الإنجيل اليوميّ     -      يا ربّ، إِلى مَن نَذهَب وكَلامُ الحَياةِ الأَبَدِيَّةِ عِندَك ؟ (يوحنا 6: 68) التقويم الماروني
        1-    زمن الميلاد او المجيء
1.1-   أسبوع تقديس البيعة
1. 2-   أسبوع تجديد البيعة
1. 3-   أسبوع بشارة زكريّا
  الرئيسية  

 
 

الإنجيل اليومي   -     التقويم الماروني  

 

شرح \ تقيم

1.1.1- أحد تقديس البيعة
                                          إنجيل اقدّيس متّى 20-13:16
  «فَأَجابَ سِمعانُ بُطرُس: أَنتَ ٱلمَسيحُ ٱبنُ ٱللهِ ٱلحَيّ»
    
للقدّيسة تيريزيا - بينيديكت الصليب (إيديث شتاين) (1891 - 1942)، راهبة كرمليّة
1.1.2 - الإثنين من أسبوع تقديس البيعة    
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 8-1:17
  «مَجِّدِ ابنَكَ لِيُمَجِّدَكَ ابنُكَ، لِما أَولَيتَهُ مِن سُلطانٍ على جَميعِ البَشَر، لِيَهَبَ الحَياةَ الأَبَدِيَّةَ لِجَميعِ الَّذينَ وهبتَهم له»
      
للقدّيس كيرِلُّس (380 - 444)، بطريرك الإسكندريّة وملفان الكنيسة
1.1.3 - الثلثاء من أسبوع تقديس البيعة
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 13-9:17
   
1.1.4 - الأربعاء من أسبوع تقديس البيعة
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 19-14:17
  «لَيسوا مَنَ العالَم كَمَا أَنِّي لَستُ مِنَ العالَم»
     للقدّيس أوغسطينُس (354 - 430)، أسقف هيبّونا  وملفان الكنيسة
1.1.5 - الخميس من أسبوع تقديس البيعة   
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 23-20:17
  «فَلْيكونوا هُم أَيضًا فينا، لِيُؤمِنَ العالَمُ بِأَنَّكَ أَنتَ أَرسَلتَني»
      
بِندِكتُس السادس عشر، بابا روما من 2005 إلى 2013
1.1.6 - يوم الجمعة من أسبوع تقديس البيعة  
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 26-24:17
  «لِتَكونَ فيهمِ المَحبَّةُ الَّتي أَحبَبتَني إِيَّاها، وأَكونَ أَنا فيهِم»
      
إسحَق النجمة (؟ - نحو 1171)، راهب سِستِرسيانيّ
1.1.7 - السبت من أسبوع تقديس البيعة
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 21-15:15
  «لا أَدعوكم خَدَمًا بعدَ اليوم... فَقَد دَعَوتُكم أحبّائي» (يو15: 15)
      
للقدّيس إيريناوس اللِّيونيّ (نحو 130 - نحو 208)، أسقف ولاهوتيّ وشهيد
1.2.1- أحد تجديد البيعة
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 42-22:10
  «أَرَيتُكم كثيرًا مِنَ الأَعمالِ الحَسَنةِ مِن عِندِ الآب، فِلأَيِّ عَمَلٍ مِنها تَرجُموني؟»
    
للقدّيس بِرنَردُس (1091 - 1153)، راهب سِستِرسيانيّ وملفان الكنيسة
1.2.2 - الإثنين من أسبوع تجديد البيعة    
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 6-1:10
  ربّي يسوع ، أيّها الرَّاعي الصالح، اِحفظني!
      
للقدّيسة جيرترود ديلفا (1256 - 1301)، راهبة بندكتيّة
1.2.3 - الثلثاء من أسبوع تجديد البيعة
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 10-7:10
  «الحَقَّ الحَقَّ أَقولُ لَكم: أَنا بابُ الخِراف»
     ثيودورس المصّيصي (؟ - 428)، أسقف المصّيصة في صقلِّية، ولاهوتيّ
1.2.4 - الأربعاء من أسبوع تجديد البيعة
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 16-11:10
  صلاة راعٍ إلى الرَّاعي الصّالح
    
للقدّيس يوحنّا الدمشقيّ (نحو 675 - 749)، راهب ولاهوتيّ وملفان الكنيسة
1.2.5 - الخميس من أسبوع تجديد البيعة   
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 21-17:10
  «ما مِن أَحَدٍ يَنتزِعُها مِنَّي بل إنّني أَبذِلُها بِرِضايَ. فَلي أَن أَبذِلَها ولي أَن أَنالَها ثانِيَةً»
       للقدّيس أوغسطينُس (354 - 430)، أسقف هيبّونا  وملفان الكنيسة
1.2.6 - يوم الجمعة من أسبوع تجديد البيعة  
                                          إنجيل القدّيس مرقس 22-18:2
  «فمادامَ العَريسُ بينَهم، لا يَستَطيعونَ أَن يَصوموا»
      
 روبير من دوتز (نحو 1075 - 1130)، راهب بِنِدِكتيّ
1.2.7 - السبت من أسبوع تجديد البيعة
                                          إنجيل القدّيس مرقس 28-21:1
  «ٱنتَهَرَهُ يَسوع، وَقال: ٱخرَس وَٱخرُج مِنهُ!»
      
بودوان دو فورد (؟ - نحو 1190)، كاهن سِستِرسيانيّ
1.3.1- أحد بشارة زكريّا  
                                          إنجيل القدّيس لوقا 25-1:1
  «وَسَتُصاب بِالخَرَس، فلا تَستَطيعُ الكلامَ إلى يَومَ يَحدُثُ ذلك، لأَنَّكَ لم تُؤمِنْ بِأَقوالي وهي سَتَتِمُّ في أَوانِها»
     أوريجينُس (نحو 185 - 253)، كاهن ولاهوتيّ
1.3.2- الاثنين من أسبوع بشارة زكريّا   
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 37-31:8
  «لكِنَّكُم تُريدونَ قَتْلي»
      
للقدّيس أندراوس الكريتيّ (660 - 740)، راهب وأسقف
1.3.3- الثلاثاء من أسبوع بشارة زكريّا    
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 40-38:8
   
1.3.4- الأربعاء من أسبوع بشارة زكريّا
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 45-41:8
  «فَإِذا تكَلَّمَ بِالكَذِب تَكَلَّمَ بِما عِندَه لأَنَّه كذَّابٌ وأَبو الكَذِب»(يو 8: 44)
      
التعليم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكيّة
1.3.5- الخميس من أسبوع بشارة زكريّا    
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 50-46:8
  «أَجابَه اليهود: أَلَسْنا على صوابٍ في قَولِنا إِنَّكَ سامِريّ، وإِنَّ بِكَ مَسًّا مِنَ الشَّيطان؟»
      
أوريجينُس (نحو 185 - 253)، كاهن ولاهوتيّ
1.3.6- يوم الجمعة من أسبوع بشارة زكريّا     
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 55-51:8
  «أتكونُ أعظَمَ من أبينا إبراهيم الذي مات؟»
      
للقدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم (نحو 345 - 407)، بطريرك أنطاكية ثمّ القسطنطينيّة
1.3.7- السبت من أسبوع بشارة زكريّا  
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 59-56:8
  «اِبتَهجَ أَبوكُم إِبراهيم راجِياً أَن يَرى يَومي ورآهُ فَفَرِح»
      
للقدّيس إيريناوس اللِّيونيّ (نحو 130 - نحو 208)، أسقف ولاهوتيّ وشهيد
 
 
1.1.1-    أحد تقديس البيعة   -     إنجيل القدّيس متّى 20-13:16   
 
    إنجيل القدّيس متّى 20-13:16
 
جَاءَ يَسُوعُ إِلى نَواحِي قَيْصَرِيَّةِ فِيْلِبُّسَ فَسَأَلَ تَلامِيْذَهُ قَائِلاً: «مَنْ يَقُولُ النَّاسُ إِنِّي أَنَا ٱبْنُ الإِنْسَان؟».
فقَالُوا: «بَعْضُهُم يَقُولُون: يُوحَنَّا المَعْمَدَان؛ وآخَرُون: إِيْليَّا؛ وغَيْرُهُم: إِرْمِيَا أَو أَحَدُ الأَنْبِيَاء».
قَالَ لَهُم: «وأَنْتُم مَنْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا؟».
فَأَجَابَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ وقَال: أَنْتَ هُوَ المَسِيحُ ٱبْنُ اللهِ الحَيّ!».
فأَجَابَ يَسُوعُ وقَالَ لَهُ: «طُوبَى لَكَ يَا سِمْعَانُ بنَ يُونَا! لأَنَّهُ لا لَحْمَ ولا دَمَ أَظْهَرَ لَكَ ذلِكَ، بَلْ أَبي الَّذي في السَّمَاوَات.
وأَنَا أَيْضًا أَقُولُ لَكَ: أَنْتَ هُوَ بُطْرُسُ، أَيِ الصَّخْرَة، وعلى هذِهِ الصَّخْرَةِ سَأَبْنِي بِيْعَتِي، وأَبْوَابُ الجَحِيْمِ لَنْ تَقْوى عَلَيْها.
سَأُعْطِيكَ مَفَاتيحَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَات، فَكُلُّ مَا تَربُطُهُ على الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطًا في السَّمَاوَات، ومَا تَحُلُّهُ على الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولاً في السَّمَاوَات».
حينَئِذٍ أَوْصَى تَلامِيْذَهُ أَلاَّ يَقُولُوا لأَحَدٍ إِنَّهُ هُوَ المَسِيح.

 القدّيسة تيريزيا - بينيديكت الصليب (إيديث شتاين) (1891 - 1942)، راهبة كرمليّة وشهيدة وشفيعة أوروبا، صلاة الكنيسة
«فَأَجابَ سِمعانُ بُطرُس: أَنتَ ٱلمَسيحُ ٱبنُ ٱللهِ ٱلحَيّ»



إنّ كلّ نفسٍ بشريّة هي في حدّ ذاتها هيكلٌ لله: هذا ما يفتح لنا منظورًا واسعًا وجديدًا. كما إنّ حياة الصلاة الّتي عاشها الرّب يسوع هي المفتاح لفهم صلاة الكنيسة. لقد شارك الرّب يسوع المسيح في الخدمة الإلهيّة لشعبه، المتمَّمة [في الهيكل] بطريقة علنيّة وبحسب تعليمات الشريعة... إذ أقام الرّب رباطًا وثيقًا بين هذه الليتورجيا وتقدمة ذاته، وبهذا أعطاها معناها الكامل والحقيقيّ، ألا وهو تقدمة شكر من الخليقة إلى خالقها. وهكذا جعل ليتورجيا العهد القديم تتحقّق في ليتورجيا العهد الجديد.
لكنّ الرّب يسوع لم يشارك في الخدمة الإلهيّة العلنيّة الّتي أمرت بها في الشريعة فحسب. فالأناجيل تشير في أماكن عديدة إلى صلاته الانفراديّة في صمت الليل، على القمم البرّيّة للجبال، في الأماكن المقفرة (راجع مت 14: 23؛ مر 1: 35). أربعون يومًا وأربعون ليلة من الصلاة سَبَقَت حياة يسوع العلنيّة (راجع مت 4: 1 وما يليها). اختلى في عزلة الجبل للصلاة قبل اختيار رسله الاثني عشر (راجع لو 6: 12) وإرسالهم. في جبل الزيتون، هيّأ نفسه للذهاب إلى الجلجلة. إنّ الصرخة التي أطلقها نحو الآب في هذه الساعة الأكثر إيلامًا من حياته كُشِفَت لنا في بضع كلمات موجزة. وكلماته تلك... هي كالبرق الذي يضيء لنا للحظة على الحياة الأكثر حميميّة لروح الرّب يسوع، والسرّ الذي لا يُسبَر غوره عن كونه إنسانًا-إلهًا، وحواره مع الآب.
لقد دام هذا الحوار بالطبع طيلة حياته، دون انقطاع. كان الرّب يسوع المسيح يصلّي في داخله، ليس فقط عندما كان ينسحب من بين الجموع، بل أيضًا عندما كان يبقى بين الناس.
 
 
1.1.2-    الإثنين من أسبوع تقديس البيعة    -     إنجيل القدّيس يوحنّا 8-1:17   
 
    إنجيل القدّيس يوحنّا 8-1:17
 
رَفَعَ يَسوعُ عَيْنَيْهِ إِلى السَّمَاءِ وقَال: «يَا أَبَتِ، قَدْ حَانَتِ السَّاعَة! مَجِّدِ ٱبْنَكَ لِيُمَجِّدَكَ الٱبْن،
ويَهَبَ حَيَاةً أَبَدِيَّةً لِكُلِّ مَنْ وَهَبْتَهُم لَهُ، لأَنَّكَ أَوْلَيْتَهُ سُلْطَانًا على كُلِّ بَشَر.
والحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ هِيَ أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلهَ الوَاحِدَ الحَقّ، ويَعْرِفُوا الَّذي أَرْسَلْتَهُ، يَسُوعَ المَسِيح.
أَنَا مَجَّدْتُكَ في الأَرْض، إِذْ أَتْمَمْتُ العَمَلَ الَّذي وَكَلْتَ إِليَّ أَنْ أَعْمَلَهُ.
فَٱلآن، يَا أَبَتِ، مَجِّدْنِي لَدَيْكَ بِٱلمَجْدِ الَّذي كَانَ لي عِنْدَكَ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ العَالَم.
أَظْهَرْتُ ٱسْمَكَ لِلنَّاسِ الَّذينَ وَهَبْتَهُم لي مِنَ العَالَم. كَانُوا لَكَ، فَوَهَبْتَهُم لي، وقَدْ حَفِظُوا كَلِمَتَكَ.
والآنَ عَرَفُوا أَنَّ كُلَّ مَا وَهَبْتَهُ لي هُوَ مِنْكَ،
لأَنَّ الكَلامَ الَّذي وَهَبْتَهُ لي قَدْ وَهَبْتُهُ لَهُم، وهُمْ قَبِلُوه، وعَرَفُوا حَقًّا أَنِّي مِنْ لَدُنْكَ خَرَجْتُ، وآمَنُوا أَنَّكَ أَنْتَ أَرْسَلْتَنِي.

 القدّيس كيرِلُّس (380 - 444)، بطريرك الإسكندريّة وملفان الكنيسة، شرح لإنجيل القدّيس يوحنّا
«مَجِّدِ ابنَكَ لِيُمَجِّدَكَ ابنُكَ، لِما أَولَيتَهُ مِن سُلطانٍ على جَميعِ البَشَر، لِيَهَبَ الحَياةَ الأَبَدِيَّةَ لِجَميعِ الَّذينَ وهبتَهم له»

 

قال الربّ: أنا متّ للجميع كي أهبَ حياتي للجميع، وحوّلتُ جسدي إلى فدية لإنقاذ أجساد الجميع. لأنّ الموت سيُغلَب بموتي، والطبيعة البشريّة التي سقطت ستقوم معي. لهذا السبب، أصبحت واحدًا منكم، أي إنسان من نسل إبراهيم كي "أكونَ مُشابِهًا لإخوَتي في كُلِّ شَيء (عب 2: 17)... في الواقع، لم يكن بالإمكان هزيمة الشيطان الذي يمتلك قوة الموت، ولا الموت بحدّ ذاته، بطريقة أخرى؛ كان يجب أن يضحّي الرّب يسوع المسيح بنفسه من أجلنا، شخص واحد فداءً عن الجميع؛ لأنّه كان فوق الجميع. لذا، قيل في المزامير إنّه قدّم ذاته من أجلنا لله الآب كذبيحة طاهرة: "لم تَشَأْ ذَبيحَةً ولا قُرْبانًا ولكِنَّكَ أَعدَدتَ لي جَسَدًا. لم تَرتَضِ المُحرَقاتِ ولا الذَّبائِحَ عن الخَطايا. فقُلتُ حينَئذٍ: هاءَنَذا آتٍ، أَللَّهُمَّ لأَعمَلَ بمَشيئَتِكَ" (مز40[39]: 7؛ عب 10: 5-7).
فلنتعلّم من هذا الكلام أنّ الرّب يسوع المسيح قدّم ذاته من أجل حياة العالم: "يا أَبَتِ القُدُّوس اِحفَظْهم بِاسمِكَ". وأيضًا: "وأُكَرِّسُ نَفْسي مِن أَجلِهمِ" (يو17: 11؛ 19)... بكلام آخر: "أنا أقدّم نفسي قُربانًا وذَبيحةً للهِ طَيِّبةَ الرَّائِحة" (تك 8: 21؛ أف 5: 2). في الواقع، وفقًا للشريعة، ما كان مكرّسًا، ما كان يسمّى مكرّسًا أو مقدّسًا هو ما كان يُقدّم على المذبح. إذًا، فقد وهب الرّب يسوع المسيح جسده لحياة الجميع؛ وفي المقابل، هو زرع حياته فينا... حين سكن كلمة الله الذي يمنح الحياة في جسدنا، أعاده إلى الخير الذي كان يمتلكه، أي إلى الحياة.
 
 
1.1.3-    الثلثاء من أسبوع تقديس البيعة   -     إنجيل القدّيس يوحنّا 13-9:17   
 
    إنجيل القدّيس يوحنّا 13-9:17
 
قالَ الرَبُّ يَسوع: «يا أَبتِ، أَنَا مِنْ أَجْلِهِم أَسْأَل. لا أَسْأَلُ مِنْ أَجْلِ العَالَم، بَلْ مِنْ أَجْلِ الَّذينَ وَهَبْتَهُم لي، لأَنَّهُم لَكَ.
وكُلُّ مَا هُوَ لي، هُوَ لَكَ، ومَا هُوَ لَكَ، هُوَ لي، ولَقَدْ مُجِّدْتُ فِيهِم.
أَنَا لَسْتُ بَعْدُ في العَالَم، وهُم لا يَزَالُونَ في العَالَم، وأَنَا آتِي إِلَيْك. يَا أَبَتِ القُدُّوس، إِحْفَظْهُم بِٱسْمِكَ الَّذي وَهَبْتَهُ لي، لِيَكُونُوا وَاحِدًا كَمَا نَحْنُ وَاحِد.
لَمَّا كُنْتُ مَعَهُم كُنْتُ أَحْفَظُهُم بِٱسْمِكَ الَّذي وَهَبْتَهُ لي. سَهِرْتُ عَلَيْهِم فَلَمْ يَهْلِكْ مِنْهُم سِوَى ٱبْنِ الهَلاك، لِيَتِمَّ الكِتَاب.
أَمَّا الآنَ فَإِنِّي آتِي إِلَيْك. وأَتَكَلَّمُ بِهذَا وأَنَا في العَالَم، لِيَكُونَ فَرَحِي مُكْتَمِلاً فِيهِم.
 
 
1.1.4-    الأربعاء من أسبوع تقديس البيعة    -     إنجيل القدّيس يوحنّا 19-14:17   
 
    إنجيل القدّيس يوحنّا 19-14:17
 
قالَ الرَبُّ يَسوع: « يا أبتِ، أَنَا وَهَبْتُ لَهُم كَلِمَتَكَ، فَأَبْغَضَهُمُ العَالَم، لأَنَّهُم لَيْسُوا مِنَ العَالَم، كَمَا أَنِّي لَسْتُ مِنَ العَالَم.
لا أَسْأَلُ أَنْ تَرْفَعَهُم مِنَ العَالَم، بَلْ أَنْ تَحْفَظَهُم مِنَ الشِّرِّير.
هُمْ لَيْسُوا مِنَ العَالَم، كَمَا أَنِّي لَسْتُ مِنَ العَالَم.
قَدِّسْهُم في الحَقّ. كَلِمَتُكَ هِيَ الحَقّ.
كَمَا أَرْسَلْتَنِي إِلى العَالَم، أَنَا أَيْضًا أَرْسَلْتُهُم إِلى العَالَم.
وأَنَا أُقَدِّسُ ذَاتِي مِنْ أَجْلِهِم، لِيَكُونُوا هُم أَيْضًا مُقَدَّسِينَ في الحَقّ.

 القدّيس أوغسطينُس (354 - 430)، أسقف هيبّونا (إفريقيا الشماليّة) وملفان الكنيسة، عظات عن إنجيل القدّيس يوحنا، الرقم 115
«لَيسوا مَنَ العالَم كَمَا أَنِّي لَستُ مِنَ العالَم»

 

اسمعوا جيّدًا، أيّها اليهود والوثنيين...؛ اسمعي يا جميع ممالك الأرض! لا أمنع تسلّطكم على هذا العالم، "لَيسَت مَملَكَتي مِن هذا العالَم" (يو 18: 36). فلا تستسلموا للخوف الأخرق الذي تملّك هيرودس عندما أعلنوا له عن ولادتي... كلاّ، قال المخلّص: "لَيسَت مَملَكَتي مِن هذا العالَم". تعالوا جميعًا إلى مملكة ليست من هذا العالم؛ تعالوا بالإيمان؛ فلا يجعلكم الخوف قساة القلوب. صحيح أنّ ابن الله قال، بكلام نبويّ، متحدّثًا عن الآب: لقد مسحني الآب مَلِكًا "عَلى جَبَلي المُقَدَّسِ صِهْيون" (مز2: 6). لكنّ صهيون وهذا الجبل ليسا من هذا العالم.
ما هي مملكته إذًا؟ إنّها الناس الذين يؤمنون به والذين قال عنهم: "لَيسوا مَنَ العالَم كَمَا أَنِّي لَستُ مِنَ العالَم". لكنّه يريدهم أن يكونوا في العالم؛ فهو صلّى للآب وطلب منه: "لا أَسأَلُكَ أَن تُخرِجَهُم مِنَ العالَم بل أَن تَحفَظَهم مِنَ الشِّرِّير". لأنّه لم يقل: ليست مملكتي في هذا العالم بل: "لَيسَت مَملَكَتي مِن هذا العالَم. لَو كانَت مَملَكَتي مِن هذا العالَم لَدافعَ عَنِّي حَرَسي لِكي لا أُسلَمَ إِلى اليَهود. ولكِنَّ مَملَكَتي لَيسَت مِن ههُنا" (يو 18: 36).
والحقيقة أنّ مملكته هي هنا على الأرض حتّى نهاية العالم؛ فإلى حين الحصاد يبقى الزّؤان ممزوجًا مع الزرع الطيّب (راجع مت 13: 24-30)... ليست مملكته من هذا العالم لأنّه مثل المسافر في هذا العالم. كما قال للذين يملك عليهم: " أَنَّكم لَستُم مِنَ العالَم إِذ إِنِّي اختَرتُكم مِن بَينِ العالَم" (يو 15: 19). كانوا إذًا من هذا العالم، قبل أن يكونوا مملكته وكانوا ينتمون لأمير هذا العالم (راجع يو 12: 3)... وينتمي كلّ مَن ينحدر من ذريّة آدم الخاطئ لهذا العالم؛ أمّا كلّ مَن تجدّد بالرّب يسوع المسيح، فهو ينتمي لمملكته ولا يعود من هذا العالم. "فهو الَّذي نَجَّانا مِن سُلْطانِ الظُّلُمات ونَقَلَنا إلى مَلَكوتِ ابنِ مُحَبَّتِه" (كول 1: 13).
 
 
1.1.5-    الخميس من أسبوع تقديس البيعة    -     إنجيل القدّيس يوحنّا 23-20:17   
 
    إنجيل القدّيس يوحنّا 23-20:17
 
قالَ الرَبُّ يَسوع: «يا أبتِ، لا أَسْأَلُ مِنْ أَجْلِ هؤُلاءِ وَحْدَهُم، بَلْ أَيْضًا مِنْ أَجْلِ الَّذينَ بِفَضْلِ كَلِمَتِهِم هُمْ مُؤْمِنُونَ بِي.
لِيَكُونُوا كُلُّهُم وَاحِدًا، كَمَا أَنَّكَ أَنْتَ فيَّ، يَا أَبَتِ، وأَنَا فِيك، لِيَكُونُوا هُم أَيضًا وَاحِدًا فِينَا، لِكَي يُؤْمِنَ العَالَمُ أَنَّكَ أَنْتَ أَرْسَلْتَنِي.
أَنَا وَهَبْتُ لَهُمُ المَجْدَ الَّذي وَهَبْتَهُ لي، لِيَكُونُوا وَاحِدًا كَمَا نَحْنُ وَاحِد.
أَنَا فِيهِم، وأَنْتَ فيَّ، لِيَكُونُوا مُكَمَّلِينَ في الوَحْدَة، فَيَعْرِفَ العَالَمُ أَنَّكَ أَنْتَ أَرْسَلْتَنِي، وأَنَّكَ أَحْبَبْتَهُم كَمَا أَحْبَبْتَنِي.

 بِندِكتُس السادس عشر، بابا روما من 2005 إلى 2013، حديث بتاريخ 30/ 06/ 2005
«فَلْيكونوا هُم أَيضًا فينا، لِيُؤمِنَ العالَمُ بِأَنَّكَ أَنتَ أَرسَلتَني»


 

في العلاقات بين الكاثوليك والأرثوذكس، يشكّل البحث اللاهوتي، الذي يجب أن يواجه الأسئلة المعقّدة وأن يجد الحلول التي لا تكون مختزلة، التزامًا جديًّا لا يمكننا التملّص منه. فبما أنّ الربّ دعا تلاميذه بقوّة إلى بناء الوحدة في المحبّة والحقيقة، وبما أنّ النداء المسكوني يُشكّل دعوة ملحّة إلى إعادة البناء، في المصالحة والسلام، للوحدة المفقودة بين جميع المسيحيّين، وبما أنّنا لا نستطيع تجاهل أنّ الانقسام يقلّل من فعاليّة القضيّة المقدّسة المتمثّلة بالتبشير بالإنجيل للخلق أجمعين (راجع مر 16: 15)، فكيف يمكننا التملّص من واجب معاينة اختلافاتنا بوضوح ونيّة حسنة، مع مواجهتها بقناعة ثابتة لوجوب إيجاد حلّ لها؟
إنّ الوحدة التي نبحث عنها ليست الاستيعاب ولا الدمج، بل احترام الملء المتعدّد الأشكال للكنيسة التي يجب أن تكون دائمًا، ووفقًا لإرادة مؤسّسها، ربّنا يسوع المسيح، "واحدة، مقدّسة، جامعة ورسوليّة". هذه المعادلة وجدت صداها في قانون الإيمان الخاصّ بجميع المسيحيّين، الّذي أرساه آباء مجامع نيقيا والقسطنطينيّة المسكونيّة.
لقد اعترف المجمع الفاتيكاني الثّاني بالكنز الذي يمتلكه الشرق والذي أخذ منه الغرب "أمورًا كثيرة": فقد حثّ على عدم نسيان الآلام التي تحمّلها الشرق للمحافظة على إيمانه... كما شجّع على اعتبار الشرق والغرب كفسيفساء تشكّل الوجه المشرق للرّب يسوع المسيح ملك الأمم (راجع رؤ 15: 3)، الذي تُبارك يده العالم كلّه. كما ذهب المجمع إلى أبعد من ذلك مؤكّدًا ما يلي: "لا عجب إذًا أنّ بعض نواحي السرّ الموحى به قد أدركها الواحد وعبّر عنها أفضل من الآخر، بحيث أنّه ينبغي اعتبار تلك الصيغ اللاهوتيّة المتنوّعة متكاملة أكثر من كونها متناقضة" (استعادة الوحدة 17 - Unitatis redintegratio).
 
 
1.1.6-    يوم الجمعة من أسبوع تقديس البيعة   -     إنجيل القدّيس يوحنّا 26-24:17   
 
    إنجيل القدّيس يوحنّا 26-24:17
 
قالَ الرَبُّ يَسوع: «يا أبتِ، إِنَّ الَّذينَ وَهَبْتَهُم لي أُريدُ أَنْ يَكُونُوا مَعِي حَيْثُ أَكُون، لِيُشَاهِدُوا مَجْدِيَ الَّذي وَهَبْتَهُ لي، لأَنَّكَ أَحْبَبْتَنِي قَبْلَ إِنْشَاءِ العَالَم.
يَا أَبَتِ البَارّ، أَلعَالَمُ مَا عَرَفَكَ، أَمَّا أَنَا فَعَرَفْتُكَ، وهؤُلاءِ عَرَفُوا أَنَّكَ أَنْتَ أَرْسَلْتَنِي.
وقَدْ عَرَّفْتُهُمُ ٱسْمَكَ وسَأُعَرِّفُهُم، لِتَكُونَ فِيهِمِ المَحَبَّةُ الَّتِي بِهَا أَحْبَبْتَنِي، وأَكُونَ أَنَا فِيهِم».

 إسحَق النجمة (؟ - نحو 1171)، راهب سِستِرسيانيّ، العظة 42 بمناسبة عيد الصعود
«لِتَكونَ فيهمِ المَحبَّةُ الَّتي أَحبَبتَني إِيَّاها، وأَكونَ أَنا فيهِم»



كما أنّ رأسَ الإنسان وجسدَه يكونان إنسانًا واحدًا بذاتِه، كذلك ابن العذراء وأعضاؤه، أي المختارون، يكونون إنسانًا واحدًا بذاتِه وابن إنسانٍ واحد. فالكتاب المقدّس يتكلّم عن الرّب يسوع المسيح الكامل. نعم، إنّ الأعضاءَ كلَّها تشكِّل جسدًا واحدًا وهذا الجسد بدورِه يُكَوِّن مع الرأس ابنَ الإنسان الوحيد الذي يُكَوِّنُ، مع ابن الله، ابن الله الوحيد الذي بدوره يُكَوِّنُ مع الله إلهًا واحدًا. هكذا، يكون الجسمُ بأكملِه مع رأسِه ابن الإنسان وابن الله، وبالتالي يكون الله. عندئذٍ، نفهمُ الكلمة التالية: "فَلْيكونوا بِأَجمَعِهم واحِداً: كَما أَنَّكَ فِيَّ، يا أَبَتِ، وأَنا فيك فَلْيكونوا هُم أَيضاً فينا لِيُؤمِنَ العالَمُ بِأَنَّكَ أَنتَ أَرسَلتَني" (يو17: 21). لذا، ووفقًا للتأكيد المتكرِّر في الكتاب المقدّس، فإنّه ما من جسدٍ بدون رأس وما من رأسٍ بدون جسد، كما أنّ لا رأس وجسد بدون الله. فهكذا يكون الرّب يسوع المسيح كاملاً...
هكذا، يستطيعُ جميعُ المؤمنين، أعضاء الرّب يسوع المسيح الروحيّين، القول إنّهم مثله حقًّا، أي إنّهم أبناء الله وبالتالي الله. لكنّ ألوهيّة المسيح التي هي من طبيعتِه، هي لهم بكونِهم شركاء؛ فالمسيح إله بالملء، في حين أنّهم نالوا الألوهيّة بالمشاركة. باختصار، إذا كان المسيح ابن الله طبيعيًّا، فإنّ أعضاءَه يصبحون أبناء الله... بالتبنّي، وفقًا لما قاله القدّيس بولس: "لم تَتلَقَّوا روحَ عُبودِيَّةٍ لِتَعودوا إِلى الخَوف، بل روحَ تَبَنٍّ بِه نُنادي: أَبًّا، يا أَبَتِ!" (رو 8: 15). هذا الرُّوح "قَد مَكَّنَهم أَنْ يَصيروا أَبْناءَ الله" (يو1: 12)، كي يتعلّموا أن يقولوا وفقًا لتعليم "الابن البكر لإخوة كثيرين" (راجع رو 8: 29): "أبانا الذي في السماوات" (مت 6: 9).
 
 
1.1.7-    السبت من أسبوع تقديس البيعة    -     إنجيل القدّيس يوحنّا 21-15:15   
 
    إنجيل القدّيس يوحنّا 21-15:15
 
قالَ الرَبُّ يَسوعُ لِتلاميذِهِ: «لَسْتُ أَدْعُوكُم بَعْدُ عَبِيدًا، لأَنَّ العَبْدَ لا يَعْلَمُ مَا يَعْمَلُ سَيِّدُهُ، بَلْ دَعَوْتُكُم أَحِبَّاءَ، لأَنِّي أَعْلَمْتُكُم بِكُلِّ مَا سَمِعْتُهُ مِنْ أَبي.
لَمْ تَخْتَارُونِي أَنْتُم، بَلْ أَنَا ٱخْتَرْتُكُم، وأَقَمْتُكُم لِتَذْهَبُوا وتَحْمِلُوا ثَمَرًا، ويَدُومَ ثَمَرُكُم، فَيُعطيَكُمُ الآبُ كُلَّ مَا تَطْلُبُونَهُ بِٱسْمِي.
بِهذَا أُوصِيكُم، أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُم بَعْضًا.
إِنْ يُبْغِضْكُمُ العَالَم، فَٱعْلَمُوا أَنَّهُ أَبْغَضَنِي قَبْلَكُم.
لَوْ كُنْتُم مِنَ العَالَمِ لَكَانَ العَالَمُ يُحِبُّ مَا هُوَ لَهُ. ولكِنْ، لأَنَّكُم لَسْتُم مِنَ العَالَم، بَلْ أَنَا ٱخْتَرْتُكُم مِنَ العَالَم، لِذلِكَ يُبْغِضُكُمُ العَالَم.
تَذَكَّرُوا الكَلِمَةَ الَّتِي قُلْتُهَا لَكُم: لَيْسَ عَبْدٌ أَعْظَمَ مِنْ سَيِّدِهِ. فَإِنْ كَانُوا قَدِ ٱضْطَهَدُونِي فَسَوْفَ يَضْطَهِدُونَكُم أَيْضًا. وإِنْ كَانُوا قَدْ حَفِظُوا كَلِمَتِي فَسَوْفَ يَحْفَظُونَ كَلِمَتَكُم أَيْضًا.
غَيرَ أَنَّهُم سَيَفْعَلُونَ بِكُم هذَا كُلَّهُ مِنْ أَجْلِ ٱسْمِي، لأَنَّهُم لا يَعْرِفُونَ الَّذي أَرْسَلَنِي.

القدّيس إيريناوس اللِّيونيّ (نحو 130 - نحو 208)، أسقف ولاهوتيّ وشهيد، ضدّ الهرطقات، الجزء الرابع
«لا أَدعوكم خَدَمًا بعدَ اليوم... فَقَد دَعَوتُكم أحبّائي» (يو15: 15)

 

قد وُضِعَت الشريعة بادئ ذي بدءٍ للعبيد بهدف تهذيب النفس من خلال الأمور الخارجيّة والجسديّة، لحمل هذه النفس على طاعة الوصايا، بحيث يتعلّم الإنسان كيفيّة إطاعة الله. لكنّ كلمة الله حرّر هذه النفس؛ وعلّمها أيضًا أن تقوم بتطهير الجسد بحريّة وبإرادة طوعيّة. ومنذ ذلك الوقت، كان لا بدّ من كسر قيود العبوديّة التي استطاع الإنسان من خلالها أن يتعلّم وأن يتبع الله متحرِّرًا من القيود. لكن مع تزامن انتشار مفاهيم الحريّة، كان لا بدّ من تعزيز الخضوع إلى الملك، حتّى لا يعود أي إنسان إلى الحالة السابقة ويظهر غير جديرٍ بمُخلِّصه...
لذا، لم تكن وصيّة الربّ عدم الزنى، بل عدم اشتهاء مقتنى الغير؛ لم تكن أيضًا عدم القتل، بل عدم الشعور بالغضب؛ لم تكن دفع الجزية، بل توزيع الأموال كلّها على الفقراء. لم تكن محبّة القريب فقط، بل أيضًا محبّة العدو؛ كما لم تكن أن نصنع "الخَيرَ فنَغتَني بالأعمالِ الصالِحة، ونُعطي بِسَخاء" (1تم 6: 18)، بل أيضًا أن نعطي ممتلكاتنا بكلّ طيبة خاطر إلى مَن يأخذها منّا.
إنّ الربّ، أي كلمة الله، قد أخضع البشر في البدء إلى عبوديّة الله، ثمّ عاد وحرّر كلّ مَن خضع له. وكما قال هو نفسه لتلاميذه: "لا أَدعوكم خَدَمًا بعدَ اليوم لأنّ الخادِمَ لا يَعلَمُ ما يَعمَلُ سَيِّدُه. فَقَد دَعَوتُكم أحِبّائي لأنّي أطلَعتُكم على كُلِّ ما سَمِعتُه من أَبي" (يو15: 15). من خلال جعل التلاميذ أحبّاء لله، أظهر بكلّ وضوح أنّه الكلمة، كلمة الله. لقد أصبح إبراهيم "خليل الله" (إش 41: 8)، لأنّه استمع إلى ندائه بعفويّة وبدون أيّة قيود، نتيجة إيمانه العظيم.
 
 
1.2.1-    أحد تجديد البيعة   -     إنجيل القدّيس يوحنّا 42-22:10   
 
    إنجيل القدّيس يوحنّا 42-22:10
 
حَانَ عِيدُ التَّجْدِيدِ في أُورَشَلِيم، وكَانَ فَصْلُ الشِّتَاء.
وكَانَ يَسُوعُ يَتَمَشَّى في الهَيْكَل، في رِوَاقِ سُلَيْمَان.
فَأَحَاطَ بِهِ اليَهُودُ وأَخَذُوا يَقُولُونَ لَهُ: «إِلى مَتَى تُبْقِي نُفُوسَنَا حَائِرَة؟ إِنْ كُنْتَ أَنْتَ المَسِيح، فَقُلْهُ لَنَا صَرَاحَةً».
أَجَابَهُم يَسُوع: «قُلْتُهُ لَكُم، لكِنَّكُم لا تُؤْمِنُون. أَلأَعْمَالُ الَّتِي أَعْمَلُهَا أَنَا بِٱسْمِ أَبِي هِيَ تَشْهَدُ لِي.
لكِنَّكُم لا تُؤْمِنُون، لأَنَّكُم لَسْتُم مِنْ خِرَافِي.
خِرَافِي تَسْمَعُ صَوْتِي، وأَنَا أَعْرِفُهَا، وهِي تَتْبَعُنِي.
وأَنَا أُعْطِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّة، فَلَنْ تَهْلِكَ أَبَدًا، وَلَنْ يَخْطَفَهَا أَحَدٌ مِنْ يَدِي.
أَبِي الَّذي أَعْطَانِي إِيَّاهَا هُوَ أَعْظَمُ مِنَ الكُلّ، ولا يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْطَفَهَا مِنْ يَدِ الآب.
أَنَا والآبُ وَاحِد».
فَأَخَذَ اليَهُودُ، مِنْ جَدِيدٍ، حِجَارَةً لِيَرْجُمُوه.
قَالَ لَهُم يَسُوع: «أَعْمَالاً حَسَنَةً كَثِيرَةً أَرَيْتُكُم مِنْ عِنْدِ الآب، فَلأَيِّ عَمَلٍ مِنْهَا تَرْجُمُونِي؟».
أَجَابَهُ اليَهُود: «لا لِعَمَلٍ حَسَنٍ نَرْجُمُكَ، بَلْ لِتَجْدِيف. لأَنَّكَ، وَأَنْتَ إِنْسَان، تَجْعلُ نَفْسَكَ إِلهًا».
أَجَابَهُم يَسُوع: «أَمَا كُتِبَ في تَوْرَاتِكُم: أَنَا قُلْتُ إِنَّكُم آلِهَة؟
فَإِذَا كَانَتِ التَّوْرَاةُ تَدْعُو آلِهَةً أُولئِكَ الَّذِينَ صَارَتْ إِلَيْهِم كَلِمَةُ الله، ولا يُمْكِنُ أَنْ يُنْقَضَ الكِتَاب،
فَكَيْفَ تَقُولُونَ لِي، أَنَا الَّذي قَدَّسَهُ الآبُ وأَرْسَلَهُ إِلى العَالَم: أَنْتَ تُجَدِّف؛ لأَنِيِّ قُلْتُ: أَنَا ٱبْنُ الله؟
إِنْ كُنْتُ لا أَعْمَلُ أَعْمَالَ أَبِي، فلا تُصَدِّقُونِي،
أَمَّا إِذَا كُنْتُ أَعْمَلُهَا، وإِنْ كُنْتُم لا تُصَدِّقُونِي، فَصَدِّقُوا هذِهِ الأَعْمَال، لِكَي تَعْرِفُوا وتُؤْمِنُوا أَنَّ الآبَ فِيَّ وَأَنِّي في الآب».
فَحَاوَلُوا مِنْ جَدِيدٍ أَنْ يَقْبِضُوا عَلَيْه، فَأَفْلَتَ مِنْ يَدِهِم.
وعَادَ يَسُوعُ إِلى عِبْرِ الأُرْدُنّ، إِلى حَيْثُ كَانَ يُوحَنَّا يُعَمِّدْ مِنْ قَبْلُ، فَأَقَامَ هُنَاك.
وأَتَى إِلَيْهِ كَثِيرُونَ وكَانُوا يَقُولُون: «لَمْ يَصْنَعْ يُوحَنَّا أَيَّ آيَة، ولكِنْ، كُلُّ مَا قَالَهُ في هذَا الرَّجُلِ كَانَ حَقًّا».
فآمَنَ بِهِ هُنَاكَ كَثِيرُون.

 القدّيس بِرنَردُس (1091 - 1153)، راهب سِستِرسيانيّ وملفان الكنيسة، عظات مختلفة، العظة 22: 5-6
«أَرَيتُكم كثيرًا مِنَ الأَعمالِ الحَسَنةِ مِن عِندِ الآب، فِلأَيِّ عَمَلٍ مِنها تَرجُموني؟»

 

أنت مدين بحياتك كلّها للرب يسوع المسيح، كونه وهب حياته من أجل حياتك، وتحمّل آلامًا مبرحة كي لا تتحمّل عذابات أبديّة... ما الذي لن يبدو لك عذبًا، بعد أن تكون قد جمعت في قلبك كلّ مرارة ربّك؟ "كما تَعْلو السَّمواتُ عنِ الأَرض" (إش 55: 9)، هكذا تكون حياته أعلى من حياتنا، لكنّه وهبها من أجل حياتنا. كما أنّ العدم غير قابل للمقارنة مع أيّ شيء آخر، كذلك حياتنا لا يمكن أن تُقاس بحياته...
حين أكرّس له كلّ ما أنا عليه، وكلّ ما أنا قادر عليه، سيكون ذلك كالنجمة التي تُقارن بالشمس، وكنقطة الماء التي تُقارن بالنهر، وكالحجرة التي تُقارن بالبرج، وكحبّة الرمل التي تُقارن بالجبل. أنا لا أمتلك شيئًا سوى أمرين صغيرين، وحتّى صغيرين للغاية: جسدي ونفسي، أو بالأحرى أمر صغير واحد: إرادتي. أفلا أمنحها لذاك الذي وهب كائنًا صغيرًا مثلي هذا القدر من الميزات، لذاك الذي افتداني بكليّتي، من خلال بذل ذاته؟ لكن إن احتفظت بإرادتي لنفسي، بأيّ وجه وبأيّ عينين وبأيّ روح وبأيّ ضمير يمكن أن ألتجئ بالقرب من قلب رحمة ربّنا؟ هل سأتجرّأ على خرق هذا السور المتين الذي يحمي إسرائيل، وعلى إهراق، لا نقاط قليلة فحسب، بل تدفّق هذا الدم الذي يسيل من أعضاء جسده الخمسة، كثمن لافتدائي؟
 
 
1.2.2-    الإثنين من أسبوع تجديد البيعة    -     إنجيل القدّيس يوحنّا 6-1:10   
 
    إنجيل القدّيس يوحنّا 6-1:10
 
قالَ الرَبُّ يَسوع: «أَلحَقَّ ٱلحَقَّ أَقُولُ لَكُم: مَنْ لا يَدْخُلُ حَظيرَةَ الخِرَافِ مِنْ بَابِهَا، بَلْ يَتَسَلَّقُ مِنْ مَوْضِعٍ آخَر، فَهُوَ لِصٌّ وسَارِق.
أَمَّا مَنْ يَدْخُلُ مِنَ البَابِ فَهُوَ رَاعِي الخِرَاف.
لَهُ يَفْتَحُ البَوَّاب، وَالخِرَافُ تَسْمَعُ صَوْتَهُ، فَيَدْعُو خِرَافَهُ بِأَسْمَائِهَا ويُخْرِجُهَا.
وعِنْدَمَا يُخْرِجُ كُلَّ خِرَافِهِ، يَسيرُ قُدَّامَهَا، والخِرَافُ تَتْبَعُهُ، لأَنَّهَا تَعْرِفُ صَوْتَهُ.
أَمَّا الغَرِيبُ فَلَنْ تَتْبَعَهُ بَلْ تَهْرُبُ مِنْهُ، لأَنَّهَا لا تَعْرِفُ صَوْتَ الغُرَبَاء».
قَالَ لَهُم يَسُوعُ هذَا المَثَل، فَلَمْ يَفْهَمُوا مَا كَانَ يُكَلِّمُهُم بِهِ.

 القدّيسة جيرترود ديلفا (1256 - 1301)، راهبة بندكتيّة،من كتاب التمارين، الجزء الرابع
ربّي يسوع ، أيّها الرَّاعي الصالح، اِحفظني!

 

فلتباركني قوّتك الإلهيّة، وحكمتك وطيبتك، يا إلهي، يا حبّي الوديع؛ فلتدَعني أسير خلفك بإرادة حريصة، وأتخلّى عن نفسي بإخلاص، وبقلب ونفس وروح متحمِّسين للغاية، وأتبعك بأكمل طريقة. (...)
"هَلُمُّوا أَيُّها البَنونَ وليَ اْستَمِعوا مَخافةَ الرَّبِّ أُعَلِّمُكم" (مز 34[33] : 12)
آه، يا ربّي يسوع، أيّها الرَّاعي الصالح، اجعلني أسمع صوتك وأتعرّف عليه، هو الذي يحرّرني من كلّ ما يمنعني من أن أكون لك؛ ارفعني بذراعك؛ اجعلني أرتاح في حضنك، أنا نعجتك الّتي صارت خصبةً بروحك. هنا علّمني كيف أخافك؛ أرني كيف أحبّك؛ علّمني كيف أتبعك. (...)
"السَّاكِنُ في كَنَفِ العَلِيِّ يَبيتُ في ظلِّ القَدير" (مز 91[90] : 1)
يا حامي نفسي وملجأي في يوم الضيق، دافع عنّي عند كلّ تجربة؛ أَحِطني بدرع الحقّ. أنت نفسك، كن معي في جميع مِحَني: أنت يا مَن هو رجائي، دافع عنّي دومًا من كلّ خطر جسديّ وروحيّ، واحمِني. (...) آمين.
 
 
1.2.3-    الثلثاء من أسبوع تجديد البيعة   -     إنجيل القدّيس يوحنّا 10-7:10   
 
    إنجيل القدّيس يوحنّا 10-7:10
 
قالَ الرَبُّ يَسوع: «أَلحَقَّ ٱلحَقَّ أَقُولُ لَكُم: أَنَا هُوَ بَابُ الخِرَاف.
جَمِيعُ الَّذينَ أَتَوا قَبْلِي هُمْ سَارِقُونَ ولُصُوص، ولَمْ تَسْمَعْ لَهُمُ الخِرَاف.
أَنَا هُوَ البَاب. فَمَنْ يَدْخُلْ مِنِّي يَخْلُصْ، يَدْخُلْ ويَخْرُجْ ويَجِدْ مَرعًى.
السَّارِقُ لا يَأْتِي إِلاَّ لِيَسْرِقَ ويَذْبَحَ ويُهْلِك. أَنَا أَتَيْتُ لِتَكُونَ لِلخِرَافِ حَيَاة، وتَكُونَ لَهُم وَافِرَة.

 ثيودورس المصّيصي (؟ - 428)، أسقف المصّيصة في صقلِّية، ولاهوتيّ، شرح لإنجيل القدّيس يوحنّا
«الحَقَّ الحَقَّ أَقولُ لَكم: أَنا بابُ الخِراف»

 

"إنّ بوّاب هذه الحظيرة هو النبيّ موسى الذي أسَّس هذه الحظيرة بحسب مفاهيم الشريعة، ليسمح لأولئك الذين يعيشون ضمن هذه المفاهيم أن يعيشوا بأمان تام. والرّاعي يقود البشر مثلما يقود الخراف إلى مراعي العقيدة الصالحة ويدلّهم على الغذاء الآتي من كلمات الشريعة، الكلمات التي يجب أن يتغذّوا بها منذ البداية وإلى النهاية. هو يُريهم المعنى العميق الذي تحمله هذه العبارات، وكيف عليهم أن يفهموا الكتابات المقدّسة، وينبّههم إلى ضرورة الابتعاد عن بعض العقائد؛ هذه العقائد التي قد يُعلّمها البعض لكي تضيع الخراف كلّها...
قال الربّ للفرّيسيّين: فلنَبحثْ جيّدًا، ولنرَ مَن الذي دخل من الباب الذي نصّت عليه الشريعة، أأنتم أم أنا؟ ومَن الذي باندفاع طبّق تعاليم الشريعة؟ ولمَن فتح موسى البوّاب باب الحظيرة فعلاً؟ ومَن سبّح ومَن مجّد بسبب أعماله؟ ومَن دعاه الرّاعي الحقيقيّ؟ وإن كان موسى في كتابه قد مدح مَن يُطبّق وصايا الشريعة، فاكتمال هذه الوصايا إذًا تمّ بي أنا وليس بكم..."
إنّ الذي لا يعمل لصالح خرافه، لا يكون يبحث إلاّ عن منفعته الخاصّة. لهذا أنتم لا تملكون أيّ سلطة تمكّنكم من طرد أحدٍ... أمّا أنا، فبحقّ أُدعى الرَّاعي الصالح لأنّني أوّلاً تمعّنت جيّدًا في الشريعة، وثانيًا دخلت من الباب الذي تنصّ عليه الشريعة، لقد سلكت الطريق الذي أراني إيّاه البوّاب بنفسه، وأخيرًا لقد أتممت باندفاع تامّ كلّ ما يجب إتمامه لما فيه مصلحة خرافي.
 
 
1.2.4-    الأربعاء من أسبوع تجديد البيعة    -     إنجيل القدّيس يوحنّا 16-11:10   
 
    إنجيل القدّيس يوحنّا 16-11:10
 
قالَ الرَبُّ يَسوع: «أَنَا هُوَ الرَّاعِي الصَّالِح. والرَّاعِي الصَّالِحُ يَبْذُلُ نَفْسَهُ عَنِ الخِرَاف.
أَمَّا الأَجِير، وهُوَ لَيْسَ بِرَاعٍ، ولَيْسَتِ الخِرَافُ لَهُ، فَيَرَى الذِّئْبَ مُقْبِلاً، ويَتْرُكُ الخِرَافَ ويَهْرُب، فيَخْطَفُهَا الذِّئْبُ ويُبَدِّدُهَا؛
لأَنَّ الأَجِيرَ أَجِير، ولا يُبَالِي بِٱلخِرَاف.
أَنَا هُوَ الرَّاعِي الصَّالِح. أَعْرِفُ خِرَافِي وخَرِافِي تَعْرِفُنِي،
كَمَا أَنَّ الآبَ يَعْرِفُنِي وأَنَا أَعْرِفُ الآب، وأَبْذُلُ نَفْسِي عَنِ الخِرَاف.
ولِي خِرَافٌ أُخْرَى لَيْسَتْ مِنْ هذِهِ الحَظِيرَة، عَلَيَّ أَنْ آتِيَ بِهَا هِيَ أَيْضًا. وَسَتَسْمَعُ صَوتِي، فَتَكُونُ رَعِيَّةٌ وَاحِدَةٌ ورَاعٍ وَاحِد.

 القدّيس يوحنّا الدمشقيّ (نحو 675 - 749)، راهب ولاهوتيّ وملفان الكنيسة، شرح عن الإيمان المستقيم
صلاة راعٍ إلى الرَّاعي الصّالح

 

أيّها الرّب يسوع، يا إلهي، لقد انحدرتَ لتحملني على كتفيك، أنا الخروف الضال (لو 15: 5)، ووضعتني "في مَراعٍ نَضيرةٍ" (مز23[22]: 2). لقد أرويتني من مياه العقيدة الحقيقيّة (المرجع السّابق) بواسطة رعاتك الّذين كنت أنت نفسك راعيهم قبل أن توكل إليهم قطيعك... والآن، يا ربّ، لقد دعوتني... لخدمة رسلك؛ بأيّ تدبير من عنايتك؟ أنا أجهل ذلك؛ أنت وحدك تعرفه.
لكن، يا ربّ، خفِّف الحِمل الثقيل النّاتج عن خطاياي الّتي أهانتك كثيرًا؛ طَهِّر نفسي وقلبي. "إِلى سُبُلِ البِر اهْدني" (مز23[22]: 3)، كسراج يضيئني. اجعلني أقول كلمتك بجرأة؛ وليُعطِني لسانُ نارِ روحِك (أع 2: 3) لسانًا حُرًّا تمامًا، وليجعلني منتبهًا دائمًا لحضورك.
يا ربّ، كُن راعيَّ، وكُن معي راعيًا لخرافك، لكيلا يجعلني قلبي أحيد يمنةً أو يسرةً. ليرشدني روحك الصالح في الطريق المستقيم لكي أتمّم أعمالي وفقًا لإرادتك – إلى النهاية.
 
 
1.2.5-    الخميس من أسبوع تجديد البيعة    -     إنجيل القدّيس يوحنّا 21-17:10   
 
    إنجيل القدّيس يوحنّا 21-17:10
 
قالَ الرَبُّ يَسوع: «أَلآبُ يُحِبُّنِي لأَنِّي أَبْذُلُ نَفْسِي، لِكَيْ أَعُودَ فَأَسْتَرجِعَهَا.
لا أَحَدَ يَنْتَزِعُهَا مِنِّي، بَلْ أَنَا أَبْذُلُهَا مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي. لِي سُلْطَانٌ أَنْ أَبْذُلَهَا، ولِي سُلْطَانٌ أَنْ أَعُودَ فَأَسْتَرْجِعَهَا. هذِهِ الوَصِيَّةُ قَبِلْتُهَا مِنْ أَبِي».
فَحَدَثَ مِنْ جَدِيدٍ شِقَاقٌ بِينَ اليَهُودِ بِسَبَبِ هذَا الكَلام.
وكَانَ كَثِيرُونَ مِنْهُم يَقُولُون: «بِهِ شَيْطَان، وهُوَ يَهْذِي. فَلِمَاذَا تَسْمَعُونَ لَهُ؟».
وآخَرُونَ يَقُولُون: «هذِهِ الأَقْوَالُ لَيْسَتْ أَقْوَالَ مَنْ بِهِ شَيْطَان! هَلْ يَقْدِرُ شَيْطَانٌ أَنْ يَفْتَحَ عُيُونَ العُمْيَان؟».

 القدّيس أوغسطينُس (354 - 430)، أسقف هيبّونا (إفريقيا الشماليّة) وملفان الكنيسة، العظة 47
«ما مِن أَحَدٍ يَنتزِعُها مِنَّي بل إنّني أَبذِلُها بِرِضايَ. فَلي أَن أَبذِلَها ولي أَن أَنالَها ثانِيَةً»

 

" أَبذِلُ نَفْسي"... لاحظوا قوّة هذه العبارة. فليَكُفّ اليهود عن تمجيد أنفسهم. قد يصُبّون غضبَهم عليّ، لكن إن لم أوافق على التضحية بحياتي، إلى ماذا يمكن أن تؤدّي جهودُ غضبِهم؟ فإنّ محبّة الآب للابن ليست ثمن الموت الذي سيواجهُه، لكنّه يحبُّه لأنّه يجدُ فيه طبيعتَه نفسَها. في حين أنّه بموجبِ هذا الحبِّ نفسِه، رَضِيَ الابن ببذل ذاته من أجلِنا.
هذه الكلمات هي الدليل القاطع على أنّ موتَ الابن لم يكن نتيجةَ أيِّ خطيئة شخصيّة، بل جاء لأنّه أرادَ ذلك، حين أرادَ ذلك وبالطريقة التي أرادَها: "ما مِن أَحَدٍ يَنتزِعُها مِنَّي بل إنّني أَبذِلُها بِرِضايَ. فَلي أَن أَبذِلَها ولي أَن أَنالَها ثانِيَةً".
إذًا، بأيِّ معنى يقولُ ربُّنا أنّه يملكُ القدرة على التضحية بروحِه أو بحياتِه؟ |إنّ الرّب يسوع المسيح هو في الوقتِ نفسِه "الكلمة" والإنسان، أي "الكلمة" والرُّوح والجسد؛ إذًا، هل ضحّى بروحِهِ أو بحياتِه واسترَدَّها بصفتِهِ الكلمة؟ أو بصفتِهِ روحًا بشريّة، فَضَحَّت الرُّوح بنفسِها واسترَدَّتها؟ أو بصفتِهِ جسدًا، فضحّى الجسد بروحِهِ واسترَدَّها؟ إن قلنا أنّ "كلمة الله" ضحّى بروحِهِ واسترَدَّها، هذا يعني أنّ تلك الروح بقِيَتْ مُنفصلة عن "كلمة الله"، لأنّ الموتَ يفصلُ الرُّوح عن الجسد. لكن لا، لم تُفصَل الرُّوح أبدًا عن "الكلمة". إن قلنا العكس، أي أنّ الرُّوح ضحَّت بنفسِها، يكون هذا كلامًا غير منطقي. فإن كانت لا تستطيعُ الانفصال عن "الكلمة"، كيف يمكنها أن تنفصلَ عن نفسِها؟ إذًا، الجسد هو الذي ضحّى بالرُّوح ليسترِدَّها لاحقًا، لكن ليس بقدرتِه، بل بقدرة "الكلمة" الذي كان يسكنُ فيها.
 
 
1.2.6-    يوم الجمعة من أسبوع تجديد البيعة   -     إنجيل القدّيس مرقس 22-18:2   
 
    إنجيل القدّيس مرقس 22-18:2
 
كانَ تَلاميذُ يُوحَنَّا والفَرِّيسِيُّونَ صَائِمِين. فجَاؤُوا وقَالُوا لِيَسُوع: «لِمَاذَا تَلامِيذُ يُوحَنَّا وتَلامِيذُ الفَرِّيسيِّينَ يَصُومُون، وتَلامِيذُكَ لا يَصُومُون؟».
فقالَ لَهُم يَسُوع: «هَلْ يَسْتَطيعُ بَنُو العُرْسِ أَنْ يَصُومُوا وَالعَريسُ مَعَهُم؟ ما دَامَ العَرِيسُ مَعَهُم لا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَصُومُوا.
ولكِنْ ستَأْتِي أَيَّامٌ يَكُونُ فيهَا العَريسُ قَدْ رُفِعَ مِنْ بَيْنِهِم، فحِينَئِذٍ في ذلِكَ اليَوْمِ يَصُومُون.
لا أَحَدَ يَضَعُ رُقْعَةً جَدِيدَةً في ثَوْبٍ بَالٍ، وإِلاَّ فَٱلجَدِيدُ يَأْخُذُ مِلأَهُ مِنَ البَالي، فيَصِيرُ الخِرْقُ أَسْوَأ.
ولا أَحَدَ يَضَعُ خَمْرَةً جَدِيدَةً في زِقَاقٍ عَتِيقَة، وإِلاَّ فَٱلْخَمْرَةُ تَشُقُّ الزِّقَاق، فَتُتْلَفُ الخَمْرَةُ والزِّقَاقُ مَعًا. بَلْ تُوضَعُ الخَمْرَةُ الجَدِيدَةُ في زِقَاقٍ جَدِيدَة».

 روبير من دوتز (نحو 1075 - 1130)، راهب بِنِدِكتيّ، مقدّمة كتاب "الأعراس الرّوحيّة"
«فمادامَ العَريسُ بينَهم، لا يَستَطيعونَ أَن يَصوموا»

 

"هُوذا العَريس! فَاخرُجْنَ لِلِقائِه!" (مت 25: 6)... العريس هو الرّب يسوع بينما العروس هي الطبيعة البشريّة التي خلقها الله "على صُورَتِه كَمِثالِه" (تك 1: 26). في البدء، وضع الله الإنسان في المكان الأكثر كرامة وبهاء وغنى وخصوبة على الأرض أي في الفردوس. وأخضع له كلّ الخليقة، وزيّنه بالنعمة، وأعطاه وصية إذا ما حفظها تجعله في وحدة دائمة مع العريس، معتقًا من كلّ ألم وعذاب ومن كلّ خطيئة.
غير أنّ الشرير، العدو الجهنميّ أتى بهيئة حيّة، ممتلئًا من الحسد تجاه العريس، فخدع المرأة ومعًا خدعا الرجل وبالتّالي كلّ الطبيعة البشريّة. لقد اختطف العدو بمشورته الخاطئة الطبيعة البشريّة فسبيت الى أرض غريبة وفقيرة وبائسة ومضطهدة...
لكن عندما تمّ ملء الزمن وعندما أشقق الله على عذاب حبيبته، أرسل ابنه الوحيد إلى الأرض...، في حشا مريم البتول. هنالك اقترن الابن بالطّبيعة البشريّة بتوحيدها بشخصه.
 
 
1.2.7-    السبت من أسبوع تجديد البيعة    -     إنجيل القدّيس مرقس 28-21:1   
 
    إنجيل القدّيس مرقس 28-21:1
 
جاءَ يَسُوعُ إِلى كَفَرْنَاحُوم، وَلِلْوَقْتِ دَخَلَ يَوْمَ السَّبْتِ إِلى المَجْمَعِ وأَخَذَ يُعَلِّم.
فبُهِتُوا مِنْ تَعْليمِهِ، لأَنَّهُ كانَ يُعَلِّمُهُم كَمَنْ لَهُ سُلْطَان، لا مِثْلَ الكَتَبَة.
وكَانَ في مَجْمَعِهِم رَجُلٌ فِيهِ رُوحٌ نَجِس، فَصَرَخَ
قائِلاً: «مَا لَنَا وَلَكَ، يَا يَسُوعُ النَّاصِرِيّ؟ هَلْ أَتَيْتَ لِتُهْلِكَنَا؟ أَنا أَعْرِفُ مَنْ أَنْت: أَنْتَ قُدُّوسُ الله!».
فزَجَرَهُ يَسُوعُ قَائِلاً: « إِخْرَسْ! وٱخْرُجْ مِنَ الرَّجُل!».
فهَزَّهُ الرُّوحُ النَّجِسُ بِعُنْفٍ، وَصَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَخَرَجَ مِنْهُ.
فتَعَجَّبُوا جَمِيعُهُم وَأَخَذُوا يَتَسَاءَلُونَ فيمَا بَيْنَهُم قَائِلين: «ما هذَا؟ إِنَّهُ تَعْلِيمٌ جَدِيدٌ يُعْطَى بِسُلْطَان! وهُوَ يَأْمُرُ الأَرْواحَ النَّجِسَةَ نَفْسَهَا فَتُطيعُهُ!».
وفي الحَالِ ذَاعَ صِيتُهُ في كُلِّ مَكَان، في كُلِّ أَنْحَاءِ الجَليل.

 بودوان دو فورد (؟ - نحو 1190)، كاهن سِستِرسيانيّ،العظة 6 عن عب 4: 12
«ٱنتَهَرَهُ يَسوع، وَقال: ٱخرَس وَٱخرُج مِنهُ!»

 

"إِنَّ كَلامَ اللهِ حَيٌّ ناجع، أَمْضى مِن كُلِّ سَيفٍ ذي حَدَّين" (عب 4: 12). إِنَّ كل عظمة وقوّة وحكمة كلمة الله، هذا ما أظهره الرّسول بهذه الكلمات للذين يبحثون عن الرّب يسوع المسيح، فهو كلمة اللّه وقُدرته وحكمته (راجع 1كور 1: 24)... عندما نعلن هذه الكلمة، فإنّ الصّوت الذي يلفظها يُعطي لكلمة مسموعة ظاهريًا قوّةَ كلمته المُدركة باطنيًّا. حينئذٍ يَقوم المَوتى (راجع لو 7: 22) وهذه الشهادة تُخرِج أَبناءً جددًا لإِبراهيم (راجع مت 3: 9). إنّها إذًا حيّة، هذه الكلمة. حيّة في قلب الآب، حيّة على شفاه المُبشرِّ وحيّة في القلوب المُفعمة بالإيمان والحب. وبما أنّها كلمة حيّة، لا ريب في أنّها بهذا القدر من الفعاليّة.
إنّها تعمل بفعاليّة في تكوين العالم، في درايته وافتدائه. ما الذي عساه يكون بفعاليّة أو بقوّة أكبر؟ "مَن ذا الذي يُحَدِّثُ بِمَآثِرِ الرّبّ؟ مَن ذا الذي يُسمعُ تَسبِحَته كلَها؟" (مز 106[105]: 2) إنّ فعاليّة هذه الكلمة تتجلّى في أعماله؛ كما تتجلّى أيضًا في البشارة. لأنّها لا تَرجع أبدًا فارِغة، بل تأتي بالفائدة لكلّ الذين تُرسَل لهم (راجع إش 55: 11).
الكلمة هي إذًا فعّالة، وأمضى من سيف ذي حدّين، عندما يتمّ تلقيّها بإيمان وحبّ. وبالفعل، ما الذي قد يكون مستحيلًا للّذي يؤمن؟ وما الذي قد يكون صعبًا للّذي يُحبّ؟
 
 
1.3.1-   أحد بشارة زكريّا   -     إنجيل القدّيس لوقا 25-1:1   
 
    إنجيل القدّيس لوقا 25-1:1
 
بِمَا أَنَّ كثيرينَ أَخَذُوا يُرَتِّبونَ رِوَايةً لِلأَحْدَاثِ ٱلَّتي تَمَّتْ عِنْدَنا،
كَمَا سَلَّمَها إِلَيْنَا مَنْ كَانُوا مُنْذُ البَدْءِ شُهُودَ عِيَانٍ لِلْكَلِمَة، ثُمَّ صَارُوا خُدَّامًا لَهَا،
رَأَيْتُ أَنا أَيْضًا، أَيُّهَا الشَّرِيفُ تِيُوفِيل، أَنْ أَكْتُبَها لَكَ بِحَسَبِ تَرْتِيِبهَا، بَعْدَما تَتَبَّعْتُهَا كُلَّها، مُنْذُ بِدَايَتِهَا، تَتَبُّعًا دَقيقًا،
لِكَي تَتَيَقَّنَ صِحَّةَ الكَلامِ الَّذي وُعِظْتَ بِهِ.
كَانَ في أَيَّامِ هِيرُودُس، مَلِكِ اليَهُودِيَّة، كَاهِنٌ ٱسْمُهُ زَكَرِيَّا، مِنْ فِرْقَةِ أَبِيَّا، لهُ ٱمْرَأَةٌ مِنْ بَنَاتِ هَارُونَ ٱسْمُها إِليصَابَات.
وكَانَا كِلاهُمَا بَارَّيْنِ أَمَامَ الله، سَالِكَيْنِ في جَمِيعِ وصَايَا الرَّبِّ وأَحْكَامِه بِلا لَوْم.
ومَا كَانَ لَهُمَا وَلَد، لأَنَّ إِليصَابَاتَ كَانَتْ عَاقِرًا، وكَانَا كِلاهُمَا قَدْ طَعَنَا في أَيَّامِهِمَا.
وفِيمَا كَانَ زَكَرِيَّا يَقُومُ بِالخِدْمَةِ الكَهَنُوتِيَّةِ أَمَامَ الله، في أَثْنَاءِ نَوْبَةِ فِرْقَتِهِ،
أَصَابَتْهُ القُرْعَة، بِحَسَبِ عَادَةِ الكَهَنُوت، لِيَدْخُلَ مَقْدِسَ هَيْكَلِ الرَّبِّ ويُحْرِقَ البَخُور.
وكَانَ كُلُّ جُمْهُورِ الشَّعْبِ يُصَلِّي في الخَارِج، في أَثْنَاءِ إِحْرَاقِ البَخُور.
وَتَراءَى مَلاكُ الرَّبِّ لِزَكَرِيَّا وَاقِفًا مِنْ عَنْ يَمِينِ مَذْبَحِ البَخُور،
فَٱضْطَرَبَ زَكَرِيَّا حِينَ رَآه، وٱسْتَولَى عَلَيْهِ الخَوف.
فقَالَ لهُ المَلاك: «لا تَخَفْ، يَا زَكَرِيَّا، فَقَدِ ٱسْتُجيبَتْ طِلْبَتُكَ، وَٱمْرَأَتُكَ إِلِيصَابَاتُ سَتَلِدُ لَكَ ٱبْنًا، فَسَمِّهِ يُوحَنَّا.
ويَكُونُ لَكَ فَرَحٌ وَٱبْتِهَاج، ويَفْرَحُ بِمَوْلِدِهِ كَثِيرُون،
لأَنَّهُ سَيَكُونُ عَظِيمًا في نَظَرِ الرَّبّ، لا يَشْرَبُ خَمْرًا ولا مُسْكِرًا، وَيَمْتَلِئُ مِنَ الرُّوحِ القُدُسِ وَهُوَ بَعْدُ في حَشَا أُمِّهِ.
ويَرُدُّ كَثِيرينَ مِنْ بَني إِسْرَائِيلَ إِلى الرَّبِّ إِلهِهِم.
ويَسيرُ أَمَامَ الرَّبِّ بِرُوحِ إِيلِيَّا وقُوَّتِهِ، لِيَرُدَّ قُلُوبَ الآبَاءِ إِلى الأَبْنَاء، والعُصَاةَ إِلى حِكْمَةِ الأَبْرَار، فيُهيِّئَ لِلرَّبِّ شَعْبًا مُعَدًّا خَيْرَ إِعْدَاد».
فقَالَ زَكَرِيَّا لِلْمَلاك: «بِمَاذَا أَعْرِفُ هذَا؟ فإِنِّي أَنَا شَيْخٌ ، وٱمْرَأَتي قَدْ طَعَنَتْ في أَيَّامِهَا!».
فأَجَابَ المَلاكُ وقالَ لهُ: «أَنَا هُوَ جِبْرَائِيلُ ٱلوَاقِفُ في حَضْرَةِ الله، وقَدْ أُرْسِلْتُ لأُكَلِّمَكَ وأُبَشِّرَكَ بِهذَا.
وهَا أَنْتَ تَكُونُ صَامِتًا، لا تَقْدِرُ أَنْ تَتَكَلَّم، حَتَّى اليَوْمِ الَّذي يَحْدُثُ فِيهِ ذلِكَ، لأَنَّكَ لَمْ تُؤْمِنْ بِكَلامِي الَّذي سَيَتِمُّ في أَوَانِهِ».
وكَانَ الشَّعْبُ يَنْتَظرُ زَكَرِيَّا، ويَتَعَجَّبُ مِنْ إِبْطَائِهِ في مَقْدِسِ الهَيْكَل.
ولَمَّا خَرَجَ زَكَريَّا، لَمْ يَكُنْ قَادِرًا أَنْ يُكَلِّمَهُم، فأَدْرَكُوا أَنَّهُ رَأَى رُؤْيَا في المَقْدِس، وكَانَ يُشيرُ إِلَيْهِم بِالإِشَارَة، وبَقِيَ أَبْكَم.
ولَمَّا تَمَّتْ أَيَّامُ خِدْمَتِهِ، مَضَى إِلى بَيْتِهِ.
وبَعْدَ تِلْكَ الأَيَّام، حَمَلَتِ ٱمْرَأَتُهُ إِلِيصَابَات، وكَتمَتْ أَمْرَهَا خَمْسَةَ أَشْهُر، وهِيَ تَقُول:
هكَذا صَنعَ الرَّبُّ إِليَّ، في الأَيَّامِ الَّتي نَظَرَ إِليَّ فِيهَا، لِيُزيلَ العَارَ عَنِّي مِنْ بَيْنِ النَّاس!.

 

«وَسَتُصاب بِالخَرَس، فلا تَستَطيعُ الكلامَ إلى يَومَ يَحدُثُ ذلك، لأَنَّكَ لم تُؤمِنْ بِأَقوالي وهي سَتَتِمُّ في أَوانِها»
أوريجينُس (نحو 185 - 253)، كاهن ولاهوتيّ،
تأمّل حول إنجيل القديس يوحنّا، 2

 

ليس الصوت والكلمة بالنّسبة إلينا الشيء نفسه، لأنّ الصوت قد يُسمع من دون أن يحمل معنى، من دون كلمة، والكلمة يمكن أيضًا أن تنتقل إلى الرُّوح من دوت صوت، كما في مسار تفكيرنا. كذلك بما أن المخلّص هو الكلمة...، يختلف عنه يوحنّا بأنّه الصوت، بالمقارنة مع الرّب يسوع المسيح الذي هو الكلمة. هذه هي الإجابة التي يعطيها يوحنّا بنفسه لأولئك الذين يسألونه عن هويّته: "أَنا صَوتُ مُنادٍ في البَرِّيَّة: قَوِّموا طَريقَ الرَّبّ" (يو 1: 23).

ربّما لهذا السبب، ولأنّ زكريّا شكّك في ولادة هذا الصوت الذي يجب أن يكشف كلمة الله، فقد صوته ولم يستعده إلاّ حين وُلد هذا الصوت الذي يبشّر بالكلمة (راجع لو 1: 64). فحتّى تتمكّن النّفس من أن تفهم الكلمة التي يقصدها الصوت، يجب عليها الإصغاء إلى هذا الصوت. لهذا السبب أيضًا، فإنّ يوحنّا -بتاريخ ميلاده- أكبر بقليل من الرّب يسوع؛ في الواقع، نرى الصوت قبل الكلمة. يشير يوحنا بذلك إلى الرّب يسوع المسيح، لأنّ الكلمة ظهرت بواسطة الصوت. اعتمد الرّب يسوع المسيح أيضًا على يد يوحنّا، الذي أقر بدوره أنّه هو الّذي بحاجة إلى العماد عن يد الرّب وليس العكس (راجع مت 3: 14) ... باختصار، حين أظهر يوحنّا المسيح، فإنّه إنسانٌ يُظهِر الله، المخلّص الروحيّ؛ إنّه صوت يُظهِر كلمة الله...

 
 
1.3.2-    الاثنين من أسبوع بشارة زكريّا    -     إنجيل القدّيس يوحنّا 37-31:8   
 
    إنجيل القدّيس يوحنّا 37-31:8
 
قَالَ الرَبُّ يَسُوعُ لِليَهُودِ الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ: «إِنْ تَثْبُتُوا أَنْتُم في كَلِمَتِي تَكُونُوا حَقًّا تَلامِيذِي،
وتَعْرِفُوا الحَقَّ، والحَقُّ يُحَرِّرُكُم».
أَجَابُوه: «نَحْنُ ذُرِّيَّةُ إِبْرَاهِيم، ومَا كُنَّا يَومًا عَبيدًا لأَحَد! كَيْفَ تَقُولُ أَنْت: تَصِيرُونَ أَحْرَارًا؟».
أَجَابَهُم يَسُوع: «أَلحَقَّ ٱلحَقَّ أَقُولُ لَكُم: كُلُّ مَنْ يَعْمَلُ الخَطِيئَةَ هُوَ عَبْدٌ لِلْخَطِيئَة.
والعَبْدُ لا يُقِيمُ فِي البَيْتِ إِلى الأَبَد، أَمَّا الٱبْنُ فَيُقِيمُ إِلى الأَبَد.
فَإِنْ يُحَرِّرْكُمُ الٱبْنُ تَكُونُوا أَحْرَارًا حَقًّا.
أَنَا أَعْلَمُ أَنَّكُم ذُرِّيَّةُ إِبْرَاهِيم، ولكِنَّكُم تَطْلُبُونَ قَتْلِي، لأَنَّ كَلِمَتِي لا تَجِدُ فِيْكُم مُقَامًا.

القدّيس أندراوس الكريتيّ (660 - 740)، راهب وأسقف، من الليتورجية الأورثوذوكسيّة للصوم الكبير
«لكِنَّكُم تُريدونَ قَتْلي»

 

استيقظي، يا نفسي، وعبّري عن أعمالكِ،
فلتمرّ من جديد أمام عينَيكِ،
ولتذرف عيناكِ الدموع.
اكشفي للربّ يسوع أعمالكِ وأفكاركِ،
فتُبَرَّرين.
ارحمني، يا إلهي، ارحمني.
من على الصليب، أيّها الكلمة، كلمة الله،
قدّمت للجميع، جسدك ودمك:
جسدك لتخلق جسدي من جديد،
ودمك لتغسلني.
أيّها الرّب يسوع، لقد أسلمتَ روحك،
لكي تُعيدني إلى أبيك (راجع لو 23: 46).
أتى خالق هذه الأرض إلى قلب الأرض ليخلّصنا.
لقد أراد أن يُسمّر على شجرة الأوجاع،
وللحال وُجِدَ الفردوس المفقود (راجع لو 23: 43).
لذلك تسجد لك السماء والأرض،
والخليقة بأجمعها
وجمع المُفتَدين الآتين من كلّ الأمم.
ليكن الدم والماء المتدفّقان من جنبك المطعون (يو 19: 34)
غسْلَ عمادٍ لي، وشراب فِداء.
وإذ أُنضَح بكلماتك الحيّة كما بِعِطر،
وأتلقّاها كشراب،
أطهر مرّتين، أيّها الكلمة، كلمة الله.
إنّ الكنيسة هي الكأس الّتي تتلقّى الدفق من جنبك المعطي الحياة،
دفقًا مزدوجًا ووحيدًا للمعرفة والغفران،
صورة العهدين، القديم والجديد،
المجتمعَين في واحد.
ارحمني، يا إلهي، ارحمني.
 
1.3.3-    الثلاثاء من أسبوع بشارة زكريّا    -     إنجيل القدّيس يوحنّا 40-38:8   
 
    إنجيل القدّيس يوحنّا 40-38:8
 
قالَ الرَبُّ يَسوع لِليَهود: «أَنَا أَتَكَلَّمُ بِمَا رَأَيْتُ لَدَى أَبِي، وأَنْتُم تَعْمَلُونَ بِمَا سَمِعْتُم مِنْ أَبِيكُم».
أَجَابُوا وقَالُوا لَهُ: «أَبُونَا هُوَ إِبْرَاهيم». قَالَ لَهُم يَسُوع: «لَوْ كُنْتُم أَولادَ إِبْرَاهيم لَكُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أَعْمَالَ إِبْرَاهِيم.
ولكِنَّكُم تَطْلُبُونَ الآنَ قَتْلِي، وأَنَا إِنْسانٌ كَلَّمْتُكُم بِٱلحَقِّ الَّذي سَمِعْتُهُ مِنَ الله. فَهذَا لَمْ يَعْمَلْهُ إِبْرَاهِيم.
 
 
1.3.4-    الأربعاء من أسبوع بشارة زكريّا    -     إنجيل القدّيس يوحنّا 45-41:8
 
    إنجيل القدّيس يوحنّا 45-41:8
 
قالَ الرَبُّ يَسوع لليَهُود: «أَنْتُم تَعْمَلُونَ أَعْمَالَ أَبيكُم». فَقَالُوا لَهُ اليَهُودُ: «نَحْنُ لَمْ نُولَدْ مِنْ زِنًى! لَنَا أَبٌ وَاحِدٌ هُوَ الله!».
قَالَ لَهُم يَسُوع: «لَو كَانَ اللهُ أَبَاكُم لأَحْبَبْتُمُونِي، لأَنِّي أَنَا مِنَ اللهِ خَرجْتُ وأَتَيْت. ومَا مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي أَتَيْت، بَلْ هُوَ أَرْسَلَنِي.
لِمَاذَا لا تَفْهَمُونَ كَلامِي؟ لأَنَّكُم لا تَقْدِرُونَ أَنْ تَسْمَعُوا قَولِي!
أَنْتُم مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْليس، وتُريدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا بِشَهَوَاتِ أَبيكُم، ذَاكَ الَّذي كَانَ مُنْذُ البَدْءِ قَاتِلَ النَّاس، ومَا ثَبَتَ في الحَقّ، لأَنَّهُ لا حَقَّ فِيه. عِنْدَمَا يَتَكَلَّمُ بِٱلكَذِبِ يَتَكَلَّمُ بِمَا لَدَيْه، لأَنَّهُ كَذَّابٌ وأَبُو الكَذِب.
أَمَّا أَنَا، فَلأَنِّي أَقُولُ الحَقّ، لا تُصَدِّقُونَنِي.

التعليم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكيّة،§ 2851-2854
«فَإِذا تكَلَّمَ بِالكَذِب تَكَلَّمَ بِما عِندَه لأَنَّه كذَّابٌ وأَبو الكَذِب»(يو 8: 44)

 

"بل نَجِّنا مِنَ الشِّرِّير" (مت 6: 13): في هذا الطلب الّذي نقوم به (في الصّلاة الرّبّية)، يدلّ عل أنّ الشريرّ ليس مجردًا، بل هو يدلّ على شخص: الشيطان، السيئ، الملاك الذي يقاوم الله. إبليس (في اليونانية: dia-bolos)يعني من "يلقي بذاته ليعيق" قصد الله" و "عمله الخلاصيّ " الذي أتمّه في الرّب يسوع المسيح. "كانَ مُنذُ البَدءِ قَتَّالاً لِلنَّاس ولَم يَثبُتْ على الحَقّ لأَنَّه ليسَ فيه شَيءٌ مِنَ الحقّ. فَإِذا تكَلَّمَ بِالكَذِب تَكَلَّمَ بِما عِندَه لأَنَّه كذَّابٌ وأَبو الكَذِب" (يو 8: 44)، إنّه "إِبْليسُ والشَّيطان، مُضَلِّلُ المَعْمورِ كُلِّه" (رؤ 12: 9). به دخلت الخطيئة والموت العالم، وبالغلبة النهائية عليه "تحرّرت الخليقة كلّها من الخطيئة والموت". " نَعلَمُ أَنَّ كُلَّ مَن وُلِدَ للهِ لا يَخطأَ لكِنَّ المَولودَ للهِ يَحفَظُه فلا يَمَسُّه الشِّرِّير. نَحنُ نَعلَمُ أَنَّنا مِنَ الله وأَمَّا العالَمُ فهُو كُلُّه تَحتَ وَطْأَةِ الشِّرِّير" (1يو 5: 18-19).
لقد تمّ الانتصار على "سيِّد هذا العالَمِ" (يو 14: 30) مرّة واحدة، في الساعة التي أسلم فيها الرّب يسوع ذاته بحريّة إلى الموت، ليعطينا حياته. إنّها دينونة هذا العالم، وسيِّد هذا العالَمِ يلقى خارجًا". لقد "طارَدَ المَرأَةَ الَّتي وَضَعَتِ الوَلَدَ الذَّكَر" (رؤ 12 :13)، غير أنّه لم يكن له سلطان عليها، فحواء الجديدة، "الممتلئة نعمة" من الرُّوح القدس، قد حُفِظت من الخطيئة ومن فساد الموت..." فغَضِبَ... على المَرأَة، ومضى يُحارِبُ سائِرَ نَسلِها الَّذينَ يَحفَظونَ وَصايا الله " (رؤ 12: 17). لذلك "يَقولُ الرُّوحُ والعَروس (أي الكنيسة): تَعالَ!... آمين! تَعالَ، أَيُّها الرَّبُّ يَسوع" (رؤ 22: 17 + 20)، بما أنّ مجيئه ينقذنا من الشرّير.
عندما نطلب النّجاة من الشرّير، نصلّي أيضًا للتحرّر من كلّ الشرور الحاضرة والماضية والمستقبلة، التي هو صاحبها أو الدافع إليها. وفي هذا الطلب الأخير تحمل الكنيسة إلى أمام الآب كل بؤس العالم. وهي تلتمس مع الخلاص من الشرور التي تثقل البشريّة، عطية السلام النفيسة، ونعمة الانتظار الثابت لمجيء الرّب يسوع المسيح. وهي إذا، تصلّي هكذا، تسبق في تواضع الإيمان استعادة كلّ البشر وكلّ شيء فيمن بيده "مَفاتيحُ المَوتِ ومَثْوى الأَموات"، "الَّذي هو كائِنٌ وكانَ وسيَأتي" (رؤ 1: 18 + 8).
 
 
1.3.5-    الخميس من أسبوع بشارة زكريّا    -     إنجيل القدّيس يوحنّا 50-46:8   
 
    إنجيل القدّيس يوحنّا 50-46:8
 
قالَ الرَبُّ يَسوع لِليَهود: «مَنْ مِنْكُم يُوَبِّخُنِي على خَطِيئَة؟ إِنْ كُنْتُ أَقُولُ الحَقَّ فَلِمَاذَا لا تُصَدِّقُونَنِي؟
مَنْ هُوَ مِنَ اللهِ يَسْمَعُ كَلامَ الله. وأَنْتُم لا تَسْمَعُون، لأَنَّكُم لَسْتُم مِنَ الله».
أَجَابَ اليَهُودُ وقَالُوا لَهُ: «أَمَا حَسَنًا نَقُولُ إِنَّكَ سَامِرِيّ، وبِكَ شَيْطَان؟».
أَجَابَ يَسُوع: «لَيْسَ بِي شَيْطَان، ولكِنِّي أكَرِّمُ أَبِي، وأَنْتُم تَحْتَقِرُونِي!
وأَنَا لا أَطْلُبُ مَجْدِي، فَهُنَاكَ مَنْ يَطْلُبُ وَيَدِين.

 

«أَجابَه اليهود: أَلَسْنا على صوابٍ في قَولِنا إِنَّكَ سامِريّ، وإِنَّ بِكَ مَسًّا مِنَ الشَّيطان؟»
أوريجينُس (نحو 185 - 253)، كاهن ولاهوتيّ،
الدّراسة 20

 

إنّه لأمر مثيرٌ للإهتمام أن نعرف كيف تجرّأ اليهود على إطلاق اسم السامِري على المخلِّص الذي لم يتوقّف عن نشر تعاليمه الخاصّة بالقيامة وبالدينونة، فيما كان السامِريّون ينكرون الحياة المستقبليّة وخلود النفس. ربّما كانت هذه مجرّد إهانة مجانيّة وجّهوها إليه من خلال إعطائه إسم مِلَّة لم يكن يشاركها الأفكار نفسها.

لقد اتّهموه أيضًا بوجود مسٍّ من الشيطان فيه، لأنّ الحقائق العظيمة التي كان يعلِّمهم إيّاها عن أنّ الله كان أبيه، وأنّه نزلَ من السماء، كانت تفوق الذكاء البشري. أو ربّما اقتنعوا بشكوك البعض منهم الذين كانوا يعتقدون أنّه كان يطرد الشياطين بقوّة بعل زبول.

لقد وجّهوا إليه إتّهامين: "إنّكَ سامِريّ" و"إنّ بكَ مَسًّا من الشيطان". لم ينكر الرّب يسوع أنّه سامِري. أليس هو السامِري الصالح الذي اقتربَ من المسافر المُصاب ومارسَ تجاهه واجبات الرحمة كلّها (راجع لو 18)؟ ولنَقُلْ أيضًا إنّ المخلِّص، أكثر من القدّيس بولس، أرادَ أن يفعل كلّ شيء لكسب جميع البشر؛ فلذلك، لم ينكرْ أنّه كان سامِريًّا. كما أنّه يعود أيضًا للرّب يسوع وحده أن يقول: "ليسَ بي مسٌّ من الشيطان"؛ وأيضًا: "إنّ سيّد هذا العالم آتٍ وليس له يدٌ عليّ" (يو14: 30) لأنّ أصغر الخطايا كانت تُنسب إلى الشّيطان.

 
 
1.3.6-    يوم الجمعة من أسبوع بشارة زكريّا    -     إنجيل القدّيس يوحنّا 55-51:8   
 
    إنجيل القدّيس يوحنّا 55-51:8
 
قالَ الرَبُّ يَسوع لِليَهود: «أَلحَقَّ ٱلحَقَّ أَقُولُ لَكُم: إِنْ حَفِظَ أَحَدٌ كَلِمَتِي فَلَنْ يُشَاهِدَ المَوتَ إِلى الأَبَد».
فَقَالَ لَهُ اليَهُود: «أَلآنَ عَرَفْنَا أَنَّ بِكَ شَيْطَانًا. إِبْرَاهِيمُ مَات، والأَنْبِيَاءُ مَاتُوا، وأَنْتَ تَقُول: إِنْ حَفِظَ أَحَدٌ كَلِمَتِي فَلَنْ يَذُوقَ المَوتَ إِلى الأَبَد.
أَلَعَلَّكَ أَنْتَ أَعْظَمُ مِنْ أَبِينَا إِبْرَاهِيمَ الَّذي مَات؟ والأَنْبِيَاءُ أَيْضًا مَاتُوا. مَنْ تَجْعَلُ نَفْسَكَ؟».
أَجَابَ يَسُوع: «إِنْ أُمَجِّدْ أَنَا نَفْسِي فَمَجْدِي لَيْسَ بِشَيء. أَبِي هُوَ الَّذي يُمَجِّدُنِي، وهُوَ مَنْ تَقُولُونَ أَنْتُم إِنَّهُ إِلهُكُم.
وأَنْتُم مَا عَرَفْتُمُوه، أَمَّا أَنَا فَأَعرِفُهُ. وإِنْ قُلْتُ إِنِّي لا أَعْرِفُهُ كُنْتُ مِثلَكُم كَاذِبًا. لكِنِّي أَعْرِفُهُ، وأَحْفَظُ كَلِمَتَهُ.

 

«أتكونُ أعظَمَ من أبينا إبراهيم الذي مات؟»
القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم (نحو 345 - 407)، بطريرك أنطاكية ثمّ القسطنطينيّة وملفان الكنيسة،
العظة 55

 

إنّ المجد الباطل حثَّ اليهود على ذكر قرابتهم مع إبراهيم: "أتكونُ أعظَمَ من أبينا إبراهيم الذي ماتَ؟" وكان بإمكانهم أيضًا أن يقولوا له: "أتكونُ أعظَمَ من الله الذي لم يُنقذ من الموت أولئك الذين سمِعوا كلمتَه؟" لكنّهم لم يفعلوا ذلك، لأنّهم اعتبَروه أدنى مرتبةً من إبراهيم.

من خلال هذا الحديث، تقيّد ربُّنا بطريقتهم في رؤية الأمور، كما في هذا الكلام: "لو مجَّدتُ نفسي، لكانَ مَجدي باطلاً". كانَ يريدُ أن يُثبتَ لهم أنّهم لا يجهلونَه فحسب، بل يجهلونَ الله أيضًا. أي كما تكذبون حين تدّعون أنّكم تعرفونَ الله، سأكذبُ أنا أيضًا إن ادّعيْتُ أنّني لا أعرفُهُ أبدًا. لكنّ الدليل الأهمّ على أنّ الرّب يسوع مُرسَل من الله هو حين أضاف قائلاً: "لكنّني أعرِفُهُ وأعمَلُ بكلامِهِ".

 
 
1.3.7-    السبت من أسبوع بشارة زكريّا    -     إنجيل القدّيس يوحنّا 59-56:8   
 
    إنجيل القدّيس يوحنّا 59-56:8
 
قالَ الرَبُّ يَسوع لِليَهود: «إِبْرَاهِيمُ أَبُوكُمُ ٱشْتَهَى أَنْ يَرَى يَوْمِي، ورَأَى فَفَرِح».
فَقَالَ لَهُ اليَهُود: «لا تَزَالُ دُونَ الخَمْسِين، ورَأَيْتَ إِبْرَاهِيم؟».
قَالَ لَهُم يَسُوع: «أَلحَقَّ ٱلحَقَّ أَقُولُ لَكُم: قَبْلَ أَنْ كَانَ إِبْرَاهِيم، أَنَا كَائِن».
فَأَخَذُوا حِجَارَةً لِيَرْجُمُوه. أَمَّا يَسُوعُ فَتَوارَى وخَرَجَ مِنَ الهَيْكَل.

 

«اِبتَهجَ أَبوكُم إِبراهيم راجِياً أَن يَرى يَومي ورآهُ فَفَرِح»
القدّيس إيريناوس اللِّيونيّ (نحو 130 - نحو 208)، أسقف ولاهوتيّ وشهيد،
ضدّ الهرطقات، الجزء الرّابع، 5: 3-5

 

"اِبتَهجَ أَبوكُم إِبراهيم راجِياً أَن يَرى يَومي ورآهُ فَفَرِح". ما معنى ذلك؟ إنّ إبراهيم قد "آمَنَ بالرّبِّ فَحَسِبَهُ لَهُ ذلكَ بِرًّا" (تك 15: 6). لقد آمن بدايةً إنّ الرّب هو خالق السماء والأرض، وهو الله الواحد؛ بعد ذلك، آمن أنّه سيجعلُ ذريّتَه كثيرةً كنجوم السماء (راجع تك 15: 5-6)... لهذا السبب بالذّات تركَ إبراهيم روابطه الأرضيّة وتبعَ كلمةَ الله، فتحوَّلَ إلى غريبٍ عن الكلمة ليصبح مواطنًا مع الكلمة (راجع أف 2: 19). ولذلك أيضًا، تركَ أولئك الرُّسُل الّذين هم من ذريّة إبراهيم سفينتَهم وأبيهم، وتبَعوا الكلمة، ابن الله (راجع مت 4: 22). كذلك علينا نحن أيضًا أن نقومَ نحن الذين نشاركُ إبراهيم إيمانه، بحملِ صليبِنا كما حملَ إسحق الحطب (راجع تك 22: 6)، ونتبعَ هذه الكلمة نفسها.

فمع إبراهيم، تعلَّمَ الإنسان مُسبقًا واعتادَ على اتّباعِ كلمة الله. ففي الواقع، تَبِعَ إبراهيم في إيمانه تعاليم كلمة الله، وقدَّمَ بدون أيّ تردُّد ابنه الوحيد المحبوب ذبيحةً إلى الله، كي يقبلَ الله أيضًا أن يقدِّمَ ابنه الوحيد والمحبوب ذبيحةً لخلاصِ ذريّتِه كلِّها.

وحيثُ أنّ إبراهيم كان نبيًّا وكان يرى من خلال الرُّوح يومَ مجيء الربّ وتدبيرَ آلامِه، أي الخلاص له ولكلِّ الذين سيؤمنون بالله مثلَه، فقد ابتهج فرِحًا. إذًا، لم يكن الربّ مجهولاً من إبراهيم، لأنّ هذا الأخير أرادَ أن يرى يومَه. هكذا بما أنّ إبراهيم قد تلقّى العلم من الكلمة فإنّه قد عرف الآب بواسطة الكلمة الإلهي فآمن به... لذا قال: "رَفَعتُ يَدي إِلى الرَّبِّ الإِلهِ العَلِيّ، خالِقِ السَّمَواتِ والأَرض" (تك 14: 22).

 
 
فهرس بحسب الرزنامة الطقسية المارونية        -        الانجيل اليومي بحسب التقويم الماروني
زمن الميلاد او المجيء   زمن الغطاس او الدنح   زمن التذكارت   زمن الصوم الكبير   أسبوع الآلام   زمن القيامة والصعود   زمن العنصرة   زمن الصليب
 أسبوع تقديس البيعة
 أسبوع تجديد البيعة
 أسبوع بشارة زكريّا
 أسبوع بشارة العذراء
 أسبوع زيارة العذراء
 أسبوع مولد يوحنّا
 أسبوع البيان ليوسف
 أسبوع النسبة
 عيد ميلاد الربّ يسوع
 عيد تهنئة العذراء مريم
 ألاسبوع الاول من الميلاد
to enlarge
 
 أحد وجود يسوع في الهيكل
 ايام قبل عيد الدنح
 عيد الدنح
 تذكار مديح يوحنّا المعمدان
 الاسبوع الاول  بعد الدنح
 الاسبوع الثاني  بعد الدنح
 الاسبوع الثالث بعد الدنح
 الاسبوع الرابع بعد الدنح
to enlarge
 
 أحد الكهنة الراقدين
 أسبوع الكهنة الراقدين
 أحد الأبرار والصدّيقين
 أسبوع الأبرار والصدّيقين
 أحد الموتى المؤمنين
 أسبوع الموتى المؤمنين
to enlarge
 
 أحد مدخل الصوم الكبير
 اثنين الرماد
 الاسبوع الاول
 الاسبوع الثاني
 الاسبوع الثالث
 الاسبوع الرايع
 الاسبوع الخامس
 الاسبوع السادس
 أحد الشعانين
to enlarge
 
 أحد الشعانين
 بداية اسبوع الآلام
 خميس الأسرار
 يوم الجمعة العظيمة
 سبت النور
 أحد القيامة الكبير
to enlarge
 
 أحد القيامة الكبير
 أسبوع الحواريّين
 الاسبوع الثاني
  الاسبوع الثالث
 الاسبوع الرايع
 الاسبوع الخامس
الاسبوع السادس
 الاسبوع السابع
to enlarge
 
 أحد العنصرة
 الاسبوع الاول
 الاسبوع الثاني
 الاسبوع الثالث
 الاسبوع الرايع
 الاسبوع الخامس
 الاسبوع السادس
 الاسبوع السابع
 الاسبوع الثامن
 الاسبوع التاسع
 الاسبوع العاشر
 الاسبوع الحادي عشر
 الاسبوع الثاني عشر
 الاسبوع الثالث عشر
 الاسبوع الرابع عشر
 الاسبوع الخامس عشر
 الاسبوع السادس عشر
 
 ارتفاع الصليب المقدّس
 الاسبوع الاول
 الاسبوع الثاني
 الاسبوع الثالث
 الاسبوع الرايع
 الاسبوع الخامس
 الاسبوع السادس
 الاسبوع السابع
to enlarge
 
  النصوص مأخوذة من الترجمة الليتُرجيّة المارونيّة - إعداد اللجنة الكتابيّة التابعة للجنة الشؤون الليتورجيّة البطريركيّة المارونيّة (طبعة ثانية – 2007) © pure software code - Since 2003