الإنجيل اليوميّ     -      يا ربّ، إِلى مَن نَذهَب وكَلامُ الحَياةِ الأَبَدِيَّةِ عِندَك ؟ (يوحنا 6: 68) التقويم الماروني
        4-    زمن الصوم الكبير
4.1-   الاسبوع الأوّل من الصوم الكبير
4.2-   الاسبوع الثاني من الصوم الكبير
4.3-   الاسبوع الثالث من الصوم الكبير
  الرئيسية  

 
 

الإنجيل اليومي   -     التقويم الماروني  

 

شرح \ تقيم

4.1.1- أحد مدخل الصوم الكبير : أحد آية عرس قانا
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 11-1:2 
  «أَمَّا أَنتَ فحَفِظتَ الخَمرَةَ الجَيِّدَةَ إِلى الآن»
      
للقدّيس أفرام السريانيّ (نحو 306 - 373)، شمّاس في سوريا وملفان الكنيسة
4.1.2- اثنين الرماد    
                                          إنجيل القدّيس متّى 21-16:6
  في أعماق القلب
      
للقدّيس يوحنّا بولس الثاني (1920 - 2005)، بابا روما
4.1.3- الثلاثاء الأوّل من الصوم الكبير    
                                          إنجيل القدّيس متّى 15-5:6
  «أُرْزُقْنا اليومَ خُبْزَ يَومِنا (مت 6: 11) ... خُبزَ الحَياة (يو 6: 35)»
      
لللقدّيس فرنسيس الأسّيزيّ (1182 - 1226)، مؤسِّس رهبانيّة الأخوة الأصاغر
4.1.4- الأربعاء الأوّل من الصوم الكبير
                                          إنجيل القدّيس متّى 4-1:6
  تمارين الصوم الثلاث: الصدقة والصلاة والصوم
      
للقدّيس بطرس خريزولوغُس (نحو 406 - 450)، أسقف رافينا وملفان الكنيسة
4.1.5- الخميس الأوّل من الصوم الكبير
                                          إنجيل القدّيس متّى 34-25:6
   
4.1.6- يوم الجمعة الأوّل من الصوم الكبير       
                                          إنجيل القدّيس متّى 27-13:7
  «فَلَمَّا حَدَثَ سَيْلٌ صَدَمَ النَّهْرُ ذلِكَ الْبَيْتَ، فَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يُزَعْزِعَهُ»
      
للقدّيس هيلاريوس (315 - 367)، أسقف بواتييه وملفان الكنيسة
4.1.7- السبت الأوّل من الصوم الكبير    
                                          إنجيل القدّيس لوقا 14-9:18
  القلبُ الخالي من نعمة الله
      
للطّوباويّ كولومبا مارميون (1858 - 1923)، رئيس دير
4.2.1- الأحد الثاني من الصوم الكبير : أحد شفاء الأبرص
                                          إنجيل القدّيس مرقس 45-35:1
  «فَمدَّ يسوعُ يَدَه فَلَمَسَه»
      
للقدّيسة تيريزيا الكالكوتيّة (1910 - 1997)، مؤسِّسة الأخوات مرسلات المحبّة
4.2.2- الاثنين الثاني من الصوم الكبير
                                          إنجيل القدّيس متّى 24-22:6
  «سِراجُ الجَسَدِ هو العَين»
      
للقدّيس أوغسطينُس (354 - 430)، أسقف هيبّونا (إفريقيا) وملفان الكنيسة
4.2.3- الثلاثاء الثاني من الصوم الكبير       
                                          إنجيل القدّيس متّى 12-1:7
  «وَٱلخَشَبَةُ ٱلَّتي في عَينِكَ، أَفَلا تَأبَهُ لَها؟»
      ك
تاب الاقتداء بالمسيح من القرن الخامس عشر
4.2.4- الأربعاء الثاني من الصوم الكبير    
                                          إنجيل القدّيس متّى 45-38:12
  «وهَهُنا أَعظَمُ مِن سُلَيمان!»
      
روبير من دوتز (نحو 1075 - 1130)، راهب بِنِدِكتي
4.2.5- الخميس الثاني من الصوم الكبير     
                                          إنجيل القدّيس لوقا 15-4:8
  «خَرَجَ الزَّارعُ لِيَزرَعَ زَرْعَه»
      
للقدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم (نحو 345 - 407)، بطريرك القسطنطينيّة وملفان الكنيسة
4.2.6- يوم الجمعة الثاني  من الصوم الكبير
                                          إنجيل القدّيس متّى 35-23:18
  «أَفما كانَ يجِبُ عليكَ أَنتَ أَيضاً أَن تَرحَمَ صاحِبَكَ كما رحِمتُكَ أَنا؟»
      
للقدّيس قيصاريوس (٤٧٠ - ٥٤٣)، راهب وأسقف آرل
4.2.7- السبت الثاني من الصوم الكبير
                                          إنجيل القدّيس مرقس 25-19:11
  «فأَجابَهم يسوع: آمِنوا بِالله» (مر 11: 22)
      
للطوباويّ شارل دو فوكو (1858 - 1916)، ناسك ومُبشِّر في الصحراء
4.3.1- الأحد الثالث من الصوم الكبير : أحد شفاء النازفة
                                          إنجيل القدّيس لوقا 56-40:8
  «يا ابنَتي، إِيمانُكِ خلَّصَكِ، فاذهَبي بِسَلام»
      
للطوباويّ شارل دو فوكو (1858 - 1916)، ناسك ومُبشِّر في الصحراءّ
4.3.2- الاثنين الثالث من الصوم الكبير
                                          إنجيل القدّيس يوحنّا 27-21:8
  «عِنْدَمَا تَرْفَعُونَ ٱبْنَ الإِنْسَان، تَعْرِفُونَ حِينَئِذٍ أَنِّي أَنَا هُوَ»
      
للقدّيس مكسيمُس الطورينيّ (؟ - نحو 420)، أسقف
4.3.3- الثلاثاء الثالث من الصوم الكبير
                                          إنجيل القدّيس متّى 12-1:23
  الحياة الجماعيّة: «أنتم جميعًا إخوة»
      
عظة منسوبة للقدّيس مقاريوس (؟ - 405)، راهب مصري
4.3.4- الأربعاء الثالث من الصوم الكبير
                                          إنجيل القدّيس متّى 13-10:17
  إيليّا الجديد
      
للقدّيس كيرِلُّس (313 - 350)، بطريرك أورشليم وملفان الكنيسة
4.3.5- الخميس الثالث من الصوم الكبير    
                                          إنجيل القدّيس لوقا 37-20:17
  «فَها إِنَّ مَلكوتَ ٱللهِ بَينَكُم»
      
للطوباويّ يوحنّا هنري نِيومَن (1801 - 1890)، كاهن ومؤسّس جماعة دينيّة
4.3.6- يوم الجمعة الثالث من الصوم الكبير
                                          إنجيل القدّيس لوقا 21-16:12
  الاغتناء بنظر الله
      
للقدّيس أوغسطينُس (354 - 430)، أسقف هيبّونا (إفريقيا ) وملفان الكنيسة
4.3.7- السبت  الثالث من الصوم الكبير      
                                          إنجيل القدّيس متّى 14-1:12
  «فَٱبنُ ٱلإِنسانِ سَيِّدُ ٱلسَّبت»
      
للقدّيس أوغسطينُس (354 - 430)، أسقف هيبّونا (إفريقيا ) وملفان الكنيسة
 
 
4.1.1-    أحد مدخل الصوم الكبير : أحد آية عرس قانا     -     إنجيل القدّيس يوحنّا 11-1:2    
 
    إنجيل القدّيس يوحنّا 11-1:2
 
في اليَوْمِ الثَّالِث، كَانَ عُرْسٌ في قَانَا الجَلِيل، وكَانَتْ أُمُّ يَسُوعَ هُنَاك.
ودُعِيَ أَيْضًا يَسُوعُ وتَلامِيذُهُ إِلى العُرْس.
ونَفَدَ الخَمْر، فَقَالَتْ لِيَسُوعَ أُمُّهُ: «لَيْسَ لَدَيْهِم خَمْر».
فَقَالَ لَهَا يَسُوع: «مَا لِي ولَكِ، يَا ٱمْرَأَة؟ لَمْ تَأْتِ سَاعَتِي بَعْد!».
فقَالَتْ أُمُّهُ لِلْخَدَم: «مَهْمَا يَقُلْ لَكُم فَٱفْعَلُوه!».
وكَانَ هُنَاكَ سِتَّةُ أَجْرَانٍ مِنْ حَجَر، مُعَدَّةٌ لِتَطْهيِر اليَهُود، يَسَعُ كُلٌّ مِنْهَا مِنْ ثَمَانِينَ إِلى مِئَةٍ وعِشْرينَ لِيترًا،
فقَالَ يَسُوعُ لِلْخَدَم: «إِملأُوا الأَجْرَانَ مَاءً». فَمَلأُوهَا إِلى فَوْق.
قَالَ لَهُم: «إِسْتَقُوا الآنَ، وقَدِّمُوا لِرَئِيسِ الوَلِيمَة». فَقَدَّمُوا.
وذَاقَ الرَّئِيسُ المَاءَ، الَّذي صَارَ خَمْرًا - وكانَ لا يَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ هُوَ، والخَدَمُ الَّذينَ ٱسْتَقَوا يَعْلَمُون - فَدَعَا إِلَيْهِ العَرِيسَ
وقَالَ لَهُ: «كُلُّ إِنْسَانٍ يُقَدِّمُ الخَمْرَ الجَيِّدَ أَوَّلاً، حَتَّى إِذَا سَكِرَ المَدعُوُّون، قَدَّمَ الأَقَلَّ جُودَة، أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ أَبْقَيْتَ الخَمْرَ الجَيِّدَ إِلى الآن!».
تِلْكَ كَانَتْ أُولَى آيَاتِ يَسُوع، صَنَعَهَا في قَانَا الجَلِيل، فَأَظْهَرَ مَجْدَهُ، وآمَنَ بِهِ تَلامِيذُهُ.

 

«أَمَّا أَنتَ فحَفِظتَ الخَمرَةَ الجَيِّدَةَ إِلى الآن»
القدّيس أفرام السريانيّ (نحو 306 - 373)، شمّاس في سوريا وملفان الكنيسة،
شرح للدِياطِسّرون، 12، § 1-2

 

عندما كان في الصحراء، قام ربّنا بتكثير الخبز؛ وفي قانا، حوّل الماء إلى خمر. بذلك، جعل أفواه البشر تعتاد على خبزه وخمره إلى أن أعطاهم جسده ودمه. لقد جعلهم يتذوّقون خمرًا وخبزًا انتقاليَّين، لينمّي في داخلهم التوق إلى جسده وإلى دمه المُحييَين... بهذه الأمور الجميلة، جذبَنا إلى القصر لكي يصلَ بنا إلى ما يُحيي أنفسنا بشكل كليّ. لقد خبّأ النقاوة في الخمر الذي صنعَه، ليُظهر للمدعوّين أهميّة الثروة المخبّأة في دمه المُحيي.
كإشارة أولى، قدّم خمرًا مُفرِحًا للمدعوّين، لكي يُظهر أنّ دمه سيُفرِح جميع الأمم. وإن كان الخمر جزءًا من كافّة أفراح هذه الأرض، فإنّ كلّ أعمال الخلاص متعلّقة بسرّ دم الرّب. لقد أعطى للمدعوّين في قانا خمرًا جيّدة بدّلت أنفسهم، لكي يعلموا بأنّ تعاليمه من شأنها أن تبدّل قلوبهم.
فالخمر الذي لم يكن في البداية إلاّ ماءً قد قام الرّب تحويله داخل الأجران ليكون رمزًا لأولى وصاياه بالتوق إلى الكمال. فالماء الذي تحوّل هو رمز الشريعة التي قادها الرب إلى الكمال. لقد شرب المدعوّون إلى العرس ما كان في البدء ماءً لكن من دون أن يتذوّقوا هذا الماء. ويحصل الأمر نفسه عندما نسمع الوصايا القديمة، فنحن نتذوّقها بطعمها الجديد لا القديم.
 
 
4.1.2-    اثنين الرماد     -     إنجيل القدّيس متّى 21-16:6    
 
    إنجيل القدّيس متّى 21-16:6
 
قالَ الربُّ يَسوع: «مَتَى صُمْتُم، لا تُعَبِّسُوا كَالمُرَائِين، فَإِنَّهُم يُنَكِّرُونَ وُجُوهَهُم لِيَظْهَرُوا لِلنَّاسِ أَنَّهُم صَائِمُون. أَلحَقَّ أَقُولُ لَكُم: إِنَّهُم قَدْ نَالُوا أَجْرَهُم.
أَمَّا أَنْتَ، مَتَى صُمْتَ، فَٱدْهُنْ رَأْسَكَ، وَٱغْسِلْ وَجْهَكَ،
لِئَلاَّ تَظْهَرَ لِلنَّاسِ أَنَّكَ صَائِم، بَلْ لأَبِيكَ الَّذي في الخَفَاء، وأَبُوكَ الَّذي يَرَى في الخَفَاءِ هُوَ يُجَازِيك.
لا تَكْنِزُوا لَكُم كُنُوزًا على الأَرْض، حَيْثُ العُثُّ والسُّوسُ يُفْسِدَان، وحَيْثُ اللُّصُوصُ يَنْقُبُونَ ويَسْرِقُون،
بَلِ ٱكْنِزُوا لَكُم كُنُوزًا في السَّمَاء، حَيْثُ لا عُثَّ ولا سُوسَ يُفْسِدَان، وحَيْثُ لا لُصُوصَ يَنْقُبُونَ ويَسْرِقُون.
فَحَيْثُ يَكُونُ كَنْزُكَ، هُنَاكَ يَكُونُ أَيْضًا قَلبُكَ.

 

في أعماق القلب
القدّيس يوحنّا بولس الثاني (1920 - 2005)، بابا روما،
عظة بمناسبة أربعاء الرّماد، 16/02/1983

 

يجب علينا في زمن الصوم هذا أن ندخل إلى أعماق ذواتنا. إنّه زمن الألفة مع الله في عمق القلب والضمير. إذ في هذه الألفة الداخليّة مع الله يتحقّق عمل الصيام الأساسيّ ألا وهو عمل التوبة.
 
في خفايا القلب وفي هذه الألفة مع الله في ملء حقيقة القلب والضمير، تتردّد صدى كلمات المزمور الذي وردّ في الليتورجيا اليوم، والذي هو من أعمق الاعترافات التي يقوم بها الإنسان أمام الله: "اِرحَمْني يا أَللهُ بِحَسَبِ رَحمَتِكَ وبِكَثرَةِ رأفَتِكَ اَمْحُ مَعاصِيَّ. زِدْني غُسْلاً مِن إِثْمي ومِن خَطيئَتي طَهِّرْني. فإِنِّي عالِمٌ بِمَعاصِيَّ وخَطيئَتي أَمامي في كُلِّ حين. إِلَيكَ وَحدَكَ خَطِئتُ والشَرّ أَمامَ عَينَيكَ صَنعتُ" (مز51[50]: 3-6).
إنًها كلمات تطّهر، تحوّل. تحوّل الإنسان من الداخل. لنردّدها مرارًا في زمن الصيام. ولنسعَ إلى تجديد الرّوح الذي يحيّيها، هذه النسمة الدّاخليّة الّتي تعطي لهذه الكلمات قوّة التّوبة. لأنّ الصوم هو بشكلٍ أساسيّ دعوة للتوبة. إن أعمال الرّحمة التي يتكلّم عنها الإنجيل اليوم تفتح الطريق أمام هذه التوبة. لننكبّ على ممارستها ولكن لنبحث أولاً عن لقاء الله في حياتنا وفي كلّ ما نفعل لنصل فيما بعد إلى هذه التوبة العميقة التي يفيض بها مزمور التوبة في الليتورجيا اليوم.
 
 
4.1.3-    الثلاثاء الأوّل من الصوم الكبير     -     إنجيل القدّيس متّى 15-5:6    
 
    إنجيل القدّيس متّى 15-5:6
 
قالَ الربُّ يَسوع: «مَتَى صَلَّيْتُم، لا تَكُونُوا كَالمُرائِين، فَإِنَّهُم يُحِبُّونَ الصَّلاةَ وُقُوفًا في المَجَامِع، وفي زَوايا السَّاحَات، لِكَي يَظْهَرُوا لِلنَّاس. أَلحَقَّ أَقُولُ لَكُم: إِنَّهُم قَدْ نَالُوا أَجْرَهُم.
أَمَّا أَنْتَ، مَتَى صَلَّيْتَ، فَٱدْخُلْ مُخْدَعَكَ وأَغْلِقْ بَابَكَ، وصَلِّ لأَبِيكَ في الخَفَاء، وأَبُوكَ الَّذي يَرَى في الخَفَاءِ هُوَ يُجَازِيك.
وعِنْدَمَا تُصَلُّون، لا تُكْثِرُوا الكَلامَ عَبَثًا كَالوَثَنِيِّين، فَهُم يَظُنُّونَ أَنَّهُم بِكَثْرَةِ كَلامِهِم يُسْتَجَابُون.
فلا تَتَشَبَّهُوا بِهِم، لأَنَّ أَبَاكُم يَعْلَمُ بِمَا تَحْتَاجُونَ إِليْهِ قَبْلَ أَنْ تَسْأَلُوه.
أَمَّا أَنْتُم فَصَلُّوا هكَذَا: أَبَانَا الَّذي في السَّمَاوَات، لِيُقَدَّسِ ٱسْمُكَ،
لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ، لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ كَمَا في السَّمَاءِ كذلِكَ عَلى الأَرْض.
أَعْطِنَا خُبْزَنا كَفَافَ يَوْمِنَا.
وَٱغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنا كَمَا غَفَرْنَا نَحْنُ أَيْضًا لِلْمُذْنِبِينَ إِلَيْنا.
ولا تُدْخِلْنَا في التَّجْرِبَة، لكِن نَجِّنَا مِنَ الشِّرِّير.
فَإِنْ تَغْفِرُوا لِلنَّاسِ زَلاَّتِهِم يَغْفِرْ لَكُم أَيْضًا أَبُوكُمُ السَّمَاوِيّ.
وإِنْ لَمْ تَغْفِرُوا لِلنَّاسِ فَأَبُوكُم أَيْضًا لا يَغْفِرُ لَكُم زَلاَّتِكُم.

 

«أُرْزُقْنا اليومَ خُبْزَ يَومِنا (مت 6: 11) ... خُبزَ الحَياة (يو 6: 35)»
القدّيس فرنسيس الأسّيزيّ (1182 - 1226)، مؤسِّس رهبانيّة الأخوة الأصاغر،
صلاة الأبانا المقتبسة

 

"أُرْزُقْنا اليومَ خُبْزَ يَومِنا"،
ابنك الحبيب، ربّنا يسوع المسيح،
لكي نتذكّر ونجلّ أكثر فأكثر الحبّ الّذي خصّنا به
وكل أقواله وما قاساه من أجلنا من آلام.
"وأَعْفِنا مِمَّا علَينا"
برحمتك الّتي لا توصف، باستحقاقات آلام ابنك الحبيب،
وبشفاعة العذراء مريم وجميع المختارين.
"فَقَد أَعْفَينا نَحْنُ أَيْضًا مَن لنا عَلَيه"
واجعلنا، يا ربّ، نغفر كليًّا، ما لم نستطع غفرانه بشكل تام.
أعطنا يا ربّ أن نحبّ حقًّا أعداءنا بسببك،
وأن نتوصّل إلى أن نصلّي بصدق من أجلهم؛
وألاّ نردّ الشرّ بالشرّ، بل أن نجهد للقيام بالخير للجميع، فيك.
"ولا تُعَرِّضنا لِلتَّجربة"
ظاهرةً كانت أو ماكرة، مفاجئة أو مؤلمة ومديدة.
"بل نَجِّنا مِنَ الشِّرِّير"،
في الماضي والحاضر والمستقبل. آمين.
 
 
4.1.4-    الأربعاء الأوّل من الصوم الكبير     -     إنجيل القدّيس متّى 4-1:6    
 
    إنجيل القدّيس متّى 4-1:6
 
قالَ الربُّ يَسوع: «إِحْذَرُوا مِنْ أَنْ تَعْمَلُوا بِرَّكُم أَمَامَ النَّاسِ لِيَراكُمُ النَّاس، وإِلاَّ فَلا أَجْرَ لَكُم عِنْدَ أَبِيكمُ الَّذي في السَّمَاوَات.
فمَتَى صَنَعْتَ صَدَقَة، لا تَنْفُخْ أَمَامَكَ في البُوق، كمَا يَفْعَلُ المُراؤُونَ في المَجَامِع، وفي الشَّوَارِع، لِكَي يُمَجِّدَهُمُ النَّاس. أَلحَقَّ أَقُولُ لَكُم: إِنَّهُم قَدْ نَالُوا أَجْرَهُم.
أَمَّا أَنْتَ، مَتَى صَنَعْتَ صَدَقَة، فَلا تَعْلَمْ شِمَالُكَ مَا تَصْنَعُ يَمِينُكَ،
لِتَكُونَ صَدَقَتُكَ في الخَفَاء، وأَبُوكَ الَّذي يَرَى في الخَفَاءِ هُوَ يُجَازِيك.

 

تمارين الصوم الثلاث: الصدقة والصلاة والصوم
القدّيس بطرس خريزولوغُس (نحو 406 - 450)، أسقف رافينا وملفان الكنيسة،
العظة الثّامنة

 

يا إخوتي! لقد بدأنا اليوم رحلة الصّوم الكبرى. فلنحمل معنا في سفينتنا كلّ زادنا من الطعام والشراب، ولنضع في الصّندوق الرّحمة الوافرة التي نحن بأمسّ الحاجة إليها. لأنّ صومنا سوف يجوع إن لم يتغذّى من الوداعة ويعطش إن لم يرتوي من معين الرّحمة. صومنا سيعاني البرد والفشل ما لم تظلّله جزّة الصدقة وتلفّه ثياب الشفقة.
أيها الإخوة، إنّ الرّحمة بالنسبة للصوم هي كالرّبيع بالنسبة إلى الأرض. كما أنّ رياح الرّبيع الناعمة تجعل كلّ براعم الحقول تتفتّح، كذلك رحمة الصيام تجعل كلّ بذورنا تتفتح حتى الإزهار، وتعطي ثمارًا ليوم الحصاد السماويّ الأخير. وكما هو الزيت بالنّسبة للسّراج، كذلك هي الوداعة بالنسبة للصيام. فكما تضيء مواد الزّيت الدهنية السّراج طوال الليل بواسطة القيل من التّغذية، كذلك تجعل الوداعة الصوم متألقًا: إذ يرسل أشعته لتسطع شمس الإمساك. وكما هي الشمس بالنّسبة للنهار كذلك هي الصدقة بالنسبة للصوم. فبهاء الشمس وضياء النهار يبدّدان ظلمة الغمام والصدقة مصحوبة بالصوم تقدّس النفس، وتطرد بنور الوداعة من رغباتنا كل ما شأنه أن يكون مميتًا. بالمختصر، كما الجسد للنفس، كذلك هو السخاء بالنسبة للصوم. فعندما تخرج النفس من الجسد تميته، وعندما يبتعد السخاء عن الصوم يصبح ميتًا.
 
 
4.1.5-    الخميس الأوّل من الصوم الكبير    -     إنجيل القدّيس متّى 34-25:6    
 
    إنجيل القدّيس متّى 34-25:6
 
قالَ الربُّ يَسوع: «لا تَهْتَمُّوا لِنَفْسِكُم بِمَا تَأْكُلُون، ولا لِجَسَدِكُم بِمَا تَلْبَسُون. أَلَيْسَتِ النَّفْسُ أَهَمَّ مِنَ الطَّعَام، والجَسَدُ أَهَمَّ مِنَ اللِّبَاس؟
أُنْظُرُوا إِلى طُيُورِ السَّمَاء، فهيَ لا تَزْرَع، ولا تَحْصُد، ولا تَخْزُنُ في الأَهْرَاء، وأَبُوكُم السَّمَاويُّ يَقُوتُهَا. ألَسْتُم أَنْتُم بِالحَرِيِّ أَفْضَلَ مِنْهَا؟
ومَنْ مِنْكُم، إِذَا ٱهْتَمَّ، يَسْتَطيعُ أَنْ يُطِيلَ عُمْرَهُ مِقْدَارَ ذِرَاعٍ وَاحِدَة؟
ومَا بَالُكُم تَهْتَمُّونَ بِاللِّبَاس؟ تَأَمَّلُوا زَنَابِقَ الحَقْلِ كَيْفَ تَنْمُو، وهيَ لا تَتْعَبُ ولا تَغْزِل.
أَقُولُ لَكُم: إِنَّ سُلَيْمَانَ نَفْسَهُ في كُلِّ مَجْدِهِ لَمْ يَلبَسْ كَوَاحِدَةٍ مِنْهَا.
فَإِنْ كَانَ عُشْبُ الحَقْلِ الَّذي يُوجَدُ اليَوْم، وغَدًا يُطْرَحُ في التَّنُّور، يُلْبِسُهُ اللهُ هكَذَا، فَكَمْ بِالأَحْرَى يُلْبِسُكُم أَنْتُم يَا قَلِيلِي الإِيْمَان؟
لا تَهْتَمُّوا إِذًا وتَقُولُوا: مَاذَا نَأْكُل، أَوْ مَاذَا نَشْرَب، أَو مَاذَا نَلْبَس؟
فَهذَا كُلُّهُ يَسْعَى إِلَيْهِ الوَثَنِيُّون، وَأَبُوكُم السَّمَاوِيُّ يَعْلَمُ أَنَّكُم تَحْتَاجُونَ إِلى هذَا كُلِّهِ.
أُطْلُبُوا أَوَّلاً مَلَكُوتَ اللهِ وبِرَّهُ، وذلِكَ كُلُّهُ يُزَادُ لَكُم.
لا تَهْتَمُّوا إِذًا بِالغَد، فَالغَدُ يَهْتَمُّ بِنَفْسِهِ. يَكْفِي كُلَّ يَوْمٍ شَرُّهُ.
 
 
4.1.6-    يوم الجمعة الأوّل من الصوم الكبير    -     إنجيل القدّيس متّى 27-13:7    
 
    إنجيل القدّيس متّى 27-13:7
 
قالَ الربُّ يَسوع: «أُدْخُلُوا مِنَ البَابِ الضَّيِّق: لأَنَّهُ وَاسِعٌ البَاب ورَحْبٌ الطَّرِيقُ الَّذي يُؤَدِّي إِلى الهَلاك، وكَثِيرُون هُمُ الَّذينَ يَدْخُلُون مِنْهُ؛
ومَا أَضْيَقَ البَابَ وأَحْرَجَ الطَّرِيقَ الَّذي يُؤَدِّي إِلى الحَيَاة، وقَلِيلُونَ هُمُ الَّذينَ يَجِدُونَهُ.
إِحْذَرُوا الأَنْبِيَاءَ الكَذَبةَ الَّذينَ يَأْتُونَكُم بِلِبَاسِ الحُمْلان، وهُمْ في بَاطنِهِم ذِئَابٌ خَاطِفَة.
مِنْ ثِمَارِهِم تَعْرِفُونَهُم: هَلْ يُجْنَى مِنَ الشَّوْكِ عِنَب، أَو مِنَ العَوْسَجِ تِين؟
هكَذَا كُلُّ شَجَرَةٍ صَالِحَةٍ تُثْمِرُ ثِمَارًا جَيِّدَة. أَمَّا الشَّجَرَةُ الفَاسِدَةُ فَتُثْمِرُ ثِمَارًا رَدِيئَة.
لا تَقْدِرُ شَجَرَةٌ صَالِحَةٌ أَنْ تُثْمِرَ ثِمَارًا رَدِيئَة، ولا شَجَرَةٌ فَاسِدَةٌ أَنْ تُثْمِرَ ثِمَارًا جَيِّدَة.
كُلُّ شَجَرَةٍ لا تُثْمِرُ ثَمَرًا جَيِّدًا تُقْطَعُ وتُلْقَى في النَّار.
فَمِنْ ثِمَارِهِم تَعْرِفُونَهُم.
لَيْسَ كُلُّ مَنْ يَقُولُ لي: يَا رَبّ، يَا رَبّ! يَدْخُلُ مَلَكُوتَ السَّمَاوات، بَلْ مَنْ يَعْمَلُ مَشِيئَةَ أَبِي الَّذي في السَّمَاوَات.
كَثِيرُون سَيَقُولُونَ لي في ذلِكَ اليَوْم: يَا رَبّ، يَا رَبّ! أَمَا بِٱسْمِكَ تَنَبَّأْنَا، وبِٱسْمِكَ أَخْرَجْنا الشَّيَاطِين، وبِٱسْمِكَ عَمِلْنَا كَثيرًا مِنَ الأَعْمَالِ القَدِيرَة؟
فَحِينَئِذٍ أُعْلِنُ لَهُم: مَا عَرَفْتُكُمُ البَتَّة. إِبْتَعِدُوا عَنِّي يَا فَاعِلِي الإِثْم!
فَكُلُّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالي هذِهِ، ويَعْمَلُ بِهَا، يُشْبِهُ رَجُلاً حَكِيْمًا بَنَى بَيْتَهُ عَلى الصَّخْرَة.
وهَطَلَتِ الأَمْطَار، وفَاضَتِ الأَنْهَار، وعَصَفَتِ الرِّيَاح، وصَدَمَتْ ذلِكَ البَيْت، فَلَمْ يَسْقُطْ، لأَنَّ أَسَاسَهُ بُنِيَ عَلى الصَّخْرَة.
وكُلُّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالي هذِهِ، ولا يَعْمَلُ بِهَا، يُشْبِهُ رَجُلاً جَاهِلاً بَنَى بَيْتَهُ عَلى الرَّمْل.
وهَطَلَتِ الأَمْطَار، وجَرَتِ الأَنْهَار، وعَصَفَتِ الرِّيَاح، وصَدَمَتْ ذلِكَ البَيْت، فَسَقَط، وكَانَ سُقُوطُهُ عَظِيْمًا.»

 

«فَلَمَّا حَدَثَ سَيْلٌ صَدَمَ النَّهْرُ ذلِكَ الْبَيْتَ، فَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يُزَعْزِعَهُ»
القدّيس هيلاريوس (315 - 367)، أسقف بواتييه وملفان الكنيسة،
شرح للمزمور 127[126]

 

"إِنْ لَمْ يَبْنِ الرَّبُّ الْبَيْتَ، فَبَاطِلاً يَتْعَبُ الْبَنَّاؤُونَ" (مز127[126]: 1). "أنتم هَيْكَلُ اللهِ، وَرُوحُ اللهِ يَسْكُنُ فِيكُمْ" (1كور3: 16). إنّ البيت هذا وهيكل الله هذا الممتلئ من تعاليمِ الله ونعمِه، هذا المسكن الّذي يحوي قداسة قلب الله، قد شَهِدَ له النبّي نفسه قائلاً: "إنّ هيكلك مقدّس بأعاجيب من البرّ" (مز64[63]: 6). إنّ قداسة الإنسان وبرّه وعفّته هي هيكلٌ لله.
إنّ الله يجب أن يبني هذا البيت إذًا. فالبناء المرتفع بعمل الإنسان لا يدوم؛ وما يُنشَأ على معتقدات هذا العالم لا يَثبُت؛ فأعمالنا الزائلة ورعايتنا الحذرة هي حُرّاسٌ غَير ذي منفعة. لذلك يجب أن تتمّ عمليّة البناء بطريقة أخرى، ويجب الحفاظ على هذا البيت بطريقةٍ أخرى. يجب عدم تأسيسُه على التراب، وعلى الرمل المائع والمتباعد؛ بل يجب أن يوضع الأساس على الأنبياء والرسل.
يجب أن يُبنى البيت بحجارة حيّة، ويُقام على حجر الزاوية، ويُرفع من خلال وصلاتٍ تدريجيّة بحيث يصل إلى الرجل المثاليّ ويبلُغَ القامةَ الَّتي تُوافِقُ كَمالَ المسيح (راجع 1بط2: 5؛ أف2: 20؛ 4: 12-13). ويجب تزيينه بتألّق النِّعم الروحيّة وجمالِها. وإن كان الله مَن يجب أن يبني البيت، أي بحسب تعالِيمه، فهذا البيت لن يتزعزع. بل سيمتّد إلى بيوتٍ أخرى عديدة، لأنّ كلّ ما يبنيه أيّ مؤمنٍ يعود بالفائدة على كُلٍّ مِنّا، ويزيدُ المدينة الطوباويّة جمالاً ونموًّا.
 
 
4.1.7-    السبت الأوّل من الصوم الكبير    -     إنجيل القدّيس لوقا 14-9:18    
 
    إنجيل القدّيس لوقا 14-9:18
 
قالَ الربُّ يَسوعُ هذَا المَثَلَ لأُنَاسٍ يَثِقُونَ في أَنْفُسِهِم أَنَّهُم أَبْرَار، وَيَحْتَقِرُونَ الآخَرين:
«رَجُلانِ صَعِدَا إِلى الهَيْكَلِ لِيُصَلِّيَا، أَحَدُهُما فَرِّيسيٌّ وَالآخَرُ عَشَّار.
فَوَقَفَ الفَرِّيسِيُّ يُصَلِّي في نَفْسِهِ وَيَقُول: أَللّهُمَّ، أَشْكُرُكَ لأَنِّي لَسْتُ كَبَاقِي النَّاسِ الطَّمَّاعِينَ الظَّالِمِينَ الزُّنَاة، وَلا كَهذَا العَشَّار.
إِنِّي أَصُومُ مَرَّتَينِ في الأُسْبُوع، وَأُؤَدِّي العُشْرَ عَنْ كُلِّ مَا أَقْتَنِي.
أَمَّا العَشَّارُ فَوَقَفَ بَعِيدًا وَهُوَ لا يُرِيدُ حَتَّى أَنْ يَرْفَعَ عَيْنَيْهِ إِلى السَّمَاء، بَلْ كانَ يَقْرَعُ صَدْرَهُ قَائِلاً: أَللّهُمَّ، إِصْفَحْ عَنِّي أَنَا الخَاطِئ!
أَقُولُ لَكُم إِنَّ هذَا نَزَلَ إِلَى بَيْتِهِ مُبَرَّرًا، أَمَّا ذاكَ فَلا! لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَرْفَعُ نَفْسَهُ يُوَاضَع، وَمَنْ يُواضِعُ نَفْسَهُ يُرْفَع.»

 

القلبُ الخالي من نعمة الله
الطّوباويّ كولومبا مارميون (1858 - 1923)، رئيس دير،

Les « instruments des bonnes œuvres » (Le Christ Idéal du Moine, éd. DDB, 1936 ; p. 181-183 ; rev.)

 

تعرفون أنّ مخلّصنا الإلهي، وهو الحقّ والطيبة بذاته، كان يقول لتلاميذه: "إِن لَم يَزِد بِرُّكُم عَلى بِرِّ ٱلكَتَبَةِ وَٱلفِرّيسِيّين، لا تَدخُلوا مَلَكوتَ ٱلسَّمَاوات" (مت 5: 20). هذه الكلمات هي حقًّا من الرّب يسوع. هو الّذي لم يشأ أنْ يدينَ المرأة الزانية والّذي تنازل وخاطب المرأة السامريّة وكشف أسرار السماء لتلك الّتي كانت تعيش في الخطيئة. وهو الّذي رضي أن يأكل مع العشّارين المنبوذين اجتماعيًّا بصفتهم خطأة والّذي سمح للمجدليّة أن تغسِل رجليه وتمسحهم بشعرها، هو "الوَديعُ والمُتَواضِعُ ٱلقَلب" (راجع مت 11: 29)، كان يُلقي اللوم علنًا على الفريسيّين: "ٱلوَيلُ لَكُم، أَيُّها ٱلكَتَبَةُ وَٱلفِرّيسِيّونَ ٱلمُراؤون، فَإِنَّكُم تُقفِلونَ مَلَكوتَ ٱلسَّمَواتِ في وُجوهِ ٱلنّاس. فَلا أَنتُم تَدخُلون، وَلا ٱلَّذينَ يُريدونَ ٱلدُّخولَ تَدَعونَهُم يَدخُلون" (مت 23: 13).
لنتذكّر الفرّيسيّ الّذي يصوّره لنا الرّب يسوع صاعدًا إلى الهيكل ليصلّي. ما هي صلاته؟ "اللّهم، أنا رجلٌ لا لوم عليه البتّة، أحفظ كلّ الأشياء بدقّة شديدة، أصوم وأؤدّي العُشر" (راجع لو 18: 11-12)؛ لا تجدني مقصّرًا في أيّ أمر. لا بدّ أنّك فخورٌ بي". وبالمعنى الحرفيّ، ما كان يقوله كان حقيقة: فقد كان يحفظ هذه كلّها.
ومع ذلك، ما كان حكمُ الرّب يسوع عليه؟ لقد خرج هذا الرجل من الهيكل وقلبُه خالٍ من نعمة الله. لماذا هذا الحكم؟ لأنّ هذا المسكين كان يتبجّح بأعماله الحسنة ويضعُ كماله كلّه في الطاعة الخارجيّة البحتة دون أن يهتمّ باستعدادات قلبه الداخليّة. لذلك يقول لنا ربّنا أيضًا: " إِن لَم يَزِد بِرُّكُم عَلى بِرِّ ٱلكَتَبَةِ وَٱلفِرّيسِيّين، لا تَدخُلوا مَلَكوتَ ٱلسَّمَاوات"... فإنّ الكمال هو في الواقع، في القلب لأنّ الحبّ هو الشريعة الأكمل.
 
 
4.2.1-    الأحد الثاني من الصوم الكبير : أحد شفاء الأبرص     -     إنجيل القدّيس مرقس 45-35:1    
 
    إنجيل القدّيس مرقس 45-35:1
 
قَامَ  يَسُوعُ قَبْلَ طُلُوعِ الفَجْر، فخَرَجَ وذَهَبَ إِلى مَكَانٍ قَفْر، وأَخَذَ يُصَلِّي هُنَاك.
ولَحِقَ بِهِ سِمْعَانُ وَالَّذين مَعَهُ،
ووَجَدُوهُ فَقَالُوا لَهُ: «أَلْجَمِيعُ يَطْلُبُونَكَ».
فقَالَ لَهُم: «لِنَذْهَبْ إِلى مَكَانٍ آخَر، إِلى القُرَى المُجَاوِرَة، لأُبَشِّرَ هُنَاكَ أَيْضًا، فَإِنِّي لِهذَا خَرَجْتُ».
وسَارَ في كُلِّ الجَلِيل، وهُوَ يَكْرِزُ في مَجَامِعِهِم وَيَطْرُدُ الشَّيَاطِين.
وأَتَاهُ أَبْرَصُ يَتَوَسَّلُ إِلَيْه، فجَثَا وقَالَ لَهُ: «إِنْ شِئْتَ فَأَنْتَ قَادِرٌ أَنْ تُطَهِّرَنِي!».
فتَحَنَّنَ يَسُوعُ ومَدَّ يَدَهُ ولَمَسَهُ وقَالَ لَهُ: «قَدْ شِئْتُ، فَٱطْهُرْ!».
وفي الحَالِ زَالَ عَنْهُ البَرَص، فَطَهُرَ.
فَٱنْتَهَرَهُ يَسُوعُ وصَرَفَهُ حَالاً،
وقالَ لَهُ: «أُنْظُرْ، لا تُخْبِرْ أَحَدًا بِشَيء، بَلِ ٱذْهَبْ وَأَرِ نَفْسَكَ لِلْكَاهِن، وَقَدِّمْ عَنْ طُهْرِكَ مَا أَمَرَ بِهِ مُوسَى، شَهَادَةً لَهُم».
أَمَّا هُوَ فَخَرَجَ وبَدَأَ يُنَادِي بِأَعْلَى صَوْتِهِ ويُذِيعُ الخَبَر، حَتَّى إِنَّ يَسُوعَ لَمْ يَعُدْ قَادِرًا أَنْ يَدْخُلَ إِلى مَدِينَةٍ عَلانِيَة، بَلْ كانَ يُقِيمُ في الخَارِج، في أَمَاكِنَ مُقْفِرَة، وكانَ النَّاسُ يَأْتُونَ إِلَيْهِ مِنْ كُلِّ مَكَان.

 

«فَمدَّ يسوعُ يَدَه فَلَمَسَه»
القدّيسة تيريزيا الكالكوتيّة (1910 - 1997)، مؤسِّسة الأخوات مرسلات المحبّة،
كتاب "الطريق البسيط" ص 79

 

في أيّامنا هذه، نجد أنّ المرض الأكثر فتكًا الذي يضرب الغرب ليس السلّ أو البرص، بل هو شعور المرءِ بأنّه مُهمَل، وغير محبوب ومتروك. نحن بارعون في مُعَالجة أمراضِ الجسد من خلال الطبّ، لكنّ العلاج الوحيد للوحدة والبؤس واليأس، ما هو إلاّ الحبّ.
يموت الكثيرون في هذا العالم نتيجة افتقارهم إلى لقمة الخبز، لكنّ عددًا أكبر بكثير يموت نتيجة افتقاره إلى الحبّ. في الغرب، هنالك نوع آخر من الفقر، ليس فقر الوحدة فحسب، بل هو فقر الروحانيّة. ونجد جوعًا إلى الحبّ كما نجد أيضًا جوعًا إلى الله.
 
 
4.2.2-    الاثنين الثاني من الصوم الكبير     -     إنجيل القدّيس متّى 24-22:6    
 
    إنجيل القدّيس متّى 24-22:6
 
قالَ الربُّ يَسوعُ: «سِرَاجُ الجَسَدِ هُوَ العَيْن. إِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ سَلِيمَة، فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ نَيِّرًا.
وإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ سَقِيْمَة، فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ مُظلِمًا. وإِنْ كَانَ النُّورُ الَّذي فِيْكَ ظَلامًا، فَيَا لَهُ مِنْ ظَلام!
لا يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَعبُدَ رَبَّين. فَإِمَّا يُبْغِضُ الوَاحِدَ ويُحِبُّ الآخَر، أَو يُلازِمُ الوَاحِدَ ويَرْذُلُ الآخَر. لا تَقْدِرُونَ أَنْ تَعْبُدُوا اللهَ والمَال.

 

«سِراجُ الجَسَدِ هو العَين»
القدّيس أوغسطينُس (354 - 430)، أسقف هيبّونا (إفريقيا الشماليّة) وملفان الكنيسة،
عظات عن إنجيل القدّيس متى

 

"سِراجُ الجَسَدِ هو العَين". إنّ هذه العين هي كالنوايا التي عبرها نقوم بكلّ أعمالنا. فإن كانت هذه النوايا طاهرة وبارّة، عندها تكون كلّ أعمالنا صالحة. بالفعل، اعتبر القدّيس بولس الرّسول بعض الأعمال وكأنّها "أعضاء". لذلك، كتب: "أَميتوا إِذًا أَعضاءَكمُ الَّتي في الأَرض بما فيها مِن زِنًى وفَحْشاءَ وهَوىً وشَهوةٍ فاسِدَةٍ وطَمَعٍ وهو عِبادَةُ الأَوْثان" (كول 3: 5) وما يشبه ذلك.
إن ما يجب أخذه إذًا بعين الاعتبار في حياة الإنسان، ليس أعماله إنّما نوايّاه؛ لأنّ النّوايا هي نور أنفسنا، لأنّنا نستطيع أن نعرف بوضوح إن كنّا نعمل بنيّة حسنة وأنّ "كُلَّ ما ظَهَرَ كانَ نُورًا" (أف 5: 14).
أما بالنّسبة لأعمالنا، والّتي هي نتيجة لعلاقاتنا مع الآخرين، فإنّ نتائجها غير مضمونة ولهذا يسمّيها الرّب ظلامًا. فمثلاً، إن أعطيت مالاً لفقير ما، هل باستطاعتي أن أعرف كيف سوف يقوم باستخدامه؟ فإن كانت نواياك الّتي تعرفها قد اسودّت بسبب الأهواء البشرية فبالحري أن تكون كذلك الأعمال الّتي لا تعرف نتيجتها مسبقًا.
 
 
4.2.3-    الثلاثاء الثاني من الصوم الكبير     -     إنجيل القدّيس متّى 12-1:7    
 
    إنجيل القدّيس متّى 12-1:7
 
قالَ الربُّ يَسوعُ: «لا تَدِينُوا لِئَلاَّ تُدَانُوا.
فَبِمَا تَدِينُونَ تُدَانُون، وبِمَا تَكِيلُونَ يُكَالُ لَكُم.
مَا بَالُكَ تَنْظُرُ إِلى القَشَّةِ في عَيْنِ أَخيك، ولا تُبَالي بِالخَشَبةِ في عَيْنِكَ؟
بَلْ كَيْفَ تَقُولُ لأَخِيك: دَعْني أُخْرِجُ القَشَّةَ مِنْ عَيْنِكَ، وهَا هِي الخَشَبَةُ في عَيْنِكَ أَنْتَ؟
يا مُرائِي، أَخْرِجِ الخَشَبَةَ أَوَّلاً مِنْ عَيْنِكَ، وعِنْدَئِذٍ تُبْصِرُ جَيِّدًا فَتُخْرِجُ القَشَّةَ مِنْ عَيْنِ أَخِيك.
لا تُعْطُوا المُقَدَّسَاتِ لِلْكِلاب. ولا تَطْرَحُوا جَواهِرَكُم أَمَامَ الخَنَازِير، لِئَلاَّ تَدُوسَهَا بِأَرْجُلِها، وتَرْتَدَّ عَلَيْكُم فَتُمَزِّقَكُم.
إِسْأَلُوا تُعْطَوا، أُطْلُبُوا تَجِدُوا، إِقْرَعُوا يُفْتَحْ لَكُم.
فَمَنْ يَسْأَلْ يَنَلْ، ومَن يَطْلُبْ يَجِدْ، ومَنْ يَقْرَعْ يُفْتَحْ لَهُ.
أَيُّ إِنْسَانٍ مِنْكُم يَسْأَلُهُ ٱبْنُهُ خُبْزًا فَيُعْطِيهِ حَجَرًا؟
أَو يَسْأَلُهُ سَمَكَةً فَيُعْطِيهِ حَيَّة؟
فَإِذَا كُنْتُم، أَنْتُمُ الأَشْرَار، تَعْرِفُونَ أَنْ تُعْطُوا أَوْلادَكُم عَطايا صَالِحَة، فَكَمْ بِالأَحْرَى أَبُوكُمُ الَّذي في السَّمَاواتِ يَمْنَحُ الصَّالِحَاتِ لِلَّذينَ يَسْأَلُونَهُ؟
فَكُلُّ مَا تُريدُونَ أَنْ يَفْعَلَهُ النَّاسُ لَكُم، إِفْعَلُوهُ لَهُم أَنْتُم أَيْضًا. هذِهِ هِيَ التَّوْرَاةُ والأَنْبِيَاء.

 

«وَٱلخَشَبَةُ ٱلَّتي في عَينِكَ، أَفَلا تَأبَهُ لَها؟»
كتاب الاقتداء بالمسيح من القرن الخامس عشر،
الجزء الثّاني، الفصلين 2 + 3

 

إذا اتّضع الإنسان بسبب نقائصه، هان عليه تهدئة الآخرين واسترضاء الساخطين عليه.
إنّ الله يحمي المتواضع وينقذه، يحبّ المتواضع ويعزّيه. للمتواضع ينعطف، وللمتواضع يجزل النعمة، وبعد خفضه يرفعه إلى المجد.
يكشف الله أسراره للمتواضع، ويدعوه إليه ويجذبه بعذوبة.
فالمتواضع، وإن لحق به الخزي، يستمرّ في السلام لأنّه بالله معتصم لا بالدنيا...
اِحفظ نفسك أوّلاً في سلام، وحينئذ تستطيع أن تبثّ السلام في الآخرين.
إنّ الإنسان المسالم أكثر نفعًا من العلَّامة.
الإنسان المشغوف يحوّل الخير نفسه شرًّا، ويصدّق الشرّ بسهولة.
أمّا الإنسان الصالح المسالم، فيحوّل كلّ شيء إلى الخير.
من كان مفعمًا بالسلام، لا يسيء الظنّ بأحد.
أمّا الّذي في الكدر والقلق، فإنّه مضطرب بمختلف الظنون؛ فلا هو في راحة ولا يدع الآخرين في راحة. يتكلّم غالبًا عمّا لا ينبغي التكلّم عنه، ويهمل ما كان الأجدر به أن يفعله.
يراقب ما يجب على الآخرين فعله، ويغفل ما يجب عليه هو أن يفعل.
لتكن غيرتك أوّلاً على نفسك، وحينئذٍ تحقّ لك الغيرة على قريبك.
 
 
4.2.4-    الأربعاء الثاني من الصوم الكبير     -     إنجيل القدّيس متّى 45-38:12    
 
    إنجيل القدّيس متّى 45-38:12 
 

أَجَابَ بَعْضُ الكَتَبَةِ والفَرِّيِسِيِّينَ يَسوعَ قَائِلين: «يَا مُعَلِّم، نُرِيدُ أَنْ نَرَى مِنْكَ آيَة».

فَأَجَابَ وقَالَ لَهُم: «جِيْلٌ شِرِّيرٌ فَاجِرٌ يَطْلُبُ آيَة، ولَنْ يُعْطَى آيَةً إِلاَّ آيَةَ يُونَانَ النَّبِيّ.

فكَمَا كَانَ يُونَانُ في بَطْنِ الحُوتِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وثَلاثَ لَيَال، كَذلِكَ سَيَكُونُ ٱبْنُ الإِنْسَانِ في قَلْبِ الأَرْضِ ثَلاثةَ أَيَّامٍ وثَلاثَ لَيَال.

رِجَالُ نِينَوَى سَيَقُومُونَ في الدَّيْنُونَةِ مَعَ هذَا الجِيلِ ويَدِينُونَهُ، لأَنَّهُم تَابُوا بِإِنْذَارِ يُونَان، وهَا هُنَا أَعْظَمُ مِنْ يُونَان!

مَلِكَةُ الجَنُوبِ سَتَقُومُ في الدَّيْنُونَةِ مَعَ هذَا الجِيلِ وتَدِينُهُ، لأَنَّهَا جَاءَتْ مِنْ أَقَاصِي الأَرضِ لِتَسْمَعَ حِكْمَةَ سُلَيْمَان، وهَا هُنَا أَعْظَمُ مِنْ سُلَيْمَان!

إِنَّ الرُّوحَ النَّجِس، إِذَا خَرَجَ مِنَ الإِنْسَان، يَطُوفُ في أَمَاكِنَ لا مَاءَ فيهَا، يَطْلُبُ الرَّاحَةَ فلا يَجِدُهَا.

حينَئِذٍ يَقُول: سَأَعُودُ إِلى بَيْتِي الَّذي خَرَجْتُ مِنْهُ. ويَعُودُ فَيَجِدُهُ خَالِيًا، مَكْنُوسًا، مُزَيَّنًا.

حينَئِذٍ يَذْهَبُ ويَجْلُبُ مَعَهُ سَبْعَةَ أَرْوَاحٍ آخَرِينَ أَكْثَرَ مِنْهُ شَرًّا، ويَدْخُلُونَ ويَسْكُنُونَ في ذلِكَ الإِنْسَان، فَتَكُونُ حَالَتُهُ الأَخِيْرَةُ أَسْوَأَ مِنْ حَالَتِهِ الأُولى. هكَذَا سَيَكُونُ أَيْضًا لِهذَا الجِيلِ الشِّرِّير!».


 

«وهَهُنا أَعظَمُ مِن سُلَيمان!»
روبير من دوتز (نحو 1075 - 1130)، راهب بِنِدِكتيّ،
عن الثالوث الأقدس وأعماله



"أمّا النبي ناثان، فبعد أن تشاور مع بَثْشَابَعُ، دخل معها ودافعا سويًّا عن مشروعهما أمام الشيخ، أمام الملك الحكيم داود الذي تقدّم في الأيّام" (راجع 1مل 1). وبهذه الطريقة مُسح سليمان ملكًا وٱسمه يعني "الربّ المسالم". وَصَعِدَ جَمِيعُ الشَّعْبِ وَرَاءَهُ. وَكَانَ الشَّعْبُ يَضْرِبُونَ بِالنَّايِ وَيَفْرَحُونَ فَرَحًا عَظِيمًا حَتَّى انْشَقَّتِ الأَرْضُ مِنْ أَصْوَاتِهِمْ لأن الملك أعلن "وَإِيَّاهُ قَدْ أَوْصَيْتُ أَنْ يَكُونَ رَئِيسًا عَلَى إِسْرَائِيلَ وَيَهُوذَا" (راجع 1مل1: 35 و40). إنّ عمليّة مسح سليمان ملكًا هي من دون أدنى شكّ صورة مسبقة عن السرّ الذي أعلنه دانيال: "فجَلَسَ أَهلُ القَضاء وفُتِحَت أَسْفار. كنتُ أَنظر في رُؤيايَ لَيلاً فإِذا بِمِثلِ آبنِ إِنسان آتٍ على غَمامِ السَّماء فبَلَغَ إِلى قَديمِ الأَيَّام وقُرِّبَ إِلى أَمامِه. وأُوتِيَ سُلْطاناً ومَجداً ومُلكاً" (دا 7: 10–14).

وبالتالي، فإنّ مبادرة نبيّ أدّت إلى مسح سليمان ملكًا، كما أنّ الرّب يسوع المسيح، ٱبن الله، إذ حقّق جميع النبوءات بمعناها الرُّوحي، عُرِف كملك مسالم، ملك مجد الآب، الذي يجذب الجميع إليه. مُسِح سليمان ملكًا في حياة والده، كما أنّ الرّب يسوع المسيح أُعلِن ملكًا من قبل الله الآب الذي لا يموت. نعم، جعله قطعًا ملكًا، "وَارِثًا لِكُلِّ شَيْءٍ" (عب 1: 2)، ذاك الذي لا يموت ولن يموت. ولكن ما هو مذهل وفريد أنّ الرّب يسوع المسيح، وارث الآب الحيّ أبدًا والذي يجب ألاّ يموت قد ذاق الموت، مرّة واحدة وإلى الأبد؛ ثمّ عاد إلى الحياة ولن يذوق الموت بعد أبدًا.

ها أنّ "سُلَيْمَانَ ركب عَلَى بَغْلَةِ الْمَلِكِ دَاوُدَ" (راجع 1مل1: 38). أمّا الرَبّ يسوع، فقد جلس على عرش أبيه، أي على الكنيسة جمعاء... "فَوقَ كُلِّ صاحِبِ رِئاسَةٍ وَسُلطانٍ وَقُوَّةٍ وَسِيادَة، وَفَوقَ كُلِّ ٱسمٍ يُسَمّى بِهِ مَخلوق، لا في هَذا ٱلدَّهرِ فَقَط، بَل في ٱلدَّهرِ ٱلآتي أَيضًا" (أف 1: 21)، "جَلَسَ عَن يَمينِ ذي ٱلجَّلالِ في ٱلعُلى" (عب 1: 3). لذا، صعدت الجموع وراءه، شعب يغّني ويفرح، وقد انشقت الأرض من أصواتهم. ونحن أيضًا سمعنا الفرح الكبير لأولئك الذين أعلنوا هذا المجد، فرح الرسل الذين ابْتَدَأُوا يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ أُخْرَى (راجع أع 2)، و "في الأرضِ كُلِّها سُطورٌ بارِزة وكَلماتٌ إِلى أَقاصي الدُّنْيا بَيِّنة" (مز19[18]: 5).

 
 
4.2.5-    الخميس الثاني من الصوم الكبير     -     إنجيل القدّيس لوقا 15-4:8    
 
    إنجيل القدّيس لوقا 15-4:8
 
لَمَّا ٱحْتَشَدَ جَمْعٌ كَثِير، وَأَقْبَلَ النَّاسُ إِلَى يَسُوعَ مِنْ كُلِّ مَدِينَة، خَاطَبَهُم بِمَثَل:
«خَرَجَ الزَّارِعُ لِيَزْرَعَ زَرْعَهُ. وَفيمَا هُوَ يَزْرَع، وَقَعَ بَعْضُ الحَبِّ على جَانِبِ الطَّرِيق، فَدَاسَتْهُ الأَقْدَام، وَأَكَلَتْهُ طُيُورُ السَّمَاء.
وَوَقَعَ بَعْضُهُ الآخَرُ عَلى الصَّخْرَة، وَمَا إِنْ نَبَتَ حَتَّى يَبِسَ، لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ رُطُوبَة.
وَوَقَعَ بَعْضُهُ الآخَرُ في وَسَطِ الشَّوْك، وَنَبَتَ الشَّوكُ مَعَهُ فَخَنَقَهُ.
وَوَقَعَ بَعْضُهُ الآخَرُ في الأَرْضِ الصَّالِحَة، وَنَبَتَ فَأَثْمَرَ مِئَةَ ضِعْف. قالَ يَسُوعُ هذَا، وَنَادَى: «مَنْ لَهُ أُذُنَانِ سَامِعَتَانِ فَلْيَسْمَعْ!».»
وَسَأَلَهُ تَلامِيذُهُ: «مَا تُراهُ يَعْنِي هذَا المَثَل؟».
فَقَال: «قَدْ أُعْطِيَ لَكُم أَنْتُم أَنْ تَعْرِفُوا أَسْرارَ مَلَكُوتِ الله. أَمَّا البَاقُونَ فَأُكلِّمُهُم باِلأَمْثَال، لِكَي يَنْظُرُوا فَلا يُبْصِرُوا، وَيَسْمَعُوا فَلا يَفْهَمُوا.
وَهذَا هُوَ مَعْنَى المَثَل: أَلزَّرْعُ هُوِ كَلِمَةُ الله.
والَّذِينَ عَلى جَانِبِ الطَّريقِ هُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُون، ثُمَّ يَأْتي إِبْلِيسُ فَيَنْتَزِعُ الكَلِمَةَ مِنْ قُلوبِهِم، لِئَلاَّ يُؤْمِنُوا فَيَخْلُصُوا.
والَّذِينَ عَلى الصَّخْرةِ هُمُ الَّذينَ يَسْمَعُونَ الكَلِمَةَ وَيَقْبَلُونَهَا بِفَرَح؛ هؤُلاءِ لا أَصْلَ لَهُم، فَهُم يُؤْمِنُونَ إِلى حِين، وفي وَقْتِ التَّجْرِبَةِ يَتَرَاجَعُون.
والَّذِي وَقَعَ في الشَّوكِ هُمُ الَّذينَ يَسْمَعُونَ وَيَمْضُون، فَتَخْنُقُهُمُ الهُمُومُ والغِنَى وَمَلَذَّاتُ الحَيَاة، فَلا يَنْضَجُ لَهُم ثَمَر.
أَمَّا الَّذِي وَقَعَ في الأَرْضِ الجَيِّدَةِ فَهُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ الكَلِمَةَ بِقَلْبٍ جَيِّدٍ صَالِحٍ فَيَحْفَظُونَها، وَيَثبُتُونَ فَيُثْمِرُون.

«خَرَجَ الزَّارعُ لِيَزرَعَ زَرْعَه»
القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم (نحو 345 - 407)، بطريرك أنطاكية ثمّ القسطنطينيّة وملفان الكنيسة،
عظة

 

أنا لم أُقنِعْ من يسمعني اليوم، غير أنّني قد أُقنِعُه غدًا، أو ربّما بعد يومين أو ثلاثة أو بعد زمن. فالصّياد الذي رمى شباكه دون جدوى في البحر يومًا كاملاً، يصطادُ أحيانًا في المساء السّمكة التي لم يتمكّن من صيدها طوال النهار. والمزارع لا يتوقّف عن حراثة أرضه، حتّى لو لم تأتِ حصادًا جيّدًا لسنواتٍ عديدة. لكن في النهاية، غالبًا ما تُصلِح سنةُ حصادٍ واحدةٍ، كلّ الخسائر السابقة.
لا يَطلبُ الله منّا أن نَنجحَ، بل أن نَعملَ؛ وسيُكافَأُ عملنا، حتّى لو لم يُصغِ إلينا أحد... كان الرّب يسوع يعلمُ بأنّ يهوذا لن يتوبَ، ولكنّه بقيَ حتّى النهاية يحاول أن يُهديه، مُؤنِّبًا إيّاه على خطيئته بعبارات مؤثّرة: "يا صديقي، افعَلْ ما جِئتَ له" (متّ 26: 50). إذًا، إن كان الرّب يسوع المسيح، وهو مثال الرُّعاة، قد عَملَ حتّى النهاية على إهداء إنسان ميؤوس منه، فماذا يجب أن نعملَ بدورنا من أجل أولئك الذين يفترض بنا ألاّ نفقد الأمل من احتمال توبتهم؟
 
 
4.2.6-    يوم الجمعة الثاني  من الصوم الكبير     -     إنجيل القدّيس متّى 35-23:18    
 
    إنجيل القدّيس متّى 35-23:18 
 
قالَ الرَبُّ يَسوع: «يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ مَلِكًا أَرَادَ أَنْ يُحَاسِبَ عَبِيدَهُ.
وبَدَأَ يُحَاسِبُهُم، فَأُحْضِرَ إِلَيْهِ وَاحِدٌ مَدْيُونٌ لَهُ بِسِتِّينَ مَلْيُونَ دِيْنَار.
وإِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يُوفِي بِهِ دَيْنَهُ، أَمَرَ سَيِّدُهُ بِأَنْ يُبَاعَ هُوَ وزَوْجَتُهُ وأَوْلادُهُ وكُلُّ مَا يَمْلِكُ لِيُوفِيَ الدَّيْن.
فَوَقَعَ ذلِكَ العَبْدُ سَاجِدًا لَهُ وقَال: أَمْهِلْنِي، يَا سَيِّدِي، وأَنَا أُوفِيكَ الدَّيْنَ كُلَّهُ.
فَتَحَنَّنَ سَيِّدُ ذلِكَ العَبْدِ وأَطْلَقَهُ وأَعْفَاهُ مِنَ الدَّيْن.
وخَرَجَ ذلِكَ العَبْدُ فَوَجَدَ وَاحِدًا مِنْ رِفَاقِهِ مَدْيُونًا لَهُ بِمِئَةِ دِيْنَار، فَقَبَضَ عَلَيْهِ وأَخَذَ يَخْنُقُهُ قَائِلاً: أَوْفِنِي كُلَّ مَا لِي عَلَيْك.
فَوَقَعَ رَفِيْقُهُ عَلى رِجْلَيْهِ يَتَوَسَّلُ إِليْهِ ويَقُول: أَمْهِلْنِي، وأَنَا أُوفِيْك.
فَأَبَى ومَضَى بِهِ وطَرَحَهُ في السِّجْن، حَتَّى يُوفِيَ دَيْنَهُ.
ورَأَى رِفَاقُهُ مَا جَرَى فَحَزِنُوا حُزْنًا شَدِيْدًا، وذَهَبُوا فَأَخْبَرُوا سَيِّدَهُم بِكُلِّ مَا جَرى.
حِينَئِذٍ دَعَاهُ سَيِّدُهُ وقَالَ لَهُ: أَيُّهَا العَبْدُ الشِّرِّير، لَقَدْ أَعْفَيْتُكَ مِنْ كُلِّ ذلِكَ الدَّيْن، لأَنَّكَ تَوَسَّلْتَ إِليَّ.
أَمَا كَانَ عَلَيْكَ أَنْتَ أَيْضًا أَنْ تَرْحَمَ رَفيقَكَ كَمَا رَحِمْتُكَ أَنا؟!
وغَضِبَ سَيِّدُهُ فَسَلَّمَهُ إِلى الجَلاَّدين، حَتَّى يُوفِيَ كُلَّ مَا عَلَيْه.
هكَذَا يَفْعَلُ بِكُم أَيْضًا أَبي السَّمَاوِيّ، إِنْ لَمْ تَغْفِرُوا، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُم لأَخِيْه، مِنْ كُلِّ قُلُوبِكُم».

 

«أَفما كانَ يجِبُ عليكَ أَنتَ أَيضاً أَن تَرحَمَ صاحِبَكَ كما رحِمتُكَ أَنا؟»
القدّيس قيصاريوس (٤٧٠ - ٥٤٣)، راهب وأسقف آرل،
العظة رقم 25

 

ما هي الرحمة البشريّة؟ هي بشكل خاص الاهتمام بشقاء الفقراء وبؤسهم. وما هي الرحمة الإلهيّة؟ هي من دون شكّ غفران الخطايا...
إنّ الله هو الذي يعاني في هذا العالم من البرد والجوع اللذين يطالان جميع الفقراء، وهذا ما قاله بنفسه (راجع مت 25: 40)... إذًا، أيّ نوع من الناس نحن الذين نريد التلقّي حين يعطي الله؛ وعندما يطلب منّا الله، نأبى أن نعطي بدورنا؟ عندما يجوع الفقير، يكون الرّب يسوع نفسه في العوز، كما قال لنا: "لأِنِّي جُعتُ فَما أَطعَمتُموني" (مت 25: 42). لا تحتقر إذًا شقاء الفقراء وبؤسهم إن كنتَ ترجو بثقة غفران خطاياك... ما يناله الله على الأرض، يعيده لك في السماوات.
إنّي أسألكم، يا إخوتي، عندما تأتون إلى الكنيسة، ما الذي تريدونه وما الذي تبحثون عنه سوى الرحمة؟ امنحوا رحمة الأرض وستنالون رحمة السماوات. الفقير يسألك وأنت تسأل الله: الفقير يطلب لقمة خبز وأنت تطلب الحياة الأبديّة... لذلك، عندما تأتون إلى الكنيسة، قدّموا الصدقة إلى الفقراء بحسب مواردكم.
 
 
4.2.7-    السبت الثاني من الصوم الكبير     -     إنجيل القدّيس مرقس 25-19:11    
 
    إنجيل القدّيس مرقس 25-19:11 
 
لَمَّا حَلَّ المَسَاء، خَرَجَ يَسُوعُ وتَلامِيذُه مِنَ المَدِينَة.
وفي الصَّبَاح، بَيْنَمَا هُم عَابِرُون، رَأَوا التِّيْنَةَ يَابِسَةً مِنْ جُذُورِهَا.
فتَذَكَّرَ بُطْرُسُ وقَالَ لَهُ: «رَابِّي، أُنْظُرْ، إِنَّ التِّيْنَةَ الَّتي لَعَنْتَهَا قَدْ يَبِسَتْ!».
فأَجَابَ يَسُوعُ وقَالَ لَهُم: «آمِنُوا بِٱلله!
أَلحَقَّ أَقُولُ لَكُم: مَنْ قَالَ لِهذا الجَبَل: إِنْقَلِعْ وَٱهْبِطْ في البَحْر، وهُوَ لا يَشُكُّ في قَلْبِهِ، بَلْ يُؤْمِنُ أَنَّ ما قَالَهُ سَيَكُون، يَكُونُ لهُ ذلِكَ.
لِهذَا أَقُولُ لَكُم: كُلُّ مَا تَسْأَلُونَهُ في الصَّلاة، آمِنُوا أَنَّكُم نِلْتُمُوهُ، فَيَكُونَ لَكُم.
وإِذَا قُمْتُم لِلصَّلاة، وكَانَ لَكُم عَلى أَحَدٍ شَيء، فَٱغْفِرُوا لَهُ لِكَي يَغْفِرَ لَكُم أَيْضًا أَبُوكُمُ الَّذي في السَّمَاواتِ زَلاَّتِكُم».

 

«فأَجابَهم يسوع: آمِنوا بِالله» (مر 11: 22)
القدّيس كيرِلُّس (313 - 350)، بطريرك أورشليم وملفان الكنيسة،
تعاليم مسيحيّة عماديّة، الرقم 5

 

إن كان الأمر يتعلّق بدراسة الإيمان أو بالاعتراف به، اكتسبْ واحفظْ فقط الإيمان الذي تنقله إليك الكنيسة اليوم، الإيمان الذي يرتكز على الكتاب المقدّس كلّه. لا يستطيع الجميع قراءة الكتاب المقدّس؛ البعض بسبب جهلهم، والبعض الآخر لأن انشغالاتهم تبعدهم عن المعرفة. لئلا يؤدّي هذا الجهل إلى موت النفس، نحن نختزن في هذه الآيات القليلة من قانون الإيمان كلّ تعليم الإيمان...
الإيمان الذي سمعتَ نصّه للتو، أبقِه في ذاكرتك. تلقَّ أيضًا، حين يحين الوقت، على كلّ واحد من فقراته، شهادة الكتابات الإلهيّة. لأنّ نزوة البشر لم تؤلّف هذا الملخّص عن لإيمان؛ لقد تمّ اختيار النقاط الأهمّ في الكتاب المقدّس كلّه، لتلخيص الإيمان كلّه. وكما أنّ حبّة الخردل الصغيرة تختزن أغصانًا عديدة (مت 13: 32)، هكذا يتضمّن هذا الرمز للإيمان، بكلمات قليلة، كلّ حكمة التقوى التي يتضمّنها العهد القديم والعهد الجديد.
انتبهوا إذًا، يا إخوتي، حافظوا على التعليم الذي تتلقّونه الآن، و"اكتبوه على ألواح قلوبكم" (2كور 3: 3)... كما قال بولس الرسول: "وأُوْصيكَ، في حَضرَةِ اللّهِ الَّذي يُحيِي كُلَّ شَيء وفي حَضرَةِ المسيحِ يسوعَ الَّذي شَهِدَ شَهادةً حَسَنَةً في عَهْدِ بُنطِيوس بيلاطُس، أَن تَحفَظَ هذه الوَصِيَّةَ وأنتَ بَريءٌ مِنَ العَيبِ واللَّوم إِلى أَن يَظهَرَ رَبُّنا يسوعُ المسيح" (1تم 6: 13-14).
 
 
4.3.1-    الأحد الثالث من الصوم الكبير : أحد شفاء النازفة     -     إنجيل القدّيس لوقا 56-40:8    
 
    إنجيل القدّيس لوقا 56-40:8 
 
لَمَّا عَادَ يَسُوع، ٱسْتَقْبَلَهُ الجَمْع، لأَنَّهُم جَميعَهُم كَانُوا يَنْتَظِرُونَهُ.
وَإِذَا بِرَجُلٍ ٱسْمُهُ يَائِيرُس، وكَانَ رَئِيسَ المَجْمَع، جَاءَ فٱرْتَمَى عَلَى قَدَمَي يَسُوع، وَأَخَذَ يَتَوَسَّلُ إِلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَهُ،
لأَنَّ لَهُ ٱبْنَةً وَحِيدَة، عُمْرُها نُحْوُ ٱثْنَتَي عَشْرَةَ سَنَة، قَدْ أَشْرَفَتْ عَلَى المَوْت. وفِيمَا هُوَ ذَاهِب، كانَ الجُمُوعُ يَزْحَمُونَهُ.
وَكانَتِ ٱمْرَأَةٌ مُصَابَةٌ بِنَزْفِ دَمٍ مُنْذُ ٱثْنَتَي عَشْرَةَ سَنَة، وَلَمْ يَقْدِرْ أَحَدٌ أَنْ يَشْفِيَهَا.
دَنَتْ مِنْ وَرَاءِ يَسُوع، وَلَمَسَتْ طَرَفَ رِدَائِهِ، وَفَجأَةً وَقَفَ نَزْفُ دَمِهَا.
فَقَالَ يَسُوع: «مَنْ لَمَسَنِي؟». وَأَنْكَرَ الجَمِيع. فَقَالَ بُطْرُسُ وَمَنْ مَعَهُ: «يا مُعَلِّم، إِنَّ الجُمُوعَ يَزْحَمُونَكَ وَيُضَايِقُونَكَ!».
فَقَالَ يَسُوع: «إِنَّ واحِدًا قَدْ لَمَسَنِي! فَإنِّي عَرَفْتُ أَنَّ قُوَّةً قَدْ خَرَجَتْ مِنِّي!».
وَرَأَتِ ٱلمَرْأَةُ أَنَّ أَمْرَها لَمْ يَخْفَ عَلَيه، فَدَنَتْ مُرْتَعِدَةً وٱرْتَمَتْ عَلَى قَدَمَيه، وَأَعْلَنَتْ أَمَامَ الشَّعْبِ كُلِّهِ لِماذَا لَمَسَتْهُ، وَكَيْفَ شُفِيَتْ لِلْحَال.
فَقَالَ لَهَا يَسُوع: «يا ٱبْنَتِي، إِيْمَانُكِ خَلَّصَكِ! إِذْهَبِي بِسَلام!».
وَفيمَا هُوَ يَتَكَلَّم، وَصَلَ وَاحِدٌ مِنْ دَارِ رَئِيسِ المَجْمَعِ يَقُول: «مَاتَتِ ٱبْنَتُكَ! فَلا تُزْعِجِ المُعَلِّم!».
وَسَمِعَ يَسوعُ فَأَجَابَهُ: «لا تَخَفْ! يَكْفي أَنْ تُؤْمِنَ فَتَحْيا ٱبْنَتُكَ!».
وَلَمَّا وَصَلَ إِلى البَيْت، لَمْ يَدَعْ أَحَدًا يَدْخُلُ مَعَهُ سِوَى بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا وَيَعْقُوبَ وَأَبي الصَّبِيَّةِ وأُمِّهَا.
وكَانَ الجَمِيعُ يَبْكُونَ عَلَيْها وَيَقْرَعُونَ صُدُورَهُم. فَقَال: «لا تَبْكُوا! إِنَّهَا لَمْ تَمُتْ. لكِنَّهَا نَائِمَة!».
فَأَخَذُوا يَضْحَكُونَ مِنْهُ لِعِلْمِهِم بِأَنَّها مَاتَتْ.
أَمَّا هُوَ فَأَمْسَكَ بِيَدِها وَنَادَى قاَئِلاً: «أَيَّتُهَا الصَّبِيَّة، قُومِي!».
فَعَادَتْ رُوحُهَا إِلَيْهَا، وَفَجْأَةً نَهَضَتْ. ثُمَّ أَمَرَ بِأَنْ يُطْعِمُوهَا.
فَدَهِشَ أَبَوَاها، وَأَوْصَاهُمَا يَسُوعُ أَلاَّ يُخْبِرَا أَحَدًا بِمَا حَدَث.

 

«يا ابنَتي، إِيمانُكِ خلَّصَكِ، فاذهَبي بِسَلام»
الطوباويّ شارل دو فوكو (1858 - 1916)، ناسك ومُبشِّر في الصحراء،
خلوة في مدينة الناصرة سنة 1897



إنّ الإيمان هو ما يجعلنا نصدّق في أعماق نَفسِنا... جميع الحقائق الّتي يعلّمنا إيّاها الدين، وبالتالي مضمون الكتاب المقدّس وتعاليم الإنجيل كلّها، وأخيرًا كلّ ما تعرضه علينا الكنيسة. لأن البارّ يحيا حقيقةً بهذا الإيمان (راجع رو 1: 17)، فهو يحلّ مكان أغلبيّة حواسّه الطبيعيّة. وهو يبدّل كلّ الأشياء لدرجة تكاد تعجز فيها الحواسّ القديمة عن مساعدة النفس، فهي لا ترى من خلال هذه الحواسّ سوى المظاهر الخدّاعة، في حين أنّ الإيمان يُريها الحقائق.
فالعين تُريها فقيرًا، والإيمان يُريها الرّب يسوع (راجع مت 25: 40). والأُذُن تُسمِعها الشتائم والاضطّهادات، في حين يرنّم لها الإيمان: " اِفَرحوا وابْتَهِجوا" (مت 5: 12). وحاسّة اللمس تجعلنا نشعر بضربات الحجارة التي نتلقّاها، بينما الإيمان يقول لنا: "افرحوا لأنّكم حُسِبتُم مُسْتَأْهِلِينَ أَنْ تتألّموا من أجل اسم الرّب يسوع المسيح" (راجع أع 5: 41). وحاسّة الذوق تجعلنا نشتمّ البخور، أمّا الإيمان فيقول لنا إنّ البخور الحقيقيّ هو "صَلَوَات الْقِدِّيسِين" (رؤ 8: 4).
إنّ الحواسّ تُغرينا بالجمالات المخلوقة، والإيمان ينظُر إلى الجمال غير المخلوق ويشعُر بالشفقة تجاه جميع المخلوقات التي ليست سوى عَدمًا وغُبارًا أمام هذا الجمال. إنّ الحواسّ تكره الألم، لكنّ الإيمان يباركه كتاج الزواج الّذي يربطه بحبيبه، كمشية العروس مع عروسها، يدُها في يدِه الإلهيّة. والحواسّ تنتفض ضدّ الإهانة، بينما الإيمان يُباركها: "بَارِكُوا لاَعِنِيكُم" (لو 6: 28)...؛ ويجدها عذبةً لأنّها تعني مشاركة الرّب يسوع مصيرَهُ... والحواسّ فضوليّة، لكنّ الإيمان لا يريد أن يَعرِف شيئًا: فبِهِ عَطَشٌ إلى دفن ذاته ويرغب في أن يُمضي حياتَه كلّها ساكنًا أمام بيت القربان.
 
 
4.3.2-    الاثنين الثالث من الصوم الكبير     -     إنجيل القدّيس يوحنّا 27-21:8    
 
    إنجيل القدّيس يوحنّا 27-21:8 
 
قالَ الرَبُّ يَسُوع (للكتبة والفرّيسيّين): «أَنَا أَمْضِي، وتَطْلُبُونِي وتَمُوتُونَ في خَطِيئَتِكُم. حَيْثُ أَنَا أَمْضِي لا تَقْدِرُونَ أَنْتُم أَنْ تَأْتُوا».
فَأَخَذَ اليَهُودُ يَقُولُون: «أَتُراهُ يَقْتُلُ نَفْسَهُ؟ فَإِنَّهُ يَقُول: حَيْثُ أَنَا أَمْضِي لا تَقْدِرُونَ أَنْتُم أَنْ تَأْتُوا!».
ثُمَّ قَالَ لَهُم: «أَنْتُم مِنْ أَسْفَل، وأَنَا مِنْ فَوْق. أَنْتُم مِنْ هذَا العَالَم، وأَنَا لَسْتُ مِنْ هذَا العَالَم.
لِذلِكَ قُلْتُ لَكُم: سَتَمُوتُونَ في خَطَايَاكُم. أَجَل، إِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا أَنِّي أَنَا هُوَ تَمُوتُوا فِي خَطَايَاكُم».
فَقَالُوا لَهُ: «أَنْتَ، مَنْ أَنْت؟». قَالَ لَهُم يَسُوع: «أَنَا هُوَ مَا أَقُولُهُ لَكُم مُنْذُ البَدء.
لِي كَلامٌ كَثِيرٌ أَقُولُهُ فِيكُم وأَدِينُكُم. لكِنَّ الَّذي أَرْسَلَنِي صَادِق. ومَا سَمِعْتُهُ أَنَا مِنْهُ، فَهذَا أَقُولُهُ لِلْعَالَم».
ولَمْ يَعْرِفُوا أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُهُم عَنِ الآب.

 

«عِنْدَمَا تَرْفَعُونَ ٱبْنَ الإِنْسَان، تَعْرِفُونَ حِينَئِذٍ أَنِّي أَنَا هُوَ»
القدّيس مكسيمُس الطورينيّ (؟ - نحو 420)، أسقف،
العظة 57

 

لقد صُلِب المسيح ربّنا لإنقاذ الجنس البشري من طوفان هذا العالم... في العهد القديم، صنع موسى حيّة من نحاس وجعلها على سارية؛ وطلب من الشعب أن يرجو االشفاء عند رؤية هذه العلامة (راجع عد 21: 6). كانت هذه الحيّة النحاسيّة بمثابة علاج قوي جدًا ضدّ لذع الحيّات الأخرى، إلى حدّ أن كلّ لذيع كان يطلب بإيمان فينال الشفاء فورًا عند توجيه نظره إلى الحيّة النحاسيّة على السارية. لم يتردّد الربّ في التذكير بهذه الحادثة في الإنجيل حين قال: "وكما رَفَعَ مُوسى الحَيَّةَ في البَرِّيَّة فكذلِكَ يَجِبُ أَن يُرفَعَ ابنُ الإِنسان" (يو 3: 14)...
إذًا، كانت الحيّة أوّل من صُلِب على يد موسى. وهذا عدل، لأنّ الشيطان كان أوّل من خطئ تحت ناظريّ الربّ (راجع تك 3)... عُلِّق على سارية، وهذا عدل، لأنّ الإنسان خُدِع بواسطة شجرة الرغبة؛ من الآن فصاعدًا، سيتمّ إنقاذه بواسطة سارية مأخوذة من شجرة أخرى... بعد الحيّة، صُلِب الإنسان بشخص المخلِّص، وذلك بدون أدنى شكّ لمعاقبة ليس المسؤول عن الإثم فحسب، بل الإثم بحدّ ذاته. الصليب الأوّل انتقم من الحيّة، والصليب الثاني انتقم من السمّ...: السمّ الذي دسّته الحيّة في الإنسان من خلال الإقناع، تمّ رذل هذا السمّ والشفاء منه... هذا ما فعله الربّ من خلال طبيعته البشريّة: هو البريء، لكنّه يتألّم؛ به، تم تعديل العصيان الناتج عن خدعة الشيطان؛ وبعد تحرير الإنسان من إثمه، حُرِّر من الموت.
بما أنّ ربّنا هو يسوع الذي حرّرنا من خلال آلامه، فلنُبقِ عيوننا محدّقة إليه، ولنأمل دائمًا بإيجاد العلاج لجراحنا في هذه العلامة. إن انتشر سمّ البخل فينا، فلنحدّق إلى الصليب، فهو سيحرّرنا؛ إن خالجنا الشعور بالرغبة، هذا العقرب اللاذع، فلنتوسّل إلى الصليب، فهو سيشفينا؛ إن مزّقتنا لسعات الأفكار على هذه الأرض، فلنوجّه صلواتنا إلى الصليب وسنحيا. هذه هي الحيّات الروحيّة لنفوسنا: لنتمكّن من دوسها بأقدامنا، صُلِب الربّ. فهو قال لنا: "وها قَد أولَيتُكم سُلطاناً تَدوسونَ بِه الحَيَّاتِ والعَقارِب وكُلَّ قُوَّةٍ لِلعَدُوّ، ولَن يَضُرَّكُم شَيء".
 
 
4.3.3-    الثلاثاء الثالث من الصوم الكبير     -     إنجيل القدّيس متّى 12-1:23    
 
    إنجيل القدّيس متّى 12-1:23 
 
كَلَّمَ يَسُوعُ الجُمُوعَ وتَلامِيْذَهُ
قَائِلاً: «على كُرْسِيِّ مُوسَى جَلَسَ الكَتَبَةُ والفَرِّيسِيُّون.
فَٱعْمَلُوا بِكُلِّ مَا يَقُولُونَهُ لَكُم وٱحْفَظُوه، ولكِنْ مِثْلَ أَعْمَالِهِم لا تَعْمَلُوا. فَهُم يَقُولُونَ ولا يَعْمَلُون.
إِنَّهُم يَحْزِمُونَ أَحْمَالاً ثَقِيلَة، ويَضَعُونَها عَلى أَكْتَافِ النَّاس، وهُم لا يُرِيْدُون أَنْ يُحَرِّكُوهَا بِإِصْبَعِهِم.
وجَمِيْعُ أَعْمَالِهِم يَعْمَلُونَها لِيَرَاهُمُ النَّاس: يُعَرِّضُونَ عَصَائِبَهُم، ويُطَوِّلُونَ أَطْرَافَ ثِيَابِهِم،
ويُحِبُّونَ مَقَاعِدَ الشَّرَفِ في الوَلائِم، وصُدُورَ المَجَالِسِ في المَجَامِع،
والتَّحِيَّاتِ في السَّاحَات، وأَنْ يَدْعُوَهُمُ النَّاسُ : رَابِّي!
أَمَّا أَنْتُم فلا تَقْبَلُوا أَنْ يَدْعُوَكُم أَحَدٌ: رَابِّي! لأَنَّ مُعَلِّمَكُم وَاحِد، وَأَنْتُم جَمِيعُكُم إِخْوَة.
ولا تَدْعُوا لَكُم على الأَرْضِ أَبًا، لأَنَّ أَبَاكُم وَاحِد، وهُوَ الآبُ السَّمَاوِيّ.
ولا تَقْبَلُوا أَنْ يَدْعُوَكُم أَحَدٌ مُدَبِّرين، لأَنَّ مُدَبِّرَكُم وَاحِد، وهُوَ المَسِيح.
وَلْيَكُنِ الأَعْظَمُ بَينَكُم خَادِمًا لَكُم.
فَمَنْ يَرْفَعْ نَفْسَهُ يُوَاضَع، ومَنْ يُوَاضِعْ نَفْسَهُ يُرْفَع.

 

الحياة الجماعيّة: «أنتم جميعًا إخوة»
عظة منسوبة للقدّيس مقاريوس (؟ - 405)، راهب مصريّ،
العظة الثالثة

 

مهما فعل الأخوة، يجب أن يُظهِروا الرَّحمة والسعادة تجاه بعضهم البعض. إذًا، ذاك الذي يعمل سيقول عن ذاك الذي يصلّي: "إنّ كنز أخي هو كنزي أنا أيضًا، لأنّه مشترك بيننا". من جهته، ذاك الذي يصلّي سيقول عن ذاك الذي يقرأ: "كلّ ما يغنيه من قراءته، يغنيني أنا أيضًا". وذاك الذي يعمل سيقول أيضًا: "أنا أقوم بهذه الخدمة لمصلحة الجماعة".
إنّ الأعضاء المختلفة تشكّل جسدًا واحدًا، وهي تدعم بعضها البعض من خلال قيام كلّ عضو بمهمّته. فالعين ترى عن الجسد كلّه؛ واليد تعمل عن الأعضاء الأخرى؛ والقدم تحمل جميع الأعضاء خلال المشي؛ وعندما يعاني أحد الأعضاء، يعاني عضو آخر. هكذا يجب أن يتعامل الإخوة مع بعضهم البعض (راجع رو 12: 4-5). ذاك الذي يصلّي لن يلوم الآخر الذي يعمل لأنّه لا يصلّي... وذاك الذي يعمل لن يلوم ذاك الذي يصلّي. وذاك الذي يخدم لن يلوم الآخرين. بل بالعكس، كلّ واحد، أيًّا كان عمله، سيعمل لمجد الله (راجع 1كور 20: 31؛ 2كور 4:15).
لذا، يشكّل الوئام الكبير والانسجام الهادئ "رباط السلام" (راجع أف 4: 3)، الذي سيوحّد بينهم ويساعدهم على العيش بشفافيّة وببساطة تحت عين الله. المهمّ هو المثابرة على الصلاة. والمطلوب أمر واحد: كلّ واحد يجب أن يملك في قلبه ذاك الكنز الذي هو وجود الربّ الحيّ والروحيّ. كلّ شخص، إن كان يعمل او يصلّي أو يقرأ، يجب أن يملك في قلبه هذا الخير الخالد، ألا وهو الرُّوح القدس.
 
 
>4.3.4-    الأربعاء الثالث من الصوم الكبير     -     إنجيل القدّيس متّى 13-10:17    
 
    إنجيل القدّيس متّى 13-10:17 
 
سَأَلَ التَّلامِيذُ يَسُوعَ قَائِلِين: «لِمَاذَا يَقُولُ الكَتَبَةُ إِنَّهُ لا بُدَّ أَنْ يَأْتِيَ إِيلِيَّا أَوَّلاً؟».
فَأَجَابَ وقَال: «أَجَلْ، إِنَّ إِيلِيَّا آتٍ، وَسَيُصْلِحُ كُلَّ شَيء.
وأَقُولُ لَكُم: إِنَّ إِيلِيَّا قَدْ أَتَى، ولَمْ يَعْرِفُوه، بَلْ فَعَلُوا بِهِ كُلَّ مَا شَاؤُوا. وكَذلِكَ ٱبْنُ الإِنسَانِ مُزْمِعٌ أَنْ يَتَأَلَّمَ على أَيدِيهِم».
حينَئِذٍ فَهِمَ التَّلامِيذُ أَنَّهُ حَدَّثَهُم عَنْ يُوحَنَّا المَعْمَدَان.

 

إيليّا الجديد
القدّيس كيرِلُّس (313 - 350)، بطريرك أورشليم وملفان الكنيسة،
تعليم مسيحي للموعوظين، 3

 

لقد انتهى العهد القديم وأصبحتْ المعموديّة أيضًا بداية للعهد الجديد. وقد بشّر بها يوحنّا المعمدان الذي "لم يَظهرْ في أولادِ النساء أكبَرُ منه" (مت 11: 11). في الواقع، كان يوحنّا خاتمةَ الأنبياء، "فجَميعُ الأنبياء قد تَنَبّأوا، وكذلك الشريعة، حتّى يوحنّا" (مت 11: 13)؛ وقد افتَتَحَ عهد الإنجيل كما هو مكتوب: "بَدءُ بِشارَة يسوع المسيح... ظَهَرَ يوحنّا المعمدان في البريَّة، يُنادي بِمَعمودِيّةِ تَوبَةٍ لِغُفران الخطايا" (مر 1: 1–4).
أيمكن مقارنته بإيليّا الذي رُفع إلى السماء؟ لكنّه ليس أهمّ من يوحنّا المعمدان. أخنوخ أيضًا رُفِعَ إلى السماء، لكنّه ليس أعظم من يوحنّا المعمدان. كان موسى مُشرِّعًا عظيمًا في إسرائيل. كان جميع الأنبياء مدهشين، لكنّهم لم يكونوا أعظم من يوحنّا. لسنا هنا في وارد المقارنة بين الأنبياء؛ لكنّ معلِّمهم، ومعلِّمنا، الربّ يسوع نفسه أعلن: "لم يَظهرْ في أولادِ النساء أكبَرُ من يوحنّا المعمدان" (مت 11: 11). يمكن إجراء مقارنة بين كبير الخَدَم ومُعاونيه في الخدمة، غير أنّ عظمة الابن ونعمته لا تحتَمِلان أيّ مقارنة مع الخَدَم.
إذًا، أرأيت أيّ رجل اختارَه الله ليكون أوّل مَن تَحلُّ عليه هذه النعمة؟ لقد اختارَ رجلاً فقيرًا، وصديقًا للبريّة، لكن دون أن يكون عدوًّا للبشر. فمن خلال أكل الجراد، كان يعطي أجنحة لنفسه. ومن خلال تناول العسل، كان يتلفَّظ بكلمات حلوة ومفيدة أكثر من العسل. ومن خلال ارتداء ثوب من وبر الإبل، كان مثالاً للتفاني. ذاكَ لأنّه منذ أن كان في أحشاء والدته، حلَّ عليه الرُّوح القدس وقدّسَه (راجع لو 1: 15). كذلك حلَّ الرُّوح القدس على إرميا، لكنّه لم يَتَنبّأ حين كان في أحشاء أمّه. يوحنّا المعمدان وحده ارتكض فرحًا في أحشاء أمّه. بفعل الرُّوح القدس، وقبل أن يراهُ بعينيه البشريّتين، تعرّفَ إلى المعلِّم. فإنّ عظمة نعمة المعموديّة كانت تَستَوجب رجلاً عظيمًا.
 
 
4.3.5-    الخميس الثالث من الصوم الكبير     -     إنجيل القدّيس لوقا 37-20:17    
 
    إنجيل القدّيس لوقا 37-20:17 
 
سَأَلَ الفَرِّيسيُّونَ يَسُوع: «مَتَى يَأْتِي مَلَكُوتُ الله؟». فَأَجَابَهُم وَقَال: «مَلكُوتُ اللهِ لا يَأْتِي بِالمُرَاقَبَة.
وَلَنْ يُقال: هَا هُوَ هُنا، أَوْ هُنَاك! فَهَا إِنَّ مَلَكُوتَ اللهِ في دَاخِلِكُم!».
وقَالَ لِلْتَلامِيذ: «سَتَأْتِي أَيَّامٌ تَشْتَهُونَ فِيها أَنْ تَرَوا يَوْمًا وَاحِدًا مِنْ أَيَّامِ ٱبْنِ الإِنْسَان، وَلَنْ تَرَوا.
وَسَيُقالُ لَكُم: هَا هُوَ هُنَاك! هَا هُوَ هُنَا! فَلا تَذْهَبُوا، وَلا تَهْرَعُوا.
فَكَمَا يُومِضُ البَرْقُ في أُفُق، وَيَلْمَعُ في آخَر، هكذَا يَكُونُ ٱبْنُ الإِنْسَانِ في يَوْمِ مَجِيئِهِ.
وَلكِنْ لا بُدَّ لَهُ أَوَّلاً مِنْ أَنْ يَتَأَلَّمَ كَثِيرًا، وَيَرْذُلَهُ هذَا الجِيل!
وَكمَا كانَ في أَيَّامِ نُوح، هكذَا يَكُونُ في أَيَّامِ ٱبْنِ الإِنْسَان:
كانَ النَّاسُ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُون، وَيَتَزَوَّجُونَ وَيُزَوِّجُون، إِلى يَوْمَ دَخَلَ نُوحٌ السَّفِينَة. فَجَاءَ الطُّوفَانُ وأَهْلَكَهُم أَجْمَعِين.
وكَمَا كانَ أَيْضًا في أَيَّامِ لُوط: كانَ النَّاسُ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُون، وَيَشْتَرُونَ وَيَبيعُون، وَيَغْرِسُونَ وَيَبْنُون.
ولكِنْ يَوْمَ خَرَجَ لُوطٌ مِنْ سَدُوم، أَمْطَرَ اللهُ نَارًا وَكِبْرِيتًا مِنَ السَّمَاءِ فَأَهْلَكَهُم أَجْمَعين.
هكَذَا يَكُونُ يَوْمَ يَظْهَرُ ٱبْنُ الإِنْسَان.
في ذلِكَ اليَوْم، مَنْ كانَ عَلَى السَّطْحِ وَأَمْتِعَتُهُ في البَيْت، فَلا يَنْزِلْ لِيَأْخُذَهَا. وَمَنْ كانَ في الحَقْل، فَكَذلِكَ لا يَرْجِعْ إِلى الوَرَاء.
تَذَكَّرُوا ٱمْرَأَةَ لُوط!
مَنْ يَسْعَى لِكَي يَحْفَظَ نَفْسَهُ يَفْقِدُها، وَمَنْ يَفْقِدُ نَفْسَهُ يَحْفَظُهَا حَيَّةً.
أَقُولُ لَكُم: في تِلْكَ اللَّيْلَة، يَكُونُ ٱثْنَانِ عَلَى سَرِيرٍ وَاحِد، فَيُؤْخَذُ الوَاحِدُ وَيُتْرَكُ الآخَر.
وٱثْنَتَانِ تَطْحَنَانِ مَعًا، فَتُؤْخَذُ الوَاحِدَةُ وَتُتْرَكُ الأُخْرَى».
...
فأَجَابُوا وَقَالُوا لَهُ: «إِلَى أَيْنَ يا رَبّ ؟». فَقالَ لَهُم: «حَيْثُ تَكُونُ الجُثَّة، فَهُنَاكَ تَجْتَمِعُ النُّسُور».

 

«فَها إِنَّ مَلكوتَ ٱللهِ بَينَكُم»
الطوباويّ يوحنّا هنري نِيومَن (1801 - 1890)، كاهن ومؤسّس جماعة دينيّة ولاهوتيّ،
عظات أبرشيّة بسيطة (Parochial and Plain Sermons)، الجزء الرّابع. عظة بعنوان: العالم الخفيّ

 

هل هو أمر صعب على الإيمان أن يعترف بكلام الكتاب المقدّس فيما يخصّ علاقاتنا بعالم يفوقنا؟... إن هذا العالم الروحيّ حاضر، رغم أنه غير مرئي؛ هو حاضر وليس مستقبلاً، وليس بعيدًا. هو ليس فوق السماء، ولا هو ما وراء القبر؛ هو الآن وهنا: "ملكوت الله بيننا". هذا ما يتكلّم عنه القدّيس بولس: " فإِنَّنا لا نَهدِفُ إِلى ما يُرى، بل إِلى ما لا يُرى. فالَّذي يُرى إِنَّما هو إِلى حِين، وأَمَّا ما لا يُرى فهو لِلأَبَد" (2 كور 4: 18)...
هكذا هو ملكوت الله المحجوب؛ وكما هو اليوم محجوب، هكذا سوف يُكشَف في الوقت المناسب. يعتقد الناس إنّهم أرباب العالم وإنّه بإمكانهم القيام فيه بما يحلو لهم. يعتقدون أنهم يملكونه ويمتلكون السلطة على مجراه... لكنّ هذا العالم يسكنه وُدَعاءُ الرّب يسوع المسيح الّذين يحتقرونهم، وملائكته الّذين لا يؤمنون بهم. غير أنّه في نهاية الأمر، هؤلاء هم الذين سوف يملكون العالم، عندما يظهرون. الآن، "كلّ شيء" في الظاهر، "لا يَزالُ مُنذُ بَدءِ الخَليقَةِ على حالِه". ويسأل السّاخرون "أَينَ مَوعِدُ مَجيئِه؟" (2 بط 3: 4). لكن في الوقت المحدّد، سيتجلّى أَبناء اللّه، والقدّيسون المحجوبون "يُشِعُّونَ حِينَئذٍ كالشَّمْسِ في مَلَكوتِ أَبيهِم" (رو 8: 19؛ مت 13: 43).
عندما ظهر الملائكة على الرعاة، كان ظهورًا مفاجئًا: "انضَمَّ إِلى الـمَلاكِ بَغَتةً جُمهورُ الجُندِ السَّماوِيِّينَ" (لو 2: 13). في ذلك الوقت، كان الليل يشبه أيّ ليل آخر...- كان الرُّعاة يسهرون على قطيعهم، يراقبون مجرى الليل، والنجوم تتبع مسارهم. كان منتصف الليل؛ لم يكونوا يفكّرون في شيء مماثل عندما ظهر الملاك. هذه هي القدرة والقوة المحجوبتين في الأشياء غير المرئيّة. تظهر عندما يريد الله ذلك.
 
 
4.3.6-    يوم الجمعة الثالث من الصوم الكبير     -     إنجيل القدّيس لوقا 21-16:12    
 
    إنجيل القدّيس لوقا 21-16:12 
 
قالَ الربُّ يَسُوعُ هذَا المَثَل: «رَجُلٌ غَنِيٌّ أَغَلَّتْ لهُ أَرْضُهُ.
فَرَاحَ يُفَكِّرُ في نَفْسِهِ قَائِلاً: مَاذَا أَفْعَل، وَلَيْسَ لَدَيَّ مَا أَخْزُنُ فِيهِ غَلاَّتِي؟
ثُمَّ قَال: سَأَفْعَلُ هذَا: أَهْدِمُ أَهْرَائِي، وَأَبْنِي أَكْبَرَ مِنْها، وَأَخْزُنُ فِيهَا كُلَّ حِنْطَتِي وَخَيْراتِي،
وَأَقُولُ لِنَفْسِي: يا نَفْسِي، لَكِ خَيْرَاتٌ كَثِيرَةٌ مُدَّخَرَةٌ لِسِنينَ كَثِيرَة، فٱسْتَريِحي، وَكُلِي، وٱشْرَبِي، وَتَنَعَّمِي!
فَقَالَ لَهُ الله: يا جَاهِل، في هذِهِ اللَّيْلَةِ تُطْلَبُ مِنْكَ نَفْسُكَ. وَمَا أَعْدَدْتَهُ لِمَنْ يَكُون؟
هكذَا هِيَ حَالُ مَنْ يَدَّخِرُ لِنَفْسِهِ، وَلا يَغْتَنِي لله».

 

الاغتناء بنظر الله
القدّيس أوغسطينُس (354 - 430)، أسقف هيبّونا (إفريقيا الشماليّة) وملفان الكنيسة،
العظة 34 عن المزمور 150

 

يا إخوتي، راقبوا بتمعّن مساكنكم الداخليّة، افتحوا عيونكم وتأمّلوا بـمخزون حبّكم، ثم أضيفوا المجموع الذي تكونون قد اكتشفتموه في أنفسكم. اسهروا على هذا الكنز لكي تكونوا أغنياء  من الداخل. نحن نعتبر أنّ الممتلكات الثمينة هي تلك المرتفعة الثمن... ولكن هل من أث من من الحبّ، يا إخوتي؟ برأيكم، ما هو ثمن الحبّ؟ وكيف يمكننا أن ندفع هذا الثمن؟ إنّ ثمن الأرض أو ث من القمح هو مالُكَ؛ وث من اللآلئ هو ذهبُك؛ لكنّ ث من حبّك هو أنت بنفسك. إن أردت شراء حقلٍ أو جوهرةٍ أو حيوانٍ ما، تبحث عن الأموال الضروريّة، تنظر حولك... أمّا إذا رغبت في امتلاك الحبّ، فلا تبحث سوى عن نفسك، إذ عليك أن تجد نفسك فحسب.
ماذا تخشى إن وهبت نفسك؟ هل تخشى أن تضيع؟ العكس هو الصحيح؛ أنت تضيع حين ترفض أن تهب نفسك. فالحبّ يعبّر عن ذاته  من خلال الحكمة الإلهيّة ويخفّف بكلمة واحدة من وطأة هذه الكلمات: "عليك أن تهب نفسك!" فإن أراد أحدهم بيعك قطعة أرض، سوف يقول لك: "أعطِني مالك" أو "أعطِني عملتك". لكن اسمع ما قاله الحبّ بفم الحكمة الإلهيّة: "يا بُنَيَّ، أَعطِني قَلبَكَ ولتطِبْ عَيناك بِطرقي" (أم 23: 26). لقد كان قلبك في وضع سيّئ عندما كان ملكَك وفيكَ، إذ كنت فريسة الأمور السطحيّة والأهواء السيّئة. أخرج قلبك  من ذاك المكان! إلى أين تحمله؟ أين تقدّمه؟ قال الحكمة": "يا بُنَيَّ، أَعطِني قَلبَكَ!"... فليَكنْ لي وحينها لن تفقده أبدًا...
"أَحبِبِ الرَّبَّ إِلهَكَ بِكُلِّ قَلبِكَ وكُلِّ نَفْسِكَ وكُلِّ ذِهِنكَ" (مت 22: 37)... فمَن خلقَك يريدكَ بكليّتك.
 
 
4.3.7-    السبت الثالث من الصوم الكبير     -     إنجيل القدّيس متّى 14-1:12    
 
    إنجيل القدّيس متّى 14-1:12 
 
ٱجْتَازَ يَسُوعُ يَوْمَ السَّبتِ بَيْنَ الزُّرُوع. وجَاعَ تَلامِيذُهُ فَأَخَذُوا يَقْلَعُونَ سَنَابِلَ ويَأْكُلُون.
ورآهُمُ الفَرِّيسِيُّونَ فَقَالُوا لِيَسُوع: «هُوَذَا تَلامِيذُكَ يَفْعَلُونَ مَا لا يَحِلُّ فِعْلُهُ يَوْمَ السَّبْت».
فقَالَ لَهُم: «أَمَا قَرَأْتُم مَا فَعَلَهُ دَاوُدُ حِيْنَ جَاعَ هُوَ والَّذِينَ مَعَهُ؟
كَيْفَ دَخَلَ بَيْتَ الله، وأَكَلُوا خُبْزَ التَّقْدِمَةِ الَّذي لا يَحِلُّ لَهُ أَكْلُهُ، ولا لِلَّذِينَ مَعَهُ، بَلْ لِلْكَهَنَةِ وَحْدَهُم؟
أَوَ مَا قَرَأْتُم في التَّورَاةِ أَنَّ الكَهَنَة، أَيَّامَ السَّبْت، يَنْتَهِكُونَ في الهَيْكَلِ حُرْمَةَ السَّبْت، ولا ذَنْبَ عَلَيْهِم؟
وأَقُولُ لَكُم: ههُنا أَعْظَمُ مِنَ الهَيْكَل!
ولَوْ كُنْتُمْ تَعْرِفُونَ مَا مَعْنَى: أُريدُ رَحْمَةً لا ذَبيحَة، لَمَا حَكَمْتُم على مَنْ لا ذنْبَ عَلَيْهِم!
فَرَبُّ السَّبْتِ هُوَ ٱبْنُ الإِنْسَان!».
وٱنْتَقَلَ يَسُوعُ مِنْ هُنَاك، وجَاءَ إِلى مَجْمَعِهِم.
وإِذَا بِرَجُلٍ يَدُهُ يَابِسَة، فَسَأَلُوهُ قَائِلين: «هَلْ يَحِلُّ الشِّفَاءُ يَوْمَ السَّبْت؟». وكَانَ مُرَادُهُم أَنْ يَشْكُوه.
فقَالَ لَهُم: «أَيُّ رَجُلٍ مِنْكُم يَكُونُ لَهُ خَرُوفٌ وَاحِد، فَإِنْ سَقَطَ يَوْمَ السَّبْتِ في حُفْرَة، أَلا يُمْسِكُهُ ويُقِيمُهُ؟
وكَمِ الإِنْسَانُ أَفْضَلُ مِنْ خَرُوف؟ فَعَمَلُ الخَيْرِ إِذًا يَحِلُّ يَوْمَ السَّبْت».
حِينَئِذٍ قَالَ لِلرَّجُل: «مُدَّ يَدَكَ». ومَدَّهَا فَعَادَتْ صَحِيحَةً كاليَدِ الأُخْرَى.
وخَرَجَ الفَرِّيسِيُّونَ فَتَشَاوَرُوا عَلَيْهِ لِيُهْلِكُوه.

 

«فَٱبنُ ٱلإِنسانِ سَيِّدُ ٱلسَّبت»
القدّيس أوغسطينُس (354 - 430)، أسقف هيبّونا (إفريقيا الشماليّة) وملفان الكنيسة،
الاعترافات، الكتاب 13، الفصل 35-38

 

"يَا رَبُّ، أَنت يا من صَنَعْتَ كُلَّ أَعْمَالِنَا لَنَا، إجْعَلُ لَنَا سَلاَمًا" (إش 26: 12)، سلامَ الراحة وسلامَ  السبت،  السبت الذي لا مساء له. لأن النظام الفائق الروعة للأمور التي عملتها وهي "حسنة جدًا" (تك 1: 31) سينتهي عندما يبلغ نهاية مصيره. نعم هذه الأمور رأت صباحها وسترى أيضًا مساءها. لكن اليوم السابع لا مساء له ولا مغيب لأنك كرسّته ليدوم إلى الأبد. وفي نهاية أمورك "الحسنة جدًا" التي قمت بها حتى خلال الراحة، استرحت في اليوم السابع. وبذلك تقول لنا في كتابك أنه يمكننا نحن أيضًا أن نرتاح في سبتِ الحياة الأبدية عند اختتام أعمالنا الحسنة جدًا لأنك أنت صنعتها لنا (راجع إش 26: 12). وعندها سترتاح أنت أيضًا فينا كما تعمل اليوم من خلالنا وبذلك ستكون هذه الراحة التي سنتنعّم فيها راحة لك أيضًا كما أن أعمالنا هي أيضًا لك.
أيها الربّ أنت تعمل دومًا ولكنك دومًا ما ترتاح. ويأتي وقتٌ نندفع فيه نحن أيضًا لفعل الخير بعد أن يكون قلبنا قد صممّه  من روحك، في حين كنا في الماضي نندفع نحو عمل الشرّ عندما كنا نتخلّى عنك. وأنت أيها الربّ الفريد الطيبة لم تتوقف أبدًا عن عمل الخير. لقد كانت بعض الأعمال التي ق منا بها - بنعمتك طبعًا - حسنة ولكنها ليست أبدية. ونأمل بعدها أن نرتاح في قُدسِك الذي لا يوصف. أنت الخير الذي لا يحتاج إلى خيرٍ آخر فأنت دومًا في راحة لأن راحتك هي أنت نفسك.
وَمَن بين البشر يمكنه أن يهب الذكاء للإنسان ليفهم كل ذلك؟ وأي ملاك يمكن أن يهبه للملائكة الآخرين؟ وأي ملاك يمكن أن يعطيه للإنسان؟ فمنك يجب أن نطلب هذا الذكاء وفيك يجب أن نبحث عنه، وعلى بابك يجب أن نقرع، وبذلك، نعم بذلك نأْخُذُ، وبذلك نجِدُ، وَبذلك يُفْتَحُ الباب (راجع مت 7: 8).
 
 
فهرس بحسب الرزنامة الطقسية المارونية        -        الانجيل اليومي بحسب التقويم الماروني
زمن الميلاد او المجيء   زمن الغطاس او الدنح   زمن التذكارت   زمن الصوم الكبير   أسبوع الآلام   زمن القيامة والصعود   زمن العنصرة   زمن الصليب
 أسبوع تقديس البيعة
 أسبوع تجديد البيعة
 أسبوع بشارة زكريّا
 أسبوع بشارة العذراء
 أسبوع زيارة العذراء
 أسبوع مولد يوحنّا
 أسبوع البيان ليوسف
 أسبوع النسبة
 عيد ميلاد الربّ يسوع
 عيد تهنئة العذراء مريم
 ألاسبوع الاول من الميلاد
to enlarge
 
 أحد وجود يسوع في الهيكل
 ايام قبل عيد الدنح
 عيد الدنح
 تذكار مديح يوحنّا المعمدان
 الاسبوع الاول  بعد الدنح
 الاسبوع الثاني  بعد الدنح
 الاسبوع الثالث بعد الدنح
 الاسبوع الرابع بعد الدنح
to enlarge
 
 أحد الكهنة الراقدين
 أسبوع الكهنة الراقدين
 أحد الأبرار والصدّيقين
 أسبوع الأبرار والصدّيقين
 أحد الموتى المؤمنين
 أسبوع الموتى المؤمنين
to enlarge
 
 أحد مدخل الصوم الكبير
 اثنين الرماد
 الاسبوع الاول
 الاسبوع الثاني
 الاسبوع الثالث
 الاسبوع الرايع
 الاسبوع الخامس
 الاسبوع السادس
 أحد الشعانين
to enlarge
 
 أحد الشعانين
 بداية اسبوع الآلام
 خميس الأسرار
 يوم الجمعة العظيمة
 سبت النور
 أحد القيامة الكبير
to enlarge
 
 أحد القيامة الكبير
 أسبوع الحواريّين
 الاسبوع الثاني
  الاسبوع الثالث
 الاسبوع الرايع
 الاسبوع الخامس
الاسبوع السادس
 الاسبوع السابع
to enlarge
 
 أحد العنصرة
 الاسبوع الاول
 الاسبوع الثاني
 الاسبوع الثالث
 الاسبوع الرايع
 الاسبوع الخامس
 الاسبوع السادس
 الاسبوع السابع
 الاسبوع الثامن
 الاسبوع التاسع
 الاسبوع العاشر
 الاسبوع الحادي عشر
 الاسبوع الثاني عشر
 الاسبوع الثالث عشر
 الاسبوع الرابع عشر
 الاسبوع الخامس عشر
 الاسبوع السادس عشر
 
 ارتفاع الصليب المقدّس
 الاسبوع الاول
 الاسبوع الثاني
 الاسبوع الثالث
 الاسبوع الرايع
 الاسبوع الخامس
 الاسبوع السادس
 الاسبوع السابع
to enlarge
 
  النصوص مأخوذة من الترجمة الليتُرجيّة المارونيّة - إعداد اللجنة الكتابيّة التابعة للجنة الشؤون الليتورجيّة البطريركيّة المارونيّة (طبعة ثانية – 2007) © pure software code - Since 2003