الإنجيل اليوميّ     -      يا ربّ، إِلى مَن نَذهَب وكَلامُ الحَياةِ الأَبَدِيَّةِ عِندَك ؟ (يوحنا 6: 68) التقويم الماروني
        1-    زمن الميلاد او المجيء
1.7-   أسبوع البيان ليوسف
1.8-   أسبوع النسبة
1.9.1-  عيد ميلاد الربّ يسوع بحسب الجسد
1.9-   ألاسبوع الاول من الميلاد
  الرئيسية  

 
 

الإنجيل اليومي   -     التقويم الماروني  

 

شرح \ تقيم

1.7.1- أحد البيان ليوسف    
                                          إنجيل القدّيس متّى 25-18:1
  «فلمَّا قامَ يُوسُفُ مِنَ النَّوم، فَعلَ كَما أَمرَه مَلاكُ الرَّبِّ»
      
للقدّيس يوحنّا بولس الثاني (1920 - 2005)، بابا روما
1.7.2- الاثنين من أسبوع البيان ليوسف
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 10-1:7
  «ولَمَّا صَعِدَ إِخوَتُه إِلى العيد، صَعِدَ هو أَيضًا خُفيَةً لا عَلانِيَةً»
      
للقدّيس يوحنّا الصليب (1542 - 1591)، راهب كرمليّ وملفان الكنيسة
1.7.3- الثلاثاء من أسبوع البيان ليوسف
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 18-11:7
   
1.7.4- الأربعاء من أسبوع البيان ليوسف   
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 30-25:7
  «أَجَل، إِنَّكُم تَعرِفونَني وتعرفونَ مِن أَينَ أَنا»
      
للقدّيس أوغسطينُس (354 - 430)، أسقف هيبّونا  وملفان الكنيسة
1.7.5- الخميس من أسبوع البيان ليوسف    
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 36-31:7
  «أَنا باقٍ مَعَكم وَقْتاً قليلاً ثُمَّ أَذهَبُ... أُمكُثْ مَعَنا، فقد حانَ المَساءُ ومالَ النَّهار»
      
للقدّيس يوحنّا بولس الثاني (1920 - 2005)، بابا روما
1.7.6- يوم الجمعة من أسبوع البيان ليوسف
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 44-37:7
  «إِن عَطِشَ أَحَدٌ فليُقبِلْ إِلَيَّ» (يو 7: 37)
      
للطوباويّ جان فان روسبروك (1293 - 1381)، رئيس دير
1.7.7- السبت من أسبوع البيان ليوسف
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 53-45:7
  «أَخُدِعْتُم أَنتُم أَيضاً؟»
     للطّوباوي تيطُس برندسما (1881 - 1942)، راهب كرمليّ هولنديّ وشهيد
1.8.1- أحد النسبة
                                          إنجيل القدّيس متّى 17-1:1
  «تبارك إله ربّنا يسوع المسيح... اختارنا قبل إنشاء العالم» (أف 1: 3-4)
      
للقدّيس لاوُن الكبير (؟ - نحو 461)، بابا روما وملفان الكنيسة
1.8.2- الاثنين من أسبوع النسبة  
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 11-1:8
  «وأَنا لا أَحكُمُ علَيكِ. إِذهَبي ولا تَعودي إِلى الخَطيئة»
     سمعان اللاهوتيّ الحديث
(حوالى 949 - 1022)، راهب يونانيّ وقدّيس أرثوذكسيّة
1.8.3- الثلاثاء من أسبوع النسبة       
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 20-12:8
  نورُ العالم
      
للقدّيس أوغسطينُس (354 - 430)، أسقف هيبّونا  وملفان الكنيسة
1.8.4- الأربعاء من أسبوع النسبة    
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 24-21:8
  «أَنا ذاهِب سَتَطلُبونني ومعَ ذلك تَموتونَ في خَطيئَتِكم وحَيثُ أَنا ذاهِبٌ فَأَنتُم لا تَستَطيعونَ أَن تَأتوا»
      
أوريجينُس (نحو 185 - 253)، كاهن ولاهوتيّ
1.8.5- الخميس من أسبوع النسبة
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 30-25:8
  «متى رَفَعتُمُ ابْنَ الإِنسان عَرَفتُم أَنِّي أَنا هو»
     للقدّيسة تيريزيا -
بينيديكت الصليب (إيديث شتاين) (1891 - 1942)، راهبة كرمليّة وشهيدة
1.8.6- يوم الجمعة من أسبوع النسبة
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 47-44:12
   
1.8.7- السبت من أسبوع النسبة  
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 50-48:12
  «مَن آمَنَ بي لم يُؤمِنْ بي أَنا بل بالَّذي أَرسَلَني»
     الكاردينال شارل جورنيه (1891 - 1975)، لاهوتيّ
1.9.1- عيد ميلاد الربّ يسوع بحسب الجسد     (25 كانون الاول)     
                                          إنجيل القدّيس لوقا 20-1:2
  «وأَشرَقَ مَجدُ الرَّبِّ حَولَهم»
      
للقدّيس بِرنَردُس (1091 - 1153)، راهب سِستِرسيانيّ وملفان الكنيسة
1.9.2- عيد تهنئة العذراء مريم أم الله     (26 كانون الاول)     
                                          إنجيل القدّيس لوقا 55-46:1
  «تُعَظِّمُ الرَّبَّ نَفْسي وَتَبتَهِجُ روحي بِٱللهِ مُخَلِّصي»
      
للقدّيس أمبروسيوس (نحو 340 - 379)، أسقف ميلانو وملفان الكنيسة
1.9.3- عيد استشهاد القدّيس إسطفانوس أوّل الشهداء     (27 كانون الاول)
                                          إنجيل القدّيس متّى 2-1:24.39-29:23
  القدّيس إسطفانس قدّم حياته، كالذّهب، إلى الرّب يسوع
       للقدّيسة تيريزيا -
بينيديكت الصليب (إيديث شتاين) (1891 - 1942)، راهبة كرمليّة وشهيدة
1.9.4- تذكار سجود المجوس للطفل يسوع    (28 كانون الاول)
                                          إنجيل القدّيس متّى 12-1:2
  «وَدخَلوا الَبيتَ فرأَوا الطِّفلَ مع أُمِّه مَريم. فجَثَوا له ساجِدين»
      
للقدّيس رافاييل أرناييز بارون (1911 – 1938)، راهب ترابيست إسباني
1.9.5- تذكار الهرب بالربّ يسوع إلى مصر وقتل أطفال بيت لحم       (29 كانون الاول)
                                          إنجيل القدّيس متّى 18-13:2
  «فلَمَّا رأَى هيرودُسُ أَنَّ المَجوسَ سَخِروا مِنه، استَشاطَ غَضَباً وأَرسَلَ فقَتلَ كُلَّ طِفلٍ في بَيتَ لحمَ»
     للقدّيس بطرس خريزولوغُس (نحو 406 - 450)، أسقف رافينا
1.9.6- اليوم السادس للميلاد    
                                          إنجيل القدّيس متّى 23-19:2
  «وصارَ على مِثالِ البَشَر» (في 2: 7)
      
للقدّيس يوحنّا بولس الثاني (1920 - 2005)، بابا روما
1.9.7- اليوم السابع للميلاد    
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 18-1:1
  «والكَلِمَةُ صارَ بَشَرًا فسَكَنَ بَينَنا»
      
للطوباويّ يوحنّا هنري نِيومَن (1801 - 1890)، كاهن ومؤسّس جماعة دينيّة
 
 
1.7.1-   أحد البيان ليوسف    -     إنجيل القدّيس متّى 25-18:1   
 
    إنجيل القدّيس متّى 25-18:1
 
أَمَّا مِيلادُ يَسُوعَ المَسِيحِ فَكانَ هكَذَا: لَمَّا كانَتْ أُمُّهُ مَرْيَمُ مَخْطُوبَةً لِيُوسُف، وقَبْلَ أَنْ يَسْكُنَا مَعًا، وُجِدَتْ حَامِلاً مِنَ الرُّوحِ القُدُس.
ولَمَّا كَانَ يُوسُفُ رَجُلُها بَارًّا، ولا يُرِيدُ أَنْ يُشَهِّرَ بِهَا، قَرَّرَ أَنْ يُطَلِّقَهَا سِرًّا.
ومَا إِنْ فَكَّرَ في هذَا حَتَّى تَرَاءَى لَهُ مَلاكُ الرَّبِّ في الحُلْمِ قَائِلاً: «يَا يُوسُفُ بنَ دَاوُد، لا تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ ٱمْرَأَتَكَ، فَٱلمَوْلُودُ فِيهَا إِنَّمَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ القُدُس.
وسَوْفَ تَلِدُ ٱبْنًا، فَسَمِّهِ يَسُوع، لأَنَّهُ هُوَ الَّذي يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُم».
وحَدَثَ هذَا كُلُّهُ لِيَتِمَّ مَا قَالَهُ الرَّبُّ بِالنَّبِيّ:
هَا إِنَّ العَذْرَاءَ تَحْمِلُ وتَلِدُ ٱبْنًا، ويُدْعَى ٱسْمُهُ عِمَّانُوئِيل، أَي ٱللهُ مَعَنَا.
ولَمَّا قَامَ يُوسُفُ مِنَ النَّوْم، فَعَلَ كَمَا أَمَرَهُ مَلاكُ الرَّبِّ وأَخَذَ ٱمْرَأَتَهُ.
ولَمْ يَعْرِفْهَا، فَوَلَدَتِ ٱبْنًا، وسَمَّاهُ يَسُوع.

 

«فلمَّا قامَ يُوسُفُ مِنَ النَّوم، فَعلَ كَما أَمرَه مَلاكُ الرَّبِّ»
القدّيس يوحنّا بولس الثاني (1920 - 2005)، بابا روما،
الرّسالة الرّسوليّة: حارس الفادي(Redemptoris Custos)، الأعداد 25-27

 

إنّ جوّ الصّمت الذي يرافق كل ما يتعلق بصورة يوسف يطال أيضًا عمله كنجّار في بيت النّاصرة. غير أنّه صمت يكشف بطريقة خاصة البعد الباطنيّ لهذه الشخصيّة. تتكلّم الأناجيل حصريًا عما "فعله" يوسف؛ غير أنّها تمكّننا من اكتشاف جوٍّ من التأمّل العميق في أفعاله المغلّفة بالصّمت. إذ كان يوسف في اتّصال يومّي بالسرّ الَّذي "ظَلَّ مًكْتومًا طَوالَ الدُّهَورِ والأَجيال" و"جعل مسكنَه" تحت سقفه (راجع كول 1: 26؛ يو 1: 14)...

بما أنّ محبةّ يوسف الأبويةّ لم يكن باستطاعتها عدم التّأثير على محبّة الرّب يسوع البنويةّ وبما أنّ محبّة يسوع البنويّة في المقابل، لم يكن باستطاعتها أَلاّ تؤثّر على محبّة يوسف الأبويّة، فكيف التوصّل إلى إدراك ماهيّة هذه العلاقة الفريدة تمامًا في نوعها إدراكًا عميقًا؟ إنّ النّفوس الأكثر إحساسا بالحبّ الإلهي ترى بحقّ في يوسف مثالًا مشرقًا عن الحياة الباطنيّة. وعلاوةً على ذلك، فإنّ التّجاذب الظّاهر ما بين الحياة العمليّة والحياة التأمليّة قد تم تخطّيه في يوسف بطريقة مثاليّة، كما يمكن أن يحدث ذلك في مَن يملك كمال المحبّة. وبموجب الفارق المعلوم جيّدا ما بين حبّ الحقيقة ومقتضى الحبّ، يمكننا القول إنّ يوسف قد اختبر على حد سواه حبّ الحقيقة، أيّ الحب الطّاهر لتأمّل الحقيقة الإلهيّة التي كانت تشعّ من إنسانيّة الرّب يسوع المسيح، ومقتضى الحب، أيّ الحبّ، الطّاهر هو أيضًا، للخدمة، المُستلزم من قبل حماية ونمو هذه الإنسانيّة بالذّات.

 
 
1.7.2-   الاثنين من أسبوع البيان ليوسف    -     إنجيل القدّيس يوحنّا 10-1:7   
 
    إنجيل القدّيس يوحنّا 10-1:7
 
بَعْدَ ذلِك، كَانَ يَسُوعُ يَتَجَوَّلُ في الجَلِيل، ولا يَشَاءُ التَّجَوُّلَ في اليَهُودِيَّة، لأَنَّ اليَهُودَ كَانُوا يَطْلُبُونَ قَتْلَهُ.
وكَانَ عِيدُ اليَهُود، عِيدُ المَظَالِّ، قَريبًا.
فقَالَ لَهُ إِخْوَتُهُ: «إِنتَقِلْ مِنْ هُنَا، وَٱذْهَبْ إِلى اليَهُودِيَّة، لِكَي يُشَاهِدَ تَلامِيذُكَ أَيْضًا ٱلأَعْمَالَ الَّتِي تَصْنَعُهَا.
فَلا أَحَدَ يَعْمَلُ شَيْئًا في الخَفَاء، وهُوَ يَبْتَغِي الظُّهُور. إِنْ كُنْتَ تَصْنَعُ هذِهِ الأَعْمَال، فَأَظْهِرْ نَفْسَكَ لِلْعَالَم»،
لأَنَّ إِخْوتَهُ أَنْفُسَهُم مَا كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِهِ.
فَقَالَ لَهُم يَسُوع: «مَا حَانَ وَقْتِي بَعْد، أَمَّا وَقْتُكُم فَهُوَ حَاضِرٌ فِي كُلِّ حِين.
لا يَقْدِرُ العَالَمُ أَنْ يُبْغِضَكُم، لكِنَّهُ يُبْغِضُنِي، لأَنِّي أَشْهَدُ عَلَيْهِ أَنَّ أَعْمَالَهُ شِرِّيرَة.
إِصْعَدُوا أَنْتُم إِلى العِيد، وأَنَا لا أَصْعَدُ إِلى هذَا العِيد، لأَنَّ وَقتِي مَا تَمَّ بَعْد».
قَالَ لَهُم هذَا، وبَقِيَ في الجَلِيل.
وبَعْدَمَا صَعِدَ إِخْوَتُهُ إِلى العِيد، صَعِدَ هُوَ أَيْضًا، لا ظَاهِرًا بَلْ في الخَفَاء.

 

«ولَمَّا صَعِدَ إِخوَتُه إِلى العيد، صَعِدَ هو أَيضًا خُفيَةً لا عَلانِيَةً»
القدّيس يوحنّا الصليب (1542 - 1591)، راهب كرمليّ وملفان الكنيسة،
النشيد الروحيّ، المقطع الأول

 

أين تختبئ، يا خليلي، تاركًا إيّاي منتحبة؟

كما الأيلِّ هَرَبتَ، بعد أن جرحتَني؛

لكنّني خرجتُ لأقتفي أثرك وأنا أصرخ.

عبثًا حاولت اللحاق بك!

"أين تختبئ؟" كما لو أنّ النفس كانت تقول: "أيّها الكلمة، يا عريسي، أرِني المكان الذي ترتاح فيه". هذا يعني الطلب منه إظهار جوهره الإلهيّ، لأنّ "المكان الذي يرتاح فيه ابن الله" كما قال لنا القدّيس يوحنا هو "حضن الآب" (راجع يو 1: 18)، أو بتعبير آخر، إنّه الجوهر الإلهيّ الذي لا تراه العين البشريّة، والذي يعجز العقل البشري على سبر أغواره. قال إشعيا متوجّهًا إلى الله: "إِنَّكَ لَإِلهٌ مُحتَجب يا إِلهَ إِسرائيلَ الَمُخَلِّص" (إش 45: 15).

لهذا السبب، ولنلاحظ جيّدًا، مهما كان التواصل حميمًا، ومهما كانت المعرفة التي تنالها النفس من الله في هذه الحياة سامية، فإنّ ما تراه هذه النفس ليس جوهر الله ولا شيء مشترك معه. في الواقع، يبقى الله محتجبًا دائمًا عن نفسنا. مهما كانت الروائع التي تُكشف لها، يجب أن تنظر النفس إليه دائمًا على أنّه محتجب وأن تبحث عنه في عزلته قائلة: "أين تختبئ؟" في الواقع، لا التواصل السامي ولا الحضور الحسيّ هما علامة أكيدة على حضور الله المفيد في النفس، كما أنّ الجفاف والحرمان من كلّ هبة من هذا النوع ليسا دليلاً على غيابه. هذا ما قاله لنا النبي أيّوب: "يَمُرُّ بي فلا أُبصِرُه ويَجْتاز فلا أَشعُرُ بِه" (أي 9: 11).

يمكننا أن نتعلّم التالي ممّا سبق: إن كانت النفس تنعم بتواصل كبير وبمعرفة وبمشاعر روحيّة، يجب ألا تظنّ أنّها تملك الله أو أنّها تملك رؤية واضحة وجوهريّة عنه، أو أنّها بفضل هذه المواهب تملك الله أكثر أو تعمّقت أكثر فيه. كذلك، إن غاب عنها كلّ هذا التواصل الحسّي والروحيّ وتُركت في أرض قاحلة وسط الظلام والتخلي، يجب ألاّ تظنّ أبدًا أنّ الله غائب عنها في هذه الحالة... إنّ الهدف الأساسي للنفس في هذا البيت من الشعر ليس إذًا طلب التفاني العاطفي والحسّي، الذي لا يعطي يقينًا ولا دليلاً على امتلاك العريس في هذه الحياة: هذه النفس تطلب حضور جوهره ورؤيته بشكل واضح وتريد أن تتمتّع به بشكل أكيد في الحياة الأخرى.

 
 
1.7.3-   الثلاثاء من أسبوع البيان ليوسف    -     إنجيل القدّيس يوحنّا 18-11:7   
 
    إنجيل القدّيس يوحنّا 18-11:7
 
كَانَ اليَهُودُ يَطْلُبُونَ يَسُوعَ في العِيد، ويَقُولُون: «أَيْنَ هُوَ ذَاك؟».
وكَانَ في الجَمْعِ تَهَامُسٌ كَثِيرٌ في شَأْنِهِ. كَانَ بَعْضُهُم يَقُول: «إِنَّهُ صَالِح»، وآخَرُونَ يَقُولُون: «لا، بَلْ هُوَ يُضَلِّلُ الجَمْع».
ومَا كَانَ أَحَدٌ يَتَكَلَّمُ عَنْهُ عَلَنًا، خَوْفًا مِنَ اليَهُود.
وفي مُنْتَصَفِ أيَّامِ العِيد، صَعِدَ يَسُوعُ إِلى الهَيْكَل، وأَخَذَ يُعَلِّم.
وكَانَ اليَهُودُ يَتَعَجَّبُونَ قَائِلين: «كَيْفَ يَعْرِفُ الكُتُب، وهُوَ مَا تَعَلَّم؟».
فَأَجَابَهُم يَسُوعُ وقَال: «لَيْسَ التَّعْلِيمُ تَعْلِيمي، بَلْ تَعْلِيمُ مَنْ أَرْسَلَنِي.
مَنْ يَشَاءُ أَنْ يَعْمَلَ مَشِيئَةَ مَنْ أَرْسَلَنِي يَعْرِفُ هَلْ هذَا التَّعْلِيمُ هُوَ مِنْ عِنْدِ الله، أَمْ أَنِّي مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي أَتَكَلَّم.
مَنْ يَتَكَلَّمُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ يَطْلُبُ مَجْدَ نَفْسِهِ. ومَنْ يَطْلُبُ مَجْدَ مَنْ أَرْسَلَهُ فَهُوَ صَادِقٌ لا ظُلْمَ فِيه.
 
 
1.7.4-   الاربعاء من أسبوع البيان ليوسف    -     إنجيل القدّيس يوحنّا 30-25:7   
 
    إنجيل القدّيس يوحنّا 30-25:7
 
كَانَ أُنَاسٌ مِنْ أَهْلِ أُورَشَليمَ يَقُولُون : «أَلَيْسَ هذَا مَنْ يَطْلُبُونَ قَتْلَهُ؟
فَهَا هُوَ يَتَكَلَّمُ عَلَنًا، ولا يَقُولُونَ لَهُ شَيْئًا. تُرَى، هَلْ تَأَكَّدَ الرُّؤَسَاءُ أَنَّ هذَا هُوَ المَسِيح؟
غَيْرَ أَنَّ هذَا، نَعْرِفُ مِنْ أَيْنَ هُوَ. أَمَّا المَسِيح، عِنْدَمَا يَأْتِي، فَلا أَحَدَ يَعْرِفُ مِنْ أَيْنَ هُوَ».
فَهَتَفَ يَسُوع، وهُوَ يُعَلِّمُ في الهَيْكَل، وقَال: «تَعْرِفُونِي إِذًا، وتَعْرِفُونَ مِنْ أَيْنَ أَنَا! ومَا أَتَيْتُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي، ولكِنَّ مَنْ أَرْسَلَنِي هُوَ حَقٌّ، وأَنْتُم لا تَعْرِفُونَهُ.
أَنَا أَعْرِفُهُ، لأَنِّي مِنْ عِنْدِهِ أَتَيْت، وهُوَ أَرْسَلَنِي».
فَكَانُوا يَطْلُبُونَ القَبْضَ عَلَيْه، ولكِنَّ أَحَدًا لَمْ يُلْقِ عَلَيْهِ يَدًا، لأَنَّ سَاعَتَهُ مَا كَانَتْ بَعْدُ قَدْ حَانَتْ.

القدّيس أوغسطينُس (354 - 430)، أسقف هيبّونا (إفريقيا الشماليّة) وملفان الكنيسة، عظات حول إنجيل القديس يوحنّا، العظة 31
«أَجَل، إِنَّكُم تَعرِفونَني وتعرفونَ مِن أَينَ أَنا»

 

"فرَفعَ يسوعُ صَوتَه وهُو يُعَلِّمُ في الهَيكَلِ قال: أَجَل، إِنَّكُم تَعرِفونَني وتعرفونَ مِن أَينَ أَنا. على أَنِّي ما جئتُ مِن نَفْسي فالَّذي أَرسَلني هو صادِق. ذاكَ الَّذي لا تَعرِفونَه أَنتُم". ممّا يعني: إنّكم تعرفونني ولا تعرفونني؛ أو بمعنى آخر: تعرفون من أين أتيت ولا تعرفون. تعرفون من أين أنا: أنا يسوع الناصري؛ كما تعرفون أهلي أيضًا. فالأمر الوحيد الّذي كان مَخفيًّا عنهم في هذا المجال هو ولادته من عذراء ... كانوا يعرفون عن الرّب يسوع كل ما يتعلّق بطبيعته البشريّة: مظهره، موطنه وعائلته ومكان ولادته. لقد كان الربّ محقًّا حين قال لهم: "إِنَّكُم تَعرِفونَني وتعرفونَ مِن أَينَ أَنا".
أمّا فيما يتعلّق بالطبيعة الإلهيّة، فقد قال لهم الرّب: "على أَنِّي ما جئتُ مِن نَفْسي فالَّذي أَرسَلني هو صادِق. ذاكَ الَّذي لا تَعرِفونَه أَنتُم". فحتّى تعرفوه، يجب أن تؤمنوا بمَن أرسله، حينئذٍ تتعرّفون إليه، لأنّ "اللهَ ما رآهُ أَحدٌ قطّ الابنُ الوَحيدُ الَّذي في حِضْنِ الآب هو الَّذي أَخبَرَ عَنه " (يو 1: 18)؛ كذلك: " فما مِن أَحَدٍ يَعرِفُ مَنِ الِابْنُ إِلاَّ الآب، ولا مَنِ الآبُ إِلاَّ الِابنُ ومَن شاءَ الِابنُ أَن يَكشِفَهُ لَه" (لو 10: 22).
"أَمَّا أَنا فَأَعرِفُه". اسألوني إذًا أن تتعرّفوا إليه... "لأَنِّي مِن عِندِه وهوَ الَّذي أَرسَلَني". قولٌ رائع يعبّر عن حقيقة مزدوجة...: الابن يأتي من الآب، وكلّ ما للابن يأتي من الذي انبثق الابن منه. لذلك، نؤمن بأنّ ربّنا يسوع المسيح هو "إلهٌ مِنْ إلَه" (قانون الإيمان)؛ أمّا الآب، فهو ليس إلهًا من إله، إنّما هو الله بكل بساطة. نؤمن أيضًا بأنّ ربّنا يسوع المسيح هو "نورٌ مِنْ نورٍ"، بينما نقول إنّ الآب هو النّور بكلّ بساطة. هذا ما قصده الربّ يسوع حين قال: "هوَ الَّذي أَرسَلَني".
 
 
1.7.5-   الخميس من أسبوع البيان ليوسف    -     إنجيل القدّيس يوحنّا 36-31:7   
 
    إنجيل القدّيس يوحنّا 36-31:7
 
آمَنَ بِيَسُوعَ مِنَ الجَمْعِ كَثِيرُون، وكَانُوا يَقُولُون: «عِنْدَمَا يَأْتِي المَسِيح، أَتُرَاهُ يَصْنَعُ آيَاتٍ أَكْثَرَ مِنَ الَّتِي صَنَعَهَا هذَا؟».
وَسَمِعَ الفَرِّيسَيُّونَ مَا كَانَ يَتَهَامَسُ بِهِ الجَمْعُ في شَأْنِ يَسُوع، فَأَرْسَلُوا هُمْ والأَحْبَارُ حَرَسًا لِيَقْبِضُوا عَلَيْه.
فَقَالَ لَهُم يَسُوع: «أَنَا مَعَكُم بَعْدُ زَمَنًا قَلِيلاً، ثُمَّ أَمْضِي إِلى مَنْ أَرْسَلَنِي.
سَتَطْلُبُونِي فَلا تَجِدُونِي، وحَيْثُ أَكُونُ أَنَا لا تَقْدِرُونَ أَنْتُم أَنْ تَأْتُوا».
فَقَالَ اليَهُودُ بَعْضُهُم لِبَعْض: «إِلى أَيْنَ يَنْوِي هذَا أَنْ يَذْهَب، فلا نَجِدَهُ نَحْنُ؟ هَلْ يَنْوِي الذَّهَابَ إِلى اليَهُودِ المُشَتَّتِينَ بِيْنَ اليُونَانيِّينَ، ويُعَلِّمُ اليُونَانيِّين؟
مَا هذِهِ الكَلِمَةُ الَّتِي قَالَهَا: سَتَطْلُبُونِي فَلا تَجِدُونِي، وحَيْثُ أَكُونُ أَنَا لا تَقْدِرُونَ أَنْتُم أَنْ تَأْتُوا؟».

 

«أَنا باقٍ مَعَكم وَقْتاً قليلاً ثُمَّ أَذهَبُ... أُمكُثْ مَعَنا، فقد حانَ المَساءُ ومالَ النَّهار»
القدّيس يوحنّا بولس الثاني (1920 - 2005)، بابا روما،
الرسالة العامّة "أُمكُثْ مَعَنا يا ربّ" (Mane nobiscum Domine)، الأعداد 1 + 2

 

"أُمكُثْ مَعَنا، فقد حانَ المَساءُ ومالَ النَّهار"(لو 24: 29). هذه هي الدعوة التي وجّهها تلميذا عِمّاوس للربّ يسوع المسيح مساء يوم القيامة. فقد كان الحزن يعصر قلبيهما، ولم يفهما أنّ المسافر الغريب هو الربّ يسوع المسيح القائم من الموت. ومع ذلك، فقد كان قلبهما "متّقدًا في داخلهما" حينما كان يفسّر لهما الكتب (لو 24: 32). واستطاع نورُ الكلمة أن يليّن قساوة القلب، فانفتح قلبهما وانفتحت "أعينهما" (لو 24: 31). ففي ظلام المساء وظلمة قلبهما، كان المسافر بمثابة قبس نور أحيا فيهما الرجاء والرغبة في النور الكامل. "فألَحَّا علَيه قالا: أُمكُثْ مَعَنا". فقَبِلَ. بعد قليل سيختفي وجه الربّ يسوع، لكنّه سيبقى تحت شكل الخبز المكسور الذي انفتحت أعينهما أمامه.

صورة تلميذيّ عماوس تساعدنا في هذا المسار الّذي تركّز فيه الكنيسة على سرّ الإفخارستيا. فالمسافر الإلهي يرافقنا في طرق حياتنا المليئة بالأحزان والقلق وجميع أنواع الإحباطات، ويفسّر لنا الكتب في ضوء سرّ الله. وعندما يكتمل اللقاء، يتبع نورَ الكلمة النورُ المنبثق من "خبز الحياة"، الذي يحقّق الربّ يسوع المسيح من خلاله وعدَه بأن يبقى معنا "طَوالَ الأَيَّامِ إِلى نِهايةِ العالَم" (مت 28: 20).

 
 
1.7.6-   يوم الجمعة من أسبوع البيان ليوسف    -     إنجيل القدّيس يوحنّا 44-37:7   
 
    إنجيل القدّيس يوحنّا 44-37:7
 
في آخِرِ أَيَّامِ العِيدِ وأَعْظَمِهَا (عيد المظال!)، وَقَفَ يَسُوعُ وهَتَفَ قَائِلاً: «إِنْ عَطِشَ أَحَدٌ فَلْيَأْتِ إِليَّ.
وَالمُؤْمِنُ بِي فَلْيَشْرَبْ، كَمَا قَالَ الكِتَاب: مِنْ جَوْفِهِ تَتَدَفَّقُ أَنْهَارُ مَاءٍ حَيّ».
قَالَ هذَا عَنِ الرُّوحِ الَّذِي كَانَ المُؤْمِنُونَ بِهِ مُزْمِعِينَ أَنْ يَقْبَلُوه. فَٱلرُّوحُ لَمْ يَكُنْ بَعْدُ قَدْ أُعْطِيَ، لأَنَّ يَسُوعَ لَمْ يَكُنْ بَعْدُ قَدْ مُجِّد.
وسَمِعَ أُنَاسٌ مِنَ الجَمْعِ كَلامَهُ هذَا، فَأَخَذُوا يَقُولُون: «حَقًّا، هذَا هُوَ النَّبِيّ».
وآخَرُونَ كَانُوا يَقُولُون: «هذَا هُوَ المَسِيح». لكِنَّ بَعْضَهُم كَانَ يَقُول: «وهَلْ يَأْتِي المَسِيحُ مِنَ الجَلِيل؟
أَمَا قَالَ الكِتَاب: يَأْتِي المَسِيحُ مِنْ نَسْلِ دَاوُد، ومِنْ بَيْتَ لَحْمَ قَرْيَةِ دَاوُد؟».
فَحَدَثَ شِقَاقٌ في الجَمْعِ بِسَبَبِهِ.
وكَانَ بَعْضٌ مِنْهُم يُريدُ القَبْضَ عَلَيْه، ولكِنَّ أَحَدًا لَمْ يُلْقِ عَلَيْهِ يَدًا.

 

«إِن عَطِشَ أَحَدٌ فليُقبِلْ إِلَيَّ» (يو 7: 37)
الطوباويّ جان فان روسبروك (1293 - 1381)، رئيس دير،
عظة

 

إنّ الدليل الأوّل على المحبّة، هو أنّ الرّب يسوع أعطانا جسده لنأكله ودمه لنشربه: هذا هو الأمر المدهش، الذي يتطلّب منّا إعجابًا وذهولاً. ميزة المحبّة هي العطاء الدائم والتلقّي الدائم. ومحبّة الرّب يسوع سخيّة ومتطلّبة في نفس الوقت. فهو يعطي كلّ ما لديه وكلّ ذاته؛ ويأخذ كلّ ما لدينا وكلّ ما نحن عليه.
لديه جوع كبير... كلّما تركنه محبتنا يعمل، كلّما تذوّقناه أكثر. لديه جوع كبير، لا يُشبَع. يعلم جيّدًا أنّنا فقراء، لكنّه لا يعير لهذا لأمر انتباهًا. يجعل هو نفسه خبزًا فينا، ساترًا بدايةً، في محبّته، ميولنا الشريرة وأخطاءَنا وخطايانا. ثمّ، عندما يرانا أنقياء، يصبح نَهِمًا ليأخذ حياتنا ويحوّلها إلى حياته، حياتنا المليئة بالخطايا، حياته المليئة بالنعمة والمجد، المجهَّزة لنا، فقط عندما نكفر بذاتنا (راجع مت 16: 24)... كلّ الذين يحبّون يفهمونني. إنّه يَهَبنا الجوع الأبديّ والعطش الأبديّ.
للتخلّص من هذا الجوع ومن هذا العطش، يقدّم الرّب جسده طعامًا ودمه شرابًا. عندما نتقبّلهما بتفانٍ داخليّ، فإنّ دمه المليء بالحرارة والمجد يجري من الله إلى أوردتنا. فتشتعل النار في أعماقنا، ويخترق الطَعمُ الروحيّ نفسَنا وجسدَنا، وذوقَنا ورغبتنا. يجعلنا نتشبّه بفضائله؛ يحيا فينا ونحيا فيه.
 
 
1.7.7-   السبت من أسبوع البيان ليوسف    -     إنجيل القدّيس يوحنّا 53-45:7   
 
    إنجيل القدّيس يوحنّا 53-45:7
 
عَادَ الحَرَس، فَقَالَ لَهُمُ الأَحْبَارُ والفَرِّيسِيُّون: «لِمَاذَا لَمْ تَجْلُبُوا يَسُوع؟».
أَجَابَ الحَرَس: «مَا تَكَلَّمَ إِنْسَانٌ يَوْمًا مِثْلَ هذَا الإِنْسَان!».
فَأَجَابَهُمُ الفَرِّيسِيُّون: «أَلَعَلَّكُم أَنْتُم أَيْضًا قَدْ ضُلِّلْتُم؟
وهَلْ آمَنَ بِهِ أَحَدٌ مِنَ الرُّؤَسَاءِ أَوِ الفَرِّيسيِّين؟
لكِنَّ هذَا الجَمْعَ، الَّذي لا يَعْرِفُ التَّوْرَاة، هُوَ مَلْعُون!».
قَالَ لَهُم نِيقُودِيْمُوس، وَهُوَ أَحَدُهُم، ذَاكَ الَّذي جَاءَ إِلى يَسُوعَ مِنْ قَبْلُ:
«وهَلْ تَدِينُ تَوْرَاتُنَا الإِنْسَانَ قَبْلَ أَنْ تَسْمَعَهُ وتَعْرِفَ مَا يَفْعَل؟».
أَجَابُوا وقَالُوا لَهُ: «أَلَعَلَّكَ أَنْتَ أَيْضًا مِنَ الجَليل؟ إِبْحَثْ وَٱنْظُرْ أَنَّهُ لا يَقُومُ نَبِيٌّ مِنَ الجَلِيل!».
ثُمَّ مَضَى كُلُّ وَاحِدٍ إِلى بَيْتِهِ.

 

«أَخُدِعْتُم أَنتُم أَيضاً؟»
الطّوباوي تيطُس برندسما (1881 - 1942)، راهب كرمليّ هولنديّ وشهيد،
دعوة إلى عيش البطولة في الإيمان والمحبة

 

نعيش في عالم يدين الحبّ معتبرًا إيّاه ضعفًا لا بد من تخطّيه. يقول البعض: "الحبّ لا قيمة له، فعلينا بدلاً من ذلك أن نطوّر إمكانياتنا ونفعّل قوانا. ليزداد القويّ قوّة وليهلك الضعيف!" ويقولون أيضًا بأن الديانة المسيحيّة مع عظاتها حول المحبّة أصبحت من الماضي... هكذا يأتونكم بهذه العقائد ويجدون بينكم من يعتنقونها بطيبة خاطر. إنّ الحبّ مجهول: "الحبّ غير محبوب" هذا ما كان يقوله القديس فرنسيس الأسيزي في زمانه. وبعد بضعة قرون في فلورنسا، كانت القدّيسة ماري مادلين دي بازي تقرع أجراس ديرها في الكرمل من أجل أن يدرك العالم كم أنّ الحبّ جميل! أنا أيضًا أريد أن أقرع الأجراس لأقول للعالم كم هو جميل أن نحبّ!
تستطيع الوثنيّة الجديدة (النازية) نبذ الحبّ، غير أنّ التاريخ يعلّمنا أن الغلبة للحبّ. فلا يجب أن نتخلّى عنه إذ بواسطته سنربح قلوب هؤلاء الوثنيّين. إنّ الطبيعة أقوى من الفلسفة. عندما تحكم الفلسفة على الحبّ وتزدريه وتنعته بالضعف، تجدّد الشهادة الحيّة للحُبّ قوّته دائمًا من أجل استمالة وأسر قلوب البشر.
 
 
1.8.1-   أحد النسبة    -     إنجيل القدّيس متّى 17-1:1   
 
    إنجيل القدّيس متّى 17-1:1
 
«كِتَابُ ميلادِ يَسُوعَ المَسِيح، إِبنِ دَاوُد، إِبْنِ إبْرَاهِيم:
إِبْرَاهِيمُ وَلَدَ إِسْحق، إِسْحقُ وَلَدَ يَعْقُوب، يَعْقُوبُ وَلَدَ يَهُوذَا وإِخْوَتَهُ،
يَهُوذَا وَلَدَ فَارَصَ وزَارَحَ مِنْ تَامَار، فَارَصُ وَلَدَ حَصْرُون، حَصْرُونُ وَلَدَ آرَام،
آرَامُ وَلَدَ عَمِينَادَاب، عَمِينَادَابُ وَلَدَ نَحْشُون، نَحْشُونُ وَلَدَ سَلْمُون،
سَلْمُونُ وَلَدَ بُوعَزَ مِنْ رَاحَاب، بُوعَزُ وَلَدَ عُوبِيدَ مِنْ رَاعُوت، عُوبِيدُ وَلَدَ يَسَّى،
يَسَّى وَلَدَ دَاوُدَ المَلِك. دَاوُدُ وَلَدَ سُلَيْمَانَ مِنِ ٱمْرَأَةِ أُوْرِيَّا،
سُلَيْمَانُ وَلَدَ رَحَبْعَام، رَحَبْعَامُ وَلَدَ أَبِيَّا، أَبِيَّا وَلَدَ آسَا،
آسَا وَلَدَ يُوشَافَاط، يُوشَافَاطُ وَلَدَ يُورَام، يُورَامُ وَلَدَ عُوزِيَّا،
عُوزِيَّا وَلَدَ يُوتَام، يُوتَامُ وَلَدَ آحَاز، آحَازُ وَلَدَ حِزْقِيَّا،
حِزْقِيَّا وَلَدَ مَنَسَّى، مَنَسَّى وَلَدَ آمُون، آمُونُ وَلَدَ يُوشِيَّا،
يُوشِيَّا وَلَدَ يُوكَنِيَّا وإِخْوَتَهُ، وكانَ السَّبْيُ إِلى بَابِل.
بَعْدَ السَّبْيِ إِلى بَابِل، يُوكَنِيَّا وَلَدَ شَأَلْتِيئيل، شأَلْتِيئيلُ وَلَدَ زُرُبَّابِل،
زُرُبَّابِلُ وَلَدَ أَبِيهُود، أَبيهُودُ وَلَدَ إِليَاقِيم، إِليَاقِيمُ وَلَدَ عَازُور،
عَازُورُ وَلَدَ صَادُوق، صَادُوقُ وَلَدَ آخِيم، آخِيمُ وَلَدَ إِلِيهُود،
إِلِيهُودُ وَلَدَ إِلِيعَازَر، إِلِيعَازَرُ وَلَدَ مَتَّان، مَتَّانُ وَلَدَ يَعْقُوب،
يَعْقُوبُ وَلَدَ يُوسُفَ رَجُلَ مَرْيَم، الَّتي مِنْهَا وُلِدَ يَسُوع، وهُوَ الَّذي يُدْعَى المَسِيح.
فَجَميعُ الأَجْيَالِ مِنْ إِبْرَاهيمَ إِلى دَاوُدَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ جِيلاً، ومِنْ دَاوُدَ إِلى سَبْيِ بَابِلَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ جِيلاً، ومِنْ سَبْيِ بَابِلَ إِلى المَسِيحِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ جيلاً.

 

«تبارك إله ربّنا يسوع المسيح... اختارنا قبل إنشاء العالم» (أف 1: 3-4)
القدّيس لاوُن الكبير (؟ - نحو 461)، بابا روما وملفان الكنيسة،
العظة الثالثة عن الميلاد

 

يرتبط تسجّد الكلمة، كلمة الله بالماضي كما بالمستقبل؛ ولم يُحرم أيّ جيل، مهما كان قديمًا، من سرّ خلاص البشر. فما بشّر به الرسل هو ما أعلنه الأنبياء، ولا يمكننا القول إنّ ما آمن به البشر في كلّ زمان حدث في وقت متأخّر. بتأجيل عمل الخلاص، جعلنا الله، بفائض حكمته وطيبته، أكثر استعدادًا للاستجابة لدعوته... بفضل إعلاناته القديمة والمتكرّرة.
ليس صحيحًا أنّ الله استجاب لشؤون البشر بتغيير مخطّطته ونتيجة رحمة متأخّرة؛ منذ إنشاء العالم، رسم للجميع طريقًا واحدًا للخلاص. فإنّ نعمة الله التي بها بُرِّر كلّ القدّيسين نَمَت ولم تبدأ بولادة الرّب يسوع المسيح. كان سرّ الحبّ الكبير الذي ملأ العالم أجمع الآن عظيمًا في علاماته السبّاقة؛ ومَن آمن به عند الوعد استفاد كما من تلقّاه عند منحه.
يا أحبّائي، أُفيضت ثروات نعمة الله علينا بمحبّة أكيدة. ونحن المدعوّين إلى الأبديّة، لا تدعمنا فقط أمثلة الماضي، بل رأينا أيضًا ظهور الحقيقة بذاتها بشكل مرئي وجسدي. لذا، علينا أن نحتفل بيوم ميلاد الربّ بفرح عارم ليس من هذا العالم... بفضل نور الرُّوح القدس، تعرّفوا على مَن تلقّانا فيه وتلقّيناه فينا: لأنّه كما أخذ الربّ يسوع جسدنا بميلاده، أخدنا نحن بدورنا جسده بولادتنا من جديد... اقترح علينا الله مثال عطفه واتّضاعه... فلنكن على مثال الربّ في اتّضاعه، إذا أردنا أن نتشبّه به في مجده. هو سيساعدنا وسيقودنا إلى تحقيق ما وعد به.
 
 
1.8.2-   الاثنين من أسبوع النسبة    -     إنجيل القدّيس يوحنّا 11-1:8   
 
    إنجيل القدّيس يوحنّا 11-1:8
 
مَضَى يَسُوعُ  إِلى جَبَلِ الزَّيْتُون.
وعِنْدَ الفَجْر، عَادَ إِلى الهَيْكَل. وكَانَ الشَّعْبُ كُلُّهُ يَأْتِي إِلَيْه، فَجَلَسَ يُعَلِّمُهُم.
وأَتَاهُ الكَتَبَةُ والفَرِّيسِيُّونَ بِٱمْرَأَةٍ أُمْسِكَتْ وهِي تَزْنِي، وأَقَامُوهَا في الوَسَط،
وقَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّم، هذِهِ المَرْأَةُ أُمْسِكَتْ فِي زِنًى مَشْهُود.
وفِي التَّوْرَاة، أَوْصَانَا مُوسَى بِرَجْمِ أَمْثَالِهَا. وأَنْتَ، فَمَاذَا تَقُول؟».
قَالُوا هذَا لِيُجَرِّبُوه، فَيَكُونَ لَهُم مَا يَشْكُونَهُ بِهِ. أَمَّا يَسُوعُ فَأَكَبَّ يَخُطُّ بِإِصْبَعِهِ على الأَرْض.
ولَمَّا ٱسْتَمَرُّوا يَسْأَلُونَهُ، وَقَفَ وقَالَ لَهُم: «مَنْ هُوَ فِيكُم بِلا خَطِيئَة، فَلْيَبْدَأْ ويَرْمِهَا بِحَجَر!».
ثُمَّ أَكَبَّ وعَادَ يَخُطُّ عَلى الأَرْض.
ولَمَّا سَمِعُوا، بَدَأُوا يَخْرُجُونَ وَاحِدًا فَوَاحِدًا، وكِبَارُ السِّنِّ أَوَّلاً. وبَقِيَ يَسُوعُ وَحْدَهُ، والمَرْأَةُ قَائِمَةٌ في الوَسَط.
فَوَقَفَ يَسُوعُ وقَالَ لَهَا: «يَا ٱمْرَأَة، أَيْنَ هُم؟ أَمَا دَانَكِ أَحَد؟».
قَالَتْ: «لا أَحَد، يَا سَيِّد». فَقَالَ لَهَا يَسُوع: «ولا أَنَا أَدِينُكِ. إِذْهَبِي، ولا تَعُودِي تَخْطَإينَ بَعْدَ الآن».

 

«وأَنا لا أَحكُمُ علَيكِ. إِذهَبي ولا تَعودي إِلى الخَطيئة»
سمعان اللاهوتيّ الحديث (حوالى 949 - 1022)، راهب يونانيّ وقدّيس في الكنائس الأرثوذكسيّة،
النشيد 45

 

يا ربّي، يا من تحبّ أن تغفر للبشر، يا خالقي
اجعل بهاء نورك الصعب إدراكه يكبر فيّ
لكي يملأ قلبي فرحًا
لا تتضايق، لا تتخلَّ عنّي!
ولكن اجعل نفسي متوهّجة بنورك،
لأنّ نورك، ربّي، هو أنت...
لقد ابتعدت عن الطريق القويم، عن الطريق الإلهيّ،
ووقعت ببأسٍ عن المجد الّذي أُعطي لي.
لقد سُرق منّي ثوب الضياء، الثوب الإلهيّ،
ووقعت في الظلمات، وأنا مدفونٌ الآن في الظلمات،
ولست عارف بأنّي محرومٌ من النور...
فإن كنت قد أشرقت من عَلُ، وظهرت في الظلمة،
وأتيتَ إلى العالم، يا رحوم،
وإن أردت أن تعيش بين البشر،
بحسب حالتنا، بحبٍ للإنسان،
وإن... قلت عن نفسك أنّك نور العالم (راجع يو 8: 12)
ورغم كل هذا لم نرك نحن،
أليس لأنّنا عميان بالكامل،
وأتعس من عميان، يا ربّي يسوع؟
لكن أنتَ، الّذي هو كلّ الخيرات، وتعطيها دون انقطاع
لخدّامك، الّذين يرون نوركَ...
من يمتلكك، يمتلك فيك كلّ شيء.
ليتني لا أُحرم منك، يا ربيّ! ليتني لا أُحرم منك، يا خالقي!
ليتني لا أُحرم منك، يا رحوم، أنا الغريب الوضيع...
أرجوك، اجعلني معك،
حتّى ولو فاقت خطاياي خطايا جميع البشر.
اقبل صلاتي كما قبلت صلاة العشّار (راجع لو 18: 13)،
كما قبلت صلاة الزانية، يا ربّ، حتّى ولو لم أبك مثلها (راجع لو 7: 38).
 
 
1.8.3-   الثلاثاء من أسبوع النسبة    -     إنجيل القدّيس يوحنّا 20-12:8   
 
    إنجيل القدّيس يوحنّا 20-12:8
 
قالَ الرَبُّ يَسُوع (للكتبة والفرّيسيّين): «أَنَا هُوَ نُورُ العَالَم. مَنْ يَتْبَعُنِي فَلَنْ يَمْشِيَ في الظَّلام، بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الحَيَاة».
فَقَالَ لَهُ الفَرِّيسِيُّون: «أَنْتَ تَشْهَدُ لِنَفْسِكَ، فَشَهَادَتُكَ غَيْرُ صَادِقَة».
أَجَابَ يَسُوعُ وقَالَ لَهُم: «وإِنْ أَشْهَدْ أَنَا لِنَفْسِي فَشَهَادَتِي صَادِقَة، لأَنِّي أَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ أَتَيْتُ وإِلى أَيْنَ أَذْهَب. أَمَّا أَنْتُم فَلا تَعْلَمُونَ مِنْ أَيْنَ آتِي، ولا إِلى أَيْنَ أَذْهَب.
أَنْتُم كَبَشَرٍ تَدِينُون، وأَنَا لا أَدِينُ أَحَدًا.
وإِنْ كُنْتُ أَنَا أَدينُ فَدَيْنُونَتِي حَقٌّ هِيَ، لأَنِّي لَسْتُ وَحْدِي، بَلْ أَنَا والآبُ الَّذِي أَرْسَلَنِي.
لَقَدْ كُتِبَ فِي تَوْراتِكُم أَنَّ شَهَادَةَ ٱثْنَينِ هِيَ صَادِقَة.
فَأَنَا الشَّاهِدُ لِنَفْسِي، ويَشْهَدُ لِيَ الآبُ الَّذي أَرْسَلَنِي».
فَقَالُوا لَهُ: «أَيْنَ أَبُوك؟». أَجَابَ يَسُوع: «لَسْتُم تَعْرِفُونِي أَنَا، ولا أَبِي، ولَو عَرَفْتُمُونِي لَعَرَفْتُم أَبِي أَيْضًا».
قَالَ يَسُوعُ هذَا الكَلام، وهُوَ يُعَلِّمُ فِي الهَيْكَل، عِنْدَ خِزَانَةِ المَال، ومَا قَبَضَ عَلَيْهِ أَحَد، لأَنَّ سَاعَتَهُ مَا كَانَتْ بَعْدُ قَدْ حَانَتْ.

القدّيس أوغسطينُس (354 - 430)، أسقف هيبّونا (إفريقيا الشماليّة) وملفان الكنيسة، عظات حول إنجيل القدّيس يوحنا، العظة 35
نورُ العالم



إنّ كلمات الربّ: "أَنَا هُوَ نُورُ العَالَم" واضحة، برأيي، لأولئك الذين لديهم عيونٌ يستطيعون من خلالها أن يتأمّلوا هذا النور. ولكن يتفاجأ مَن ليس لديهم سوى عيون الجسد بقول الربّ يسوع المسيح "أَنَا هُوَ نُورُ العَالَم". ومنهم مَن قد يذهب بتساؤله إلى القول: ألا يكون المسيح تلك الشمس التي تحدّد النهار بشروقها وغروبها؟ كلاّ، إنّ الربّ يسوع المسيح ليس تلك الشمس المخلوقة، إنّما هو خالقها. "بِه كانَ كُلُّ شَيء وبِدونِه ما كانَ شَيءٌ مِمّا كان" (راجع يو 1: 3). فهو إذًا النور الذي خلق النور الذي نراه. فلنحبّ هذا النور، ولنفهمه ولنرغب فيه، كي نصل يومًا ما إليه، لنجعله يوجّهنا فنعيش فيه للأبد...
إذًا يا إخوتي، أنتم ترون، إذا كانت لديكم عيونٌ ترى خفايا الروح، النور الذي قال عنه الربّ: "مَنْ يَتْبَعُنِي فَلَنْ يَمْشِيَ في الظَّلام"... اتبع شمس العالم هذه لنرى إن كنت لن تمشي في الظلام!! فها هي تشرق وتأتي إليك، فإذا مشيت خلفها، متّبعًا مسارها، فهي ستقودك نحو الغرب... لذلك عليك أنت أن تمشي نحو الشمس الساطعة التي لا تغرب وهي الرّب يسوع المسيح.
 
 
1.8.4-   الأربعاء من أسبوع النسبة    -     إنجيل القدّيس يوحنّا 24-21:8   
 
    إنجيل القدّيس يوحنّا 24-21:8
 
قالَ الرَبُّ يَسُوع (للكتبة والفرّيسيّين): «أَنَا أَمْضِي، وتَطْلُبُونِي وتَمُوتُونَ في خَطِيئَتِكُم. حَيْثُ أَنَا أَمْضِي لا تَقْدِرُونَ أَنْتُم أَنْ تَأْتُوا».
فَأَخَذَ اليَهُودُ يَقُولُون: «أَتُراهُ يَقْتُلُ نَفْسَهُ؟ فَإِنَّهُ يَقُول: حَيْثُ أَنَا أَمْضِي لا تَقْدِرُونَ أَنْتُم أَنْ تَأْتُوا!».
ثُمَّ قَالَ لَهُم: «أَنْتُم مِنْ أَسْفَل، وأَنَا مِنْ فَوْق. أَنْتُم مِنْ هذَا العَالَم، وأَنَا لَسْتُ مِنْ هذَا العَالَم.
لِذلِكَ قُلْتُ لَكُم: سَتَمُوتُونَ في خَطَايَاكُم. أَجَل، إِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا أَنِّي أَنَا هُوَ تَمُوتُوا فِي خَطَايَاكُم».

 

«أَنا ذاهِب سَتَطلُبونني ومعَ ذلك تَموتونَ في خَطيئَتِكم وحَيثُ أَنا ذاهِبٌ فَأَنتُم لا تَستَطيعونَ أَن تَأتوا»
أوريجينُس (نحو 185 - 253)، كاهن ولاهوتيّ،
شرح لإنجيل القدّيس يوحنّا

 

"أَنا ذاهِب سَتَطلُبونني ومعَ ذلك تَموتونَ في خَطيئَتِكم وحَيثُ أَنا ذاهِبٌ فَأَنتُم لا تَستَطيعونَ أَن تَأتوا"... عندما تكلّم الرّب بهذه الطّريقة، أراد أن يهدّد اليهود بأنّه سوف يذهب بعيدًا منهم. إما فيما يخصّنا نحن، فإنّ الرّب لن يذهب بعيدًا عنّا طالما حافظنا على بذور الحقيقة الّتي زرعها الرّب في أنفسنا؛ ولكن حينما يحصل العكس ويدخل فساد الشرّ إلى أنفسنا بعد سقوطنا في الخطيئة فإنّ الرّب سيقول لنا: "أَنا ذاهِب"، وسوف نقوم بالبحث عنه دون أن نتمكّن من إيجاده وسوف نموت في خطيئتنا لأنّ الموت بنفسه سيكون ممسكًا بنا.
يجب علينا ألاّ نأخذ بخفّة هذا الكلام: "ومعَ ذلك تَموتونَ في خَطيئَتِكم". فإن أخذنا هذا الكلام بالمعنى الحرفي فهذا يعني بالتّأكيد أنّ الخطأة سوف يموتون بخطيئتهم كما أن الأبرار سوف يموتون ببرّهم. لكن إذا سمعنا هذه الكلمات: "سوف تموتون" بالموت الّذي يصيب من يرتكب خطيئة مميتة فإنّه من الواضح أنّ من توجّه الرّب إليهم بهذا الكلام لم يكونوا أمواتًا بعد إنّما يحيون مصابين بعاهات روحيّة كبيرة سوف تقودهم إلى الموت. لذا ها هو الطبيب، وبعدما رأى خطورة مرضهم، يقول لهم "ومعَ ذلك تَموتونَ في خَطيئَتِكم" وهذا ما يجعل مفهومًا الكلام الّذي تلاها: "وحَيثُ أَنا ذاهِبٌ فَأَنتُم لا تَستَطيعونَ أَن تَأتوا" لأنّ الذي يموت بخطيئته لا يستطيع الّذهاب حيث هو الرّب يسوع لأن جميع من هم أموات لا يستطيعون اتّباع الرّب يسوع على حسب ما جاء في المزمور: " لَيسَ الأَمْواتُ يُسَبِّحونَ الرَّبّ" (مز 115[114]: 17)
 
 
1.8.5-   الخميس من أسبوع النسبة    -     إنجيل القدّيس يوحنّا 30-25:8   
 
    إنجيل القدّيس يوحنّا 30-25:8
 
قالَ اليَهُودُ لِيَسُوع: «أَنْتَ، مَنْ أَنْت؟». قَالَ لَهُم يَسُوع: «أَنَا هُوَ مَا أَقُولُهُ لَكُم مُنْذُ البَدء.
لِي كَلامٌ كَثِيرٌ أَقُولُهُ فِيكُم وأَدِينُكُم. لكِنَّ الَّذي أَرْسَلَنِي صَادِق. ومَا سَمِعْتُهُ أَنَا مِنْهُ، فَهذَا أَقُولُهُ لِلْعَالَم».
ولَمْ يَعْرِفُوا أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُهُم عَنِ الآب.
ثُمَّ قَالَ لَهُم يَسُوع: «عِنْدَمَا تَرْفَعُونَ ٱبْنَ الإِنْسَان، تَعْرِفُونَ حِينَئِذٍ أَنِّي أَنَا هُوَ، وَأَنِّي لا أَعْمَلُ شَيْئًا مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي، بَلْ كَمَا عَلَّمَنِي الآبُ أَتَكَلَّم.
والَّذي أَرْسَلَنِي هُوَ مَعِي، ومَا تَرَكَنِي وَحْدِي، لأَنِّي أَعْمَلُ دَومًا مَا يُرْضِيه».
وفيمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ بِهذَا، آمَنَ بِهِ كَثِيرُون.

 

«متى رَفَعتُمُ ابْنَ الإِنسان عَرَفتُم أَنِّي أَنا هو»
القدّيسة تيريزيا - بينيديكت الصليب (إيديث شتاين) (1891 - 1942)، راهبة كرمليّة وشهيدة وشفيعة أوروبا،
تأمّل بمناسبة عيد ارتفاع الصليب بتاريخ 14/ 09/ 1939

 

ها هو المخلّص معلّق أمامك على الصليب لأنّه "وَضَعَ نَفسَهُ، وَأَطاعَ حَتّى ٱلمَوت، مَوتِ ٱلصَّليب" (في 2: 8)... ها هو مخلّصك معلّق أمامك على الصَّليب، عريان ومُهان لأنّه اختار الفقر... ها هو مخلّصك معلّق أمامك على الصَّليب وقلبه مفتوح. لقد سكب دم قلبه لكي يفوز بقلبك. إن أردت اتباعه بالعفّة المقدّسة، عليك أن تطهّر قلبك من كلّ رغبة دنيويّة... وها هما ذراعَيّ المصلوب تمتدّان لتضمَّاك إلى قلبه. هو يريد حياتك ليعطيك حياته. سلامٌ عليك، يا أيّها الصليب المقدّس، أنت رجاؤنا الوحيد!
إنّ العالم يحترق... لكن فوق ألسنة اللّهب يرتفع الصليب الذي لا يمكن لشيء أن يُحرقه. هو جسر العبور من الأرض إلى السماء. مَن يقبّله بإيمان وحبّ ورجاء، يحمله الصليب إلى قلب الثالوث. إنّ العالم يحترق. هل تشعر بضرورة إخماد ألسنة اللّهب؟ ارفع ناظرَيك نحو الصليب. ومن القلب المفتوح ينسكب دم المخلّص، هذا الدم الذي يُطفئ نار الجحيم. حرّر قلبك... فيمتلئ حبًّا إلهيًّا يفيض ويحمل ثمارًا تنتشر في أصقاع الأرض.
هل تسمعين أنين الجرحى في ساحات المعارك؟ أنتِ لست طبيبًا ولا ممرّضة ولا يمكنكِ مداواة جراحاتهم. أنتِ منعزلة داخل غرفة ديرِك ولا يمكنِك الوصول إليهم. هل تسمعين صراخ الذين يحتضرون؟ قد ترغبين في أن تكوني كاهنًا للوقوف إلى جانبهم. هل أنتِ حزينة لحزن الأرامل واليتامى؟ قد ترغبين في أن تكوني ملاكًا معزّيًا يطير إلى إغاثتهم. ارفعي ناظريك نحو المصلوب. فإن كنت خطيبة له واحترمت عهودك، فإنّ دمه الثمين سيصبح دمك أنت أيضًا. وإن ارتبطت به، سوف تتواجدين في كلّ مكان تمامًا كما أنّه متواجد في كلّ مكان. هو ليس هنا أو هناك مثل الطبيب أو الممرّضة أو الكاهن، بل إنّه في كلّ مكان وعلى كلّ الجبهات وكلّ بقعة تخيّم عليها التّعاسة... سوف تكونين موجودة بفعل قوّة الصليب...
ها إنّ ناظرَيّ المصلوب تقعان عليكِ: هما يسألانك ويبحثان في داخلك. هل أنت مستعدّة للارتباط مجدّدًا بالمصلوب؟ بمَ ستجيبين؟ "يا ربّ، إِلى مَن نَذهَب وكَلامُ الحَياةِ الأَبَدِيَّةِ عِندَك؟" (يو 6: 68). سلام عليك يا أيّها الصليب المقدّس، أنت رجاؤنا الوحيد!
 
 
1.8.6-   يوم الجمعة من أسبوع النسبة    -     إنجيل القدّيس يوحنّا 47-44:12   
 
    إنجيل القدّيس يوحنّا 47-44:12
 
قَالَ الرَبُّ يَسُوع: «مَنْ يُؤْمِنُ بِي فَمَا بِي يُؤْمِن، بَلْ بِمَنْ أَرْسَلَنِي.
ومَنْ يَرَانِي يَرَى مَنْ أَرْسَلَنِي.
أَنَا جِئْتُ نُورًا إِلى العَالَم، لِكَي لا يَبْقَى في الظَّلامِ كُلُّ مُؤْمِنٍ بِي.
فَمَنْ سَمِعَ أَقْوَالِي ولَمْ يَحْفَظْهَا، فَأَنَا لا أَدِينُهُ، لأَنِّي مَا جِئْتُ لأَدِينَ العَالَم، بَلْ لأُخَلِّصَ العَالَم.
 
 
1.8.7-   السبت من أسبوع النسبة    -     إنجيل القدّيس يوحنّا 50-48:12   
 
    إنجيل القدّيس يوحنّا 50-48:12
 
قالَ الرَبُّ يَسُوع: «مَنْ يَرْذُلُنِي، ولا يَقْبَلُ أَقْوَالِي، فَلَهُ دَيَّانُهُ: أَلْكَلِمَةُ الَّتِي قُلْتُهَا هِيَ تَدِينُهُ في اليَوْمِ الأَخير؛
لأَنِّي مَا تَكَلَّمْتُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي، بَلِ الآبُ الَّذي أَرْسَلَنِي هُوَ أَوْصَانِي بِمَا أَقُولُ وَبِمَا أَتَكَلَّم.
وأَنَا أَعْلَمُ أَنَّ وَصِيَّتَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّة. ومَا أَتَكَلَّمُ بِهِ، فَكَمَا قَالَ لِيَ الآبُ، هكَذَا أَنَا أَتَكَلَّم».

 

«مَن آمَنَ بي لم يُؤمِنْ بي أَنا بل بالَّذي أَرسَلَني»
الكاردينال شارل جورنيه (1891 - 1975)، لاهوتيّ،
محاضرات ألقيت في جنيف من 1972 وحتى 1974 حول  الإنجيل بحسب القديس يوحنا

 

إنّ الأقانيم الإلهيّة شفّافين بين بعضهم البعض. إنّهم مثل السُبحة: إن أخذتم واحدًا من الأقانيم الإلهيّة، سوف تسحبون الإثنين الآخرَين معه. من المستحيل أن تمسكوا الآب دون ارتباطه بالابن. فالأبوّة هي بالضبط ما يشكّل شخصيّته، ولكن لا يمكن أن يكون الآب من دون الإبن. ومن ثمّ، فمن المستحيل للآب والإبن، في حبّهما المتبادل، ألّا ينبثق منهما الرُّوح. إذًا، هناك كلمة يستخدمها اللاهوتيّون لهذا، إنّهم يتحدّثون عن الاتّحاد الوثيق بحركة محبّة متواصلة بين الأقانيم الإلهيّة. هناك كلمة – تجعل الأمر أكثر وضوحًا -إنّ الأقانيم الإلهيّة شفّافين بين بعضهم البعض. عندما تتوجّهون إلى واحد منهم، يكون الاثنان الآخَران هنا، باللشفافيّة، وأنتم تتوجّهون إليهما؛ إنّهم متميّزون، لكنّهم شفّافون لبعضهم البعض. إذًا، عندما قال الرّب يسوع: "الكَلِمَةُ الَّتي تَسمَعونَها لَيسَت كَلِمَتي بل كَلِمَةُ الآبِ الَّذي أَرسَلَني" (يو 14: 24)، فهذا صحيح؛ وهذا الكلام هو أيضًا كلامه الّذي قَبِله مِن الآب.
لقد أتى الابن من السماء في الطبيعة الإنسانيّة، ليقول لنا كلمات تعود إلى شخصه وإلى شخص الآب. لقد تلقّى كلّ كيانه من الآب، والآب هو مَن يكلّمنا من خلاله، هو الحاضر في وسطنا في جسده.
لذلك، لدينا الثالوث الذي يأتي إلينا عن طريق التجسّد هذا، صوت حنان الله هذا الآتي بيننا ليكلّمنا، ليس من مسافة من أعلى السماء، بل يكلّمنا بصوت بشريّ، بلغة بشريّة، لغة شعب صغير، الآراميّة، لغة كانت مَحكيّة بالقرب من بلاد ما بين النهرين ومن تلك المناطق.
 
 
1.9.1-   عيد ميلاد الربّ يسوع بحسب الجسد    -     إنجيل القدّيس لوقا 20-1:2   
 
    إنجيل القدّيس لوقا 20-1:2
 
في تِلْكَ الأَيَّام، صَدَرَ أَمْرٌ مِنْ أَغُوسْطُسَ قَيْصَرَ بِإِحْصَاءِ كُلِّ المَعْمُورَة.
جَرَى هذا الإِحْصَاءُ الأَوَّل، عِنْدَمَا كانَ كِيرينيُوسُ والِيًا على سُورِيَّا.
وكانَ الجَمِيعُ يَذهَبُون، كُلُّ واحِدٍ إِلى مَدِينَتِهِ، لِيَكْتَتِبوا فِيهَا.
وَصَعِدَ يُوسُفُ أَيضًا مِنَ الجَلِيل، مِنْ مَدينَةِ النَّاصِرَة، إِلى اليَهُودِيَّة، إِلى مَدينَةِ دَاوُدَ الَّتي تُدْعَى بَيْتَ لَحْم، لأَنَّهُ كَانَ مِن بَيْتِ دَاوُدَ وعَشِيرَتِهِ،
لِيَكْتَتِبَ مَعَ مَرْيَمَ خِطِّيبَتِهِ، وهِيَ حَامِل.
وفِيمَا كانَا هُنَاك، تَمَّتْ أَيَّامُهَا لِتَلِد،
فوَلَدَتِ ٱبنَهَا البِكْر، وَقَمَّطَتْهُ، وأَضْجَعَتْهُ في مِذْوَد، لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَوْضِعٌ في قَاعَةِ الضُّيُوف.
وكانَ في تِلْكَ النَّاحِيَةِ رُعَاةٌ يُقِيمُونَ في الحُقُول، ويَسْهَرُونَ في هَجَعَاتِ اللَّيْلِ على قُطْعَانِهِم.
فإِذَا بِمَلاكِ الرَّبِّ قَدْ وقَفَ بِهِم، ومَجْدُ الرَّبِّ أَشْرَقَ حَولَهُم، فَخَافُوا خَوفًا عَظِيمًا.
فقالَ لَهمُ المَلاك: «لا تَخَافُوا! فَهَا أَنَا أُبشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ يَكُونُ لِلشَّعْبِ كُلِّهِ،
لأَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ ٱليَوْمَ مُخَلِّص، هُوَ ٱلمَسِيحُ الرَّبّ، في مَدِينَةِ دَاوُد.
وهذِهِ عَلامَةٌ لَكُم: تَجِدُونَ طِفْلاً مُقَمَّطًا، مُضْجَعًا في مِذْوَد!».
وٱنْضَمَّ فَجْأَةً إِلى المَلاكِ جُمْهُورٌ مِنَ الجُنْدِ السَّمَاوِيِّ يُسَبِّحُونَ ٱللهَ ويَقُولُون:
أَلمَجْدُ للهِ في العُلَى، وعَلى الأَرْضِ السَّلام، والرَّجَاءُ الصَّالِحُ لِبَني البَشَر.
ولَمَّا ٱنْصَرَفَ ٱلمَلائِكةُ عَنْهُم إِلى السَّمَاء، قالَ الرُّعَاةُ بَعْضُهُم لِبَعْض: «هيَّا بِنَا، إِلى بَيْتَ لَحْم، لِنَرَى هذَا ٱلأَمْرَ الَّذي حَدَث، وقَد أَعْلَمَنا بِهِ الرَّبّ».
وجَاؤُوا مُسْرِعِين، فوَجَدُوا مَرْيمَ ويُوسُف، والطِّفْلَ مُضْجَعًا في المِذْوَد.
ولَمَّا رَأَوْهُ أَخبَرُوا بِالكَلامِ الَّذي قِيلَ لَهُم في شَأْنِ هذَا الصَّبِيّ.
وجَمِيعُ الَّذِينَ سَمِعُوا، تعَجَّبُوا مِمَّا قَالَهُ لَهُمُ الرُّعَاة.
أَمَّا مَرْيَمُ فَكَانَتْ تَحْفَظُ هذِهِ الأُمُورَ كُلَّهَا، وتتَأَمَّلُهَا في قَلْبِهَا.
ثُمَّ عَادَ الرُّعَاةُ وهُمْ يُمَجِّدُونَ اللهَ ويُسَبِّحُونَهُ على كُلِّ ما سَمِعُوا ورأَوا، حَسَبَما قِيْلَ لَهُم.

 

«وأَشرَقَ مَجدُ الرَّبِّ حَولَهم»
القدّيس بِرنَردُس (1091 - 1153)، راهب سِستِرسيانيّ وملفان الكنيسة،
العظة الخامسة للعشيّة الميلاديّة

 

لقد كان الظلام يلفّ العالم بأسره قبل إشراق النور الحقيقي، أي قبل ميلاد الرّب يسوع المسيح؛ كذلك كان الظلام يخيّم في كلّ واحد منّا، قبل اهتدائنا وتجدّدنا الداخلي. ألم يكن الليل الأكثر سوادًا والظلام الأكثر كثافة على وجه الأرض حين كان آباؤنا يعبدون الآلهة الزائفة؟... ألم يكن ليلاً مظلمًا آخر فينا حين كنّا نعيش بدون الله في هذا العالم، متمسّكين بشهواتنا وبمغريات هذا العالم، ومرتكبين أعمالاً نخجل منها اليوم كما الكثير من أعمال الظلمة؟
لكنّكم الآن قد خرجتم من سباتكم وتقدّستم وأصبحتم جَميعًا أَبناء النور وأَبناء النهار، وليس أبناء الليل والظُّلُمات" (راجع 1تس5: 5)... غدًا، سوف ترون مجد الله فيكم. اليوم، جعل الابن نفسه من أجلنا عدالة آتية من الله؛ غدًا، سيتجلّى حياةً لنا، كي نظهر معه في المجد. اليوم، ولد لنا طفل لكي يمنعنا من الارتفاع بالمجد الباطل ولكي يحوّلنا، من خلال التوبة، إلى أطفال صغار (راجع مت 18: 3). غدًا، سوف يظهر بعظمته لكي يدعونا إلى التسبيح ولكي نستطيع أن نتمجّد حين يعطي الله لكلّ واحد منّا مجده... "نَحنُ نَعلَمُ أَنَّنا نُصبِحُ عِندَ ظُهورِه أَشباهَه لأَنَّنا سَنَراه كما هو" (1يو3: 2). "فنَحنُ اليومَ نَرى في مِرآةٍ رُؤَيةً مُلتَبِسة" (1كور13: 12)، ولا نراه بوضوح. اليوم، هو يستقبل ما يصدر عنّا. لكن غدًا، سوف نراه فينا حين يعطينا ما يصدر عنه، وحين يظهر نفسه كما هو بذاته ويأخذنا ليرفعنا نحوه.
 
 
1.9.2-   عيد تهنئة العذراء مريم أم الله    -     إنجيل القدّيس لوقا 55-46:1   
 
    إنجيل القدّيس لوقا 55-46:1
 
قالَتْ مَرْيَم: «تُعَظِّمُ نَفسِيَ الرَّبّ،
وتَبْتَهِجُ رُوحِي بِٱللهِ مُخَلِّصِي،
لأَنَّهُ نَظرَ إِلى تَواضُعِ أَمَتِهِ. فَهَا مُنْذُ الآنَ تُطَوِّبُنِي جَمِيعُ الأَجْيَال،
لأَنَّ القَدِيرَ صَنَعَ بي عَظَائِم، وٱسْمُهُ قُدُّوس،
ورَحْمَتُهُ إِلى أَجْيَالٍ وأَجْيَالٍ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَهُ.
صَنَعَ عِزًّا بِسَاعِدِهِ، وشَتَّتَ المُتَكبِّرينَ بأَفْكَارِ قُلُوبِهِم.
أَنْزَلَ المُقْتَدِرينَ عنِ العُرُوش، ورَفَعَ المُتَواضِعِين.
أَشْبَعَ الجِيَاعَ خَيْرَاتٍ، وصَرَفَ الأَغْنِياءَ فَارِغِين.
عَضَدَ إِسْرائِيلَ فَتَاهُ ذَاكِرًا رَحْمَتَهُ،
لإِبْراهِيمَ ونَسْلِهِ إِلى الأَبَد،كمَا كلَّمَ آبَاءَنا».

 

«تُعَظِّمُ الرَّبَّ نَفْسي وَتَبتَهِجُ روحي بِٱللهِ مُخَلِّصي»
القدّيس أمبروسيوس (نحو 340 - 379)، أسقف ميلانو وملفان الكنيسة،
شرح لإنجيل القدّيس لوقا 2: 26-27

 

فلتسكنْ نَفْسُ مريم في الجميع حتّى نعظّم الربّ؛ فلتسكنْ نفس مريم في الجميع حتّى نبتهج بالله. إن لم يكن للرّب يسوع المسيح سوى والدة واحدة بحسب الجسد، فإنّ الرّب يسوع المسيح هو ثمرة الجميع بالإيمان، لأنّ كلّ نفس تستطيع استقبال كلمة الله، شريطة أن تبقى من دون وصمة، وأن تحافظ على طهارتها في نقاوة لا تتغيّر. إنّ كلّ نفس تصل إذًا إلى هذا الحالة تعظّم الربّ، كما عظّمت نفس مريم الربّ وكما ابتهجت روحها بالله المخلّص.
الربّ إذًا معظّم، كما قرأتم في مكان آخر: "عظّموا الربّ معي تعظيمًا" (مز 34[33]: 4). لا لأنّ الكلام البشريّ قد يضيف شيئًا على الربّ، بل لأنّه يكبر فينا. لأنّ "المسيح هو صورة الله" (2كور 4: 4)، وبالتالي فإنّ النفس التي تقوم بعمل صالح روحيّ تعظّم صورة الله هذه، التي على مثالها خلقت. كذلك عندما تعظّم هذه النفس صورة الربّ، تشارك نوعًا ما بعظمته وترتفع؛ وبهذا يبدو كأنّها تعيد في نفسها نسج هذه الصورة بالألوان البرّاقة التي تشعّ من أعمالها الحسنة وتنقلها نوعًا ما بفضائلها.
 
 
1.9.3-    عيد استشهاد القدّيس إسطفانوس أوّل الشهداء (27 كانون الاول)     -     إنجيل القدّيس متّى 2-1:24.39-29:23    
 
    إنجيل القدّيس متّى 2-1:24.39-29:23
 
قالَ الربُّ يَسوعُ: «أَلوَيلُ لَكُم، أَيُّهَا الكَتَبَةُ والفَرِّيسِيُّونَ المُراؤُون! لأَنَّكُم تَبْنُونَ قُبُورَ الأَنْبِيَاء، وتُزَيِّنُونَ مَدَافِنَ الأَبْرَار،
وتَقُولُون: لَو كُنَّا في أَيَّامِ آبَائِنَا لَمَا شَارَكْنَاهُم في دَمِ الأَنْبِيَاء.
فَأَنْتُم تَشْهَدُونَ على أَنْفُسِكُم أَنَّكُم أَبْنَاءُ قَتَلَةِ الأَنْبِيَاء.
فَٱمْلأُوا أَنْتُم أَيْضًا كَيلَ آبَائِكُم!
أَيُّهَا الحَيَّاتُ نَسْلُ الأَفَاعِي! كَيْفَ تَهْرُبُونَ مِنْ دَيْنُونَةِ جَهَنَّم؟
لِذلِكَ هَا أَنَا أُرْسِلُ إِلَيكُم أَنْبِيَاءَ وحُكَمَاءَ وكَتَبَة، فَتَقْتُلُونَ بَعْضَهُم وتَصْلِبُون، وتَجْلِدُونَ بَعْضَهُم في مَجَامِعِكُم، وتُطَارِدُونَهُم مِنْ مَدينَةٍ إِلى مَدِيْنَة،
حَتَّى يَقَعَ عَلَيْكُم كُلُّ دَمٍ زَكِيٍّ سُفِكَ على الأَرْض، مِنْ دَمِ هَابِيلَ البَارِّ إِلى دَمِ زَكَرِيَّا بْنِ بَرَكِيَّا، الَّذي قَتَلْتُمُوهُ بَيْنَ المَقْدِسِ والمَذْبَح.
أَلحَقَّ أَقُولُ لَكُم: سَيَقَعُ كُلُّ ذلِكَ عَلى هذَا الجِيل!
أُورَشَليم، أُورَشَليم، يَا قَاتِلَةَ الأَنْبِيَاء، ورَاجِمَةَ المُرْسَلِيْنَ إِلَيْهَا! كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ أَوْلادَكِ كَمَا تَجْمَعُ الدَّجَاجَةُ فِرَاخَهَا تَحْتَ جَنَاحَيْهَا، ولَمْ تُريدُوا!
هُوَذَا بَيتُكُم يُتْرَكُ لَكُم خَرابًا!
فَإِنِّي لأَقُولُ لَكُم: لَنْ تَرَوْني مِنَ الآنَ إِلى أَنْ تَقُولُوا: مُبَارَكٌ الآتي بِٱسْمِ الرَّبّ!».
وخَرَجَ يَسُوعُ مِنَ الهَيْكَلِ ومَضَى. فَدَنَا مِنهُ تَلامِيذُهُ يُلْفِتُونَ نَظَرَهُ إِلى أَبْنِيَةِ الهَيْكَل.
فَأَجَابَ وقَالَ لَهُم: «أَلا تَنْظُرونَ هذَا كُلَّهُ؟ أَلحَقَّ أَقُولُ لَكُم: لَنْ يُتْرَكَ هُنَا حَجَرٌ عَلى حَجَرٍ إِلاَّ ويُنْقَض».

القدّيسة تيريزيا - بينيديكت الصليب (إيديث شتاين) (1891 - 1942)، راهبة كرمليّة وشهيدة وشفيعة أوروبا، تأمّل بتاريخ 6 كانون الثّاني / يناير 1941
القدّيس إسطفانس قدّم حياته، كالذّهب، إلى الرّب يسوع

 

إننا نرى القدّيس إسطفانس قريبًا من المخلّص الحديث الولادة. ولكن ما الذي منح موقع الشرف هذا إلى أول من قدّم للمصلوب شهادة الدم؟ يعود ذلك لكون القدّيس إسطفانس قد حقّق في حرارة شبابه ما أعلن عنه الربّ "عندَ دُخولِهِ العالَمَ: لكِنَّكَ أَعدَدتَ لي جَسَدًا... هاءَنَذا آتٍ، أَللَّهُمَّ لأَعمَلَ بمَشيئَتِكَ" (عب 10: 5 + 7). فهو مارس طاعة كاملة تجد جذورها متأصلة في المحبة وتُظهر نفسها بالمحبّة.
لقد سار إسطفانس على خُطى الرّب لجهة أنه حقق ما يبدو مستحيلًا حتى، لا بل على الأرجح ما هو الأصعب على قلب الإنسان: فعلى غرار المخلّص نفسه حقّق وصية محبة الأعداء. فالطفل في المزود الذي نزل بيننا ليحقق إرادة أبيه حتى الموت على الصليب، يرى بالرُّوح جميع الذين سيلحقون به على هذا السبيل. فأحبّ هذا الشاب اليانع، وسوف ينتظر السّاعة الّتي فيها سيضعه بالقرب من عرش الآب، حيث سيكون أوّل من يحمل سُعفة النخل. أما يده الصغيرة فتُظهره نموذجًا، وكأنه يقول لنا: أنظروا إلى الذّهب الذي أنتظره منكم.
 
 
1.9.4-    تذكار سجود المجوس للطفل يسوع (28 كانون الاول)     -     إنجيل القدّيس متّى 12-1:2    
 
    إنجيل القدّيس متّى 12-1:2
 
لَمَّا وُلِدَ يَسُوعُ في بَيْتَ لَحْمِ اليَهُودِيَّة، في أَيَّامِ المَلِكِ هِيرُودُس، جَاءَ مَجُوسٌ مِنَ المَشْرِقِ إِلى أُورَشَلِيم،
وهُم يَقُولُون: «أَيْنَ هُوَ المَوْلُودُ مَلِكُ اليَهُود؟ فَقَدْ رَأَيْنَا نَجْمَهُ في المَشْرِق، فَجِئْنَا نَسْجُدُ لَهُ ».
ولَمَّا سَمِعَ المَلِكُ هِيرُودُسُ ٱضْطَرَبَ، وٱضْطَرَبَتْ مَعَهُ كُلُّ أُورَشَلِيم.
فَجَمَعَ كُلَّ الأَحْبَارِ وكَتَبَةِ الشَّعْب، وسَأَلَهُم: « أَيْنَ يُولَدُ المَسيح؟».
فَقَالُوا لَهُ: «في بَيْتَ لَحْمِ اليَهُودِيَّة، لأَنَّهُ هكَذَا كُتِبَ بِٱلنَّبِيّ:
وأَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمُ، أَرْضَ يَهُوذَا، لَسْتِ الصُّغْرَى بَيْنَ رُؤَسَاءِ يَهُوذَا، فَمِنْكِ يَخْرُجُ رَئِيسٌ يَرْعَى شَعْبِي إِسْرَائِيل».
حِينَئِذٍ دَعَا هِيرُودُسُ المَجُوسَ سِرًّا، وتَحَقَّقَ مِنْهُم زَمَنَ ظُهُورِ النَّجْم.
ثُمَّ أَرْسَلَهُم إِلى بَيْتَ لَحْمَ وقَال: «إِذْهَبُوا وٱبْحَثُوا جَيِّدًا عَنِ الصَّبِيّ. فَإِذَا وَجَدْتُمُوه، أَخْبِرُونِي لأَذْهَبَ أَنَا أَيْضًا وأَسْجُدَ لَهُ».
ولَمَّا سَمِعُوا كَلامَ المَلِكِ ٱنْصَرَفُوا، وإِذَا النَّجْمُ الَّذي رَأَوْهُ في المَشْرِقِ عَادَ يَتَقَدَّمُهُم، حَتَّى بَلَغَ المَوْضِعَ الَّذي كَانَ فيهِ الصَّبِيّ، وتَوقَّفَ فَوْقَهُ.
فَلَمَّا رَأَوا النَّجْمَ فَرِحُوا فَرَحًا عَظِيمًا جِدًّا.
ودَخَلُوا البَيْتَ فَرأَوا ٱلصَّبِيَّ مَعَ مَرْيَمَ أُمِّهِ، فَجَثَوا لَهُ سَاجِدِين. ثُمَّ فَتَحُوا كُنُوزَهُم وقَدَّمُوا لَهُ هَدَايَا، ذَهَبًا وبَخُورًا ومُرًّا.
وأُوْحِيَ إِلَيْهِم في الحُلْمِ أَلاَّ يَرْجِعُوا إِلى هِيرُودُس، فَعَادُوا إِلى بِلادِهِم عَنْ طَرِيقٍ آخَر.

 

«وَدخَلوا الَبيتَ فرأَوا الطِّفلَ مع أُمِّه مَريم. فجَثَوا له ساجِدين»
للقدّيس رافاييل أرناييز بارون (1911 – 1938)، راهب ترابيست إسباني،
كتابات روحيّة بتاريخ 06/ 01/ 1937

 

سجود الملوك: أقوياء هذا العالم أَحنوا رؤوسهم أمام مهدٍ وضيع لطفل. أتوا بذَهَبٍ وبخورٍ ومرٍّ من الشرق؛ كان في قلوبهم قلق، وعلى ثيابهم غبار الطرق التي سافروا فيها ليلاً، وقد قادهم النّجم إلى ههنا. "أَينَ مَلِكُ اليهودِ الَّذي وُلِد؟ فقَد رأَينا نَجمَه في المَشرِق، فجِئْنا لِنَسجُدَ لَه". مضت مئات السنين على ذلك الحدث، سار خلالها العديد من النفوس في طرقات الأرض مثل المجوس من الشرق، وباستمرار ما زالوا يسألون وهم يمرّون: "أَرأيتم مَن تُحِبُّه نَفْسي؟" (نش 3: 3). هي أيضاً نجمة من نور تلك التي وهي تضيء طريقنا، تقودنا إلى تواضع مذود، وتُظهِر لنا ما أخرجَنا "خارج أسوار المدينة" (راجع عب 13: 13؛ لو 16: 27). إنّها تُبَيّن لنا إلهاً يفتقر إلى كلّ شيء بالرّغم من أنّه سيّد كلّ الأشياء. تُظهِر لنا أنّ خالق نور الشمس وحرارتها يعاني من البرد؛ وترينا أنّ الذي أتى إلى العالم بسبب حبّه للبشر قد نُسي من قِبَلِهم.
الآن أيضاً، كما في ذلك الحين، هناك نفوس تسعى إلى الله... للأسف، لا يستطيع الجميع إيجاده؛ لا ينظر الجميع إلى النجم الذي هو الإيمان. فإنهم لا يجرؤون على أن يغامروا على هذه الطرقات التي تؤدّي إليه، وهي التواضع، نكران الذات، التضحية، وفي أغلب الأحيان الصليب...
تلك الليلة، عندما كنت في الجوقة تذكّرت، عن غير قصد، أيّام طفولتي، بيتي، والملوك، لكنّ ثوبي الرهبانيّ كان يقول لي شيئاً آخر: كالمجوس، أنا أيضاً جئت أبحث عن مذود. أنا لم أعد طفلاً يجب إعطاؤه لُعَباً: الأحلام هي الآن أكبر وليست من هذه الحياة. أحلام العالم، مثل لعب الأطفال، تمنح السعادة عندما ننتظرها، ولكن بعد ذلك لا تضحي كلّها إلّا ورقاً مقوّى فقط. أحلام السماء - حلم يدوم مدى الحياة ولا يُخيِّب بعد ذلك. كم كانت عودة المجوس سعيدة، بعد رؤيتهم الله! أنا أيضا سوف أراه، إنّها ليست سوى مسألة انتظار قليل. سوف يأتي الصباح قريباً، ومعه النور. كم ستكون صحوة سعيدة!
 
 
1.9.5-    تذكار الهرب بالربّ يسوع إلى مصر وقتل أطفال بيت لحم  (29 كانون الاول)      -     إنجيل القدّيس متّى 18-13:2    
 
    إنجيل القدّيس متّى 18-13:2
 
بَعْدَمَا ٱنْصَرَفَ المَجُوس، تَرَاءَى مَلاكُ الرَّبِّ في الحُلْمِ لِيُوسُف، وقَالَ لَهُ: «قُمْ، خُذِ ٱلصَّبِيَّ وأُمَّهُ، وَٱهْرُبْ إِلى مِصْر، وٱبْقَ هُنَاكَ إِلى أَنْ أَقُولَ لَكَ، لأَنَّ هِيرُودُسَ مُزْمِعٌ أَنْ يَبْحَثَ عَنِ الصَّبِيِّ لِيُهْلِكَهُ».
فقَامَ يُوسُفُ وأَخَذَ ٱلصَّبِيَّ وأُمَّهُ لَيْلاً، ولَجَأَ إِلى مِصْر.
وبَقِيَ هُنَاكَ حَتَّى مَاتَ هِيرُودُس، لِيَتِمَّ مَا قَالَهُ الرَّبُّ بِالنَّبِيّ: «مِنْ مِصْرَ دَعَوْتُ ٱبْنِي».
ولَمَّا رَأَى هِيرُودُسُ أَنَّ المَجُوسَ سَخِرُوا مِنْهُ غَضِبَ جِدًّا. وأَرْسَلَ فَقَتَلَ جَمِيعَ الصِّبْيَانِ في بَيْتَ لَحْمَ وضَواحِيها، مِنِ ٱبْنِ سَنَتَيْنِ فَمَا دُون، بِحَسَبِ الزَّمَنِ الَّذي تَحَقَّقَهُ مِنَ المَجُوس.
حِينَئِذٍ تَمَّ مَا قِيلَ بِالنَّبِيِّ إِرْمِيَا:
صَوْتٌ سُمِعَ في الرَّامَة، بُكَاءٌ وَنَحِيبٌ كَثِير. رَاحِيلُ تَبْكِي أَوْلادَهَا، وقَدْ أَبَتْ أَنْ تَتَعَزَّى، لأَنَّهُم زَالُوا مِنَ الوُجُود.

 

«فلَمَّا رأَى هيرودُسُ أَنَّ المَجوسَ سَخِروا مِنه، استَشاطَ غَضَباً وأَرسَلَ فقَتلَ كُلَّ طِفلٍ في بَيتَ لحمَ وجَميعِ أَراضيها»
للقدّيس بطرس خريزولوغُس (نحو 406 - 450)، أسقف رافينا وملفان الكنيسة،
العظة 152



إلى أين تقود الغيرة؟... الجريمة المرتكبة اليوم تظهره لنا: فالخوف من منافس على الملكوت الأرضيّ قد ملأ هيرودس بالحزن؛ فقرّر أن يقتل "مَلِكَ اليهودِ الَّذي وُلِد" (مت 2: 2(، الملك الأزليّ؛ لقد حارب خالقه وقتل الأبرياء... ما الخطأ الّذي ارتكبه هؤلاء الأطفال؟ لقد كانت ألسنتهم خرساء، ولم تَرَ عيونهم شيئًا، ولم تسمع آذانهم شيئًا، ولم تفعل أيديهم شيئًا. لقد تلقَّوا الموت، اولئك الّذين لم يعرفوا الحياة... إنّ الرّب يسوع المسيح يرى المستقبل ويعرف أسرار القلوب، ويحكم على الأفكار ويستقصي النوايا (راجع مز 139[138]: 1-4) : لماذا تركهم إذًا؟... لماذا أهمل الملك السماويّ الّذي ولد للتوّ، رفاقه الأبرياء، فترك الحرّاس في مكانهم حول مزوده، حتّى أنّ العدوّ الّذي أراد أن يصل إلى الملك دمّر كلّ جيشه؟
يا إخوتي، لم يترك الرّب يسوع المسيح جنوده، ولكنّه ملأهم فخرًا عندما أعطاهم أن ينتصروا قبل أن يعيشوا، وأن ينتصروا قبل أن يحاربوا... لقد أرادهم أن يمتلكوا السماء بأفضليّة عن الأرض...، لقد أرسلهم أمامه مثل الأبطال. لم يتركهم: لقد خلّص حرّاسه، ولم ينسهم...
طوبى لأولئك الّذين بدّلوا أعمالهم بالراحة، الأوجاع بالعلاج، الآلام بالفرح. إنّهم أحياء، إنّهم أحياء، ويعيشون بحقّ، أولئك الّذين عانوا الموت من أجل الرّب يسوع المسيح... طوبى لتلك الدموع الّتي أراقتها الأمّهات من أجل هؤلاء الأطفال: لقد أردن لهنّ نعمة المعموديّة... فلنرجُ أن يقبل ذاك الّذي تنازل واستراح في مزود أن يقودنا نحن أيضًا نحو المراعي السماويّة.
 
1.9.6-    اليوم السادس للميلاد     -     إنجيل القدّيس متّى 23-19:2    
 
    إنجيل القدّيس متّى 23-19:2
 
مَا إِنْ مَاتَ هِيرُودُسُ حَتَّى تَرَاءَى مَلاكُ الرَّبِّ في الحُلْمِ لِيُوسُف، وهُوَ في مِصْر،
وقَالَ لَهُ: «قُمْ، خُذِ ٱلصَّبِيَّ وأُمَّهُ، وٱذْهَبْ إِلى أَرْضِ إِسْرَائِيل، فَقَدْ مَاتَ مَنْ كَانُوا يَطْلُبُونَ نَفْسَ الصَّبِيّ».
فقَامَ يُوسُف، وأَخَذَ الصَّبِيَّ وأُمَّهُ، وجَاءَ إِلى أَرْضِ إِسْرَائِيل.
ولكِنْ لَمَّا سَمِعَ أَنَّ أَرخِيلاوُسَ يَمْلِكُ عَلى اليَهُودِيَّةِ خَلَفًا لأَبِيهِ هِيرُودُس، خَافَ أَنْ يَذْهَبَ إِلى هُنَاك. وأُوحِيَ إِليْهِ في الحُلْمِ فَلَجَأَ إِلى نَواحِي الجَلِيل.
ومَضَى فَسَكَنَ مَدِينَةً تُدْعَى النَّاصِرَة، لِيَتِمَّ مَا قِيلَ بِالأَنْبِيَاء: «إِنَّهُ سَيُدْعَى نَاصِرِيًّا».

 

«وصارَ على مِثالِ البَشَر» (في 2: 7)
للقدّيس يوحنّا بولس الثاني (1920 - 2005)، بابا روما، المقابلة العامة بتاريخ 29/ 12/ 1993

 

مباشرة بعد ولادة الرّب يسوع، انتقل العنف المجانيّ الذي هدّد حياته ليطال عائلات أخرى، مسبّبًا موت الأطفال القدّيسين الأبرياء. من خلال التذكير بهذه المحنة المريعة التي عاشها ابن الله والأطفال من العمر نفسه، تجد الكنيسة نفسها مدعوّة إلى الصلاة على نيّة جميع العائلات المهدّدة من الداخل أو من الخارج... إنّ عائلة الناصرة المقدّسة هي بمثابة تحدٍّ دائم لنا وهي تجبرُنا على التعمّق في سرّ "الكنيسة البيتيّة" وفي كلّ عائلة بشريّة. إنّها بمثابة حافز لنا يحثّنا على الصلاة من أجل العائلات ومع العائلات، وعلى المشاركة في كلّ ما يبعث الفرح والأمل، لكن الهموم والقلق أيضًا.
في الواقع، إنّ الخبرة العائليّة مدعوّة لتصبح تقدمة يوميّة، كعطيّة مقدّسة وذبيحة ممتعة بنظر الربّ. كما أنّ إنجيل تقدمة الرّب يسوع إلى الهيكل يخبرنا بذلك أيضًا حيث أنّ الرّب يسوع، "النُور الّذي يَتَجَلَّى لِلأمم والآيَة المُعَرَّضة لِلرَّفْض"(راجع لو 2: 32 + 34) يرغب في استقبال هذه التقدمة من كلّ عائلة، كما يستقبل الخبز والخمر في الإفخارستيّا. كما يودّ توحيد الخبز والخمر المخصّصَين للتحوّل إلى جسده ودمه مع كلّ الآمال والأفراح الإنسانيّة، وأيضًا مع كلّ العذابات المحتّمة والهموم الخاصّة بحياة كلّ عائلة، من خلال حملهم في سرّ جسده ودمه. إنّ الرّب يسوع يقدّم لاحقًا جسده ودمه في المناولة كمصدر للطاقة الروحيّة، لا لكلّ فرد على حدا فقط، لكن أيضًا لكلّ عائلة.
فلتُساعدْنا عائلة الناصرة المقدّسة على فهم أعمق لدعوة كلّ عائلة تجد في يسوع المسيح مصدرًا لكرامتها ولقداستها.
 
 
1.9.7-    اليوم السابع للميلاد     -     إنجيل القدّيس يوحنّا 18-1:1    
 
    إنجيل القدّيس يوحنّا 18-1:1
 
في البَدْءِ كَانَ الكَلِمَة، والكَلِمَةُ كَانَ مَعَ الله، وكَانَ الكَلِمَةُ الله.
كانَ الكَلِمَةُ هذَا في البَدْءِ معَ الله.
كُلُّ شَيءٍ بِهِ كُوِّن، وبِغَيْرِهِ مَا كُوِّنَ أَيُّ شَيء.
كُلُّ مَا كُوِّنَ بِهِ كَانَ حَيَاة، والحَيَاةُ كَانَتْ نُورَ النَّاس،
والنُّورُ في الظُّلْمَةِ يَسْطَع، والظُّلْمَةُ لَمْ تَقْوَ عَلَيْه.
كَانَ إِنْسَانٌ مُرْسَلٌ مِنْ عِنْدِ الله، إِسْمُهُ يُوحَنَّا.
جَاءَ يُوحَنَّا هذَا لِلشَّهَادَة، لِيَشْهَدَ لِلنُّور، فَيُؤْمِنَ الجَمِيعُ عَلى يَدِهِ.
مَا كَانَ هُوَ النُّور، بَلْ جَاءَ يَشْهَدُ لِلنُّور،
لأَنَّ النُّورَ الحَقيقيّ، الَّذي يُنيرُ كُلَّ إِنْسان، كانَ آتِيًا إِلى العَالَم.
في العَالَمِ كَانَ الكَلِمَة، والعَالَمُ بِهِ كُوِّن، والعَالَمُ مَا عَرَفَهُ.
إِلى بَيْتِهِ جَاء، وأَهْلُ بَيْتِهِ مَا قبِلُوه.
أَمَّا كُلُّ الَّذينَ قَبِلُوه، وَهُمُ المُؤمِنُونَ بِٱسْمِهِ، فَقَدْ أَعْطَاهُم سُلْطَانًا أَنْ يَصيرُوا أَولادَ الله،
هُمُ الَّذين، لا مِنْ دَمٍ، ولا مِنْ رَغْبَةِ جَسَد، ولا مِنْ مَشيئةِ رَجُل، بَلْ مِنَ اللهِ وُلِدُوا.
والكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وسَكَنَ بَيْنَنَا، ورَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْدَ ٱبْنٍ وَحيد، آتٍ مِنَ الآب، مَلآنَ نِعْمَةً وحَقًا.
لَهُ يَشْهَدُ يُوحَنَّا، وقَدْ هَتَفَ قَائِلاً: «هذَا هُوَ الَّذي قُلْتُ فِيه: إِنَّ الآتي ورَائِي قَدْ صَارَ قُدَّامي، لأَنَّهُ كَانَ قَبْلي».
أَجَل، مِنْ مِلْئِهِ نَحْنُ كُلُّنَا أَخَذْنَا نِعْمَةً تِلْوَ نِعْمَة.
عَلى يَدِ مُوسَى أُعْطِيَتِ التَّوْرَاة، وعَلى يَدِ يَسُوعَ المَسِيحِ صَارَتِ النِّعْمَةُ والحَقّ.
أَللهُ مَا رَآهُ أَحَدٌ البَتَّة: أَلٱبْنُ الوَحِيدُ الله، الكَائِنُ في حِضْنِ الآب، هُوَ الَّذي أَخْبَرَ عَنْهُ.

 

«والكَلِمَةُ صارَ بَشَرًا فسَكَنَ بَينَنا»
للطوباويّ يوحنّا هنري نِيومَن (1801 - 1890)، كاهن ومؤسّس جماعة دينيّة ولاهوتيّ،
عظة بعنوان: التّجسّد، PPS, t. 2, n°3

 

"في البَدءِ كانَ الكَلِمَة"، ابن الله الوحيد. قبل أن تتكوّن العوالم، قبل أن يكون هناك زمانً، كان في حضن الآب الأزليّ، إله من إله ونور من نور، مباركٌ إلى أبعد حد في المعرفة الّتي عنده من الآب وبالمعرفة الّتي كانت لدى الآب عنه، متلقيًّا منه كلّ كمال إلهيّ ولكن دائمًا واحد مع ذلك الّذي ولده. هكذا كتب الإنجيليّ يوحنّا في بدء إنجيله: "في البَدءِ كانَ الكَلِمَة والكَلِمَةُ كانَ لَدى الله والكَلِمَةُ هوَ الله."...

كان باستطاعته في الحقيقة عند سقوط الإنسان، أن يبقى في المجد الّذي لديه مع الآب قبل خلق العالم. لكن هذا الحبّ، الّذي لا يُسبر والّذي ظهر منذ بدء الخليقة، كان غير راضٍ بأن يرى صُنع يديه يُتلف. هذا ما جعله ينزل من حضن الآب ليتمّم إرادته ويُصلح الشر الّذي سبّبته الخطيئة. في غفرانٍ رائع، أتى متسربلاً الضعف لا القوّة، "مُتَّخِذًا صُورةَ العَبْد وصارَ على مِثالِ البَشَر وظَهَرَ في هَيئَةِ إِنْسانٍ" ساقطٍ (في 2: 7) متمّمًا تصميمه على انتشاله. هكذا تواضع، معانيًا كلّ عاهات طبيعتنا، شبيهًا بجسدنا الخاطئ، "فَقَدِ امتُحِنَ في كُلِّ شَيءٍ مِثْلَنا ما عَدا الخَطِيئَة" (عب 4: 14)، فهو مُنَزَّه من كلّ خطأ ولكن معرّض للتجربة، وفي النهاية "وضَعَ نَفْسَه وأَطاعَ حَتَّى المَوت مَوتِ الصَّليب" (في 2: 8).
هكذا أصبح ابن الله ابن الإنسان – مائت ولكن غير خاطئ؛ وارثًا عاهاتنا لا خطيئتنا؛ ابن الذريّة القديمة ولكنّه "بدء خليقة الله الجديدة" (راجع رؤ 3: 14). مريم، أمّه... اختيرت لتُعطي طبيعة بشريّة لذاك الّذي هو خالقها. هكذا أتى إلى العالم، ليس على سُحب السماء، بل مولودًا هنا في الأسفل، مولودًا من امرأة؛ هو، ابن مريم، وهي، أمّ الله... هو حقًّا إله وإنسان، ولكن شخص واحد...، مسيحٌ واحد.
 
 
فهرس بحسب الرزنامة الطقسية المارونية        -        الانجيل اليومي بحسب التقويم الماروني
زمن الميلاد او المجيء   زمن الغطاس او الدنح   زمن التذكارت   زمن الصوم الكبير   أسبوع الآلام   زمن القيامة والصعود   زمن العنصرة   زمن الصليب
 أسبوع تقديس البيعة
 أسبوع تجديد البيعة
 أسبوع بشارة زكريّا
 أسبوع بشارة العذراء
 أسبوع زيارة العذراء
 أسبوع مولد يوحنّا
 أسبوع البيان ليوسف
 أسبوع النسبة
 عيد ميلاد الربّ يسوع
 عيد تهنئة العذراء مريم
 ألاسبوع الاول من الميلاد
to enlarge
 
 أحد وجود يسوع في الهيكل
 ايام قبل عيد الدنح
 عيد الدنح
 تذكار مديح يوحنّا المعمدان
 الاسبوع الاول  بعد الدنح
 الاسبوع الثاني  بعد الدنح
 الاسبوع الثالث بعد الدنح
 الاسبوع الرابع بعد الدنح
to enlarge
 
 أحد الكهنة الراقدين
 أسبوع الكهنة الراقدين
 أحد الأبرار والصدّيقين
 أسبوع الأبرار والصدّيقين
 أحد الموتى المؤمنين
 أسبوع الموتى المؤمنين
to enlarge
 
 أحد مدخل الصوم الكبير
 اثنين الرماد
 الاسبوع الاول
 الاسبوع الثاني
 الاسبوع الثالث
 الاسبوع الرايع
 الاسبوع الخامس
 الاسبوع السادس
 أحد الشعانين
to enlarge
 
 أحد الشعانين
 بداية اسبوع الآلام
 خميس الأسرار
 يوم الجمعة العظيمة
 سبت النور
 أحد القيامة الكبير
to enlarge
 
 أحد القيامة الكبير
 أسبوع الحواريّين
 الاسبوع الثاني
  الاسبوع الثالث
 الاسبوع الرايع
 الاسبوع الخامس
الاسبوع السادس
 الاسبوع السابع
to enlarge
 
 أحد العنصرة
 الاسبوع الاول
 الاسبوع الثاني
 الاسبوع الثالث
 الاسبوع الرايع
 الاسبوع الخامس
 الاسبوع السادس
 الاسبوع السابع
 الاسبوع الثامن
 الاسبوع التاسع
 الاسبوع العاشر
 الاسبوع الحادي عشر
 الاسبوع الثاني عشر
 الاسبوع الثالث عشر
 الاسبوع الرابع عشر
 الاسبوع الخامس عشر
 الاسبوع السادس عشر
 
 ارتفاع الصليب المقدّس
 الاسبوع الاول
 الاسبوع الثاني
 الاسبوع الثالث
 الاسبوع الرايع
 الاسبوع الخامس
 الاسبوع السادس
 الاسبوع السابع
to enlarge
 
  النصوص مأخوذة من الترجمة الليتُرجيّة المارونيّة - إعداد اللجنة الكتابيّة التابعة للجنة الشؤون الليتورجيّة البطريركيّة المارونيّة (طبعة ثانية – 2007) © pure software code - Since 2003