الإنجيل اليوميّ     -      يا ربّ، إِلى مَن نَذهَب وكَلامُ الحَياةِ الأَبَدِيَّةِ عِندَك ؟ (يوحنا 6: 68) التقويم الماروني
        7-    زمن العنصرة 
7.13-   الاسبوع الثالث عشر من زمن العنصرة
7.14-   الاسبوع الرابع عشر من زمن العنصرة 
7.15-   الاسبوع الخامس عشر من زمن العنصرة 
7.16-   الاسبوع السادس عشر من زمن العنصرة 
  الرئيسية  

 
 

الإنجيل اليومي   -     التقويم الماروني  

 

شرح \ تقيم

7.13.1- الأحد الثالث عشر من زمن العنصرة: مثل الزارع  
                                          إنجيل القدّيس لوقا 15-1:8
  «سارَ يسوعُ في كُلِّ مَدينَةٍ وقَريَة، يُنادي ويُبَشِّرُ بِمَلكوتِ الله، ومعَه الاثْنا عَشَر ونِسوَةٌ»
      
للقدّيس يوحنّا بولس الثاني (1920 - 2005)، بابا روما
7.13.2- الاثنين الثالث عشر من زمن العنصرة
                                          إنجيل القدّيس لوقا 35-31:13
  «أَمَّا أُورَشَليمُ العُلْيا فحُرَّةٌ وهي أُمُّنا» (غل 4: 26)
      
للقدّيس هيرونيمُس (347 - 420)، كاهن ومترجم الكتاب المقدّس وملفان الكنيسة
7.13.3- الثلاثاء الثالث عشر من زمن العنصرة
                                          إنجيل القدّيس لوقا 6-1:14
  «إِن السَّبتَ جُعِلَ لِلإِنسان»
      
للقدّيس يوحنّا بولس الثاني (1920 - 2005)، بابا روما
7.13.4- الأربعاء الثالث عشر من زمن العنصرة
                                          إنجيل القدّيس لوقا 11-7:14
  «وَلَكِن إِذا دُعيتَ فَامَضِ إِلى المَقعَدِ الأَخير، وَاجلِس فيه»
      
للقدّيس فرنسيس الأسّيزيّ (1182 - 1226)، مؤسِّس رهبانيّة الأخوة الأصاغر
7.13.5- الخميس الثالث عشر من زمن العنصرة
                                          إنجيل القدّيس لوقا 15-12:14
  «وَلَكِن إِذا أَقَمتَ مَأَدُبَة، فَٱدعُ ٱلفُقَراءَ وَٱلكُسحانَ وَٱلعُرجانَ وَٱلعُميان»
      
للقدّيس غريغوريوس النزيانزيّ (330 - 390)، أسقف وملفان الكنيسة
7.13.6- يوم الجمعة الثالث عشر من زمن العنصرة
                                          إنجيل القدّيس لوقا 24-16:14
  «طوبى لِلمَدعُوِّينَ إِلى وَليمَةِ عُرسِ الحَمَل» (رؤ 19: 9)
      
الديداكيه (بين 60 – 120)، تعليم يهودي مسيحي
7.13.7- السبت الثالث عشر من زمن العنصرة
                                          إنجيل القدّيس لوقا 35-25:14
  «مَن أَتى إِلَيَّ وَلَم يَرغَب عَن أَبيهِ وَأُمِّهِ وَٱمَرأَتِهِ وَبَنيهِ وَإِخوَتِهِ وَأَخواتِهِ، بَل عَلى نَفسِهِ أَيضًا، لا يَستَطيعُ أَن يَكونَ لي تِلميذًا»
      
للقدّيس بونافَنتورا (1221 - 1274)، راهب فرنسيسيّ وملفان الكنيسة
7.14.1- الأحد الرابع عشر من زمن العنصرة: مرتا ومريم
                                          إنجيل القدّيس لوقا 42-38:10
  «الوَيلُ لكم يا عُلماءَ الشريعَة، قَدِ استَولَيْتم على مِفتاحِ المعرفة»
      
للطوباويّة إلياصابات الثالوث (1880 - 1906)، راهبة كرمليّة
7.14.2- الاثنين الرابع عشر من زمن العنصرة
                                          إنجيل القدّيس لوقا 7-1:15
  تعالَ وابحثْ عن خروفك الضال
      
لودولف من ساكس (نحو 1300 - 1378)، راهب كرتوزيّ في ستراسبورغ
7.14.3- الثلاثاء الرابع عشر من زمن العنصرة    
                                          إنجيل القدّيس لوقا 10-8:15
  أمثال الرحمة الثلاثة
      
للقدّيس أمبروسيوس (نحو 340 - 379)، أسقف ميلانو وملفان الكنيسة
7.14.4- الأربعاء الرابع عشر من زمن العنصرة
                                          إنجيل القدّيس لوقا 8-1:16
  الاستخدام السليم للثروات
      
للقدّيسة تيريزيا الطفل يسوع والوجه الأقدس (1873 - 1897)، راهبة كرمليّة
7.14.5- الخميس الرابع عشر من زمن العنصرة
                                          إنجيل القدّيس لوقا 12-9:16
  «فَإِذا لم تَكونوا أُمَناء على المالِ الحَرام، فعَلى الخَيرِ الحَقِّ مَن يَأَتَمِنُكم؟»
      
للقدّيس غريغوريوس النزيانزيّ (330 - 390)، أسقف وملفان الكنيسة
7.14.6- يوم الجمعة الرابع عشر من زمن العنصرة
                                          إنجيل القدّيس لوقا 17-13:16
  «أَنتُم لا تَستَطيعونَ أَن تَعمَلوا لله وَلِلمال»
      
للقدّيس إقليمنضُس الإسكندريّ (150- نحو 215)، لاهوتيّ
7.14.7- السبت الرابع عشر من زمن العنصرة
                                          إنجيل القدّيس لوقا 4-1:17
  «إِنْ خَطِئَ إِلَيْكَ أَخُوكَ فَأَنِّبْهُ، وَإِنْ تَابَ فَٱغْفِرْ لَهُ»
      
للقدّيس قِبريانُس (نحو 200 - 258)، أسقف قرطاجة وشهيد
7.15.1- الأحد الخامس عشر من زمن العنصرة: توبة المرأة الخاطئة 
                                          إنجيل القدّيس لوقا 50-36:7
  «لِأَنَّها أَظهَرَت حُبًّا كَثيرًا»
      
للقدّيس بِرنَردُس (1091 - 1153)، راهب سِستِرسيانيّ وملفان الكنيسة
7.15.2- الاثنين الخامس عشر من زمن العنصرة
                                          إنجيل القدّيس لوقا 10-5:17
  «نَحنُ خَدَمٌ لا خَيرَ فيهِم»
      
بِندِكتُس السادس عشر، بابا روما من 2005 إلى 2013
7.15.3- الثلاثاء الخامس عشر من زمن العنصرة   
                                          إنجيل القدّيس لوقا 19-11:17
   
7.15.4- الأربعاء الخامس عشر من زمن العنصرة   
                                          إنجيل القدّيس لوقا 25-20:17
   
7.15.5- الخميس الخامس عشر من زمن العنصرة  
                                          إنجيل القدّيس لوقا 30-26:17
  «كانَ النَّاسُ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُون، وَيَشْتَرُونَ وَيَبيعُون»
      
للقدّيس غريغوريوس النيصيّ (نحو 335 - 395)، راهب وأسقف
7.15.6- يوم الجمعة الخامس عشر من زمن العنصرة    
                                          إنجيل القدّيس لوقا 37-31:17
  «لِذلِكَ كونوا أَنتُم أَيضاً مُستَعِدِّين» (مت 24: 44)
      
للقدّيس باشاز رادبيرت (؟ - نحو 849)، راهب بِنِدِكتي
7.15.7- السبت الخامس عشر من زمن العنصرة    
                                          إنجيل القدّيس لوقا 8-1:18
  الصلاة بثقة وبإلحاح
      
للقدّيس توما الأكوينيّ (1225 - 1274)، لاهوتيّ دومينكيّ وملفان الكنيسة
7.16.1- الأحد السادس عشر من زمن العنصرة: مثل الفريسيّ والعشّار
                                          إنجيل القدّيس لوقا 14-9:18
  «الَّلهُمَّ، ارْحَمْني، أَنا الخاطئ!»
      
للقدّيس إقليمَنضُس الرومانيّ، بابا روما من 90 إلى 100
7.16.2- الاثنين السادس عشر من زمن العنصرة   
                                          إنجيل القدّيس لوقا 17-15:18
  «دَعوا الأَطفال، لا تَمنَعوهم أَن يَأتوا إِليَّ، فإِنَّ لأَمثالِ هؤُلاءِ مَلكوتَ السَّمَوات»
      
للقدّيس مكسيمُس الطورينيّ (؟ - نحو 420)، أسقف 
7.16.3- الثلاثاء السادس عشر من زمن العنصرة
                                          إنجيل القدّيس لوقا 23-18:18
  «واحِدَةٌ تَنقُصُكَ: اِذْهَبْ فَبعْ ما تَملِك وأَعطِهِ الفُقَراء، فَيَكونَ لَكَ كَنزٌ في السَّماء، وتَعالَ فَاتَبعْني»
      
للقدّيس إقليمنضُس الإسكندريّ (150- نحو 215)، لاهوتيّ 
7.16.4- الأربعاء السادس عشر من زمن العنصرة  
                                          إنجيل القدّيس لوقا 30-24:18
   
7.16.5- الخميس السادس عشر من زمن العنصرة
                                          إنجيل القديس لوقا 18-1:17
   
7.16.6- يوم الجمعة السادس عشر من زمن العنصرة
                                          إنجيل القدّيس لوقا 28-11:19
   
7.16.7- السبت السادس عشر من زمن العنصرة
                                          إنجيل القدّيس لوقا 44-41:19
  «لَيتَكِ عَرَفتِ أَنتِ أَيضًا في هذا اليَومِ طَريقَ السَّلام!»
      
للطّوباويّ بولس السادس، بابا روما من 1963 إلى 1978
 
 
7.13.1-    الأحد الثالث عشر من زمن العنصرة: مثل الزارع   -     إنجيل القدّيس لوقا 15-1:8    

 

    إنجيل القدّيس لوقا 15-1:8
 
أَخَذَ يَسوعُ يَطُوفُ المُدُنَ وَالقُرَى، يُنَادي وَيُبَشِّرُ بِمَلَكوتِ الله، وَمَعَهُ الٱثْنَا عَشَر،
وَبَعْضُ النِّسَاءِ اللَّوَاتِي شَفَاهُنَّ مِنْ أَرْوَاحٍ شِرِّيرَةٍ وَأَمْرَاض، هُنَّ: مَرْيَمُ المَدْعُوَّةُ بِالمَجْدَلِيَّة، الَّتِي كانَ قَدْ خَرَجَ مِنْها سَبْعَةُ شَيَاطِين،
وَحَنَّةُ ٱمْرَأَةُ خُوزَى وَكِيلِ هِيرُودُس، وَسُوسَنَّة، وَغَيرُهُنَّ كَثِيراتٌ كُنَّ يَبْذُلْنَ مِنْ أَمْوالِهِنَّ في خِدْمَتِهِم.
وَلَمَّا ٱحْتَشَدَ جَمْعٌ كَثِير، وَأَقْبَلَ النَّاسُ إِلَيهِ مِنْ كُلِّ مَدِينَة، خَاطَبَهُم بِمَثَل:
«خَرَجَ الزَّارِعُ لِيَزْرَعَ زَرْعَهُ. وَفيمَا هُوَ يَزْرَع، وَقَعَ بَعْضُ الحَبِّ على جَانِبِ الطَّرِيق، فَدَاسَتْهُ الأَقْدَام، وَأَكَلَتْهُ طُيُورُ السَّمَاء.
وَوَقَعَ بَعْضُهُ الآخَرُ عَلى الصَّخْرَة، وَمَا إِنْ نَبَتَ حَتَّى يَبِسَ، لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ رُطُوبَة.
وَوَقَعَ بَعْضُهُ الآخَرُ في وَسَطِ الشَّوْك، وَنَبَتَ الشَّوكُ مَعَهُ فَخَنَقَهُ.
وَوَقَعَ بَعْضُهُ الآخَرُ في الأَرْضِ الصَّالِحَة، وَنَبَتَ فَأَثْمَرَ مِئَةَ ضِعْف. قالَ يَسُوعُ هذَا، وَنَادَى: «مَنْ لَهُ أُذُنَانِ سَامِعَتَانِ فَلْيَسْمَعْ!».»
وَسَأَلَهُ تَلامِيذُهُ: «مَا تُراهُ يَعْنِي هذَا المَثَل؟».
فَقَال: «قَدْ أُعْطِيَ لَكُم أَنْتُم أَنْ تَعْرِفُوا أَسْرارَ مَلَكُوتِ الله. أَمَّا البَاقُونَ فَأُكلِّمُهُم باِلأَمْثَال، لِكَي يَنْظُرُوا فَلا يُبْصِرُوا، وَيَسْمَعُوا فَلا يَفْهَمُوا.
وَهذَا هُوَ مَعْنَى المَثَل: أَلزَّرْعُ هُوِ كَلِمَةُ الله.
والَّذِينَ عَلى جَانِبِ الطَّريقِ هُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُون، ثُمَّ يَأْتي إِبْلِيسُ فَيَنْتَزِعُ الكَلِمَةَ مِنْ قُلوبِهِم، لِئَلاَّ يُؤْمِنُوا فَيَخْلُصُوا.
والَّذِينَ عَلى الصَّخْرةِ هُمُ الَّذينَ يَسْمَعُونَ الكَلِمَةَ وَيَقْبَلُونَهَا بِفَرَح؛ هؤُلاءِ لا أَصْلَ لَهُم، فَهُم يُؤْمِنُونَ إِلى حِين، وفي وَقْتِ التَّجْرِبَةِ يَتَرَاجَعُون.
والَّذِي وَقَعَ في الشَّوكِ هُمُ الَّذينَ يَسْمَعُونَ وَيَمْضُون، فَتَخْنُقُهُمُ الهُمُومُ والغِنَى وَمَلَذَّاتُ الحَيَاة، فَلا يَنْضَجُ لَهُم ثَمَر.
أَمَّا الَّذِي وَقَعَ في الأَرْضِ الجَيِّدَةِ فَهُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ الكَلِمَةَ بِقَلْبٍ جَيِّدٍ صَالِحٍ فَيَحْفَظُونَها، وَيَثبُتُونَ فَيُثْمِرُون.

القدّيس يوحنّا بولس الثاني (1920 - 2005)، بابا روما، الرّسالة الرسوليّة: كرامة المرأة (Mulieris dignitatum)، العدد 16
«سارَ يسوعُ في كُلِّ مَدينَةٍ وقَريَة، يُنادي ويُبَشِّرُ بِمَلكوتِ الله، ومعَه الاثْنا عَشَر ونِسوَةٌ»

 

منذ بدأ الرّب يسوع المسيح رسالته، تعاملت المرأة معه، ومع سرّ الخلاص، الذي جاء يبشرّ به، بشعورٍ مرهف، هو من ميزات أنوثتها. ويجدر بنا أن نشير، بالإضافة إلى ذلك، إلى أنّ هذا الواقع يتأكّد، بصفةٍ خاصّة، في مواجهة السرّ الفصحيّ، ليس فقط في وقت الصلب، بل وفي فجر القيامة. إنّ النساء هنَّ أوّل مَن حضرن إلى القبر، وأوّل مَن وجدنه فارغًا، وأوّل مَن سمع صوت الملاك يقول: "إِنَّه ليسَ هَهُنا، فقَد قامَ كما قال" (مت 28: 6). المرأة أوّل مَن أمسك قدميه وسجد له (راجع مت 28: 9)، وكانت أوّل مَن دُعي لتبشير الرسل بحقيقة قيامته (راجع مت 28: 1–10؛ لو 24: 8–11).
ويبرز إنجيل القدّيس يوحنا، كما إنجيل القدّيس مرقس (مر 16: 9) الدّور الخاصّ، الذي قامت به مريم المجدليّة. فهي الأولى التي لاقت الرّب يسوع المسيح القائم... لهذا أقدم البعض على تلقيبها "رسولة الرسل". لقد كانت مريم المجدليّة فعلاً، قبل الرسل، شاهدة عيان للرّب يسوع المسيح القائم من القبر. ولهذا كانت أوّل مَن شهد له أمام الرسل.
إنّ هذا الحدث يتوّج، على وجهٍ ما، كلّ ما قلنا سابقاً عن أن الرّب يسوع المسيح قد نقل الحقيقة الإلهيّة للنساء، على قدم المساواة مع الرجال. وبهذا تحقّقت نبوءة النبي يوئيل القائل: "وسيَكونُ بَعدَ هذه أَنِّي أُفيضُ روحي على كُلِّ بَشَر فيَتَنَبَّأَ بنوكم وبَناتُكم " (يوئ 3: 1). وستتأكّد هذه النبوءة من جديد عند حلول الروح القدس، المعزّي، على التلاميذ، في عليّة أورشليم (راجع أع 2: 17). كلّ ما أوردناه هنا عن موقف الرّب يسوع المسيح من النساء يؤكّد، في الرّوح القدس، حقيقة المساواة بين الرجل والمرأة، ويوضّحها.
 
 
7.13.2-    الاثنين الثالث عشر من زمن العنصرة     -     إنجيل القدّيس لوقا 35-31:13
 
    إنجيل القدّيس لوقا 35-31:13
 
دَنَا بَعْضُ الفَرِّيسِيَّينَ وَقَالُوا لِيَسُوع: «أُخْرُجْ وٱمْضِ مِنْ هُنَا، لأَنَّ هِيرُودُسَ يُرِيدُ أَنْ يَقْتُلَكَ!».
فَقَالَ لَهُم: «إِمْضُوا وَقُولُوا لِهذَا ٱلثَّعْلَب: هَا إنِّي أُخْرِجُ الشَّيَاطِين، وَأُتِمُّ الشِّفَاءَاتِ اليَومَ وَغَدًا، وفي اليَومِ الثَّالِثِ يَتِمُّ بِي كُلُّ شَيء!
وَلكِنْ لا بُدَّ أَنْ أُوَاصِلَ مَسِيرَتِي، اليَومَ وَغَدًا وَبَعْدَ غَد، لأَنَّهُ لا يَنْبَغي أَنْ يَهْلِكَ نَبِيٌّ في خَارِجِ أُورَشَلِيم!
أُورَشَلِيم، أُورَشَلِيم، يا قَاتِلَةَ الأَنْبِياء، ورَاجِمَةَ المُرْسَلِينَ إِلَيْها، كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ أَوْلادَكِ كَمَا تَجْمَعُ الدَّجَاجَةُ فِرَاخَهَا تَحْتَ جَنَاحَيْها، وَلَمْ تُرِيدُوا!
هُوَذَا بَيْتُكُم يُتْرَكُ لَكُم! وَأَقُولُ لَكُم: لَنْ تَرَوْنِي حَتَّى يَأْتِيَ وَقْتٌ تَقُولُونَ فِيه: مُبَارَكٌ الآتِي بِٱسْمِ الرَّبّ!».

القدّيس هيرونيمُس (347 - 420)، كاهن ومترجم الكتاب المقدّس وملفان الكنيسة، الرسالة 58
«أَمَّا أُورَشَليمُ العُلْيا فحُرَّةٌ وهي أُمُّنا» (غل 4: 26)

 

إنّ ما يجب أن نُهنّئ أنفسنا عليه هو أنّنا قد عِشنا في أورشليم وليس أنّنا قد كنّا فيها. إنّ المدينة التي يجب البحث عنها ليست مدينة أورشليم "قاتِلَةُ الأَنبياءِ وراجِمةُ المُرسَلينَ إِليها" والّتي أهرقت دم الرّب يسوع المسيح، إنّما هي "مَدينةُ الله أَقدَسُ مَساكِنِ العَليّ" التي تفرِحُها فروع نهرٍ عظيم (مز 46[45]: 5)، وهي "مَدينَةٌ قائِمَةٌ عَلى جَبَلٍ فلا تَخْفى" (راجع مت 5: 14)، وهي التي قال عنها بولس الرسول إنّها "أمُّ" القدّيسين حيث يفرح بالسكن فيها مع الأبرار... لن أجرؤ على أن أحُدَّ قدرة الله اللامتناهية في بقعة صغيرة أو أن أحصر، في زاوية صغيرة من الأرض، مَنْ لا قدرة للسماوات على أن تسعه. إنّ كلّ مؤمنٍ يُقدَّر وفقًا لإيمانه وليس بحسب المكان الذي يقيم فيه؛ إنّ "العِبادَ الصادِقين ليسوا بحاجة لا لهذا الجَبَل ولا لأُورَشَليم لكي يعبُدوا الآب، إذ َإنَّ اللهَ رُوح فعَلَى العِبادِ أَن يَعبُدوهُ بِالرُّوحِ والحَقّ" (يو 4: 21-23). إنّ "الرِّيحَ تَهُبُّ حَيثُ تَشاء" (يو 3: 8) "ولِلرَّبِّ الأَرضُ كلُّ ما فيها الدّنيا وساكِنوها" (مز 24 [23]: 1).
إنّ الأماكن المقدّسة التي جرت فيها أحداث الصلب والقيامة ليست بذات قيمة إلاّ للذين يحملون صليبهم ويقومون مع الرّب يسوع المسيح كلّ يوم ويكونون جديرين بالإقامة في تلك الأماكن. أمّا أولئك الذين يتَّكِلون على قَولِ الكَذِبِ قائلين: "هذا هَيكَلُ الرَّبِّ، هَيكَلُ الرَّبِّ، هَيكَلُ الرَّبّ" (إر 7: 4)، فليسمعوا قول الرسول بولس: "أَما تَعلَمونَ أَنَّكُم هَيكَلُ الله، وأَنَّ رُوحَ اللهِ حالٌّ فيكم؟" (1كور 3: 16).
لا تظنّ أنّ إيمانك ناقص إن لم ترَ أورشليم ولا تظنّ أنّي أفضل منك لأنّي أقيم هناك. إنّك سوف تنال المكافأة نفسها حسب أعمالك أمام الله أينما كنت...
 
 
7.13.3-    الثلاثاء الثالث عشر من زمن العنصرة     -     إنجيل القدّيس لوقا 6-1:14
 
    إنجيل القدّيس لوقا 6-1:14
 
دَخَلَ يَسُوعُ يَوْمَ السَّبْتِ بَيْتَ أَحَدِ رُؤَسَاءِ الفَرِّيسِيِّينَ لِتَنَاوُلِ الطَّعَام، وكَانَ هؤُلاءِ يُرَاقِبُونَهُ.
وَإِذَا رَجُلٌ مُصَابٌ بِدَاءِ الٱسْتِسْقَاءِ يَحْضُرُ أَمَامَهُ.
فَخَاطَبَ يَسُوعُ عُلَمَاءَ التَّوْرَاةِ وَالفَرِّيسِيِّينَ قَائِلاً: «هَلْ يَحِلُّ الشِّفَاءُ يَوْمَ السَّبْتِ أَمْ لا؟».
فَظَلُّوا صَامِتِين. فَأَخَذَ يَسُوعُ الرَّجُلَ بِيَدِهِ وَشَفَاهُ وَصَرَفَهُ.
وَقالَ لَهُم: «مَنْ مِنْكُم يَقَعُ ٱبْنُهُ، أَوْ ثَوْرُهُ، في بِئْرٍ يَوْمَ السَّبْت، وَلا يُسَارِعُ فَيَنْتَشِلُهُ؟».
فَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يُجِيبُوهُ عَنْ ذلِكَ.

القدّيس يوحنّا بولس الثاني (1920 - 2005)، بابا روما، الرّسالة الرّسولية: يوم الرّب( Dies Domini)، العدد 61
«إِن السَّبتَ جُعِلَ لِلإِنسان»


 

ي نهاية عمل الخلق كلّه يرتبط "يوم السبت" - وهو اليوم السابع الذي باركه الله وقدّسه - ارتباطًا مباشرًا بعمل اليوم السادس الذي فيه خلق الله الإنسان "على صورته ومثاله" (راجع تك 1: 26). هذا الرَّباط الوثيق بين "يوم الله" "ويوم الإنسان" لم يغب عن بال الآباء عندما تأمّلوا رواية الخلق في الكتاب المقدّس. ويقول القدّيس أمبروسيوس في هذا الصدد: "إنّي أشكر الربّ إلهنا الذي خلق خلقًا استراح من بعده! لقد خلق السماء، ولكنّني لا أقرأ أنّه استراح من بعد ذلك. خلق الأرض ولكنّني لا أقرأ أنّه استراح. خلق الشمس والقمر والنجوم، وهنا أيضًا لا أقرأ أنّه استراح، ولكنّني أقرأ أنّه خلق الإنسان وحينئذٍ استراح وقد أصبح لديه من يغفر له خطاياه". وهكذا أصبح "يوم الله" مرتبطًا إلى الأبد مباشرة "بيوم الإنسان".
عندما يقول الله في وصيّته: "اذكر يوم السبت لتقدّسه"، يجب ألاّ نتصوّر أنّ الراحة التي فرضها الله لتكريم النهار المكرَّس لها هي وصيّة ثقيلة على كاهل الإنسان، بل عون يمكّنه من الإقرار بعلاقته الصميمة والمحرّرة بالخالق وبدعوته إلى المساهمة في عمله تعالى وتقبّل نعمته. عندما يكرّم الإنسان "استراحة الله"، يعود ويكتشف ملء ذاته. وهكذا ينكشف لنا يوم الربّ ممهورًا في الصميم بالبركة الإلهيّة (راجع تك 2: 3)، ومزوّدًا بقوّة هذه البركة، على غرار الناس والحيوانات (راجع تك 1: 22-28)، بنوع من البركة والخصب. هذا "الخصب" قوامه خصوصًا أنّ السبت ينعش الزمان نفسه ويكثّفه ويُفيض على الإنسان، من خلال ذكر الله الحيّ، فرح الحياة والرغبة في إعطاء الحياة وإنمائها.
 
 
7.13.4-    الأربعاء الثالث عشر من زمن العنصرة     -     إنجيل القدّيس لوقا 11-7:14
 
    إنجيل القدّيس لوقا 11-7:14
 
لاحَظَ يَسُوعُ كَيْفَ كَانَ المَدْعُووُّنَ يَخْتَارُونَ المَقَاعِدَ الأُولى، فَقَالَ لَهُم هذَا المَثَل:
«إِذَا دَعَاكَ أَحَدٌ إِلى وَلِيمَةِ عُرْس، فَلا تَجْلِسْ في المَقْعَدِ الأَوَّل، لَرُبَّما يَكُونُ قَدْ دَعَا مَنْ هُوَ أَعْظَمُ مِنْكَ قَدْرًا،
فَيَأْتي الَّذي دَعَاكَ وَدَعَاهُ وَيَقُولُ لَكَ: أَعْطِهِ مَكَانَكَ! فَحِينَئِذٍ تُضْطَرُّ خَجِلاً إِلى الجُلُوسِ في آخِرِ مَقْعَد!
ولكِنْ إِذَا دُعِيتَ فٱذْهَبْ وٱجْلِسْ في آخِرِ مَقْعَد، حَتَّى إِذَا جَاءَ الَّذي دَعَاكَ يَقُولُ لَكَ: يا صَدِيقي، تَقَدَّمْ إِلى أَعْلَى! حِينَئِذٍ يَعْظُمُ شَأْنُكَ فِي عَيْنِ الجَالِسِينَ مَعَكَ.
لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَرْفَعُ نَفْسَهُ يُوَاضَع، وَمَنْ يُواضِعُ نَفْسَهُ يُرْفَع.»

القدّيس فرنسيس الأسّيزيّ (1182 - 1226)، مؤسِّس رهبانيّة الأخوة الأصاغر، القاعدة الأولى
«وَلَكِن إِذا دُعيتَ فَامَضِ إِلى المَقعَدِ الأَخير، وَاجلِس فيه»

 

أيّها الإخوة، لنحترس من كلّ كبرياء ومن كلّ مجد باطل. لنحترس من حكمة هذا العالم ومن الحذر الأنانيّ. فإنّ مَن هو عبد لميوله الأنانيّة يبذل الكثير من الإرادة والجهد في إلقاء الخطب، ولكنّه يبذل الأقلّ بكثير في العمل: فبدلاً من السعي وراء الديانة والقداسة الداخليّتَين بالرُّوح، يريد ويرغب ديانة وقداسة خارجيّتَين مَرئيّتَين جيّدًا في نظر البشر. وعن هؤلاء يقول الربّ: "الحَقَّ أَقولُ لكُم إِنَّهم أَخَذوا أَجْرَهم" (مت 6: 5). وبالعكس، مَن هو مطيع لروح الربّ، يتوق إلى أن يميت هذه الجسد الأنانيّ ويذلّه... فيجتهد في التواضع وفي الصبر، في البساطة الصافية وفي سلام الروح الحقيقيّ؛ فما يرغبه دائمًا وفوق كلّ شيء، هو مخافة الله، وحكمة الله، وحبّ الله، الآب والابن والرُّوح القدس.
لِنُعِد كلّ الخيرات إلى الربّ الإله العليّ الكلّيّ السيادة؛ لنعترف أنّ جميع الخيرات تخصّه؛ فلنشكره على كلّ شيء، بما أنّ كلّ الخيرات منبثقة منه. هو الإله العليّ والكلّيّ السيادة، الإله الحقيقيّ وحده، فَليَنَل، ولنُؤَدِّ له، وليَقبَل كلّ إكرام واحترام، كلّ تسبيح وبركة، كلّ تقدير وكلّ مجد: كلّ خير هو له، الصالح وحده.
 
 
7.13.5-    الخميس الثالث عشر من زمن العنصرة    -     إنجيل القدّيس لوقا 15-12:14
 
    إنجيل القدّيس لوقا 15-12:14
 
قَالَ الرَبُّ يَسُوعُ لِلَّذي دَعَاه إِلى تنَاولِ الطَعَام: «إِذَا صَنَعْتَ غَدَاءً أَوْ عَشَاءً، فَلا تَدْعُ أَصْدِقَاءَكَ، ولا إِخْوَتَكَ، وَلا أَنْسِباءَكَ، وَلا جِيرانَكَ الأَغْنِيَاء، لِئَلاَّ يَدْعُوكَ هُمْ أَيْضًا بِالمُقَابِل، وَيَكُونَ لَكَ مُكافَأَة.
بَلْ إِذَا صَنَعْتَ وَلِيمَةً فٱدْعُ المَسَاكِين، وَالمُقْعَدِين، والعُرْج، وَالعُمْيَان.
وَطُوبَى لَكَ، لأَنَّهُم لَيْسَ لَهُم مَا يُكَافِئُونَكَ بِهِ، وَتَكُونُ مُكَافَأَتُكَ في قِيَامَةِ الأَبْرَار».
وَسَمِع أَحَدُ المَدْعُوِّينَ كَلامَ يَسُوعَ فَقالَ لَهُ: «طُوبَى لِمَنْ يَأْكُلُ خُبْزًا في مَلَكُوتِ الله!».

القدّيس غريغوريوس النزيانزيّ (330 - 390)، أسقف وملفان الكنيسة، عظة عن محبّة الفقراء
«وَلَكِن إِذا أَقَمتَ مَأَدُبَة، فَٱدعُ ٱلفُقَراءَ وَٱلكُسحانَ وَٱلعُرجانَ وَٱلعُميان»

 

إنّ الله تأثّر عندما رأى الشدّة الكبيرة التي عانى منها الإنسان فأعطاه الشّريعة والأنبياء، بعد أن منحه شريعة الطّبيعة غير المكتوبة (راجع رو 1: 26)...؛ وفي النهاية، سلّم الله ذاته مقابل حياة العالم. لقد جاد علينا بالرُّسل والإنجيليين والملافنة والرّعاة ونِعَم الشّفاء والمعجزات. لقد أعادنا إلى الحياة ودمّر الموت وانتصر على من هزمنا، أعطانا العهد بصورته المبشّرة والعهد بالحقيقة ومواهب الرُّوح القدس وسرّ الخلاص الجديد...
إنّ الله يُغدق علينا بالمحاسن الرّوحية، إن كنّا نريد أن نتلقّاها: لا تتوانَ عن تقديم المساعدة إلى الذين يحتاجون إليها. اعطِ بشكل خاص لمن يطلب منك، وحتى قبل أن يطلب، انشر من دون كلل العقيدة الرّوحيّة كعمل خير... وفي حال عدم توفّر هذه المواهب، قدِّم له خدمات متواضعة أكثر: أعطِه مأكلًا، قدِّم له ثيابًا قديمة، زوِّده بالأدوية، ضمِّد جراحه، اسأله عن محنه، علّمه الصّبر. اقترب منه من دون خوف. فما من خطر أن تجد نفسك في أسوء حال جرّاء ذلك أو أن تصاب بمرضه... اتّكِلْ على الإيمان؛ فلْتنتصِر المحبّة على تحفّظاتك... لا تزدرِ إخوتك، لا تّبقَ أصمًّا لنداءاتهم، لا تهرب منهم. أنتم أعضاء جسد واحد (راجع 1 كور 12: 12)، حتّى لو كان هو مهشّمًا بسبب البؤس؛ فكما إلى الله، "إِلَيكَ البائِسُ يُسَلِّمُ أَمرَه" (مز 10: 14).
 
 
7.13.6-    يوم الجمعة الثالث عشر من زمن العنصرة     -     إنجيل القدّيس لوقا 24-16:14
 
    إنجيل القدّيس لوقا 24-16:14
 
قَالَ الرَبُّ يَسُوعُ: «رَجُلٌ صَنَعَ عَشَاءً عَظِيمًا، وَدَعَا كَثِيرين.
وسَاعَةَ العَشَاء، أَرْسَلَ عَبْدَهُ يَقُولُ لِلْمَدعُوِّين: تَعَالَوا، فَكُلُّ شَيءٍ مُهيَّأ!
فَبَدَأَ الجَمِيعُ يَعْتَذِرُونَ عَلَى طَرِيقَةٍ وَاحِدَة. قَالَ لَهُ الأَوَّل: إِشْتَرَيْتُ حَقْلاً، وَأَنَا مُضْطَرٌّ أَنْ أَذْهَبَ لأَرَاه. أَسْأَلُكَ أَنْ تَعْذِرَنِي!
وقَالَ آخَر: إِشْتَرَيْتُ خَمْسَةَ فَدَادِين، وَأَنَا ذَاهِبٌ لأُجَرِّبَها. أَسْأَلُكَ أَنْ تَعْذِرَني!
وَقالَ آخَر: تَزَوَّجْتُ ٱمْرَأَةً، وَلِذلِكَ لا أَقْدِرُ أَنْ أَجِيء.
وَعادَ العَبْدُ وَأَخْبَرَ سَيِّدَهُ بِذلِكَ. فَغَضِبَ رَبُّ البَيْتِ وقَالَ لِعَبْدِهِ: أُخْرُجْ سَرِيعًا إِلى سَاحَاتِ المَدِينَةِ وَشَوارِعِها، وَأْتِ إِلى هُنَا بِالمَسَاكِينِ وَالمُقْعَدِينَ وَالعُرْجِ وَالعُمْيَان.
فَقالَ العَبْد: يَا سَيِّد، لَقَدْ نُفِّذَ مَا أَمَرْتَ بِه، وَبَقِي أَيْضًا مَكَان.
فَقَالَ السَيِّدُ لِلعَبْد: أُخْرُجْ إِلى الطُّرُقِ والسِّيَاجَات، وَأَجْبِرِ النَّاسَ عَلَى الدُّخُول، حَتَّى يَمْتَلِئَ بَيْتِي.
فإِنِّي أَقُولُ لَكُم: لَنْ يَذُوقَ عَشَائِي أَحَدٌ مِنْ أُولئِكَ المَدْعُوِّين!».

الديداكيه (بين 60 – 120)، تعليم يهودي مسيحي، الفقرات 9 ،10، 14
«طوبى لِلمَدعُوِّينَ إِلى وَليمَةِ عُرسِ الحَمَل» (رؤ 19: 9)

 

فلنشكر الربّ على الإفخارستيّا بالشكل التالي:
بداية عند تقدمة الكأس: نشكرك، يا أبانا السّماوي على الكرمة المقدّسة الخاصّة بداود خادمك، التي كشفتها لنا من خلال ابنك، ربّنا يسوع المسيحي. لكَ المجد الى أبد الآبدين!
وبعدها فلنشكر عند كسر الخبز قائلين: نشكرك، يا أبانا السّماوي على الحياة والمعرفة اللتين كشفتهما لنا من خلال ابنك، ربّنا يسوع المسيح. لكَ المجد الى أبد الآبدين!
نشكرك أيضًا من أجل الخبز الذي نكسره، والذي زُرِعَ في الماضي حَبًّا متفرّقًا على التلال، ثمّ جُمع ليشكّل خبزًا واحدًا كما هي كنيستك مجتمعة من أقاصي الأرض في ملكوتك. لأنّ لك القدرة والمجد إلى أبد الآبدين!
وبعد أن تكونوا قد تغذّيتم من جسد الربّ ودمه، اشكروا هكذا: نشكرك، يا أبانا القدّوس، على اسمك القدوس الذي اسكنته في قلوبنا، وعلى المعرفة والإيمان والخلود الذين كشفتهم لنا من خلال ابنك، ربّنا يسوع المسيح. لكَ المجد الى أبد الآبدين!
أنتَ، أيّها السيّد الجبّار، من خلق الكون، لتمجيد اسمك؛ لقد أعطيت بفرح الطعام والشراب لبني البشر. لكنّك أعطيتنا، نحن، نعمة غذاء النّفس، وشراب الحياة الأبديّة من خلال ابنك، ربّنا يسوع المسيح. وفوق هذا كلّه، نشكرك على قدرتك. لأنّ لكَ القدرة والمجد إلى أبد الآبدين!
أذكر، يا ربّ، كنيستك لكي تحرّرها من الشرّ ولكي تصير كاملةً بحبّك. اجمعْ من الرّياح الأربع، شمل هذه الكنيسة المقدّسة في الملكوت الذي هيّأته لها. لأنّ لكَ القدرة والمجد إلى أبد الآبدين!
"آمين! تَعالَ، أَيُّها الرَّبُّ يَسوع" (رؤ22: 20) وليزل هذا العالم. هوشعنا لبيت داود! فليَقتربْ مَن هو قدّيس وليَتبْ مَن ليس كذلك.
"ماراناتا!" (1كور 16: 22). آمين.
 
 
7.13.7-    السبت الثالث عشر من زمن العنصرة     -     إنجيل القدّيس لوقا 35-25:14  
 
    إنجيل القدّيس لوقا 35-25:14
 
كانَ جُمُوعٌ كَثِيرُونَ سَائِرِينَ مَعَ يَسُوع، فٱلْتَفَتَ وَقالَ لَهُم:
«إِنْ يَأْتِ أَحَدٌ إِليَّ وَلا يُبْغِضْ أَبَاهُ، وَأُمَّهُ، وٱمْرَأَتَهُ، وَأَوْلادَهُ، وَإِخْوَتَهُ، وَأَخَوَاتِهِ، حَتَّى نَفْسَهُ أَيْضًا، لا يَقْدِرْ أَنْ يَكُونَ لي تِلْمِيذًا.
وَمَنْ لا يَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتَبعْنِي، لا يَقْدِرْ أَنْ يَكُونَ لي تِلْمِيذًا.
فَمَنْ مِنْكُم يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ بُرْجًا، وَلا يَجْلِسُ أَوَّلاً فَيَحْسُبُ نَفَقَتَهُ، إِنْ كَانَ عِنْدَهُ مَا يَكْفِي لإِكْمَالِهِ؟
لِئَلاَّ يَضَعَ الأَسَاسَ وَيَعْجَزَ عَنْ إِتْمَامِهِ، فَيَبْدَأَ جَمِيعُ النَّاظِرينَ يَسْخَرُونَ مِنْهُ
وَيَقُولُون: هذَا الرَّجُلُ بَدَأَ بِبِنَاءٍ وَعَجِزَ عَنْ إِتْمَامِهِ.
أَوْ أَيُّ مَلِكٍ يَنْطَلِقُ إِلى مُحَارَبَةِ مَلِكٍ آخَرَ مِثْلِهِ، وَلا يَجْلِسُ أَوَّلاً وَيُفَكِّرُ هَلْ يَقْدِرُ أَنْ يُقَاوِمَ بِعَشَرَةِ آلافٍ ذَاكَ الآتِيَ إِلَيْهِ بِعِشْرِينَ أَلْفًا؟
وَإِلاَّ فَمَا دَامَ ذَاكَ بَعِيدًا عَنْهُ، يُرْسِلُ إِلَيْهِ وَفْدًا يَلْتَمِسُ مَا يَؤُولُ إِلى السَّلام.
هكذَا إِذًا، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُم لا يَتَخَلَّى عَنْ كُلِّ مُقْتَنَيَاتِهِ، لا يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذًا.
جَيِّدٌ هُوَ المِلْح، وَلكِنْ إِذَا فَسُدَ المِلْح، فَبِمَاذَا يُعَادُ إِلَيْهِ طَعْمُهُ؟
فَلا يَصْلُحُ لِلأَرْضِ وَلا لِلْمِزْبَلة، فَيُطْرَحُ خَارِجًا. مَنْ لَهُ أُذُنَانِ سَامِعَتَانِ فَلْيَسْمَعْ!.»

القدّيس بونافَنتورا (1221 - 1274)، راهب فرنسيسيّ وملفان الكنيسة، حياة القدّيس فرنسيس
«مَن أَتى إِلَيَّ وَلَم يَرغَب عَن أَبيهِ وَأُمِّهِ وَٱمَرأَتِهِ وَبَنيهِ وَإِخوَتِهِ وَأَخواتِهِ، بَل عَلى نَفسِهِ أَيضًا، لا يَستَطيعُ أَن يَكونَ لي تِلميذًا»

 

كان والد القدّيس فرنسيس يريد أن يَمثل ابنه أمام الأسقف ليتخلّى عن جميع حقوقه كوريث، وليعيد له كلّ ما كان يمتلكه حتّى ذلك الحين. وافق فرنسيس على هذا الإجراء بصفته مُحِبًّا حقيقيًّا للَفقر، ومَثَل أمام محكمة الأسقف، وبدون أي تأخير أو تردّد، بدون انتظار أي أمر أو طلب أي تفسير، خلع جميع ملابسه وأعادها لوالده... مُمتلئًا حَماسة ومدفوعًا بالثمل الرُّوحي، خلع سرواله الداخلي أيضًا، ووقف عاريًا تمامًا أمام الحضور وقال لوالده: "حتّى الآن، ناديتك أبي على الأرض؛ من الآن فصاعدًا، يمكنني القول بكلّ ثقة: أبانا الذي في السماوات، بما أنّني أوكلته بكنزي ومنحته إيماني".
بكى الأسقف الذي كان رجلاً قدّيسًا ولائقًا جدًّا، من شدّة إعجابه برؤية الإفراط الذي أوصله إليه حبّه لله؛ فوقف، وأخذ الشاب بين ذراعيه، وألبسه معطفه وطلب إحضار ثياب له. فأُعطِي المعطف الصوفي الرثّ العائد لمزارع في خدمة الأسقف. أخذه فرنسيس بكلّ امتنان، ثمّ التقط قطعة جصّ عن الطريق ورسم صليبًا؛ كان هذا الرداء يشبه هذا الرجل المصلوب، هذا المسكين شبه العاري. هكذا تُرِك خادم الملك العظيم عاريًا ليمشي خلف ربّه الذي عُلِّق عاريًا على الصليب.
 
 
7.14.1-    الأحد الرابع عشر من زمن العنصرة: مرتا ومريم     -     إنجيل القدّيس لوقا 42-38:10  
 
   إنجيل القدّيس لوقا 42-38:10
 
فيمَا (كَانَ يَسوعُ وتلاميذهُ) سَائِرين، دَخَلَ يَسُوعُ إِحْدَى ٱلقُرَى، فٱسْتَقْبَلَتْهُ في بَيتِهَا ٱمْرَأَةٌ ٱسْمُها مَرْتا.
وَكانَ لِمَرْتَا أُخْتٌ تُدْعَى مَرْيَم. فَجَلَسَتْ عِنْدَ قَدَمَي ٱلرَّبِّ تَسْمَعُ كَلامَهُ.
أَمَّا مَرْتَا فَكانَتْ مُنْهَمِكَةً بِكَثْرَةِ ٱلخِدْمَة، فَجَاءَتْ وَقَالَتْ: «يَا رَبّ، أَمَا تُبَالي بِأَنَّ أُخْتِي تَرَكَتْنِي أَخْدُمُ وَحْدِي؟ فَقُلْ لَهَا أَنْ تُسَاعِدَنِي!».
فَأَجَابَ ٱلرَّبُّ وَقَالَ لَهَا: «مَرْتا، مَرْتا، إِنَّكِ تَهْتَمِّينَ بِأُمُورٍ كَثِيرَة، وَتَضْطَرِبِين!
إِنَّمَا ٱلمَطْلُوبُ وَاحِد! فَمَرْيَمُ ٱخْتَارَتِ ٱلنَّصِيبَ ٱلأَفْضَل، وَلَنْ يُنْزَعَ مِنْهَا».

الطوباويّة إلياصابات الثالوث (1880 - 1906)، راهبة كرمليّة، عظمة دعوتنا، 8
«مَرتا، مَرتا، إِنَّكِ في هَمٍّ وَٱرتِباكٍ بِأُمورٍ كَثيرَة، مَع أَنَّ ٱلحاجَةَ إِلى أَمرٍ واحِد»

 

يجب أن ندرك أنّ الله هو في المكان الأكثر حميميّة فينا وعلينا أن نَصِلَ إلى كلّ شيء معه؛ عندئذٍ لا نكون تافهين، حتى من خلال القيام بالأعمال الأكثر اعتياديّة، لأنّنا لا نعيش في هذه الأشياء، بل نتجاوزها! إنّ النّفس السماويّة لا تتعامل أبدًا مع الأسباب الثانويّة، بل مع الله فقط.
آه! كم هي مبسَّطة حياتها، كم هي تقترب من حياة الأنفس المباركة، كم هي محرَّرة من ذاتها ومن كلّ الأشياء! كلّ شيء بالنسبة لها يلخّص في واحد، وهذا "الأمر الوحيد الضروريّ" الذي تحدّث عنه الرّب مع مرتا. لذلك فهي عظيمة حقًّا، حرّة حقًّا، لأنّها "حبست إرادتها في إرادة الله".
 
 
7.14.2-    الاثنين الرابع عشر من زمن العنصرة    -     إنجيل القدّيس لوقا 7-1:15   
 
    إنجيل القدّيس لوقا 7-1:15
 
كَانَ جَمِيعُ العَشَّارِينَ وَالْخَطَأَةِ يَقْتَرِبُونَ مِنْ يَسُوعَ لِيَسْمَعُوه.
وكَانَ الفَرِّيسيُّونَ وَالكَتَبَةُ يَتَذَمَّرُونَ قَائِلين: «هذا الرَّجُلُ يَسْتَقْبِلُ الخَطَأَةَ وَيَأْكُلُ مَعَهُم!».
فَقَالَ لَهُم هذَا المَثَل:
«أَيُّ رَجُلٍ مِنْكُم، لَهُ مِئَةُ خَرُوف، فَأَضَاعَ وَاحِدًا مِنْهَا، لا يَتْرُكُ التِّسْعَةَ وَالتِّسْعِينَ في البَرِّيَّةِ وَيَذْهَبُ وَرَاءَ الضَّائِعِ حَتَّى يَجِدَهُ؟
فَإِذَا وَجَدَهُ حَمَلَهُ عَلَى كَتِفَيْهِ فَرِحًا.
وَيَعُودُ إِلى البَيْتِ فَيَدْعُو الأَصْدِقَاءَ وَالجِيرَان، وَيَقُولُ لَهُم: إِفْرَحُوا مَعِي، لأَنِّي وَجَدْتُ خَرُوفِيَ الضَّائِع!
أَقُولُ لَكُم: هكذَا يَكُونُ فَرَحٌ في السَّمَاءِ بِخَاطِئٍ وَاحِدٍ يَتُوب، أَكْثَرَ مِنْ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ بَارًّا، لا يَحْتَاجُونَ إِلى تَوْبَة!

لودولف من ساكس (نحو 1300 - 1378)، راهب كرتوزيّ في ستراسبورغ، صلوات للرّب يسوع
تعالَ وابحثْ عن خروفك الضال



أيّها الربّ يسوع المسيح، لتعلّمنا ذروة الفضائل، صعدتَ الجبل برفقة تلاميذك وعلّمتهم التطويبات والفضائل السامية، واعدًا إيّاهم بالمكافآت الخاصّة بكلّ تطويبة. اسمحْ لضعفي أن يسمع صوتك، وأن أمارس التطويبات لأستحقّ الفضائل، كي أنال المكافأة الموعودة من خلال رحمتك. اجعلني لا أرفض مشقّة العمل وفقًا للراتب. اجعل رجائي بالخلاص الأبدي يخفّف من مرارة العلاج، من خلال إلهاب نفسي بروعة عملك. اجعل منّي، أنا البائس، طوباويًّا. وبنعمتكَ، قدْني من طوباويّة الأرض إلى السماء.
تعال أيّها الربّ يسوع، وابحث عن خادمك، تعال وابحث عن نعجتك الضالّة والمتعبة. تعال يا عريس الكنيسة للبحث عن الدرهم الضائع. تعال يا أبا المراحم لاستقبال ابنك الضال العائد إلى حضنك. تعال يا ربّ، لأنّك الوحيد الذي يستطيع أن يعيد الخروف الضالّ، وأن يجد الدرهم المفقود وأن يصالح الابن الضالّ. تعال كي يعمّ السلام على الأرض والفرح في السماء! اجعلني أتوب إليك، وأعطني أن أعيش توبة حقيقيّة وصادقة كي أكون فرصة فرح للملائكة. أستحلفك يا ربّي يسوع الوديع، بحقّ حبّك اللامتناهي لي أنا الخاطئ، أن تجعلني أحبّك أنت وحدك قبل كلّ شيء وأن تكون أنت وحدك عزائي، يا إلهي الوديع.
 
 
7.14.3-    الثلاثاء الرابع عشر من زمن العنصرة     -     إنجيل القدّيس لوقا 10-8:15   
 
    إنجيل القدّيس لوقا 10-8:15
 
قالَ الربُّ يَسوع: «أَيُّ ٱمْرَأَةٍ لَهَا عَشَرَةُ دَرَاهِم، إِذَا أَضَاعَتْ دِرْهَمًا وَاحِدًا، لا تَشْعَلُ مِصْبَاحًا، وَتُكَنِّسُ البَيْت، وَتُفَتِّشُ عَنْهُ بِٱهْتِمَامٍ حَتَّى تَجِدَهُ؟
فَإِذَا وَجَدَتْهُ تَدْعُو الصَّدِيقَاتِ وَالجَارَات، وَتَقُولُ لَهُنَّ: إِفْرَحْنَ مَعِي، لأَنِّي وَجَدْتُ الدِّرْهَمَ الَّذي أَضَعْتُهُ!
هكَذَا، أَقُولُ لَكُم، يَكُونُ فَرَحٌ أَمَامَ مَلائِكَةِ اللهِ بِخَاطِئٍ وَاحِدٍ يَتُوب!.»

القدّيس أمبروسيوس (نحو 340 - 379)، أسقف ميلانو وملفان الكنيسة،شرح لإنجيل القدّيس لوقا، 7
أمثال الرحمة الثلاثة

 

لم يورد لنا القدّيس لوقا ثلاثة أمثال على التوالي دون سبب: مَثَل الخروف الضال الذي وُجِدَ، مَثَل الدرهم المفقود الذي عُثِرَ عليه، ومَثَل الابن الضالّ الذي كانَ ميتًا وعادَ إلى الحياة. لقد أوردَ هذه الأمثال الثلاثة لكي نُداويَ جِراحنا، بواسطة هذا العلاج الثلاثي... مَن هم ذاك الأب وذاك الراعي وتلك المرأة؟ أليسوا هم الله الآب، والرّب يسوع المسيح، والكنيسة؟ الرّب يسوع المسيح، الذي أخذَ خطاياكَ على عاتقه، يحملُكَ في جسده؛ الكنيسة تبحثُ عنكَ؛ الآب يستقبلُكَ. كراعٍ، يقودُكَ؛ كأمٍّ، تبحثُ عنكَ؛ كأبٍ، يُلبِسُك الحُلّة من جديد. تأتي الرحمة أوّلاً، تليها المساعدة، وفي النهاية المصالحة.
إنّ كلاًّ من هذه التفاصيل يتوافق مع كلّ واحد: يأتي الفادي لتقديم العون، وتساعدُ الكنيسة، ويصالحُ الآب. إنّ رحمة العمل الإلهيّ هي نفسها، لكنّ النعمة تختلفُ حسب ما نستحقّ. أعاد الراعي الخروف المُتعب، ووُجِدَ الدرهم الضائع، وعادَ الابن أدراجه نحو أبيه، نادمًا على ضياعه المُدان...
إذًا، فَلنَفرحْ لأنّ هذا الحَمَل الذي هلكَ بسبب آدم، قد قامَ من خلال الرّب يسوع المسيح. إنّ كتفَيّ الرّب يسوع هما ذراعيّ الصليب: هناك أَلقيتُ خطاياي، وعلى عنق هذا الصليب النبيل استَرحْتُ.
 
 
7.14.4-    الأربعاء الرابع عشر من زمن العنصرة   -     إنجيل القدّيس لوقا 8-1:16    

 

    إنجيل القدّيس لوقا 8-1:16
 
قالَ الربُّ يَسوع لِتَلامِيذِهِ: «كانَ رَجُلٌ غَنِيٌّ لَهُ وَكِيل. فَوُشِيَ بِهِ إِلَيْهِ أَنَّهُ يُبَدِّدُ مُقْتَنَيَاتِهِ.
فَدَعَاهُ وَقَالَ لَهُ: مَا هذَا الَّذي أَسْمَعُهُ عَنْكَ؟ أَدِّ حِسَابَ وِكَالَتِكَ، فَلا يُمْكِنُكَ بَعْدَ اليَوْمِ أَنْ تَكُونَ وَكِيلاً.
فَقَالَ الوَكِيلُ في نَفْسِهِ: مَاذَا أَفْعَل؟ لأَنَّ سَيِّدي يَنْزِعُ عَنِّي الوِكَالة، وأَنَا لا أَقْوَى عَلَى الفِلاَحَة، وَأَخْجَلُ أَنْ أَسْتَعْطي!
قَدْ عَرَفْتُ مَاذَا أَفْعَل، حَتَّى إِذَا عُزِلْتُ مِنَ الوِكَالَةِ يَقْبَلُنِي النَّاسُ في بُيُوتِهِم.
فَدَعَا مَدْيُونِي سَيِّدِهِ واحِدًا فَوَاحِدًا وَقَالَ لِلأَوَّل: كَمْ عَلَيْكَ لِسَيِّدي؟
فَقَال: مِئَةُ بَرْمِيلٍ مِنَ الزَّيْت. قَالَ لَهُ الوَكيل: إِلَيْكَ صَكَّكَ! إِجْلِسْ حَالاً وٱكْتُبْ: خَمْسِين.
ثُمَّ قَالَ لآخَر: وَأَنْتَ، كَمْ عَلَيْك؟ فَقَال: مِئَةُ كِيسٍ مِنَ القَمْح. فَقالَ لَهُ الوَكيل: إِلَيْكَ صَكَّكَ! وٱكْتُبْ: ثَمَانِين.
فَمَدَحَ السَّيِّدُ الوَكِيلَ الخَائِن، لأَنَّهُ تَصَرَّفَ بِحِكْمَة. فَإِنَّ أَبْنَاءَ هذَا الدَّهْرِ أَكْثَرُ حِكْمَةً مِنْ أَبْنَاءِ النُّورِ في تَعَامُلِهِم مَعَ جِيلِهِم.

القدّيسة تيريزيا الطفل يسوع والوجه الأقدس (1873 - 1897)، راهبة كرمليّة وملفانة الكنيسة، مخطوطة السّيرة الذّاتيّة، ب، 4
الاستخدام السليم للثروات

 

يا ربيّ يسوع، أنا أعلم بأنّ الحبّ لا يُسدّد حسابه سوى بالحبّ. بحثت ووجدت أيضًا أنّ الوسيلة ليرتاح قلبي هي أن أردّ عليك حبًّا بحبّ. لقد قلت لنا: "اِتَّخِذوا لكم أَصدِقاءَ بِالمالِ الحَرام، حتَّى إِذا فُقِدَ قَبِلوكُم في المَساكِنِ الأَبَدِيَّة" (لو 16: 9). هذه هي يا ربّ النصيحة التي قدّمتها لتلاميذك بعد أن قلت لهم إنّ "أَبناءَ هذهِ الدُّنيا أَكثرُ فِطنَةً مع أَشباهِهِم مِن أَبْناءِ النُّور".
وبما أنّني ابنة للنور، أدركت أنّ رغباتي في أن أكون كلّ شيء وأن أجمع جميع الدعوات، هي ثروات يمكن أن تُفسدني، فاستخدمتها لتكوين صداقات. وعندما تذكّرت صلاة أليشاع الذي تجرّأ وطلب من إيليّا قائلاً: "لِيَكُنْ لي نَصيبُ اثنَين مِن روحِكَ علَيَّ "(2مل 2: 9)، قدّمت نفسي أمام الملائكة والقدّيسين وقلت لهم: "أنا أصغر المخلوقات، وأنا أعرف بؤسي وضعفي، ولكنّني أعرف أيضًا كم أنّ القلوب النبيلة والكريمة محبّة لفعل الخير، لذلك أنا ألتمس منكم، يا أهل السماء المباركة، وأتوسّل إليكم أن تتبنّوني طفلة لكم. وإليكم وحدكم سيكون المجد الذي ستجعلونني أكتسبه، ولكن تعطّفوا واستجيبوا صلاتي، وأنا أعلم بأنّها متهوّرة، ولكنّني أجرؤ على أن أطلب منكم أن تمنحوني حبّكم مضاعفًا".
 
 
7.14.5-    الخميس الرابع عشر من زمن العنصرة   -     إنجيل القدّيس لوقا 12-9:16    
 
    إنجيل القدّيس لوقا 12-9:16
 
قالَ الربُّ يَسوع لِتَلامِيذِهِ: «إِصْنَعُوا لَكُم أَصْدِقاءَ بِالمَالِ الخَائِن، حَتَّى إِذا نَفَد، قَبِلَكُمُ الأَصْدِقاءُ في المَظَالِّ الأَبَدِيَّة.
أَلأَمِينُ في القَلِيلِ أَمينٌ في الكَثِير. والخَائِنُ في القَلِيلِ خَائِنٌ أَيْضًا في الكَثير.
إِنْ لَمْ تَكُونُوا أُمَنَاءَ في المَالِ الخَائِن، فَمَنْ يَأْتَمِنُكُم عَلَى الخَيْرِ الحَقِيقيّ؟
وَإِنْ لَمْ تَكُونُوا أُمَنَاءَ في مَا لَيْسَ لَكُم، فَمَنْ يُعْطِيكُم مَا هُوَ لَكُم؟

القدّيس غريغوريوس النزيانزيّ (330 - 390)، أسقف وملفان الكنيسة، العظة 14، عن محبّة الفقراء
«فَإِذا لم تَكونوا أُمَناء على المالِ الحَرام، فعَلى الخَيرِ الحَقِّ مَن يَأَتَمِنُكم؟»

 

إخوتي وأصدقائي، يجب أن نكون وكلاء أمينين على الممتلكات التي عُهِدَت إلينا (راجع لو 16: 1)، كي لا نجازف بسماع القدّيس بطرس يقول لنا: "اخجلوا، أنتم الذين تسيطرون على أموال الآخرين. اقتدوا بعدل الله فلا يكون هناك بعد فقراء". لا نتعب أنفسنا بالتجميع في حين آخرون يقاسون الفقر؛ وإلا سنتحمّل التأنيب القاسي للنبيّ عاموس: "اِسمَعوا هذا يا دائِسي الفَقير لِإِفناءَ وُضَعاءَ الأَرْض قائلين: مَتى يَمْضي رأسُ الشَّهر فنَبيعَ الحُبوب والسَّبتُ فنُصَرِّفَ القَمْح مُصَغِّرينَ الايفَةَ ومُكَبِّرينَ المِثْقال ومُستَعمِلينَ مَوازينَ غِشّ مُشتَرينَ الضُّعَفاءَ بِالفِضَّة والفَقيرَ بِنَعلَين وبائِعينَ نُفايَةَ القَمْح؟" (عا 8: 5).
لنمارس بأنفسنا شريعة الله العظيمة والأساسيّة، الله الذي ينزل المطر على الأبرار والفجّار ويطلع شمسه على الجميع (مت 5: 45). هو ينشر لكلّ المساحات الشاسعة من الأراضي غير المزروعة أنبع المياه، والأنهر والغابات؛ للعصافير يعطي الهواء، والمياه لكلّ الحيوانات المائيّة. هو يعطي بسخاء كلّ الموارد الضرورية لحياة الجميع؛ لا يصادرها أصحاب السلطة، محددّة بقوانين، وموزّعة بحصص. فهي مشتركة ووفيرة، وبالتالي يقدّمها الله بدون أن يخيّب أمل أحد. فهو يريد أن يكرِّم من خلال المساواة في هباته، العظمة المثيلة للطبيعة، ويظهر كلّ كرم رأفته.
 
 
7.14.6-    يوم الجمعة الرابع عشر من زمن العنصرة     -     إنجيل القدّيس لوقا 17-13:16
 
   إنجيل القدّيس لوقا 17-13:16  
 
قَالَ الرَبُّ يَسُوعُ لِتَلامِيذِهِ: «لا يَقْدِرُ عَبْدٌ أَنْ يَعْبُدَ رَبَّين. فَإِمَّا يُبْغِضُ الوَاحِدَ وَيُحِبُّ الآخَر، أَو يُلازِمُ الوَاحِدَ وَيرْذُلُ الآخَر. لا تَقْدِرُون أَنْ تَعْبُدُوا اللهَ وَالمَال».
وكَانَ الفَرِّيسِيُّون، وَهُمْ مُحِبُّونَ لِلْمَال، يَسْمَعُونَ هذَا كُلَّهُ، وَيَتَهَكَّمُونَ عَلَيْه.
فَقَالَ لَهُم: «أَنْتُم تَتَظَاهَرُونَ بِالبِرِّ أَمَامَ النَّاس، ولكِنَّ اللهَ يَعْرِفُ قُلُوبَكُم؛ لأَنَّ الرَّفِيعَ عِنْدَ النَّاسِ هُوَ رَجَاسَةٌ أَمَامَ الله.
دَامَتِ التَّوْرَاةُ وَالأَنْبِياءُ حَتَّى يُوحَنَّا. وَمِنْ ذلِكَ الحِينِ يُبَشَّرُ بِمَلَكُوتِ الله، وَكُلُّ إِنْسَانٍ يَغْصِبُ نَفْسَهُ لِيَدْخُلَهُ.
ولكِنْ لأَسْهَلُ أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ مِنْ أَنْ تَسْقُطَ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ التَّوْرَاة.

القدّيس إقليمنضُس الإسكندريّ (150- نحو 215)، لاهوتيّ، عظة
«أَنتُم لا تَستَطيعونَ أَن تَعمَلوا لله وَلِلمال»

 

تحرّروا من الثّراء الذي ينشر الموت حيثما حلّ، فتَخلُصوا. نقّوا نفوسكم؛ اجعلوها فقيرة لتتمكّنوا من سماع دعوة المخلِّص الذي يكرّر لكم: "تعال فاتبعني" (مر 10: 21). هو الطريق الذي يسلكه مَن كان قلبه نقيًّا وطاهرًا؛ فلا تحلّ نعمة الله على نفس منهمكة وممزّقة بشتّى الممتلكات الأرضيّة.
إنّ الإنسان الذي يعتبر ثروته وذهبه وفضّته ومنازله عطايا من الله، يقرّ بالجميل لله حين يقوم بمساعدة الفقراء من خيراته. هو يعلم بأنّه يملكها لخير إخوته أكثر مما هي له. وهكذا يبقى الإنسان سيّد ثرواته بدلاً من أن يصبح عبدًا لها؛ لا يضعها في نفسه ويقفل عليها، كما لا يحجز حياته فيها، بل يسعى بلا كلل أو ملل إلى الإحسان لمجد الله. وإذا حدث أن تبدّدت ثروته، يقبل إفلاسه بقلب حرّ ومُعافى. إنّ الله يعطي "الطوبى" لهذا الإنسان؛ ويسميه "فقير الروح"، ويجعله وريثًا أكيدًا لملكوت السموات (راجع مت 5: 3)...
في المقابل، نجد أنّ هناك مَن يكدّس في قلبه الثروات، بدلاً من الرُّوح القدس. فيحتفظ بأراضيه لنفسه ولا ينفكّ أبدًا عن تكديس الممتلكات إلى ما لا نهاية. فلا يرفع أبدًا رأسه إلى السماء، بل يغرق في المادّة. والحقيقة أنّه مجرّد تراب وإلى التراب يعود (راجع تك 3: 19). كيف يرغب في الملكوت، مَن يحمل بدل القلب حقلاً أو منجمًا، هو الذي سيفاجئه الموت لا محال في خضمّ رغباته الجامحة؟ "حيث يكون كنزك يكون قلبك" (مت 6: 21).
 
 
7.14.7-    السبت الرابع عشر من زمن العنصرة     -     إنجيل القدّيس لوقا 4-1:17
 
   إنجيل القدّيس لوقا 4-1:17  
 
قَالَ الرَبُّ يَسُوعُ لِتَلامِيذِهِ: «لا بُدَّ أَنْ تَأْتِيَ الشُّكُوك، وَلكِنِ ٱلوَيْلُ لِمَنْ تَأْتِي عَلَى يَدِهِ!
خَيْرٌ لَهُ أَنْ يُطَوَّقَ عُنُقُهُ بِرَحَى الحِمَار، وَيُطْرَحَ في البَحْر، مِنْ أَنْ يُشَكِّكَ وَاحِدًا مِنْ هؤُلاءِ الصِّغَار.
إِحْذَرُوا لأَنْفُسِكُم: إِنْ خَطِئَ إِلَيْكَ أَخُوكَ فَأَنِّبْهُ، وَإِنْ تَابَ فَٱغْفِرْ لَهُ.
وإِنْ خِطِئَ إِلَيْكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ في اليَوْم، وَرَجَعَ إِلَيْكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ قَائِلاً: أَنَا تَائِب، فٱغْفِرْ لَهُ».

القدّيس قِبريانُس (نحو 200 - 258)، أسقف قرطاجة وشهيد، منافع الصبر
«إِنْ خَطِئَ إِلَيْكَ أَخُوكَ فَأَنِّبْهُ، وَإِنْ تَابَ فَٱغْفِرْ لَهُ»

 

المحبّة "تَعذِرُ كُلَّ شَيء، وَتُصَدِّقُ كُلَّ شَيء، وَتَرجو كُلَّ شَيء، وَتَتَحَمَّلُ كُلَّ شَيء" (1كور 13: 7). ومن هنا، أراد الرَّسول بولس أن يشير إلى أنّه وراء صلابة هذه الفضيلة صبرًا يحصنّها لمواجهة التجارب كلّها. وقال أيضًا: "...فَٱحتَمِلوا بَعضُكُم بَعضًا بِمَحَبَّة، وَٱجتَهِدوا في ٱلمُحافَظَةِ عَلى وَحدَةِ ٱلرّوحِ بِرِباطِ ٱلسَّلام" (أف 4: 2-3).
فالمحافظة على الوحدة وعلى السلام أمرٌ غير مستحيل إن التزم الإخوة بالحفاظ على التسامح المتبادل وعلى الوفاق من خلال الصبر. وما عسانا نقول غير: لا تحلف، ولا تلعن، ولا تطالب بما انتُزع منك، وإن ضربك أحد على خدّك الأيمن، أدِر له الأيسر، واغفر لأخيك الذي أخطأ اليك لا سبعين مرّة سبع مرّات، بل اغفر له جميع أخطائه، وأحبِب أعداءك وصلِّ من أجل أخصامك ومضطهديك؟
وكيف يمكننا أن ننجز هذا كلّه في غياب الصبر والتسامح؟ هذا ما فعله القدّيس إسطفانُس حين "جَثا وصاحَ بِأَعْلى صَوتِه: يا ربّ، لا تَحسُبْ علَيهم هذهِ الخَطيئَة" (أ ع 7: 60)، طالبًا بذلك الرحمة لجلاّديه بدلاً من الانتقام.
 
 
7.15.1-    الأحد الخامس عشر من زمن العنصرة: توبة المرأة الخاطئة     -     إنجيل القدّيس لوقا 50-36:7
 
   إنجيل القدّيس لوقا 50-36:7  
 
سَأَلَ وَاحِدٌ مِنَ الفَرِّيسيِّينَ يَسُوعَ أَنْ يَتَناوَلَ الطَّعَامَ مَعَهُ، فَدَخَلَ بَيْتَ الفَرِّيسيِّ وٱتَّكَأ.
وإِذا ٱمرَأَةٌ، وَهِي الَّتِي كانَتْ في المَدينَةِ خَاطِئَة، عَلِمَتْ أَنَّ يَسوعَ مُتَّكِئٌ في بَيْتِ الفَرِّيسيّ، فَجَاءَتْ تَحْمِلُ قَارُورَةَ طِيب.
وَوَقَفَتْ بَاكِيةً وَراءَ يَسُوع، عِنْدَ قَدَمَيْه، وَبَدَأَتْ تَبُلُّ قَدَمَيهِ بِالدُّمُوع، وتُنَشِّفُهُمَا بِشَعْرِ رَأْسِهَا، وتُقبِّلُ قَدَمَيْه، وَتَدْهُنُهُمَا بِالطِّيب.
وَرأَى الفَرِّيسِيّ، الَّذي دَعَا يَسُوع، مَا جَرَى، فَقَالَ في نَفْسِهِ: «لَوْ كانَ هذَا نَبِيًّا لَعَلِمَ أَيَّ ٱمرَأَةٍ هِيَ تِلْكَ الَّتي تَلْمُسُهُ! إِنَّهَا خَاطِئَة».
فَأَجَابَ يَسوعُ وَقَالَ لَهُ: «يا سِمْعَان، عِنْدِي شَيءٌ أَقُولُهُ لَكَ». قالَ الفَرِّيسِيّ: «قُلْ، يَا مُعَلِّم».
قالَ يَسُوع: «كانَ لِدَائِنٍ مَدْيُونَان، أَحَدُهُمَا مَدْيُونٌ بِخَمْسِمِئَةِ دِينَار، والآخَرُ بِخَمْسِين.
وإِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا ما يُوفِيَان، سَامَحَهُمَا كِلَيْهِمَا. فأَيُّهُما يَكُونُ أَكْثَرَ حُبًّا لَهُ؟».
أَجَابَ سِمْعَانُ وَقَال: «أَظُنُّ، ذَاكَ الَّذِي سَامَحَهُ بِالأَكْثَر». فَقَال لَهُ يَسُوع: «حَكَمْتَ بِالصَّوَاب».
ثُمَّ ٱلتَفَتَ إِلى المَرْأَةِ وَقالَ لِسِمْعَان: «هَلْ تَرَى هذِهِ الْمَرْأَة؟ أَنَا دَخَلْتُ بَيْتَكَ فَمَا سَكَبْتَ عَلى قَدَمَيَّ مَاء، أَمَّا هِيَ فَقَدْ بَلَّتْ قَدَمَيَّ بِالدُّمُوع، وَنشَّفَتْهُما بِشَعْرِها.
أَنْتَ لَمْ تُقَبِّلْنِي، أَمَّا هِيَ فَمُنْذُ دَخَلْتُ لَمْ تَكُفَّ عَنْ تَقْبِيلِ قَدَمَيَّ.
أَنْتَ مَا دَهَنْتَ رَأْسِي بِزَيْت، أَمَّا هِيَ فَدَهَنَتْ بِالطِّيبِ قَدَمَيَّ.
لِذلِكَ أَقُولُ لَكَ: خَطايَاهَا الكَثيرةُ مَغْفُورَةٌ لَهَا، لأَنَّها أَحَبَّتْ كَثيرًا. أَمَّا الَّذي يُغْفَرُ لَهُ قَليلٌ فَيُحِبُّ قَلِيلاً».
ثُمَّ قَالَ لِلْمَرْأَة: «مَغْفُورَةٌ لَكِ خَطايَاكِ!».
فَبَدَأَ المُتَّكِئُونَ مَعَهُ يَقُولُونَ في أَنْفُسِهِم: «مَنْ هُوَ هذَا الَّذي يَغْفِرُ الخَطايَا أَيْضًا؟».
فَقالَ يَسُوعُ لِلْمَرْأَة: «إِيْمَانُكِ خَلَّصَكِ! إِذْهَبِي بِسَلام!».

القدّيس بِرنَردُس (1091 - 1153)، راهب سِستِرسيانيّ وملفان الكنيسة،العظة 7 حول نشيد الإنشاد
«لِأَنَّها أَظهَرَت حُبًّا كَثيرًا»

 

"لِيُقَبِّلْني بِقُبَلِ فَمِه" (نش 1: 2) من يتحدّث بهذه الطريقة؟ إنها العروس [في سفر نشيد الإنشاد]. ومن هي هذه العروس؟ إنّها النّفس العطشى إلى الله. وإلى من تتحدّث؟ إلى إلهها... لن نجد كلمات أرقّ للتعبير عن الحنو المتبادل بين الله والنّفس، إلا كلمات العريس إلى عروسه. فكلّ ما لديهما مشترك، وهما لا يمتلكان أي شيء خاص أو منفصل. وميراثهما فريد، وطاولتهما فريدة، ومنزلهما فريد، وحتى الجسد الواحد الذي يشكلان فريد (راجع تك 2: 24).
وإذا كانت كلمة "حبّ" تتناسب بصورة خاصة وبالدرجة الأولى مع الزوجين، فإن النفس التي تهوى الله تُسمّى عروسًا لأسبابٍ جيدة. وهي إذ تطلب قُبلة من الله لهو برهان على أنها تهواه. وهي لا تطلب حرية أو مكافأة أو ميراث ولا حتى عِبرة بل قبلة، على غِرار عروس طاهرة يرفعها حبٌّ مقدّس وتعجز عن إخفاء الشعلة التي تغذّيها.
 
نعم إن حبّها طاهر لأنها لا ترغب سوى ذلك الذي تهواه، وليس ما قد يملك. وحبّها مقدّس لأنها تحبَ ليس كمن يرزح تحت رغبة الجسد بل بنقاوة الرُّوح. وحبّها مضطرم لأنها إذ هي سكرى بهذا الحبّ تنسى فيه عظمة ذلك الذي تهواه. أليس هو الذي يَنظر إِلى الأَرضِ فتَرتَعِد (مز 104[103]: 32) ومنه هو تطلب قُبلة؟ أليست سكرى؟ نعم هي سكرى بحبّها للرَّب إلهها... ويا للقوة في المحبّة! ويا للثقة ويا للحرية في الرُّوح! وهل يمكن إظهار بوضوح أكبر من أنه "لا خَوفَ في المَحبَّة" (1يو 4: 18).
 
 
7.15.2-    الاثنين الخامس عشر من زمن العنصرة     -     إنجيل القدّيس لوقا 10-5:17
 
   إنجيل القدّيس لوقا 10-5:17  
 
قالَ الرُّسُلُ لِلرَّبّ: «زِدْنَا إِيْمَانًا!».
فقَالَ الرَّبّ: «لَوْ كانَ فِيكُم مِنَ الإِيْمَانِ مِقْدارُ حَبَّةِ خَرْدَل، لَكُنْتُم تَقُولُونَ لِهذِهِ التُّوتَة: إِنْقَلِعِي، وٱنْغَرِسِي في البَحْر، فَتُطِيعُكُم!
وَمَنْ مِنْكُم لَهُ عَبْدٌ يَفْلَحُ الأَرْضَ أَوْ يَرْعَى القَطِيع، إِذا عَادَ مِنَ الحَقْل، يَقُولُ لَهُ: أَسْرِعْ وٱجْلِسْ لِلطَّعَام؟
أَلا يَقُولُ لَهُ بِالأَحْرَى: أَعِدَّ لي شَيْئًا لأَتَعَشَّى، وَشُدَّ وَسْطَكَ وٱخْدُمْني حَتَّى آكُلَ وَأَشْرَب،
وَبَعْدَ ذلِكَ تَأْكُلُ أَنْتَ وَتَشْرَب. هَلْ عَلَيهِ أَنْ يَشْكُرَ العَبْدَ لأَنَّهُ فَعَلَ ما أُمِرَ بِهِ؟
وَهكذَا أَنْتُم إِذَا فَعَلْتُم كُلَّ ما أُمِرْتُمْ بِهِ فَقُولُوا: إِنَّنَا عَبِيدٌ لا نَفْعَ مِنَّا، فَقَد فَعَلْنا مَا كانَ يَجِبُ عَلَينا أَنْ نَفْعَل».

بِندِكتُس السادس عشر، بابا روما من 2005 إلى 2013،الرّسالة العامّة "الله محبّة (Deus Caritas Est)"، العدد 35
«نَحنُ خَدَمٌ لا خَيرَ فيهِم»

 

إنَّ طريقةَ الخدمةِ الصحيحةِ هذه تجعلُ مَن يَخدُمُ متواضعاً. فهو لا يعتبرُ نفسَه أرفعُ من الآخرِ، أيّاً كانت حالته البائسة. لقد أَخذَ الرّب يسوع المسيحُ المكانَ الأخيرَ في هذا العالم — الصّليب — وبهذا التواضع الجذري قد فدانا وما زالَ يُساعدنا. أولئك القادرون على مساعدةِ الآخرينَ سَيُدركونَ أنّه بقيامهم بذلك هم أنفسهم يقبلونَ المساعدة؛ أنْ يَكُونَ الإنسانُ قادراً على مُسَاعَدَةِ الآخرين لا يُعتَبَرُ استحقاقاً لهُ أَو إنجازاً يفتخرُ بهِ. هذا الواجبِ هو نعمة.
كلّما بذل الإنسانُ ذاتهُ لأجلِ الآخرين، يُدركُ أنّ كلمات الرّب يسوع المسيح تخصّه: "نَحنُ خَدَمٌ لا خَيرَ فيهِم". ويعترفُ بأنّهُ لا يتصرّفُ وفقَ أيّةِ قاعدةِ تفوقٍ أَو كفاءة شخصيّة، بل لأن الربَّ قد أعطاه النّعمةَ ليعملَ ذلك. في بعض الأحيانِ، عندما تكونُ الحاجةُ بالغةٌ وقدراتُ الشخصِ محدودةٌ، يُمكن أن تثبط عزيمته. لكن هنا بالضبط سيساعدُهُ وعيُهُ بأنه، في النهاية، ليس إلا مجرَّد أداةٍ في يدِ الرب؛ هذا الوعيُ يُحرّره مِنْ الفرضيةِ القائلة بأنّه هو وحده شخصيًّا مسؤولٌ عن بناءِ عالمٍ أفضل. عندها سيَعمل ما بوسعه بكلِّ تواضعٍ، وسيسلِّمُ الباقي للرب بكُلّ تواضعٍ أيضاً.
لسنا نحن من نحكم العالم بل الله. نحن نَعْرضُ له خدمتَنا فقط بقدر ما نستطيع، وطالما هو يَمْنحُنا القوّةَ. عَمَلُ ما في الإمكان بحسب القوّة التي يملكها الشخصُ، هي المهمّةُ التي تُبقي خادمَ المسيح الأمين في نشاطٍ دائمٍ "لأَنَّ مَحبَّةَ المسيحِ تَأخُذُ بِمَجامٍعِ قَلْبِنا" (2 كور 5: 14)
 
 
7.15.3-    الثلاثاء الخامس عشر من زمن العنصرة     -     إنجيل القدّيس لوقا 19-11:17
 
   إنجيل القدّيس لوقا 19-11:17  
 
فِيمَا كانَ يَسُوعُ ذَاهِبًا إِلى أُورَشَلِيم، ٱجْتَازَ ما بَيْنَ السَّامِرَةِ والجَلِيل.
وفِيمَا هُوَ يَدْخُلُ إِحْدَى القُرَى، لَقِيَهُ عَشَرَةُ رِجَالٍ بُرْص، فَوَقَفُوا مِنْ بَعِيد،
وَرَفَعُوا أَصْواتَهُم قَائِلين: «يا يَسُوع، يَا مُعَلِّم، إِرْحَمْنا!».
وَرَآهُم يَسُوعُ فَقالَ لَهُم: «إِذْهَبُوا وأَرُوا أَنْفُسَكُم لِلْكَهَنَة». وفيمَا هُمْ ذَاهِبُونَ طَهُرُوا.
فَلَمَّا رَأَى وَاحِدٌ مِنْهُم أَنَّهُ قَدْ شُفِيَ، عَادَ وَهوَ يُمَجِّدُ اللهَ بِصَوتٍ عَظِيم.
وٱرْتَمَى عَلَى وَجْهِهِ عِنْدَ قَدَمَي يَسُوعَ يَشْكُرُه، وكانَ سَامِرِيًّا.
فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقال: «أَمَا طَهُرَ العَشَرَة؟ فَأَيْنَ التِّسعَة؟
أَمَا وُجِدَ فِيهِم مَنْ يَعُودُ لِيُمَجِّدَ اللهَ سِوَى هذَا الغَريب؟!».
ثُمَّ قالَ لَهُ: «قُمْ وٱذْهَبْ، إِيْمَانُكَ خَلَّصَكَ!».
 
 
7.15.4-    الأربعاء الخامس عشر من زمن العنصرة    -     إنجيل القدّيس لوقا 25-20:17
 
   إنجيل القدّيس لوقا 25-20:17  
 
سَأَلَ الفَرِّيسيُّونَ يَسُوع: «مَتَى يَأْتِي مَلَكُوتُ الله؟». فَأَجَابَهُم وَقَال: «مَلكُوتُ اللهِ لا يَأْتِي بِالمُرَاقَبَة.
وَلَنْ يُقال: هَا هُوَ هُنا، أَوْ هُنَاك! فَهَا إِنَّ مَلَكُوتَ اللهِ في دَاخِلِكُم!».
وقَالَ لِلْتَلامِيذ: «سَتَأْتِي أَيَّامٌ تَشْتَهُونَ فِيها أَنْ تَرَوا يَوْمًا وَاحِدًا مِنْ أَيَّامِ ٱبْنِ الإِنْسَان، وَلَنْ تَرَوا.
وَسَيُقالُ لَكُم: هَا هُوَ هُنَاك! هَا هُوَ هُنَا! فَلا تَذْهَبُوا، وَلا تَهْرَعُوا.
فَكَمَا يُومِضُ البَرْقُ في أُفُق، وَيَلْمَعُ في آخَر، هكذَا يَكُونُ ٱبْنُ الإِنْسَانِ في يَوْمِ مَجِيئِهِ.
وَلكِنْ لا بُدَّ لَهُ أَوَّلاً مِنْ أَنْ يَتَأَلَّمَ كَثِيرًا، وَيَرْذُلَهُ هذَا الجِيل!
 
 
7.15.5-    الخميس الخامس عشر من زمن العنصرة    -     إنجيل القدّيس لوقا 30-26:17
 
   إنجيل القدّيس لوقا 30-26:17  
 
قالَ الربُّ يَسوع: «كمَا كانَ في أَيَّامِ نُوح، هكذَا يَكُونُ في أَيَّامِ ٱبْنِ الإِنْسَان:
كانَ النَّاسُ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُون، وَيَتَزَوَّجُونَ وَيُزَوِّجُون، إِلى يَوْمَ دَخَلَ نُوحٌ السَّفِينَة. فَجَاءَ الطُّوفَانُ وأَهْلَكَهُم أَجْمَعِين.
وكَمَا كانَ أَيْضًا في أَيَّامِ لُوط: كانَ النَّاسُ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُون، وَيَشْتَرُونَ وَيَبيعُون، وَيَغْرِسُونَ وَيَبْنُون.
ولكِنْ يَوْمَ خَرَجَ لُوطٌ مِنْ سَدُوم، أَمْطَرَ اللهُ نَارًا وَكِبْرِيتًا مِنَ السَّمَاءِ فَأَهْلَكَهُم أَجْمَعين.
هكَذَا يَكُونُ يَوْمَ يَظْهَرُ ٱبْنُ الإِنْسَان.

القدّيس غريغوريوس النيصيّ (نحو 335 - 395)، راهب وأسقف، العظة 11 عن نشيد الأناشيد
«كانَ النَّاسُ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُون، وَيَشْتَرُونَ وَيَبيعُون»

 

قدّم الربّ إلى تلاميذه توصيات كبيرة لكي تَنفض أنفسهم كلّ ما هو أرضيّ في الطبيعة، كما تُنفَضُ الغبار، وترتفعَ بذلك إلى الرغبة في الحقائق التي تفوق الطبيعة. هذا ما يلزم حين نتطلّع إلى حياة العُلى، يجب أن نكون أقوى من النوم، وأن نكون يَقِظين على الدّوام... أنا أتكلّم عن هذا الخدر الذهني الذي يظهر عند الغارقين في أكاذيب هذه الحياة من خلال تلك الأحلام الوهميّة المتمثِّلة بالأمجاد الباطلة، والغنى، والسلطة، والبذخ، وإغراءات الملذّات، والطموح، والعطش إلى اللذّة والغرور وكلّ ما يسعى إليه بطريقة جنونيّة الأشخاص السطحيّون بدافع من خيالهم. لكنّ هذه الأمور كلّها تذهب أدراج الريح مع مرور الزمن الزائل؛ كما أنّها تندرج في مجال حبّ الظهور...؛ فهي لا تكاد تبرز إلى الوجود، حتّى تختفي كالأمواج في البحار...
ولكي تتخلَّص أنفسنا من هذه الأوهام، دعانا الكلمة الإلهيّ إلى أن نطرد من عيون أنفسنا هذا السبات العميق، لئلاّ ننجرف بعيدًا عن الحقائق الصحيحة من خلال التمسّك بكلّ ما هو زائل. لذا، اقترحَ علينا أن نكون يَقظين حين قالَ: "لِتَكُنْ أَوساطُكُم مَشدودة، ولْتَكُنْ سُرُجُكُم مُوقَدَة" (لو 12: 35). فالنور الذي يلمع أمام العيون يُبعد النعاس، والأوساط المشدودة بالحزام تمنع الجسد من الاستغراق في النوم... مَن يتّخذُ من الاعتدال حزامًا له، يعيشُ في نور الضمير الحيّ؛ وتنيرُ الثقة البنويّة حياته كالسراج... إن عشنا بهذه الطريقة، سندخل في حياة مماثلة لحياة الملائكة.
 
 
7.15.6-    يوم الجمعة الخامس عشر من زمن العنصرة    -     إنجيل القدّيس لوقا 37-31:17
 
   إنجيل القدّيس لوقا 37-31:17  
 
قَالَ الرَبُّ يَسُوعُ : «في ذلِكَ اليَوْم، مَنْ كانَ عَلَى السَّطْحِ وَأَمْتِعَتُهُ في البَيْت، فَلا يَنْزِلْ لِيَأْخُذَهَا. وَمَنْ كانَ في الحَقْل، فَكَذلِكَ لا يَرْجِعْ إِلى الوَرَاء.
تَذَكَّرُوا ٱمْرَأَةَ لُوط!
مَنْ يَسْعَى لِكَي يَحْفَظَ نَفْسَهُ يَفْقِدُها، وَمَنْ يَفْقِدُ نَفْسَهُ يَحْفَظُهَا حَيَّةً.
أَقُولُ لَكُم: في تِلْكَ اللَّيْلَة، يَكُونُ ٱثْنَانِ عَلَى سَرِيرٍ وَاحِد، فَيُؤْخَذُ الوَاحِدُ وَيُتْرَكُ الآخَر.
وٱثْنَتَانِ تَطْحَنَانِ مَعًا، فَتُؤْخَذُ الوَاحِدَةُ وَتُتْرَكُ الأُخْرَى».
...
فأَجَابُوا وَقَالُوا لَهُ: «إِلَى أَيْنَ يا رَبّ ؟». فَقالَ لَهُم: «حَيْثُ تَكُونُ الجُثَّة، فَهُنَاكَ تَجْتَمِعُ النُّسُور».

القدّيس باشاز رادبيرت (؟ - نحو 849)، راهب بِنِدِكتي، شرح لإنجيل القدّيس متّى
«لِذلِكَ كونوا أَنتُم أَيضاً مُستَعِدِّين» (مت 24: 44)

 

"فَاسهَروا إِذًا، لأَنَّكُم لا تَعلَمونَ أَيَّ يَومٍ يَأتي ربُّكم" (مت 24: 42). بالرغم من أنّ الرّب يسوع المسيح يقول هذا الكلام للجميع، فهو يتوجّه إلى معاصريه، كما في الكثير من أحاديثه الأخرى التي نقرأها في الكتاب المقدّس. لكنّ هذا الكلام يعني جميع الناس، لأنّ اليوم الأخير سيأتي لكلّ واحد منهم، كذلك الأمر بالنسبة إلى نهاية هذا العالم، اليوم الذي سيترك فيه هذه الحياة.
لذا، يجب أن يتصرّف كلُّ واحد منّا وكأنه سيُحاكم في ذلك اليوم. لذا، يجب أن يحرص كلُّ شخص على ألاّ يضلّله أحد، وعلى أن يبقى متيقّظًا، كي لا يباغته الربّ يوم مجيئه. فالذي يصل إلى اليوم الأخير من حياته بدون تحضير، سيكون أيضًا بدون تحضير في اليوم الأخير من العالم.
 
 
7.15.7-    السبت الخامس عشر من زمن العنصرة    -     إنجيل القدّيس لوقا 8-1:18
 
   إنجيل القدّيس لوقا 8-1:18  
 
قََالَ الرَبُّ يَسُوعُ لِتَلامِيذِهِ مَثَلاً في أَنَّهُ يَنْبَغي أَنْ يُصَلُّوا كُلَّ حِينٍ وَلا يَمَلُّوا،
قَال: «كانَ في إِحْدَى المُدُنِ قَاضٍ لا يَخَافُ اللهَ وَلا يَهَابُ النَّاس.
وَكانَ في تِلْكَ المَدِينَةِ أَرْمَلَةٌ تَأْتِي إِلَيْهِ قَائِلَة: أَنْصِفْني مِنْ خَصْمي!
وظَلَّ يَرْفُضُ طَلَبَها مُدَّةً مِنَ الزَّمَن، ولكِنْ بَعْدَ ذلِكَ قَالَ في نَفْسِهِ: حَتَّى ولَوكُنْتُ لا أَخَافُ اللهَ وَلا أَهَابُ النَّاس،
فَلأَنَّ هذِهِ الأَرْمَلةَ تُزْعِجُني سَأُنْصِفُها، لِئَلاَّ تَظَلَّ تَأْتِي إِلى غَيْرِ نِهَايةٍ فَتُوجِعَ رَأْسِي!».
ثُمَّ قالَ الرَّبّ: «إِسْمَعُوا مَا يَقُولُ قَاضِي الظُّلْم.
أَلا يُنْصِفُ اللهُ مُخْتَارِيهِ الصَّارِخِينَ إِلَيْهِ لَيْلَ نَهَار، ولو تَمَهَّلَ في الٱسْتِجَابَةِ لَهُم؟
أَقُولُ لَكُم: إِنَّهُ سَيُنْصِفُهُم سَرِيعًا. ولكِنْ مَتَى جَاءَ ٱبْنُ الإِنْسَان، أَتُراهُ يَجِدُ عَلَى الأَرْضِ إِيْمَانًا؟».

القدّيس توما الأكوينيّ (1225 - 1274)، لاهوتيّ دومينكيّ وملفان الكنيسة، خلاصة لاهوتيّة وافية (Compendium theologiae)، الجزء الثاني
الصلاة بثقة وبإلحاح

 

هنالك فرق بين الصلاة التي تُرفَع إلى الله والطّلب الذي يُوجَّه إلى الإنسان. إنّ الطّلب المُوجَّه إلى الإنسان يفترضُ أوّلاً درجة معيّنة من الألفة التي يمكن من خلالها الوصول إلى الشخص الذي يُوجَّهُ الطّلب إليه. بينما الصلاة التي تُرفَعُ إلى الله تجعلُنا بحدّ ذاتها مُقرَّبين منه. فتَرتفعُ نفسُنا نحوَه، وتتحادثُ معه بحنان وتعبدُه بالرُّوح والحقّ.
إنّ هذه الحميميّة التي تُكتَسبُ من خلال الصلاة هي التي تحثُّ الإنسان على العودة إلى الصلاة بثقة. لذا، قيلَ في المزمور: "اللّهُمَّ إنّي دَعَوتُكَ"، أي صلّيْتُ بثقة، "لأنّكَ تُجيبُني" (مز17[16]: 6). فبعد أن دخلَ في علاقة حميمة مع الله من خلال صلاة أولى، بدأ صاحب المزمور يصلّي بثقة متزايدة. في الصلاة المُوجَّهة إلى الله، لا تشكّلُ المواظبة أو الإلحاح في الطلب مصدر إزعاج، بل يُعتَبر ذلك مُرضيًا في نظر الله. فقد جاء في الإنجيل: "صلّوا ولا تملّوا". وفي مكانٍ آخر، دعانا الربّ إلى الطلب: "إسألوا تُعطَوا، إقرَعوا يُفتَح لكم" (مت 7: 7).
 
 
7.16.1-    الأحد السادس عشر من زمن العنصرة: مثل الفريسيّ والعشّار    -     إنجيل القدّيس لوقا 14-9:18
 
   إنجيل القدّيس لوقا 14-9:18 
 
قالَ الربُّ يَسوعُ هذَا المَثَلَ لأُنَاسٍ يَثِقُونَ في أَنْفُسِهِم أَنَّهُم أَبْرَار، وَيَحْتَقِرُونَ الآخَرين:
«رَجُلانِ صَعِدَا إِلى الهَيْكَلِ لِيُصَلِّيَا، أَحَدُهُما فَرِّيسيٌّ وَالآخَرُ عَشَّار.
فَوَقَفَ الفَرِّيسِيُّ يُصَلِّي في نَفْسِهِ وَيَقُول: أَللّهُمَّ، أَشْكُرُكَ لأَنِّي لَسْتُ كَبَاقِي النَّاسِ الطَّمَّاعِينَ الظَّالِمِينَ الزُّنَاة، وَلا كَهذَا العَشَّار.
إِنِّي أَصُومُ مَرَّتَينِ في الأُسْبُوع، وَأُؤَدِّي العُشْرَ عَنْ كُلِّ مَا أَقْتَنِي.
أَمَّا العَشَّارُ فَوَقَفَ بَعِيدًا وَهُوَ لا يُرِيدُ حَتَّى أَنْ يَرْفَعَ عَيْنَيْهِ إِلى السَّمَاء، بَلْ كانَ يَقْرَعُ صَدْرَهُ قَائِلاً: أَللّهُمَّ، إِصْفَحْ عَنِّي أَنَا الخَاطِئ!
أَقُولُ لَكُم إِنَّ هذَا نَزَلَ إِلَى بَيْتِهِ مُبَرَّرًا، أَمَّا ذاكَ فَلا! لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَرْفَعُ نَفْسَهُ يُوَاضَع، وَمَنْ يُواضِعُ نَفْسَهُ يُرْفَع.»

القدّيس إقليمَنضُس الرومانيّ، بابا روما من 90 إلى 100، رسالة إلى أهل كورنتُس
«الَّلهُمَّ، ارْحَمْني، أَنا الخاطئ!»

 

ليحفظ صانعُ الكون كلَّ مختاريه سالمين على الأرض، بابنه الحبيب، ربّنا يسوع المسيح.
به دُعينا من الظلام إلى النور، ومن الجهل إلى معرفة عظمة اسمه. نضع فيك رجاءنا، يا مَبدَأ الخَلق كلّه.
 
لقد فتحتَ عيون قلوبنا، لكي تعرفك، أنت وحدك العليّ في السماوات، والقدّوس الجالس بين القدّيسين.
تَحطّ سفاهة المتكبّرين، وتحبط حسابات الأمم، ترفع المتواضعين وتطرح المقتدرين، تُغْني وتُفقِر، تأخذ الحياة وتعطيها.
أيّها المُحسِن الأوحد للنّفوس، وإله كلّ ذي جسد، أنت تفحص الأعماق، وترى أعمال البشر، أنت المعين في الأخطار، ومخلّص اليائسين، خالق وحارس كلّ روح حيّ... نبتهل إليك أيّها الكلّيّ القدرة، كن عوننا وحامينا، خلّص المظلومين، ترأّف بالضعفاء، وارفع من سقطوا.
أَظهِرْ نفسك للمحتاجين، اِشفِ المرضى، رُدَّ الضالّين من شعبك، أعطِ الطعام للجائعين، والحريّة للمسجونين، أَنهِض الضعفاء، شَجِّع الخائفين؛ ولتعرف كلّ الشعوب، أنّك أنت الله وحدك، وأنّ ربّنا يسوع المسيح هو ابنك، وأنّنا نحن شعبك وغنم مرعاك.
 
 
7.16.2-    الاثنين السادس عشر من زمن العنصرة     -     إنجيل القدّيس لوقا 17-15:18
 
   إنجيل القدّيس لوقا 17-15:18 
 
قَدَّمَ الْجُمُوعُ إِلَى يَسُوعَ أَطْفَالاً لِيَلْمُسَهُم. فَلَمَّا رَآهُمُ التَّلامِيذُ ٱنْتَهَرُوهُم.
أَمَّا يَسُوعُ فَدَعَا الأَطْفَالَ إِلَيْهِ وقَال: «دَعُوا الأَطْفَالَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلا تَمْنَعُوهُم، لأَنَّ لِمِثْلِ هؤُلاءِ مَلَكُوتَ ٱلله.
أَلحَقَّ أَقُولُ لَكُم: مَنْ لا يَقْبَلُ مَلَكُوتَ اللهِ مِثْلَ طِفْلٍ فَلَنْ يَدْخُلَهُ».

القدّيس مكسيمُس الطورينيّ (؟ - نحو 420)، أسقف، العظة 58 عن الفصح
«دَعوا الأَطفال، لا تَمنَعوهم أَن يَأتوا إِليَّ، فإِنَّ لأَمثالِ هؤُلاءِ مَلكوتَ السَّمَوات»

 

يا إخوتي، كم هي عظيمة وجميلة هذه الهبة التي قدَّمها الله إلينا! إن الرّب يسوع القائم من بين الأموات في يوم الفصح هذا، يوم الخلاص، قد أعطى القيامة للعالم أجمع..." إننا جَسَدُ المَسيح وكُلُّ واحِدٍ مِنّا عُضوٌ مِنه..."(1 كور 12: 27) وأعضاء الجسد تقوم معه...، إنّه يعبر بنا من الموت إلى الحياة. إن كلمة "فصح" بالعبريّة تعني العبور...: ويا له من عبور! من الخطيئة إلى العدالة ومن الشّر إلى الفضيلة ومن الشّيخوخة إلى الطّفولة... أمس، وضعتنا الخطيئة في خطّ انحدارها إنّما قيامة الرّب يسوع المسيح تجعلنا نولد من جديد في براءة الأطفال.
إنّ بساطة المسيح تجسّدَتْ في الطفولة. الطفل لا يعرفُ البغض ولا الغشّ، حتّى أنّه لا يجرؤ على أن يضربَ أحدًا. وهكذا، فإنّ هذا الطفل الذي يمثّل الإنسان المسيحيّ لا يغضبُ إذا ما تعرّضَ للإهانة، ولا يدافعُ عن نفسه إذا ما تعرّضَ للسرقة، ولا يردُّ الضربات إذا تعرّضَ لمثلها. حتّى أنّ الربّ الإله يفرضُ عليه أن يصلّي لأعدائه، وأن يترك لهم قميصه وردائه وأن يعرض خدّه الآخر للذين يلطمونه (مت 5: 39-48) ... إنّ طفولة المسيح تتخطّى طفولة الإنسان.
قالَ الربّ للرسل بعد أن أصبحوا ناضجين: "الحَقَّ أَقولُ لَكم: إِن لم تَرجِعوا فتَصيروا مِثلَ الأَطفال، لا تَدخُلوا مَلكوتَ السَّمَوات" (مت 18: 3) فهو قد أعادَهم إلى مصدر حياتهم وحثَّهم على استرجاع الطفولة، وإذا بالإنسان الذي كان على شفير الانهيار يولدُ مجدّدًا بقلب طاهر.
 
 
7.16.3-    الثلاثاء السادس عشر من زمن العنصرة     -     إنجيل القدّيس لوقا 23-18:18 
 
   إنجيل القدّيس لوقا 23-18:18 
 
سَأَلَ يَسُوعَ أَحَدُ الرُّؤَسَاءِ قَائِلاً: «أَيُّها المُعَلِّمُ الصَّالِح، مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الحَيَاةَ الأَبَدِيَّة؟».
فَقالَ لَهُ يَسُوع: «لِمَاذا تَدْعُونِي صَالِحًا؟ لا أَحَدَ صَالِحٌ إِلاَّ وَاحِد، هُوَ الله!
أَنْتَ تَعْرِفُ الوَصَايا: لا تَزْنِ، لا تَقْتُلْ، لا تَسْرِقْ، لا تَشْهَدْ بِالزُّور، أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ!».
قالَ الرَّجُل: «هذِهِ كُلُّهَا حَفِظْتُهَا مَنْذُ صِبَاي».
ولَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ ذلِكَ قَالَ لَهُ: «وَاحِدَةٌ تُعْوِزُكَ: بِعْ كُلَّ مَا لَكَ، وَوَزِّعْ عَلَى الفُقَرَاء، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ في السَّمَاوَات، وَتَعَالَ ٱتْبَعْنِي!».
فَلَمَّا سَمِعَ الرَّجُلُ ذلِكَ، حَزِنَ حُزْنًا شَدِيدًا، لأَنَّهُ كانَ غَنِيًّا جِدًّا.

القدّيس إقليمنضُس الإسكندريّ (150- نحو 215)، لاهوتيّ، عظة بعنوان: «فَمَن يَقدِرُ أَن يَخلُص؟»
«واحِدَةٌ تَنقُصُكَ: اِذْهَبْ فَبعْ ما تَملِك وأَعطِهِ الفُقَراء، فَيَكونَ لَكَ كَنزٌ في السَّماء، وتَعالَ فَاتَبعْني»

 

ثمّة نوع من الثراء يزرع الموت أينما حلّ: تحرّروا منه وستنالون الخلاص. طهّروا نفوسكم واجعلوها فقيرةً لكي تسمعوا نداء المخلّص الذي يكرّر على مسامعكم: "تعالَ فاتْبَعْنِي". فهو الطريق الذي يسلكه كلّ مَن لديه قلب طاهر، ونعمة الله لا تنسكب في النفوس التي تكبّلها الممتلكات الماديّة وتمزّقها.
وكلّ مَن يعتبر أنّ ثروته وماله ومنزله وممتلكاته هي عطيّة من الله، يعبّر عن امتنانه للآب السماويّ من خلال مساعدة الفقراء. وهو يعلم بأنّه يمتلك تلك الأشياء كلّها ليخدم بها إخوته أكثر من نفسه، ويبقى سيّدًا على ثروته بدلَ أن يكون عبدًا لها. وهو لا يتمسّك بممتلكاته ولا يجعل حياته مكبّلةً بها، بل يواصل عمله الإلهي بلا كلل. وإذا خسر يومًا ما ثروته، يقبل خسارته بقلب حرّ. هذا هو الذي يدعوه الله طوباويًّا "وفقيرًا في الرُّوح"، والذي يرث حتمًا ملكوت السماوات (راجع مت 5: 3)...
وفي المقابل، ثمّة مَن يملأ قلبه بثرواته بدلَ أن يمتلئ من الرُّوح القدس. هذا هو الذي يتمسّك بأمواله وأراضيه ويكدّس الثروات بلا حدود، وكلّ ما يهمّه هو أن يجمع المزيد والمزيد منها. هو لا يرفع عينيه أبدًا إلى السماء ويقع فريسةً لِفِخَاخ هذا العالم لأنّه تراب وإلى التراب يعود (راجع تك3: 19). كيف لهذا المرء أن يشعر بشوق إلى ملكوت الله، وبدل من أن يحمل في داخله قلبًا فهو يحمل في داخله حقلاً أو منجمًا؟ فالموت سيباغته لا محالة بسبب رغباته المنحرفة، "فحَيثُ يكونُ كَنزُكَ يكونُ قلبُكَ" (مت 6: 21).
 
 
7.16.4-    الأربعاء السادس عشر من زمن العنصرة    -     إنجيل القدّيس لوقا 30-24:18 
 
   إنجيل القدّيس لوقا 30-24:18 
 
قال َ الرَبُّ يَسُوعُ : «ما أَصْعَبَ عَلَى الأَثْرِياءِ أَنْ يَدْخُلُوا مَلَكُوتَ ٱلله.
فَإِنَّهُ لأَسْهَلُ أَنْ يَدْخُلَ جَمَلٌ في خِرْمِ الإِبْرَة، مِنْ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ مَلَكُوتَ ٱلله».
فقَالَ السَّامِعُون: «فَمَنْ يَقْدِرُ أَنْ يَخْلُص؟».
قَالَ يَسُوع: «إِنَّ غَيْرَ المُمْكِنِ عِنْدَ النَّاسِ هُوَ مُمْكِنٌ عِنْدَ الله».
فقَالَ بُطْرُس: «هَا نَحْنُ قَدْ تَرَكْنَا كُلَّ مَا لَنَا وَتَبِعْنَاك!».
فقالَ لَهُم: «أَلحَقَّ أَقُولُ لَكُم: مَا مِنْ أَحَدٍ تَرَكَ بَيتًا، أَوِ ٱمْرَأَةً، أَوْ إِخْوَةً، أَوْ وَالِدَيْن، أَوْ بَنِين، مِنْ أَجْلِ مَلَكُوتِ الله،
إِلاَّ وَيَأْخُذُ في هذَا الزَّمَانِ أَضْعَافًا كَثِيرَة، وفي الدَّهْرِ الآتي حَياةً أَبَدِيَّة».
 
 
7.16.5-   الخميس السادس عشر من زمن العنصرة    -     إنجيل القديس لوقا 18-1:17 
 
   إنجيل القديس لوقا 18-1:17 
 

وقال لهم أيضا مثلا في أنه ينبغي أن يصلى كل حين ولا يمل
 قائلا: كان في مدينة قاض لا يخاف الله ولا يهاب إنسانا
 وكان في تلك المدينة أرملة. وكانت تأتي إليه قائلة: أنصفني من خصمي
 وكان لا يشاء إلى زمان. ولكن بعد ذلك قال في نفسه: وإن كنت لا أخاف الله ولا أهاب إنسانا
 فإني لأجل أن هذه الأرملة تزعجني، أنصفها، لئلا تأتي دائما فتقمعني
 وقال الرب: اسمعوا ما يقول قاضي الظلم
 أفلا ينصف الله مختاريه، الصارخين إليه نهارا وليلا، وهو متمهل عليهم
 أقول لكم: إنه ينصفهم سريعا ولكن متى جاء ابن الإنسان، ألعله يجد الإيمان على الأرض
 وقال لقوم واثقين بأنفسهم أنهم أبرار، ويحتقرون الآخرين هذا المثل
 إنسانان صعدا إلى الهيكل ليصليا، واحد فريسي والآخر عشار
 أما الفريسي فوقف يصلي في نفسه هكذا: اللهم أنا أشكرك أني لست مثل باقي الناس الخاطفين الظالمين الزناة، ولا مثل هذا العشار
 أصوم مرتين في الأسبوع، وأعشر كل ما أقتنيه
 وأما العشار فوقف من بعيد، لا يشاء أن يرفع عينيه نحو السماء، بل قرع على صدره قائلا : اللهم ارحمني، أنا الخاطئ
 أقول لكم: إن هذا نزل إلى بيته مبررا دون ذاك، لأن كل من يرفع نفسه يتضع، ومن يضع نفسه يرتفع
 فقدموا إليه الأطفال أيضا ليلمسهم، فلما رآهم التلاميذ انتهروهم
 أما يسوع فدعاهم وقال: دعوا الأولاد يأتون إلي ولا تمنعوهم، لأن لمثل هؤلاء ملكوت الله
 الحق أقول لكم: من لا يقبل ملكوت الله مثل ولد فلن يدخله

 
 
7.16.6-    يوم الجمعة السادس عشر من زمن العنصرة    -     إنجيل القدّيس لوقا 28-11:19 
 
   إنجيل القدّيس لوقا 28-11:19 
 
قالَ الربُّ يَسوعُ هذَا المَثَل، لأَنَّهُ كانَ قَدِ ٱقْتَرَبَ مِنْ أُورَشَليم، وَكانُوا يَظُنُّونَ أَنَّ مَلَكُوتَ اللهِ سَيَظْهَرُ فَجْأَةً،
فَقَال: «رَجُلٌ شَرِيفُ النَّسَبِ ذَهَبَ إِلَى بَلَدٍ بَعِيد، لِيَحْصَلَ عَلى المُلْكِ ثُمَّ يَعُود.
فَدَعَا عَشَرَةَ عَبِيدٍ لَهُ، وَأَعْطَاهُم عَشَرَةَ أَمْنَاءٍ أَي كُلَّ وَاحِدٍ مِئَةَ دِينَار، وَقَال لَهُم: تَاجِرُوا بِهَا حَتَّى أَعُود.
لَكِنَّ أَهْلَ بَلَدِهِ كَانُوا يُبْغِضُونَهُ، فَأَرْسَلُوا وَرَاءَهُ وَفْدًا قَائِلين: لا نُريدُ أَنْ يَمْلِكَ عَلَيْنا هذَا الرَّجُل.
ولَمَّا عَاد، وَقَدْ تَوَلَّى المُلْك، أَمَرَ بِأَنْ يُدْعَى إِلَيْهِ أُولئِكَ العَبِيدُ الَّذِينَ أَعْطَاهُمُ الفِضَّة، لِيَعْرِفَ بِمَا تَاجَرَ كُلُّ وَاحِد.
فتَقَدَّمَ الأَوَّلُ وَقال: سَيِّدي، رَبِحَ مَنَاكَ عَشَرَةَ أَمْنَاء.
فقَالَ لَهُ: يَا لَكَ عَبْدًا صَالِحًا! لأَنَّكَ كُنْتَ أَمِينًا في القَليل، كُنْ مُسَلَّطًا عَلَى عَشْرِ مُدُن!
وجَاءَ الثَّاني فَقال: سَيِّدي، رَبِحَ مَنَاكَ خَمْسَةَ أَمْنَاء!
فقالَ لِهذَا أَيْضًا: وَأَنْتَ كُنْ مُسَلَّطًا عَلَى خَمْسِ مُدُن!
وجَاءَ الثَّالِثُ فَقال: سَيِّدي، هُوَذَا مَنَاكَ الَّذي كانَ لي، وَقَدْ وَضَعْتُهُ في مِنْدِيل!
فَقَدْ كُنْتُ أَخَافُ مِنْكَ، لأَنَّكَ رَجُلٌ قَاسٍ، تَأْخُذُ مَا لَمْ تَضَعْ، وَتَحْصُدُ مَا لَمْ تَزْرَعْ!
قالَ لَهُ المَلِك: مِنْ فَمِكَ أَدينُكَ أَيُّها العَبْدُ الشِرِّير.كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي رَجُلٌ قَاسٍ، آخُذُ مَا لَمْ أَضَعْ، وَأَحْصُدُ مَا لَمْ أَزْرَعْ،
فَلِمَاذا لَمْ تَضَعْ فِضَّتِي عَلَى طَاوِلَةِ الصَّيَارِفَة، حَتَّى إِذَا عُدْتُ ٱسْتَرْجَعْتُهَا مَعَ فَائِدَتِهَا.
ثُمَّ قَالَ لِلْحَاضِرين: خُذُوا مِنْهُ المَنَا، وَأَعْطُوهُ لِصَاحِبِ الأَمْنَاءِ العَشَرَة.
فَقَالُوا لَهُ: يَا سيِّد، لَدَيهِ عَشَرَةُ أَمْنَاء!
فَأَجَابَهُم: إِنِّي أَقُولُ لَكُم: كُلُّ مَنْ لَهُ يُعْطَى، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ حَتَّى مَا هُوَ لَهُ.
أَمَّا أَعْدَائِي أُولئِكَ الَّذينَ لَمْ يُرِيدُوا أَنْ أَمْلِكَ عَلَيْهِم، فَسُوقُوهُم إِلَى هُنَا وٱذْبَحُوهُم قُدَّامي».
قالَ يَسُوعُ هذَا وَتَقَدَّمَ صَاعِدًا إِلَى أُورَشَليم.
 
 
7.16.7-    السبت السادس عشر من زمن العنصرة    -     إنجيل القدّيس لوقا 44-41:19 
 
   إنجيل القدّيس لوقا 44-41:19 
 
لَمَّا ٱقْتَرَب يَسُوعُ مِنْ أُورشَلِيم، رَأَى المَدِينَةَ فَبَكَى عَلَيْهَا،
قَائِلاً: «لَيْتَكِ عَرَفْتِ أَنْتِ أَيْضًا، في يَومِكِ هذَا، مَا يَؤُولُ بِكِ إِلى السَّلام! ولكِنَّهُ حُجِبَ الآنَ عَنْ عَيْنَيْكِ!
فَإِنَّهَا سَتَأْتي عَلَيْكِ أيَّامٌ يُحَاصِرُكِ فِيهَا أَعْداؤُكِ بِالمَتَارِيس، وَيُحِيطُونَ بِكِ، وَيُضَيِّقُونَ عَلَيْكِ مِنْ كُلِّ جِهَة،
وَيَسْحَقُونَكِ، وَيَسْحَقُونَ أَوْلادَكِ فِيكِ، وَلا يَتْرُكُونَ فِيكِ حَجَرًا عَلى حَجَر، لأَنَّكِ مَا عَرَفْتِ وَقْتَ ٱفْتِقَادِ اللهِ لَكِ!».

الطّوباويّ بولس السادس، بابا روما من 1963 إلى 1978، خطاب في الأمم المتحدة، 4 أكتوبر 1965
«لَيتَكِ عَرَفتِ أَنتِ أَيضًا في هذا اليَومِ طَريقَ السَّلام!»

 

ليست الحرب بَعد اليوم، ليست الحرب بَعد اليوم! بل هو السلام، هو السلام الّذي يجب أن يوجّه مصير الشعوب والبشريّة جمعاء!...
فالسلام، كما تعلمون، لا يُبنى فقط من خلال السياسة وتوازن القوى والمصالح. بل يُبنى بواسطة الرُّوح، والأفكار، وأعمال السلام. وأنتم تسعَون لهذا العمل العظيم.
لكنّكم لستم إلّا في بداية مشقّاتكم. فهل سيتوصّل العالم يومًا إلى تغيير العقليّة الخاصّة والعدوانيّة التي نَسجَت حتّى الآن مرحلة كبيرة من تاريخه؟ من الصعب التنبّؤ بهذا؛ ولكن من السهل أن نؤكّد أنّه يجب أن نضع أنفسنا بحزم على الطريق نحو التاريخ الجديد، التاريخ السلميّ الذي سيكون إنسانيًّا بالحقيقة وبشكلٍ كامل، التاريخ الّذي وعد به الله البشر ذوي الإرادة الصالحة.
 
 
فهرس بحسب الرزنامة الطقسية المارونية        -        الانجيل اليومي بحسب التقويم الماروني
زمن الميلاد او المجيء   زمن الغطاس او الدنح   زمن التذكارت   زمن الصوم الكبير   أسبوع الآلام   زمن القيامة والصعود   زمن العنصرة   زمن الصليب
 أسبوع تقديس البيعة
 أسبوع تجديد البيعة
 أسبوع بشارة زكريّا
 أسبوع بشارة العذراء
 أسبوع زيارة العذراء
 أسبوع مولد يوحنّا
 أسبوع البيان ليوسف
 أسبوع النسبة
 عيد ميلاد الربّ يسوع
 عيد تهنئة العذراء مريم
 ألاسبوع الاول من الميلاد
to enlarge
 
 أحد وجود يسوع في الهيكل
 ايام قبل عيد الدنح
 عيد الدنح
 تذكار مديح يوحنّا المعمدان
 الاسبوع الاول  بعد الدنح
 الاسبوع الثاني  بعد الدنح
 الاسبوع الثالث بعد الدنح
 الاسبوع الرابع بعد الدنح
to enlarge
 
 أحد الكهنة الراقدين
 أسبوع الكهنة الراقدين
 أحد الأبرار والصدّيقين
 أسبوع الأبرار والصدّيقين
 أحد الموتى المؤمنين
 أسبوع الموتى المؤمنين
to enlarge
 
 أحد مدخل الصوم الكبير
 اثنين الرماد
 الاسبوع الاول
 الاسبوع الثاني
 الاسبوع الثالث
 الاسبوع الرايع
 الاسبوع الخامس
 الاسبوع السادس
 أحد الشعانين
to enlarge
 
 أحد الشعانين
 بداية اسبوع الآلام
 خميس الأسرار
 يوم الجمعة العظيمة
 سبت النور
 أحد القيامة الكبير
to enlarge
 
 أحد القيامة الكبير
 أسبوع الحواريّين
 الاسبوع الثاني
  الاسبوع الثالث
 الاسبوع الرايع
 الاسبوع الخامس
الاسبوع السادس
 الاسبوع السابع
to enlarge
 
 أحد العنصرة
 الاسبوع الاول
 الاسبوع الثاني
 الاسبوع الثالث
 الاسبوع الرايع
 الاسبوع الخامس
 الاسبوع السادس
 الاسبوع السابع
 الاسبوع الثامن
 الاسبوع التاسع
 الاسبوع العاشر
 الاسبوع الحادي عشر
 الاسبوع الثاني عشر
 الاسبوع الثالث عشر
 الاسبوع الرابع عشر
 الاسبوع الخامس عشر
 الاسبوع السادس عشر
 
 ارتفاع الصليب المقدّس
 الاسبوع الاول
 الاسبوع الثاني
 الاسبوع الثالث
 الاسبوع الرايع
 الاسبوع الخامس
 الاسبوع السادس
 الاسبوع السابع
to enlarge
 
  النصوص مأخوذة من الترجمة الليتُرجيّة المارونيّة - إعداد اللجنة الكتابيّة التابعة للجنة الشؤون الليتورجيّة البطريركيّة المارونيّة (طبعة ثانية – 2007) © pure software code - Since 2003