الإنجيل اليوميّ     -      يا ربّ، إِلى مَن نَذهَب وكَلامُ الحَياةِ الأَبَدِيَّةِ عِندَك ؟ (يوحنا 6: 68) التقويم الماروني
        7-    زمن العنصرة 
7.1-   الاسبوع الاول من زمن العنصرة
7.2-   الاسبوع الثاني من زمن العنصرة 
7.3-   الاسبوع الثالث من زمن العنصرة 
  الرئيسية  

 
 

الإنجيل اليومي   -     التقويم الماروني  

 

شرح \ تقيم

7.1.1- أحد العنصرة
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 20-15:14
  «فإِنَّنا نَسمَعُهم يُحَدِّثونَ بِعَجائِبِ اللهِ بِلُغاتِنا» (أع 2: 11)
      
للكردينال جوزف راتزنغر(بِندِكتُس السادس عشر، بابا روما من 2005 إلى 2013)
7.1.2- الاثنين الأوّل من زمن العنصرة
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 8-5:3
  «فَمَولودُ الجَسدِ يَكونُ جَسداً ومَولودُ الرُّوحِ يَكونُ روحاً»
      
للقدّيس يوحنّا الصليب (1542 - 1591)، راهب كرمليّ وملفان الكنيسة
7.1.3- الثلاثاء الأوّل من زمن العنصرة
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 24-21:4
  «صَدِّقيني أَيَّتُها المَرأَة تَأتي ساعةٌ فيها تَعبُدونَ الآب لا في هذا الجَبَل ولا في أُورَشَليم»
      
للقدّيس أوغسطينُس (354 - 430)، أسقف هيبّونا (إفريقيا ) وملفان الكنيسة
7.1.4- الأربعاء الأوّل من زمن العنصرة
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 39-37:7
  «ومَن آمنَ بي فَلْيَشَربْ كما ورَدَ في الكِتاب: ستَجْري مِن جَوفِه أَنهارٌ مِنَ الماءِ الحَيّ»
      
أوريجينُس (نحو 185 - 253)، كاهن ولاهوتيّ
7.1.5- الخميس الأوّل من زمن العنصرة   
                                          إنجيل القدّيس لوقا 37-25:10
  «في بَيتِ أَبي مَنازِلُ كثيرة»
      
للقدّيسة تيريزيا الطفل يسوع والوجه الأقدس (1873 - 1897)، راهبة كرمليّة
7.1.6- يوم الجمعة الأوّل من زمن العنصرة    
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 14-8:14
   «مَنْ رَآنِي رَأَى الآب»
      
للقدّيس إيريناوس اللِّيونيّ (نحو 130 - نحو 208)، أسقف ولاهوتيّ وشهيد
7.1.7- السبت الأوّل من زمن العنصرة
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 31-27:14
  نبع السلام
      
للطّوباويّ كولومبا مارميون (1858 - 1923)، رئيس دير
7.2.1- الأحد الثاني من زمن العنصرة : أحد الثالوث الأقدس       
                                          إنجيل القدّيس متّى 20-16:28
  «أعطِنا أن نعتنق الإيمان الحقيقيّ باعترافنا بمجد الثالوث الأبديّ»
      
للقدّيس باسيليوس (نحو 330 - 379)، راهب وأسقف قيصريّة قبّدوقية
7.2.2- الاثنين الثاني من زمن العنصرة
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 8-1:15
  «أَنا الكَرْمةُ وأَنتُمُ الأَغصان»
      
للقدّيس أوغسطينُس (354 - 430)، أسقف هيبّونا (إفريقيا) وملفان الكنيسة
7.2.3- الثلاثاء الثاني من زمن العنصرة
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 14-9:15
   
7.2.4- الأربعاء الثاني من زمن العنصرة
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 17-15:15
   
7.2.5- الخميس الثاني من زمن العنصرة
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 21-18:15
   
7.2.6- يوم الجمعة الثاني من زمن العنصرة  
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 27-22:15
  «فهُو يَشهَدُ لي وأَنتُم أَيضاً تَشهَدون لأَنَّكُم مَعي مُنذُ البَدْء»
      
التعليم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكيّة
7.2.7- السبت الثاني من زمن العنصرة
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 4-1:16
  «وسيَفعَلونَ ذلك لأنّهم لم يَعرفوا أبي، ولا عَرَفوني»
      
للقدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم (نحو 345 - 407)، بطريرك أنطاكية ثمّ القسطنطينيّة
7.3.1- الأحد الثالث من زمن العنصرة: الروح يعلّم   
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 27-21:14
   
7.3.2- الاثنين الثالث من زمن العنصرة
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 11-5:16
  «إِنَّه خَيرٌ لَكم أَن أَمضي فَإِن لم أَمضِ، لا يَأتِكُمُ المُؤيِّد. أَمَّا إِذا ذَهَبتُ فأُرسِلُه إِلَيكُم»
      
للطوباويّ يوحنّا هنري نِيومَن (1801 - 1890)، كاهن ومؤسّس جماعة دينيّة
7.3.3- الثلاثاء الثالث من زمن العنصرة    
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 15-12:16
  «ومَتَى جَاءَ رُوحُ الحَقِّ فَهُوَ يَقُودُ خُطَاكُم في الحَقِّ كُلِّهِ»
      
غييوم دو سان تييري (نحو 1085 - 1148)، راهب بِندِكتي ثمّ سِستِرسياني
7.3.4- الأربعاء الثالث من زمن العنصرة  
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 19-16:16
  «أَنا ذاهِبٌ إِلى الآب»
      
للقدّيس يوحنّا بولس الثاني (1920 - 2005)، بابا روما
7.3.5- الخميس الثالث من زمن العنصرة
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 24-20:16
  «حتَّى الآن لم تَسألوا شَيئًا بِاسمي. إِسأَلوا تَنالوا فيَكونَ فَرحُكم تامًا»
      
للقدّيس يوحنّا ماري فِيَنّي (1786 - 1859)، كاهن وخوري آرس
7.3.6- يوم الجمعة الثالث من زمن العنصرة   
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 28-25:16
  «في ذلك اليَومِ تَسأَلونَ بِاسمي» (يو 16: 26)
      
للقدّيس إقليمنضُس الإسكندريّ (150- نحو 215)، لاهوتي
7.3.7- السبت الثالث من زمن العنصرة
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 33-29:16
  «كَلَّمْتُكُم بِهذَا لِيَكُونَ لَكُم فِيَّ سَلام»
      
للقدّيس يوحنّا بولس الثاني (1920 - 2005)، بابا روما
 
 
7.1.1-    أحد العنصرة    -     إنجيل القدّيس يوحنّا 20-15:14   
 
    إنجيل القدّيس يوحنّا 20-15:14
 
قالَ الربُّ يَسوعُ لِتَلاميذِهِ: «إِنْ تُحِبُّونِي تَحْفَظُوا وَصَايَاي.
وأَنَا أَسْأَلُ الآبَ فَيُعْطِيكُم بَرَقلِيطًا آخَرَ مُؤَيِّدًا يَكُونُ مَعَكُم إِلى الأَبَد.
هُوَ رُوحُ ٱلحَقِّ الَّذي لا يَقْدِرُ العَالَمُ أَنْ يَقْبَلَهُ، لأَنَّهُ لا يَرَاه، ولا يَعْرِفُهُ. أَمَّا أَنْتُم فَتَعْرِفُونَهُ، لأَنَّهُ مُقيمٌ عِنْدَكُم، وهُوَ فِيكُم.
لَنْ أَتْرُكَكُم يَتَامَى. إِنِّي آتِي إِلَيْكُم.
عَمَّا قَلِيلٍ لَنْ يَرانِيَ العَالَم، أَمَّا أَنْتُم فَتَرَونَنِي، لأَنِّي أَنَا حَيٌّ وأَنْتُم سَتَحْيَون.
في ذلِكَ اليَومِ تَعْرِفُونَ أَنِّي أَنَا في أَبِي، وأَنْتُم فِيَّ، وأَنَا فيكُم.

 

«فإِنَّنا نَسمَعُهم يُحَدِّثونَ بِعَجائِبِ اللهِ بِلُغاتِنا» (أع 2: 11)
الكردينال جوزف راتزنغر(بِندِكتُس السادس عشر، بابا روما من 2005 إلى 2013)،
رياضة في الفاتيكان 1983

 

إنّ يوم العنصرة يظهر طبيعة الكنيسة الجامعة. إذ يُعلن الرُّوح القدس عن حضوره في موهبة الألسن. لقد جدّد بذلك، إنّما بطريقة معاكسة، ما حدث في بابل (راجع تك 11)، هذا التعبير عن تكبّر البشر الذين أرادوا أن يصبحوا مثل الله وأن يبنوا بقواهم الخاصّة، أي بدون الله، جسرًا نحو السماء، أي برج بابل. إنّ هذا التكبّر يؤدّي إلى الانقسامات في العالم ويرفع جدران التفريق. بسبب التكبّر، يعترف الإنسان فقط بذكائه الخاص، وبإرادته الخاصّة وبقلبه الخاص؛ من هنا، هو ليس قادرًا على فهم لغة الآخرين، ولا على سماع صوت الله.
إنّ الرُّوح القدس، المحبّة الإلهية، يفهم ويجعل الآخرين يفهمون اللغات؛ هو يخلق الوحدة في التعدّد. هكذا، ومنذ يومها الأوّل، تتكلّم الكنيسة في اللغات كلّها. هي في الحال كاثوليكيّة وجامعة. الجسر بين السماء والأرض موجود فعلاً: إنّ الصليب هو هذا الجسر، ومحبّة الله بَنَتْ هذا الجسر. إنّ بناء هذا الجسر تخطّى إمكانيّات التقنيّة. كان يجب أن يفشل هدف بابل ويجب أن يفشل؛ وحدها محبّة الله المتجسّد كان باستطاعتها تلبية هدف كهذا...
إنّ الكنيسة هي جامعة منذ اللحظة الأولى لوجودها؛ فهي تشمل اللغات كلّها. إنّ علامة اللغات تعبّر عن وجه بالغ الأهميّة لعِلم الكنيسة الأمين للكتاب المقدّس: الكنيسة الجامعة تسبق الكنائس الخصوصيّة، والوحدة تأتي قبل الأقسام. إنّ الكنيسة الجامعة ليست اندماجًا ثانويًّا للكنائس المحليّة؛ إنّ الكنيسة الجامعة الكاثوليكيّة هي التي أوجدت الكنائس الخصوصيّة، وهذه الكنائس لا يمكنها أن تبقى كنائس إلاّ من خلال الشراكة مع الكنيسة الجامعة. إضافة إلى ذلك، فإنّ الجامعيّة تقتضي تعدّد اللغات، وتوحيد الثروات البشريّة وتناغمها في محبّة المصلوب.
 
 
7.1.2-    الاثنين الأوّل من زمن العنصرة    -     إنجيل القدّيس يوحنّا 8-5:3   
 
    إنجيل القدّيس يوحنّا 8-5:3
 
أَجَابَ يَسُوعُ وقالَ لِنيقُودِيمُس: «أَلْحَقَّ ٱلْحَقَّ أَقُولُ لَكَ، لا أَحَدَ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللهِ مَا لَمْ يُولَدْ مِنَ المَاءِ والرُّوح.
مَولُودُ الجَسَدِ جَسَد، ومَوْلُودُ الرُّوحِ رُوح.
لا تَعْجَبْ إِنْ قُلْتُ لَكَ: عَلَيْكُمْ أَنْ تُولَدُوا مِنْ جَدِيد.
أَلرِّيحُ تَهُبُّ حَيْثُ تَشَاء، وأَنْتَ تَسْمَعُ صَوتَهَا، لكِنَّكَ لا تَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ تَأْتِي ولا إِلى أَيْنَ تَمْضِي: هكَذَا كُلُّ مَوْلُودٍ مِنَ الرُّوح».

 

«فَمَولودُ الجَسدِ يَكونُ جَسداً ومَولودُ الرُّوحِ يَكونُ روحاً»
القدّيس يوحنّا الصليب (1542 - 1591)، راهب كرمليّ وملفان الكنيسة،
صعود جبل الكرمل، الكتاب الثاني، الفصل الخامس

 

قال الرّب يسوع في إنجيل يوحنّا: "الحَقَّ الحَقَّ أَقولُ لَكَ: ما مِن أَحَدٍ يُمكِنَه أَن يَدخُلَ مَلَكوتَ الله إِلاَّ إِذا وُلِدَ مِنَ الماءِ والرُّوح". الولادة من الرُّوح القدس في هذه الحياة، هي أن تتشبّه نفسنا بالله من خلال الطّهارة وأن نتخلّص من كلّ ما يبعد الكمال عنّا. هكذا فحسب يمكن أن يتحقّق التحوّل الطاهر للنفس في الله؛ إنها تشارك طبيعة الله باتّحادها معه من دون أن يكون هذا الاتّحاد اتّحادًا في جوهر الطبيعتين.
ولكي نفهم أكثر، فلنقم بمقارنة: أنظروا الى شعاع الشَّمس الذي يضيء زجاج النافذة. فإن كان الزجاج ملطّخًا ببعض البقع أو كان هناك بعض الغيوم، فلا يمكن للشعاع أن يضيء المكان بالكامل أو أن يحوّله بنوره كما كان ليفعله لو كان الزجاج نقيًا وخاليًا من أي بقعة... والحال هذه فإن المشكلة تكمن في الزّجاج الملطَّخ وليس في الشّعاع. فلو كان الزّجاج نظيفًا بالكامل، لاستطاع الشّعاع أن يضيء الزّجاج ويحوّله حتى يبدو هو الشعاع بنفسه ويمنح الضّياء ذاته. يبقى فقط أنّ الزجاج الذي أصبح مشابهًا للشّعاع سيبقى محافظًا على طبيعته الفريدة. ورغم ذلك يمكننا القول بإنّ الزجاج أصبح شعاعًا من خلال مشاركته.
هكذا هي النفس. فهي مغمورة بالكامل من شعاع الله أو بالأحرى هذا الشعاع يسكن فيها بالطبيعة. فكلما عملت النفس على التخلّص من شوائبها أي بمعنى آخر، كلّما كانت إرادتها متّحدةً بالتّمام بإرادة الله – لأن محبّتنا لله تعني العمل، إكرامًا لله، على التخلّص من كل ما هو ليس الله – وهكذا تصبح النّفس مستنيرة وقد تحوّلت في الله.
 
 
7.1.3-    الثلاثاء الأوّل من زمن العنصرة   -     إنجيل القدّيس يوحنّا 24-21:4     
 
    إنجيل القدّيس يوحنّا 24-21:4
 
قَالَ يَسُوعُ للسَامِرِيَّة: «صَدِّقِينِي، يَا ٱمْرَأَة. تَأْتِي سَاعَةٌ، فِيهَا تَسْجُدُونَ لِلآب، لا في هذَا الجَبَل، ولا في أُورَشَلِيم.
أَنْتُم تَسْجُدُونَ لِمَا لا تَعْلَمُون، ونَحْنُ نَسْجُدُ لِمَا نَعْلَم، لأَنَّ الخَلاصَ هُوَ مِنَ اليَهُود.
ولكِنْ تَأْتِي سَاعَة، وهِيَ الآن، فِيهَا السَّاجِدُونَ الحَقِيقِيُّونَ يَسْجُدُونَ لِلآبِ بِٱلرُّوحِ والحَقّ. فَعَلى مِثَالِ هؤُلاءِ يُريدُ الآبُ السَّاجِدينَ لَهُ.
أَللهُ رُوح، وعَلى السَّاجِدِينَ لَهُ أَنْ يَسْجُدُوا بِٱلرُّوحِ والحَقّ».

 

«صَدِّقيني أَيَّتُها المَرأَة تَأتي ساعةٌ فيها تَعبُدونَ الآب لا في هذا الجَبَل ولا في أُورَشَليم»
القدّيس أوغسطينُس (354 - 430)، أسقف هيبّونا (إفريقيا الشماليّة) وملفان الكنيسة،
عظات عن إنجيل القدّيس يوحنّا

 

لقد قُلتَ في نفسك: "إنّي أتمنّى لو أجدَ جبلاً مرتفعًا وحيدًا، إذ أعتقدُ فعلاً أنّ الله يسكنُ في الأعالي، وسيسمعُ ندائي إن ناجيتُه حين أكون في مكان مُرتفع". فهل تعتقد أنّك إن كنت على جبلٍ عالٍ ستكون أقرب من الله وسيلبّي نداءك كما لو كنتَ تحدّثُه عن قرب؟ إنّه يسكنُ في الأعالي ولكنّه ينظرُ إلى المتواضعين. هل الله قريبٌ من المتكبّرين؟ "الربّ قَريب" أتُرى مِمَّن؟ أمِنَ الذين في المرتفعات؟ بالتأكيد لا، إنّما "الربّ قَريب مِن مُنكَسِري القُلوب" (مز34[33]: 19).يا للروعةّ! إنّه يسكنُ في الأعالي ولكنّه أقرب إلى المتواضعين. لقد "نَظَرَ إِلى المُتَواضِع أَمَّا المُتَكَبّر فيَعرِفُه مِن بَعيد" (مز138[137]: 6). إنّه يعرف المتكبّرين من بعيد كما إنّه يبتعدُ أكثر عنهم كلّما ظنّوا أنفسهم أكثر ارتفاعًا.
هل تبحث عن جبلٍ؟ انزل لتلاقيه. أتريد الصعود؟ اصعد ولكن لا تبحث عن جبل. يقول المزمور: "طوبى لِلَّذينَ بِكَ عِزَّتُهم ففي قُلوبِهم مَراقٍ إِلَيكَ. إِذا مَرُّوا بِوادي البَلَسان جَعَلوا مِنه يَنابيع وباكورَةُ الأَمطارِ تَغمُرُهم بِالبَرَكات" (مز84[83]: 6-7). في كلِّ وادٍ تواضعٌ. لذلك وجّه أفعالك كلَّها إلى داخلكِ. وإذا أردت أن تجدَ مكانًا مرتفعًا، مكانًا مقدّسًا، قدّم نفسَكَ هيكلاً لله. "لأَنَّ هَيكَلَ اللهِ مُقدَّس، وهذا الهَيكَلُ هو أَنتُم" (1كور3: 17). هل تريد أن تصلّيَ في هيكلٍ؟ صلِّ في داخلِكَ. ولكن اجعل نفسَك هيكلاً للربّ أوّلاً لأنّه في هيكلِهِ وحدِه يسمع من يناجيه.
 
 
7.1.4-    الأربعاء الأوّل من زمن العنصرة   -     إنجيل القدّيس يوحنّا 39-37:7    
 
    إنجيل القدّيس يوحنّا 39-37:7
 
في آخِرِ أَيَّامِ العِيدِ وأَعْظَمِهَا (عيد المظال!)، وَقَفَ يَسُوعُ وهَتَفَ قَائِلاً: «إِنْ عَطِشَ أَحَدٌ فَلْيَأْتِ إِليَّ.
وَالمُؤْمِنُ بِي فَلْيَشْرَبْ، كَمَا قَالَ الكِتَاب: مِنْ جَوْفِهِ تَتَدَفَّقُ أَنْهَارُ مَاءٍ حَيّ».
قَالَ هذَا عَنِ الرُّوحِ الَّذِي كَانَ المُؤْمِنُونَ بِهِ مُزْمِعِينَ أَنْ يَقْبَلُوه. فَٱلرُّوحُ لَمْ يَكُنْ بَعْدُ قَدْ أُعْطِيَ، لأَنَّ يَسُوعَ لَمْ يَكُنْ بَعْدُ قَدْ مُجِّد.

 

«ومَن آمنَ بي فَلْيَشَربْ كما ورَدَ في الكِتاب: ستَجْري مِن جَوفِه أَنهارٌ مِنَ الماءِ الحَيّ»
أوريجينُس (نحو 185 - 253)، كاهن ولاهوتيّ،
عظات حول سفر التكوين ، العظة 12

 

"اشرَبْ ماءً في جُبًكَ ومَعينًا مِمَّا في بِئرِكَ" (أم 5: 15-17). حاول، أنت الذي تسمعني، أن يكون لك بئر خاصّ بك وينبوع خاصّ بك. هكذا، عندما تأخذ الكتاب المقدّس، ستكتشف بذاتك تفسيرات خاصّة بك. نعم، حاول من خلال كلّ ما تعلّمته في الكنيسة، أن تستقي أنت أيضًا من ينبوع روحك. ففي داخلك، ستجد... "الماء الحيّ" (راجع يو 4: 10). هنالك قنوات الماء التي لا تنضب والأنهار المحمّلة بالمعنى الروحي للكتاب المقدّس، شرط ألاّ يتعثّر جريانها بالتربة والركام. في هذه الحالة، يجب الحفر والتنظيف، أي طرد كسل الروح والتخلّص من سبات القلب...
نقِّ روحك حتّى تشرب يومًا من ينابيعك وتستقي من الماء الحيّ الذي ينبع من بئرك. لأنّك إن تلقَّيتَ كلمةَ الله وحصلتَ على الماءِ الحيّ من الرّب يسوع، وإن تلقّيتها بالإيمان، ستتحوّل فيك إلى "عَينَ ماءٍ يَتفَجَّرُ حَياةً أَبَديَّة" (يو 4: 14).
 
 
7.1.5-    الخميس الأوّل من زمن العنصرة     -     إنجيل القدّيس متّى 
 
   إنجيل القدّيس متّى
 
قالَ الربُّ يَسوعُ لِتَلاميذِه: «لا يَضْطَرِبْ قَلْبُكُم! آمِنُوا بِٱللهِ وآمِنُوا بِي.
في بَيْتِ أَبِي مَنَازِلُ كَثِيرَة، وإِلاَّ لَقُلْتُهُ لَكُم. أَنَا ذَاهِبٌ لأُعِدَّ لَكُم مَكَانًا.
وإِذَا مَا ذَهَبْتُ وأَعْدَدْتُ لَكُم مَكَانًا، أَعُودُ وآخُذُكُم إِليَّ، لِتَكُونُوا أَنْتُم أَيْضًا حَيْثُ أَكُونُ أَنَا.
وأَنْتُم تَعْرِفُونَ الطَّرِيقَ إِلى حَيْثُ أَنَا ذَاهِب».
قَالَ لَهُ تُومَا: «يَا رَبّ، لا نَعْلَمُ إِلى أَيْنَ تَذْهَب، فَكَيْفَ نَقْدِرُ أَنْ نَعْرِفَ الطَّريق؟».
قَالَ لَهُ يَسُوع: «أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ والحَقُّ والحَيَاة. لا أَحَدَ يَأْتِي إِلى الآبِ إِلاَّ بِي.
إِنْ تَعْرِفُونِي تَعْرِفُوا أَبِي أَيْضًا، وَمِنَ الآنَ تَعْرِفُونَهُ، وقَدْ رَأَيْتُمُوه».

 

«في بَيتِ أَبي مَنازِلُ كثيرة»
القدّيسة تيريزيا الطفل يسوع والوجه الأقدس (1873 - 1897)، راهبة كرمليّة وملفانة الكنيسة،
مخطوطة السّيرة الذّاتيّة، أ

 

لطالما تساءلت عن سبب تفضيلات الله الصالح، ولماذا لا تحصل النفوس كلّها على مستوى النعم نفسه... لقد تكرّم عليّ الرَبّ يسوع بتفسيره لي هذا السرّ، واضعًا أمام عينيّ كتاب الطبيعة. عندئذٍ فهمت أنّ الأزهار التي خلقها هي كلّها جميلة، وأنّ لمعان الوردة وبياض الزنبق لا يزيلان عطر زهرة البنفسج الصغيرة ولا بساطة زهرة الربيع الساحرة. فهمت بأنّ الطبيعة ستفقد لا شكّ زينتها الربيعيّة، وبأنّ المروج لن تبقى عابقةً بالزهور إن كانت الزهور الصغيرة كلّها ترغب في أن تصبح ورودًا.
الأمر سيّان في عالم النفوس ألا وهو حديقة الرّب يسوع. أراد أن يخلق القدّيسين العظماء الذين يمكن تشبيههم بالزنبق والورد، ولكنّه خلق كذلك أزهارًا أصغر ويجدر بها أن تتقبّل كونها زهرة ربيع أو بنفسج من شأنها أن تُفرح نظرات الله الصالح عندما يحيل نظره نحو قدميه؛ إنّ سرّ الكمال يكمن في الخضوع لمشيئته، وفي أن نصبح ما يريدنا أن نكون.
لقد فهمت أيضًا بأنّ حبّ ربّنا يتجلّى في أبسط النفوس التي لا تقاوم أيًّا من نعمه كما في أرقاها على حدّ سواء؛ في الواقع، إنّ ما يميّز الحبّ هو التواضع، ولو كانت النفوس كلّها تشبه نفوس القدّيسين الملافنة الذين أناروا الكنيسة بصفاء عقيدتهم، فإنّه يخيّل إليّ أنّ الله لن يتنازل كثيرًا حيت يأتي إلى قلوبهم. ولكنّه خلق الطفل الذي لا يعرف شيئًا والذي لا يصدر سوى صرخات خفيفة، وخلق المفترس المسكين الذي لا يمتثل سوى لقانون الطبيعة وما يريده من ذلك هو أن ينزل إلى قلوبهم، ذلك أنّ أزهار المروج التي تفرحه موجودة هنا. في نزوله هذا، يبيّن الله عظمته اللامتناهية. وكما تنير الشمس على حدّ سواء الأرْزَ والأزهار الصغيرة وكأنّها وحيدة على هذه الأرض، كذلك يهتمّ ربّنا بكل نفس على حدة وكأنّها فريدة لا شبيه لها.
 
 
7.1.6-    يوم الجمعة الأوّل من زمن العنصرة     -     إنجيل القدّيس يوحنّا 14-8:14 
 
   إنجيل القدّيس يوحنّا 14-8:14
 
قالَ فيليبُّس لِيَسوع: «يَا رَبّ، أَرِنَا الآبَ وحَسْبُنَا».
قَالَ لَهُ يَسُوع: «أَنَا مَعَكُم كُلَّ هذَا الزَّمَان، يَا فِيلِبُّس، ومَا عَرَفْتَنِي؟ مَنْ رَآنِي رَأَى الآب، فَكَيْفَ تَقُولُ أَنْت: أَرِنَا الآب؟
أَلا تُؤْمِنُ أَنِّي أَنَا في الآب، وأَنَّ الآبَ فِيَّ؟ أَلكَلامُ الَّذي أَقُولُهُ لَكُم، لا أَقُولُهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي، بَلِ الآبُ المُقِيمُ فِيَّ هُوَ يَعْمَلُ أَعْمَالَهُ.
صَدِّقُونِي: أَنَا في الآبِ والآبُ فِيَّ. وإِلاَّ فَصَدِّقُوا مِنْ أَجْلِ الأَعْمَالِ نَفْسِهَا.
أَلحَقَّ ٱلحَقَّ أَقُولُ لَكُم: مَنْ يُؤْمِنُ بِي يَعْمَلُ هُوَ أَيْضًا ٱلأَعْمَالَ الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا، وأَعْظَمَ مِنْهَا يَعْمَل، لأَنِّي أَنَا ذَاهِبٌ إِلى الآب.
كُلُّ مَا تَطْلُبُونَهُ بِٱسْمِي أَعْمَلُهُ، لِيُمَجَّدَ الآبُ في الٱبْن.
إِنْ تَطْلُبُوا شَيْئًا بِٱسْمِي فَأَنَا أَعْمَلُهُ.

«مَنْ رَآنِي رَأَى الآب»
القدّيس إيريناوس اللِّيونيّ (نحو 130 - نحو 208)، أسقف ولاهوتيّ وشهيد، ضدّ الهرطقات، 4، 5

 

إنّ بهاء الله يُعطي الحياة: إذًا، فالذين يرونَ الله، سيُشاركون في الحياة. لهذا السبب، فإنّ الذي لا يُدرَك ولا يُفهَم ولا يُرى، قدّمَ ذاتَه للبشر ليَروه، وليَفهموه وليُدركوه. أمّا الهدف، فهو أن يُعطي الحياةَ للذين يُدركونَه ويَرونَه. فإن كانت عظمتُه لا تُسبَر، تبقى طيبتُه أيضًا فائقة الوصف، وبفضلها يسمحُ بأن يُرى، ويُعطي الحياة للذين يرونَه.
من المستحيل أن نحيا مِنْ دون مَنْ هُوَ الحياة. فلا حياةَ خارج المشاركة في الله؛ وهذه المشاركة تكمنُ في رؤية الله، وفي التنعُّم بطيبَته. فهكذا إذًا، سيرى البشر الله ليَحيوا، حسب ما قاله موسى في سفر تثنية الاشتراع: "وقَد سَمِعْنا صَوتَه مِن وَسَطِ النَّار. هذا اليَومَ رَأَينا أَنَّ اللّهَ كَلَّمَ الإِنسانَ وبَقِيَ على قَيدِ الحَياة" (تث 5: 24). إنّ الله غير منظور وفائق الوصف... لكنّ جميع البشر علموا من كلمة الله، أنّ ما من إله سوى الله الآب الذي يحتوي على الأشياء كلِّها، ويعطي الحياة للأشياء كلِّها حسب ما قال أيضًا الرّب يسوع المسيح: "إِنَّ اللهَ ما رآهُ أَحدٌ قطّ الابنُ الوَحيدُ الَّذي في حِضْنِ الآب هو الَّذي أَخبَرَ عَنه" (يو 1: 18).
 
 
7.1.7-    السبت الأوّل من زمن العنصرة     -     إنجيل القدّيس يوحنّا 31-27:14 
 
   إنجيل القدّيس يوحنّا 31-27:14
 
قالَ الربُّ يَسوعُ لِتَلاميذِه: «أَلسَّلامَ أَسْتَودِعُكُم، سَلامِي أُعْطِيكُم. لا كَمَا يُعْطِيهِ العَالَمُ أَنَا أُعْطِيكُم. لا يَضْطَرِبْ قَلْبُكُم ولا يَخَفْ!
سَمِعْتُم أَنِّي قُلْتُ لَكُم: أَنَا ذَاهِبٌ ثُمَّ آتِي إِلَيْكُم. إِنْ تُحِبُّونِي تَفْرَحُوا بِأَنِّي ذَاهِبٌ إِلى الآب، لأَنَّ الآبَ أَعْظَمُ مِنِّي.
قُلْتُ لَكُم هذَا الآنَ قَبْلَ حُدُوثِهِ، حَتَّى إِذَا حَدَثَ تُؤْمِنُون.
لَنْ أُحَدِّثَكُم بَعْدُ بِأُمُورٍ كَثيرَة، لأَنَّ سُلْطَانَ هذَا العَالَمِ يَأْتِي، ولا سُلْطَةَ لَهُ عَلَيَّ،
ولكِنْ، يَجِبُ أَنْ يَعْرِفَ العَالَمُ أَنِّي أُحِبُّ الآب، وكَمَا أَوْصَانِي الآبُ هكَذَا أَفْعَل. قُومُوا نَذْهَبْ مِنْ هُنَا.

نبع السلام
الطّوباويّ كولومبا مارميون (1858 - 1923)، رئيس دير،
الاتّحاد بالله من خلال الرّب يسوع المسيح (بحسب رسائل الطوباوي كولومبا مارميون)

 

أتمنّى لكم الحصول على الهدوء والسلام. إنّ أفضل طريقة لاكتساب هذا الهدوء هي الإستسلام المُطلَق لإرادة الله المقدَّسة: هذه هي منطقة السلام ... حاولوا ألّا ترغبوا بأيّ شيء، وألّا تعلّقوا قلبكم بأيّ شيء قبل أن تكونوا قد قدّمتموه أوّلاً إلى الله ووضعتموه في قلب الرّب يسوع المقدَّس، لكي تريدوه فيه ومعه.
إنّ أحد الأسباب الرئيسيّة التي تجعلنا نفقد سلام النفس هو أنّنا نرغب في شيء، ونعلّق قلوبنا في شيءٍ ما، دون معرفة ما إذا كان الله يريده أم لا؛ وعندها، عندما تعترض رغباتنا عقبة ما ، نصبح مشوَّشين، فنخرج من التوافُق مع الإرادة المقدَّسة، ونفقد السلام.
 
 
7.2.1-    الأحد الثاني من زمن العنصرة : أحد الثالوث الأقدس     -     إنجيل القدّيس متّى 20-16:28
 
   إنجيل القدّيس متّى 20-16:28
 
أَمَّا التَّلامِيذُ ٱلأَحَدَ عَشَرَ فذَهَبُوا إِلى ٱلجَلِيل، إِلى ٱلجَبَلِ حَيثُ أَمَرَهُم يَسُوع.
ولَمَّا رَأَوهُ سَجَدُوا لَهُ، بِرَغْمِ أَنَّهُم شَكُّوا.
فدَنَا يَسُوعُ وكَلَّمَهُم قَائِلاً: «لَقَدْ أُعْطِيتُ كُلَّ سُلْطَانٍ في ٱلسَّمَاءِ وعَلى ٱلأَرْض.
إِذْهَبُوا إِذًا فَتَلْمِذُوا كُلَّ ٱلأُمَم، وعَمِّدُوهُم بِٱسْمِ ٱلآبِ وٱلٱبْنِ وٱلرُّوحِ ٱلقُدُس،
وعَلِّمُوهُم أَنْ يَحْفَظُوا كُلَّ مَا أَوْصَيْتُكُم بِهِ. وهَا أَنَا مَعَكُم كُلَّ ٱلأَيَّامِ إِلى نِهَايَةِ ٱلعَالَم».

 

«أعطِنا أن نعتنق الإيمان الحقيقيّ باعترافنا بمجد الثالوث الأبديّ»
القدّيس باسيليوس (نحو 330 - 379)، راهب وأسقف قيصريّة قبّدوقية، ملفان الكنيسة،
عظة حول الإيمان، 1-3

 

إنّ النفس المحبّة لله لا تشبع منه أبدًا، غير أنّ الحديث عن الله هو أمرٌ جريء: لأنّ نفسنا بعيدة جدًّا عن هذا الأمر العظيم... فكلّما تقدّمنا في معرفة الله، كلّما شعرنا بالعمق بِعَجزنا. هكذا كان ابراهيم، وكذلك موسى: بينما كان بإمكانهما رؤية الله، على الأقلّ بقدر ما يستطيع الإنسان، كان كلّ واحد يجعل نفسه أصغر الجميع؛ فإبراهيم أسمى ذاته "ترابًا ورمادًا" (راجع تك 18: 27)، وموسى قال إنّه "ثقيل الفم واللسان" (راجع خر4: 11). لقد كان يرى في الواقع ضعف لسانه في التعبير عن عظمة ذاك الّذي كانت نفسه تفهمه. إذ نتكلّم عن الله لا كما هو، بل كما نستطيع فهمه.
أمّا أنت، إن كنتَ تريد أن تقول أو تسمع شيئًا عن الله، فتَخَلَّ عن طبيعتك الجسديّة وعن حواسّك الجسديّة... وارفع نفسك فوق جميع المخلوقات، وتأمّل الطبيعة الإلهيّة: إنّها هنا، لا تتغيّر، لا تتجزّأ، نور لا يُطال، مجد باهر، صلاح مُشتَهى، جمال لا يُضاهى يجرح النفس، لكنّها لا تستطيع أن تُتَرجمه بكلمات كافية.
هنا يوجد الآب والابن والرُّوح القدس... إنّ الآب هو مبدأ كلّ شيء، وعلّة الوجود لكلّ موجود، وجذر الأحياء. هو الّذي يجري منه ينبوع الحياة، والحكمة، والقدرة، صورة جوهره المشابهة تمامًا للإله غير المنظور: الابن المولود من الآب، الكلمة الحَيّ، الّذي هو الله والملتفت نحو الآب (راجع 1كور1: 24؛ عب1: 3؛ يو1: 1). من خلال اسم الابن هذا، نعلم أنّه يشترك بالطبيعة ذاتها: فهو ليس مخلوقًا بأمر، لكنّه يسطع بلا انقطاع انطلاقًا من جوهره، متّحدًا بالآب الأزليّ، مساويًا له في الصلاح، مساويًا له في القدرة، شريكًا في مجده... وبعد أن تتطهّر عقولُنا من الشهوات الأرضيّة وتدع جانبًا كلّ مخلوق حِسّيّ، مثل السمكة المنبثقة من الأعماق إلى السطح، العائدة إلى صفاء الخَلق، سوف ترى حينئذٍ الرُّوح القدس حيث هو الابن وحيث هو الآب. هذا الرُّوح، بما أنّه من نفس الجوهر وفق طبيعته، يملك هو أيضًا كلّ الخيرات: الصلاح والبِرّ والقداسة والحياة... كما أنّ الحرق مرتبط بالنار، والإشعاع بالنور، كذلك لا يمكننا أن نفصل عن الرُّوح القدس عمل التقديس والإحياء ولا عن الصلاح والبِرّ.
 
 
7.2.2-    الاثنين الثاني من زمن العنصرة    -     إنجيل القدّيس يوحنّا 8-1:15
  
   إنجيل القدّيس يوحنّا 8-1:15
 
قالَ الربُّ يَسوعُ: «أَنَا هُوَ الكَرْمَةُ الحَقِيقِيَّةُ وأَبِي الكَرَّام.
كُلُّ غُصْنٍ فِيَّ لا يَحْمِلُ ثَمَرًا يَقْطَعُهُ، وكُلُّ غُصْنٍ يَحْمِلُ ثَمَرًا يُنَقِّيهِ لِيَحْمِلَ ثَمَرًا أَكْثَر.
أَنْتُمُ الآنَ أَنْقِيَاءُ بِفَضْلِ الكَلِمَةِ الَّتِي كَلَّمْتُكُم بِهَا.
أُثْبُتُوا فِيَّ، وأَنَا فِيكُم. كَمَا أَنَّ الغُصْنَ لا يَقْدِرُ أَنْ يَحْمِلَ ثَمَرًا مِنْ تِلْقَاءِ ذَاتِهِ، إِنْ لَمْ يَثْبُتْ في الكَرْمَة، كَذلِكَ أَنْتُم أَيْضًا إِنْ لَمْ تَثْبُتُوا فِيَّ.
أَنَا هُوَ الكَرْمَةُ وأَنْتُمُ الأَغْصَان. مَنْ يَثْبُتُ فِيَّ وأَنَا فِيه، يَحْمِلُ ثَمَرًا كَثيرًا، لأَنَّكُم بِدُونِي لا تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئًا.
مَنْ لا يَثْبُتُ فِيَّ يُطْرَحُ كَالغُصْنِ خَارِجًا ويَيْبَس. وتُجْمَعُ الأَغْصَانُ اليَابِسَة، وتُطْرَحُ في النَّارِ فَتَحْتَرِق.
إِنْ تَثْبُتُوا فِيَّ، وتَثْبُتْ أَقْوَالِي فِيكُم، تَطْلُبُوا مَا تَشَاؤُونَ فَيَكُونَ لَكُم.
بِهذَا يُمَجَّدُ أَبِي أَنْ تَحْمِلُوا ثَمَرًا كَثيرًا، وتَصِيرُوا لي تَلاميذ.

 

«أَنا الكَرْمةُ وأَنتُمُ الأَغصان»
القدّيس أوغسطينُس (354 - 430)، أسقف هيبّونا (إفريقيا الشماليّة) وملفان الكنيسة،
شرح لإنجيل القدّيس يوحنّا

 

في هذه الفقرة من الإنجيل حيث قال الربّ لتلاميذه إنّه الكرمة وهم الأغصان، كان كلامه بصفته رأس الكنيسة ونحن أعضاؤه وبصفته الوسيط بين الله والنّاس "لأَنَّ اللهَ واحِد، والوَسيطَ بَينَ اللهِ والنَّاسِ واحِد، وهو إِنْسان، أَيِ المسيحُ يسوعُ"(1تم 2: 5). ففي الحقيقة إنّ الكرمة والأغصان هي من الطبيعة ذاتها؛ لذلك، بما أنّه هو الله، ومن طبيعة تختلف عن طبيعتنا صار إنسانًا، حتّى صارت فيه الطبيعة البشريّة كالكرمة التي نستطيع نحن أن نكون أغصانها.
قال الرّب يسوع للتلاميذ: "اثبُتوا فيَّ وأَنا أَثبُتُ فيكم". فهم لم يكونوا فيه كما هو كان فيهم. فهذا الاتحاد المتبادل لا يفيده بشيء: بل إنّ الإفادة كانت لهم. إنّ الأغصان لا تثبتُ في الكرمة لكي تغنيها، بل لتأخذَ منها مبدأ حياتها. والكرمة في الأغصان لكي تبثّ فيها الطاقة المُحيية، لا لكي تتلقّاها منها، فهكذا ثبات الرَبّ يسوع المسيح في التلاميذ وثباتهم في المسيح، فيه إفادة مضاعفة لهم، ولكنّه لا يفيد المسيح أبدًا. فإذا اقتُطِع غصن، ينمو آخرٌ من الجذور التي تبقى حيّةً، فيما الغصن المقطوع لا يحيا منفصلاً عن الجذور.
لو لم يَصِرِ الرَبّ يسوع المسيح إنسانًا لما استطاع أن يكون الكرمة. غير أنّه لا يستطيع أن يعطي هذه النعمة للأغصان لو لم يكن أيضًا الله. ولكن بما أنّنا لا نحيا بدون هذه النعمة، وبما أنّ إرادتنا الحرّة وقعت تحت سيطرة الموت: يضيف الربّ "مَن لا يَثْبُتْ فيَّ يُلْقَ كالغُصنِ إِلى الخارِجِ فَيَيْبَس فيَجمَعونَ الأَغْصان وَيُلْقونَها في النَّارِ فَتَشتَعِل" (يو 15: 6). ولهذا، كما أنّ غصن الكرمة مُحتقَر عندما لا يبقى متّصلاً بالكرمة، هو مُمجَّدٌ عندما يثبت فيها.
 
 
7.2.3-    الثلاثاء الثاني من زمن العنصرة     -     إنجيل القدّيس يوحنّا 14-9:15 
 
   إنجيل القدّيس يوحنّا 14-9:15
 
قالَ الرَبُّ يَسُوعُ لِتَلاميذِهِ :«كَمَا أَحَبَّنِي الآب، كَذلِكَ أَنَا أَحْبَبْتُكُم. أُثْبُتُوا في مَحَبَّتِي.
إِنْ تَحْفَظُوا وصَايَايَ تَثْبُتُوا في مَحَبَّتِي، كَمَا حَفِظْتُ وَصَايَا أَبِي وأَنَا ثَابِتٌ في مَحَبَّتِهِ.
كَلَّمْتُكُم بِهذَا لِيَكُونَ فَرَحِي فِيكُم، فَيَكْتَمِلَ فَرَحُكُم.
هذِهِ هِيَ وَصِيَّتِي أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُم بَعْضًا كَمَا أَنَا أَحْبَبْتُكُم.
لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هذَا، وهُوَ أَنْ يَبْذُلَ الإِنْسَانُ نَفْسَهُ في سَبِيلِ أَحِبَّائِهِ.
أَنْتُم أَحِبَّائِي إِنْ تَعْمَلُوا بِمَا أُوصِيكُم بِهِ.
 
 
7.2.4-    الأربعاء الثاني من زمن العنصرة     -     إنجيل القدّيس يوحنّا 17-15:15 
 
   إنجيل القدّيس يوحنّا 17-15:15
 
قالَ الرَبُّ يَسوعُ لِتلاميذِهِ: «لَسْتُ أَدْعُوكُم بَعْدُ عَبِيدًا، لأَنَّ العَبْدَ لا يَعْلَمُ مَا يَعْمَلُ سَيِّدُهُ، بَلْ دَعَوْتُكُم أَحِبَّاءَ، لأَنِّي أَعْلَمْتُكُم بِكُلِّ مَا سَمِعْتُهُ مِنْ أَبي.
لَمْ تَخْتَارُونِي أَنْتُم، بَلْ أَنَا ٱخْتَرْتُكُم، وأَقَمْتُكُم لِتَذْهَبُوا وتَحْمِلُوا ثَمَرًا، ويَدُومَ ثَمَرُكُم، فَيُعطيَكُمُ الآبُ كُلَّ مَا تَطْلُبُونَهُ بِٱسْمِي.
بِهذَا أُوصِيكُم، أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُم بَعْضًا.
 
 
7.2.5-    الخميس الثاني من زمن العنصرة     -     إنجيل القدّيس يوحنّا 21-17.2.5-:15 
 
   إنجيل القدّيس يوحنّا 21-18:15
 
قالَ الرَبُّ يَسوعُ لِتلاميذِهِ: «إِنْ يُبْغِضْكُمُ العَالَم، فَٱعْلَمُوا أَنَّهُ أَبْغَضَنِي قَبْلَكُم.
لَوْ كُنْتُم مِنَ العَالَمِ لَكَانَ العَالَمُ يُحِبُّ مَا هُوَ لَهُ. ولكِنْ، لأَنَّكُم لَسْتُم مِنَ العَالَم، بَلْ أَنَا ٱخْتَرْتُكُم مِنَ العَالَم، لِذلِكَ يُبْغِضُكُمُ العَالَم.
تَذَكَّرُوا الكَلِمَةَ الَّتِي قُلْتُهَا لَكُم: لَيْسَ عَبْدٌ أَعْظَمَ مِنْ سَيِّدِهِ. فَإِنْ كَانُوا قَدِ ٱضْطَهَدُونِي فَسَوْفَ يَضْطَهِدُونَكُم أَيْضًا. وإِنْ كَانُوا قَدْ حَفِظُوا كَلِمَتِي فَسَوْفَ يَحْفَظُونَ كَلِمَتَكُم أَيْضًا.
غَيرَ أَنَّهُم سَيَفْعَلُونَ بِكُم هذَا كُلَّهُ مِنْ أَجْلِ ٱسْمِي، لأَنَّهُم لا يَعْرِفُونَ الَّذي أَرْسَلَنِي.
 
 
7.2.6-    يوم الجمعة الثاني من زمن العنصرة     -     إنجيل القدّيس يوحنّا 27-22:15 
 
   إنجيل القدّيس يوحنّا 27-22:15
 
قالَ الرَبُّ يَسوعُ لِتلاميذِهِ: «لَو لَمْ آتِ، وأُكَلِّمْهُم، لَمَا كَانَتْ عَلَيْهِم خَطِيئَة. أَمَّا الآنَ فَلا عُذْرَ لَهُم عَلَى خَطيئَتِهِم.
مَنْ يُبْغِضُنِي يُبْغِضُ أَبِي أَيْضًا.
لَو لَمْ أَعْمَلْ بَيْنَهُمُ الأَعْمَالَ الَّتِي لَمْ يَعْمَلْهَا أَحَدٌ سِوَاي، لَمَا كَانَ عَلَيْهِم خَطيئَة. أَمَّا الآنَ فَقَدْ رَأَوا أَعْمَالِي، ومَعَ ذلِكَ أَبْغَضُونِي وأَبْغَضُوا أَبِي؛
لِكَي تَتِمَّ الكَلِمَةُ المَكْتُوبَةُ في تَوْرَاتِهِم: أَبْغَضُونِي بِلا سَبَب!
ومَتَى جَاءَ البَرَقلِيطُ الَّذي سَأُرْسِلُهُ أَنَا إِلَيْكُم مِنْ لَدُنِ الآب، رُوحُ الحَقِّ المُنْبَثِقُ مِنَ الآب، فَهُوَ يَشْهَدُ لي.
وأَنْتُم أَيْضًا تَشْهَدُون، لأَنَّكُم مُنْذُ البَدْءِ مَعِي.

 

«فهُو يَشهَدُ لي وأَنتُم أَيضاً تَشهَدون لأَنَّكُم مَعي مُنذُ البَدْء»
التعليم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكيّة،
§ 689-690 ; 737

 

الرّسالة المشتركة للابن والرُّوح القدس:
عندما يرسل الآب كلمته، فهو يُرسِل أبدًا روحه. إنّها رسالة مشتركة حيث الابن والرُّوح القدس متمايزين ولكن غير منفصلين. أجل، إنّ الرّب يسوع المسيح هو الذي يظهر، هو الصورة المنظورة لله غير المنظور، ولكنّ الرُّوح القدس هو الذي يكشفه. إنّ الرّب يسوع هو مسيح ممسوح لأنّ الرُّوح القدس هو زيت المسحة، وكلّ ما يجرى انطلاقًا من التجسّد هو من هذا الامتلاء. وأخيرًا، عندما تمجّد الرّب يسوع المسيح، صار بإمكانه هو أيضًا أن يرسل الرُّوح من عند الآب إلى الذين يؤمنون به؛ فهو يشركهم في مجده، أي بالرُّوح القدس الذي يمجّده. فالرِّسالة المشتركة ستنشر عملها في الأبناء الذين تبنّاهم الآب في جسد ابنه: ستقوم رسالة روح التبنّي بأن تضمّهم إلى الرّب يسوع المسيح، وأن تحييهم فيه.
أنّ رسالة الرّب يسوع المسيح والرُّوح القدس تتحقّق في الكنيسة، جسد الرّب يسوع المسيح وهيكل الرُّوح القدس. هذه الرسالة المشتركة تضمّ من الآن فصاعدًا المؤمنين بالرّب يسوع المسيح إلى شركتهما مع الآب في الرُّوح القدس؛ فالرُّوح يهيّئ الناس ويستدركهم بنعمته ليجتذبهم إلى الرّب يسوع المسيح. إنّه يظهر لهم الربّ القائم، ويذكّرهم بكلامه، ويفتح ذهنهم لفهم موته وقيامته. يجعل حاضرًا لديهم سرّ الرّب يسوع المسيح، وبنوع خاص في الإفخارستيّا، ليصالحهم ويدخلهم في الشركة مع الله، لكي يجعلهم يأتون بثمر كثير. هكذا، لا تضاف رسالة الكنيسة إلى رسالة الرّب يسوع المسيح والرُّوح القدس، بل هي سرّها؛ أنّها مرسله بكلّ كيانها وفي جميع أعضائها، لتبشّر بسرّ شركة الثالوث القدّوس وتشهد له وتحقّقه وتنشره.
 
 
7.2.7-    السبت الثاني من زمن العنصرة     -     إنجيل القدّيس يوحنّا 4-1:16
 
   إنجيل القدّيس يوحنّا 4-1:16
 
قالَ الرَبُّ يَسوعُ لِتلاميذِهِ: «كَلَّمْتُكُم بِهذَا لِئَلاَّ تَعْثُرُوا.
سَيَفْصِلُونَكُم مِنَ المَجَامِع. بَلْ تَأْتِي سَاعَةٌ يَظُنُّ فِيهَا كُلُّ مَنْ يَقْتُلُكُم أَنَّهُ يُؤَدِّي للهِ عِبَادَة.
وسَيَفْعَلُونَ هذَا بِكُم، لأَنَّهُم مَا عَرَفُوا الآب، ولا عَرَفُونِي.
لكِنِّي كَلَّمْتُكُم بِهذَا، حَتَّى إِذَا حَانَتِ السَّاعَةُ تَتَذَكَّرُونَ أَنِّي قُلْتُهُ لَكُم. ولَمْ أَقُلْ لَكُم هذَا مُنْذُ البَدْءِ لأَنِّي كُنْتُ مَعَكُم.

 

«وسيَفعَلونَ ذلك لأنّهم لم يَعرفوا أبي، ولا عَرَفوني»
القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم (نحو 345 - 407)، بطريرك أنطاكية ثمّ القسطنطينيّة وملفان الكنيسة،
العظة 77 عن إنجيل القدّيس مرقس

 

لقد أعطى الرّب يسوع المسيح لتلاميذه دافعًا جديدًا للتعزية إذ قال لهم: "سَيَفعلونَ ذلك لأَنَّهم لم يَعرِفوا أَبي، ولا عَرَفوني"، أيّ أنّه يكفيكم كتعزية أن تفكّروا بأنّكم تتألّمون من أجلي ومن أجل أبي. ثمّ علّمهم أنّه تَنبّأ لهم بهذه المِحَن كي يتداركَ الاضطراب الذي قد يتملّك القلوب غير المستعدّة نتيجة الأزمات التي لم يتوقّعوها، رغم كونها لفترة قصيرة: "قلتُ لكم هذه الأشياء لِتَذكُروا إذا أتَتِ الساعةُ أنّي قلتُها لكم".
تلك الساعة كانت ساعة الظلمة، ساعة الليل، لكنّ ليل اليهود لم يتمكّن من إحلال ظلامه على أنوار نهار الرّب يسوع المسيح. دافع آخر جَعلَه يُطلعُهم مُسبقًا على هذه المِحَن؛ كي يُقنعَهم بأنّ المستقبل حاضر بالنسبة إليه، كما أعلنَ من خلال هذه الكلمات: "وقد قُلتُ لَكم هذهِ الأَشْياءَ لِتَذكُروا إِذا أَتَتِ السَّاعَة أَنِّي قلتُها لَكم". كما لم يردْ أيضًا أن يقولوا إنّه قامَ بمَدحهم وبإسماعهم كلامًا ممتعًا.
 
 
7.3.1-    الأحد الثالث من زمن العنصرة: الروح يعلّم     -     إنجيل القدّيس يوحنّا 27-21:14
 
   إنجيل القدّيس يوحنّا 27-21:14 
 
قالَ الرَبُّ يَسوعُ لِتلاميذِهِ: «مَنْ كَانَتْ لَدَيْهِ وَصَايَاي ويَحْفَظُهَا، هُوَ الَّذي يُحِبُّنِي. ومَنْ يُحِبُّنِي يُحِبُّهُ أَبِي، وأَنَا أُحِبُّهُ وأُظْهِرُ لَهُ ذَاتِي».
قَالَ لَهُ يَهُوذَا، لا ذَاكَ الإِسْخَريُوطِيّ: «يَا رَبّ، مَاذَا جَرَى حَتَّى تُظْهِرَ ذَاتَك لَنَا، لا لِلعَالَم؟».
أَجَابَ يَسُوعُ وقَالَ لَهُ: «مَنْ يُحِبُّنِي يَحْفَظُ كَلِمَتِي، وأَبِي يُحِبُّهُ وإِلَيْهِ نَأْتِي، وعِنْدَهُ نَجْعَلُ لَنَا مَنْزِلاً.
مَنْ لا يُحِبُّنِي لا يَحْفَظُ كَلِمَتِي. والكَلِمَةُ الَّتِي تَسْمَعُونَهَا لَيْسَتْ كَلِمَتِي، بَلْ كَلِمَةُ الآبِ الَّذي أَرْسَلَنِي.
كَلَّمْتُكُم بِهذَا، وأَنَا مُقِيمٌ عِنْدَكُم.
لكِنَّ البَرَقْلِيط، الرُّوحَ القُدُس، الَّذي سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِٱسْمِي، هُوَ يُعَلِّمُكُم كُلَّ شَيء، ويُذَكِّرُكُم بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُم.
أَلسَّلامَ أَسْتَودِعُكُم، سَلامِي أُعْطِيكُم. لا كَمَا يُعْطِيهِ العَالَمُ أَنَا أُعْطِيكُم. لا يَضْطَرِبْ قَلْبُكُم ولا يَخَفْ!
 
 
7.3.2-    الاثنين الثالث من زمن العنصرة     -     إنجيل القدّيس يوحنّا 11-5:16 
 
   إنجيل القدّيس يوحنّا 11-5:16 
 
قالَ الربُّ يَسوعُ لِتَلاميذِه: «الآنَ فَأَنَا ذَاهِبٌ إِلى مَنْ أَرْسَلَنِي، ولا أَحَدَ مِنْكُم يَسْأَلُنِي: إِلى أَيْنَ أَنْتَ ذَاهِب؟
ولكِنْ لأَنِّي كَلَّمْتُكُم بِهذَا، مَلأَ الحُزْنُ قُلُوبَكُم.
غَيْرَ أَنِّي أَقُولُ لَكُمُ الحَقّ: خَيْرٌ لَكُم أَنْ أَمْضِي. فَإِنْ لَمْ أَمْضِ لا يَأْتِ إِلَيْكُمُ البَرَقْليطُ المُعَزِّي. أَمَّا إِذَا ذَهَبْتُ فَإِنِّي سَأُرْسِلُهُ إِلَيْكُم.
وهُوَ مَتَى جَاءَ يُوَبِّخُ العَالَمَ عَلى الخَطيئَةِ وفي أَمْرِ البِرِّ والدَّيْنُونَة.
أَمَّا على الخَطيئَةِ فَلأَنَّهُم لا يُؤْمِنُونَ بِي.
وأَمَّا في أَمْرِ البِرِّ فَلأَنِّي ذَاهِبٌ إِلى الآب، ولَنْ تَرَونِي مِنْ بَعْد.
وأَمَّا في أَمْرِ الدَّيْنُونَةِ فَلأَنَّ سُلْطَانَ هذَا العَالَمِ قَدْ أُدِين.

 

«إِنَّه خَيرٌ لَكم أَن أَمضي فَإِن لم أَمضِ، لا يَأتِكُمُ المُؤيِّد. أَمَّا إِذا ذَهَبتُ فأُرسِلُه إِلَيكُم»
الطوباويّ يوحنّا هنري نِيومَن (1801 - 1890)، كاهن ومؤسّس جماعة دينيّة ولاهوتيّ،
عظة بعنوان: "وجود الرّب يسوع الرّوحي في الكنيسة"

 

إنّ الرّب يسوع المسيح هو حقًّا معنا بأي طريقة كان ذلك. فهو قد قال: "هاءنذا معَكم طَوالَ الأَيَّامِ إِلى نِهايةِ العالَم" (مت 28: 20) ... قد تميلون إلى إعطاء التّفسير التّالي لذلك: "أنّ الرّب يسوع قد عاد، لكن بالرُّوح؛ روحه هو الذي عاد مكانه؛ وعندما يُقال أنّه معنا، فهذا يعني فقط أنّ روحه معنا". ولا يمكن لأحد بالطبع أن ينكر أنّ الرُّوح القدس أتى؛ لكن لماذا أتى؟ هل ليحلّ محلّ غياب الرّب يسوع المسيح أم ليحقّق حضوره؟ لا شكّ في أنه أتى ليجعله حاضرًا. لا نفترضنّ أبدًا أنّ الله الروح القدس يمكنه أن يجيء بحيث يبقى الله الابن بعيدًا. كلاّ، لم يأتِ الرّوح لكيلا يأتي المسيح، إنّما بالأحرى قد أتى لكي يتمكّن الرّب يسوع المسيح من أن يأتي من خلال مجيء الرُّوح. إنّنا، بالرُّوح القدس، ندخل في اتّحاد مع الآب والابن...
لقد كتب القدّيس بولس في رسالته إلى أفسس: "وبِالمسيحِ أَنتُم أَيضًا تُبنَونَ معًا لِتَصيروا مَسكِنًا للهِ في الرُّوح... (أف 2: 22) "لِهذا أَجْثو على رُكبَتَيَّ لِلآب... وأَسألُه أَن يَهَبَ لَكم، على مِقدارِ سَعَةِ مجْدِه، أَن تَشتَدُّوا بِروحِه، لِيَقْوى فيكمُ الإنسانُ الباطِن، وأَن يُقيمَ المسيحُ في قُلوبِكم بالإيمان" (أف 3: 14+16-17). فالرُّوح القدس يوقظ والإيمان يستقبل سُكنى الرّب يسوع في القلب. وبالتالي، لا يحلّ الرُّوح مكان الرّب يسوع في النفس، إنّما يؤمّن هذا المكان للمسيح.
إذًا، فإنّ الرُّوح القدس يتكرّم بأن يأتي إلينا لكي بمجيئه، يستطيع الرّب يسوع المسيح أن يأتي إلينا، ليس بالجسد أم بشكل مرئي، إنّما بأن يحلّ في قلوبنا. وهكذا يكون حاضرًا وغائبًا في الوقت نفسه؛ غائب لأنّه ترك الأرض؛ وحاضر لأنّه لم يترك النفس الأمينة؛ أو، كما قال بنفسه: "بعدَ قَليلٍ لَن يَراني العالَم. أمّا أنتُم فسَتَرونَني" (يو 14: 19).
 
 
7.3.3-    الثلاثاء الثالث من زمن العنصرة    -     إنجيل القدّيس يوحنّا 15-12:16 
 
   إنجيل القدّيس يوحنّا 15-12:16 
 
قالَ الربُّ يَسوعُ لِتَلاميذِه: «لَدَيَّ أُمُورٌ كَثِيرَةٌ أَيْضًا أَقُولُهَا لَكُم، ولكِنَّكُم لا تَقْدِرُونَ الآنَ أَنْ تَحْتَمِلُوهَا.
ومَتَى جَاءَ رُوحُ الحَقِّ فَهُوَ يَقُودُ خُطَاكُم في الحَقِّ كُلِّهِ، لأَنَّهُ لا يَتَكَلَّمُ بِشَيءٍ مِنْ عِنْدِهِ، بَلْ يَتَكَلَّمُ بِكُلِّ مَا يَسْمَع، ويُنْبِئُكُم بِمَا سَيَأْتِي.
وهُوَ سَوْفَ يُمَجِّدُنِي لأَنًّهُ سَيَأْخُذُ مِمَّا لي ويُنْبِئُكُم بِهِ.
كُلُّ مَا لِلآبِ هُوَ لي. لِهذَا قُلْتُ: إِنَّهُ يَأْخُذُ مِمَّا لي ويُنْبِئُكُم بِهِ.

«ومَتَى جَاءَ رُوحُ الحَقِّ فَهُوَ يَقُودُ خُطَاكُم في الحَقِّ كُلِّهِ»
غييوم دو سان تييري (نحو 1085 - 1148)، راهب بِندِكتي ثمّ سِستِرسياني، مرآة الإيمان

 

"مَتى جاءَ المُؤَيِّدُ الَّذي أُرسِلُه إِلَيكُم مِن لَدُنِ الآب رُوحُ الحَقِّ المُنبَثِقُ مِنَ الآب فهُو يَشهَدُ لي"... "فمَن مِنَ النَّاسِ يَعرِفُ ما في الإِنسانِ غَيرُ روحِ الإِنسانِ الَّذي فيه؟ وكذلِكَ ما مِن أَحَدٍ يَعرِفُ مما في اللهِ غيرُ رُوحِ اللّه" (راجع يو 15: 26 + 1كور 2: 11). سارعْ إذًا إلى التفاعل مع الرُّوح القدس... حِينَئذٍ، تلمع أمامكَ الحقيقة التي كان يمكن أن تقولها الحكمة للتلاميذ (راجع 1كور 1: 24) خلال مرورها على الأرض، تلك الحقيقة التي كانوا عاجزين عن تحمّلها قبل حلول روح الحقّ الذي سيُرشدهم إلى الحقّ كلّه.
"إنَّ الله رُوحٌ"(يو 2: 24) وكما أنّ أولئك الذين يعبدون الله، يجب أن يعبدوه "بالرُّوحِ والحَقّ" (يو 2: 24). وأولئك الذين يرغبون في التعرّف إليه، يجب ألاّ يبحثوا عن ذكاء الإيمان سوى من خلال الرُّوح القدس...
وسط ظلمات هذه الحياة وجهلها، هو النور المضيء للمساكين بالرُّوح (راجع مت 5: 3)، والرحمة التي تجذب، والعذوبة التي تستحوذ على الرُّوح، ومحبّة الذي يحبّ، وتفاني الذي يبذل نفسه دون تحفّظ. هو الذي يكشف أمام المؤمنين عدل الله، من قناعة إلى أخرى؛ ويعطي "نِعْمَةً عَلَى نِعْمَة" (راجع يو 1: 16)، كما يعطي الإيمان للمُؤمِنِ الّذِي يصغي إلى الكلمة.
 
 
7.3.4-    الأربعاء الثالث من زمن العنصرة   -     إنجيل القدّيس يوحنّا 19-16:16    

 

    إنجيل القدّيس يوحنّا 19-16:16
 
قالَ الرَبُّ يَسوعُ لِتلاميذِهِ: «عَمَّا قَليلٍ لَنْ تَرَونِي، ثُمَّ عَمَّا قَليلٍ تَرَونَنِي».
فَقَالَ بَعْضُ تَلامِيذِهِ فيمَا بَيْنَهُم: «مَا هذَا الَّذي يَقُولُهُ لَنَا: عَمَّا قَليلٍ لَنْ تَرَونِي، ثُمَّ عَمَّا قَليلٍ تَرَونَنِي، وأَنِّي ذَاهِبٌ إِلى الآب؟».
وكَانُوا يَقُولُون: «مَا هُوَ هذَا القَليلُ الَّذي يَتَكَلَّمُ عَنْهُ؟ لا نَعْرِفُ عَمَّا يَتَكَلَّم».
وعَرَفَ يَسُوعُ أَنَّهُم يُريدُونَ أَنْ يَسْأَلُوه، فَقَالَ لَهُم: «هَلْ تَتَسَاءَلُونَ فيمَا بَيْنَكُم عَنْ قَولي هذَا: عَمَّا قَليلٍ لَنْ ترَونِي، ثُمَّ عَمَّا قَليلٍ تَرَونَنِي؟

 

«أَنا ذاهِبٌ إِلى الآب»
القدّيس يوحنّا بولس الثاني (1920 - 2005)، بابا روما،
المقابلة العامّة، الأربعاء 16 كانون الأوّل 1998



إنّ كلمات الإنجيل هي نقطة انطلاق تأمّلنا، هذه الكلمات التي تبيّن لنا ميزتين في شخص الرّب يسوع: هو ابن الآب وهو الذي يكشف لنا عن الآب. إنّ كلّ شيء في الرّب يسوع يرجعنا إلى الآب: تعليمه وعمله وأسلوبه في الحياة (راجع يو5: 19-36؛ 8: 28؛ 14: 10؛ 17: 6). فالآب هو محور حياة الرّب يسوع، والرّب يسوع بدوره هو السبيل الوحيد للوصول إلى الآب. "لا يَمْضي أحَدٌ إلى الآبِ إلاَّ بي" (يو14: 6). إن الرّب يسوع هو نقطة لقاء البشر مع الآب الذي كشف لنا ذاته من خلاله: "مَن رآني رأَى الآب". كيف يمكنك أن تقول: "أرِنا الآبَ"؟ ألا تُؤمِنُ بأنّي في الآبِ وأنَّ الآبَ فيَّ؟" (يو14: 9-10).
إنّ التجلّي الأكثر تعبيرًا عن علاقة الرّب يسوع بالآب نجده في الرّب يسوع القائم من الموت. فحدث القيامة هو قمّة رسالة الرّب يسوع وأساس الحياة الجديدة الخالدة لأولئك الذين يؤمنون به. لكنَّ الاتّحاد بين الآب والابن، كما بين الابن والمؤمنين، يمرّ في سرّ "ارتفاع" الرّب يسوع المصلوب بحسب العبارة النموذجيّة من إنجيل يوحنا. ويشير الإنجيلي من خلال عبارة "الارتفاع" إلى صلب الرّب يسوع المسيح كما إلى تمجيده؛ هاتان الحالتان تنعكسان على كلّ مؤمن: "فلذلِكَ يَجِبُ أن يُرفَعَ ابنُ الإنسان، لِتَكونَ بهِ الحَياةُ الأبديّةُ لِكُلِّ مَن يؤمِن. فإنَّ اللهَ أحبَّ العالَمَ حتّى إنّه جادَ بِابنِه الوحيد لِكَي لا يَهلِكَ كُلّ مَن يُؤمِنُ بِه بل تكونَ له الحياةُ الأبدِيّة" (يو3: 14-16).
إنّ هذه الحياة الأبديّة ليست سوى مشاركة المؤمنين في حياة الرّب يسوع القائم من بين الأموات والدّخول في تيّار المحبّة الّذي يوحّد الآب والابن الّذين هما في الأساس واحد (راجع يو 10: 30 + يو 17: 21-22).
 
 
7.3.5-    الخميس الثالث من زمن العنصرة   -     إنجيل القدّيس يوحنّا 24-20:16  

 

    إنجيل القدّيس يوحنّا 24-20:16
 
قالَ الربُّ يَسوع: «أَلحَقَّ ٱلحَقَّ أَقُولُ لَكُم: إِنَّكُم سَتَبْكُونَ وتَنُوحُون، أَمَّا العَالَمُ فَسَيَفْرَح. أَنْتُم سَتَحْزَنُونَ ولكِنَّ حُزْنَكُم سَيَتَحَوَّلُ إِلى فَرَح.
أَلمَرْأَةُ تَحْزَنُ وهِي تَلِد، لأَنَّ سَاعَتَهَا حَانَتْ. ولكِنَّهَا مَتَى وَلَدَتِ ٱلطِّفْلَ، لا تَعُودُ تَذْكُرُ ضِيقَهَا، لِفَرَحِهَا أَنَّ إِنْسَانًا وُلِدَ في العَالَم.
فَأَنْتُمُ الآنَ أَيْضًا تَحْزَنُون، إِنَّمَا سَأَعُودُ فَأَرَاكُم، وتَفْرَحُ قُلُوبُكُم، ولا يَنْزِعُ أَحَدٌ فَرَحَكُم مِنْكُم.
وفي ذلِكَ اليَوْمِ لَنْ تَسْأَلُونِي شَيْئًا. أَلحَقَّ ٱلحَقَّ أَقُولُ لَكُم: كُلُّ مَا تَطْلُبُونَهُ مِنَ الآبِ بِٱسْمِي، يُعْطِيكُم إِيَّاه.
حَتَّى الآنَ لَمْ تَطْلُبُوا بِٱسْمِي شَيْئًا. أُطْلُبُوا تَنَالُوا فَيَكْتَمِلَ فَرَحُكُم.

 

«حتَّى الآن لم تَسألوا شَيئًا بِاسمي. إِسأَلوا تَنالوا فيَكونَ فَرحُكم تامًا»
القدّيس يوحنّا ماري فِيَنّي (1786 - 1859)، كاهن وخوري آرس،
تعليم مسيحي حول الصلاة

 

اسمعوا يا أولادي: إنّ كنز المسيحيّ ليس على الأرض، بل في السَّماء (راجع مت 6: 20). لذا، يجب أن تكون أفكارنا حيث كنزنا. للإنسان مهمّة جميلة، أن يصلّي وأن يحبّ. أنتم تصلّون، أنتم تحبّون: هذه هي سعادة الإنسان على الأرض.
الصلاة ليست سوى اتّحادٍ مع الله. حين يكون قلبنا طاهرًا ومتّحدًا بالله، نشعر في داخلنا بعطر عذب، وبلُطفٍ مُسكِر وبنور مُبهِر. في هذا الاتّحاد الحميم، الله والنفس هما كقطعتين من الشمع ذائبتين معًا؛ لا يمكننا فصلهما أبدًا. كم هو جميل هذا الاتّحاد بين الله ومخلوقه الصغير. هذه سعادة لا يسعنا فهمها. لقد استحققنا ألاّ نصلي؛ لكنّ الله، بطيبته، سمح لنا بأن نحدّثه. فصلاتنا هي بخور يتقبّله الله بسعادة كبرى.
يا أولادي، إنّ قلبكم صغير، لكنّ الصلاة تُوَسِّعُه وتجعله قادرًا على أن يحبّ الله. بالصلاة، نتذوّق مُسبَقًا طعم السماء ونتعرّف على الملكوت. الصّلاة لا تحرمنا من العذوبة: فهي عَسَلٌ ينزل في النَّفس ويُطَرّي كلّ شيء. تذوب الآلام أمام الصلاة النَّابعة من القلب، كما الثَّلج أمام الشَّمس.
 
 
7.3.6-    يوم الجمعة الثالث من زمن العنصرة   -     إنجيل القدّيس يوحنّا 28-25:16    
 
    إنجيل القدّيس يوحنّا 28-25:16
 
قالَ الرَبُّ يَسوعُ لِتلاميذِهِ: «كَلَّمْتُكُم بِأَمْثَال، وتَأْتِي سَاعَةٌ لا أُكَلِّمُكُم فيهَا بِأَمْثَال، بَلْ أُخْبِرُكُم عَنِ الآبِ عَلانِيَة.
في ذلِكَ اليَومِ تَطْلُبُونَ بِٱسْمِي، ولا أَقُولُ لَكُم إِنِّي سَأَسْأَلُ الآبَ مِنْ أَجْلِكُم.
فَٱلآبُ نَفْسُهُ يُحِبُّكُم، لأَنَّكُم أَحْبَبْتُمُونِي، وآمَنْتُم أَنِّي خَرَجْتُ مِنْ لَدُنِ الله.
نَعَم، خَرَجْتُ مِنْ لَدُنِ الآبِ وأَتَيْتُ إِلى العَالَم، والآنَ أَتْرُكُ العَالَمَ وأَمْضِي إِلى الآب».

«في ذلك اليَومِ تَسأَلونَ بِاسمي» (يو 16: 26)
  للقدّيس إقليمنضُس الإسكندريّ (150- نحو 215)، لاهوتي   -  
Stromates 7,7

 

فلنسبّح ونمجّد ذلك الّذي نؤمن بأنّه الكلمة، ربّنا ومخلّصنا، ولنسبّح من خلاله الآب؛ هذه دعوتنا، دعوة لا تقتصر على أيّام معيّنة من السنة، كما يظنّ البعض، إنّما هي فعل مستمرّ ودائمٌ مدى الحياة وبكلّ الوسائل. هتف الشعب المختار: "سَبع مرَاتٍ في النَّهارِ سبَحتُكَ على أَحْكام بِرَكَ" (مز 119[118]: 164)... فالتسبيح ليس محصورًا في مكان معيّن، ولا في معبد أو هيكل مختار، ولا خلال أيّام محدّدة أو أعياد خاصّة. فالمؤمن الحقيقي يسبّح الله طوال حياته وفي كلّ مكان، أي أنّه يعلن عن شكره لمعرفة الحياة الحقيقيّة.
إنّ جوّ الاحترام الذي يبثّه الإنسان الصالح في مجتمعه يعطي فرصة لأولئك الذين يعاشرهم كي يصبحوا صالحين. فكم بالحريّ ذاك الذي يكون دائمًا في حضرة الله من خلال المعرفة ونمط العيش وفعل الشكر؟ كيف يمكن لهذا الشخص ألاّ يصبح صالحًا أكثر كلّ يوم في كلّ شيء: الأعمال والكلام والاستعدادات؟... عندما نحوّل حياتنا كلّها إلى عيد نتيجة ثقتنا بأنّ الله حاضر كليًّا في كلّ مكان، سيغدو عملنا أغنية فرح، وسفرنا نشيد مجد، وسنعيش كما لو كان فعلاً "مَوطِنُنا في السَّمَوات" (في 3: 20).
أودّ أن أتجرّأ وأقول أنّ الصلاة هي لقاء حميم مع الله. في رقّة تمتماتنا، وبدون أن تتحرّك الشفاه، وفي صمت كلامنا، كياننا يصرخ، والله يميل أذنه دائمًا لهذا الصوت الداخلي فينا. أجل، إنّ المؤمن الحقيقي يصلّي مدى الحياة، لأنّ صلاته أضحت سبيلاً للاتحاد بالله، كما أصبح يرفض كلّ ما هو عديم الجدوى لأنّه بلغ نوعًا ما حالة الكمال التي تجعل الحبّ محرّكًا لحياته... فحياته كلّها تصبح ليتورجيّة مقدّسة.
 
 
7.3.7-    السبت الثالث من زمن العنصرة   -     إنجيل القدّيس يوحنّا 33-29:16    
 
    إنجيل القدّيس يوحنّا 33-29:16
 
قالَ التَلاميذُ لِيَسوع : «هَا إِنَّكَ تَتَكَلَّمُ الآنَ عَلانِيَةً، ولا تَقُولُ مَثَلاً وَاحِدًا.
أَلآنَ نَعْلَمُ أَنَّكَ عَالِمٌ بِكُلِّ شَيء، ولا تَحْتَاجُ أَنْ يَسْأَلَكَ أَحَد. بِهذَا نُؤْمِنُ أَنَّكَ خَرَجْتَ مِنْ لَدُنِ الله».
أَجَابَهُم يَسُوع: «هَلِ الآنَ تُؤْمِنُون؟!
هَا إِنَّهَا تَأْتِي سَاعَةٌ وقَدْ أَتَتْ، فيهَا تَتَبَدَّدُونَ كُلٌّ في سَبِيلِهِ، وتَتْرُكُونِي وَحْدِي، ولَسْتُ وَحدِي، لأَنَّ الآبَ مَعِي.
كَلَّمْتُكُم بِهذَا لِيَكُونَ لَكُم فِيَّ سَلام. سَيَكُونُ لَكُم في العَالَمِ ضِيق. ولكِنْ ثِقُوا: أَنَا غَلَبْتُ العَالَم».

«كَلَّمْتُكُم بِهذَا لِيَكُونَ لَكُم فِيَّ سَلام»
  للقدّيس يوحنّا بولس الثاني (1920 - 2005)، بابا روما ، 
رسالة اليوم العالمي للسلام 2002، الأعداد 9 - 10



إن العائلات والجماعات والدّول والمجتمع الدّولي بأسره، هم بحاجة للانفتاح على الغفران من أجل إعادة وصل ما انقطع من روابط، ومن أجل تخطّي حالات الاتهام المتبادل العقيمة، والانتصار على تجربة إلغاء الآخرين الذي يتم من خلال رفض إعطائهم فرصة جديدة. إنّ المقدرة على المغفرة هي الأساس لأي مشروع قادم لمجتمع أكثر عدالةً وتضامنًا.
إنّ رفض الغفران، وخاصّة إن كان ذلك يؤدّي إلى تواصل النّزاعات، سوف يكون له ارتدادات غير محسوبة على تطوّر الشّعوب. إذ سوف تُخصَّصُ الأموال لزيادة السّباق على التّسلّح ومصاريف الحروب أو من أجل مواجهة التّداعيات الاقتصادية لتلك الأمور. وبالتّالي سوف تنقص الإمكانيّات المادية الضّرورّية للتّطوير والسّلام والعدالة. فأي ألمٍ لم تُصَب به البشرية بعد بسبب أنّها لا تعرف المصالحة، وكم من تأخرٍ تعانيه لأنّها لا تعرف الغفران؟! إنّ السّلام هو شرطٌ للتّطوّر غير أن السلام الحقيقي غير ممكن إلاّ من خلال الغفران.
إن اقتراح الغفران ليس بالأمر الممكن نعترف به كأنّه حقيقة واقعة أو نقبّله بسهولة؛ إنّه يشكّل، في بعض جوانبه، رسالة متناقضة. بالفعل، فإن الغفران يتضمّن على المدى القصير خسارة ظاهرة وبالعكس من ذلك فإنّه، على المدى البعيد، يؤمّن ربحًا حقيقيًّا. أمّا العنف، فإنّه على العكس من ذلك: فهي خيارٌ لربحٍ ظاهري في المدى القصير ويحضّر لخسارة حقيقيّة ودائمة على المدى الطّويل. إن الغفران قد يبدو ضعفًا؛ فبالحقيقة، على من يريد أن يعطي الغفران والّذي يتقبّله على حدًّ سواء، أن يتحلّى بقوّة روحيّة وشجاعة نفسيّة تجاه المصاعب. وبعيدًا من استصغار الشخص، فإنّ الغفران يقوده إلى إنسانيّةٍ أكثر عمقًا وغنى، ويجعله قادرًا على أن يعكس في داخله شعاع عظمة الخالق.
 
 
فهرس بحسب الرزنامة الطقسية المارونية        -        الانجيل اليومي بحسب التقويم الماروني
زمن الميلاد او المجيء   زمن الغطاس او الدنح   زمن التذكارت   زمن الصوم الكبير   أسبوع الآلام   زمن القيامة والصعود   زمن العنصرة   زمن الصليب
 أسبوع تقديس البيعة
 أسبوع تجديد البيعة
 أسبوع بشارة زكريّا
 أسبوع بشارة العذراء
 أسبوع زيارة العذراء
 أسبوع مولد يوحنّا
 أسبوع البيان ليوسف
 أسبوع النسبة
 عيد ميلاد الربّ يسوع
 عيد تهنئة العذراء مريم
 ألاسبوع الاول من الميلاد
to enlarge
 
 أحد وجود يسوع في الهيكل
 ايام قبل عيد الدنح
 عيد الدنح
 تذكار مديح يوحنّا المعمدان
 الاسبوع الاول  بعد الدنح
 الاسبوع الثاني  بعد الدنح
 الاسبوع الثالث بعد الدنح
 الاسبوع الرابع بعد الدنح
to enlarge
 
 أحد الكهنة الراقدين
 أسبوع الكهنة الراقدين
 أحد الأبرار والصدّيقين
 أسبوع الأبرار والصدّيقين
 أحد الموتى المؤمنين
 أسبوع الموتى المؤمنين
to enlarge
 
 أحد مدخل الصوم الكبير
 اثنين الرماد
 الاسبوع الاول
 الاسبوع الثاني
 الاسبوع الثالث
 الاسبوع الرايع
 الاسبوع الخامس
 الاسبوع السادس
 أحد الشعانين
to enlarge
 
 أحد الشعانين
 بداية اسبوع الآلام
 خميس الأسرار
 يوم الجمعة العظيمة
 سبت النور
 أحد القيامة الكبير
to enlarge
 
 أحد القيامة الكبير
 أسبوع الحواريّين
 الاسبوع الثاني
  الاسبوع الثالث
 الاسبوع الرايع
 الاسبوع الخامس
الاسبوع السادس
 الاسبوع السابع
to enlarge
 
 أحد العنصرة
 الاسبوع الاول
 الاسبوع الثاني
 الاسبوع الثالث
 الاسبوع الرايع
 الاسبوع الخامس
 الاسبوع السادس
 الاسبوع السابع
 الاسبوع الثامن
 الاسبوع التاسع
 الاسبوع العاشر
 الاسبوع الحادي عشر
 الاسبوع الثاني عشر
 الاسبوع الثالث عشر
 الاسبوع الرابع عشر
 الاسبوع الخامس عشر
 الاسبوع السادس عشر
 
 ارتفاع الصليب المقدّس
 الاسبوع الاول
 الاسبوع الثاني
 الاسبوع الثالث
 الاسبوع الرايع
 الاسبوع الخامس
 الاسبوع السادس
 الاسبوع السابع
to enlarge
 
  النصوص مأخوذة من الترجمة الليتُرجيّة المارونيّة - إعداد اللجنة الكتابيّة التابعة للجنة الشؤون الليتورجيّة البطريركيّة المارونيّة (طبعة ثانية – 2007) © pure software code - Since 2003