الإنجيل اليوميّ     -      يا ربّ، إِلى مَن نَذهَب وكَلامُ الحَياةِ الأَبَدِيَّةِ عِندَك ؟ (يوحنا 6: 68) التقويم الماروني
        1-    زمن الميلاد او المجيء
1.4-   أسبوع بشارة العذراء
1.4-   أسبوع زيارة العذراء لاليصابات
1.6-  أسبوع مولد يوحنّا
  الرئيسية  

 
 

الإنجيل اليومي   -     التقويم الماروني  

 

شرح \ تقيم

1.4.1- أحد بشارة العذراء
                                          إنجيل القدّيس لوقا 38-26:1
  مريم، "الممتلئة نعمة" في الحبل بها بلا دنس
      
للقدّيس صفرونيوس (؟ - 639)، راهب وبطريرك أورشليم
1.4.2- الاثنين من أسبوع  بشارة العذراء
                                           إنجيل القدّيس لوقا 32-27:11
  «طُوبَى لِلْبَطْنِ الَّذي حَمَلَكَ، وَلِلثَّدْيَينِ اللَّذَينِ رَضِعْتَهُمَا»
  
  الكاردينال شارل جورنيه (1891 - 1975)، لاهوتيّ
1.4.3- الثلاثاء من أسبوع بشارة العذراء  
                                          إنجيل القدّيس متّى 30-25:11
   
1.4.4- الأربعاء من أسبوع بشارة العذراء   
                                          إنجيل القدّيس متّى 58-54:13
  «أَما هُوَ ٱبنُ ٱلنَّجّار؟»
      
للقدّيس أوغسطينُس (354 - 430)، أسقف هيبّونا (إفريقيا) وملفان الكنيسة
1.4.5- الخميس من أسبوع بشارة العذراء
                                          إنجيل القدّيس متّى 50-46:12
  «مَن يَعمَلُ بِمَشيئَةِ ٱللهِ هُوَ أَخي وَأُختي وَأُمّي»
      
للقدّيس أوغسطينُس (354 - 430)، أسقف هيبّونا (إفريقيا) وملفان الكنيسة
1.4.6- يوم الجمعة من أسبوع بشارة العذراء
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 44-40:6
  الرّب يسوع جعل من ذاته مأكلاً لنا
      
للقدّيسة تيريزيا الكالكوتيّة (1910 - 1997)، مؤسِّسة الأخوات مرسلات المحبّة
1.4.7- السبت من أسبوع بشارة العذراء
                                          إنجيل القدّيس لوقا 24-21:10
  «إِنَّ أَنْبِياءَ وَمُلُوكًا كَثِيرِينَ أَرادُوا أَنْ يَرَوا مَا أَنْتُم تَنْظُرُون، فَلَمْ يَرَوا»
      
للقدّيس ألفونس ماري دو ليغوري (1696 - 1787)، أسقف وملفان الكنيسة
1.5.1- أحد زيارة العذراء لاليصابات
                                          إنجيل القدّيس لوقا 45-39:1
   
1.5.2- الاثنين من أسبوع زيارة العذراء لاليصابات
                                          إنجيل القدّيس لوقا 56-46:1
  «ذاكِرًا كَما قالَ لآبائِنا رَحمَتَه لإِبراهيمَ وذُرَّيَّته لِلأَبد»
      
عظة يونانيّة من القرن الرابع
1.5.3- الثلاثاء من أسبوع زيارة العذراء لاليصابات
                                          إنجيل القدّيس لوقا 42-38:10
  «مَع أَنَّ ٱلحاجَةَ إِلى أَمرٍ واحِد...»
     للقدّيسة كلارا (1193 - 1252)، راهبة فرنسِسيّة
1.5.4- الأربعاء من أسبوع زيارة العذراء لاليصابات  
                                          إنجيل القدّيس لوقا .10-1:19
  «يا زَكّا ٱنزِل عَلى عَجَل، فَيَجِبُ عَلَيَّ أَن أُقيمَ ٱليَومَ في بَيتِكَ»
      
فيلوكسين المَنبِجيّ (؟ - نحو 523)، أسقف في سوريا
1.5.5- الخميس من أسبوع زيارة العذراء لاليصابات
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 42-39:4
   
1.5.6- يوم الجمعة من أسبوع زيارة العذراء لاليصابات
                                          إنجيل القدّيس مرقس 30-24:7
  «دَعي ٱلبَنينَ أَوَّلًا يَشبَعوا. فَلا يَحسُنُ أَن يُؤخَذَ خُبزُ ٱلبَنين، فيُلقى إِلى صِغارِ ٱلكِلاب».
      
إسحَق النجمة (؟ - نحو 1171)، راهب سِستِرسيانيّ
1.5.7- السبت من أسبوع زيارة العذراء لاليصابات
                                          إنجيل القدّيس لوقا 32-27:5
  «فتَركَ كُلَّ شيءٍ وقامَ فتَبِعَه»
    
للقدّيس رافاييل أرناييز بارون (1911 – 1938)، راهب ترابيست إسباني
1.6.1- أحد مولد يوحنّا    
                                          إنجيل القدّيس لوقا 66-57:1
  «فَانفَتَحَ فَمُه لِوَقتِه وَانطَلَقَ لِسانُه فتَكَلَّمَ وبارَكَ الله»
      
للقدّيس أوغسطينُس (354 - 430)، أسقف هيبّونا (إفريقيا) وملفان الكنيسة
1.6.2- الاثنين من أسبوع مولد يوحنّا    
                                          إنجيل القدّيس لوقا 80-67:1
  «لا بُدَّ له مِن أَن يَكبُر. ولا بُدَّ لي مِن أن أَصغُر» (يو 3: 30)
      
للقدّيس أوغسطينُس (354 - 430)، أسقف هيبّونا (إفريقيا) وملفان الكنيسة
1.6.3- الثلاثاء من أسبوع مولد يوحنّا       
                                          إنجيل القدّيس متّى 15-11:11
   
1.6.4- الأربعاء من أسبوع مولد يوحنّا    
                                          إنجيل القدّيس متّى 13-9:17
  إيليّا على جبل حوريب
      
للقدّيس أفرام السريانيّ (نحو 306 - 373)، شمّاس في سوريا وملفان الكنيسة
1.6.5- الخميس من أسبوع مولد يوحنّا
                                          إنجيل القدّيس متّى 27-23:21
  «لأَنَّهم كُلَّهم يَعُدُّونَ يوحَنَّا نَبِيًّا»
      
للقدّيس بيدُس المُكرَّم (نحو 673 - 735)، راهب وملفان الكنيسة
1.6.6- يوم الجمعة من أسبوع مولد يوحنّا
                                          إنجيل القدّيس متّى 19-16:11
   
1.6.7- السبت من أسبوع مولد يوحنّا    
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 36-31:5
  «كَانَ يُوحَنَّا السِّراجَ المُوقَدَ المُنير»
      
جان سكوت إيريجين (؟ - نحو 870)، راهب بِندِكتيّ إيرلنديّ
 
 
1.4.1-    أحد بشارة العذراء   -     إنجيل القدّيس لوقا 38-26:1   
 
    إنجيل القدّيس لوقا 38-26:1
 
وفي الشَّهْرِ السَّادِس (بعد بشارة زكريّا)، أُرْسِلَ المَلاكُ جِبْرَائِيلُ مِنْ عِنْدِ اللهِ إِلى مَدِينَةٍ في الجَلِيلِ ٱسْمُهَا النَّاصِرَة،
إِلى عَذْرَاءَ مَخْطُوبَةٍ لِرَجُلٍ مِنْ بَيْتِ دَاودَ ٱسْمُهُ يُوسُف، وٱسْمُ العَذْرَاءِ مَرْيَم.
ولَمَّا دَخَلَ المَلاكُ إِلَيْهَا قَال: «أَلسَّلامُ عَلَيْكِ، يَا مَمْلُوءَةً نِعْمَة، أَلرَّبُّ مَعَكِ!».
فَٱضْطَربَتْ مَرْيَمُ لِكَلامِهِ، وأَخَذَتْ تُفَكِّرُ مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ هذَا السَّلام!
فقَالَ لَهَا المَلاك: «لا تَخَافِي، يَا مَرْيَم، لأَنَّكِ وَجَدْتِ نِعْمَةً عِنْدَ الله.
وهَا أَنْتِ تَحْمِلينَ، وتَلِدِينَ ٱبْنًا، وتُسَمِّينَهُ يَسُوع.
وهُوَ يَكُونُ عَظِيمًا، وٱبْنَ العَليِّ يُدْعَى، ويُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلهُ عَرْشَ دَاوُدَ أَبِيه،
فَيَمْلِكُ عَلى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلى الأَبَد، ولا يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَة!».
فَقالَتْ مَرْيَمُ لِلمَلاك: «كَيْفَ يَكُونُ هذَا، وأَنَا لا أَعْرِفُ رَجُلاً؟».
فأَجَابَ المَلاكُ وقالَ لَهَا: «أَلرُّوحُ القُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وقُدْرَةُ العَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، ولِذلِكَ فٱلقُدُّوسُ ٱلمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ٱبْنَ ٱلله!
وهَا إِنَّ إِلِيصَابَاتَ نَسِيبَتَكِ، قَدْ حَمَلَتْ هيَ أَيْضًا بٱبْنٍ في شَيْخُوخَتِها. وهذَا هُوَ الشَّهْرُ السَّادِسُ لِتِلْكَ الَّتي تُدْعَى عَاقِرًا،
لأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى ٱللهِ أَمْرٌ مُسْتَحِيل!».
فقَالَتْ مَرْيَم: «هَا أَنا أَمَةُ الرَّبّ، فَلْيَكُنْ لِي بِحَسَبِ قَوْلِكَ!». وٱنْصَرَفَ مِنْ عِنْدِها المَلاك.

 

مريم، "الممتلئة نعمة" في الحبل بها بلا دنس
القدّيس صفرونيوس (؟ - 639)، راهب وبطريرك أورشليم،
عظة للبشارة

 

"افَرحي، أَيَّتُها المُمتَلِئَةُ نِعْمَةً، الرَّبُّ مَعَكِ". ما الذي يمكن أن يكون أعظم من هذا الفرح، أيّتها الأمّ العذراء؟ ما الذي يمكن أن يكون فوق هذه النعمة التي كنت الوحيدة التي حصلت عليها بالمشاركة من قبل الله؟ أيّ أمر أكثر فرحًا وإشعاعًا يمكن تصوّره؟ يبقى كلّ شيء بعيدًا جدًّا عن روائعك؛ كلّ شيء هو أقلّ من نعمتك. إنّ أكثر الامتيازات ضمانةً تحتلّ المرتبة الثانية وتملك وهجًا أقلّ بكثير.

"الربّ معك". من يجرؤ على منافستك في هذا المجال؟ وُلد الله منك. مَن يمكن ألاّ يقدّم لك مكانه فورًا ليترك لك بفرح المقام الأوّل والسمو؟ لذا، عندما أتأمّلك، جالسة فوق جميع المخلوقات، أسبّحكِ بصوت عالٍ: "افَرحي، أَيَّتُها المُمتَلِئَةُ نِعْمَةً، الرَّبُّ مَعَكِ". إنّ الفرح المنبعث منكِ، ليس ممنوحًا للبشر فقط، لكن أيضًا لجميع القوّات الملائكيّة في السماء...

الله نفسه سكن جسديًّا في أحشائك؛ وقد خرج منها كالعريس (مز19[18]: 6) ليحمل إلى جميع البشر الفرح والنور الإلهيّين. فيكِ، أيّتها العذراء، كما في سماء صافية ومشعّة، "أقام الله مقرّه" (مز76[75]: 3). "منك، اندفع كالعريس الخارج من خدره"؛ "وكالجبَّارِ المُبتهجِ في عَدْوِه"، سيعيش مسيرة حياته التي ستحمل الخلاص لجميع الأحياء. "مِن أَقاصي السَّماءَ خُروجُها وإِلى أَقاصيها مَدارُها" كالشمس (مز19[18]: 6 + 7)، سيملأ كلّ الأشياء من حبّه الإلهي ومن نوره المُحيي.

 
 
1.4.2-    الاثنين من أسبوع بشارة العذراء    -     إنجيل القدّيس لوقا 32-27:11
 
    إنجيل القدّيس لوقا 32-27:11
 
فيمَا يَسوعُ يَتَكَلَّم بِهذَا، رَفَعَتِ ٱمْرَأَةٌ مِنَ الجَمْعِ صَوْتَها، وَقَالَتْ لَهُ: «طُوبَى لِلْبَطْنِ الَّذي حَمَلَكَ، وَلِلثَّدْيَينِ اللَّذَينِ رَضِعْتَهُمَا».
أَمَّا يَسُوعُ فَقَال: «بَلِ ٱلطُّوبَى لِلَّذينَ يَسْمَعُونَ كَلِمَةَ اللهِ وَيَحْفَظُونَها!».
وفيمَا كانَ الجُمُوعُ مُحْتَشِدِين، بَدَأَ يَسُوعُ يَقُول: «إِنَّ هذَا الجِيلَ جِيلٌ شِرِّير. إِنَّهُ يَطْلُبُ آيَة، وَلَنْ يُعْطَى آيَةً إِلاَّ آيَةَ يُونَان.
فكَمَا كَانَ يُونانُ آيَةً لأَهْلِ نِينَوى، كَذلِكَ سَيَكُونُ ٱبْنُ الإِنْسَانِ لِهذَا ٱلجِيل.
مَلِكَةُ الجَنُوبِ سَتَقُومُ في الدَّيْنُونَةِ مَعَ رِجَالِ هذا الجِيلِ وَتَدِينُهُم، لأَنَّها جَاءَتْ مِنْ أَقَاصِي الأَرْضِ لِتَسْمَعَ حِكْمَةَ سُلَيْمَان، وَهَا هُنَا أَعْظَمُ مِنْ سُلَيْمَان.
رِجَالُ نِينَوى سَيَقُومُونَ في الدَّيْنُونَةِ مَعَ هذا الجِيلِ وَيَدِينُونَهُ، لأَنَّهُم تَابُوا بِإِنْذَارِ يُونَان، وَهَا هُنَا أَعْظَمُ مِنْ يُونَان.

الكاردينال شارل جورنيه (1891 - 1975)، لاهوتيّ،Conférences données à Genève de 1972 à 1974 sur l’Évangile selon Saint Jean
«طُوبَى لِلْبَطْنِ الَّذي حَمَلَكَ، وَلِلثَّدْيَينِ اللَّذَينِ رَضِعْتَهُمَا»

 

كان الربّ يسوع يكلّمُ الجموع؛ بعضهم لم يكن يفهمْ وكانوا يجادلون. وقالت امرأة: "طُوبَى لِلْبَطْنِ الَّذي حَمَلَكَ، وَلِلثَّدْيَينِ اللَّذَينِ رَضِعْتَهُمَا" (لو 11: 27) امرأة تصرخ تلك الأشياء، يا للرّوعة! إنّه الشعب بما يمتلكُ من أصالة وعمق! في تلك اللّحظة، قال الرب يَسُوع: "بَلِ ٱلطُّوبَى لِلَّذينَ يَسْمَعُونَ كَلِمَةَ اللهِ وَيَحْفَظُونَها". فهو أراد الهروب من حصار العائلة هذا، ما ندعوه اليوم "تطويق المجموعات". ففي البلاد الجبليّة أو الريفيّة، الروابط العائليّة متينة للغاية وتشبه القبائل الصغيرة. وقد أراد الربّ يسوع أن يبتعد عنها.
وحين قيل له: "إِنَّ أُمَّكَ وَإِخْوَتَكَ وَاقِفُونَ في الخَارِجِ يُرِيدُونَ أَنْ يَرَوْك. فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُم: إِنَّ أُمِّي وَإِخْوَتي هُمْ هؤُلاءِ الَّذينَ يَسْمَعُونَ كَلِمَةَ اللهِ وَيَعْمَلُونَ بِهَا" (لو 8: 20 - 21). فهو كان يؤسّس مجتمعًا عابرًا للطبيعة، مجتمعًا لا يقوم على تقارب الحساسيّات والأوضاع الاجتماعيّة المتعلقة بالطبقة وبالأصل.
لا، إنّه شيء آخر. لقد قال لهذه المرأة: "إِنَّ أُمِّي وَإِخْوَتي هُمْ هؤُلاءِ الَّذينَ يَسْمَعُونَ كَلِمَةَ اللهِ وَيَعْمَلُونَ بِهَا". ولكن، هذه المرأة كانت قد سمعت كلمة الله بما أنّها قالت له: " طُوبَى لِلْبَطْنِ الَّذي حَمَلَكَ، وَلِلثَّدْيَينِ اللَّذَينِ رَضِعْتَهُمَا" (راجع لو 8: 19 - 21 و11: 27 - 28). وليس هذا بتأنيب وجّهه الربّ يسوع لها، بل على العكس من ذلك، إنّه تأكيدٌ إذْ يقول: طوبى لكِ إذ فهمتِ أنّ هناك أمرًا أعظم من العلاقات العائليّة، أمرًا يُعطي النور للعلاقات العائليّة حين يتمّ قبولها. ولكنّه أمرٌ من نوعٍ آخر.
إذًا! هذه هي الأمور الّتي أُعلِنَت لنا والّتي فهمها القدّيسون وعاشوا وفقًا لها.
 
 
1.4.3-    الثلاثاء من أسبوع بشارة العذراء    -     إنجيل القدّيس متّى 30-25:11   
 
    إنجيل القدّيس متّى 30-25:11
 
قالَ الربُّ يَسوعُ: «أَعْتَرِفُ لَكَ، يَا أَبَتِ، رَبَّ السَّمَاءِ والأَرْض، لأَنَّكَ أَخْفَيْتَ هذِهِ الأُمُورَ عَنِ الحُكَمَاءِ والفُهَمَاء، وأَظْهَرْتَها لِلأَطْفَال!
نَعَمْ، أَيُّها الآب، لأَنَّكَ هكَذَا ٱرْتَضَيْت!
لَقَدْ سَلَّمَنِي أَبي كُلَّ شَيء، فَمَا مِنْ أَحَدٍ يَعْرِفُ ٱلٱبْنَ إِلاَّ الآب، ومَا مِنْ أَحَدٍ يَعْرِفُ الآبَ إِلاَّ ٱلٱبْن، ومَنْ يُرِيدُ ٱلٱبْنُ أَنْ يُظْهِرَهُ لَهُ.
تَعَالَوا إِليَّ يَا جَمِيعَ المُتْعَبِينَ والمُثْقَلِينَ بِالأَحْمَال، وأَنَا أُريْحُكُم.
إِحْمِلُوا نِيْري عَلَيْكُم، وكُونُوا لي تَلاميذ، لأَنِّي وَدِيعٌ ومُتَواضِعُ القَلْب، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُم.
أَجَل، إِنَّ نِيْري لَيِّن، وحِمْلي خَفِيف!».
 
 
1.4.4-    الأربعاء من أسبوع بشارة العذراء    -     إنجيل القدّيس متّى 58-54:13   
 
    إنجيل القدّيس متّى 58-54:13
 
أَتَى يَسوعُ إِلى النَّاصِرَةَِ بَلْدَتِهِ، فَأَخَذَ يُعَلِّمُ في مَجْمَعِهِم حَتَّى بُهِتُوا وقَالُوا: «مِنْ أَيْنَ لَهُ هذِهِ الحِكْمَةُ وهذِهِ الأَعْمَالُ القَدِيْرَة؟
أَلَيْسَ هذَا ٱبْنَ النَّجَّار؟ أَلا تُدْعَى أُمُّهُ مَرْيَم، وإِخْوَتُهُ يَعْقُوبَ ويُوسِي، وسِمْعَانَ ويَهُوذَا؟
أَلَيْسَتْ جَمِيْعُ أَخَوَاتِهِ عِنْدَنَا؟ فَمِنْ أَيْنَ لَهُ كُلُّ هذَا؟».
وكَانُوا يَشُكُّونَ فِيه. أَمَّا يَسُوعُ فَقَالَ لَهُم: «لا يَكُونُ نَبِيٌّ بِلا كَرَامَةٍ إِلاَّ في بَلْدَتِهِ وفي بَيْتِهِ».
ولَمْ يَصْنَعْ هُنَاكَ أَعْمَالاً قَدِيْرَةً كَثِيْرَةً لِعَدَمِ إِيْمَانِهِم بِهِ.

 

«أَما هُوَ ٱبنُ ٱلنَّجّار؟»
القدّيس أوغسطينُس (354 - 430)، أسقف هيبّونا (إفريقيا الشماليّة) وملفان الكنيسة،
العظة 51: §19 + 30

 

ألا يؤكّد سؤال ربّنا يسوع: "ولِمَ بَحثتُما عَنِّي؟ أَلم تَعلَما أَنَّه يَجِبُ عَليَّ أَن أَكونَ عِندَ أَبي؟" (لو 2: 49)، أنّ أباه هو الله ليعني بذلك أنّ يوسف ليس أبا؟ كيف يمكن إثبات ذلك؟ من خلال الكتاب المقدّس الّذي أكمل على النحو التالي: "ثُمَّ نَزلَ مَعَهما، وعادَ إِلى النَّاصِرَة، وكانَ طائِعاً لَهُما" (لو 2: 51). لمَن كان طائعًا؟ أليس لوالديه؟ إذًا، كان الاثنان والديه... كانا والديه في الزمن، وكان الله أباه في الابديّة. كانا والديّ ابن الإنسان؛ الآب، كلمته، الكلمة، حكمته (راجع 1كور1: 24)، هذه القدرة الّتي بها خلق كلّ شيء...

علينا ألاّ نتفاجأ إذًا إن أعطانا الإنجيليّون نسب الرّب يسوع من ناحية يوسف أكثر منه من ناحية مريم (راجع مت 1: 1؛ لو3: 23). ففي حين أصبحت مريم أمًّا خارج رغبات الجسد، هكذا أصبح يوسف أبًا خارج أيّ علاقة جسديّة. إذًا، هو يستطيع أن يكون نقطة انطلاق نسب المخلّص، بالرغم من عدم كونه أباه بحسب الجسد. نقاوته الكبيرة تؤكّد على أبوّته. أرادت خطّيبته مريم أن تسمّيه أوّلاً: "يا بُنَيَّ، لِمَ صَنَعتَ بِنا ذلك؟ فأَنا وأَبوكَ نَبحَثُ عَنكَ مُتَلَهِّفَيْن" (لو2: 48).

إن ولدت مريم المخلّص خارج قوانين الطبيعة، فقد كان الرُّوح القدس يعمل أيضًا في يوسف، كان يعمل في الاثنين بطريقة متساوية. "يوسف كان رجلاً بارًّا"، كما قال الإنجيليّ متّى (راجع مت 1: 19). فالزوج كان بارًّا، وزوجته كانت بارّة: استراح الرُّوح القدس لهذين البارّين وأعطى ابنًا للإثنين.

 
 
1.4.5-    الخميس من أسبوع بشارة العذراء    -     إنجيل القدّيس متّى 50-46:12   
 
    إنجيل القدّيس متّى 50-46:12
 
فيمَا يَسُوعُ يُكَلِّمُ الجُمُوع، إِذَا أُمُّهُ وإِخْوَتُهُ قَدْ وَقَفُوا في الخَارِجِ يَطْلُبُونَ أَنْ يُكَلِّمُوه.
فقَالَ لَهُ أَحَدُهُم: «هَا إِنَّ أُمَّكَ وإِخْوَتَكَ واقِفُونَ في الخَارِجِ يَطْلُبُونَ أَنْ يُكَلِّمُوك».
فَأَجَابَ يَسُوعُ وقالَ لِمُكَلِّمِهِ: «مَنْ أُمِّي ومَنْ إِخْوَتي؟».
وأَشَارَ بِيَدِهِ إِلى تَلاميذِهِ وقَال: «هؤُلاءِ هُمْ أُمِّي وإِخْوَتي!
لأَنَّ مَنْ يَعْمَلُ مَشِيئَةَ أَبي الَّذي في السَّمَاواتِ هُوَ أَخي وأُخْتِي وأُمِّي!».

 

«مَن يَعمَلُ بِمَشيئَةِ ٱللهِ هُوَ أَخي وَأُختي وَأُمّي»
القدّيس أوغسطينُس (354 - 430)، أسقف هيبّونا (إفريقيا الشماليّة) وملفان الكنيسة،
العظة 25 حول إنجيل القدّيس متّى

 

أرجوكم أن تنتبهوا إلى ما قاله الربّ يسوع المسيح رافعًا يده نحو تلاميذه: "هَؤُلاءِ هُم أُمّي وَإِخوَتي". وأضاف بعدها: "لِأَنَّ مَن يَعمَلُ بِمَشيئَةِ ٱللهِ هُوَ أَخي وَأُختي وَأُمّي". ألم تعمل مريم العذراء بمشيئة الآب، هي الّتي صدّقت بواسطة الإيمان، وحبلت بواسطة الإيمان، واختيرت لكي يولد الخلاص منها لأجلنا، ووُلدت في المسيح قبل أن يولد هو فيها؟ لقد عملت القديسة مريم، نعم، لقد عملت بمشيئة الآب، وبالنتيجة، ما هو أهمّ لمريم هي أنّها كانت تلميذة الرّب يسوع من أنّها كانت أمّه. إذًا، مريم كانت مطوّبة، لأنّها قبل أن تلد الرّب، حملته في حشاها.

قدّيسةٌ هي مريم، وطوباويّة هي! وبالرّغم من ذلك فإنّ الكنيسة هي أهمُّ من مريم العذراء. لماذا؟ لأنّ مريم هي جزء من الكنيسة، عضو بارز، عضو أعلى من غيره، ولكن في النهاية هي عضو من الجسم الكامل... إذًا يا أعزّاءي، انظروا إلى نفوسكم: "فأَنتُم جَسَدُ المَسيح وكُلُّ واحِدٍ مِنكُم عُضوٌ مِنه"(1كور 12: 27). كيف أنتم هكذا؟ انتبهوا إلى ما يقوله: "هَؤُلاءِ هُم أُمّي وَإِخوَتي". كيف تصبحون أمّ الرّب يسوع؟ الجواب واضح: "مَن يَعمَلُ بِمَشيئَةِ ٱللهِ هُوَ أَخي وَأُختي وَأُمّي".

 
 
1.4.6-    يوم الجمعة من أسبوع بشارة العذراء    -     إنجيل القدّيس يوحنّا 44-40:6   
 
    إنجيل القدّيس يوحنّا 44-40:6
 
قالَ الربُّ يَسوعُ: «هذِهِ مَشِيئَةُ أَبِي، أَنَّ كُلَّ مَنْ يُشَاهِدُ الٱبْنَ ويُؤْمِنُ بِهِ، يَنَالُ حَيَاةً أَبَدِيَّة، وأَنَا أُقِيمُهُ في اليَومِ الأَخِير».
فَأَخَذَ اليَهُودُ يَتَذَمَّرُونَ عَلى يَسُوع، لأَنَّهُ قَال: «أَنَا هُوَ الْخُبْزُ الَّذي نَزَلَ مِنَ السَّمَاء».
وكَانُوا يَقُولُون: «أَلَيْسَ هذَا يَسُوعَ بْنَ يُوسُف، ونَحْنُ نَعْرِفُ أَبَاهُ وأُمَّهُ؟ فَكَيْفَ يَقُولُ الآن: إِنِّي نَزَلْتُ مِنَ السَّمَاء؟».
أَجَابَ يَسُوعُ وقَالَ لَهُم: «لا تَتَذَمَّرُوا في ما بَيْنَكُم.
لا أَحَدَ يَقْدِرُ أَنْ يَأْتِيَ إِليَّ، مَا لَمْ يَجْتَذِبْهُ الآبُ الَّذي أَرْسَلَنِي، وأَنَا أُقِيمُهُ في اليَومِ الأَخِير.

 

الرّب يسوع جعل من ذاته مأكلاً لنا
القدّيسة تيريزيا الكالكوتيّة (1910 - 1997)، مؤسِّسة الأخوات مرسلات المحبّة،
ما  من حبٍّ أعظم؛

 

عندما أتى الرّب يسوع إلى هذا العالم، أحبّه للغاية لدرجة إنَّه أعطى حياته  من أجله. لقد أتى ليشبع جوعنا إلى لله. كيف كان ذلك؟ لقد حوّل نفسه إلى خبز الحياة. لقد جعل نفسه صغيرًا وهشًّا ومُسالمًا  من أجلنا. إن فُتات الخبز هي صغيرة لدرجة أنَّ الطفل يمكنه أن يبتلعها، وحتّى ال منازع يمكنه أن يأكل  منها. لقد صار خبز الحياة، لكي يشبع نه منا إلى لله، أي جوعنا للحبّ.

أظن بأنّه ما كان يمكننا أن نحبّ الله، لو أنَّ الرّب يسوع لم يصبح واحدًا  منا. ومن أجل أن يجعلنا قادرين على محبّة الله، صار واحدًا منّا في كلّ شيء ما خلا الخطيئة. وإذْ نحن على صورة الله، فإنّنا قد خُلِقنا لنحبّ، لأنَّ الله هو المحبّة. علّمنا الرّب يسوع من خلال آلامه أن نغفر بواسطة الحبّ، وأن ننسى بفضل التواضع. ابحث عن الرّب يسوع، فتجد سلامك.

 
 
1.4.7-    السبت من أسبوع بشارة العذراء    -     إنجيل القدّيس لوقا 24-21:10   
 
    إنجيل القدّيس لوقا 24-21:10
 
(بَعدَ عَودَة الاثنَين وَالسَّبعينَ تِلميذًا بِفَرَحٍ) ٱبْتَهَجَ يَسُوعُ بِالرُّوحِ القُدُس، فَقَال: «أَعْتَرِفُ لَكَ، يَا أَبَتِ، رَبَّ السَّمَاءِ وَالأَرْض، لأَنَّكَ أَخْفَيْتَ هذِهِ الأُمُورَ عَنِ الحُكَمَاءِ وَالفُهَمَاء، وَأَظْهَرْتَها لِلأَطْفَال. نَعَم، أَيُّهَا الآب، لأَنَّكَ هكذَا ٱرْتَضَيْت.
لَقَدْ سَلَّمَنِي أَبي كُلَّ شَيء، فَمَا مِنْ أَحَدٍ يَعْرِفُ مَنْ هُوَ ٱلٱبْنُ إِلاَّ ٱلآب، وَلا مَنْ هُوَ ٱلآبُ إِلاَّ ٱلٱبْن، وَمَنْ يُريدُ ٱلٱبْنُ أَنْ يُظْهِرَهُ لَهُ».
ثُمَّ ٱلتَفَتَ إِلى تَلامِيذِهِ، وقَالَ لَهُم عَلى ٱنْفِرَاد: «طُوبَى لِلْعُيونِ الَّتِي تَنْظُرُ مَا أَنْتُم تَنْظُرُون!
فَإِنِّي أَقُولُ لَكُم: إِنَّ أَنْبِياءَ وَمُلُوكًا كَثِيرِينَ أَرادُوا أَنْ يَرَوا مَا أَنْتُم تَنْظُرُون، فَلَمْ يَرَوا، وَأَنْ يَسْمَعُوا مَا تَسْمَعُون، فَلَمْ يَسْمَعُوا».

 

«إِنَّ أَنْبِياءَ وَمُلُوكًا كَثِيرِينَ أَرادُوا أَنْ يَرَوا مَا أَنْتُم تَنْظُرُون، فَلَمْ يَرَوا»
القدّيس ألفونس ماري دو ليغوري (1696 - 1787)، أسقف وملفان الكنيسة،
التأمّل الثالث لتساعيّة الميلاد

 

بعد مرور قرون من الزّمن وبعد التنهّدات والصلوات الّتي كلّها، جاء أخيرًا الذي لم يرَه الأنبياء والملوك، "مُشتهى جميع الأمم" (حج 2: 7)، رغبة التلال الأبديّة، الرّب يسوع المسيح مخلّصنا: "فقد وُلدَ لَنا وَلَدٌ وأُعطِيَ لَنا آبنٌ" (إش 9: 5). إنّ ابن الله قد تصاغر ليمنحنا عظمته؛ ووهب نفسه لنا كي نهب أنفسنا له؛ لقد جاء ليعبّر لنا عن حبّه كي نتجاوب معه من خلال حبّنا. فلنستقبله إذًا بعطف، ولنحبّه ولنلجأ إليه لجميع احتياجاتنا...

لقد أتى الرّب يسوع في جسد طفل ليظهر لنا رغبته الشديدة بأن يملأنا من خيراته. "فقَدِ استَكَنَّت فيه جَميعُ كُنوزِ الحِكمَةِ والمَعرِفَة" (كول 2: 3)؛ كما أنّ أباه السماوي "جَعَلَ كُلَّ شيءٍ في يَدِه" (يو 3: 35؛ 13: 3). هل نرغب في الحصول على النور؟ لقد جاء لينيرنا هو. هل نرغب في الحصول على المزيد من القوّة للصمود أمام أعدائنا؟ هو جاء ليقوّينا. هل نرغب في نيل المسامحة والخلاص؟ هو جاء ليسامحنا وليخلّصنا. هل نرغب أخيرًا في الحصول على العطيّة السامية، عطيّة الحبّ الإلهي؟ هو جاء ليشعل قلوبنا بناره. لهذا السبب خاصّة، جعل نفسه طفلاً: أراد أن يظهر نفسه لنا فقيرًا جدًا ومتواضعًا جدًا لإزالة كلّ خشية ولكسب عطفنا بطريقة أفضل... يثير الأطفال عطف جميع الذين يرونهم: مَن يستطيع ألاّ يحبّ بعطف كبير ربًّا رآه كطفل صغير يشرب القليل من الحليب ويرتجف من البرد، فقيرًا ومحتقرًا ومتروكًا وباكيًا في مغارة، على التبن؟ هذا المشهد دفع القدّيس فرنسيس إلى المناداة: "هيّا بنا نحبّ طفل بيت لحم!" تعالي، أيّتها الأرواح المسيحيّة، تعالي وعبّري عن محبّتك للربّ الذي جعل نفسه طفلاً، والذي أصبح فقيرًا من أجلنا، الربّ المحبّ الذي نزل من السماء ليهب نفسه لنا.

 
 
1.5.1-    أحد زيارة العذراء لاليصابات    -     إنجيل القدّيس لوقا 45-39:1   
 
    إنجيل القدّيس لوقا 45-39:1
 
في تِلْكَ الأَيَّام (بعد البشارة بيسوع)، قَامَتْ مَرْيَمُ وَذَهَبَتْ مُسْرِعَةً إِلى الجَبَل، إِلى مَدِينَةٍ في يَهُوذَا.
ودَخَلَتْ بَيْتَ زَكَرِيَّا، وسَلَّمَتْ عَلَى إِليصَابَات.
ولَمَّا سَمِعَتْ إِلِيصَابَاتُ سَلامَ مَرْيَم، ٱرْتَكَضَ الجَنِينُ في بَطْنِها، وَٱمْتَلأَتْ مِنَ الرُّوحِ القُدُس.
فَهَتَفَتْ بِأَعْلَى صَوتِها وقَالَتْ: «مُبارَكَةٌ أَنْتِ في النِّسَاء، وَمُبارَكَةٌ ثَمَرَةُ بَطْنِكِ!
ومِنْ أَيْنَ لي هذَا، أَنْ تَأْتِيَ إِليَّ أُمُّ ربِّي؟
فَهَا مُنْذُ وَقَعَ صَوْتُ سَلامِكِ في أُذُنَيَّ، ٱرْتَكَضَ الجَنِينُ ٱبْتِهَاجًا في بَطْنِي!
فَطُوبَى لِلَّتي آمَنَتْ أَنَّهُ سَيَتِمُّ ما قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ الرَّبّ!».
 
 
1.5.2-    الاثنين من أسبوع زيارة العذراء لاليصابات    -     إنجيل القدّيس لوقا 56-46:1   
 
    إنجيل القدّيس لوقا 56-46:1
 
قالَتْ مَرْيَم: «تُعَظِّمُ نَفسِيَ الرَّبّ،
وتَبْتَهِجُ رُوحِي بِٱللهِ مُخَلِّصِي،
لأَنَّهُ نَظرَ إِلى تَواضُعِ أَمَتِهِ. فَهَا مُنْذُ الآنَ تُطَوِّبُنِي جَمِيعُ الأَجْيَال،
لأَنَّ القَدِيرَ صَنَعَ بي عَظَائِم، وٱسْمُهُ قُدُّوس،
ورَحْمَتُهُ إِلى أَجْيَالٍ وأَجْيَالٍ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَهُ.
صَنَعَ عِزًّا بِسَاعِدِهِ، وشَتَّتَ المُتَكبِّرينَ بأَفْكَارِ قُلُوبِهِم.
أَنْزَلَ المُقْتَدِرينَ عنِ العُرُوش، ورَفَعَ المُتَواضِعِين.
أَشْبَعَ الجِيَاعَ خَيْرَاتٍ، وصَرَفَ الأَغْنِياءَ فَارِغِين.
عَضَدَ إِسْرائِيلَ فَتَاهُ ذَاكِرًا رَحْمَتَهُ،
لإِبْراهِيمَ ونَسْلِهِ إِلى الأَبَد،كمَا كلَّمَ آبَاءَنا».
ومَكَثَتْ مَرْيَمُ عِندَ إِليصَابَاتَ نَحْوَ ثَلاثَةِ أَشْهُر، ثُمَّ عَادَتْ إِلى بَيتِهَا.

 

«ذاكِرًا كَما قالَ لآبائِنا رَحمَتَه لإِبراهيمَ وذُرَّيَّته لِلأَبد»
عظة يونانيّة من القرن الرابع،
عظة منسوبة خطأً إلى القدّيس غريغوريوس العجائبيّ (نحو 213- 270)



فقالت مريم: "تعظّم نفسي الربّ وتبتهج روحي بالله مخلّصي... عَضَدَ إسرائيل فَتاهُ ذاكِرًا رَحمَتَه، كما قالَ لآبائِنا، لإِبراهيمَ ونَسْلِه لِلأَبد" (لو 1: 54). أتَرَونَ كيف أنّ العذراء تفوق كمال الآباء الأقدمين وتؤكّد على العهد الّذي أقامه الله مع ابراهيم، عندما قال له: "وَيكونُ ذلك عَلامَةَ عَهْدٍ بَيني وبَينَكم"؟ (تك17: 11)... ونشيد هذه النبوءة هو النشيد الّذي تخاطب به والدةُ الله القدّيسة اللهَ عندما تقول: "تُعَظِّمُ الرَّبَّ نَفْسي... لأَنَّ القَديرَ صَنَعَ إِليَّ أُمورًا عَظيمة، قُدُّوسٌ اسمُه. عندما جعلني أمّ الله، حفظ بتوليّتي. وفي أحشائي يجتمع ملء الأجيال كلّها ليتقدّس فيها. فهو بارك كلّ الأجيال، رجالاً ونساءً وشبابًا وأطفالاً وشيوخًا"...

"حَطَّ الأَقوِياءَ عنِ العُروش ورفَعَ الوُضَعاء"... الوضعاء، والوثنيّون الجياع إلى البِرّ (راجع مت 5: 6) قد ابتهجوا. عندما أظهروا تواضعهم وجوعهم لله، وعندما طلبوا كلمة الله كما طلبت الكنعانيّة فُتات الخبز (راجع مت 15: 27)، قد شبعوا من الغنى الّذي تعطيه الأسرار الإلهيّة. لأنّ كلّ الامتيازات الإلهيّة قد وزّعها إلهنا يسوع المسيح، ابن العذراء، على الوثنيّين. "عَضَدَ إسرائيل فَتاهُ"، ليس أيّ إسرائيل، بل فَتاهُ الّذي يكرّم مولده الرفيع. لهذا السبب تدعو أمُّ الله هذا الشعب ابنها ووريثها. لمّا وجد الله أنّ هذا الشعب مُتعَب من الحَرف ومُرهَق من الشريعة، دعاه إلى النعمة. وبإعطائه هذا الاسم لإسرائيل، فهو يرفعه، "ذاكِرًا رَحمَتَه، كما قالَ لآبائِنا، لإِبراهيمَ ونَسْلِه لِلأَبد". إنّ هذه الكلمات القليلة تختصر سرَّ خلاصِنا كلَّه. وحين شاء الرّب يسوع المسيح أن يخلّص البشريّة وأن يَختُمَ العهد القائم مع آبائنا، عندئذٍ "أَمالَ السَّمَواتِ ونَزَل" (مز18[17]: 10). وهكذا تجلّى لنا، واضعًا نفسه في متناولنا، لكي نستطيع أن نراه ونلمسه ونسمعه يتكلّم.

 
 
1.5.3-    الثلاثاء من أسبوع زيارة العذراء لاليصابات    -     إنجيل القدّيس لوقا 42-38:10   
 
    إنجيل القدّيس لوقا 42-38:10
 
فيمَا (كَانَ يَسوعُ وتلاميذهُ) سَائِرين، دَخَلَ يَسُوعُ إِحْدَى ٱلقُرَى، فٱسْتَقْبَلَتْهُ في بَيتِهَا ٱمْرَأَةٌ ٱسْمُها مَرْتا.
وَكانَ لِمَرْتَا أُخْتٌ تُدْعَى مَرْيَم. فَجَلَسَتْ عِنْدَ قَدَمَي ٱلرَّبِّ تَسْمَعُ كَلامَهُ.
أَمَّا مَرْتَا فَكانَتْ مُنْهَمِكَةً بِكَثْرَةِ ٱلخِدْمَة، فَجَاءَتْ وَقَالَتْ: «يَا رَبّ، أَمَا تُبَالي بِأَنَّ أُخْتِي تَرَكَتْنِي أَخْدُمُ وَحْدِي؟ فَقُلْ لَهَا أَنْ تُسَاعِدَنِي!».
فَأَجَابَ ٱلرَّبُّ وَقَالَ لَهَا: «مَرْتا، مَرْتا، إِنَّكِ تَهْتَمِّينَ بِأُمُورٍ كَثِيرَة، وَتَضْطَرِبِين!
إِنَّمَا ٱلمَطْلُوبُ وَاحِد! فَمَرْيَمُ ٱخْتَارَتِ ٱلنَّصِيبَ ٱلأَفْضَل، وَلَنْ يُنْزَعَ مِنْهَا».

 

«مَع أَنَّ ٱلحاجَةَ إِلى أَمرٍ واحِد...»
القدّيسة كلارا (1193 - 1252)، راهبة فرنسِسيّة،
الرّسالة الثّانية إلى القدّيسة أغنس من براغ

 

أرفعُ الشكرَ الى مصدرِ النعمة، الى الخالق الذي منه يَنبَثِق كلُّ شيء حسن وكلُّ كمال، لأنه زيّنكِ بمقدارٍ من الفضائل، وجمَّلَكِ بوفرةٍ من الكمال بحيث أنَّكِ اقتديت مُصغيةً بكمال الآب السّماوي بحيث إنَّ عينيه لم تَعُودا تَتَبَيَّنا فيكِ شيئًا ناقصًا. ها هو ذاك الكمال الذي سيُرسِّخ اتحادَكِ بالمَلك الذي يجلس بمجدٍ على عرشٍ من الكواكِب: هذا الكمال بالنسبة لكِ قِوامُهُ احتقار عظائم ملكوت أرضيّ، واعتبار اقتراح زواج مع الإمبراطور كأنَّه عمل شائن، كذلك إنَّ قِوام هذا الكمال هو ممارسة نَذر الفقر المقدّس، والسَّير بكامل حماسةِ حُبِّكِ وتواضُعِكِ على خُطى مّن اعتبرَكِ مُستحقّة أن تُدعي الى عُرسِه.

أعلم أنَّكِ مُزيَّنة بالفضائل، لكن لا أريد أن أزعجَكِ وإرهاقكِ بمدائح غير مُجديّة، ولو أنّه بالنسبة إليكِ لا شيء يبدو غير مُجدِ حين تستطيعين أن تجني منه بعض السّلوى. بناءً عليه، وبما "أَنَّ ٱلحاجَةَ إِلى أَمرٍ واحِد" (راجع لو10: 42) فسأكتفي بأن أحُثَّك على هذا الأمر المطلوب، وذلك حُبًّا بمَن قدَّمْتِ ذاتَكِ له قربانة مقدّسة ومُستحبّة: تذكّري دعوتك، "وكمثل رَاحيل" أخرى، أعيدي دومًا الى حافِظتكِ المبادئ الأساسيّة التي تدفعكِ الى العمل: احتَفظي بعناية بما قد اكتَسبتِ؛ ما تفعليه، افعليه بجودة؛ لا تتراجعي أبدًا؛ بخلاف ذلك، أسرعي واركضي برشاقة دون التعثّر بحجارة الطريق، حتى دون أن تزيلي الغبار التي تلوّث الأرجل؛ سيري بثقة وحبور وفرح. تقدّمي بحذر على طريق السعادة: لا تثقي بأحد ولا تُسلّمي ذاتَك لكلّ مَن يريد أن يُبعِدَكِ عن دعوتكِ ويُعطِّل جولتكِ ويمنعُكِ أن تكوني أمينة للخالق في حالة الكمال حيث دعاكِ روح الربّ.

 
 
1.5.4-    الاربعاء من أسبوع زيارة العذراء لاليصابات    -     إنجيل القدّيس لوقا .10-1:19   
 
    إنجيل القدّيس لوقا .10-1:19
 
دَخَلَ يَسُوعُ أَرِيْحا وَبَدأَ يَجْتَازُها،
وإِذَا رَجُلٌ ٱسْمُهُ زَكَّا، كانَ رَئِيسًا لِلْعَشَّارِينَ وَغَنِيًّا.
وكَانَ يَسْعَى لِيَرَى مَنْ هُوَ يَسُوع، فَلَمْ يَقْدِرْ بِسَبَبِ الجَمْعِ لأَنَّهُ كانَ قَصِيرَ القَامَة.
فَتَقَدَّمَ مُسْرِعًا وَتَسَلَّقَ جُمَّيْزَةً لِكَي يَرَاه، لأَنَّ يَسُوعَ كانَ مُزْمِعًا أَنْ يَمُرَّ بِهَا.
وَلَمَّا وَصَلَ يَسُوعُ إِلَى المَكَان، رَفَعَ نَظَرَهُ إِلَيْهِ وقَالَ لَهُ: «يَا زَكَّا، أَسْرِعْ وٱنْزِلْ، فَعَلَيَّ أَنْ أُقِيمَ اليَومَ في بَيْتِكَ».
فَأَسْرَعَ وَنَزَلَ وٱسْتَقْبَلَهُ في بَيْتِهِ مَسْرُورًا.
وَرَأَى الجَمِيعُ ذلِكَ فَأَخَذُوا يَتَذَمَّرُونَ قَائِلين: «دَخَلَ لِيَبِيتَ عِنْدَ رَجُلٍ خَاطِئ».
أَمَّا زَكَّا فَوَقَفَ وَقَالَ لِلرَّبّ: «يَا رَبّ، هَا أَنَا أُعْطِي نِصْفَ مُقْتَنَياتِي لِلْفُقَرَاء، وَإنْ كُنْتُ قَدْ ظَلَمْتُ أَحَدًا بِشَيء، فَإِنِّي أَرُدُّ لَهُ أَرْبَعَةَ أَضْعَاف».
فقَالَ لَهُ يَسُوع: «أَليَومَ صَارَ الخَلاصُ لِهذَا البَيْت، لأَنَّ هذَا الرَّجُلَ هُوَ أَيْضًا ٱبْنٌ لإِبْرَاهِيم.
فإِنَّ ٱبْنَ الإِنْسَانِ جَاءَ لِيَبْحَثَ عَنِ الضَّائِعِ وَيُخَلِّصَهُ».

فيلوكسين المَنبِجيّ (؟ - نحو 523)، أسقف في سوريا، العظة الرابعة
«يا زَكّا ٱنزِل عَلى عَجَل، فَيَجِبُ عَلَيَّ أَن أُقيمَ ٱليَومَ في بَيتِكَ»

 

نادى ربّنا زكّا من الجمّيزة التي صعد إليها، فسارع زكّا بالنزول عنها واستقبله في بيته. وكان ذلك لأنّه كان يتمنّى، قبل أن يناديه الربّ يسوع، أن يراه ويكون تلميذه. إنّه لأمرٌ رائع أن يؤمن بالربّ من دون أن ينتظر أن يخاطبه الربّ، ومن دون أن يراه بعينَيّ الجسد، بل آمَنَ به ببساطة عن طريق كلام الآخرين. إنّ الإيمان الذي كان عنده كان محفوظًا في حياته وصحّته. وظهر هذا الإيمان عندما آمن بربّنا لحظة علمه بوصوله. وظهرت بساطة إيمانه عندما وعد بإعطاء نصف أملاكه للفقراء، وبردّ المال أربعة أضعاف للذين ظلمهم.
في الواقع، لو لم تكن نفس زكّا مليئة بالتواضع الملائم للإيمان، لما كان قطع هذا الوعد للرّب يسوع، ولما كان صرف ووزّع في وقت قليل ما جمعه خلال سنوات من العمل. لقد وزّعت البساطة في كلّ الاتّجاهات ما جمعته الحيلة، وشتّتت نقاوة الرُّوح ما اكتسبه الخداع، وتنازل الإيمان عمّا حصل عليه وامتلكه الظلم وأعلن أنّه لا يخصّه.
لأنّ الله هو الخير الوحيد للإيمان، فإنّ الإيمان يرفض أن يمتلك خيرات أُخرى غيره. لا أهميّة للخيرات وحدها بدون الخير الوحيد الأزلي الذي هو الله. لقد تلقّينا الإيمان فينا حتّى نجد الله ولا نملك غيره، وحتّى نرى أنّ كلّ ما يخرج عنه غير نافع.
 
 
 
1.5.5-    الخميس من أسبوع زيارة العذراء لاليصابات    -     إنجيل القدّيس يوحنّا 42-39:4   
 
    إنجيل القدّيس يوحنّا 42-39:4
 
آمَنَ بِيَسُوعَ سَامِرِيُّونَ كَثِيرُونَ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ المَدِينَة (سُوخار)، مِنْ أَجْلِ كَلامِ المَرْأَةِ (السامرية) الَّتِي كَانَتْ تَشْهَد: «إِنَّهُ قَالَ لِي كُلَّ مَا فَعَلْتُ».
فَلَمَّا جَاءَ السَّامِرِيُّونَ إِلَيْه، سَأَلُوهُ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَهُم، فَأَقَامَ يَومَين.
وآمَنَ عَدَدٌ أَكْثَرُ مِنْ أَجْلِ كَلِمَتِهِ.
وكَانُوا يَقُولُونَ لِلْمَرْأَة: «مَا عُدْنَا مِنْ أَجْلِ كَلامِكِ نُؤْمِن، فَنَحْنُ قَدْ سَمِعْنَاه، ونَعْلَمُ أَنَّ هذَا هُوَ حَقًّا مُخَلِّصُ العَالَم».
 
 
1.5.6-    يوم الجمعة من أسبوع زيارة العذراء لاليصابات   -     إنجيل القدّيس مرقس 30-24:7   
 
    إنجيل القدّيس مرقس 30-24:7
 
مَضَى (يسوع) إِلى نَوَاحِي صُورَ وصَيْدَا. ودَخَلَ بَيْتًا، وكانَ يُريدُ أَلاَّ يَعْلَمَ بِهِ أَحَد، لكِنَّهُ لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَتَخَفَّى عَنْهُم.
وفي الحَالِ سَمِعَتْ بِهِ ٱمْرَأَةٌ لَهَا ٱبْنَةٌ فِيها رُوحٌ نَجِس، فجَاءَتْ وٱرْتَمَتْ عَلَى قَدَمَيْه.
وكَانَتِ المَرْأَةُ وثَنِيَّةً مِنْ أَصْلٍ سُورِيٍّ فِينِيقِيّ. وكَانَتْ تَسْأَلُ يَسُوعَ أَنْ يُخْرِجَ الشَّيْطَانَ مِنِ ٱبْنَتِها.
فقَالَ لَهَا: «دَعِي البَنِينَ أَوَّلاً يَشْبَعُون، فلا يَحْسُنُ أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ البَنِين، ويُلْقَى إِلى جِرَاءِ الكِلاب».
فأَجَابَتْ وقَالَتْ لَهُ: «نَعَم، يَا رَبّ، لكِنَّ جِرَاءَ الكِلابِ تَأْكُلُ تَحْتَ المَائِدَةِ مِنْ فُتَاتِ البَنِين».
فقَالَ لَهَا: «مِنْ أَجْلِ كلامِكِ هذَا، ٱذْهَبِي، فَقَدَ خَرَجَ الشَّيْطَانُ مِنِ ٱبْنَتِكِ».
وعَادَتْ إِلى بَيْتِهَا، فوَجَدَتِ ٱبْنَتَهَا مُلْقَاةً عَلَى السَّرِير، وقَدْ خَرَجَ مِنْهَا الشَّيْطَان.

 

«دَعي ٱلبَنينَ أَوَّلًا يَشبَعوا. فَلا يَحسُنُ أَن يُؤخَذَ خُبزُ ٱلبَنين، فيُلقى إِلى صِغارِ ٱلكِلاب».
إسحَق النجمة (؟ - نحو 1171)، راهب سِستِرسيانيّ،
العظة 35، الثالثة للأحد الثاني من زمن الصوم

 

قال الربّ: "لَم أُرسَلْ إِلاَّ إِلى الخِرافِ الضَّالَّةِ مِن آلِ إِسرائيل"(مت 15: 24). يمكننا أن نقول ذلك بإيجاز...: لقد أُرسل إلى مَن وُعد به. "فمَواعِدُ اللهِ قد وُجِّهَت إِلى إِبراهيمَ وإلى نَسْلِه" (غل 3: 16). إنّ الوعد الذي قطعه الربّ في الزمن أُنجز في وقته، ولليهود من قبل اليهود، حسب ما كُتب: "لِأَنَّ الخَلاصَ يَأتي مِنَ اليَهود" (يو 4: 22). لهم أُرسِل الرّب يسوع المسيح المولود بالجسد في نهاية الأزمنة؛ فقد وُعدوا به منذ بداية الزمن، هو المُهيّأ مسبقًا قبل الأزمنة كلّها. مُهيّأ مسبقًا لليهود وللوثنيّين، ومولود من اليهود وحدهم بدون وسيط بالجسد، فقد قُدِّم عند ولادته حسب الجسد للذين وُعدوا به...

لكن اسم "إسرائيل" يعني "الإنسان الذي يرى الله": لذا، ينطبق هذا الاسم عن حقّ على كلّ نفسٍ مدركة. يمكننا أن نفهم من ذلك أنّ "آل إسرائيل" يشمل أيضًا الملائكة، أي الأرواح المهيّأة مسبقًا لرؤية الله... في حين أنّ هذه الخراف التسعة والتسعين... على جبل رؤية وابتهاج الرَّاعي، أي كلمة الله، تتنقّل وترقد بلا خوف في "المراعي النضيرة" (مز23[22]: 2)، نزل الرَّاعي الصالح من لدن الآب، حين حان "وقت الرأفة" (مز102[101]: 14). أُرسل برأفة في الزمن، هو الموعود به منذ الأزل؛ جاء يبحث عن الخروف الضال الوحيد (راجع لو 15: 4 وما يليها).

إذًا، أُرسل الرَّاعي الصالح "ليبحَث عنِ الضالَّةِ ويَرُدُّ الشارِدَةَ ويَجبُرُ المَكْسورَةَ ويُقَوِّي الضَّعيفَةَ" (حز 34: 16). ما كان مكسورًا وضعيفًا هو الإرادة الحرّة للإنسان. فعندما حاول الإنسان في السابق أن يرتفع عن ذاته، سقط؛ وفي غياب القوّة المطلوبة لحماية نفسه، انسحق وتحطّم...، عاجزًا تمامًا عن النهوض. ورغم قيام الرّب يسوع بتقويته وبمواساته...، لم يستعد حيويّته الكاملة بسبب عدم تواجده بين الخراف التسعة والتسعين في المراعي الخصيبة؛ لذا، حمله الرَّاعي بين ذراعيه: "يَرْعى قَطيعَه كالرَّاعي يَجمَعُ الحُمْلانَ بِذِراعِه ويَحمِلُها في حِضنِه ويَسوقُ المُرضِعاتِ رُوَيدًا" (إش 40: 11).

 
 
1.5.7-    السبت من أسبوع زيارة العذراء لاليصابات    -     إنجيل القدّيس لوقا 32-27:5   
 
    إنجيل القدّيس لوقا 32-27:5
 
خَرَجَ يَسُوعُ (من كفرناحوم)، فأَبْصَرَ عَشَّارًا ٱسْمُهُ لاوِي، جَالِسًا في دَارِ الجِبَايَة، فقَالَ لَهُ: «إِتبَعْنِي!».
فَتَرَكَ كُلَّ شَيء، وَقامَ وَتبِعَهُ.
وأَقَامَ لَهُ لاوِي وَليمَةً عَظِيمَةً في بَيْتِهِ، وَكانَ مُتَّكِئًا مَعَهُم جَمْعٌ كَبيرٌ مِنَ العَشَّارِينَ وَغَيرِهِم.
فَتَذَمَّرَ الفَرِّيسِيُّونَ وكَتَبتُهُم، وَقالُوا لِتَلامِيذِ يَسُوع: «مَا بَالُكُم تَأْكُلُونَ وَتَشْرَبُونَ مَعَ العَشَّارِينَ والخَطَأَة؟».
فأَجَابَ يَسُوعُ وقَالَ لَهُم: «لا يَحْتَاجُ الأَصِحَّاءُ إِلى طَبِيب، بَلِ الَّذِينَ بِهِم سُوء.
مَا جِئْتُ لأَدْعُوَ الأَبْرَار، بَلِ الخَطَأَةَ إِلى التَّوْبَة».

 

«فتَركَ كُلَّ شيءٍ وقامَ فتَبِعَه»
القدّيس رافاييل أرناييز بارون (1911 – 1938)، راهب ترابيست إسباني، 
كتابات روحيّة، بتاريخ 15/12/1936

 

في بعض الأيام، تجتاز الطائرات السماء بسرعة خارقة، محلّقة في سماء الدير. يخيف ضجيج محركاتها العصافير الصغيرة التي تعشّش في أشجار السرو في مقبرتنا. في مقابل الدير وعبر الحقول، يوجد طريق معبدة تمرّ عليها الشاحنات والسيارات السياحيّة غير مكترثة البتّة لمنظر الدير. تجتاز أيضًا أراضي الدير واحدة من السكك الحديديّة الرئيسيّة في إسبانيا... نقول أنّ كلّ ذلك حريّة. غير أنّ الإنسان الذي يتأمل قليلاً يرى كم أن العالم مُخطِئٌ في غمرة ما يسميه حرية.

أين توجد الحريّة؟ إنّها توجد في قلب الإنسان الذي لا يحبّ إلا الله. إنّها ساكنة في هذه النفس المتعلّقة بالله وحده دون المادة والرّوح، غير الخاضعة للأنانيّة، والتي تسمو فوق أفكارها ومشاعرها الخاصة وفوق الألم واللّذة. إنّ الحريّة موجودة في تلك النفس التي تعتبر الله وحده غاية وجودها. حياتها هي الله ولا أحد غيره.

إنّ النفس البشريّة صغيرة، وعرضة للكثير من التغيّرات والتقلّبات والانحطاط وخيبات الأمل... وللجسد بحالته الضعيفة. الحرية هي إذًا في الله. نستطيع القول إنّ النفس التي تسموّ فوق كلّ شيء وتؤسّس حياتها على الله تتمتّع بشيء من الحريّة على قدر ما تسمح لها طبيعتها الجسديّة.

 
 
1.6.1-    أحد مولد يوحنّا    -     إنجيل القدّيس لوقا 66-57:1   
 
    إنجيل القدّيس لوقا 66-57:1
 
تَمَّ زَمَانُ إِليصَابَاتَ لِتَلِد، فَوَلَدَتِ ٱبْنًا.
وسَمِعُ جِيرانُهَا وأَقَارِبُها أَنَّ الرَّبَّ قَدْ عَظَّمَ رَحْمَتَهُ لَهَا، فَفَرِحُوا مَعَهَا.
وفي اليَوْمِ الثَّامِنِ جَاؤُوا لِيَخْتِنُوا الصَّبِيّ، وسَمَّوْهُ بِٱسْمِ أَبِيهِ زَكَريَّا.
فأَجَابَتْ أُمُّهُ وَقالَتْ: «لا! بَلْ يُسَمَّى يُوحَنَّا!».
فقَالُوا لَهَا: «لا أَحَدَ في قَرابَتِكِ يُدْعَى بِهذَا ٱلٱسْم».
وأَشَارُوا إِلى أَبِيهِ مَاذَا يُريدُ أَنْ يُسَمِّيَهُ.
فطَلَبَ لَوْحًا وكَتَب: «إِسْمُهُ يُوحَنَّا!». فَتَعَجَّبُوا جَمِيعُهُم.
وٱنْفَتَحَ فَجْأَةً فَمُ زَكَرِيَّا، وٱنْطَلَقَ لِسَانُهُ، وَجَعَلَ يَتَكَلَّمُ ويُبَارِكُ ٱلله،
فَٱسْتَولى الخَوْفُ على جَمِيعِ جِيرانِهِم، وتَحَدَّثَ النَّاسُ بِكُلِّ هذِهِ الأُمُورِ في كُلِّ جَبَلِ اليَهُودِيَّة.
وكانَ كُلُّ مَنْ سَمِعَ بِذلِكَ يَحْفَظُهُ في قَلْبِهِ قَائِلاً: «ما عَسَى هذَا الطِّفْلُ أَنْ يَكُون؟». وكانَتْ يَدُ الرَّبِّ حَقًّا مَعَهُ.

 

«فَانفَتَحَ فَمُه لِوَقتِه وَانطَلَقَ لِسانُه فتَكَلَّمَ وبارَكَ الله»
القدّيس أوغسطينُس (354 - 430)، أسقف هيبّونا (إفريقيا الشماليّة) وملفان الكنيسة،
العظة 293



وأخيرًا وُلد الطفل وسُمّيَ يوحنّا، وللحال فكّ رباط لسان أبيه. فلنقارب هذا الحدث مع الحقيقة العميقة التي يرمز إليها ولنتأمّل بهذا السرّ: سكت زكريّا وبقي أخرس إلى حين ولادة يوحنّا، السّابق لمجيء الربّ. فماذا يعني ذلك الصمت الذي مُنيَ به زكريّا غير كونه بمثابة الحجاب الذي يستر على النبوءات ويخبّئها ويختمها إلى حين الإعلان عن بشرى الرّب يسوع المسيح السارّة؟ تلك النبوءات انكشفت بمجيئه واتّضحت عندما أتى ذلك الذي تحدّثت عنه.

لقد فكّت ولادة يوحنّا عقدة لسان زكريّا. إنّ لهذا الحدث نفس معنى انشقاق حجاب الهيكل عند موت الربّ يسوع المسيح على الصليب (مت 27: 51). فلو لم يعلن يوحنّا مجيء الآخر، لما فكّ رباط لسان زكريّا؛ نطق زكريّا لأنّ ولادة ابنه هي ولادة الصوت. أَلَمْ يقل يوحنّا فيما بعد: "أَنا صَوتُ مُنادٍ في البَرِّيَّة: قَوِّموا طَريقَ الرَّبّ" (يو 1: 23).

 
 
1.6.2-   الاثنين من أسبوع مولد يوحنّا    -     إنجيل القدّيس لوقا 80-67:1   
 
    إنجيل القدّيس لوقا 80-67:1
 
إِمْتَلأَ زَكَرِيَّا مِنَ الرُّوحِ القُدُس، فَتَنبَّأَ قائِلاً:
«تَبَارَكَ الرَّبُّ، إِلهُ إِسْرَائِيل، لأَنَّهُ ٱفْتَقَدَ شَعْبَهُ وٱفْتَدَاه.
وأَقَامَ لنَا قُوَّةَ خَلاصٍ في بَيْتِ دَاوُدَ فَتَاه،
كمَا تَكَلَّمَ بِفَمِ أَنْبِيَائِهِ القِدِّيسِينَ مُنْذُ القَدِيم،
لِيُخَلِّصَنَا مِنْ أَعْدَائِنَا، ومِنْ أَيْدي جَمِيعِ مُبغِضِينَا،
ويَصْنَعَ رَحْمَةً مَعَ آبَائِنَا، ويَذْكُرَ عَهْدَهُ المُقَدَّس،
ذاكَ القَسَمَ الَّذي أَقسَمَهُ لإِبرَاهِيمَ أَبِينَا، بِأَنْ يُنْعِمَ عَلَينا،
وقَدْ نَجَوْنَا مِنْ أَيْدِي أَعْدَائِنَا، أَنْ نَعبُدَهُ بِلا خَوْف،
بِالقَدَاسَةِ والبِرِّ، في حَضْرَتِهِ، كُلَّ أَيَّامِ حيَاتِنَا.
وأَنْتَ، أَيُّهَا الصَّبِيّ، نَبِيَّ العَلِيِّ تُدْعَى، لأَنَّكَ تَسِيرُ أَمَامَ وَجْهِ الرَّبِّ لِتُعِدَّ طُرُقَهُ،
وتُعَلِّمَ شَعْبَهُ الخَلاصَ بِمَغْفِرَةِ خَطَايَاهُم،
في أَحشَاءِ رَحْمَةِ إِلهِنَا، الَّتي بِهَا ٱفْتَقَدَنَا المُشْرِقُ مِنَ العَلاء،
لِيُضِيءَ على الجَالِسِينَ في ظُلْمَةِ المَوْتِ وظِلالِهِ، ويَهْدِيَ خُطَانَا إِلى طَرِيقِ السَّلام.»
وكَانَ الصَّبيُّ يَكْبُرُ ويَتَقَوَّى في الرُّوح. وكانَ في البَرارِي إِلى يَوْمِ ظُهُورِهِ لإِسْرَائِيل.

 

«لا بُدَّ له مِن أَن يَكبُر. ولا بُدَّ لي مِن أن أَصغُر» (يو 3: 30)
القدّيس أوغسطينُس (354 - 430)، أسقف هيبّونا (إفريقيا الشماليّة) وملفان الكنيسة،
العظة 289، العظة الثالثة عن مولد يوحنّا المعمدان

 

لقد أُرسِل العظيم بين البشر لكي يشهد لمَن كان أكثر من إنسان. في الواقع، حين قال مَن "لم يَظهَرْ في أَولادِ النِّساءِ أَكبَرُ مِنه" (مت 11: 11) العبارة التالية: "لَستُ المسيح" (يو 1: 20)، وتواضَع أمام الرّب يسوع المسيح، أراد أن يُفهمنا أنّ في المسيح أكثر من إنسان... "فمِن مِلْئِه نِلْنا بِأَجمَعِنا" (يو 1: 16). ما المقصود "بأجمعنا"؟ أي أنّ الآباء والأنبياء والرّسل القدّيسين الذين سبقوا التجسّد أو الذين أُرسلوا منذ ذلك الوقت من قبل الكلمة المتجسّد، "فمِن مِلْئِه نِلْنا بِأَجمَعِنا". نحن الأواني، وهو النبع. إذًا...، يوحنّا هو إنسان، والمسيح هو الله: على الإنسان أن يتواضع، حتى يتمجّد الله.

فلكي يُعَلِّم الإنسان أن يتواضع، وُلد يوحنّا في اليوم الذي بدأت فيه الأيّام تقصر؛ ولكي يُرينا أنّ الله يجب أن يتمجّد، وُلد الرّب يسوع المسيح يوم بدأت الأيّام تطول. هذا تعليم سرّي للغاية. نحتفل بمولد يوحنّا كما بميلاد الرّب يسوع، لأنّ هذا الميلاد مليء بالأسرار. أي سرّ؟ سرّ عظمتنا. لنتصاغر في ذواتنا كي نكبُر في الله؛ لنتواضع في حقارتنا كي نتمجّد في عظمته.

 
 
1.6.3-   الثلاثاء من أسبوع مولد يوحنّا    -     إنجيل القدّيس متّى 15-11:11   
 
    إنجيل القدّيس متّى 15-11:11
 
قالَ الربُّ يَسوعُ (للجموع):«أَلحَقَّ أَقُولُ لَكُم: لَمْ يَقُمْ في مَواليدِ النِّسَاءِ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا المَعْمَدَان، ولكِنَّ الأَصْغَرَ في مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ أَعْظَمُ مِنْهُ.
ومِنْ أَيَّامِ يُوحَنَّا المَعْمَدَانِ إِلى الآن، مَلَكُوتُ السَّمَاواتِ يُغْصَب، والغَاصِبُونَ يَخْطَفُونَهُ.
فَالتَّوْرَاةُ والأَنْبِيَاءُ كُلُّهُم تَنَبَّأُوا إِلى أَنْ أَتَى يُوحَنَّا.
وإِنْ شِئْتُم أَنْ تُصَدِّقُوا، فهُوَ إِيلِيَّا المُزْمِعُ أَنْ يَأْتي.
مَنْ لَهُ أُذُنَانِ فَلْيَسْمَعْ!
 
 
1.6.4-   الأربعاء من أسبوع مولد يوحنّا    -     إنجيل القدّيس متّى 13-9:17   
 
    إنجيل القدّيس متّى 13-9:17
 
فيمَا (يسوع وبطرس ويعقوب ويوحنّا) نَازِلُونَ مِنَ الجَبَلِ، حيثُ تَجَلَّى يَسُوعُ، أَوْصَى يَسُوعُ تلامِيذَهُ قَائِلاً: «لا تُخْبِرُوا أَحَدًا بِهذِهِ الرُّؤْيَا إِلى أَنْ يَكُونَ ٱبْنُ الإِنْسَانِ قَدْ قَامَ مِنْ بَيْنِ الأَمْوَات».
فَسَأَلَهُ التَّلامِيذُ قَائِلِين: «إِذًا لِمَاذَا يَقُولُ الكَتَبَةُ إِنَّهُ لا بُدَّ أَنْ يَأْتِيَ إِيلِيَّا أَوَّلاً؟».
فَأَجَابَ وقَال: «أَجَلْ، إِنَّ إِيلِيَّا آتٍ، وَسَيُصْلِحُ كُلَّ شَيء.
وأَقُولُ لَكُم: إِنَّ إِيلِيَّا قَدْ أَتَى، ولَمْ يَعْرِفُوه، بَلْ فَعَلُوا بِهِ كُلَّ مَا شَاؤُوا. وكَذلِكَ ٱبْنُ الإِنسَانِ مُزْمِعٌ أَنْ يَتَأَلَّمَ على أَيدِيهِم».
حينَئِذٍ فَهِمَ التَّلامِيذُ أَنَّهُ حَدَّثَهُم عَنْ يُوحَنَّا المَعْمَدَان.

 

إيليّا على جبل حوريب
القدّيس أفرام السريانيّ (نحو 306 - 373)، شمّاس في سوريا وملفان الكنيسة،
أعمال القدّيس أفرام الجزء الأوّل - Œuvres

 

"فإِذا الرَّبُّ عابِرٌ وريحٌ عَظيمةٌ وشَديدةٌ تُصَدِّغ الجِبالَ وتُحَطِّمُ الصُّخورَ أمامَ الرَّبّ. ولَم يَكُنِ الرَّبُّ في الرِّيح" (1مل 19: 11). ثمّ حدث زلزال وبرق بعد الإعصار؛ سمع إيليّا بأنّ الله لم يكن أيضًا في الزلزال والبرق. هدفت هذه الظواهر إلى احتواء غيرة النبي -الجديرة بالثناء- في إطار مهمّته وهدفت أيضًا إلى تعليمه، بحسب المثال الذي أعطته علامات القدرة الإلهيّة، أنّ القساوة ينبغي أن تُلَطّفها الرحمة. وفقًا للمعنى الخفي، فإنّ زوابع الرّياح التي كانت تسبق مجيء الله، والزلازل والحرائق التي كانت تؤجّجها الرياح، كانت العلامات السابقة للدينونة العامّة...

" وبَعدَ النَّارِ صَوِت نَسيمٍ لَطيف". من خلال هذا الرمز، لَجَمَ الله غَيرة إيليّا غير المعتدلة. وأراد بذلك أن يقول له: "أنت ترى أنّ الرّياح الهوجاء لا ترضيني، ولا الزلازل المخيفة، وكذلك لا أحبّ البرق ولا الصواعق: فلماذا لا تتشبّه بلُطف ربّك؟ لماذا لا تتخلّى عن القليل من الغَيرة التي تتملّكك لكي تُصبح المدافع عن شعبك بدلاً من أن تكون متّهمًا لهم؟ يرمز النسيم اللطيف إلى فرح الحياة الطوباويّة التي ستعطى للأبرار في وقت الدينونة العامّة الرهيبة في نهاية الأزمنة...

"لَمَّا سَمِعَ إِيليَّا، سَترَ وَجهَه بِرِدائِه وخَرَجَ ووَقَفَ بِمَدخَلِ المَغارة. فإِذا بِصَوتٍ إِلَيه يَقول: ما بالُكَ ههُنا يا إِيليَّا؟ قال: إني غِرتُ غَيرَةً لِلرَّبِّ، إِلهِ القُوَّات، لأن بَني إِسْرائيلَ قد تَركوا عَهدَكَ، وقَوَّضوا مَذابِحَكَ وقَتَلوا أنبياءكَ بِالسَّيف، وبَقيتُ أَنا وَحْدي، وقد طَلَبوا نَفْسي لِيأخُذوها". وقف النبي عند مدخل المغارة، ولم يتجرّأ على الاقتراب من الله المقبل نحوه، وغطّى وجهه، معتقدًا أنّه كان غير جدير برؤية الله... مع أنّه رأى أمام عينيه علامة الرحمة الإلهيّة؛ وما كان ينبغي أن يؤثّر أكثر فيه، كان اختباره الشخصيّ لطيبة الله الرائعة، من خلال الكلام الذي وجّهه له. فمن الذي يستطيع مقاومة طيبة جلالة الله العظيم، من خلال هذا السؤال اللطيف: "ما بالك ههنا، يا إيليّا؟"

 
 
1.6.5-   الخميس من أسبوع مولد يوحنّا    -     إنجيل القدّيس متّى 27-23:21   
 
    إنجيل القدّيس متّى 27-23:21
 
جَاءَ يَسُوعُ إِلى الهَيْكَل، وبَينَمَا هُوَ يُعَلِّم، دَنَا مِنهُ الأَحْبَارُ وشُيُوخُ الشَّعْبِ وقَالُوا لَهُ: «بِأَيِّ سُلْطَانٍ تَفْعَلُ هذَا ؟ ومَنْ أَعْطَاكَ هذَا السُّلْطَان؟».
فَأَجَابَ يَسُوعُ وقَالَ لَهُم: «وأَنَا أَيْضًا أَسْأَلُكُم سُؤَالاً وَاحِدًا، فَإِنْ أَجَبْتُمُونِي قُلْتُ لَكُم أَنا أَيْضًا بِأَيِّ سُلْطَانٍ أَفْعَلُ هذَا.
مَعْمُودِيَّةُ يُوحَنَّا مِنْ أَيْنَ كَانَتْ؟ مِنَ السَّمَاءِ أَمْ مِنَ النَّاس؟». فَأَخَذُوا يُفَكِّرُونَ في أَنْفُسِهِم قَائِلين: «إِنْ قُلْنَا: مِنَ السَّمَاء، يَقُولُ لَنَا:فَلِمُاذَا لَم تُؤْمِنُوا بِهِ؟
وإِنْ قُلْنَا: مِنَ النَّاس، نَخَافُ مِنَ الجَمْع، لأَنَّهُم كُلَّهُم يَعْتَبِرُونَ يُوحَنَّا نَبِيًّا».
فَأَجَابُوا وقَالُوا لِيَسُوع: «لا نَعْلَم!». قَالَ لَهُم هُوَ أَيْضًا: «ولا أَنَا أَقُولُ لَكُم بِأَيِّ سُلْطَانٍ أَفْعَلُ هذَا.

القدّيس بيدُس المُكرَّم (نحو 673 - 735)، راهب وملفان الكنيسة، العظة رقم 1
«لأَنَّهم كُلَّهم يَعُدُّونَ يوحَنَّا نَبِيًّا»

 

إذا بحثنا عن السبب الذي جعل يوحنّا يُعَمِّد، هو الذي لم يكن باستطاعته أن يغفر الخطايا، يمكن أن نرى ذلك بوضوح: لكي يكون أمينًا لخدمته كسَابِقٍ للمُخَلّص، كان يجب أن يُعَمِّد قبل الرّب يسوع المسيح لأنّه وُلِد قبله، وبشّر قبله ومات قبله. في الوقت نفسه، كان ذلك لتفادي التأثير السلبي لجدال الفريسيّين والكتبة حول رسالة الرّب يسوع، لو كان هو الأول في مَنحِ العماد للبشر.
" مِن أَينَ جاءت مَعمودِيَّةُ يوحَنَّا: أَمِنَ السَّماء أَم مِنَ النَّاس؟" بما أنّهم لن يجرؤوا على نكران أنّها من السماء، سيضطرّون إلى الاعتراف بأنّ أعمال ذاك الذي كان يوحنّا يبشّر به هي أيضًا نتيجة سلطة من السماء. مع ذلك، إن كانت معموديّة يوحنّا لا تغفر الخطايا، فهي لم تكن دون ثمار لأولئك الذين كانوا ينالونها... فهي كانت علامة إيمان وتوبة، أي أنّها كانت تذكّر بأنّه يفترض على الجميع الامتناع عن ارتكاب الخطايا، وممارسة الصدقة، والإيمان بالرّب يسوع، والإقبال نحو معموديّته فور ظهوره، للاغتسال من أجل غفران خطاياهم.
كما أنّ البريّة حيث سكنَ يوحنّا ترمز إلى حياة القدّيسين المُنقطعين عن ملذّات العالم. أكانوا يعيشون في العزلة أو وسط العالم، فهم يتوقون بكلّ نفسهم إلى الابتعاد عن نزوات العالم الحاضر؛ كما أنّهم يجدون السعادة في عدم التعلّق سوى بالله، في أعماق قلوبهم، وفي عدم وضع رجائهم إلاّ فيه. كان النبيّ يرغب في الوصول إلى هذه العزلة للنفس، الغالية عند الله، بمساعدة الرُّوح القدس، حين قال: "مَن لي بِجَناح كالحَمامة فأَطيرَ وأَحُطَّ؟" (مز55[54]: 7).
 
 
1.6.6-   يوم الجمعة من أسبوع مولد يوحنّا    -     إنجيل القدّيس متّى 19-16:11   
 
    إنجيل القدّيس متّى 19-16:11
 
قالَ الربُّ يَسوعُ (لليهود): «بِِمَنْ أُشَبِّهُ هذَا الجِيل؟ إِنَّهُ يُشْبِهُ صِبْيَانًا جَالِسِينَ في السَّاحَاتِ يَصيحُونَ بِأَصْحَابِهِم
قَائِلين: زَمَّرْنا لَكُم فَلَمْ تَرْقُصُوا، ونَدَبْنا لَكُم فَلَمْ تَنْتَحِبُوا.
جَاءَ يُوحَنَّا لا يَأْكُلُ ولا يَشْرَبُ فَقَالُوا: فِيهِ شَيْطان!
وجَاءَ ٱبْنُ الإِنْسَانِ يَأْكُلُ ويَشْرَبُ فَقَالُوا: هُوَذَا إِنْسَانٌ أَكُولٌ وشِرِّيبُ خَمْر، صَدِيقُ العَشَّارِينَ والخَطَأَة! ولكِنَّ الحِكْمَةَ تُبَرِّرُها أَعْمَالُهَا!».
 
 
1.6.7-   السبت من أسبوع مولد يوحنّا    -     إنجيل القدّيس يوحنّا 36-31:5   
 
    إنجيل القدّيس يوحنّا 36-31:5
 
قالَ الربُّ يَسوعُ (لليهود): «لَوْ كُنْتُ أَنَا أَشْهَدُ لِنَفْسِي لَمَا كَانَتْ شَهَادَتِي مَقْبُولَة.
ولكِنَّ آخَرَ يَشْهَدُ لِي، وأَنَا أَعْلَمُ أَنَّ الشَّهَادَةَ الَّتِي يَشْهَدُهَا لِي صَادِقَة.
أَنْتُم أَرْسَلْتُم إِلى يُوحَنَّا فَشَهِدَ لِلحَقّ.
وأَنَا لا أَسْتَمِدُّ الشَّهَادَةَ مِنْ إِنْسَان، ولكِنْ مِنْ أَجْلِ خَلاصِكُم أَقُولُ هذَا:
كَانَ يُوحَنَّا السِّرَاجَ المُوقَدَ السَّاطِع، وأَنْتُم شِئْتُم أَنْ تَبْتَهِجُوا بِنُورِهِ سَاعَة.
أَمَّا أَنَا فَلِي شَهَادَةٌ أَعْظَمُ مِنْ شَهَادَةِ يُوحَنَّا: أَلأَعْمَالُ الَّتِي أَعْطَانِي الآبُ أَنْ أُتَمِّمَهَا، تِلْكَ الأَعْمَالُ نَفْسُهَا الَّتِي أَعْمَلُهَا، تَشْهَدُ أَنَّ الآبَ أَرْسَلَنِي.

 

«كَانَ يُوحَنَّا السِّراجَ المُوقَدَ المُنير»
جان سكوت إيريجين (؟ - نحو 870)، راهب بِندِكتيّ إيرلنديّ،
عظة حول مقدّمة إنجيل القدّيس يوحنّا، الفصل 15

 

وفقًا للمنطق، فإنّ يوحنّا الإنجيلي هو مَن عرّف بيوحنا المعمدان في كلامه عن الله، فكان "غَمْرٌ يُنادي غَمْرًا" على صَوتِ الأسرار الإلهيّة (مز42[41]: 8): ف الإنجيلي يروي قصّة السابق. وذاك الذي تلّقى نعمة معرفة مَن "في البَدءِ كانَ الكَلِمَة" (يو 1: 1) أخبرنا عن ذاك الذي تلقّى نعمة أن يكون السِّراجَ المُوقَدَ المُنير للكلمة المتجسّد... فهو لم يقل فقط: كان هناك رسول من الله بل "ظهر رجلٌ" (يو 1: 6). وهو استخدم هذه العبارة للتمييز جيّدًا بين السابق الذي كان له دور المشاركة الإنسانيّة فقط وبين الذي وحّد جيّدًا الألوهية والإنسانيّة وقد أتى من بعده.

لقد أراد أيضًا أن يفصل الصوت العابر عن الكلمة التي لا تزول؛ كما أراد أن يشير إلى أنّ أحدهما هو نجمة الصباح التي تظهر في فجر ملكوت السماء، وأن يُعلن أنّ الآخر هو "شَمسُ البِرِّ" (ملا 3: 20) الآتي من بعده. كما مّيز أيضًا بين الشاهد وبين مَن أرسلَه، وفرّق ما بين "السِّراجَ المُوقَدَ المُنير" (يو 5: 35) وبين النور الرائع الذي ملأ الكون، والذي بدّد ظلمات الخطيئة والموت للجنس البشري أجمع...

"ظهر رجلٌ". من قِبل مَن؟ من قِبل الله الكلمة الذي أرسله ليسبقه. كانت مُهمَّته أن يكون السّابق. وهو الذي صاح بصوت عالٍ قائلاً: أنا "صَوتُ مُنادٍ في البَرِّيَّة" (متى3: 3). فالرسول يعِدُّ مجيء الربّ. "اسْمُه يوحَنَّا" (يو 1: 6): أعطيت له نعمة أن يكون سابقًا لملك الملوك، ومبشّرًا بالكلمة المجهولة ومُعمّدًا يعدّ الطريق للولادة الروحيّة، وشاهدًا من خلال كلمته واستشهاده على النور الأبدي.

 
 
فهرس بحسب الرزنامة الطقسية المارونية        -        الانجيل اليومي بحسب التقويم الماروني
زمن الميلاد او المجيء   زمن الغطاس او الدنح   زمن التذكارت   زمن الصوم الكبير   أسبوع الآلام   زمن القيامة والصعود   زمن العنصرة   زمن الصليب
 أسبوع تقديس البيعة
 أسبوع تجديد البيعة
 أسبوع بشارة زكريّا
 أسبوع بشارة العذراء
 أسبوع زيارة العذراء
 أسبوع مولد يوحنّا
 أسبوع البيان ليوسف
 أسبوع النسبة
 عيد ميلاد الربّ يسوع
 عيد تهنئة العذراء مريم
 ألاسبوع الاول من الميلاد
to enlarge
 
 أحد وجود يسوع في الهيكل
 ايام قبل عيد الدنح
 عيد الدنح
 تذكار مديح يوحنّا المعمدان
 الاسبوع الاول  بعد الدنح
 الاسبوع الثاني  بعد الدنح
 الاسبوع الثالث بعد الدنح
 الاسبوع الرابع بعد الدنح
to enlarge
 
 أحد الكهنة الراقدين
 أسبوع الكهنة الراقدين
 أحد الأبرار والصدّيقين
 أسبوع الأبرار والصدّيقين
 أحد الموتى المؤمنين
 أسبوع الموتى المؤمنين
to enlarge
 
 أحد مدخل الصوم الكبير
 اثنين الرماد
 الاسبوع الاول
 الاسبوع الثاني
 الاسبوع الثالث
 الاسبوع الرايع
 الاسبوع الخامس
 الاسبوع السادس
 أحد الشعانين
to enlarge
 
 أحد الشعانين
 بداية اسبوع الآلام
 خميس الأسرار
 يوم الجمعة العظيمة
 سبت النور
 أحد القيامة الكبير
to enlarge
 
 أحد القيامة الكبير
 أسبوع الحواريّين
 الاسبوع الثاني
  الاسبوع الثالث
 الاسبوع الرايع
 الاسبوع الخامس
الاسبوع السادس
 الاسبوع السابع
to enlarge
 
 أحد العنصرة
 الاسبوع الاول
 الاسبوع الثاني
 الاسبوع الثالث
 الاسبوع الرايع
 الاسبوع الخامس
 الاسبوع السادس
 الاسبوع السابع
 الاسبوع الثامن
 الاسبوع التاسع
 الاسبوع العاشر
 الاسبوع الحادي عشر
 الاسبوع الثاني عشر
 الاسبوع الثالث عشر
 الاسبوع الرابع عشر
 الاسبوع الخامس عشر
 الاسبوع السادس عشر
 
 ارتفاع الصليب المقدّس
 الاسبوع الاول
 الاسبوع الثاني
 الاسبوع الثالث
 الاسبوع الرايع
 الاسبوع الخامس
 الاسبوع السادس
 الاسبوع السابع
to enlarge
 
  النصوص مأخوذة من الترجمة الليتُرجيّة المارونيّة - إعداد اللجنة الكتابيّة التابعة للجنة الشؤون الليتورجيّة البطريركيّة المارونيّة (طبعة ثانية – 2007) © pure software code - Since 2003