الإنجيل اليوميّ   -      يا ربّ، إِلى مَن نَذهَب وكَلامُ الحَياةِ الأَبَدِيَّةِ عِندَك ؟ (يوحنا 6: 68) التقويم الماروني
  الرئيسية  

16 الى 31، من شهر ايار 2023
 

الإنجيل اليومي   -     التقويم الماروني  

 

شرح \ تقيم

16- االثلاثاء السادس من زمن القيامة
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 27-17:11
   
17- الأربعاء السادس من زمن القيامة
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 44-32:11
  «فدَمعَت عَيْنا يسوع»
      
للقدّيس بطرس خريزولوغُس (نحو 406 - 450)، أسقف رافينا وملفان الكنيسة
18- صعود الربّ يسوع إلى السماء
                                          إنجيل القدّيس مرقس 20-15:16
  «حَياتُكم مُحتَجِبةٌ معَ المسيحِ في الله» (كول 3: 3)
      
للطوباويّ يوحنّا هنري نِيومَن (1801 - 1890)، كاهن ومؤسّس جماعة دينيّة
19- يوم الجمعة السادس من زمن القيامة
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 15-12:3
  «لِتَكونَ بهِ الحَياةُ الأبديّةُ لِكُلِّ مَن يُؤمِن»
      
للقدّيس باسيليوس (نحو 330 - 379)، راهب وأسقف قيصريّة قبّدوقية
20- السبت السادس من زمن القيامة
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 6-1:14
  الرّب يسوع، الطّريق والحق والحياة، هو نور الضّمير
      
للمُكَرَّم بيّوس الثاني عشر، بابا روما من 1939 إلى 1958
21- الأحد السابع من زمن القيامة : وصيّة يسوع الجديدة
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 35-31:13
  «وصِيَّتي هي: أَحِبُّوا بَعضُكم بَعضًا كما أَحبَبتُكم»ّ
      
للقدّيس غريغوريوس الكبير (نحو 540 - 604)، بابا روما وملفان الكنيسة
22- الاثنين السابع من زمن القيامة
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 25-20:12
  «مَنْ يُحِبُّ نَفْسَهُ يَفْقِدُهَا»
      
للقدّيس أوغسطينُس (354 - 430)، أسقف هيبّونا (إفريقيا ) وملفان الكنيسة
23- الثلاثاء السابع من زمن القيامة
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 30-26:12
   
24- الأربعاء السابع من زمن القيامة
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 36-31:12
  «وأَنا إِذا رُفِعتُ مِنَ الأَرض جَذَبتُ إِلَيَّ النَّاسَ أَجمَعين» (يو 12: 32)
      
عظة منسوبة للقدّيس أفرام السريانيّ (نحو 306 - 373)، شمّاس في سوريا
25- الخميس السابع من زمن القيامة
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 43-37:12
  «أَتى يسوعُ بِجَميعِ هذهِ الآياتِ بِمَرأًى مِنهم، ولَم يُؤمِنوا بِه»
      
للقدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم (نحو 345 - 407)، بطريرك أنطاكية ثمّ القسطنطينيّة
26- يوم الجمعة السابع من زمن القيامة 
                                          إنجيل القدّيس مرقس 34-28:12
  وصيّة المحبّة
      
للقدّيسة تيريزيا الكالكوتيّة (1910 - 1997)، مؤسِّسة الأخوات مرسلات المحبّة
27- السبت السابع من زمن القيامة
                                          إنجيل القدّيس متّى 48-43:5
  محبّة الأعداء
      
للقدّيسة تيريزيا الطفل يسوع والوجه الأقدس (1873 - 1897)، راهبة كرمليّة
28- أحد العنصرة
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 20-15:14
  «فإِنَّنا نَسمَعُهم يُحَدِّثونَ بِعَجائِبِ اللهِ بِلُغاتِنا» (أع 2: 11)
      
للكردينال جوزف راتزنغر(بِندِكتُس السادس عشر، بابا روما من 2005 إلى 2013)
29- الاثنين الأوّل من زمن العنصرة
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 8-5:3
  «فَمَولودُ الجَسدِ يَكونُ جَسداً ومَولودُ الرُّوحِ يَكونُ روحاً»
      
للقدّيس يوحنّا الصليب (1542 - 1591)، راهب كرمليّ وملفان الكنيسة
30- الثلاثاء الأوّل من زمن العنصرة
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 24-21:4
  «صَدِّقيني أَيَّتُها المَرأَة تَأتي ساعةٌ فيها تَعبُدونَ الآب لا في هذا الجَبَل ولا في أُورَشَليم»
      
للقدّيس أوغسطينُس (354 - 430)، أسقف هيبّونا (إفريقيا ) وملفان الكنيسة
31- الأربعاء الأوّل من زمن العنصرة
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 39-37:7
  «ومَن آمنَ بي فَلْيَشَربْ كما ورَدَ في الكِتاب: ستَجْري مِن جَوفِه أَنهارٌ مِنَ الماءِ الحَيّ»
      
أوريجينُس (نحو 185 - 253)، كاهن ولاهوتيّ
 
 
31    الأربعاء الأوّل من زمن العنصرة   -     إنجيل القدّيس يوحنّا 39-37:7    
 
    إنجيل القدّيس يوحنّا 39-37:7
 
في آخِرِ أَيَّامِ العِيدِ وأَعْظَمِهَا (عيد المظال!)، وَقَفَ يَسُوعُ وهَتَفَ قَائِلاً: «إِنْ عَطِشَ أَحَدٌ فَلْيَأْتِ إِليَّ.
وَالمُؤْمِنُ بِي فَلْيَشْرَبْ، كَمَا قَالَ الكِتَاب: مِنْ جَوْفِهِ تَتَدَفَّقُ أَنْهَارُ مَاءٍ حَيّ».
قَالَ هذَا عَنِ الرُّوحِ الَّذِي كَانَ المُؤْمِنُونَ بِهِ مُزْمِعِينَ أَنْ يَقْبَلُوه. فَٱلرُّوحُ لَمْ يَكُنْ بَعْدُ قَدْ أُعْطِيَ، لأَنَّ يَسُوعَ لَمْ يَكُنْ بَعْدُ قَدْ مُجِّد.

 

«ومَن آمنَ بي فَلْيَشَربْ كما ورَدَ في الكِتاب: ستَجْري مِن جَوفِه أَنهارٌ مِنَ الماءِ الحَيّ»
أوريجينُس (نحو 185 - 253)، كاهن ولاهوتيّ،
عظات حول سفر التكوين ، العظة 12

 

"اشرَبْ ماءً في جُبًكَ ومَعينًا مِمَّا في بِئرِكَ" (أم 5: 15-17). حاول، أنت الذي تسمعني، أن يكون لك بئر خاصّ بك وينبوع خاصّ بك. هكذا، عندما تأخذ الكتاب المقدّس، ستكتشف بذاتك تفسيرات خاصّة بك. نعم، حاول من خلال كلّ ما تعلّمته في الكنيسة، أن تستقي أنت أيضًا من ينبوع روحك. ففي داخلك، ستجد... "الماء الحيّ" (راجع يو 4: 10). هنالك قنوات الماء التي لا تنضب والأنهار المحمّلة بالمعنى الروحي للكتاب المقدّس، شرط ألاّ يتعثّر جريانها بالتربة والركام. في هذه الحالة، يجب الحفر والتنظيف، أي طرد كسل الروح والتخلّص من سبات القلب...
نقِّ روحك حتّى تشرب يومًا من ينابيعك وتستقي من الماء الحيّ الذي ينبع من بئرك. لأنّك إن تلقَّيتَ كلمةَ الله وحصلتَ على الماءِ الحيّ من الرّب يسوع، وإن تلقّيتها بالإيمان، ستتحوّل فيك إلى "عَينَ ماءٍ يَتفَجَّرُ حَياةً أَبَديَّة" (يو 4: 14).
 
 
30    الثلاثاء الأوّل من زمن العنصرة   -     إنجيل القدّيس يوحنّا 24-21:4     
 
    إنجيل القدّيس يوحنّا 24-21:4
 
قَالَ يَسُوعُ للسَامِرِيَّة: «صَدِّقِينِي، يَا ٱمْرَأَة. تَأْتِي سَاعَةٌ، فِيهَا تَسْجُدُونَ لِلآب، لا في هذَا الجَبَل، ولا في أُورَشَلِيم.
أَنْتُم تَسْجُدُونَ لِمَا لا تَعْلَمُون، ونَحْنُ نَسْجُدُ لِمَا نَعْلَم، لأَنَّ الخَلاصَ هُوَ مِنَ اليَهُود.
ولكِنْ تَأْتِي سَاعَة، وهِيَ الآن، فِيهَا السَّاجِدُونَ الحَقِيقِيُّونَ يَسْجُدُونَ لِلآبِ بِٱلرُّوحِ والحَقّ. فَعَلى مِثَالِ هؤُلاءِ يُريدُ الآبُ السَّاجِدينَ لَهُ.
أَللهُ رُوح، وعَلى السَّاجِدِينَ لَهُ أَنْ يَسْجُدُوا بِٱلرُّوحِ والحَقّ».

 

«صَدِّقيني أَيَّتُها المَرأَة تَأتي ساعةٌ فيها تَعبُدونَ الآب لا في هذا الجَبَل ولا في أُورَشَليم»
القدّيس أوغسطينُس (354 - 430)، أسقف هيبّونا (إفريقيا الشماليّة) وملفان الكنيسة،
عظات عن إنجيل القدّيس يوحنّا

 

لقد قُلتَ في نفسك: "إنّي أتمنّى لو أجدَ جبلاً مرتفعًا وحيدًا، إذ أعتقدُ فعلاً أنّ الله يسكنُ في الأعالي، وسيسمعُ ندائي إن ناجيتُه حين أكون في مكان مُرتفع". فهل تعتقد أنّك إن كنت على جبلٍ عالٍ ستكون أقرب من الله وسيلبّي نداءك كما لو كنتَ تحدّثُه عن قرب؟ إنّه يسكنُ في الأعالي ولكنّه ينظرُ إلى المتواضعين. هل الله قريبٌ من المتكبّرين؟ "الربّ قَريب" أتُرى مِمَّن؟ أمِنَ الذين في المرتفعات؟ بالتأكيد لا، إنّما "الربّ قَريب مِن مُنكَسِري القُلوب" (مز34[33]: 19).يا للروعةّ! إنّه يسكنُ في الأعالي ولكنّه أقرب إلى المتواضعين. لقد "نَظَرَ إِلى المُتَواضِع أَمَّا المُتَكَبّر فيَعرِفُه مِن بَعيد" (مز138[137]: 6). إنّه يعرف المتكبّرين من بعيد كما إنّه يبتعدُ أكثر عنهم كلّما ظنّوا أنفسهم أكثر ارتفاعًا.
هل تبحث عن جبلٍ؟ انزل لتلاقيه. أتريد الصعود؟ اصعد ولكن لا تبحث عن جبل. يقول المزمور: "طوبى لِلَّذينَ بِكَ عِزَّتُهم ففي قُلوبِهم مَراقٍ إِلَيكَ. إِذا مَرُّوا بِوادي البَلَسان جَعَلوا مِنه يَنابيع وباكورَةُ الأَمطارِ تَغمُرُهم بِالبَرَكات" (مز84[83]: 6-7). في كلِّ وادٍ تواضعٌ. لذلك وجّه أفعالك كلَّها إلى داخلكِ. وإذا أردت أن تجدَ مكانًا مرتفعًا، مكانًا مقدّسًا، قدّم نفسَكَ هيكلاً لله. "لأَنَّ هَيكَلَ اللهِ مُقدَّس، وهذا الهَيكَلُ هو أَنتُم" (1كور3: 17). هل تريد أن تصلّيَ في هيكلٍ؟ صلِّ في داخلِكَ. ولكن اجعل نفسَك هيكلاً للربّ أوّلاً لأنّه في هيكلِهِ وحدِه يسمع من يناجيه.
 
 
29    الاثنين الأوّل من زمن العنصرة    -     إنجيل القدّيس يوحنّا 8-5:3   
القدّيسة تيودوسيا من صور الشهيدةّ - (29 ايار)
    إنجيل القدّيس يوحنّا 8-5:3
 
أَجَابَ يَسُوعُ وقالَ لِنيقُودِيمُس: «أَلْحَقَّ ٱلْحَقَّ أَقُولُ لَكَ، لا أَحَدَ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللهِ مَا لَمْ يُولَدْ مِنَ المَاءِ والرُّوح.
مَولُودُ الجَسَدِ جَسَد، ومَوْلُودُ الرُّوحِ رُوح.
لا تَعْجَبْ إِنْ قُلْتُ لَكَ: عَلَيْكُمْ أَنْ تُولَدُوا مِنْ جَدِيد.
أَلرِّيحُ تَهُبُّ حَيْثُ تَشَاء، وأَنْتَ تَسْمَعُ صَوتَهَا، لكِنَّكَ لا تَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ تَأْتِي ولا إِلى أَيْنَ تَمْضِي: هكَذَا كُلُّ مَوْلُودٍ مِنَ الرُّوح».

 

«فَمَولودُ الجَسدِ يَكونُ جَسداً ومَولودُ الرُّوحِ يَكونُ روحاً»
القدّيس يوحنّا الصليب (1542 - 1591)، راهب كرمليّ وملفان الكنيسة،
صعود جبل الكرمل، الكتاب الثاني، الفصل الخامس

 

قال الرّب يسوع في إنجيل يوحنّا: "الحَقَّ الحَقَّ أَقولُ لَكَ: ما مِن أَحَدٍ يُمكِنَه أَن يَدخُلَ مَلَكوتَ الله إِلاَّ إِذا وُلِدَ مِنَ الماءِ والرُّوح". الولادة من الرُّوح القدس في هذه الحياة، هي أن تتشبّه نفسنا بالله من خلال الطّهارة وأن نتخلّص من كلّ ما يبعد الكمال عنّا. هكذا فحسب يمكن أن يتحقّق التحوّل الطاهر للنفس في الله؛ إنها تشارك طبيعة الله باتّحادها معه من دون أن يكون هذا الاتّحاد اتّحادًا في جوهر الطبيعتين.
ولكي نفهم أكثر، فلنقم بمقارنة: أنظروا الى شعاع الشَّمس الذي يضيء زجاج النافذة. فإن كان الزجاج ملطّخًا ببعض البقع أو كان هناك بعض الغيوم، فلا يمكن للشعاع أن يضيء المكان بالكامل أو أن يحوّله بنوره كما كان ليفعله لو كان الزجاج نقيًا وخاليًا من أي بقعة... والحال هذه فإن المشكلة تكمن في الزّجاج الملطَّخ وليس في الشّعاع. فلو كان الزّجاج نظيفًا بالكامل، لاستطاع الشّعاع أن يضيء الزّجاج ويحوّله حتى يبدو هو الشعاع بنفسه ويمنح الضّياء ذاته. يبقى فقط أنّ الزجاج الذي أصبح مشابهًا للشّعاع سيبقى محافظًا على طبيعته الفريدة. ورغم ذلك يمكننا القول بإنّ الزجاج أصبح شعاعًا من خلال مشاركته.
هكذا هي النفس. فهي مغمورة بالكامل من شعاع الله أو بالأحرى هذا الشعاع يسكن فيها بالطبيعة. فكلما عملت النفس على التخلّص من شوائبها أي بمعنى آخر، كلّما كانت إرادتها متّحدةً بالتّمام بإرادة الله – لأن محبّتنا لله تعني العمل، إكرامًا لله، على التخلّص من كل ما هو ليس الله – وهكذا تصبح النّفس مستنيرة وقد تحوّلت في الله.
 
 
28    أحد العنصرة    -     إنجيل القدّيس يوحنّا 20-15:14   
 
    إنجيل القدّيس يوحنّا 20-15:14
 
قالَ الربُّ يَسوعُ لِتَلاميذِهِ: «إِنْ تُحِبُّونِي تَحْفَظُوا وَصَايَاي.
وأَنَا أَسْأَلُ الآبَ فَيُعْطِيكُم بَرَقلِيطًا آخَرَ مُؤَيِّدًا يَكُونُ مَعَكُم إِلى الأَبَد.
هُوَ رُوحُ ٱلحَقِّ الَّذي لا يَقْدِرُ العَالَمُ أَنْ يَقْبَلَهُ، لأَنَّهُ لا يَرَاه، ولا يَعْرِفُهُ. أَمَّا أَنْتُم فَتَعْرِفُونَهُ، لأَنَّهُ مُقيمٌ عِنْدَكُم، وهُوَ فِيكُم.
لَنْ أَتْرُكَكُم يَتَامَى. إِنِّي آتِي إِلَيْكُم.
عَمَّا قَلِيلٍ لَنْ يَرانِيَ العَالَم، أَمَّا أَنْتُم فَتَرَونَنِي، لأَنِّي أَنَا حَيٌّ وأَنْتُم سَتَحْيَون.
في ذلِكَ اليَومِ تَعْرِفُونَ أَنِّي أَنَا في أَبِي، وأَنْتُم فِيَّ، وأَنَا فيكُم.

 

«فإِنَّنا نَسمَعُهم يُحَدِّثونَ بِعَجائِبِ اللهِ بِلُغاتِنا» (أع 2: 11)
الكردينال جوزف راتزنغر(بِندِكتُس السادس عشر، بابا روما من 2005 إلى 2013)،
رياضة في الفاتيكان 1983

 

إنّ يوم العنصرة يظهر طبيعة الكنيسة الجامعة. إذ يُعلن الرُّوح القدس عن حضوره في موهبة الألسن. لقد جدّد بذلك، إنّما بطريقة معاكسة، ما حدث في بابل (راجع تك 11)، هذا التعبير عن تكبّر البشر الذين أرادوا أن يصبحوا مثل الله وأن يبنوا بقواهم الخاصّة، أي بدون الله، جسرًا نحو السماء، أي برج بابل. إنّ هذا التكبّر يؤدّي إلى الانقسامات في العالم ويرفع جدران التفريق. بسبب التكبّر، يعترف الإنسان فقط بذكائه الخاص، وبإرادته الخاصّة وبقلبه الخاص؛ من هنا، هو ليس قادرًا على فهم لغة الآخرين، ولا على سماع صوت الله.
إنّ الرُّوح القدس، المحبّة الإلهية، يفهم ويجعل الآخرين يفهمون اللغات؛ هو يخلق الوحدة في التعدّد. هكذا، ومنذ يومها الأوّل، تتكلّم الكنيسة في اللغات كلّها. هي في الحال كاثوليكيّة وجامعة. الجسر بين السماء والأرض موجود فعلاً: إنّ الصليب هو هذا الجسر، ومحبّة الله بَنَتْ هذا الجسر. إنّ بناء هذا الجسر تخطّى إمكانيّات التقنيّة. كان يجب أن يفشل هدف بابل ويجب أن يفشل؛ وحدها محبّة الله المتجسّد كان باستطاعتها تلبية هدف كهذا...
إنّ الكنيسة هي جامعة منذ اللحظة الأولى لوجودها؛ فهي تشمل اللغات كلّها. إنّ علامة اللغات تعبّر عن وجه بالغ الأهميّة لعِلم الكنيسة الأمين للكتاب المقدّس: الكنيسة الجامعة تسبق الكنائس الخصوصيّة، والوحدة تأتي قبل الأقسام. إنّ الكنيسة الجامعة ليست اندماجًا ثانويًّا للكنائس المحليّة؛ إنّ الكنيسة الجامعة الكاثوليكيّة هي التي أوجدت الكنائس الخصوصيّة، وهذه الكنائس لا يمكنها أن تبقى كنائس إلاّ من خلال الشراكة مع الكنيسة الجامعة. إضافة إلى ذلك، فإنّ الجامعيّة تقتضي تعدّد اللغات، وتوحيد الثروات البشريّة وتناغمها في محبّة المصلوب.
 
 
27    السبت السابع من زمن القيامة    -     إنجيل القدّيس متّى 48-43:5   
 
    إنجيل القدّيس متّى 48-43:5
 
قالَ الربُّ يَسوعُ: «سَمِعْتُم أَنَّه قِيل: أَحْبِبْ قَريبَكَ وأَبْغِضْ عَدُوَّكَ.
أَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُم: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُم، وصَلُّوا مِنْ أَجْلِ مُضْطَهِدِيكُم،
لِتَكُونُوا أَبْنَاءَ أَبيكُمُ الَّذي في السَّمَاوَات، لأَنَّه يُشْرِقُ بِشَمْسِهِ عَلى الأَشْرَارِ والأَخْيَار، ويَسْكُبُ غَيْثَهُ عَلى الأَبْرَارِ والفُجَّار.
فَإِنْ أَحْبَبْتُمُ الَّذينَ يُحِبُّونَكُم، فَأَيُّ أَجْرٍ لَكُم؟ أَلَيْسَ العَشَّارُونَ أَنْفُسُهُم يَفْعَلُونَ ذلِكَ؟
وإِنْ سَلَّمْتُمْ عَلى إِخْوَتِكُم وَحْدَهُم، فَأَيَّ فَضْلٍ عَمِلْتُم؟ أَلَيْسَ الوَثَنِيُّونَ أَنْفُسُهُم يَفْعَلُونَ ذلِكَ؟
فَكُونُوا أَنْتُمْ كَامِلِين، كمَا أَنَّ أَبَاكُمُ السَّمَاوِيَّ هُوَ كَامِل.

 

محبّة الأعداء
القدّيسة تيريزيا الطفل يسوع والوجه الأقدس (1873 - 1897)، راهبة كرمليّة وملفانة الكنيسة،
مخطوط السّيرة الذّاتيّة، C 13 v°-14 r°

 

توجد في جماعتنا الرّهبانيّة أخت لها الموهبة بأن تثير استيائي في كلّ شيء؛ كانت حركاتها، وكلماتها، وطباعها تزعجني. لكنها راهبة قدّيسة لا بدّ أنها محبوبة لدى الله؛ وبما أنّي لم أكن أريد أن أستسلم لهذا الكره الطبيعي الذي كنت أشعر به، فكّرت بأن المحبة يجب ألاّ تكمن في المشاعر، إنّما في الأعمال. عندها، التزمت بأن أفعل مع هذه الأخت ما كنت قد أفعله مع أكثر شخص أحبّه. في كلّ مرّة كنت ألتقي بها، كنت أصلّي لله من أجلها، مقدّمة له كلّ فضائلها وحسناتها. كنت أشعر بقوّة بأن هذا يفرح الرّب يسوع، لأنّه ما من فنّان لا يحبّ أن يتلقّى مدائح على أعماله، والرّب يسوع، فنّان النفوس، يفرح حين لا نتوقّف عند المظاهر الخارجيّة، حين ندخل إلى الهيكل الخاص الذي اختاره كمقّر له، ونُعْجَب بجماله.
لم أكن أكتفي بالصلاة بكثافة للأخت التي كانت لي مصدر الكثير من الصراعات، إنما كنت أحاول أن أخدمها بكلّ الطرق، وحين كنت أشعر بالرغبة بأن أجيبها بطريقة مسيئة، كنت أكتفي بأن أبتسم لها بالكثير من المحبّة، وأحاول أن أغيّر الحديث... وغالبًا أيضًا... عندما كانت صراعاتي عنيفة جدًّا، وكان لديّ بعض الأعمال مع هذه الأخت، كنت ألوذ بالفرار مثل الهارب. وبما أنّها كانت تجهل تمامًا ما كنت أشعر به حيالها، لم تشكّ يومًا بدوافع تصرّفاتي وبقيت مقتنعة بأن طبعها يروق لي. وفي أحد الأيام، في وقت الاستراحة، قالت لي تقريبًا هذه الكلمات وهي تشعر بالفرح: "هل يمكنك أن تقولي لي، أختي تيريزيا الطفل يسوع، ما الذي يجذبك هكذا إليّ؟ في كلّ مرّة تنظرين إليّ أراك مبتسمة؟" آه، إنّ ما كان يجذبني، هو الرّب يسوع المخبّأ في داخل نفسك. الرّب يسوع الذي يحوّل إلى العذوبة ما هو أشدّ مرارة.
 
 
26    يوم الجمعة السابع من زمن القيامة    -     إنجيل القدّيس مرقس 34-28:12   
 
    إنجيل القدّيس مرقس 34-28:12
 
دَنَا إِلى يَسُوعَ أَحَدُ الكَتَبَة، وكَانَ قَدْ سَمِعَهُم يُجَادِلُونَهُ، ورَأَى أَنَّهُ أَحْسَنَ الرَّدَّ عَلَيْهِم، فَسَأَلَهُ: «أَيُّ وَصِيَّةٍ هِي أُولَى الوَصَايَا كُلِّهَا؟».
أَجَابَ يَسُوع: «أَلوَصِيَّةُ الأُولَى هِيَ: إِسْمَعْ يَا إِسْرَائِيل، أَلرَّبُّ إِلهُنَا هُوَ رَبٌّ وَاحِد.
فَأَحْبِبِ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وكُلِّ نَفْسِكَ، وكُلِّ فِكْرِكَ، وكُلِّ قُوَّتِكَ.
والثَّانِيَةُ هِيَ هذِهِ: أَحْبِبْ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ! ولا وَصِيَّةَ أُخْرَى أَعْظَمُ مِنْ هَاتَينِ الوَصِيَّتَين».
فقالَ لَهُ الكَاتِب: «أَحْسَنْتَ يَا مُعَلِّم، بِحَقٍّ قُلْتَ: وَاحِدٌ هُوَ الله، لا إِلهَ آخَرَ سِوَاه.
وحُبُّ اللهِ مِنْ كُلِّ القَلْب، وكُلِّ العَقْل، وكُلِّ القُوَّة، وحُبُّ القَريبِ كَالنَّفْس، هُمَا أَفْضَلُ مِنْ كُلِّ الذَّبَائِحِ والمُحْرَقَات».
ورَأَى يَسُوعُ أَنَّ الكَاتِبَ أَجَابَ بَحِكْمَة، فقَالَ لَهُ: «لَسْتَ بَعِيدًا مِنْ مَلَكُوتِ الله». ومَا عَادَ أَحَدٌ يَجْرُؤُ أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْ شَيء.

 

وصيّة المحبّة
القدّيسة تيريزيا الكالكوتيّة (1910 - 1997)، مؤسِّسة الأخوات مرسلات المحبّة،
شيء جميل لله

 

"أحبِبْ الربّ إلهك من كلّ قلبك وكلّ روحك وكلّ نفسك". تلك كانت وصيّة الله العظيم، وهو لا يمكن أن يوصي بالمستحيل. فالمحبّة هي ثمرة كلّ الفصول وهي دائمًا في متناول اليد. يمكن لكلّ واحد أن يقطفها، بدون حدود. كما يستطيع الجميع بلوغ هذه المحبّة من خلال التأمّل وروح الصلاة والتضحية وعمق الحياة الداخليّة.
إن لم يكن هنالك من حدود، فذلك لأنّ الله محبّة (1يو 4: 8)، ولأنّ المحبّة هي الله. ما يربطنا بالله فعلاً إنّما هو علاقة محبّة. ثمّ إنّ محبّة الله لامتناهية. والمشاركة في محبّة الله هي أن نحبّ وأن نعطي مهما كان الثمن باهظًا. لذا، لا يتعلّق الأمر بما نفعل، بل بالحبّ الذي يدفعنا إلى القيام بذلك. لذا، فإنّ الأشخاص الذين لا يعرفون كيفيّة إعطاء المحبّة وكيفيّة تلقّيها، هم أفقر الفقراء، مهما كانت ثرواتهم طائلة.
 
 
25    الخميس السابع من زمن القيامة     -     إنجيل القدّيس يوحنّا 43-37:12    
 
    إنجيل القدّيس يوحنّا 43-37:12 
 
صَنَعَ يَسُوعُ أَمَامَ اليَهُودِ تِلْكَ الآيَاتِ كُلَّهَا، فَمَا كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِهِ،
لِتَتِمَّ الكَلِمَةُ الَّتِي قَالَهَا آشَعْيَا النَّبِيّ: «يَا رَبُّ، مَنْ آمَنَ بِمَا سَمِعَ مِنَّا؟ ولِمَنْ أُعْلِنَتْ ذِرَاعُ الرَّبّ؟».
لِهذَا لَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يُؤْمِنُوا لأَنَّ آشَعْيَا قَالَ أَيْضًا:
«لَقَدْ أَعْمَى عُيُونَهُم، وقَسَّى قُلُوبَهُم، لِئَلاَّ يَرَوا بِعُيُونِهِم، ويَفْهَمُوا بِقُلُوبِهِم، ويَتُوبُوا فَأَشْفِيَهُم».
قَالَ آشَعْيَا هذَا، لأَنَّهُ رَأَى مَجْدَ يَسُوعَ وتَحَدَّثَ عَنْهُ.
غَيرَ أَنَّ كَثيرينَ مِنَ الرُّؤَسَاءِ أَنْفُسِهِم آمَنُوا بِهِ، ولكِنَّهُم بِسَبَبِ الفَرِّيسِيِّينَ لَمْ يَجْهَرُوا بِإِيْمَانِهِم، لِئَلاَّ يُفْصَلُوا عَنِ المَجْمَع.
فَقَدْ فَضَّلُوا مَجْدَ النَّاسِ عَلى مَجْدِ الله.

 

«أَتى يسوعُ بِجَميعِ هذهِ الآياتِ بِمَرأًى مِنهم، ولَم يُؤمِنوا بِه»
القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم (نحو 345 - 407)، بطريرك أنطاكية ثمّ القسطنطينيّة وملفان الكنيسة،
العظة 67 عن إنجيل القدّيس يوحنّا

 

كان ربّنا يعرف حنق اليهود الذين خطّطوا لموته، وهذا هو الدافع الذي حمله على التخفّي، وقد أشار الإنجيلي إلى ذلك بهذا الكلام: "صَنَعَ يَسوعُ أمامَ اليَهودِ تِلكَ الآياتِ كُلَّها، فَما كانوا يُؤمِنونَ بِه"، إلخ. لقد كانوا مذنبين تمامًا لأنّهم لم يؤمنوا بآياتٍ عظيمة كتلك. إنّ تلك الآيات هي التي كانت قد ذُكِرت من قبل. وكي لا نستطيع أن نعذر ريبتهم، بالقول إنّهم لم يكونوا على علم بالهدف من رسالة المسيح، أتى الإنجيلي بشهادة الأنبياء الذين عرفوا الهدف: "فتَمَّتِ الكَلِمَةُ الَّتي قالَها النَّبِيُّ إِشَعْيا: يا ربّ، مَنِ الَّذي آمَنَ بِما سَمِعَ مِنَّا؟ ولِمَن كُشِفَت ذِراعُ الرَّبّ؟". إنّ قول إشعيا: "يا ربّ، مَنِ الَّذي آمَنَ" كان لِكي يُعبِّر عن العدد الصغير من الذين آمنوا بما تعلّمه الأنبياء القدّيسون من الله وأعلنوه للشعب.
لقد أسمَعَ (إشعيا) بما فيه الكفاية أنّ ذراع الربّ هذه، هي ابن الله نفسه، ليس بمعنى أنّ الله الآب له شكلٌ بشريّ، إنّما دعاه ذراع الله، "لأنّ بِه كانَ كُلُّ شَيء" (راجع يو 1: 3). فإن كان لأيّ إنسان ما يكفي من القوّة لينجز ما يريد بدون أيّ مجهودٍ جسدي، تصير كلمته بمثابة ذراعه. هذا التعبير ليس من شأنه إطلاقًا دعم خطأ الذين يزعمون أنّه ليس هناك سوى شخص الآب، إن كان الابن هو ذراعه، إذ إنّ الإنسان والذراع لا يشكّلان سوى شخص واحد. فهؤلاء لا يُدركون أبدًا أنّ تعبيرًا واحدًا يمكنه أن يتحوّل عن معناه الأصلي ليُطبّق على نوع من الأشياء مختلف كليًّا، بسبب بعض نقاط التشابه والمماثلة.
 
 
24    الأربعاء السابع من زمن القيامة     -     إنجيل القدّيس يوحنّا 36-31:12    
 
    إنجيل القدّيس يوحنّا 36-31:12 
 
قالَ الربُّ يَسوعُ: «هِيَ الآنَ دَيْنُونَةُ هذَا العَالَم. أَلآنَ يُطْرَدُ سُلْطَانُ هذَا العَالَمِ خَارِجًا.
وأَنَا إِذَا رُفِعْتُ عَنِ الأَرض، جَذَبْتُ إِليَّ الجَمِيع».
قَالَ هذَا لِيَدُلَّ عَلى أَيِّ مِيتَةٍ كَانَ مُزْمِعًا أَنْ يَمُوتَهَا.
فَأَجَابَهُ الجَمْع: «نَحْنُ سَمِعْنَا مِنَ التَّوْرَاةِ أَنَّ المَسِيحَ يَبْقَى إِلى الأَبَد. فَكَيْفَ تَقُولُ أَنْتَ: إِنَّ عَلى ٱبْنِ الإِنْسَانِ أَنْ يُرْفَع؟ مَنْ هُوَ ٱبْنُ الإِنْسَانِ هذَا؟».
قَالَ لَهُم يَسُوع: «أَلنُّورُ بَاقٍ بَيْنَكُم زَمَنًا قَليلاً. سِيرُوا مَا دَامَ لَكُمُ النُّور، لِئَلاَّ يَدْهَمَكُمُ الظَّلام. فَمَنْ يَسيرُ في الظَّلامِ لا يَدْرِي إِلى أَيْنَ يَذْهَب.
آمِنُوا بِٱلنُّور، مَا دَامَ لَكُمُ النُّور، لِتَصِيرُوا أَبْنَاءَ النُّور». قَالَ يَسُوعُ هذَا، ومَضَى مُتَوارِيًا عَنْهُم.

 

«وأَنا إِذا رُفِعتُ مِنَ الأَرض جَذَبتُ إِلَيَّ النَّاسَ أَجمَعين» (يو 12: 32)
عظة منسوبة للقدّيس أفرام السريانيّ (نحو 306 - 373)، شمّاس في سوريا وملفان الكنيسة،
عظة من القرن الرّابع

 

منذ الآن، ستتبدّد الظلمات وتنجلي الحقيقة من خلال الصليب، كما قال لنا الرسول يوحنّا: "لأَنَّ العالَمَ القَديمَ قد زال... هاءَنَذا أَجعَلُ كُلَّ شَيءٍ جَديدًا" (راجع رؤ 21: 4-5). سيُجرّد الموت، وسيسلّم الجحيم أسراه، وسيتحرّر الإنسان، وسيحكم الربّ وسيعمّ الفرحُ الخليقةَ. الصليب سينتصر وسيأتي جميع الأمم والقبائل والألسنة والشعوب لعبادته (راجع رؤ 7: 9). مع الطوباوي بولس الذي صرخ: "أَمَّا أَنا فمَعاذَ اللهِ أَن أَفتَخِرَ إِلاَّ بِصَليبِ رَبِّنا يسوعَ المسيح!" (غل 6: 14)، نجد في بالصليب فرحنا. الصليب أعاد النور للعالم، وطرد الظلام وجمع الأمم من الغرب إلى الشرق، ومن الشمال إلى البحر في كنيسة واحدة وإيمان واحد ومعموديّة واحدة بالمحبّة. ارتفع الصليب في وسط العالم، مثبّتًا على الجلجلة.
تسلّح الرسل بالصليب وانطلقوا يبشّرون ويجمعون العالم في عبادته، متخطّين كلّ قوّة معادية. من خلال الصليب، اعترف الشهداء بإيمانهم بجرأة ولم يخافوا من ظلم المستبدّين. كما حمله جميع الرهبان بفرح عظيم وجعلوا من الوحدة مسكنهم.
حين يعود المسيح في مجيئه الثاني، سيظهر هذا الصليب أوّلاً في السماء، صولجانًا ثمينًا وحيًّا وحقيقيًّا ومقدّسًا للملك العظيم: "وتَظهَرُ عِندَئِذٍ في السَّماءِ آيةُ ابنِ الإِنسان" (مت 24: 30). سنراه محروسًا من الملائكة، مضيئًا للأرض، من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، أبهى من الشمس ومعلنًا يوم الربّ.
 
 
23    الثلاثاء السابع من زمن القيامة     -     إنجيل القدّيس يوحنّا 30-26:12    
مار طوبيّا البار - (23 ايار)
    إنجيل القدّيس يوحنّا 30-26:12 
 
قالَ الَرَبُّ يَسُوع : «مَنْ يَخْدُمْنِي فَلْيَتْبَعْنِي. وحَيْثُ أَكُونُ أَنَا، فَهُنَاكَ يَكُونُ أَيْضًا خَادِمِي. مَنْ يَخْدُمْنِي يُكَرِّمْهُ الآب.
نَفْسِي الآنَ مُضْطَرِبَة، فَمَاذَا أَقُول؟ يَا أَبَتِ، نَجِّنِي مِنْ هذِهِ السَّاعَة؟ ولكِنْ مِنْ أَجْلِ هذَا بَلَغْتُ إِلى هذِهِ السَّاعَة!
يَا أَبَتِ، مَجِّدِ ٱسْمَكَ». فَجَاءَ صَوْتٌ مِنَ السَّمَاءِ يَقُول: «قَدْ مَجَّدْتُ، وسَأُمَجِّد».
وسَمِعَ الجَمْعُ الحَاضِرُ فَقَالُوا: «إِنَّهُ رَعد». وقَالَ آخَرُون: «إِنَّ مَلاكًا خَاطَبَهُ».
أَجَابَ يَسُوعُ وقَال: «مَا كَانَ هذَا الصَّوْتُ مِنْ أَجْلِي، بَلْ مِنْ أَجْلِكُم.
 
 
22    الاثنين السابع من زمن القيامة     -     إنجيل القدّيس يوحنّا 25-20:12    
القدّيسة ريتا المعترفة - (22 ايار)
    إنجيل القدّيس يوحنّا 25-20:12 
 
كَانَ بَينَ الصَّاعِدِينَ لِيَسْجُدُوا في العِيد، بَعْضُ اليُونَانِيِّين.
فَدَنَا هؤُلاءِ مِنْ فِيلِبُّسَ الَّذي مِنْ بَيْتَ صَيْدَا الجَلِيل، وسَأَلُوهُ قَائِلين: «يَا سَيِّد، نُرِيدُ أَنْ نَرَى يَسُوع».
فَجَاءَ فِيلِبُّسُ وقَالَ لأَنْدرَاوُس، وجَاءَ أَنْدرَاوُسُ وفِيلِبُّسُ وقَالا لِيَسُوع.
فَأَجَابَهُمَا يَسُوعُ قَائِلاً: «لَقَدْ حَانَتِ السَّاعَةُ لِكَي يُمَجَّدَ ٱبْنُ الإِنْسَان.
أَلحَقَّ ٱلحَقَّ أَقُولُ لَكُم: إِنَّ حَبَّةَ الحِنْطَة، إِنْ لَمْ تَقَعْ في الأَرضِ وتَمُتْ، تَبْقَى وَاحِدَة. وإِنْ مَاتَتْ تَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِير.
مَنْ يُحِبُّ نَفْسَهُ يَفْقِدُهَا، ومَنْ يُبْغِضُهَا في هذَا العَالَمِ يَحْفَظُهَا لِحَيَاةٍ أَبَدِيَّة.

 

«مَنْ يُحِبُّ نَفْسَهُ يَفْقِدُهَا»
القدّيس أوغسطينُس (354 - 430)، أسقف هيبّونا (إفريقيا الشماليّة) وملفان الكنيسة،
العظة 67

 

لقد توقّع الربّ يسوع أنّ موته سوف يُغرِق تلاميذه في حزن عميق، ولذلك شرح لهم عقيدة الصليب الكاملة وكأنّه كان يقول لهم: لا يكفي أن تتحمّلوا موتي بصبر، فإن لم تموتوا أنتم بذاتكم فليس لديكم أي ثمرة تأملونها من موتي. يمكننا فهم عبارة "مَنْ يُحِبُّ نَفْسَهُ يَفْقِدُهَا" بطريقتين؛ الأولى: إن كنت تحبّ نفسك حقًّا لا تتردّد في فقدانها، وإذا كنت ترغب في الحصول على الحياة في الرّب يسوع المسيح، لا تخف أن تعاني الموت من أجله. والثانية: لا تحبّوا أنفسكم في هذه الحياة كي لا تخسروها في الحياة الأبديّة. وهذا التفسير الثاني هو أكثر تناسقًا مع سياق النصّ الإنجيلي بمجمله، حيث نقرأ فيما بعد: "ومَنْ يُبْغِضُهَا في هذَا العَالَمِ يَحْفَظُهَا لِحَيَاةٍ أَبَدِيَّة"...
إنّ سياق العبارة السابقة "مَن يحب" يعني في هذا العالم. فمَن يحبّ نفسه في هذا العالم، هو من يشبع رغباته الشريرة؛ ومَن يُبغِض نفسه هو مَن يقاوم رغباته الآثمة. ونلاحظ أنّ ربّنا لم يقل "الذي لا يستسلم لرغبات نفسه" بل "مَنْ يُبْغِضُهَا". لأنّه عندما نكنّ البغض لشخص ما، لا يمكننا سماع صوته وحضوره يزعجنا. وهكذا عندما تقترح نفسنا علينا أفكار مخالفة لشريعة الله، يجب علينا أن نرفضها بقرف. ويبدو شرط بُغض النفس صعبًا جدًّا، لذلك يخفّف المخلّص من هذا الواجب القاسي مضيفًا "في هذا العالم"، فتعلن هذه الكلمات عن الفترة الوجيزة للاختبار، فهو لا يوصينا أن نُبغِض نفسنا إلى الأبد، ويُعلِمُنا بمكافأة هذه التضحية: "سوف يحفظها للحياة الأبديّة". ولكن احذروا الانغماس في فكرة قتل أنفسكم من خلال تفسيركم الخاطئ لمبدأ "يجب أن تُبغِض نفسك في هذا العالم" لأنّ بعض الناس المنحرفين والضالّين يفهمونه على طريقتهم، فيرتكبون جرائم قتل ويلقون حتفهم عن طريق إلقاء أنفسهم في النار أو خنق  أنفسهم في الماء أو برمي أنفسهم من مكان عال. وليس هذا ما علّمه الربّ يسوع المسيح، على العكس من ذلك، عندما قاد الشريرالرّب يسوع إلى شرفة الـهيكل وقال له: "إن كُنتَ ابنَ الله، فأَلْقِ بِنَفْسِكَ مِن ههُنا إِلى الأَسفَل" (لو 4: 13). أجابه الرّب يسوع : "اذهب، يا شيطان". ولذلك عندما يكون أمامكم الخيار بين معصية أمر الله والتخلّي عن هذه الحياة عندما تهدّدون بالقتل من قبل مُضطهد، عليكم في ذلك الحين أن تكرهوا أنفسكم في هذا العالم للحفاظ عليها في الحياة الأبديّة.
 
 
21    الأحد السابع من زمن القيامة : وصيّة يسوع الجديدة     -     إنجيل القدّيس يوحنّا 35-31:13    
القدّيسان قسطنطين وهيلانة المعترفانّ - (21 ايار)
    إنجيل القدّيس يوحنّا 35-31:13 
 
لَمَّا خَرَجَ يَهُوذا الإسخريُوطِيُّ قَالَ يَسُوع: «أَلآنَ مُجِّدَ ٱبْنُ الإِنْسَانِ ومُجِّدَ اللهُ فِيه.
إِنْ كَانَ اللهُ قَدْ مُجِّدَ فِيه، فَٱللهُ سَيُمَجِّدُهُ في ذَاتِهِ، وحَالاً يُمَجِّدُهُ.
يَا أَوْلادي، أَنَا مَعَكُم بَعْدُ زَمَنًا قَلِيلاً. سَتَطْلُبُونِي، ولكِنْ مَا قُلْتُهُ لِلْيَهُودِ أَقُولُهُ لَكُمُ ٱلآن: حَيْثُ أَنَا أَمْضِي لا تَقْدِرُونَ أَنْتُم أَنْ تَأْتُوا.
وَصِيَّةً جَديدَةً أُعْطِيكُم، أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُم بَعْضًا. أَجَل، أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُم بَعْضًا كَمَا أَنَا أَحْبَبْتُكُم.
بِهذَا يَعْرِفُ الجَمِيعُ أَنَّكُم تَلامِيذِي، إِنْ كَانَ فيكُم حُبُّ بَعْضِكُم لِبَعْض».

 

«وصِيَّتي هي: أَحِبُّوا بَعضُكم بَعضًا كما أَحبَبتُكم»
القدّيس غريغوريوس الكبير (نحو 540 - 604)، بابا روما وملفان الكنيسة،
عظات عن الأناجيل، الرقم 27

 

تزخر كلمات الإنجيل المقدّس بوصايا الربّ. فلماذا إذًا قال لنا الربّ إن المحبّة هي وصيّته هو؟ "وصِيَّتي هي: أَحِبُّوا بَعضُكم بَعضًا كما أَحبَبتُكم". هذا لأنّ كلّ وصيّة تنحدر من المحبّة الوحيدة وأنّ التّعاليم كلّها واحدة وهي ترتكز على المحبّة. تتفرّع أغصان الشجرة من الجذور نفسها؛ وكذلك تنبع الفضائل كلّها من المحبّة. أمّا أغصان الأعمال الحسنة، فهي لا تبقى خضراء نضرة إن انسلخت عن جذور المحبّة. كثيرة هي وصايا الربّ، ولكنّها في الحقيقة واحدة؛ هي كثيرة بتعدّد الأعمال وواحدة في جذور المحبّة.
كيف يمكننا المحافظة على هذه المحبّة؟ هذا ما أخبرنا به الربّ: في معظم تعاليمه في الكتاب المقدّس، أمر أصدقاءه بأن يحبّوا بعضهم من خلاله، وبأن يحبّوا أعداءهم من أجله. فمَن يحبّ صديقه من خلال الله ويحبّ عدوّه إكرامًا الله يمتلك المحبّة الحقيقيّة.
ثمّة أشخاص يحبّون أقرباءهم بسبب العاطفة التي تنشأ من علاقة القربى. إنّ كلمات الإنجيل المقدّس لا تلوم هؤلاء الأشخاص. لكن ما ننسبه عفويًّا إلى الطبيعة يختلف عن واجب الطاعة بفعل المحبّة. إنّ الأشخاص الذين تحدّثت عنهم للتوّ يحبّون أقرباءهم بدون شكّ، لكن بحسب الجسد لا بحسب الروح.... عندما قال الربّ: "وصِيَّتي هي: أَحِبُّوا بَعضُكم بَعضاً"، أضاف فورًا: " كما أَحبَبتُكم". هذه العبارات تعني بوضوح: "أحبّوا بعضكم بعضًا للسبب نفسه الذي أحببتكم من أجله".
 
 
20    السبت السادس من زمن القيامة    -     إنجيل القدّيس يوحنّا 6-1:14    
 
    إنجيل القدّيس يوحنّا 6-1:14 
 
قالَ الربُّ يَسوعُ لِتَلاميذِه: «لا يَضْطَرِبْ قَلْبُكُم! آمِنُوا بِٱللهِ وآمِنُوا بِي.
في بَيْتِ أَبِي مَنَازِلُ كَثِيرَة، وإِلاَّ لَقُلْتُهُ لَكُم. أَنَا ذَاهِبٌ لأُعِدَّ لَكُم مَكَانًا.
وإِذَا مَا ذَهَبْتُ وأَعْدَدْتُ لَكُم مَكَانًا، أَعُودُ وآخُذُكُم إِليَّ، لِتَكُونُوا أَنْتُم أَيْضًا حَيْثُ أَكُونُ أَنَا.
وأَنْتُم تَعْرِفُونَ الطَّرِيقَ إِلى حَيْثُ أَنَا ذَاهِب».
قَالَ لَهُ تُومَا: «يَا رَبّ، لا نَعْلَمُ إِلى أَيْنَ تَذْهَب، فَكَيْفَ نَقْدِرُ أَنْ نَعْرِفَ الطَّريق؟».
قَالَ لَهُ يَسُوع: «أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ والحَقُّ والحَيَاة. لا أَحَدَ يَأْتِي إِلى الآبِ إِلاَّ بِي.

 

الرّب يسوع، الطّريق والحق والحياة، هو نور الضّمير
المُكَرَّم بيّوس الثاني عشر، بابا روما من 1939 إلى 1958،
رسالة إذاعيّة للبابا بيوس الثاني عشر في 23 آذار 1952

 

إنّ الضمير هو النواة الأكثر حميميّة وسرّيّة عند الإنسان. إليه يلجأ الإنسان مع مَلَكاته الروحيّة في عزلة مطلَقة: وحده مع نفسه، أو بالأحرى، وحده مع الله، الذي يُسمَع صوته للضمير. هناك يصمّم على اتّباع الخير أو الشرّ. هناك يختار طريق النصر أو طريق الهزيمة. والإنسان لن ينجح في التخلّص منه، حتّى ولو أراد ذلك؛ سوف يسير مع الضمير كلّ طريق الحياة، إن كان يوافقه أو يدينه، ومعه أيضاً، كشاهد صادق وغير قابل للفساد، سوف يَمثُل لدينونة الله.
فالضمير إذًا هو مكان مقدَّس، يجب أن يتوقّف الجميع على عتبته؛ الجميع، حتّى الأب أو الأمّ، عندما يتعلّق الأمر بالولد. وحده الكاهن يدخل إليه كطبيب النفوس؛ لكنّ الضمير لا يتوقّف عن كونه مكانًا مقدَّسًا محميًّا بغيرة، يريد الله نفسه أن يُحفَظ سرّه تحت ختم أقدس صمت. بأيّ معنى يمكننا أن نتحدّث عن تربية الضمير؟ جلَبَ المخلِّص الإلهيّ للإنسان الجاهل والضعيف حقّه ونعمته: الحقّ ليريه الطريق الذي يؤدّي إلى الغاية؛ والنعمة ليعطيه القوّة ليستطيع الوصول إليها. إنّ الرّب يسوع المسيح هو الطريق والحقّ والحياة، ليس فقط لكلّ البشر معًا، بل لكلّ فرد على حدة.
 
 
19    يوم الجمعة السادس من زمن القيامة     -     إنجيل القدّيس يوحنّا 15-12:3    
 
    إنجيل القدّيس يوحنّا 15-12:3 
 
قالَ الربُّ يَسوعُ: «كَلَّمْتُكُم في شُؤُونِ الأَرْضِ ولا تُؤْمِنُون، فَكَيْفَ تُؤْمِنُونَ إِذَا كَلَّمْتُكُم في شُؤُونِ السَّمَاء؟
مَا مِنْ أَحَدٍ صَعِدَ إِلى السَّمَاء، إِلاَّ الَّذي نَزَلَ مِنَ السَّمَاء، أَي إِبْنُ الإِنْسَان.
وكَمَا رَفَعَ مُوسَى الحَيَّةَ في البَرِّيَّة، كَذلِكَ يَجِبُ أَنْ يُرْفَعَ ٱبْنُ الإِنْسَان،
لِكَي تَكُونَ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ بِهِ حَيَاةٌ أَبَدِيَّة.

 

«لِتَكونَ بهِ الحَياةُ الأبديّةُ لِكُلِّ مَن يُؤمِن»
القدّيس باسيليوس (نحو 330 - 379)، راهب وأسقف قيصريّة قبّدوقية، ملفان الكنيسة،
دراسة عن الرُّوح القدس، 14

 

تشكّل الرُّموز (أو الصور) وسيلة للكشف عن الأمور التي نتوقّعها عن طريق التقليد. فعلى سبيل المثال، شَكَّل آدم صورة مسبقة عن آدم الذي سيأتي (1كور15: 45)، فيما كانت الصخرة (في الصحراء خلال الخروج) ترمز إلى الرّب يسوع المسيح. أمّا المياه المتدفّقة من الصخرة، فكانت ترمز إلى القوّة المحيية لكلمة الله (خر17: 6؛ 1كور10: 4)، لأنّه قال: "إِن عَطِشَ أَحَدٌ فليُقبِلْ إِلَيَّ" (يو7: 37). وكان المنّ صورة مسبقة عن "الخبزِ الحَيِّ الَّذي نَزَلَ مِنَ السَّماء" (يو6: 51). أمّا الحيّة الموضوعة على سارية، فكانت ترمز إلى آلام المخلّص، وإلى خلاصنا الذي تمّ على الصليب، بما أنّ كلّ "إِنْسانٍ لَدَغَته حَيَّةٌ ونَظَرَ إِلى الحّيَّةِ الْنّحاسِيَّةِ يَحيا" (عد 21: 9). كذلك، فإنّ ما ذكره الكتاب المقدّس عن الإسرائيلييّن الخارجين من مصر كان بمثابة صورة مسبقة عن أولئك الذين يخلصون بالعماد لأنّ أبكار الإسرائيليّين قد خلصوا... من خلال النعمة المُغدَقة على أولئك الذين خُتِموا بدم حمل الفصح الذي كان يرمز إلى دم المسيح...
أمّا السحابة والبحر (خر14)، فقد كانا في ذلك الوقت يقودان إلى الإيمان عبر التأمّل. لكن بالنسبة إلى المستقبل، كانا يرمزان إلى النعمة التي يفترض أن تأتي. "مَن هو حَكيمٌ فلْيَحفَظْ هذه الأُمور ولْيَفطَنْ لِمَراحِمِ الرَّبّ" (مز107[106]: 43). سيفهم أنّ البحر الذي كان يرمز إلى العماد، كان يفصل عن فرعون تمامًا كما ينجّينا العماد من عبوديّة الشيطان. في الماضي، ابتلع البحر الأعداء؛ اليوم، يموت هذا العداء الذي كان يفصلنا عن الله. خرج الشعب سالمًا ومعافى من البحر، ونحن نخرج من جرن المعموديّة كما لو كنّا نقوم من بين الأموات، بعد نيل الخلاص بنعمة ذاك الذي دعانا إليه. أمّا السحابة، فقد كانت ظلّ هبة الروح الذي ينعش أعضاءنا عبر إخمادها لهيب أهوائنا.
 
 
18    صعود الربّ يسوع إلى السماء     -     إنجيل القدّيس مرقس 20-15:16    
 
    إنجيل القدّيس مرقس 20-15:16 
 
قالَ الربُّ يَسوعُ لِتَلاميذِه: «إِذْهَبُوا إِلى العَالَمِ كُلِّهِ، وَٱكْرِزُوا بِٱلإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّها.
فَمَنْ آمَنَ وَٱعْتَمَدَ يَخْلُص، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ فَسَوْفَ يُدَان.
وهذِهِ الآيَاتُ تَتْبَعُ الْمُؤْمِنين: بِٱسْمِي يُخْرِجُونَ الشَّيَاطِين، ويَتَكَلَّمُونَ بِلُغَاتٍ جَدِيدَة،
ويُمْسِكُونَ الْحَيَّات، وَإِنْ شَرِبُوا سُمًّا مُمِيتًا فَلا يُؤْذِيهِم، ويَضَعُونَ أَيْدِيَهُم عَلى المَرْضَى فَيَتَعَافَوْن».
وبَعْدَمَا كَلَّمَهُمُ ٱلرَّبُّ يَسُوع، رُفِعَ إِلى السَّمَاء، وجَلَسَ عَنْ يَمِينِ ٱلله.
أَمَّا هُم فَخَرَجُوا وَكَرَزُوا في كُلِّ مَكَان، والرَّبُّ يَعْمَلُ مَعَهُم وَيُؤَيِّدُ الكَلِمَةَ بِمَا يَصْحَبُها مِنَ الآيَات.

 

«حَياتُكم مُحتَجِبةٌ معَ المسيحِ في الله» (كول 3: 3)
الطوباويّ يوحنّا هنري نِيومَن (1801 - 1890)، كاهن ومؤسّس جماعة دينيّة ولاهوتيّ،
محاضرات عن التّبرير

 

إنّ الرّب يسوع المسيح الذي وعد بأن يجعل كلّ تلاميذه واحدًا في الله معه، والذي وعد بأنّنا سنكون في الله والله فينا، حقّق هذا الوعد. بطريقة عجائبيّة، أنجز لنا هذا العمل العظيم، وهذا الامتياز المدهش. ويبدو أنّه بصعوده نحو الآب أراد أن يكون صعوده الجسدي هو نزوله الرُّوحي، وأن يكون صعوده بطبيعتنا البشريّة نحو الله هو في الوقت نفسه نزول الله إلينا. ويمكننا القول إنّه حملنا إلى الله حقًّا، ولو بالمعنى المحتجب، وقاد الله إلينا، وفق وجهة النظر التي نعتمدها.
لذا، عندما قال القدّيس بولس إنّ حياتنا "مُحتَجِبةٌ معَ المسيحِ في الله" (كول 3: 3)، نفهم أنّه كان يقصد بذلك أنّ مبدأ وجودنا لم يعد مبدأ فانيًا وأرضيًّا، مثل آدم بعد سقوطه من السماء، بل إنّنا معمّدون ومحتجبون مجدّدًا في مجد الله، في هذا النور النقيّ لحضوره الذي خسرناه عند سقوط آدم. خُلقنا من جديد وتحوّلنا واكتسبنا روحانيّة وتمجّدنا في الطبيعة الإلهيّة. وفي الرّب يسوع المسيح نتلقّى، كما عبر قناة، حضور الله الحقيقي، في داخلنا وخارجنا؛ وتُطبع فينا القداسة والخلود.
وهذه هي النعمة الإلهيّة: صعودنا عبر الرّب يسوع المسيح إلى الله أو نزول الله عبر الرّب يسوع إلينا، يمكننا التعبير عن الأمر بكلا الطريقتين... نحن فيه وهو فينا؛ إنّ الرّب يسوع المسيح هو "الوسيط الواحد" (1تس 2: 5)، وهو "الطريقُ والحقُّ والحياة" (يو 14: 6)، جامعًا بين الأرض والسماء. وهنا تكمن النعمة الإلهيّة الحقيقيّة... ليس بالمغفرة أو المعروف فقط، ليس بالتقديس الداخليّ فقط... بل بأن يسكن فينا ربّنا الممجّد. هذه هي هبة الله الكبرى.
 
 
17    الأربعاء السادس من زمن القيامة     -     إنجيل القدّيس يوحنّا 44-32:11    
الأنبا سيرابيون المعترفّ - (17 ايار)
    إنجيل القدّيس يوحنّا 44-32:11 
 
مَا إِنْ وَصَلَتْ مَرْيَمُ إِلى حَيْثُ كَانَ يَسُوع، وَرَأَتْهُ، حَتَّى ٱرْتَمَتْ عَلى قَدَمَيْه، وقَالَتْ لَهُ: «يَا رَبّ، لَوْ كُنْتَ هُنَا، لَمَا مَاتَ أَخِي».
فَلَمَّا رَآهَا يَسُوعُ تَبْكِي، واليَهُودَ الآتِينَ مَعَهَا يَبْكُون، ٱرْتَعَشَ بِٱلرُّوحِ وَٱضْطَرَب.
ثُمَّ قَال: «أَيْنَ وَضَعْتُمُوه؟». قَالُوا لَهُ: «يَا رَبّ، تَعَالَ وَٱنْظُر».
فَدَمَعَتْ عَيْنَا يَسُوع.
فَقَالَ اليَهُود: «أُنْظُرُوا كَمْ كَانَ يُحِبُّهُ!».
لكِنَّ بَعْضَهُم قَالُوا: «أَمَا كَانَ يَقْدِرُ هذَا الَّذي فَتَحَ عَيْنَي الأَعْمَى أَنْ يَحُولَ أَيْضًا دُونَ مَوْتِ لَعَازَر؟».
فَجَاءَ يَسُوعُ إِلى القَبر، وهُوَ مَا زَالَ مُرْتَعِشًا. وكَانَ القَبرُ مَغَارَة، وقَدْ وُضِعَ عَلَيْهِ حَجَر.
قَالَ يَسُوع: «إِرْفَعُوا الحَجَر». قَالَتْ لَهُ مَرْتَا أُخْتُ المَيْت: «يَا رَبّ، لَقَدْ أَنْتَنَ، فَهذَا يَوْمُهُ الرَّابِع».
قَالَ لَهَا يَسُوع: «أَمَا قُلْتُ لَكِ: إِذَا آمَنْتِ تَرَيْنَ مَجْدَ الله؟».
فَرَفَعُوا الحَجَر. ورَفَعَ يَسُوعُ عَيْنَيْهِ إِلى فَوْق، وقَال: «يَا أَبَتِ، أَشْكُرُكَ لأَنَّكَ ٱسْتَجَبْتَنِي!
وأَنَا كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّكَ دَائِمًا تَسْتَجِيبُنِي، إِنَّمَا قُلْتُ هذَا مِنْ أَجْلِ الجَمْعِ الوَاقِفِ حَوْلِي، لِيُؤْمِنُوا أَنَّكَ أَنْتَ أَرْسَلْتَنِي».
قَالَ يَسُوعُ هذَا، وصَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيم: «لَعَازَر، هَلُمَّ خَارِجًا!».
فَخَرَجَ المَيْتُ مَشْدُودَ الرِّجْلَيْنِ واليَدَيْنِ بِلَفَائِف، ومَعْصُوبَ الوَجْهِ بِمَنْدِيل. قَالَ لَهُم يَسُوع: «حُلُّوهُ، ودَعُوهُ يَذْهَب!».

 

«فدَمعَت عَيْنا يسوع»
القدّيس بطرس خريزولوغُس (نحو 406 - 450)، أسقف رافينا وملفان الكنيسة،
العظة 64

 

"فلَمَّا رآها يسوعُ تَبكي ويَبكي معَها اليَهودُ الَّذينَ رافَقوها، جاشَ صَدرُه وَاضطَرَبَت نَفْسُه". بكت مريم، وبكى معها اليهود... وحتّى الرّب يسوع، فقد دمعت عيناه... أتظنّ أنّهم كانوا كلّهم يشعرون بالأسى نفسه؟ لقد بكت مريم، أخت الميت، لأنّها لم تستطع أن تنقذ أخاها، ولا أن تبعد الموت. لطالما اقتنعت بالقيامة، ولكن خسارة سندها، وفكرة غيابه المرّة، وحزن الفراق، جعلت دموعها تتدفّق... صورة الموت القاسية لا يمكن إلاّ أن تؤثّر فينا وتجعلنا نضطرب، مهما كان إيماننا. وبكى اليهود أيضًا لأنّهم تذكّروا حالتهم الفانية ولكونهم يئسوا من الأبديّة... لا يستطيع الإنسان الفاني إلاّ أن يبكي أمام الموت.
أيّ من هذه الأحزان أثّرت أكثر في الربّ يسوع المسيح؟ ولا واحد؟ إذًا لماذا بكى؟ لقد قال: "قد ماتَ لَعاَزر، ويَسُرُّني، مِن أَجْلِكُم كي تُؤمِنوا، أَنِّي لم أَكُنْ هُناك"... وها هو يذرف دموعًا فانية في الوقت الذي يوزّع فيه روح الحياة! يا إخوة، هذا هو الإنسان: إنّه يذرف الدموع تحت تأثير الفرح، كما تحت تأثير الأسى... لم يبكِ الرّب يسوع المسيح من أسى الموت، ولكن لذكرى الفرح، هو الذي "سيَسمَعُ صوتَه جَميعُ الَّذينَ في القُبور فيَخُرجونَ" إلى الحياة الأبديّة (يو 5: 28-29). كيف نستطيع التفكير في أنّ الرّب يسوع المسيح قد بكى من الضعف البشري عندما نرى الآب السماوي يبكي ابنه الضالّ عند عودته وليس ساعة ذهابه؟ (لو 15: 20). لقد سمح بأن يذوق لعازر طعم الموت لأنّه أراد أن يقيم الميت فيظهر مجده، لقد سمح بأن ينزل صديقه إلى مثوى الأموات حتّى يظهر الله، ويعيد الإنسان من الجحيم.
 
 
16    الثلاثاء السادس من زمن القيامة     -     إنجيل القدّيس يوحنّا 27-17:11    
 
    إنجيل القدّيس يوحنّا 27-17:11 
 
لَمَّا وَصَلَ يَسُوعُ وجَدَ أَنَّ لَعَازَرَ قَدْ دُفِنَ مُنْذُ أَرْبَعَةِ أَيَّام.
وكَانَتْ بَيْتَ عَنْيَا قَرِيبَةً نَحْوَ مِيلَينِ مِنْ أُورَشَلِيم.
وكَانَ كَثِيرٌ مِنَ اليَهُودِ قَدْ جَاؤُوا إِلى مَرْتَا ومَرْيَمَ لِيُعَزُّوهُمَا بِأَخِيهِمَا.
فَلَّمَا سَمِعَتْ مَرْتَا أَنَّ يَسُوعَ آتٍ، خَرَجَتْ لِمُلاقَاتِهِ. أَمَّا مَرْيَمُ فَبَقِيَتْ جَالِسَةً في البَيْت.
فَقَالَتْ مَرْتَا لِيَسُوع: «يَا رَبّ، لَوْ كُنْتَ هُنَا، لَمَا مَاتَ أَخِي.
ولكِنِّي أَعْلَمُ الآنَ أَيْضًا أَنَّ كُلَّ مَا تَسْأَلُ الله، يُعْطِيكَ إِيَّاهُ الله!».
قَالَ لَهَا يَسُوع: «سَيَقُومُ أَخُوكِ!».
قَالَتْ لَهُ مَرْتَا: «أَعْلَمُ أَنَّهُ سَيَقُومُ في القِيَامَة، في اليَوْمِ الأَخير».
قَالَ لَهَا يَسُوع: «أَنَا هُوَ القِيَامَةُ والحَيَاة. مَنْ يُؤْمِنُ بِي، وإِنْ مَاتَ، فَسَيَحْيَا.
وكُلُّ مَنْ يَحْيَا ويُؤْمِنُ بِي فَلَنْ يَمُوتَ إِلى الأَبَد. أَتُؤْمِنينَ بِهذَا؟».
قَالَتْ لَهُ: «نَعَم، يَا رَبّ، أَنَا أُؤْمِنُ أَنَّكَ أَنْتَ المَسِيحُ ٱبْنُ ٱلله، الآتِي إِلى العَالَم».
 
 
فهرس نصف شهري، 2022-2023، للانجيل اليوي بحسب التقويم الماروني
 6 الى 15، من شهر ت 2 2022  16 الى 31، من شهر ك 2 2023  1 الى 15، من شهر نيسان 2023  16 الى 30، من شهر جزيران 2023  1 الى 15، من شهر ايلول 2023
 16 الى 31، من شهر ت 2 2022  1 الى 15، من شهر شباط 2023  16 الى 30، من شهر نيسان 2023  1 الى 15، من شهر نموز 2023  16 الى 30، من شهر ايلول 2023
 1 الى 15، من شهر ك 1 2022  16 الى 28، من شهر شباط 2023  1 الى 15، من شهر ايار 2023  16 الى 31، من شهر نموز 2023  1 الى 15، من شهر ت 1 2023
 16 الى 31، من شهر ك 1 2022  1 الى 15، من شهر اذار 2023  16 الى 31، من شهر ايار 2023  1 الى 15، من شهر اب 2023  16 الى 31، من شهر ت 1 2023
 1 الى 15، من شهر ك 2 2023  16 الى 31، من شهر اذار 2023  1 الى 15،  من شهر جزيران 2023  16 الى 31، من شهر اب 2023  
 
 
  النصوص مأخوذة من الترجمة الليتُرجيّة المارونيّة - إعداد اللجنة الكتابيّة التابعة للجنة الشؤون الليتورجيّة البطريركيّة المارونيّة (طبعة ثانية – 2007) © pure software code - Since 2003