الإنجيل اليوميّ     -      يا ربّ، إِلى مَن نَذهَب وكَلامُ الحَياةِ الأَبَدِيَّةِ عِندَك ؟ (يوحنا 6: 68) التقويم الماروني
        3-    زمن التذكارت
3.1-   اسبوع الأحبار والكهنة الراقدين
3.2-   اسبوع الأبرار والصدّيقين
3.3-   اسبوع الموتى المؤمنين
  الرئيسية  

 
 

الإنجيل اليومي   -     التقويم الماروني  

 

شرح \ تقيم

3.1.1- أحد الأحبار والكهنة الراقدين       
                                          إنجيل القدّيس لوقا 48-42:12
  «مَن تُراهُ الوَكيلَ الأَمينَ العاقِلَ الَّذي يُقيمُه سَيِّدُه على خَدَمِه لِيُعطِيَهم وَجبَتَهُم مِنَ الطَّعامِ في وَقْتِها؟»
      
للقدّيس فولجنتيوس (467 - 532)، أسقف روسب في إفريقيا الشماليّة
3.1.2- الاثنين من أسبوع الأحبار والكهنة الراقدين
                                          إنجيل القدّيس متّى 28-24:16
  «مَن أَرادَ أَن يَتبَعَني، فَلْيَزْهَدْ في نَفْسِه ويَحمِلْ صليبَه ويَتبَعْني»
      
كتاب الاقتداء بالمسيح من القرن الخامس عشر
3.1.3- الثلاثاء من أسبوع الأحبار والكهنة الراقدين
                                          إنجيل القدّيس متّى 5-1:18
  «هكذا لا يَشاءُ أَبوكمُ الَّذي في السَّمَواتِ أَن يَهلِكَ واحِدٌ من هَؤلاءِ الصَّغار»
      
للقدّيس إقليمنضُس الإسكندريّ (150- نحو 215)، لاهوتيّ
3.1.4- الأربعاء من أسبوع الأحبار والكهنة الراقدين
                                          إنجيل القدّيس متّى 28-20:20
   
3.1.5- الخميس من أسبوع الأحبار والكهنة الراقدين     
                                          إنجيل القدّيس لوقا 10-7:17
  «إِنَّنَا عَبِيدٌ لا نَفْعَ مِنَّا، فَقَد فَعَلْنا مَا كانَ يَجِبُ عَلَينا أَنْ نَفْعَل»
      
للقدّيس أمبروسيوس (نحو 340 - 379)، أسقف ميلانو وملفان الكنيسة
3.1.6- يوم الجمعة من أسبوع الأحبار والكهنة الراقدين     
                                          إنجيل القدّيس لوقا 30-24:22 
  «لِيَكُنِ الأَكبَرُ فيكم كأَنَّه الأَصغَر، والمُتَرَئِّسُ كأَنَّه الخادم»
      
باسيليوس السلوقيّ (؟ - حوالي 468)، أسقف
3.1.7- السبت من أسبوع الأحبار والكهنة الراقدين
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 17-13:13
  الإفخارستيا وغسل الأرجل
      
للقدّيس يوحنّا بولس الثاني (1920 - 2005)، بابا روما
3.2.1- أحد الأبرار والصدّيقين      
                                          إنجيل القدّيس متّى 46-31:25
  «تَعالَوا، يا مَن بارَكَهم أَبي، فرِثوا المَلكوتَ المُعَدَّ لَكُم مَنذُ إِنشاءِ العَالَم»
      
للقدّيس قيصاريوس (٤٧٠ - ٥٤٣)، راهب وأسقف آرل
3.2.2- الاثنين من أسبوع الأبرار والصدّيقين
                                          إنجيل القدّيس متّى 12-1:5
  «طوبى لأَطهارِ القُلوب فإِنَّهم يُشاهِدونَ الله»
      
للطوباويّ غيريك ديغني (حوالى 1080 - 1157)، راهب سِستِرسيانيّ
3.2.3- الثلاثاء من أسبوع الأبرار والصدّيقين
                                          إنجيل القدّيس متّى 16-13:5 
  «فَليَكُن فيكُم مِلحٌ، وَليُسالِم بَعضُكُم بَعضًا»
      
للقدّيس توما الأكوينيّ (1225 - 1274)، لاهوتيّ دومينكيّ وملفان الكنيسة
3.2.4- الأربعاء من أسبوع الأبرار والصدّيقين
                                          إنجيل القدّيس متّى 20-17:5
   
3.2.5- الخميس من أسبوع الأبرار والصدّيقين   
                                          إنجيل القدّيس متّى 26-21:5
  «اذهَبْ أَوَّلاً فصالِحْ أَخاك، ثُمَّ عُدْ فقَرِّبْ قُربانَك»
      
للقدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم (نحو 345 - 407)، بطريرك القسطنطينيّة وملفان الكنيسة
3.2.6- يوم الجمعة من أسبوع الأبرار والصدّيقين
                                          إنجيل القدّيس متّى 48-38:5 
  طلبات الرّب يسوع وفرح القلب
      
للقدّيس يوحنّا بولس الثاني (1920 - 2005)، بابا روما
3.2.7- السبت من أسبوع الأبرار والصدّيقين     
                                          إنجيل القدّيس متّى 48-38:5
  «مَن أَرادَ أَن يُحاكِمَكَ لِيَأخُذَ قَميصَكَ، فَٱترُك لَهُ رِداءَكَ أَيضًا»
      
للقدّيسة تيريزيا الطفل يسوع والوجه الأقدس (1873 - 1897)، راهبة كرمليّة
3.3.1- أحد الموتى المؤمنين
                                          إنجيل القدّيس لوقا 31-19:16 
  «وكانَ رَجُلٌ فَقيرٌ اسمُه لَعازَر مُلْقىً عِندَ بابِه»
      
للقدّيس غريغوريوس النزيانزيّ (330 - 390)، أسقف وملفان الكنيسة
3.3.2- الاثنين من أسبوع الموتى المؤمنين   
                                          إنجيل القدّيس لوقا 7-1:12
  «لا تَخافوا النّاس. فَما مِن مَستُورٍ إِلاَّ سَيُكشَف، ولا مِن مَكتومٍ إِلاَّ سَيُعلَم»
      
كتاب الاقتداء بالمسيح من القرن الخامس عشر
3.3.3- الثلاثاء من أسبوع الموتى المؤمنين
                                          إنجيل القدّيس لوقا 12-8:12
  «كُلُّ مَن ٱعتَرَفَ بي أَمامَ ٱلنّاس، يَعتَرِفُ بِهِ ٱبنُ ٱلإِنسانِ أَمامَ مَلائِكَةِ ٱلله»ّ
      
كتاب أعمال الشهداء كاربُس، بابيلُس وأغاثونيس
3.3.4- الأربعاء من أسبوع الموتى المؤمنين
                                          إنجيل القدّيس لوقا 21-13:12
  «تَبَصَّروا وَٱحذَروا كُلَّ طَمَع، لِأَنَّ حَياةَ ٱلمَرءِ، وَإِنِ ٱغتَنى، لا تَأتيهِ مِن أَموالِهِ»
      
للقدّيس يوحنّا ماري فِيَنّي (1786 - 1859)، كاهن وخوري آرس
3.3.5- الخميس من أسبوع الموتى المؤمنين
                                          إنجيل القدّيس لوقا 32-22:12
   
3.3.6- يوم الجمعة من أسبوع الموتى المؤمنين
                                          إنجيل القدّيس لوقا 40-33:12 
  «كونوا أنتُم أيضًا مُستَعدّين»
      
للقدّيس قِبريانُس (نحو 200 - 258)، أسقف قرطاجة وشهيد
3.3.7- السبت من أسبوع الموتى المؤمنين     
                                          إنجيل القدّيس لوقا 59-49:12
  «جِئتُ لِأُلقِيَ عَلى ٱلأَرضِ نارًا، وَما أَشَدَّ رَغبَتي أَن تَكونَ قَدِ ٱشتَعَلَت»
      
ديونيسيوس الكرتوزيّ (1402 - 1471)، راهب
 
 
3.1.1-    أحد الأحبار والكهنة الراقدين     -     إنجيل القدّيس لوقا 48-42:12    
 
    إنجيل القدّيس لوقا 48-42:12
 
قَالَ الرَّبُّ يِسُوع: «مَنْ تُرَاهُ ٱلوَكِيلُ ٱلأَمِينُ ٱلحَكِيمُ الَّذي يُقِيمُهُ سَيِّدُهُ عَلَى خَدَمِهِ لِيُعْطِيَهُم حِصَّتَهُم مِنَ الطَّعَامِ في حِينِهَا؟
طُوبَى لِذلِكَ العَبْدِ الَّذي، مَتَى جَاءَ سَيِّدُهُ، يَجِدُهُ فَاعِلاً هكذَا!
حَقًّا أَقُولُ لَكُم: إِنَّهُ يُقِيمُهُ عَلَى جَمِيعِ مُقْتَنَياتِهِ.
أَمَّا إِذَا قَالَ ذلِكَ العَبْدُ في قَلْبِهِ: سَيَتَأَخَّرُ سَيِّدِي في مَجِيئِهِ، وَبَدأَ يَضْرِبُ الغِلْمَانَ وَالجَوَارِي، يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ وَيَسْكَر،
يَجِيءُ سَيِّدُ ذلِكَ العَبْدِ في يَوْمٍ لا يَنْتَظِرُهُ، وَفي سَاعَةٍ لا يَعْرِفُها، فَيَفْصِلُهُ، وَيَجْعلُ نَصِيبَهُ مَعَ الكَافِرين.
فَذلِكَ العَبْدُ الَّذي عَرَفَ مَشِيئَةَ سَيِّدِهِ، وَمَا أَعَدَّ شَيْئًا، وَلا عَمِلَ بِمَشيئَةِ سَيِّدِهِ، يُضْرَبُ ضَرْبًا كَثِيرًا.
أَمَّا العَبْدُ الَّذي مَا عَرَفَ مَشِيئَةَ سَيِّدِهِ، وَعَمِلَ مَا يَسْتَوجِبُ الضَّرْب، فَيُضْرَبُ ضَرْبًا قَلِيلاً. وَمَنْ أُعْطِيَ كَثيرًا يُطْلَبُ مِنْهُ الكَثِير، وَمَنِ ٱئْتُمِنَ عَلَى الكَثِيرِ يُطالَبُ بِأَكْثَر.

 

«مَن تُراهُ الوَكيلَ الأَمينَ العاقِلَ الَّذي يُقيمُه سَيِّدُه على خَدَمِه لِيُعطِيَهم وَجبَتَهُم مِنَ الطَّعامِ في وَقْتِها؟»
القدّيس فولجنتيوس (467 - 532)، أسقف روسب في إفريقيا الشماليّة،
العظة الأولى

 

لتحديد دور الخَدَم الذين وضعهم على رأس شعبه، قال الربّ هذه الكلمة التي نقلها الإنجيل: "مَن تُراهُ الوَكيلَ الأَمينَ العاقِلَ الَّذي يُقيمُه سَيِّدُه على خَدَمِه لِيُعطِيَهم وَجبَتَهُم مِنَ الطَّعامِ في وَقْتِها؟ طوبى لِذلِكَ الخادِمِ الَّذي إِذا جاءَ سَيِّدُه وَجَدَه مُنصَرِفاً إِلى عَمَلِه هذا”. مَن هو هذا السيّد، يا إخوتي؟ بدون أيّ شك، إنّه الرّب يسوع المسيح الذي قال لتلاميذه: " أَنتُم تَدعونَني المُعَلِّمَ والرَّب وأَصَبتُم فيما تَقولون، فهكذا أَنا" (يو 13: 13). ومَن هي أسرته؟ إنّها بالتأكيد تلك التي افتداها الربّ بنفسه من أيدي العدو وتملّكها. هذه الأسرة هي الكنيسة المقدّسة والجامعة التي تنتشر بخصوبة مدهشة في كلّ أنحاء العالم وتتمجّد لأنّها افتُدِيت بثمن دم الرّب يسوع المسيح...
لكن مَن هو الوكيل الأمين العاقل؟ لقد أظهره لنا القدّيس بولس حين قال، متحدّثًا عن نفسه وعن رفاقه: " فلْيَعُدَّنا النَّاسُ خَدَماً لِلمسيح ووُكَلاءَ أَسرارِ الله، وما يُطلَبُ آخِرَ الأَمرِ مِنَ الوُكَلاءِ أَن يَكونَ كُلٌّ مِنهُم أَمينًا" (1كور 4: 1-2). وحتّى لا يفكّر أحد منّا في أنّ الرسل وحدهم أصبحوا وكلاء، أو حتّى لا يتخلّى الخادم الكسول وغير الوفيّ عن الصراع الروحيّ ويخلد للنوم، أظهر الرَّسول القدّيس أنّ الأساقفة هم أنفسهم وكلاء: فقد قال: "إِنَّ الأُسقُفَ، وهو وَكيلُ الله، يَجِبُ أَن يَكون بَريئًا مِنَ اللَّوم" (تي 1: 7). نحن إذًا خَدَم ربّ العائلة ووكلاء الربّ، وقد حصلنا على الوزنة لنقوم بتوزيعها.
 
 
3.1.2-    الاثنين من أسبوع الأحبار والكهنة الراقدين     -     إنجيل القدّيس متّى 28-24:16    
 
    إنجيل القدّيس متّى 28-24:16
 
قَالَ الرَبُّ يَسُوعُ لِتَلامِيْذِهِ: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يَتْبَعَنِي، فَلْيَكْفُرْ بِنَفْسِهِ ويَحْمِلْ صَلِيْبَهُ ويَتْبَعْنِي،
لأَنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يَفْقِدُهَا، ومَنْ فَقَدَ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي يَجِدُهَا.
فَمَاذَا يَنْفَعُ الإِنْسَانَ لَوْ رَبِحَ العَالَمَ كُلَّهُ وخَسِرَ نَفْسَهُ ؟ أَو مَاذَا يُعْطِي الإِنْسَانُ بَدَلاً عَنْ نَفْسِهِ؟
فَإِنَّ ٱبْنَ الإِنْسَانِ سَوْفَ يَأْتِي في مَجْدِ أَبِيْه، مَعَ مَلائِكَتِهِ، وحينَئِذٍ يُجَازِي كُلَّ وَاحِدٍ بِحَسَبِ أَعْمَالِهِ.
أَلحَقَّ أَقُولُ لَكُم: إِنَّ بَعْضًا مِنَ القَائِمِينَ هُنَا لَنْ يَذُوقُوا المَوت، حَتَّى يَرَوا ٱبْنَ الإِنْسَانِ آتِيًا في مَلَكُوتِهِ».

 

«مَن أَرادَ أَن يَتبَعَني، فَلْيَزْهَدْ في نَفْسِه ويَحمِلْ صليبَه ويَتبَعْني»
كتاب الاقتداء بالمسيح من القرن الخامس عشر،
الكتاب الثّاني، الفصل 12

 

إن حملت الصليب طوعًا، حملك هو، وسار بك إلى الغاية المشتهاة، حيث انتهاء الألم – لكن ذلك لن يكون في هذه الحياة؛ وإن حملته مُكرَهًا، فقد حملت حملًا يزيد في أثقالك، ومع ذلك فلا بدّ لك من حمله. وإن أطرحت صليبًا، وجدت بلا شكّ صليبًا آخر، وقد يكون أثقل منه.
أتظنّ، أنت، أنّك تستطيع أن تتملّص ممّا لم يستطع أيُّ بشرٍ أن يفلت منه؟ مَن مِن القدّيسين خلا، في حياته، من صليبٍ ومَضايق؟ فحتّى ربّنا يسوع المسيح، لم يكن مُجرّدًا ولو لساعةٍ واحدة في حياته كلّها من معاناة الآلام. أليس هو من قال: "أَما كانَ يَجِبُ على المَسيحِ أَن يُعانِيَ تِلكَ الآلام فيَدخُلَ في مَجدِه؟" (لو 24: 46 وما يليها). فكيف تطلب أنت طريقًا أُخرى، غير هذه الطريق المَلَكيّة، طريق الصّليب المقدّس؟...
غير أن الإنسان المبتلى بمثل هذه المحن الكثيرة، لا يكون بغير تعزيةٍ تخفّفها، لأنّه يشعر بتزايد الثمار العظيمة، الناتجة من احتمال الصليب. فإنّه عندما يخضع للصليب طوعًا، ينقلب كلّ ثقل الشدائد ثقةً بالتعزية الإلهيّة... على أنّ ذلك لا يتمّ بقدرة الإنسان، بل بنعمة الرّب يسوع المسيح، الّتي لها من القوّة والفعل في الجسد الضعيف، ما يجعله يُقبِل، بحرارة الرُّوح، على ما كان يتجنّب دائمًا، فيحبّه بعد إذ كان يكرهه بطبعه.
ليس من طبع الإنسان حمل الصليب وحبّ الصليب... فإن نظرت إلى نفسك، فأنت لا تستطيع بذاتك شيئًا من ذلك، لكنّك إن اتّكلت على الربّ، تُعطَى القوّة من السماء، فيخضع لسلطانك العالم والجسد. بل إنّك لا تخاف حتّى عدوّك إبليس، إن كنت متسلّحًا بالإيمان، ومتّسمًا بصليب الرّب يسوع المسيح.
 
 
3.1.3-    الثلاثاء من أسبوع الأحبار والكهنة الراقدين     -     إنجيل القدّيس متّى 5-1:18    
 
    إنجيل القدّيس متّى 5-1:18
 
في تِلْكَ السَّاعَة، دَنَا التَّلامِيذُ مِنْ يَسُوعَ وقَالُوا: «مَنْ هُوَ الأَعْظَمُ في مَلَكُوتِ السَّمَاوَات؟».
فَدَعَا يَسُوعُ طِفْلاً، وأَقَامَهُ في وَسَطِهِم،
وقَال: «أَلحَقَّ أَقُولُ لَكُم: إِنْ لَمْ تَعُودُوا فَتَصِيرُوا مِثْلَ الأَطْفَال، لَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّمَاوَات.
فَمَنْ وَاضَعَ نَفْسَهُ مِثْلَ هذَا الطِّفْلِ هُوَ الأَعْظَمُ في مَلَكُوتِ السَّمَاوَات.
ومَنْ قَبِلَ بِٱسْمِي طِفْلاً وَاحِدًا مِثْلَ هذَا فَقَدْ قَبِلَني.

 

«هكذا لا يَشاءُ أَبوكمُ الَّذي في السَّمَواتِ أَن يَهلِكَ واحِدٌ من هَؤلاءِ الصَّغار»
القدّيس إقليمنضُس الإسكندريّ (150- نحو 215)، لاهوتي،
المربّي، 1: 53-56

 

تسمّينا الكتب المقدّسة "أطفالاً"؛ عندما نتبع الرّب يسوع المسيح، نحصل على اسم "الصّغار" (مت 18: 3؛ 19: 13؛ يو 21: 5)... فمن هو معلّمنا، ومربّينا نحن الصّغار؟ إنّ اسمه يسوع. يطلق على نفسه اسم الرّاعي؛ ويدعو ذاته "الرّاعي الصّالح" (يو 10: 11). يقوم بالمقارنة بين الرّعاة الّذين يرشدون خرافهم وهو المربّي الّذي يوجّه الصّغار، الرّاعي الّذي يهتمّ بالصّغار، ويقارنهم لبساطتهم بالخراف. "فيَكونُ هُناكَ رَعِيَّةٌ واحِدة وراعٍ واحِد" (يو 10: 16). فمربّينا هو بالطّبع الكلمة، كلمة الله، لأنّه يقودنا نحو الخلاص. هذا ما قاله بوضوح على لسان النّبيّ هوشع: "أنا أؤدّبهم" (هو 5: 2).
أمّا تربيته فتتجلّى في الدّين: يعلّمنا خدمة الله ويدرّبنا على معرفة الحقيقة ويقودنا مباشرة إلى السّماء... يقود البحّار السّفينة من أجل أن يوصل الرّكّاب إلى ميناء الخلاص؛ وكذلك يرشد مربّينا أطفال الله إلى أسلوب الحياة الّذي يقود إلى الخلاص، بفضل اهتمامه بنا... فمن يقودنا إذًا هو الله القدّوس، الرّب يسوع، كلمة الله، مرشد البشريّة جمعاء؛ الله بذاته يقودنا، بمحبّته لنا... خلال الخروج، قال عنه الرّوح القدس: "يَجِدُه في أَرضِ بَرِّيَّة وفي صِياحِ خَواءٍ وَحشِيّ. يُحيطُ ويَعتني بِه ويَحفَظُه كإِنْسانِ عَينه. كالعُقابِ الَّذي يُثيرُ عُشَّه وعلى فِراخِه يُرَفرِف. يَبسُط جَناحَيه فيَأخُذُه وعلى ريشهِ يَحمِلُ. الرَّبُّ وَحدَه يَهْديه ولَيسَ معَه إِلهٌ غريب" (تث 32: 10-12).
 
 
3.1.4-    الأربعاء من أسبوع الأحبار والكهنة الراقدين     -     إنجيل القدّيس متّى 28-20:20    
 
    إنجيل القدّيس متّى 28-20:20
 
دَنَتْ مِنهُ أُمُّ يَعْقُوبَ ويُوحَنَّا ٱبْنَي زَبَدَى، وهُمَا مَعَهَا، وسَجَدَتْ لَهُ تَلْتَمِسُ مِنْهُ حَاجَة.
فقَالَ لَهَا: «مَاذَا تُرِيدِين؟». قَالَتْ لَهُ: «مُرْ أَنْ يَجْلِسَ ٱبْنَايَ هذَانِ في مَلَكُوتِكَ، واحِدٌ عَنْ يَمِيْنِكَ ووَاحِدٌ عَنْ يَسَارِكَ».
فأَجَابَ يَسُوعُ وقَال: «إِنَّكُمَا لا تَعْلَمَانِ مَا تَطْلُبَان. هَلْ تَسْتَطِيْعَانِ أَنْ تَشْرَبَا الكَأْسَ الَّتي سَأَشْرَبُها أَنَا؟». قَالا لَهُ: «نَسْتَطِيْع!».
فقَالَ لَهُمَا: «نَعَم، سَتَشْرَبَانِ كَأْسِي. أَمَّا الجُلُوسُ عَنْ يَمِيْنِي وعَنْ يَسَارِي، فَلَيْسَ لي أَنْ أَمْنَحَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَعَدَّهُ لَهُم أَبي».
ولَمَّا سَمِعَ العَشَرَةُ الآخَرُون، ٱغْتَاظُوا مِنَ الأَخَوَين.
فَدَعَاهُم يَسُوعُ إِلَيْهِ وقَال: «تَعْلَمُونَ أَنَّ رُؤَسَاءَ الأُمَمِ يَسُودُونَهُم، وعُظَمَاءَهُم يَتَسَلَّطُونَ عَلَيْهِم،
فلا يَكُنْ بَيْنَكُم هكَذَا. بَلْ مَنْ أَرادَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَكُم عَظِيْمًا، فَلْيَكُنْ لَكُم خَادِمًا.
ومَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ الأَوَّلَ بَيْنَكُم، فَلْيَكُنْ لَكُم عَبْدًا،
مِثْلَ ٱبْنِ الإِنْسَانِ الَّذي لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدُم، ويَبْذُلَ نَفْسَهُ فِدَاءً عَنْ كَثِيرِين».
 
 
3.1.5-    الخميس من أسبوع الأحبار والكهنة الراقدين     -     إنجيل القدّيس لوقا 10-7:17    
 
    إنجيل القدّيس لوقا 10-7:17
 
قَالَ الرَبُّ يَسُوعُ: «مَنْ مِنْكُم لَهُ عَبْدٌ يَفْلَحُ الأَرْضَ أَوْ يَرْعَى القَطِيع، إِذا عَادَ مِنَ الحَقْل، يَقُولُ لَهُ: أَسْرِعْ وٱجْلِسْ لِلطَّعَام؟
أَلا يَقُولُ لَهُ بِالأَحْرَى: أَعِدَّ لي شَيْئًا لأَتَعَشَّى، وَشُدَّ وَسْطَكَ وٱخْدُمْني حَتَّى آكُلَ وَأَشْرَب،
وَبَعْدَ ذلِكَ تَأْكُلُ أَنْتَ وَتَشْرَب. هَلْ عَلَيهِ أَنْ يَشْكُرَ العَبْدَ لأَنَّهُ فَعَلَ ما أُمِرَ بِهِ؟
وَهكذَا أَنْتُم إِذَا فَعَلْتُم كُلَّ ما أُمِرْتُمْ بِهِ فَقُولُوا: إِنَّنَا عَبِيدٌ لا نَفْعَ مِنَّا، فَقَد فَعَلْنا مَا كانَ يَجِبُ عَلَينا أَنْ نَفْعَل».

القدّيس أمبروسيوس (نحو 340 - 379)، أسقف ميلانو وملفان الكنيسة، شرح لإنجيل القدّيس لوقا
«إِنَّنَا عَبِيدٌ لا نَفْعَ مِنَّا، فَقَد فَعَلْنا مَا كانَ يَجِبُ عَلَينا أَنْ نَفْعَل»

 

لا يمجّدنّ أحد نفسه لما يفعله لأنّه من الحقّ والواجب أن يقدّم كل واحد خدمته من أجل الربّ... علينا دائمًا أن نعمل من أجل الربّ ما دمنا أحياءً. فاعترفْ أنّك خادمُ عليه القيام بعدد كبير من الخدمات. لا تفتخر بأنّك تُدعى "ابنًا لله" (راجع 1يو 3: 1): بل اعترف بهذه النعمة دون أن تنسى طبيعتك.
لا تفتخر إن خدمتَ بشكل جيّد لأنّك تكون قد قمت بواجبك. فالشمس تقوم بدورها والقمر يطيع والملائكة تقوم بواجبها. إنّ القدّيس بولس الّذي قال عنه الرّب أنّه "أَداةٌ اختَرتُها لكِي يَكونَ مَسؤولاً عنِ اسْمي عِندَ الوَثَنِيِّين والمُلوكِ وبَني إِسرائيل" (أع 9: 15) كتب قائلاً: "لَستُ أَهْلاً لأَن أُدْعى رَسولاً لأَنِّي اضطَهَدتُ كَنيسةَ اللّه" (1كور15: 9). وإذ بدا في مكان آخر أنّه لا يعي اقترافه أي خطأ، غير إنّه يضيف قائلاً: "على أَنِّي َلستُ مُبَرَّرًا لِذلك" (1كور 4: 4). فلنكفّ نحن أيضًا عن التظاهر بأنّنا نُمتَدح ولنمتنع عن استباق دينونة الله.
 
 
3.1.6-    يوم الجمعة من أسبوع الأحبار والكهنة الراقدين     -     إنجيل القدّيس لوقا 30-24:22    
 
    إنجيل القدّيس لوقا 30-24:22
 
قَامَ  بَيْنَ الرُّسُلِ جِدَال: «مَنْ مِنْهُم يُعَدُّ أَعْظَمَهُم؟».
فقَالَ لَهُم يَسُوع: «إِنَّ مُلُوكَ الأُمَمِ يَسُودُونَهُم، وَالمُتَسَلِّطُونَ عَلَيْهِم يُدْعَونَ مُحْسِنِين.
أَمَّا أَنْتُم فَلَسْتُم هكذَا. بَلْ لِيَكُنِ الأَعْظَمُ فِيكُم كَالأَصْغَر، وَالرَّئِيسُ كَالخَادِم.
فَمَنْ هُوَ أَعْظَم؟ أَهُوَ المُتَّكِئُ أَمِ الخَادِم؟ أَلَيْسَ المُتَّكِئ؟ ولكِنِّي أَنَا في وَسَطِكُم كَالخَادِم!
وَأَنْتُمُ الَّذينَ ثَبَتُّم مَعِي في تَجَارِبي،
فَإِنِّي أُعِدُّ لَكُمُ المَلَكُوتَ كَمَا أَعَدَّهُ لي أَبِي،
لِتَأْكُلُوا وَتَشْرَبُوا عَلَى مَائِدَتي، في مَلَكُوتِي. وسَتَجْلِسُونَ عَلَى عُرُوش، لِتَدِينُوا أَسْبَاطَ إِسْرَائِيلَ الٱثْنَي عَشَر.

باسيليوس السلوقيّ (؟ - حوالي 468)، أسقف، عظة
«لِيَكُنِ الأَكبَرُ فيكم كأَنَّه الأَصغَر، والمُتَرَئِّسُ كأَنَّه الخادم»

 

لا يَفتَخِرَنَّ أحد بحقِّ التصدُّر، إن كان لا يريد أن يخسرَ ما قد تحملُه له التطويبات الموعودة من فضلٍ ومكافأة لقاء تواضعه (راجع مت 5)، وليَعلَم بأنّ التواضع الحقيقيّ يَحملُنا على خدمة جميع إخوتِنا. فكما أنّ المسؤول عن الاعتناء بجرحى كثيرين يُضمِّد جروحاتهم، ورغم ذلك لا يتفاخر أبدًا بخدمته لهم، فكم بالحريّ ذاك الذي أوكَلَ إليه الله مهمّة شفاء الفتور الرُّوحي عند إخوتِه، والذي يجب أن يقدّم تقريره عن كلّ شيء في محكمة الله بصفته خادمًا، فمن المفترض أن يَنتَبه لنفسه أشدّ انتباه وبالتالي: "لِيَكُنِ الأَكبَرُ فيكم كأَنَّه الأَصغَر".
إنّه لَعَدلٌ أن يقومَ أولئك الذين يَرأسون الآخرين بخدمتهم، حتّى فيما يختصّ بالحاجات الجسديّة، على مثال ربّنا يسوع المسيح الذي غسَلَ أرجُل تلاميذِه: "والمُتَرَئِّسُ كأَنَّه الخادم". ولا نخشى أن يدمِّرَ هذا التنازل من قبل المُترئّس تواضع المَرؤوس؛ بل على العكس، سيكون ذلك بمثابة أمثولة ساطعة في التواضع بالنسبة إليه.
 
 
3.1.7-    السبت من أسبوع الأحبار والكهنة الراقدين     -     إنجيل القدّيس يوحنّا 17-13:13    
 
    إنجيل القدّيس يوحنّا 17-13:13
 
قالَ الربُّ يَسوعُ لِتَلامِيذِهِ: «أَنْتُم تَدْعُونَنِي المُعَلِّمَ والرَّبّ، وحَسَنًا تَقُولُون، لأَني كَذلِكَ.
فَإِنْ كُنْتُ أَنَا الرَّبَّ والمُعَلِّمَ قَدْ غَسَلْتُ أَقْدَامَكُم، فَعَلَيْكُم أَنْتُم أَيْضًا أَنْ يَغْسِلَ بَعْضُكُم أَقْدَامَ بَعْض.
لَقَدْ أَعْطَيْتُكُم مِثَالاً، لِتَفْعَلُوا أَنْتُم أَيْضًا كَمَا فَعَلْتُ أَنَا لَكُم.
أَلحَقَّ ٱلحَقَّ أَقُولُ لَكُم: لَيْسَ عَبْدٌ أَعْظَمَ مِنْ سَيِّدِهِ، ولا رَسُولٌ أَعْظَمَ مِنْ مُرْسِلِهِ.
إِنْ عَلِمْتُمْ هذَا، وعَمِلْتُمْ بِهِ، فَطُوبَى لَكُم!

 

الإفخارستيا وغسل الأرجل
القدّيس يوحنّا بولس الثاني (1920 - 2005)، بابا روما،
الرّسالة الرّسوليّة: أمكث معنا يا ربّ، Mane Nobiscum Dominum، الأعداد 27-28

 

إنّ المسيحي الذي يحتفل بالإفخارستيا يتعلّم منها أن يكون عامل شركة وسلام وتضامن في جميع ظروف حياته. وصورة عالمنا الممزّق كما يظهر في بداية هذه الألفيّة الثالثة، والموسوم بالحروب والإرهاب، يحدو بالمؤمنين على عيش الإفخارستيا كمدرسةٍ للسلام، فيه يتكوّن رجال ونساء يحملون مسؤوليّات مختلفة في الحياة الاجتماعية والثقافيّة والسياسيّة، ويصبحون مبشّرين بالحوار والشركة.
هنالك نقطة أودّ التركيز عليها أيضًا، وعليها تعتمد المشاركة الصحيحة في سرّ الإفخارستيا التي تحتفل بها الجماعة. وهو الالتزام المنبثق من سرّ الإفخارستيا ببناء مجتمع أكثر عدلاً وأخوّة. فقد أظهر ربّنا في سرّ الإفخارستيا قوّة المحبّة اللامحدودة، وقلب بذلك موازين القوى والسلطة التي تتحكّم بالعلاقات بين بني البشر، وركّز على مقياس الخدمة. "مَن أَرادَ أَن يَكونَ أَوَّلَ القَوم، فَلْيَكُنْ آخِرَهم جَميعاً وخادِمَهُم" (مر 9: 35). لذا، ليس من المصادفة أنّ إنجيل يوحنّا لا يذكر نصّ تأسيس سرّ القربان، بل يذكر رتبة غسل الأرجل. فالرّب يسوع المسيح انحنى ليغسل أرجل تلاميذه، وفسّر بذلك المعنى الواضح لسرّ الإفخارستيا. والقدّيس بولس يذكّر بكلّ قوّة أنّ أي احتفال بسرّ الإفخارستيا غير صحيح إن لم تظهر فيه بشكل واضح المحبّة والتضامن مع الفقراء.
لماذا لا نجعل من سنة الإفخارستيا هذه مناسبة لجميع الرعايا والأبرشيّات للعمل بشكل حثيث وفعّال لمحاربة نوع من أنواع الفقر في العالم؟ أفكّر على سبيل المثال بالجوع الذي ما زال يهدّد الملايين، وأفكر أيضًا ببعض الأمراض التي ما زالت تفتك ببعض الدول النامية، أفكّر بوِحدة الأشخاص المسنّين، أفكّر بالعاطلين عن العمل، أفكّر بمعاناة المهاجرين... لا مجال لخداع أنفسنا: فنحن سوف نُدان على المحبّة وعلى العون الذي قدّمناه لمَن كان في عوز، وبالمحبّة نُظهر أنّنا تلاميذ الرّب يسوع المسيح حقًّا. هذا هو المقياس لصحّة احتفالنا بسرّ الإفخارستيا.
 
 
3.2.1-    أحد الأبرار والصدّيقين     -     إنجيل القدّيس متّى 46-31:25    
 
    إنجيل القدّيس متّى 46-31:25
 
قالَ الربُّ يَسوع: «مَتَى جَاءَ ٱبْنُ الإِنْسَانِ في مَجْدِهِ، وجَمِيعُ المَلائِكَةِ مَعَهُ، يَجْلِسُ على عَرْشِ مَجْدِهِ.
وتُجْمَعُ لَدَيْهِ جَمِيعُ الأُمَم، فَيُمَيِّزُ بَعْضَهُم مِنْ بَعْض، كَمَا يُمَيِّزُ الرَّاعِي الخِرَافَ مِنَ الجِدَاء.
ويُقِيمُ الخِرَافَ عَنْ يَمِينِهِ وَالجِدَاءَ عَنْ شِمَالِهِ.
حِينَئِذٍ يَقُولُ المَلِكُ لِلَّذينَ عَنْ يَمِينِهِ: تَعَالَوا، يَا مُبَارَكي أَبي، رِثُوا المَلَكُوتَ المُعَدَّ لَكُم مُنْذُ إِنْشَاءِ العَالَم؛
لأَنِّي جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي، وعَطِشْتُ فَسَقَيْتُمُونِي، وكُنْتُ غَريبًا فَآوَيْتُمُوني،
وعُرْيَانًا فَكَسَوْتُمُوني، ومَريضًا فَزُرْتُمُونِي، ومَحْبُوسًا فَأَتَيْتُم إِليّ.
حِينَئِذٍ يُجِيبُهُ الأَبْرَارُ قَائِلين: يَا رَبّ، مَتَى رَأَيْنَاكَ جَائِعًا فَأَطْعَمْنَاك، أَو عَطْشَانَ فَسَقَيْنَاك؟
ومَتَى رَأَيْنَاكَ غَريبًا فَآوَيْنَاك، أَو عُرْيَانًا فَكَسَوْنَاك؟
ومَتَى رَأَيْنَاكَ مَريضًا أَو مَحْبُوسًا فَأَتَيْنَا إِلَيْك؟
فَيُجِيبُ المَلِكُ ويَقُولُ لَهُم: أَلحَقَّ أَقُولُ لَكُم: كُلُّ مَا عَمِلْتُمُوهُ لأَحَدِ إِخْوَتِي هؤُلاءِ الصِّغَار، فَلِي عَمِلْتُمُوه!
ثُمَّ يَقُولُ لِلَّذينَ عَنْ شِمَالِهِ: إِذْهَبُوا عَنِّي، يَا مَلاعِين، إِلى النَّارِ الأَبَدِيَّةِ المُعَدَّةِ لإِبْلِيسَ وجُنُودِهِ؛
لأَنِّي جُعْتُ فَمَا أَطْعَمْتُمُونِي، وعَطِشْتُ فَمَا سَقَيْتُمُوني،
وكُنْتُ غَريبًا فَمَا آوَيْتُمُونِي، وعُرْيَانًا فَمَا كَسَوْتُمُونِي، ومَرِيضًا ومَحْبُوسًا فَمَا زُرْتُمُونِي!
حِينَئِذٍ يُجِيبُهُ هؤُلاءِ أَيْضًا قَائِلين: يَا رَبّ، مَتَى رَأَيْنَاكَ جاَئِعًا أَوْ عَطْشَانَ أَوْ غَرِيبًا أَو مَريضًا أَو مَحْبُوسًا ومَا خَدَمْنَاك؟
حِينَئِذٍ يُجِيبُهُم قِائِلاً: أَلحَقَّ أَقُولُ لَكُم: كُلُّ مَا لَمْ تَعْمَلُوهُ لأَحَدِ هؤُلاءِ الصِّغَار، فلِي لَمْ تَعْمَلُوه.
ويَذْهَبُ هؤُلاءِ إِلى العَذَابِ الأَبَدِيّ، والأَبْرَارُ إِلى الحَيَاةِ الأَبَدِيَّة».

 

«تَعالَوا، يا مَن بارَكَهم أَبي، فرِثوا المَلكوتَ المُعَدَّ لَكُم مَنذُ إِنشاءِ العَالَم»
القدّيس قيصاريوس (٤٧٠ - ٥٤٣)، راهب وأسقف آرل،
العظة 26

 

إنّ الرّب يسوع المسيح، الّذي هو الرّحمة السماويّة، يأتي إلى بابك كلّ يوم: ليس فقط بطريقة روحيّة إلى باب نفسك، بل أيضًا بصورة حسِّية إلى باب منزلِكَ. فكلّما دنا فقيرٌ من بيتِكَ، فهو المسيح، دون شكّ، الذي يأتي إليكَ من خلاله، هو الذي قال: "كُلَّما صَنعتُم شَيئاً مِن ذلك لِواحِدٍ مِن إِخوتي هؤُلاءِ الصِّغار، فلي قد صَنَعتُموه". إذًا، لا تُقَسِّ قلبَك؛ أعطِ ممّا لك للرّب يسوع الذي ترتَجي منه الملكوت. أعطِ قطعة خبز لمَن تَنتَظر منه الحياة. استَضِفْه في منزلِكَ، كي يَستقبِلَكَ في فردَوسِه. أعطِه صدقةً، ليُعطيَك بالمقابل الحياة الأبديّة.
يا لوقاحتِكَ إن كنتَ تبغي أن تملك في السماء مع مَن ترفض أن تتصدّق عليه في هذا العالم! إن استقبَلتَه خلال رحلتِكَ الأرضيّة، استَضافَكَ في فرحِه السماويّ؛ وإن احتَقَرتَه هنا في موطنِكَ، أشاحَ عنكَ نظرَه في مجدِه. قال المزمور: "كحُلْم عِندَ اليَقظَةِ، يا سَيِّدي تَحتَقِرُ خِيالَهم عِندَ استيقاظِكَ" (مز73[72]: 20). إن كنّا في يقَظَتِنا، أي في هذه الحياة، نحتقرُ مَن صُنِعوا على صورة الله (راجع تك 1: 26)، فَلنَخْشَ أن نُنبَذَ في يقَظَته الأبديّة. لذا، كونوا رحماء على هذه الأرض... بفضل سخائكم، ستَسمعون هذه الكلمات المُفرحة: "تَعالَوا، يا مَن بارَكَهم أَبي، فرِثوا المَلكوتَ المُعَدَّ لَكُم مَنذُ إِنشاءِ العَالَم".
 
 
3.2.2-    الاثنين من أسبوع الأبرار والصدّيقين     -     إنجيل القدّيس متّى 12-1:5    
 
    إنجيل القدّيس متّى 12-1:5
 
لَمَّا رأَى يَسُوعُ الجُمُوعَ صَعِدَ إِلى الجَبَل، وجَلَسَ فَدَنا مِنْهُ تَلاميذُهُ،
وفَتَحَ فاهُ يُعَلِّمُهُم قَائِلاً:
«طُوبى لِلْمَسَاكِينِ بِالرُّوح، لأَنَّ لَهُم مَلَكُوتَ السَّمَاوَات.
طُوبى لِلْوُدَعَاء، لأَنَّهُم سَيَرِثُونَ الأَرض.
طُوبى لِلْحَزَانى، لأَنَّهُم سَيُعَزَّون.
طُوبى لِلْجِيَاعِ والعِطَاشِ إِلى البِرّ، لأَنَّهُم سَيُشْبَعُون.
طُوبى لِلْرُّحَمَاء، لأَنَّهُم سَيُرْحَمُون.
طُوبى لأَنْقِيَاءِ القُلُوب، لأَنَّهُم سَيُعَايِنُونَ الله.
طُوبى لِفَاعِلي السَّلام، لأَنَّهُم سَيُدْعَونَ أَبْناءَ الله.
طُوبى لِلْمُضْطَهَدِينَ مِنْ أَجْلِ البِرّ، لأَنَّ لَهُم مَلَكُوتَ السَّماوات.
طُوبى لَكُم إِذَا عَيَّرُوكُم وٱضْطَهَدُوكُم، وٱفْتَرَوا عَلَيْكُم كُلَّ سُوءٍ مِنْ أَجْلي.
إِفْرَحُوا وٱبْتَهِجُوا، لأَنَّ أَجْرَكُم عَظِيمٌ في السَّمَاوات، فَهكَذا ٱضْطَهَدُوا الأَنْبِيَاءَ مِنْ قَبْلِكُم.

 

«طوبى لأَطهارِ القُلوب فإِنَّهم يُشاهِدونَ الله»
الطوباويّ غيريك ديغني (حوالى 1080 - 1157)، راهب سِستِرسياني ،
عظة عن عيد جميع القدّيسين

 

"طوبى لأطهار القلوب لأنّهم يشاهدون الله". يبدأ العهد الجديد بالفرح وهو مليء من النعمة الجديدة، حتى أنّه يحثّ غير المؤمن والكسول على السماع أو حتّى على العمل، مع وعد بالفرح للبؤساء وملكوت السماوات للمنفيّين ولمَن هم في حال العَوَز. يُسرّ المرء عند سماع بداية الشريعة الجديدة التي تبدأ بطالع سعيد، لأنّه منذ هذه البداية، يهب المُشرِّع كلمات الطوبى الرائعة. ومَن تجذبه هذه الكلمات سيتنقّل من فضيلة إلى أخرى، عبر صعود الدرجات الثماني التي بنتها الكنيسة وثبّتتها في قلوبنا... لأنّ الأمر يتعلّق، كما هو واضح، بارتفاع القلوب وبتطوّر الاستحقاقات من خلال ثمان درجات من الفضائل، توصل تدريجيًّا الإنسان من أدنى إلى أعلى درجات الكمال  الإنجيلي. بهذه الطريقة، سيدخل أخيرًا لرؤية الله في صهيون (راجع مز 84[83]: 8)، في هيكله الذي قال عنه النبي: "وكانَ سُلَّمُه بِثَماني دَرَجات" (حز 40: 37).
الفضيلة الأولى للمبتدئين هي التخلّي عن العالم حتى نُصبح أطهار القلوب؛ الفضيلة الثانية هي الوداعة التي بها نخضع للطاعة ونعتاد عليها؛ ثمّ الألم الذي به نندم على خطايانا أو البكاء الذي به نطلب الفضائل. نحن نتذوّقها طبعًا، حين نكون جياعًا أو عطاشًا للبرّ، أكان لنا أو لغيرنا، فنصبح مفعمين بالحماسة ضدّ الخاطئين. لكن حتّى لا تتحوّل هكذا حماسة مندفعة إلى خطأ، تليها الرحمة التي تعدّلها؛ من خلال التمرين والممارسة، بعد أن نتعلّم كيف نكون عادلين ورحماء، قد نتمكّن من الدخول إلى مرحلة التأمّل وتنقية القلوب حتّى نتمكّن من رؤية الله.
 
 
3.2.3-    الثلاثاء من أسبوع الأبرار والصدّيقين     -     إنجيل القدّيس متّى 16-13:5    
 
    إنجيل القدّيس متّى 16-13:5
 
قالَ الربُّ يَسوع: «أَنْتُم مِلْحُ الأَرض. فَإِذَا فَسَدَ المِلْحُ فَأَيُّ شَيءٍ يُمَلِّحُهُ؟ إِنَّهُ لا يَعُودُ يَصْلُحُ لِشَيء، إِلاَّ لأَنْ يُطْرَحَ في الخَارِجِ وتَدُوسَهُ النَّاس.
أَنْتُم نُورُ العَالَم. لا يُمْكِنُ أَنْ تُخْفَى مَدِينَةٌ مَبْنِيَّةٌ عَلَى جَبَل.
ولا يُوْقَدُ سِرَاجٌ ويُوضَعُ تَحْتَ المِكْيَال، بَلْ عَلى المَنَارَة، فَيُضِيءُ لِكُلِّ مَنْ في البَيْت.
هكَذَا فَلْيُضِئْ نُورُكُم أَمَامَ النَّاس، لِيَرَوا أَعْمَالَكُمُ ٱلصَّالِحَة، ويُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذي في السَّمَاوات.

 

«فَليَكُن فيكُم مِلحٌ، وَليُسالِم بَعضُكُم بَعضًا»
القدّيس توما الأكوينيّ (1225 - 1274)، لاهوتيّ دومينكيّ وملفان الكنيسة ،
صلاة لطلب الحكمة

أعطني، أيّها الإله الرحوم، أن أرغب بحماسة بما تؤيّده، وأن أبحث عنه بِحذر، أن أعرفه بحقّ، وأن أُتِمَّه بكمال، لتسبيح اسمك وتمجيده.
نَظِّم حياتي، واجعلني أتمّم ما تريدني أن أعمله، كما يجب وكما هو مفيد لخلاص نفسي. فلأذهب إليك، يا ربّ، في طريق أكيد، مستقيم، لطيف وموصِل إلى الغاية، طريق لا يضيع بين النجاحات والشدائد، لكي أشكرك في الأمور الناجحة، ولكي أحافظ على الصبر في الأمور المعاكسة، فلا أدع نفسي تتباهى بسبب الأولى، ولا تُحبَط بسبب الثانية. فلا يفرحني شيء ولا يُحزنني شيء، عدا ما يقودني إليك أو يبعدني عنك. ولا أرغب في أن أرضي أحدًا أو لا أخشى أن أسيء إلى أحد سواك. فليكن كلّ ما يفنى حقيرًا في عينيّ لأجلك، يا ربّ، وليكن كلّ ما يلمسك عزيزًا عليّ، أمّا أنت، يا إلهي، فأَعَزّ من أيّ شيء آخَر... فلا أرغب شيئًا خارجًا عنك...
امنحني، أيّها الربّ إلهي، ذكاءً يعرفك، واندفاعًا يبحث عنك، وحكمةً تجدك، وحياة ترضيك، ومثابرة تنتظرك بثقة، وثقة تمتلكك إلى النهاية. اجعلني أتألّم لآلامك بواسطة التوبة، وأستعمل خيراتك في دَربي بواسطة النعمة، وأتنعّم بأفراحك خاصّةً في الوطن بواسطة المجد. أنت الإله الحيّ والمالك أبد الدهور.

 
 
 
3.2.4-    الأربعاء من أسبوع الأبرار والصدّيقين     -     إنجيل القدّيس متّى 20-17:5    
 
    إنجيل القدّيس متّى 20-17:5
 
قالَ الربُّ يَسوع: «لا تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأُبْطِلَ التَّوْرَاةَ أَوِ الأَنْبِياء. مَا جِئْتُ لأُبْطِل، بَلْ لأُكَمِّل.
فَالحَقَّ أَقُولُ لَكُم: قَبْلَ أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ والأَرض، لَنْ يَزُولَ مِنَ التَّوْرَاةِ يَاءٌ أَو نُقْطَة، حَتَّى يَتِمَّ كُلُّ شَيء.
مَنْ أَبْطَلَ واحِدَةً مِنْ تِلْكَ الوَصَايا الصُّغْرى، وعَلَّمَ النَّاسَ أَنْ يَفْعَلُوا هكَذا، يُدْعَى الأَصْغَرَ في مَلَكُوتِ السَّمَاوات. وأَمَّا مَنْ يَعْمَلُ بِهَا ويُعَلِّمُها فهُوَ يُدْعى كَبِيرًا في مَلَكُوتِ السَّمَاوات.
فَإِنِّي أَقُولُ لَكُم: إِنْ لَمْ يَزِدْ بِرُّكُم على بِرِّ الكَتَبَةِ والفَرِّيسيِّين، فَلَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّمَاوات.
 
 
3.2.5-    الخميس من أسبوع الأبرار والصدّيقين     -     إنجيل القدّيس متّى 26-21:5    
 
    إنجيل القدّيس متّى 26-21:5
 
قَالَ الرَبُّ يَسُوعُ: «سَمِعْتُم أَنَّهُ قِيلَ لِلأَقْدَمِين: لا تَقْتُلْ. ومَنْ يَقْتُلْ يَسْتَوْجِبْ حُكْمَ القَضَاء.
أَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُم: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَغْضَبُ عَلى أَخِيهِ يَسْتَوجِبُ حُكْمَ القَضَاء. ومَنْ قَالَ لأَخِيه: يَا أَحْمَق! يَسْتَوجِبُ حُكْمَ المَجْلِس. ومَنْ قَالَ: يَا كَافِر! يَسْتَوجِبُ نَارَ جَهَنَّم.
فَإِنْ كُنْتَ تُقَدِّمُ قُرْبَانَكَ عَلى المَذْبَح، وتَذَكَّرْتَ هُنَاكَ أَنَّ لأَخِيكَ شَيْئًا عَلَيْك،
فَدَعْ قُرْبَانَكَ هُنَاكَ أَمَامَ المَذْبَح، وَٱذْهَبْ أَوَّلاً وصَالِحْ أَخَاك، وحينَئِذٍ عُدْ وقَدِّمْ قُرْبَانَكَ.
بَادِرْ إِلى إِرْضَاءِ خَصْمِكَ مَا دُمْتَ مَعَهُ في الطَّرِيق، لِئَلاَّ يُسْلِمَكَ الخَصْمُ إِلى القَاضي، والقَاضي إِلى الشُّرْطِيّ، وتُلْقَى في السِّجْن.
أَلحَقَّ أَقُولُ لَكَ: لَنْ تَخْرُجَ مَنْ هُنَاكَ حَتَّى تُوفِيَ الفَلْسَ الأَخِير.

القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم (نحو 345 - 407)، بطريرك أنطاكية ثمّ القسطنطينيّة وملفان الكنيسة،عظة حول خيانة يهوذا
«اذهَبْ أَوَّلاً فصالِحْ أَخاك، ثُمَّ عُدْ فقَرِّبْ قُربانَك»

 

لقد بذل الرّب يسوع المسيح حياته من أجلك وأنت ما زلت تعادي من هو خادم مثلك؟ كيف يمكنك أن تتقدّم نحو مائدة السلام؟ لم يتردد ربّك من أن يعاني كلّ هذه الآلام من أجلك وأنت ترفض حتّى الرجوع عن غضبك؟... قد تقول لي: "إن هذا الشخص قد أهانني بشدّة وقد كان ظالمًا عدّة مرات معي، حتّى إنّه هدّدني بالموت!" ما الذي تقوله؟ لم يصلبك بعد كما صُلِب الربّ مِن قِبَل أعدائه.
إن لم تغفر إساءات قريبك، لن يغفر لك أبوك الذي في السماوات زلّاتك (راجع مت 6: 15). ما الذي يقوله ضميرك حين تتلفّظ بهذه الكلمات: "أبانا الذي في السماوات، ليتقدّس اسمك" وما يلي ذلك؟ إنّ الرّب يسوع المسيح لم يقم بأيّ تمييز: لقد سفك دمه أيضًا من أجل من سفكوا دماه. أيمكنك القيام بأمر مشابه؟ حين ترفض أن تغفر لعدوّك، تؤذي نفسك ولا تؤذيه... ما تحضّره، هو عقاب لك في يوم الدينونة...
اسمع ما يقوله الرب: "فإِذا كُنْتَ تُقَرِّبُ قُربانَكَ إِلى المَذبَح وذكَرتَ هُناكَ أَنَّ لأَخيكَ علَيكَ شيئاً، فدَعْ قُربانَكَ هُناكَ عِندَ المَذبح، واذهَبْ أَوَّلاً فصالِحْ أَخاك، ثُمَّ عُدْ فقَرِّبْ قُربانَك"... لإنّ ابن الانسان جاء إلى العالم ليصالح الانسانيّة مع أبيه. كما قال الرّسول بولس: "فقَد حَسُنَ لَدى الله... أَن يُصالِحَ بِه ومِن أَجلِه كُلَّ موجود مِمَّا في الأَرْضِ ومِمَّا في السَّمَوات وقَد حَقَّقَ السَّلامَ بِدَمِ صَليبِه" (كول 1: 22)؛ "وبِه قَضى على العَداوة" (أف 2: 16).
 
 
3.2.6-    يوم الجمعة من أسبوع الأبرار والصدّيقين     -     إنجيل القدّيس متّى 48-38:5    
 
    إنجيل القدّيس متّى 48-38:5
 
قالَ الربُّ يَسوع: «سَمِعْتُم أَنَّهُ قِيل: لا تَزْنِ.
أَمَّا أَنا فَأَقُولُ لَكُم: كُلُّ مَنْ يَنْظُرُ إِلى ٱمْرَأَةٍ لِيَشْتَهِيَها، فَقَدْ زَنى بِهَا في قَلْبِهِ.
إِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ اليُمْنَى سَبَبَ عَثْرَةٍ لَكَ، فَٱقْلَعْها وأَلْقِهَا عَنْكَ، فَخَيْرٌ لَكَ أَنْ يَهْلِكَ أَحَدُ أَعْضَائِكَ، ولا يُلْقَى جَسَدُكَ كُلُّهُ في جَهَنَّم.
وإِنْ كَانَتْ يَدُكَ اليُمْنَى سَبَبَ عَثْرةٍ لَكَ، فَٱقْطَعْها وأَلْقِهَا عَنْكَ، فَخَيْرٌ لَكَ أَنْ يَهْلِكَ أَحَدُ أَعْضَائِكَ، ولا يَذْهَبَ جَسَدُكَ كُلُّهُ إِلى جَهَنَّم.
وقِيلَ أَيْضًا: مَنْ طَلَّقَ ٱمْرَأَتَهُ فَلْيُعْطِها كِتَابَ طَلاق.
أَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُم: كُلُّ مَنْ يُطَلِّقُ ٱمْرَأَتَهُ - إِلاَّ في حَالِ مُسَاكَنَةِ زِنى - يَجْعَلُها تَزْنِي. ومَنْ تَزَوَّجَ مُطَلَّقَةً يَزْني.
سَمِعْتُم أَيْضًا أَنَّهُ قِيْلَ لِلأَقْدَمِين: لا تَحْلِفْ بَاطِلاً، بَلْ أَوْفِ لِلرَّبِّ مَا حَلَفْتَ بِهِ.
أَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُم: لا تَحْلِفُوا أَبَدًا، لا بِالسَّمَاءِ لأَنَّها عَرْشُ الله،
ولا بِالأَرْضِ لأَنَّهَا مَوْطِئُ قَدَمَيْه، ولا بِأُورَشَلِيمَ لأَنَّهَا مَدِينَةُ المَلِكِ الأَعْظَم.
ولا تَحْلِفْ بِرَأْسِكَ، لأَنَّكَ لا تَقْدِرُ أَنْ تَجْعَلَ شَعْرَةً وَاحِدَةً مِنْهُ بَيْضَاءَ أَو سَوْدَاء.
فَلْيَكُنْ كَلامُكُم: نَعَم، نَعَم! لا، لا! ومَا يُزَادُ عَلى ذلِكَ فَهُوَ مِنَ الشِّرِّير.

 

طلبات الرّب يسوع وفرح القلب
القدّيس يوحنّا بولس الثاني (1920 - 2005)، بابا روما،
حديث موجّه إلى شبيبة هولندا، 14 أيّار 1985

 

أعزّائي الشباب، لقد أعلمتموني أنّكم غالبًا ما تعتبرون الكنيسة كمؤسّسة يقتصر عملها فقط على إصدار القوانين والشرائع ... وأنتم تستنتجون من ذلك أنّه يوجد فجوة بين الفرح المنبعث من كلام الرّب يسوع المسيح وبين مفهوم "الاضطهاد" الذي تخلقه فيكم صلابة مواقف الكنيسة... غير أنّ الإنجيل يُبدي لنا مسيحًا مُتطلّبًا جدًّا يدعو الى توبة القلب العميقة والى التجرّد عن خيرات الارض والى مغفرة الإهانات وحبّ العدّو والى قبول الإضطهادات بصبر، وحتى التضحية بحياتنا الخاصة حبًّا بالقريب. أما فيما يتعلق بالمجال الخاص بالأمور الجنسيّة، فإنّنا كلّنا نعلم الموقف الصَّلب الذي إتخذه الرّب يسوع دِفاعًا عن ديمومة الزواج وإدانته المعلنة حتى بما يتعلّق بالزنى البسيط المرتكب بالقلب. وهل بإستطاعتنا ألّا ننفعل أمام أمر "قَلع العين" أو "قطع اليد" إن كانت هذه الأعضاء سبب "شكّ"؟...
إنَّ الإباحة الخُلُقيّة لا تجعل الانسان سعيدًا. كما أن المجتمع الإستهلاكي لا يجلب الفرح الى القلوب. لا يستطيع الكائن البشري أن يحقّق بناء شخصيته إلّا بقدر ما يقبل من المتطلّبات التي تفرضها عليه كرامته كمخلوق "على صورة الله كمثاله" (راجع تك 1: 26). من أجل ذلك، فإنّ الكنيسة حين تقول في زمننا الحاضر أشياءًا لا تُرضي، تكون مضطرّة على ذلك. وهذا التصرّف يفرضه عليها واجب الأمانة...
إذًا هل يمكننا القول أنّ رسالةُ  الإنجيل المُعلنة كرسالة فرح هي غير حقيقيّة؟ بالعكس، إنّها حتمًا رسالة فرح حقيقيّة! فكيف يكون ذلك ممكنًا؟ يوجد الجواب في كلمة، كلمة واحدة، كلمة مختصرة، لكنّ محتواها هو رحبٌ كالبحر. وهذه الكلمة هي: الحبّ. أنّ صرامة الوصيّة وفرح القلب يستطيعان أن يتوافقا بالتمام. مَن يحبّ لا يخشى التضحية. لا بل إنّه يرى في التضحية البرهان المقنع عن صِدق الحبّ.
 
 
3.2.7-   السبت من أسبوع الأبرار والصدّيقين     -     إنجيل القدّيس متّى 48-38:5    
 
    إنجيل القدّيس متّى 48-38:5
 
قالَ الربُّ يَسوع: «سَمِعْتُم أَنَّهُ قِيْل: أَلْعَيْنُ بِالعَين، والسِّنُّ بِالسِّنّ.
أَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُم: لا تُقَاوِمُوا الشِّرِّير، بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلى خَدِّكَ الأَيْمَن، فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيضًا.
ومَنْ أَرَادَ أَنْ يُحَاكِمَكَ لِيَأْخُذَ قَمِيصَكَ، فَٱتْرُكْ لَهُ رِدَاءَكَ أَيْضًا.
ومَنْ سَخَّرَكَ مِيلاً واحِدًا، فَٱذْهَبْ مَعَهُ مِيلَين.
مَنْ يَسْأَلُكَ فَأَعْطِهِ، ومَنْ يُريدُ أَنْ يَقْتَرِضَ مِنْكَ فَلا تُحَوِّلْ وَجْهَكَ عَنْهُ.
سَمِعْتُم أَنَّه قِيل: أَحْبِبْ قَريبَكَ وأَبْغِضْ عَدُوَّكَ.
أَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُم: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُم، وصَلُّوا مِنْ أَجْلِ مُضْطَهِدِيكُم،
لِتَكُونُوا أَبْنَاءَ أَبيكُمُ الَّذي في السَّمَاوَات، لأَنَّه يُشْرِقُ بِشَمْسِهِ عَلى الأَشْرَارِ والأَخْيَار، ويَسْكُبُ غَيْثَهُ عَلى الأَبْرَارِ والفُجَّار.
فَإِنْ أَحْبَبْتُمُ الَّذينَ يُحِبُّونَكُم، فَأَيُّ أَجْرٍ لَكُم؟ أَلَيْسَ العَشَّارُونَ أَنْفُسُهُم يَفْعَلُونَ ذلِكَ؟
وإِنْ سَلَّمْتُمْ عَلى إِخْوَتِكُم وَحْدَهُم، فَأَيَّ فَضْلٍ عَمِلْتُم؟ أَلَيْسَ الوَثَنِيُّونَ أَنْفُسُهُم يَفْعَلُونَ ذلِكَ؟
فَكُونُوا أَنْتُمْ كَامِلِين، كمَا أَنَّ أَبَاكُمُ السَّمَاوِيَّ هُوَ كَامِل.

 

«مَن أَرادَ أَن يُحاكِمَكَ لِيَأخُذَ قَميصَكَ، فَٱترُك لَهُ رِداءَكَ أَيضًا»
القدّيسة تيريزيا الطفل يسوع والوجه الأقدس (1873 - 1897)، راهبة كرمليّة وملفانة الكنيسة،
قصائد بعنوان: «عيش الحب» و«لماذا أحبّك يا مريم»

 

إنّ عيش الحبّ هو عطاء بلا حدود، بدون المطالبة بأجرٍ هنا في الأرض.
آه! أنا أعطي من دون حسابٍ، كَوني أكيدة فعلاً أنّه عندما نحبّ، لا نحسب!
لقد أعطيت كلّ شيء للقلب الإلهيّ، الطافح بالحنان... فها أنا أركض بخفّة
ليس عندي شيء إلّا غناي الوحيد: عيش الحبّ.
إنّ عيش الحبّ، هو انتفاء كلّ خشية، وكلّ ذكرى من أخطاء الماضي.
لا أرى أيَّ أثر من خطاياي، ففي لحظة، حَرَق الحبّ كلّ شيء!
أيّتها الشعلة الإلهيّة، الأتّون العذبة، في مسكنك أثبّت مقامي.
فأنا في لَهِيِبك أغنّي بحرّيّة... "أعيش الحب!"...
"عيَش الحبّ، يا للجنون الغريب!"... يقول لي العالم: "آه! توقّفي عن الغناء،
"لا تخسري عطركِ، حياتكِ: "اعرفي أن تستعمليها بفائدة!"
أن نحبّك يا يسوع، يا للخصوبة الضائعة! كلّ عطوري هي لك دون رجوع،
أريد أن أغنّي بالخروج من هذا العالم: "أموت من الحبّ!"
أن نحبّ هو أن نعطي كلّ شيء وأن نهب ذواتنا بكلّيتها.
 
 
3.3.1-    أحد الموتى المؤمنين     -     إنجيل القدّيس لوقا 31-19:16    
 
    إنجيل القدّيس لوقا 31-19:16
 
قالَ الربُّ يَسوع: «كَانَ رَجُلٌ غَنِيٌّ يَلْبَسُ الأُرْجُوانَ وَالكَتَّانَ النَّاعِم، وَيَتَنَعَّمُ كُلَّ يَوْمٍ بِأَفْخَرِ الوَلائِم.
وكانَ رَجُلٌ مِسْكِينٌ ٱسْمُهُ لَعَازَرُ مَطْرُوحًا عِنْدَ بَابِهِ، تَكْسُوهُ القُرُوح.
وكانَ يَشْتَهِي أَنْ يَشْبَعَ مِنَ الفُتَاتِ المُتَسَاقِطِ مِنْ مَائِدَةِ الغَنِيّ، غَيْرَ أَنَّ الكِلابَ كَانَتْ تَأْتِي فَتَلْحَسُ قُرُوحَهُ.
وَمَاتَ المِسْكينُ فَحَمَلَتْهُ ٱلمَلائِكَةُ إِلى حِضْنِ إِبْرَاهِيم. ثُمَّ مَاتَ الغَنِيُّ وَدُفِن.
وَرَفَعَ الغَنِيُّ عيْنَيْه، وَهُوَ في الجَحِيمِ يُقَاسِي العَذَاب، فَرَأَى إِبْرَاهِيمَ مِنْ بَعِيد، وَلَعَازَرَ في حِضْنِهِ.
فَنَادَى وقَال: يا أَبَتِ إِبْرَاهِيم، إِرْحَمْنِي وَأَرْسِلْ لَعَازَرَ لِيَبُلَّ طَرَفَ إِصْبَعِهِ بِمَاءٍ وَيُبرِّدَ لِسَانِي، لأَنِّي مُتَوَجِّعٌ في هذَا اللَّهِيب.
فَقالَ إِبْرَاهِيم: يا ٱبْنِي، تَذَكَّرْ أَنَّكَ نِلْتَ خَيْراتِكَ في حَيَاتِكَ، وَلَعَازَرُ نَالَ البَلايَا. والآنَ هُوَ يَتَعَزَّى هُنَا، وأَنْتَ تَتَوَجَّع.
وَمَعَ هذَا كُلِّهِ، فَإِنَّ بَيْنَنا وَبَيْنَكُم هُوَّةً عَظِيمَةً ثَابِتَة، حَتَّى إِنَّ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَجْتَازُوا مِنْ هُنا إِلَيْكُم لا يَسْتَطْيعُون، ولا مِنْ هُناكَ أَنْ يَعْبُرُوا إِلَيْنا.
فَقَالَ الغَنِيّ: أَسْأَلُكَ إِذًا، يا أَبَتِ، أَنْ تُرْسِلَ لَعَازَرَ إِلَى بَيْتِ أَبي،
فإنَّ لي خَمْسَةَ إِخْوة، لِيَشْهَدَ لَهُم، كَي لا يَأْتُوا هُمْ أَيْضًا إِلى مَكَانِ العَذَابِ هذَا.
فقَالَ إِبْرَاهِيم: عِنْدَهُم مُوسَى وَالأَنْبِياء، فَلْيَسْمَعُوا لَهُم.
فَقال: لا، يَا أَبَتِ إِبْرَاهِيم، ولكِنْ إِذَا مَضَى إِلَيْهِم وَاحِدٌ مِنَ الأَمْوَاتِ يَتُوبُون.
فقالَ لَهُ إِبْرَاهِيم: إِنْ كانُوا لا يَسْمَعُونَ لِمُوسَى وَالأَنْبِيَاء، فَإِنَّهُم، وَلَو قَامَ وَاحِدٌ مِنَ الأَمْوَات، لَنْ يَقْتَنِعُوا!».

 

«وكانَ رَجُلٌ فَقيرٌ اسمُه لَعازَر مُلْقىً عِندَ بابِه»
القدّيس غريغوريوس النزيانزيّ (330 - 390)، أسقف وملفان الكنيسة ،

 

قال الربّ: "طوبى لِلرُّحَماء، فإِنَّهم يُرْحَمون" (مت 5: 7). فالرحمة هي من أهمّ التطويبات: طوبى لمَن "يَعطِفُ على الكَسيرِ والمِسْكين ويُخَلِّصُ نُفوسَ المَساكين" (مز72[71]: 13)، وأيضًا: "طوبى لِلرَّجُلِ الَّذي يَرأفُ ويُقرِض (مز112[111]: 5)، وفي مكان آخر: "طَوالَ النَّهارِ يَرأَفُ البار ويُقرِض ونَسلُه مُبارَك (مز36[35]: 26). فلنتقيّد بهذا التطويب ولنعرف كيف نفهم ولنكنْ صالحين.
حتّى الليل لا يفترض به أن يوقف رحمتك؛ "لا تَقُلْ لِقَريبِكَ: اذهَبْ وعُدْ فأُعْطِيَكَ غَدًا، إِذا كانَ الشَّيءُ عِندَكَ" (أم 3: 28). لا يكونَنّ هنالك من تردّد بين ردّ فعلك الأوّل وكرمك. عليكَ "أَن تَكسِرَ للجائِعِ خُبزَكَ وأَن تُدخِلَ البائسينَ المَطْرودينَ بَيتَكَ" (إش7: 58)، وافعل ذلك من كلّ قلبك. قال القدّيس بولس: "مَن يَرحَم فلْيَرحَمْ بِبَشاشَة" (رو 8: 12)؛ إنّ استحقاقك يتضاعف من خلال مبادرتك؛ إنّ العطيّة التي تُقدّم بحزن وإكراه تكون بدون طعم ولا لون. يجب عمل الخير بقلب ممتلئ فرحًا، لا بكآبة. "حينَئِذٍ يَبزُغُ كالفَجرِ نورُكَ ويَندَبُ جُرحُكَ سَريعاً" (إش58: 8). فهل من أحد لا يرغب في النور والشفاء؟
لهذا السبب يا خدّام الرّب يسوع المسيح، وإخوته وورثته (راجع غل4: 7)، كلّما سنحت لنا الفرصة، فلنقمْ بزيارة الرّب يسوع المسيح، ولنقدّم له الطعام والملبس ونأويه ونكرّمه (راجع مت25: 31 وما يليها). ليس فقط بدعوته إلى المائدة كما فعل البعض، أو بسكب العطور عليه مثل مريم المجدلية، أو بتأمين القبر له مثل نيقوديمُس... لا باللبان والذهب والمرّ مثل المجوس... إنّ ربّ الكون "يريد الرحمة لا الذبيحة" (مت9: 13)، وتعاطفنا بدل "قطعان الغنم" (مي6: 7). لنظهر له إذًا الرحمة من خلال أيدي هؤلاء المساكين الممدّدين اليوم على الأرض، لكي يقوموا في يوم رحيلنا من ههنا، بإدخالنا "إلى المساكن الأبديّة" (لو16: 9)، في ربّنا يسوع المسيح نفسه.
 
 
3.3.2-    الاثنين من أسبوع الموتى المؤمنين     -     إنجيل القدّيس لوقا 7-1:12    
 
    إنجيل القدّيس لوقا 7-1:12
 
في تِلْكَ الأَثْنَاء، ٱحْتَشَدَتْ عَشَرَاتُ الأُلُوفِ مِنَ الجُمُوع، حَتَّى دَاسَ بَعْضُهُم بَعْضًا، فَبَدَأَ يَسُوعُ يَقُولُ أَوَّلاً لِتَلامِيذِهِ: «إِحْذَرُوا لأَنْفُسِكُم مِنْ خَميرِ الفَرِّيسِيِّين، الَّذي هُوَ الرِّيَاء.
فَمَا مِنْ مَحْجُوبٍ إِلاَّ سَيُكْشَف، وَمَا مِنْ خَفِيٍّ إِلاَّ سَيُعْرَف.
لِذلِكَ فَكُلُّ مَا قُلْتُمُوهُ في الظُّلْمَةِ سَيُسْمَعُ في النُّور، وَمَا تَكَلَّمْتُم بِهِ هَمْسًا في المَخَادِعِ سَيُنادَى بِهِ عَلَى السُّطُوح.
وَأَقُولُ لَكُم، يَا أَحِبَّائِي: لا تَخَافُوا مِمَّنْ يَقْتُلُونَ الجَسَد، وَبَعْدَ ذلِكَ لا يَقْدِرُونَ أَنْ يَفْعَلُوا أَكْثَر.
بَلْ أُبَيِّنُ لَكُم مِمَّنْ تَخَافُون: خَافُوا مِمَّنْ، إِذَا قَتَل، لَهُ سُلْطانٌ أَنْ يُلْقِيَ في جَهَنَّم. نَعَم، أَقُولُ لَكُم، مِنْ هذا خَافُوا.
أَلا تُبَاعُ خَمْسَةُ عَصَافِيرَ بِفَلْسَين، ووَاحِدٌ مِنْهَا لا يُنْسَى أَمَامَ الله؟
إِنَّ شَعْرَ رَأْسِكُم كُلَّهُ مَعْدُود، فَلا تَخَافُوا! إِنَّكُم أَفْضَلُ مِنْ عَصَافِيرَ كَثِيرَة.

 

«لا تَخافوا النّاس. فَما مِن مَستُورٍ إِلاَّ سَيُكشَف، ولا مِن مَكتومٍ إِلاَّ سَيُعلَم»
كتاب الاقتداء بالمسيح من القرن الخامس عشر،
الجزء الثّاني، الفصل الأوّل

 

"لأَنَّه لَيسَ لَنا هُنا مَدينةٌ باقِيَة" (عب 13: 14). حيثما أنت، فإنّك لست سوى ضيف أو عابر سبيل، ولن يكون لك السلام أبدًا ما لم تكن متّحدًا اتّحادًا حميمًا مع الرّب يسوع المسيح. ما الذي تبحث عنه من حولك؟ إنّ مكان راحتك ليس ههنا. مسكنك هو في السماء ولا شيء على هذه الأرض هو لك. كلّ شيء يزول وسوف تزول أنت أيضًا مع كلّ ما من حولك. احذر إذًا أن تتعلّق بأيّ شيء كان، لأنّك سوف تُؤخذ وتهلك.
اسمح لأفكارك بأن تتحوّل إلى العليّ من دون توقّف وأن ترتفع صلاتك نحو الرّب يسوع المسيح. إن كنت لا تعرف كيف تتأمّل في عمق الأسرار السماويّة، استرخِ في آلام الرّب يسوع واعشق أن تختبئ داخل جراحاته المقدّسة لأنّك، إن كنت تلجأ إلى جروح وندوب الرّب يسوع، فإنّك تجد لنفسك الراحة في المحنة. لن تخشى احتقار البشر لك وستتحمّل بسهولة انتقاداتهم. في هذا العالم، كان الرّب يسوع مُحتقرًا من البشر، وفي حزنه الشديد، تخلّى عنه أصدقاؤه والمقرّبون إليه وسُلِّم إلى العار. أراد الرّب يسوع المسيح أن يتألّم وأن يكون موضع احتقار... فكيف تجرؤ انت على الشكوى من أدنى معاكسة؟
إن أردت أن تملك مع الرّب يسوع المسيح، فعِـش معه وله. ولو كنت قادرًا، مرّة واحدة، أن تدخل إلى قلب الرّب يسوع، ولو استطعت أن تشعر بحبّه الشديد، فلن تقلق أبدًا ممّا يمكن أن يجعلك سعيدًا أو تعيسًا، بل سوف تفرح عند الإذلال لأنّ حبّ البشر للرّب يسوع يسمح لهم أن يحتقروا كلّ شيء. إنّ مَن يحبّ الرّب يسوع ويحب الحقيقة ومَن نجح في التحرّر من كلّ عاطفة منجرفة، يتمكّن من الاقتراب من الله بحريّة، ويرتفع بنفسه فوق حالته الرَّاهنة، ويتذوّق السعادة الأبديّة بالرّب يسوع. إنّ كلّ مَن يحكم على الأمور من خلال ما تستحقّه من حكم حقًّا وليس من خلال كلمات الناس وظنونهم، لهو حقًّا حكيم ومتعلّم من الله.
 
 
3.3.3-    الثلاثاء من أسبوع الموتى المؤمنين     -     إنجيل القدّيس لوقا 12-8:12    
 
    إنجيل القدّيس لوقا 12-8:12
 
قالَ الربُّ يَسوع: «كُلُّ مَنِ ٱعْتَرَفَ بِي أَمَامَ النَّاس، يَعْتَرِفُ بِهِ ٱبْنُ الإِنْسانِ أَمَامَ مَلائِكَةِ الله.
وَمَنْ أَنْكَرَني أَمَامَ النَّاس، يُنْكَرُ أَمَامَ مَلائِكَةِ الله.
وَكُلُّ مَنْ يَقُولُ كَلِمَةً عَلَى ٱبْنِ الإِنْسانِ يُغْفَرُ لَهُ، أَمَّا مَنْ جَدَّفَ عَلَى الرُّوحِ القُدُسِ فَلَنْ يُغْفَرَ لَهُ.
وَحِينَ يُقَدِّمُونَكم إِلى المَجَامِعِ وَالرِّئَاسَاتِ والسُّلُطَات، لا تَهْتَمُّوا كَيْفَ أَو بِمَاذَا تُدَافِعُونَ عَنْ أَنْفُسِكُم، أَوْ مَاذَا تَقُولُون.
فٱلرُّوحُ القُدُسُ يُعَلِّمُكُم في تِلْكَ السَّاعةِ مَا يَجِبُ أَنْ تَقُولُوه».

 

«كُلُّ مَن ٱعتَرَفَ بي أَمامَ ٱلنّاس، يَعتَرِفُ بِهِ ٱبنُ ٱلإِنسانِ أَمامَ مَلائِكَةِ ٱلله»
كتاب أعمال الشهداء كاربُس، بابيلُس وأغاثونيس،
الجزء الثّاني

 

استشهاد كاربُس
في عهد الإمبراطور ديسيوس، كان أوبتيمُس حاكمًا على مدينة بِرغامُس؛ فمثل أمامه الطوباوي كاربُس، أسقف جادُس، والشمّاس بابليس من ثياتيرا، خادِمَيّ الرّب يسوع. قال الحاكم لكاربُس:
- ما اسمك؟
- اسمي الأول والأنبل هو "مسيحي". لكن اسمي المعروف بين العالم هو كاربُس.
- أنت تعرف قوانين قيصر التي تفرض تقديم ذبيحة للآلهة، أسياد هذا العالم. آمرك أن تقترب وتقدّم الذبيحة.
- أنا مسيحي. أعبد الرّب يسوع المسيح، ابن الله الذي جاء إلى الأرض في هذه الأزمنة الأخيرة ليخلّصنا وليحرّرنا من مكائد الشيطان. لذا، لن أقدّم ذبيحة للأوثان.
- قدّم ذبيحة للآلهة، كما أمر الإمبراطور.
- الموت للآلهة التي لم تخلق السماء والأرض.
- قدّم ذبيحة، هذه أوامر الإمبراطور.
- لا يقدّم الأحياء ذبيحة للأموات.
- أتظنّ أنّ الآلهة هي من الأموات؟
- تمامًا. وهذا هو التفسير: هم يشبهون الناس، لكنّهم بلا حراك. توقّف عن تأليههم؛ وبما أنّهم لا يتحرّكون، ستأتي الكلاب والغرباء لتغطيتهم بالنفايات.
- يجب أن تقدّم ذبيحة... أشفق على نفسك.
- لهذا السبب بالذات، اخترت النصيب الأفضل.
عند هذه الكلمات، أمر الحاكم بشنقه وبتمزيقه بالأظافر الحديديّة.
استشهاد بابيلُس
حينئذ، استدار الحاكم باتّجاه بابيلُس لاستجوابه:
- هل أنت من طبقة النبلاء؟
- لا.
- من أنت إذًا؟
- أنا مواطن.
- هل لديك أبناء؟
- الكثير من الأبناء، والحمد لله.
صرخ أحد من وسط الحشود: "هو يسمّي المسيحيّين أبناءه".
- لماذا كذبت عليّ بادّعائك أنّه لديك أولاد؟
- أعتبر أنّني لم أكذب، بل قلت الحقيقة: لديّ أبناء في الربّ في مدن المقاطعة كلّها.
- قدّم ذبيحة أو أوضح كلامك.
- أنا أخدم الربّ منذ شبابي ولم أقدّم أي ذبيحة للأوثان؛ أنا أقدّم نفسي لله الحيّ والحقيقي الذي لديه سلطان علينا نحن البشر. والآن، انتهيت من الكلام، لم يعد لديّ ما أضيفه.
عُلِّق هو أيضًا على منصّة التعذيب حيث تمّ تمزيقه بواسطة الأظافر الحديديّة. تناوبت ثلاث فرق من الجلاّدين على تعذيبه بدون أن تصدر أيّة شكوى عن بابيلُس. بكلّ بَسالة، تحمّل غضب أعدائه بصمت عميق... أمر الحاكم بحرق كاربُس وبابيلُس وهما على قيد الحياة. في المدرّج، رأى المشاهدون الأقرب إلى كاربُس أنّ هذا الأخير كان يبتسم. متفاجئين بذلك، سألوه: "لماذا تبتسم؟" أجاب الطوباوي: "رأيت مجد الربّ، وأنا سعيد. ها قد تحرّرت من ظلمكم".
استشهاد أغاثونيس
كانت أغاثونيس، امرأة من بين الحشود، ولمّا شهِدت مجد الربّ الذي رآه كاربُس وهو يموت، فهمت أنّ هذه علامة من السماء وما لبثت أن صرخت: "هذا العيد مُعدّ ليَ أيضا"... أنا مسيحيّة. لم أقدّم أبدًا أيّة تضحية للشياطين، فقط لله، وأنا مُستعدّة، إن كنت أستحقّ ذلك، أن أمشي على خطى معلِّمِيّ القدّيسين، فهذه هي أمنيتي الكُبرى"...
فقال لها الحاكم:
- قدّمي ذبيحة للآلهة ولا تُجبريني على الحكم عليك كما حكمت على من سبقك.
- قم بما تُريد، أنا أتيتُ لأتعذّب باسم الرّب يسوع المسيح. أنا مُستعدّة."
فأُخِذت هي أيضًا إلى مكان الإعدام وكانت شديدة السعادة؛ وعندما جُرّدت من ملابسها، صاح الواقفون متعجّبين من جمالها واشتكوا قائلين: "ما هذا الحكم الجائر وما هذه المراسيم غير العادلة". وعندما كانت النيران تشتعل، صرخت أغاثونيس قائلة: "يا ربّي، يا ربّي، يا ربّي، ساعدني يا ربّي يسوع المسيح، ها أنا ألتجئ إليك". أسلمت روحها وهي تُردّد هذه الصلاة.
 
 
3.3.4-    الأربعاء من أسبوع الموتى المؤمنين     -     إنجيل القدّيس لوقا 21-13:12    
 
    إنجيل القدّيس لوقا 21-13:12
 
قَالَ وَاحِدٌ مِنَ الجَمْع لِيَسُوع: «يَا مُعَلِّم، قُلْ لأَخِي أَنْ يُقَاسِمَنِي المِيرَاث».
فَقَالَ لهُ: «يا رَجُل، مَنْ أَقَامَنِي عَلَيْكُمَا قَاضِيًا وَمُقَسِّمًا؟».
ثُمَّ قَالَ لَهُم: «إِحْذَرُوا، وَتَحَفَّظُوا مِنْ كُلِّ طَمَع، لأَنَّهُ مَهْمَا كَثُرَ غِنَى الإِنْسَان، فَحَياتُهُ لَيْسَتْ مِنْ مُقْتَنَياتِهِ».
وَقَالَ لَهُم هذَا المَثَل: «رَجُلٌ غَنِيٌّ أَغَلَّتْ لهُ أَرْضُهُ.
فَرَاحَ يُفَكِّرُ في نَفْسِهِ قَائِلاً: مَاذَا أَفْعَل، وَلَيْسَ لَدَيَّ مَا أَخْزُنُ فِيهِ غَلاَّتِي؟
ثُمَّ قَال: سَأَفْعَلُ هذَا: أَهْدِمُ أَهْرَائِي، وَأَبْنِي أَكْبَرَ مِنْها، وَأَخْزُنُ فِيهَا كُلَّ حِنْطَتِي وَخَيْراتِي،
وَأَقُولُ لِنَفْسِي: يا نَفْسِي، لَكِ خَيْرَاتٌ كَثِيرَةٌ مُدَّخَرَةٌ لِسِنينَ كَثِيرَة، فٱسْتَريِحي، وَكُلِي، وٱشْرَبِي، وَتَنَعَّمِي!
فَقَالَ لَهُ الله: يا جَاهِل، في هذِهِ اللَّيْلَةِ تُطْلَبُ مِنْكَ نَفْسُكَ. وَمَا أَعْدَدْتَهُ لِمَنْ يَكُون؟
هكذَا هِيَ حَالُ مَنْ يَدَّخِرُ لِنَفْسِهِ، وَلا يَغْتَنِي لله».

 

«تَبَصَّروا وَٱحذَروا كُلَّ طَمَع، لِأَنَّ حَياةَ ٱلمَرءِ، وَإِنِ ٱغتَنى، لا تَأتيهِ مِن أَموالِهِ»
القدّيس يوحنّا ماري فِيَنّي (1786 - 1859)، كاهن وخوري آرس،
روحانيّة خوري آرس من خلال تعليمه، عظاته وأحاديثه

 

مخطئ في حساباته ذاك الذي يعمل بكّدٍّ يوم الأحد، مع ظنّه بأنّه سوف يكسب المزيد من المال أو يُنجز المزيد من الأعمال! هل سيكون بمقدور قليل من المال أن يعوّض عن الضرر الذي يسبّبه لنفسه بانتهاكه قانون الله؟ تظنّون أنّ كلّ شيء يعتمد على عملكم؛ ولكن قد يصيبكم مرض، أو تتعرّضون لحادث. فالأمر يتطّلب القليل من الأشياء: عاصفة، بَرَد، جليد ...
اعملوا، لا للقوت الذي يفنى، ولكن للذي يبقى للحياة الأبديّة. ما الذي يرجع لكم مِن عملكم يوم الأحد؟ إنّكم تدَعون الأرض كما هي عندما ترحلون منها. إنّكم لا تأخذون أيّ شيء. هدفنا الأوّل هو الذهاب إلى الله؛ نحن على الأرض فقط لأجل ذلك.
يا إخوتي، يجب أن نموت يوم الأحد وأن نقوم يوم الإثنين. الأحد هو خير الله: إنّه يومه، يوم الربّ. لقد صنع كلّ أيّام الأسبوع؛ كان يمكنه الاحتفاظ بها كلّها. إنّه أعطاكم ستّة، ولم يدع له إلّا السابع فقط!
 
 
3.3.5-    الخميس من أسبوع الموتى المؤمنين     -     إنجيل القدّيس لوقا 32-22:12    
 
    إنجيل القدّيس لوقا 32-22:12
 
قالَ الربُّ يَسوع: «لا تَهْتَمُّوا لِنَفْسِكُم بِمَا تَأْكُلُون، وَلا لِجَسَدِكُم بِمَا تَلْبَسُون.
فٱلنَّفْسُ أَهَمُّ مِنَ الطَّعَام، وَالجَسَدُ أَهَمُّ مِنَ اللِّبَاس.
تَأَمَّلُوا الغِرْبَان، فَهيَ لا تَزْرَعُ وَلا تَحْصُد، وَلَيْسَ لَهَا مَخَازِنُ وَأَهْرَاء، وٱللهُ يَقُوتُها. فَكَمْ أَنْتُم بِالحَرِيِّ أَفْضَلُ مِنَ الطُّيُور؟
وَمَنْ مِنْكُم، إِذَا ٱهْتَمَّ، يَسْتَطِيعُ أَنْ يُطِيلَ عُمْرَهُ مِقْدارَ ذِرَاع؟
فَإِنْ كُنْتُمْ لا تَسْتَطِيعُونَ القَلِيل، فَلِمَاذَا تَهْتَمُّونَ بِالبَاقِي؟
تَأَمَّلُوا الزَّنَابِقَ كَيْفَ تَنْمُو، وَهيَ لا تَغْزِلُ وَلا تَنْسُج، وَأَقُولُ لَكُم: إِنَّ سُلَيْمَانَ نَفْسَهُ، في كُلِّ مَجْدِهِ، لَمْ يَلْبَسْ كَوَاحِدَةٍ مِنْهَا.
فَإِنْ كَانَ العُشْبُ الَّذي يُوجَدُ اليَومَ في الحَقْل، وَغَدًا يُطْرَحُ في التَّنُّور، يُلْبِسُهُ اللهُ هكذَا، فَكَمْ بِالأَحْرَى أَنْتُم، يَا قَلِيلِي الإِيْمَان؟
فَأَنْتُم إِذًا، لا تَطْلُبُوا مَا تَأْكُلُون، وَمَا تَشْرَبُون، وَلا تَقْلَقُوا،
فَهذَا كُلُّهُ يَسْعَى إِلَيْهِ الوَثَنِيُّونَ في هذَا العَالَم، وَأَبُوكُم يَعْلَمُ أَنَّكُم تَحْتَاجُونَ إِلَيْه.
بَلِ ٱطْلُبُوا مَلَكُوتَ الله، وَهذَا كُلُّهُ يُزَادُ لَكُم.
لا تَخَفْ، أَيُّها القَطِيعُ الصَّغِير، فَقَدْ حَسُنَ لَدَى أَبِيكُم أَنْ يُعْطِيَكُمُ المَلَكُوت.
 
 
3.3.6-    يوم الجمعة من أسبوع الموتى المؤمنين     -     إنجيل القدّيس لوقا 40-33:12    
 
    إنجيل القدّيس لوقا 40-33:12
 
قالَ الربُّ يَسوع: «بِيعُوا مَا تَمْلِكُون، وَتَصَدَّقُوا بِهِ، وٱجْعَلُوا لَكُم أَكْيَاسًا لا تَبْلَى، وَكَنْزًا في السَّماوَاتِ لا يَنفَد، حَيْثُ لا يَقْتَرِبُ سَارِق، ولا يُفْسِدُ سُوس.
فَحَيْثُ يَكُونُ كَنْزُكُم، هُنَاكَ يَكُونُ أَيْضًا قَلْبُكُم.
لِتَكُنْ أَوْسَاطُكُم مَشْدُودَة، وَسُرْجُكُم مُوقَدَة.
وَكُونُوا مِثْلَ أُنَاسٍ يَنْتَظِرُونَ سَيِّدَهُم مَتَى يَعُودُ مِنَ العُرْس، حَتَّى إِذَا جَاءَ وَقَرَع، فَتَحُوا لَهُ حَالاً.
طُوبَى لأُولئِكَ العَبِيدِ الَّذينَ، مَتَى جَاءَ سَيِّدُهُم، يَجِدُهُم مُتَيَقِّظِين. أَلحَقَّ أَقُولُ لَكُم: إِنَّهُ يَشُدُّ وَسْطَهُ، وَيُجْلِسُهُم لِلطَّعَام، وَيَدُورُ يَخْدُمُهُم.
وَإِنْ جَاءَ في الهَجْعَةِ الثَّانِيَةِ أَوِ الثَّالِثَة، وَوَجَدَهُم هكذَا، فَطُوبَى لَهُم!
وٱعْلَمُوا هذَا: إِنَّهُ لَوْ عَرَفَ رَبُّ البَيْتِ في أَيِّ سَاعَةٍ يَأْتِي السَّارِق، لَمَا تَرَكَ بَيْتَهُ يُنقَب.
فَكُونُوا أَنْتُم أَيْضًا مُسْتَعِدِّين، لأَنَّ ٱبْنَ الإِنْسَانِ يَجِيءُ في سَاعَةٍ لا تَخَالُونَها!».

 

«كونوا أنتُم أيضًا مُستَعدّين»
القدّيس قِبريانُس (نحو 200 - 258)، أسقف قرطاجة وشهيد،
عن الوحدة، 26-27

 

حين قالَ الربّ: "متى جاءَ ابنُ الإنسان، أفَتُراه يَجِدُ الإيمانَ على الأرض"؟ (لو 18: 8) كان يفكِّرُ في زمنِنا الحاضر وها نحن نرى هذه النبوءة تَتحقَّق. مخافة الله، وشريعة العدالة، والمحبّة، وأعمال الرحمة... لم تعدْ هذه القِيَم موضوع إيمان. كلّ القِيَم التي كان يمكن لضميرنا أن يخشاها لو كان يؤمنُ بها، لم يَعدْ يخشاها لأنّه لا يؤمنُ بها. فلو كان ضميرنا يؤمنُ بها، لبَقِيَ مُتيقِّظًا؛ ولو بَقِيَ مُتيقِّظًا، لَنالَ الخلاص.
أيّها الإخوة الأحبّاء، فَلنَبقَ مُتيقِّظين قدر المُستَطاع. ولنُحاولْ الخروج من سُباتِنا. فَلنَسهرْ على تأمُّل تعاليم الربّ وعلى ممارستها. لِنَكنْ كما طلبَ منّا الربّ أن نكون حين قالَ: "لِتَكُنْ أوساطُكُم مَشدودَة، وَلْتَكُنْ سُرُجُكم موقَدَة، وكونوا مِثلَ رجالٍ يَنتَظِرون رُجوعَ سيِّدِهم مِنَ العُرس، حتّى إذا جاءَ وقَرَعَ البابَ يَفتَحون لَه مِن وَقتِهِم. طوبى لأولئكَ الخَدَم الذينَ إذا جاءَ سيِّدُهم وَجَدَهم ساهِرين".
أجل، فَلتَبقَ أوساطُنا مَشدودَة كي لا يَجدُنا الربّ مُربَكين ومُشوَّشين حين يحينُ وقت الرحيل. فَليَسطَعْ نورُنا وَليُشِعّ بالأعمال الصالحة، وَليَنقُلْنا من ظلمة هذا العالم إلى النور والمحبّة الأبديّين. فَلنَنتَظرْ بحَذَر وعناية وصول الربّ المُفاجئ، حتّى إنّه حين يقرَع الباب، يكون إيماننا مُتيقِّظًا لِيَستقبِلَ من الربّ المكافأة التي استَحقَّها على سَهَرِه. إن تَقيَّدْنا بوصاياه، وإن حَفِظْنا هذه التحذيرات وهذه التعاليم، لن تَتمكَّنَ خِدَع الشرّير الكاذبة من هزمِنا خلال نَومِنا. لكن بصِفَتِنا خَدَمًا مُتيقِّظين، سوف نَملكُ مع الرّب يسوع المسيح المُنتَصِر.
 
 
3.3.7-    السبت من أسبوع الموتى المؤمنين     -     إنجيل القدّيس لوقا 59-49:12    
 
    إنجيل القدّيس لوقا 59-49:12
 
قالَ الربُّ يَسوع: «جِئْتُ أُلْقِي عَلَى الأَرْضِ نَارًا، وَكَمْ أَوَدُّ لَوْ تَكُونُ قَدِ ٱشْتَعَلَتْ!
وَلي مَعْمُودِيَّةٌ أَتَعَمَّدُ بِهَا، وَمَا أَشَدَّ تَضَايُقِي إِلى أَنْ تَتِمّ!
هَلْ تَظُنُّونَ أَنِّي جِئْتُ أُحِلُّ في الأَرْضِ سَلامًا؟ أقُولُ لَكُم: لا! بَلِ ٱنْقِسَامًا!
فَمُنْذُ الآنَ يَكُونُ خَمْسَةٌ في بَيْتٍ وَاحِد، فَيَنْقَسِمُون: ثَلاثةٌ عَلَى ٱثْنَيْن، وٱثْنَانِ عَلى ثَلاثَة!
يَنْقَسِمُ أَبٌ عَلَى ٱبْنِهِ وٱبْنٌ عَلَى أَبِيه، أُمٌّ عَلَى ٱبْنَتِهَا وٱبْنَةٌ عَلَى أُمِّهَا، حَمَاةٌ عَلَى كَنَّتِها وَكَنَّةٌ عَلَى حَمَاتِها!».
وَقَالَ أَيْضًا لِلْجُمُوع: «مَتَى رَأَيْتُم سَحَابَةً تَطْلُعُ مِنَ المَغْرِب، تَقُولُونَ في الحَال: أَلمَطَرُ آتٍ! فَيَكُونُ كَذلِكَ.
وَعِنْدَمَا تَهُبُّ رِيحُ الجَنُوب، تَقُولُون: سَيَكُونُ الطَّقْسُ حَارًّا! ويَكُونُ كَذلِكَ.
أَيُّهَا المُرَاؤُون، تَعْرِفُونَ أَنْ تُمَيِّزُوا وَجْهَ الأَرْضِ وَالسَّمَاء، أَمَّا هذا الزَّمَانُ فَكَيْفَ لا تُمَيِّزُونَهُ؟
وَلِمَاذا لا تَحْكُمُونَ بِالحَقِّ مِنْ تِلْقَاءِ أَنْفُسِكُم؟
حِينَ تَذْهَبُ مَعَ خَصْمِكَ إِلى الحَاكِم، إِجْتَهِدْ في الطَّرِيقِ أَنْ تُنْهِيَ أَمْرَكَ مَعَهُ، لِئَلاَّ يَجُرَّكَ إِلى القَاضِي، وَيُسَلِّمَكَ القَاضِي إِلى السَّجَّان، وَالسَّجَّانُ يَطْرَحُكَ في السِّجْن.
أَقُولُ لَكَ: لَنْ تَخْرُجَ مِنْ هُنَاك، حَتَّى تُؤَدِّيَ آخِرَ فَلْس».

 

«جِئتُ لِأُلقِيَ عَلى ٱلأَرضِ نارًا، وَما أَشَدَّ رَغبَتي أَن تَكونَ قَدِ ٱشتَعَلَت»
ديونيسيوس الكرتوزيّ (1402 - 1471)، راهب،
شرح ل إنجيل القدّيس لوقا

 

"جِئتُ لِأُلقِيَ عَلى ٱلأَرضِ نارًا": لقد نزلت إلى الأرض من أعالي السماوات، وبواسطة سِرِّ تَجَسُّدي، اعتلنت للبشر لأُشعِل في قلوبهم البشريّة نار الحبّ الإلهي. " وَما أَشَدَّ رَغبَتي أَن تَكونَ قَدِ ٱشتَعَلَت": أي أن تشتعل فتصبح شعلةً يحرّكها الرُّوح القدس وتتدفّق منها أعمال المحبّة!
بعد كلامه هذا، أعلن الرّب يسوع المسيح بصراحة أنّه سوف يموت على الصليب قبل أن تتّقِد البشريّة بنار حبّه هذا. بالفعل، إنّ آلام المسيح هي التي جعلت البشريّة مستحقّة لهذه النعمة الكبيرة، وإنّ ذكرى هذه الآلام، قبل أي شيء آخر، توقد الشعلة في قلوب المؤمنين. وتابع الربّ قائلاً: "وَعَلَيَّ أَن أَقبَلَ مَعمودِيَّةً"، وبكلامٍ آخر، فإنّ معموديّتي بالدم باتت حتميّة، بتدبير من الله الآب، أي أن أغطس في دمائي فوق الصليب كما لو كنت أغطس في الماء، لكي أفتدي العالم بأسره. "وَما أَشَدَّ ضيقي حَتّى تَتِمّ!": أي إلى أن تنتهي آلامي فأستطيع حينئذٍ القول "قَدْ تَمَّ كُلُّ شَيء" (يو 19: 30).
 
 
فهرس بحسب الرزنامة الطقسية المارونية        -        الانجيل اليومي بحسب التقويم الماروني
زمن الميلاد او المجيء   زمن الغطاس او الدنح   زمن التذكارت   زمن الصوم الكبير   أسبوع الآلام   زمن القيامة والصعود   زمن العنصرة   زمن الصليب
 أسبوع تقديس البيعة
 أسبوع تجديد البيعة
 أسبوع بشارة زكريّا
 أسبوع بشارة العذراء
 أسبوع زيارة العذراء
 أسبوع مولد يوحنّا
 أسبوع البيان ليوسف
 أسبوع النسبة
 عيد ميلاد الربّ يسوع
 عيد تهنئة العذراء مريم
 ألاسبوع الاول من الميلاد
to enlarge
 
 أحد وجود يسوع في الهيكل
 ايام قبل عيد الدنح
 عيد الدنح
 تذكار مديح يوحنّا المعمدان
 الاسبوع الاول  بعد الدنح
 الاسبوع الثاني  بعد الدنح
 الاسبوع الثالث بعد الدنح
 الاسبوع الرابع بعد الدنح
to enlarge
 
 أحد الكهنة الراقدين
 أسبوع الكهنة الراقدين
 أحد الأبرار والصدّيقين
 أسبوع الأبرار والصدّيقين
 أحد الموتى المؤمنين
 أسبوع الموتى المؤمنين
to enlarge
 
 أحد مدخل الصوم الكبير
 اثنين الرماد
 الاسبوع الاول
 الاسبوع الثاني
 الاسبوع الثالث
 الاسبوع الرايع
 الاسبوع الخامس
 الاسبوع السادس
 أحد الشعانين
to enlarge
 
 أحد الشعانين
 بداية اسبوع الآلام
 خميس الأسرار
 يوم الجمعة العظيمة
 سبت النور
 أحد القيامة الكبير
to enlarge
 
 أحد القيامة الكبير
 أسبوع الحواريّين
 الاسبوع الثاني
  الاسبوع الثالث
 الاسبوع الرايع
 الاسبوع الخامس
الاسبوع السادس
 الاسبوع السابع
to enlarge
 
 أحد العنصرة
 الاسبوع الاول
 الاسبوع الثاني
 الاسبوع الثالث
 الاسبوع الرايع
 الاسبوع الخامس
 الاسبوع السادس
 الاسبوع السابع
 الاسبوع الثامن
 الاسبوع التاسع
 الاسبوع العاشر
 الاسبوع الحادي عشر
 الاسبوع الثاني عشر
 الاسبوع الثالث عشر
 الاسبوع الرابع عشر
 الاسبوع الخامس عشر
 الاسبوع السادس عشر
 
 ارتفاع الصليب المقدّس
 الاسبوع الاول
 الاسبوع الثاني
 الاسبوع الثالث
 الاسبوع الرايع
 الاسبوع الخامس
 الاسبوع السادس
 الاسبوع السابع
to enlarge
 
  النصوص مأخوذة من الترجمة الليتُرجيّة المارونيّة - إعداد اللجنة الكتابيّة التابعة للجنة الشؤون الليتورجيّة البطريركيّة المارونيّة (طبعة ثانية – 2007) © pure software code - Since 2003