَهُ».

فقَالا لَهُ: «أَيْنَ تُرِيدُ أَنْ نُعِدَّهُ؟».

فقَالَ لَهُمَا: «مَا إِنْ تَدْخُلا المَدِينَةَ حَتَّى يَلْقَاكُمَا رَجُلٌ يَحْمِلُ جَرَّةَ مَاء، فٱتْبَعَاهُ إِلى البَيْتِ الَّذي يَدْخُلُهُ.

وَقُولا لِرَبِّ البَيْت: أَلْمُعَلِّمُ يَقُولُ لَكَ: أَيْنَ القَاعَةُ الَّتي آكُلُ فِيهَا عَشَاءَ الفِصْحِ مَعَ تَلامِيذِي؟

وَهُوَ يُريكُمَا عِلِّيَةً كَبِيرَةً مَفْرُوشَة، فَأَعِدَّاهُ هُنَاك».

فذَهَبَا وَوَجَدَا كَمَا قَالَ لَهُمَا، وأَعَدَّا عَشَاءَ الفِصْح.

ولَمَّا حَانَتِ السَّاعَة، ٱتَّكَأَ يَسُوعُ وَمَعَهُ الرُّسُل،

فقَالَ لَهُم: «شَهْوَةً ٱشْتَهَيْتُ أَنْ آكُلَ هذَا الفِصْحَ مَعَكُم قَبْلَ آلامي!

فَإِنِّي أَقُولُ لَكُم: لَنْ آكُلَهُ بَعْدَ اليَومِ إِلَى أَنْ يَتِمَّ في مَلَكُوتِ الله».

ثُمَّ أَخَذَ كَأْسًا، وَشَكَرَ، وَقَال: «خُذُوا هذِهِ الكَأْسَ وٱقْتَسِمُوهَا بَيْنَكُم.

فَإِنِّي أَقُولُ لَكُم: لَنْ أَشْرَبَ عَصِيرَ الكَرْمَة، مُنْذُ الآن، إِلى أَنْ يَأْتِيَ مَلَكُوتُ الله».

ثُمَّ أَخَذَ خُبْزًا، وَشَكَرَ، وَكَسَرَ، وَنَاوَلَهُم قَائلاً: «هذَا هُوَ جَسَدِي الَّذي يُبْذَلُ مِنْ أَجْلِكُم. إِصْنَعُوا هذَا لِذِكْرِي».

وكَذلِكَ أَخَذَ الكَأْسَ بَعْدَ العَشَاءِ وَقَال: «هذِهِ الكَأْسُ هِيَ العَهْدُ الجَدِيدُ بِدَمِي، الَّذي يُهْرَقُ مِنْ أَجْلِكُم.

ولكِنْ، هَا هِيَ يَدُ الَّذي يُسْلِمُنِي مَعِي عَلى المَائِدَة.

فٱبْنُ الإِنْسَانِ مَاضٍ كَمَا هُوَ مُقَرَّر؛ إِنَّمَا ٱلوَيْلُ لِذلِكَ الإِنْسَانِ الَّذي يُسْلِمُهُ!».

فٱبْتَدَأَ الرُّسُلُ يَتَسَاءَلُونَ فِيمَا بَيْنَهُم: «مَنْ تُرَى مِنْهُم هُوَ المُزْمِعُ أَنْ يَفْعَلَ هذَا؟».


 

«ولكِنْ، هَا هِيَ يَدُ الَّذي يُسْلِمُنِي مَعِي عَلى المَائِدَة»
القدّيسة تيريزيا الكالكوتيّة (1910 - 1997)، مؤسِّسة الأخوات مرسلات المحبّة،
يسوع، الكلمة الذي نتضرّع إليه

 

لاحظوا الرحمة التي أبداها الرّب يسوع المسيح تجاه يهوذا، الرجل الذي نال هذا القدر الكبير من الحبّ، لكنّه رغم ذلك خان معلّمه، هذا المعلّم الذي التزم الصمت المطبق كي لا يفضحه أمام زملائه.

في الواقع، كان الرّب يسوع يستطيع قول الحقيقة بكلّ سهولة للآخرين وكشف النوايا المخبّأة ليهوذا وتصرّفاته؛ لكن لا. لقد فضّل إبداء الرحمة والمحبّة؛ بدل إدانته، اعتبره صديقًا (راجع مت 26: 50). لو حدّق يهوذا في عينيّ الرّب يسوع كما فعل بطرس (ؤاجع لو 22: 61)، لأصبح يهوذا صديق رحمة الله. لقد كان الرّب يسوع يبدي الرحمة باستمرار.

 
 
5    الأربعاء من أسبوع الآلام     -     إنجيل القدّيس يوحنّا 54-47:11    
 
    إنجيل القدّيس يوحنّا 54-47:11 
 

عَقَدَ الأَحْبَارُ والفَرِّيسِيُّونَ مَجْلِسًا، وقَالُوا: «مَاذَا نَعْمَل؟ فَإِنَّ هذَا الرَّجُلَ يَصْنَعُ آيَاتٍ كَثِيرَة!

إِنْ تَرَكْنَاهُ هكَذَا يُؤْمِنُ بِهِ الجَميع، فَيَأْتِي الرُّومَانُ ويُدَمِّرُونَ هَيْكَلَنا وأُمَّتَنَا».

فَقَالَ لَهُم وَاحِدٌ مِنْهُم، وهُوَ قَيَافَا، عَظِيمُ الأَحْبَارِ في تِلْكَ السَّنَة: «أَنْتُم لا تُدْرِكُونَ شَيْئًا،

ولا تُفَكِّرُونَ أَنَّهُ خَيْرٌ لَنَا أَنْ يَمُوتَ رَجُلٌ وَاحِدٌ فِدَى الشَّعْبِ ولا تَهْلِكَ الأُمَّةُ بِأَسْرِهَا!».

ومَا قَالَ ذلِكَ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ، ولكِنْ إذْ كَانَ عَظِيمَ الأَحْبَارِ في تِلْكَ السَّنَة، تَنبَّأَ بِأَنَّ يَسُوعَ سَيَمُوتُ فِدَى الأُمَّة.

ولَيْسَ فِدَى الأُمَّةِ وَحْدَهَا، بَلْ أَيْضًا لِيَجْمَعَ في وَاحِدٍ أَوْلادَ اللهِ المُشَتَّتِين.

فَعَزَمُوا مِنْ ذلِكَ اليَوْمِ عَلى قَتْلِ يَسُوع.

فَمَا عَادَ يَتَجَوَّلُ عَلَنًا بَيْنَ اليَهُود، بَلْ مَضَى مِنْ هُنَاكَ إِلى نَاحِيَةٍ قَريبَةٍ مِنَ البَرِّيَّة، إِلى مَدينَةٍ تُدْعَى إِفْرَائِيمَ، وأَقَامَ فيهَا مَعَ تَلامِيذِهِ.


 

«فَتَنَبَّأَ أَنَّ يسوعَ سيَموتُ عَنِ الأُمَّة، ولَيسَ عنِ الأُمَّةِ فَحَسبُ، بَل لِيَجمَعَ في الوَحدَةِ شَمْلَ أَبناءِ اللهِ أَيضاً»
القدّيس بروسبير الأكيتاني (؟ - حوالي 460)، لاهوتي علماني،
دعوة جميع الأمم، 9

 

يؤكّد كاتب الرّسالة إلى العبرانيين أن الله "كَلَّمَنا في آخِرِ الأَيَّام هذِه بِابْنٍ جَعَلَه وارِثًا لِكُلِّ شيء وبِه أَنشَأَ العالَمِين" (عب 1: 2). ألا تعني هذه الجملة أنّ الآب يعتبر أنّ جميع البشر هم جزء من ميراث الرّب يسوع المسيح؟ إنّ هذا الكلام مطابق لنبوءة داود: "سَلْني فأُعطيَكَ الأمَمَ ميراثًا وأَقاصِيَ الأَرض مِلْكًا". (مز 2: 8).

لقد أعلن الربّ بنفسه: "وأَنا إِذا رُفِعتُ مِنَ الأَرض جَذَبتُ إِلَيَّ النَّاسَ أَجمَعين" (يو 12: 32). ألا يبدو هنا أنّه يَعِد باهتداء الجميع؟ في مكانٍ آخر، نجد نبوءة في شأن الكنيسة: "كُلُّ وادٍ يَرتَفعِ وكُلُّ جَبَلٍ وتَلٍّ يَنخَفِض والمُنعَرِجُ يُقَوَّم ووَعرُ الطَّريقِ يَصيرُ سَهلاَّ" (إش 40: 4): أيوجد أحدهم منسيّ هنا، ولا يُعتبر من خاصة الرّب يسوع المسيح؟ وماذا نفكّر إذًا عندما نقرأ: " كُلُّ بَشَرٍ يَأتي لِيَسجُدَ أَمامي، قالَ الرَّبّ" (إش 66: 23)..

إذًا، يجب أن تؤخذ عبارة "شعب الله" في كليّتها. ومع أنّ معظم البشر يرفضون أو يتجاهلون نعمة المخلّص، فالمقصود بهذه الكلمات "المنتخبون" و"المختارون" هو الجميع... يقول الرسول بولس: "فإِنَّنا نُبَشِّرُ بِمَسيحٍ مَصْلوب، عِثارٍ لِليَهود وحَماقةٍ لِلوَثنِيِّين، وأَمَّا لِلمَدعُوِّين، يَهودًا كانوا أَم يونانِيِّين، فهُو مسيح، قُدرَةُ اللّه وحِكمَةُ اللّه" (1كور 1: 23-24). فهل يكون المسيح إذًا "قدرة الله" و"حكمة" للأشخاص ذاتهم الّذين يرَونَه "عثرة" و"حماقة"؟ في الواقع، بما أنّ البعض مخلّصون بسبب إيمانهم والبعض الآخَر تصلّبوا في المعصية، فقد شمل الرّسول بولس المؤمنين وغير المؤمنين باسمٍ واحد عامّ وهو "مدعوّين". فأظهر بذلك أنّ أولئك الّذين كان يعتبرهم وثنيّين جعلوا نفسهم غرباء عن دعوة الله، رغم أنّهم قد سمعوا الإنجيل.

 
 
4    الثلاثاء من أسبوع الآلام     -     إنجيل القدّيس لوقا 30-22:13    
 
    إنجيل القدّيس لوقا 30-22:13 
 

كَانَ يَسُوعُ يَجْتَازُ في المُدُنِ وَالقُرَى، وَهُوَ يُعَلِّم، قَاصِدًا في طَريقِهِ أُورَشَلِيم.

فَقَالَ لَهُ أَحَدُهُم: «يا سَيِّد، أَقَلِيلُونَ هُمُ الَّذينَ يَخْلُصُون؟».

فَقَالَ لَهُم: «إِجْتَهِدُوا أَنْ تَدْخُلُوا مِنَ البَابِ الضَّيِّق. أَقُولُ لَكُم: إِنَّ كَثِيرينَ سَيَطْلُبُونَ الدُّخُولَ فَلا يَقْدِرُون.

وَبَعْدَ أَنْ يَكُونَ رَبُّ البَيْتِ قَدْ قَامَ وَأَغْلَقَ البَاب، وَبدَأْتُم تَقِفُونَ خَارِجًا وَتَقْرَعُونَ البَابَ قَائِلين: يَا رَبّ، ٱفتَحْ لَنَا! فَيُجِيبُكُم وَيَقُول: إِنِّي لا أَعْرِفُكُم مِنْ أَيْنَ أَنْتُم!

حِينَئِذٍ تَبْدَأُونَ تَقُولُون: لَقَد أَكَلْنَا أَمَامَكَ وَشَرِبْنا، وَعَلَّمْتَ في سَاحَاتِنا!

فَيَقُولُ لَكُم: إِنِّي لا أَعْرِفُ مِنْ أَيْنَ أَنْتُم! أُبْعُدُوا عَنِّي، يَا جَمِيعَ فَاعِلِي الإِثْم!

هُنَاكَ يَكُونُ البُكاءُ وَصَرِيفُ الأَسْنَان، حِينَ تَرَوْنَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسحقَ وَيَعْقُوبَ وَجَميعَ الأَنْبِياءِ في مَلَكُوتِ الله، وَأَنْتُم مَطْرُوحُونَ خَارِجًا.

وَيَأْتُونَ مِنَ المَشَارِقِ وَالمَغَارِب، وَمِنَ الشَّمَالِ وَالجَنُوب، وَيَتَّكِئُونَ في مَلَكُوتِ الله.

وَهُوَذَا آخِرُونَ يَصِيرُونَ أَوَّلِين، وَأَوَّلُونَ يَصِيرُونَ آخِرِين».

 
 
3   الاثنين من أسبوع الآلام     -     حازقيال النبيّ , اشعيا النبيّ    
حازقيال النبيّ , اشعيا النبيّ - (3 نيسان)
    حازقيال النبيّ , اشعيا النبيّ 
 

تَرَكَ يَسُوعُ الجُمُوعَ وخَرَجَ مِنَ المَدِيْنَةِ إِلى بَيْتَ عَنْيَا وبَاتَ هُنَاك.

وبَيْنَمَا هُوَ رَاجِعٌ عِنْدَ الفَجْرِ إِلى المَدِيْنَة، جَاع.

ورَأَى تِينَةً عَلى جَانِبِ الطَّريق، فَذَهَبَ إِلَيْهَا، ولَمْ يَجِدْ علَيهَا إِلاَّ وَرَقًا فَقَط، فَقَالَ لَهَا: «لا يَكُنْ فَيكِ ثَمَرٌ إِلى الأَبَد!». فَيَبِسَتِ التِّينَةُ حَالاً.

ورَأَى التَّلامِيذُ ذلِكَ فَتَعَجَّبُوا وقَالُوا: «كَيْفَ يَبِسَتِ التِّينَةُ حَالاً؟».

فأَجَابَ يَسُوعُ وقَالَ لَهُم: «أَلحَقَّ أَقُولُ لَكُم: إِنْ كُنْتُم تُؤْمِنُونَ ولا تَشُكُّون، فَلَنْ تَفْعَلُوا مَا فَعَلْتُ أَنا بِالتِّينَةِ فَحَسْب، بَلْ إِنْ قُلْتُم أَيْضًا لِهذَا الجَبَل: إِنْقَلِعْ وَٱهْبِطْ في البَحْر، يَكُونُ لَكُم ذلِكَ.

وكُلُّ مَا تَطْلُبُونَهُ في الصَّلاةِ بِإيْمَان، تَنَالُونَهُ».

وجَاءَ يَسُوعُ إِلى الهَيْكَل، وبَينَمَا هُوَ يُعَلِّم، دَنَا مِنهُ الأَحْبَارُ وشُيُوخُ الشَّعْبِ وقَالُوا لَهُ: «بِأَيِّ سُلْطَانٍ تَفْعَلُ هذَا ؟ ومَنْ أَعْطَاكَ هذَا السُّلْطَان؟».

فَأَجَابَ يَسُوعُ وقَالَ لَهُم: «وأَنَا أَيْضًا أَسْأَلُكُم سُؤَالاً وَاحِدًا، فَإِنْ أَجَبْتُمُونِي قُلْتُ لَكُم أَنا أَيْضًا بِأَيِّ سُلْطَانٍ أَفْعَلُ هذَا.

مَعْمُودِيَّةُ يُوحَنَّا مِنْ أَيْنَ كَانَتْ؟ مِنَ السَّمَاءِ أَمْ مِنَ النَّاس؟». فَأَخَذُوا يُفَكِّرُونَ في أَنْفُسِهِم قَائِلين: «إِنْ قُلْنَا: مِنَ السَّمَاء، يَقُولُ لَنَا:فَلِمُاذَا لَم تُؤْمِنُوا بِهِ؟

وإِنْ قُلْنَا: مِنَ النَّاس، نَخَافُ مِنَ الجَمْع، لأَنَّهُم كُلَّهُم يَعْتَبِرُونَ يُوحَنَّا نَبِيًّا».

فَأَجَابُوا وقَالُوا لِيَسُوع: «لا نَعْلَم!». قَالَ لَهُم هُوَ أَيْضًا: «ولا أَنَا أَقُولُ لَكُم بِأَيِّ سُلْطَانٍ أَفْعَلُ هذَا.


 

«لِماذا لم تُؤمِنوا بِه؟»
القدّيس كيرِلُّس (313 - 350)، بطريرك أورشليم وملفان الكنيسة،
تعليم مسيحي للموعوظين، 12

 

لقد أُرسِل الأنبياء مع موسى لشفاء إسرائيل؛ لكنّهم كانوا يعالجون في وسط الدموع، عاجزين عن السيطرة على الشرّ، كما قال أحدهم: "وَيلٌ لي!... قد زالَ الصَّفِيُّ عنِ الأرض ولَيسَ في البَشَرِ مُستَقيم" (مي 7: 1-2)... كبيرًا كان جرح البشريّة؛ "مِن أَخمَصِ القَدَمِ إلى الرأس لا صِحَّةَ فيه بل جُروحٌ ورُضوضٌ وقُروحٌ مَفْتوحة لم تُعالَجْ ولم تعصَبْ ولَم تُليَّنْ بِدُهْن" (إش 1: 6). كان الأنبياء المرهقون بالدموع يقولون: "مِن صِهْيونَ مَن يأتي إسرائيلَ بِالخَلاص؟" (مز14[13]: 7)... كما كان نبيّ آخر يتوسّل بهذه الكلمات: "أَمِلْ سَمَواتِكَ وانزلْ" (مز144[143]: 5). إنّ جراحات البشريّة تفوق علاجاتنا. "لأنّ بَني إسرائيلَ قد تَركوا عَهدَكَ وحَطَّموا مَذابِحَك وقَتَلوا أنبياءكَ بِالسَّيف (1مل 19: 10). لا يمكننا أن نشفي بؤسنا بأنفسنا؛ نحن نحتاج إليك كي تقيمنا.

لقد استجاب الربّ لصلاة الأنبياء. لم يحتقر الآب جنسنا المريض. فقد أرسل ابنه من السماء كطبيب. "ويَأتي فَجأَةً إلى هَيكَلِه السَّيِّدُ الذي تَلتَمِسونَه، ومَلاكُ العَهدِ الذي تَرتَضونَ بِه. ها إنَّه آتٍ، قالَ رَبُّ القُوّات" (مل 3: 1). إلى الهيكل حيث رَجَموا نبيّه بالحِجارَ (راجع 2أخ 24: 21). كما قال الربّ بنفسه أيضًا: "فهاءَنَذا آتي وأَسكُنُ في وَسَطِكِ. فتَنضَمُّ أُمَمٌ كَثيرَةٌ إلى الرَّبِّ في ذلك اليَوم" (زك 2: 14-15).

الآن، جئت لأجمع جميع الأمم من اللغات كلّها، لأنّه "جاءَ إلى بَيتِه. فما قَبِلَه أهلُ بَيتِه" (يو 1: 11).

لقد أتيتَ؛ وماذا ستعطي الأمم؟ "حانَ أَن أَحشُرَ جَميعَ الأُمَمِ والألسِنَة، فتأتي وتَرى مَجدي. وأَجعَلُ بيَنَهم آيَةً" (إش 66: 9-10). في الواقع، وبعد معركتي على الصليب، أعطيت لكلّ واحد من جنودي أن يحمل الختم الملكي على جبينه (راجعرؤ 7: 4). قال نبيّ آخر: "أَمالَ السَّمَواتِ ونَزَل والغَيمُ المُظلِمُ تَحتَ قَدَمَيه" (مز18(17): 10). لكنّ نزوله من السَّمَوات بقي مجهولاً عند البشر.

 
 
2    أحد الشعانين     -     إنجيل القدّيس يوحنّا 22-12:12    
 
    إنجيل القدّيس يوحنّا 22-12:12 
 

لَمَّا سَمِعَ الجَمْعُ الكَثِير، الَّذي أَتَى إِلى العِيد، أَنَّ يَسُوعَ آتٍ إِلى أُورَشَليم،

حَمَلُوا سَعَفَ النَّخْلِ، وخَرَجُوا إِلى مُلاقَاتِهِ وهُمْ يَصْرُخُون: «هُوشَعْنَا! مُبَارَكٌ الآتِي بِٱسْمِ الرَّبّ، مَلِكُ إِسرائِيل».

ووَجَدَ يَسُوعُ جَحْشًا فَرَكِبَ عَلَيْه، كَمَا هُوَ مَكْتُوب:

«لا تَخَافِي، يَا ٱبْنَةَ صِهْيُون، هُوَذَا مَلِكُكِ يَأْتِي رَاكِبًا عَلى جَحْشٍ ٱبْنِ أَتَان».

ومَا فَهِمَ تَلامِيذُهُ ذلِكَ، أَوَّلَ الأَمْر، ولكِنَّهُم تَذَكَّرُوا، حِينَ مُجِّدَ يَسُوع، أَنَّ ذلِكَ كُتِبَ عَنْهُ، وأَنَّهُم صَنَعُوهُ لَهُ.

والجَمْعُ الَّذي كَانَ مَعَ يَسُوع، حِينَ دَعَا لَعَازَرَ مِنَ القَبْرِ وأَقَامَهُ مِنْ بَيْنِ الأَمْوَات، كَانَ يَشْهَدُ لَهُ.

مِنْ أَجْلِ هذَا أَيْضًا لاقَاهُ الجَمْع، لأَنَّهُم سَمِعُوا أَنَّهُ صَنَعَ تِلْكَ الآيَة.

فَقَالَ الفَرِّيسِيُّونَ بَعْضُهُم لِبَعْض: «أُنْظُرُوا: إِنَّكُم لا تَنْفَعُونَ شَيْئًا! هَا هُوَ العَالَمُ قَدْ ذَهَبَ ورَاءَهُ!».

وكَانَ بَينَ الصَّاعِدِينَ لِيَسْجُدُوا في العِيد، بَعْضُ اليُونَانِيِّين.

فَدَنَا هؤُلاءِ مِنْ فِيلِبُّسَ الَّذي مِنْ بَيْتَ صَيْدَا الجَلِيل، وسَأَلُوهُ قَائِلين: «يَا سَيِّد، نُرِيدُ أَنْ نَرَى يَسُوع».

فَجَاءَ فِيلِبُّسُ وقَالَ لأَنْدرَاوُس، وجَاءَ أَنْدرَاوُسُ وفِيلِبُّسُ وقَالا لِيَسُوع.


 

«هُوشَعْنا! تباركَ الآتي باسم الربّ! تباركَ ملكُ إسرائيل!» (يو 12: 13)
القدّيس أندراوس الكريتيّ (660 - 740)، راهب وأسقف،
عظة لأحد الشعانين

 

تشجّعي يا بِنتَ صِهيون، لا تخافي: "هُوَذا مَلِكُكَ آتِيًا إلَيكِ بارًّا مُخلِّصًا وَضيعًا راكِباً على حمارٍ وعلى جَحشٍ آبنِ أتان" (زك 9: 9). إنّه قادم، هو الموجود في كلّ مكان ومالئ الكون، هو يتقدّم ليحقّق فيكِ السلام للجميع. إنّه قادم، هو الذي قال: "ما جِئتُ لأدعوَ الأبرار، بَلِ الخاطِئينَ إلى التوبَة" (لو 5: 32)، ليُخِرج من الخطيئة أولئك الذين غرقوا فيها. لذا، لا تخافي: "اللهُ في وَسَطِكَ فلَن تَتزعزَعي" (مز 46[45]: 6). رافعة يديكِ، استقبلي ذاك الذي رسمَت يداه جدرانكِ. استقبلي ذاك الذي قبِلَ في ذاته كلّ ما هو لنا، ما عدا الخطيئة، ليتحمّلَ مسؤوليّتنا. ابتهجي يا بنتَ أورشليم، غنّي وارقصي من الفرح... "قومي استَنيري فإنَّ نورَكِ قد وافى ومَجدَ الربِّ قد أَشرَقَ علَيكِ" (إش 60: 1).

ما هو هذا النور؟ إنّه "النورُ الحَقّ الذي يُنيرُ كُلَّ إنسان آتِيًا إلى العالَم" (يو 1: 9): النور الأبدي... الذي ظهرَ في الزمن؛ النور الذي تجلّى في الجسد وأُخفيَ من خلال الطبيعة البشريّة؛ النور الذي لفّ الرعاة وقاد المجوس؛ النور الذي كانَ في العالَم وبِه كانَ العالَم والعالَمُ لَم يَعرِفْهُ (يو 1: 10)؛ النور الذي جاءَ إلى بَيتِه. فما قَبِلَه أهلُ بَيتِه (يو 1: 11).

وما هو مجد الله؟ إنّه بدون أدنى شكّ ذاك الصليب الذي تمجّدَ عليه الرّب يسوع المسيح، "شُعاعُ مَجدِ الله وصُورةُ جَوهَرِه" (عب 1: 3). لقد قالَ بنفسه عند اقتراب آلامه: "الآنَ مُجِّدَ ابنُ الإنسان ومُجِّدَ اللهُ فيه وإذا كانَ اللهُ قد مُجِّدَ فيه فسَيُمَجِّدُه اللهُ في ذاتِه وبَعدَ قليلٍ يُمَجِّدُه" (يو 13: 31-32). المجد الذي تكلّم عنه كان ارتفاعه على الصليب. أجل، الصليب هو مجد الرّب يسوع المسيح وعظمته. هو قال ذلك: "وأنا إذا رُفِعتُ مِنَ الأرض جَذَبتُ إليَّ الناسَ أجمَعين" (يو 12: 32).

 
 
1    سبت إحياء إلعازر     -     إنجيل القدّيس يوحنّا 11-1:12.57-55:11    
القدّيسة مريم المصريّة المعترفة - (1 نيسان)
    إنجيل القدّيس يوحنّا 11-1:12.57-55:11 
 

كَانَ فِصْحُ اليَهُودِ قَريبًا، فَصَعِدَ كَثِيرُونَ مِنَ القُرَى إِلى أُورَشَلِيمَ قَبْلَ الفِصْحِ لِيَتَطَهَّرُوا.

وكَانُوا يَطْلُبُونَ يَسُوع، ويَقُولُونَ فيمَا بَيْنَهُم، وهُم قِيَامٌ في الهَيْكَل: «مَاذَا تَظُنُّون؟ أَلا يَأْتِي إِلى العِيد؟».

وكَانَ الأَحْبَارُ والفَرِّيسِيُّونَ قَدْ أَصْدَرُوا هذَا الأَمْر: عَلى كُلِّ مَنْ يَعْلَمُ أَيْنَ هُوَ يَسُوعُ أَنْ يُبَلِّغَ عَنْهُ، لِيَقْبِضُوا عَلَيْه.

قَبْلَ الفِصْحِ بِسِتَّةِ أَيَّام، جَاءَ يَسُوعُ إِلى بَيْتَ عَنْيَا، حَيْثُ كَانَ لَعَازَرُ الَّذِي أَقَامَهُ مِنْ بَينِ الأَمْوَات.

فَأَعَدُّوا لَهُ هُنَاكَ عَشَاء، وكَانَتْ مَرْتَا تَخْدُم، وكَانَ لَعَازَرُ أَحَدَ المُتَّكِئِينَ مَعَهُ.

وأَخَذَتْ مَرْيَمُ قَارُورَةَ طِيبٍ مِنْ خَالِصِ النَّاردِينِ الغَالِي الثَّمَن، فَدَهَنَتْ قَدَمَي يَسُوعَ، ونَشَّفَتْهُمَا بِشَعْرِهَا، وعَبَقَ البَيْتُ بِرَائِحَةِ الطِّيب.

قَالَ يَهُوذَا الإِسْخَرْيُوطيّ، أَحَدُ تَلامِيذِ يَسُوع، الَّذي كَانَ مُزْمِعًا أَنْ يُسْلِمَهُ:

«لِمَاذَا لَمْ يُبَعْ هذَا الطِّيبُ بِثَلاثِ مِئَةِ دِينَار، ويُوَزَّعْ ثَمَنُهُ على الفُقَرَاء؟».

قَالَ هذَا، لا ٱهْتِمَامًا مِنْهُ بِٱلفُقَرَاء، بَلْ لأَنَّهُ كَانَ سَارِقًا، والصُّنْدُوقُ مَعَهُ، وكَانَ يَخْتَلِسُ مَا يُلْقَى فِيه.

فَقَالَ يَسُوع: «دَعْهَا! فَقَدْ حَفِظَتْهُ إِلى يَوْمِ دَفْنِي!

أَلفُقَرَاءُ مَعَكُم في كُلِّ حِين. أَمَّا أَنَا فَلَسْتُ في كُلِّ حِينٍ مَعَكُم».

وعَلِمَ جَمْعٌ كَثِيرٌ مِنَ اليَهُودِ أَنَّ يَسُوعَ هُنَاك، فَجَاؤُوا، لا مِنْ أَجْلِ يَسُوعَ وَحْدَهُ، بَلْ لِيَرَوا أَيْضًا لَعَازَرَ الَّذي أَقَامَهُ مِنْ بَينِ الأَمْوَات.

فَعَزَمَ الأَحْبَارُ على قَتْلِ لَعَازَرَ أَيْضًا،

لأَنَّ كَثِيرِينَ مِنَ اليَهُودِ كَانُوا بِسَبَبِهِ يَذْهَبُونَ ويُؤْمِنُونَ بِيَسُوع.


 

«فعَبِقَ البَيتُ بِالطِّيب»
أوريجينُس (نحو 185 - 253)، كاهن ولاهوتيّ،
شرح لنشيد الإنشاد، 2: 9

 

تقول العروس في نشيد الإنشاد: "أَفاح نارَديني رائِحَتَه" (نش 1: 12)...؛ لقد اقتربت العروس من عريسها، ومسحته بـأطيابها، وبطريقة مدهشة، حصل كما لو أنّ طيب النّاردين لم يعطِ رائحته قبلاً عندما كان في يدَي العروس، بل أفاح عطره عندما لمس جسد العريس. ويبدو بذلك أنّه ليس العريس هو الّذي أخذ رائحة الطِّيب، بل أنّ طيب النّاردين أخذ رائحتَه من العريس...

فلنشبّه هنا الكنيسة العروس بشخص مريم (أخت لعازر): قال الإنجيليّ أنّها "تَناولَت حُقَّةَ طِيبٍ مِنَ النَّارَدينِ الخالِصِ الغالي الثَّمَن، ودهَنَت قَدَمَي يسوع ثُمَّ مَسَحَتْهما بِشَعرِها"، فتلقّت بذلك، بواسطة شَعر رأسها، عِطرًا حاويًا جودة جسد الرّب يسوع وقدرته... لقد غمست رأسها بطيبٍ شهيّ آتٍ، ليس من طيب النّاردين، بل من الرّب يسوع المسيح، وها هي تقول [مع العروس]: "إنّ طيبي، المسكوب على جسد الرّب يسوع، عَكَسَ عليّ رائحته"...

"فعَبِقَ البَيتُ بِالطِّيب". هذا يشير بالتأكيد إلى أنّ رائحة العقيدة الآتية من الرّب يسوع المسيح، وعطر الرُّوح القدس اللطيف، قد ملآ بيت هذا العالم بالكامل، أو بيت الكنيسة كلّها. أو على الأقلّ، لقد ملآ كلّ البيت لهذه النفس الّتي نالت بالشركة رائحة الرّب يسوع المسيح، مقدّمةً له أوّلاً هبة إيمانها مثل الناردين الخالص، ومتلقّيةً بالمقابل نعمة الرُّوح القدس وعطر العقيدة الرُّوحيّة اللطيف... لكي تقول هي أيضًا: "إِنَّنا عِندَ اللهِ رائِحةُ المسيحِ الطَّيِّبةُ" (2كور 2: 15). ولأنّ هذا الناردين كان مليئًا بالإيمان وبحبٍّ ثمين، لهذا السبب شهد الرّب يسوع لمريم قائلاً: "قد عَمِلَت لي عملاً صالِحاً" (مر 14: 6).

 
 
فهرس نصف شهري، 2022-2023، للانجيل اليوي بحسب التقويم الماروني
 6 الى 15، من شهر ت 2 2022  16 الى 31، من شهر ك 2 2023  1 الى 15، من شهر نيسان 2023  16 الى 30، من شهر جزيران 2023  1 الى 15، من شهر ايلول 2023
 16 الى 31، من شهر ت 2 2022  1 الى 15، من شهر شباط 2023  16 الى 30، من شهر نيسان 2023  1 الى 15، من شهر نموز 2023  16 الى 30، من شهر ايلول 2023
 1 الى 15، من شهر ك 1 2022  16 الى 28، من شهر شباط 2023  1 الى 15، من شهر ايار 2023  16 الى 31، من شهر نموز 2023  1 الى 15، من شهر ت 1 2023
 16 الى 31، من شهر ك 1 2022  1 الى 15، من شهر اذار 2023  16 الى 31، من شهر ايار 2023  1 الى 15، من شهر اب 2023  16 الى 31، من شهر ت 1 2023
 1 الى 15، من شهر ك 2 2023  16 الى 31، من شهر اذار 2023  1 الى 15،  من شهر جزيران 2023  16 الى 31، من شهر اب 2023  
 
 
 النصوص مأخوذة من الترجمة الليتُرجيّة المارونيّة - إعداد اللجنة الكتابيّة التابعة للجنة الشؤون الليتورجيّة البطريركيّة المارونيّة (طبعة ثانية – 2007) © pure software code - Since 2003